مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن تأويل العبارات العامّة ، ولكن قد صرّح بالخلاف فيه ، فيحمل على الظاهر ، وقد يكون لهم دليل.

وأيضا قال في الدروس : ويجزى فرض كل نصاب أعلى عن الأدنى ، وفي اجزاء البعير عن الشاة فصاعدا ، لا بالقيمة (١) وجهان ، ومنع المفيد من القيمة في الانعام وفيه أيضا تأمل لعدم النص ، وترك النص بملاحظة الظاهر ، ليس بسديد.

والعجب انه تردّد في اجزاء البعير عن الشاة مع أجزائه في ستة وعشرين ، وفيها الخمس خمس مرات وزيادة للنص ، وما تردّد في أجزاء الأعلى عن الأدنى.

فالظاهر عدم التجاوز إلّا بالقيمة لو جازت.

وقال فيه : وتجزى القيمة في الجميع (انتهى) فتأمل ليظهر الدليل ، فان التعلّق بالعين موجب للعدم.

والظاهر جواز ابن اللبون مع وجود بنت مخاض مريضة أو معيبة ـ أي التي لا يجوز إخراجها ـ لأنها بمنزلة المعدومة.

وانه على تقدير عدمها ينبغي شراء بنت مخاض أو قيمتها ، واختار المصنف جواز ابن اللبون لصدق عدم بنت المخاض ووجود ابن اللبون ، ولكن الظاهر من الرواية وجوده عنده.

كما ان المراد بعدمها عدمها عنده وفي إبله ، وهو صريح الرواية (٢) والا كان يلزم بنت مخاض ما أمكنت فكيف يجزى ابن اللبون مع عدمها مطلقا.

ومع ذلك ليس ببعيد ، إذ بعد الشراء يصدق عليه انه عادم لها وواجد له ، فيجزي والأول أحوط.

وإذا قلنا بعدم جواز الأعلى عن الأدنى الا ان يكون قيمة فلا يقوم الذكر في غير ابن اللبون مقام الأنثى ولو عدمت إلّا بالقيمة.

__________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة (إلا بالقيمة) ولكن الظاهر ما نقلناه كما في نسخة الدروس أيضا كذلك.

(٢) ستأتي عن قريب نقلا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

٨١

ولو وجب عليه سن من الإبل ولم يوجد إلّا الأعلى بسن دفعها واستعاد شاتين أو عشرين درهما ، وبالعكس يدفع معها شاتين أو عشرين درهما.

والخيار اليه سواء كانت القيمة السوقيّة أقلّ أولا.

______________________________________________________

قوله : «ولو وجب عليه سن إلخ» يعنى من وجب عليه سن من الإبل في زكاة ولم يوجد عنده ويوجد الأعلى منه بدرجة واحدة مثل فاقد بنت مخاض وواجد بنت لبون دفع الأعلى وأخذ من المصّدّق (بتشديد الدال وفتحها وهو الساعي الذي يصدق عليه وآخذ الصدقة) أمّا شاتين مأخوذتين في الإبل على الظاهر أو عشرين درهما.

والخيار بينهما وبين الدرهم للمالك سواء كان قيمتها أكثر منهما أو أقل وكذا من وجد الأدنى فهو مخيّر بين إعطائه وبين إعطاء الشاتين وبين عشرين درهما مثل من وجب عليه بنت اللبون وهو واجد لبنت المخاض دونها ، قال المصنف في المنتهى : ذهب إليه علمائنا اجمع (انتهى) فدليله الإجماع والخبر أيضا من طرقهم (١).

ومن طرقنا ما رواه الشيخ وابن يعقوب مسندا ، عن أمير المؤمنين عليه السلام (٢) انه كتب له في كتابه الذي كتب له بخطّه حين بعثه على الصدقات : من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقّة فإنه يقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما.

ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقّة وعنده جذعة فإنه يقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما.

ومن بلغت صدقته حقة وليس عنده حقة وعنده ابنة لبون فإنه يقبل منه

__________________

(١) لاحظ المنتهى ص ٤٨٣ ج ١

(٢) سنده كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن مقرن بن عبد الله بن زمعة بن سبيع ، عن أبيه ، عن جده عن جدّ أبيه ، ان أمير المؤمنين عليه السلام كتب إلخ

٨٢

ولو كان التفاوت بأكثر من سنّ فالقيمة على رأى.

وكذا تعتبر القيمة فيما عدا الإبل ، وفيما زاد على الجذع

______________________________________________________

ابنة لبون ويعطى معها شاتين أو عشرين درهما.

ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده حقة فإنه يقبل منه الحقة ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض فإنه يقبل منه ابنة مخاض ويعطى معها شاتين أو عشرين درهما.

ومن بلغت صدقته ابنة مخاض وليست عنده ابنة مخاض وعنده ابنة لبون فإنه يقبل منه ابنة لبون ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما.

ومن لم تكن عنده ابنة مخاض على وجهها وعنده ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه ابن لبون وليس معه شي‌ء.

ومن لم يكن معه شي‌ء إلا أربعة من الإبل وليس له مال غيرها فليس فيها شي‌ء الا ان يشاء ربها ، فإذا بلغ ماله خمسا من الإبل ففيها شاة (١) ولا يضر مجهوليّة سندها ، لقبول الأصحاب الإجماع (٢).

فروع

(الأوّل) ليس أعلى من الجذعة سنّ ، ولا أدنى من بنت مخاض فلا يتعداهما الحكم.

(الثاني) لا يتعدى هذا الحكم الى غير الإبل ، فلو لم توجد الفريضة تعيّن القيمة.

(الثالث) لو وجد التفاوت بأكثر من سنّ (اما) بأعلى (أو) بأدنى ، مثل من

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ وباب ٢ حديث ٥ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) يعني لو نوقش في سندها فالأصحاب قد قبلوا دعوى الإجماع الذي ادعاه العلامة كما تقدم.

٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وجب عليه بنت مخاض ولم يوجد إلا الحقّة أو الجذعة أو العكس ، فالظاهر انه يتعيّن القيمة كما اختاره في المتن (١).

وقيل يأخذ الموجود مع التضاعف في الحيوان ، فيأخذ المصّدق الحقة ويعطيه اربع شياه أو أربعين درهما ، وعلى هذا القياس ، لان هذا الحكم على خلاف الأصل ، فإذا فرض هنا نقص على الفقراء ، يلزم الظلم ، وارتكاب مثله بغير نصّ وإجماع بعيد جدا.

نعم لو فرض المساواة لقيمة الفريضة ، فيمكن الجواز لأنه القيمة ، وذلك أمر آخر ، وقد جوزه بعض الأصحاب بنوع من التصرف ، وهو اعرف.

(الرابع) كون الخيار في هذه الاحكام الى المالك يدفع ما يرد عليه انه قد يحصل عليه الضرر بأنه (٢) قد يكون الفريضة تسوى في السوق أقل من شاتين أو عشرين درهما فكيف يعطى أحدهما مع بنت المخاض مثلا ، والفرض ان بنت اللبون لم تسو شاة ولا درهما بان (٣) الاختيار إليه فإنه غير ملزم بهذا الجواز القيمة مع وجود الفريضة عندهم ، فكيف يختار على نفسه الضرر مع انّه عاقل رشيد نعم ينبغي الإعلام بذلك خصوصا في مثل هذه الصور.

نعم قد يتضرر الفقراء ، ولكنه ليس بضرر ، إذ غاية الأمر عدم وجوب الزكاة أو يلزم قيمة الفريضة ، فيجب حينئذ على المصدّق أن يقنع بالقيمة ، ولا يعطى شيئا ويأخذ الأعلى. والحاصل انه يراعى جانب الفقراء.

والظاهر انه لا يكون حينئذ للمالك المنع عن القيمة وطلب الجبران وإعطاء الأعلى فتأمل لظاهر النص (٤).

__________________

(١) حيث قال : ولو كان التفاوت بأكثر من سن فالقيمة على رأى.

(٢) بيان لورود الضرر.

(٣) بيان الدفع.

(٤) اى النص الدال على جواز إعطاء الأعلى وطلب الجبران للمالك.

٨٤

ويتخير في مثل مأتين بين الحقاق وبنات اللبون

______________________________________________________

(الخامس) الظاهر انه لو اجتمع عنده الأعلى والأدنى مع عدم الفريضة ، فالخيار الى المالك في الاختيار مطلقا

قوله : «ويتخير في مثل مأتين إلخ» هذه العبارة تشعر باختصاص التخيير بمثلها بحيث يستوي العدد جميعا كما مر تفصيله (١) عن المحقق الثاني وقال به الشهيد الثاني أيضا لرعاية جانب الفقراء وقد مضى انه قد لا يكون كذلك ، بل يكون الأمر بالعكس ، وانه لا دليل له لو سلم نفعهم ، فان الشارع جعل له ذلك ، وان أكثر الروايات الصحيحة المعتبرة (لكل خمسين حقّة) (٢) وانهما موجودتان (٣) في صحيحة أبي بصير ، وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، عن ابى عبد الله عليه السلام : فإذا زادت واحدة ففيها حقتان الى عشرين ومأة فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقّة (٤) ، وفي صحيحة زرارة وحسنته فان زادت على العشرين ومأة واحدة ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين ابنة لبون (٥) وهم يقولون : بتعيّن أربعين حينئذ ، وكذا كلام الأصحاب ، وان الاولى هو القول بخمسين لكثرة الروايات الصحيحة المعتبرة ، وكون الخيار للمالك مشعر برعاية جانبه كما هو موجود في كلامه عليه السلام لعمّاله فتأمل ، فإن ما ذكروه غير واضح عندي وهم اعرف.

__________________

(١) عند شرح قول الماتن ره : (الرابع النصاب) فلاحظ.

(٢) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) يعنى الأربعين والخمسين موجودتان إلخ لكن ليعلم ان وجودهما فيهما من حيث المجموع والا فليس في صحيحة أبي بصير وعبد الرّحمن غير الخمسين في خصوص هذه المسئلة.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٢ و ٤ من أبواب زكاة الأنعام ، لكن الحد المشترك بين الخبرين من قوله فإذا أكثرت الإبل إلخ.

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

٨٥

«المطلب الثاني في زكاة الأثمان»

تجب الزكاة في الذهب والفضة بشروط ثلاثة الحول على ما تقدم.

وكونهما منقوشين (١) بسكّة المعاملة أو ما كان يتعامل به.

______________________________________________________

قوله : وتجب الزكاة في الذهب والفضة بشروط ثلاثة (الأول) الحول وقد مر (٢) انه يتم بأحد عشر شهرا ، ودليله في الجملة أيضا ، وقال في المنتهى : لا خلاف في كونهما شرطا (اى الحول والنصاب).

(الثاني) كونهما منقوشين بسكة المعاملة الآن أو كانت ممّا يتعامل به في زمان مّا ، في الجملة ، بأن كان دراهم أو دنانير ولو كانت من الكافر والظاهر عدم الخلاف فيه فلا تجب في غير مسكوك مثل السبائك ، بل يكون بمنزلة الأمتعة والأقمشة التي لا زكاة لها.

وقد مر في الاخبار الدالة عليه (٣) أيضا (في اشتراط الحول في الانعام) وانها تسقط بالتغيير ولو كان فرارا.

__________________

(١) كونها منقوشة خ

(٢) عند شرح قول الماتن ره : الأول الحول وهو احد عشر شهرا إلخ فراجع

(٣) اى على اشتراط النقش

٨٦

والنصاب ، وهو في الذهب عشرون مثقالا وفيه نصف مثقال

______________________________________________________

مثل صحيحة على بن يقطين ، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : قلت له : انه اجتمع عندي الشي‌ء الكثير (قيمته يب صا) (فيبقى كا) نحوا من سنة أنزكيه؟ فقال : لا كل ما لم يحل عندك عليه الحول فليس عليك فيه زكاة ، وكل ما لم يكن ركازا فليس عليك فيه شي‌ء ، قال : قلت : وما الركاز؟ قال : الصامت المنقوش ، ثم قال : إذا أردت ذلك فاسبكه فإنه ليس في سبائك الذهب ونقار الفضة شي‌ء من الزكاة (١) وفي هذه دلالة على الحول أيضا ، وان تعليم الحيل لإسقاط الواجب لا يضر وفي الطريق محمد بن عيسى العبيدي (٢) ، ولا يضر بالصحة ، ولهذا سماه بها المصنف في المنتهى والمختلف.

وصحيحة الحسين بن على بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن المال الذي لا يعمل به ، ولا يقلّب؟ قال : تلزمه الزكاة في كل سنة الا أن يسبك (٣) وفيها دلالة على تكرار الزكاة كما هو المقرر في كل حول ، وإذا لم تجب في السبيكة فلا تجب في غيرها حتى تنقش بالإجماع المركّب ، ويدل عليه أيضا ما يدل على عدم وجوب الزكاة في الحلي (٤) وهي كثيرة ، فالآيات والاخبار الدالة على وجوب الزكاة مخصّصة بالإجماع والاخبار ولعل المراد بالنقش الذي في الخبر (٥) هو سكة المعاملة مطلقا دون غيرها كما قالوا.

قوله : «وهو في الذهب عشرون مثقالا إلخ» الشرط الثالث ، النصاب ، وهو في الذهب عشرون مثقالا ، ويريد بالمثقال ، الدينار كما هو صريح

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة

(٢) بطريق التهذيب لا الكافي فطريق الأول هكذا : محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن عيسى العبيدي ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن علي بن يقطين. وطريق الثاني هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن علي بن يقطين

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة

(٤) راجع الوسائل باب ٩ من أبواب زكاة الذهب والفضة

(٥) اى الخبر الذي تقدم ، عن على بن يقطين

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

في غيرها في غير هذا المتن من كلام أكثر الأصحاب وغالب الروايات ، وهما واحد.

وللذهب نصابان أولهما عشرون دينارا عند الأكثر ، وعند على بن بابويه أربعون ، قال في المنتهى : ولا يجب فيما دون عشرين بإجماع المسلمين كافّة انتهى واما دليل الأول فهو عموم الأدلة على وجوب الزكاة من الآيات والاخبار وخرج ما دون العشرين بالإجماع ـ كما تقدم ـ وبقي الباقي تحتها والاخبار الخاصّة من العامّة والخاصّة أيضا كثيرة ، مثل ما في صحيحة عبد الله بن سنان ـ في الفقيه ـ قال : قال أبو عبد الله عليه السلام لما أنزلت (إليه صلى الله عليه وآله خ) آية (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) (١) في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله مناديه في الناس : انّ الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ، ففرض الله عليكم من الذهب ، والفضة ، والإبل ، والبقر ، والغنم ، ومن الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ـ ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفى لهم عما سوى ذلك ، قال : ثم لم يتعرض لشي‌ء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا فأمر (رسول الله خ) صلى الله عليه وآله مناديه ، فنادى في المسلمين : ايها المسلمون (الناس خ) زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم ، قال : ثم وجه عمّال الصدقة وعمال الطسوق (٢).

فليس (٣) على الذهب شي‌ء حتى يبلغ عشرين مثقالا ، فإذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف دينار الى ان يبلغ أربعة وعشرين ، ففيه نصف دينار وعشر دينار ،

__________________

(١) التوبة الآية ١٠٣.

(٢) الطسق كفلس ، الوظيفة من خراج الأرض المقررة عليها فارسي معرب قاله الجوهري (مجمع البحرين) (وفي الوافي) الطسق بالفتح ، ما يوضع من الخراج على الجربان انتهى.

(٣) من هنا الى آخر الحديث يحتمل ان يكون من كلام الصدوق رحمه الله لا جزء الحديث ولعله لذا لم ينقله صاحب الوسائل ، ولا صاحب الوافي قدس سرهما ، فراجع الوسائل باب ١ حديث ١ ، وباب ٨ حديث ١ من أبواب ما تحب فيه الزكاة وراجع الوافي باب ١ فرض الزكاة وعقاب منعها والحث عليها.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم على هذا الحساب متى زاد على عشرين ، أربعة ، أربعة ، ففي كل أربعة عشر ، الى ان يبلغ أربعين مثقالا ففيه مثقال.

وليس على الفضة شي‌ء حتى تبلغ مأتي درهم ، فإذا بلغت مأتي درهم ففيها خمسة دراهم ، ومتى زاد عليها أربعون درهما ففيها درهم.

وليس في النيف شي‌ء حتى يبلغ أربعين.

وليس في القطن ، والزعفران ، والخضر والثمار ، والحبوب زكاة حتى تباع ويحول على ثمنها الحول إلخ.

والظاهر ان كلها خبر لا كلام الفقيه ، وقد جزم به في المختلف (١) ، فهو نصّ في المقصود مع الصحّة ، وفيه أحكام أخر.

ومثله رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال : في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار ، وليس فيما دون العشرين شي‌ء ، وفي الفضة إذا بلغت مأتي درهم خمسة دراهم ، وليس فيما دون المأتين شي‌ء ، فإذا زادت تسعة وثلاثون على المأتين فليس فيها حتى يبلغ الأربعين ، وليس في الكسور شي‌ء حتى يبلغ الأربعين وكذلك الدنانير (٢).

وقال في المنتهى انها صحيحة ، وفيه تأمل لوجود على بن أسباط (٣) ، وقيل : انه فطحيّ ، ولكن يسمى بذلك (٤) ما هو فيه كثيرا.

__________________

(١) فإنه استدل على ان أول نصاب الذهب عشرون مثقالا وان فيه نصف بما هذا لفظه : (لنا) عموم الأمر بإيتاء الزكاة (الى ان قال) : وروى الصدوق أبو جعفر بن بابويه في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه السلام قال أمر رسول الله صلى الله عليه وآله مناديه الى ان قال : فليس على الذهب شي‌ء حتى يبلغ عشرين مثقالا ، فإذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف دينار الى ان يبلغ أربعة وعشرين (انتهى).

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٩ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٣) سند الخبر كما في التهذيب هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن زياد ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة.

(٤) يعنى العلامة بالصحة كثيرا الخبر الذي على بن أسباط في طريقه.

٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وما في موثقة سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) قال : ومن الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار (١).

وفي أخرى ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : إذا جازت الزكاة العشرين دينارا ففي كل أربعة دنانير عشر دينار (٢).

وحسنة محمد بن مسلم (لإبراهيم) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذهب كم فيه من الزكاة؟ فقال : إذا بلغ قيمته مأتي درهم فعليه الزكاة (٣) ومعلوم ان عشرين دينارا تبلغ قيمته مأتي درهم غالبا ، وكأنه كذلك كان في ذلك الزمان.

ويؤيّده ما رواه الحسين بن بشار (يسار خ ل) ـ في الصحيح ـ قال :

سألت أبا الحسن عليه السلام في كم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله ، الزكاة؟

فقال : في كلّ مأتي درهم خمسة دراهم ، فان نقصت فلا زكاة فيها ، وفي الذهب في كل عشرين دينارا نصف دينار ، فان نقص فلا زكاة فيه (٤).

قال في الخلاصة ص ٢٥ : الحسين بن بشار (بالباء المنقطة تحتها نقطة) (٥) ، والشين المعجمة المشددة مدائني مولى زياد من أصحاب الرضا عليه السلام والكاظم عليه السلام قال الشيخ الطوسي رحمه الله : انه ثقة صحيح روى ، عن ابى الحسن عليه السلام (الى ان قال) (٦) فانا اعتمد على روايته

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب زكاة الذهب والفضّة ، ثم قال : وان نقص فليس عليك شي‌ء.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٦ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٣ وباب ٢ حديث ٣ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٥) في الخلاصة ص ٢٥ طبع طهران بالياء المنقطعة تحتها نقطتين ـ ولكن في تنقيح المقال ج ١ نقلا من الخلاصة كما نقله الشارح قده وهو الظاهر.

(٦) وتمام العبارة بعد قوله : ابى الحسن عليه السلام : وقال الكشي انه رجع عن القول الوقف وقال بالحق ، فانا اعتمد على ما يرويه بشهادة الشيخين له وان كان طريق الكشي إلى الرجوع عن الوقف فيه نظر ، لكنه عاضد لنص الشيخ عليه (انتهى).

٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

انتهى) فالخبر صحيح.

وصحيحة الحلبي وحسنته قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام ، عن الذهب والفضّة ما أقل ما تكون فيه الزكاة؟ قال : مأتا درهم وعدلها من الذهب ، قال :

وسألته عن النيف ، الخمسة والعشرة ، قال : ليس عليه شي‌ء حتى يبلغ أربعين فيعطى من كل أربعين درهما ، درهما (١).

والتقريب ما تقدم ، ومعلوم أنّ أربعين مثقالا ذهبا زائد على مأتي درهم.

وما في رواية علي بن عقبة ، وعدّة من أصحابنا ، عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام : فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال (٢).

وفي رواية الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : في عشرين دينارا نصف دينار (٣).

واما دليل الثاني (٤) فكأنه رواية حريز بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم ، وابى بصير ، وبريد بن معاوية العجلي ، والفضيل بن يسار ، عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام قالا : في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال ، وفي الورق في كل مأتين خمسة دراهم ، وليس في أقل من أربعين مثقالا شي‌ء ، ولا وأقل من مأتي درهم شي‌ء ، وليس في النيّف شي‌ء حتى يتم أربعون فيكون فيه واحد والأصل (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ وباب ٢ حديث ١ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٢) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٥ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٣) لم نعثر على هذه العبارة في روايات الحلبي ، ولعله استفاد من قوله عليه السلام (في رواية الحلبي المتقدمة في جواب السؤال (عن أقل ما يكون فيه الزكاة) : ماتا درهم وعدلها) ، ويحتمل قويا بل هو قوى كون الحلبي مصحف يحيى لما ورد من رواية يحيى بن ابى العلاء ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال في عشرين دينارا نصف دينار الوسائل باب ١ حديث ٨ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ١٣ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٥) عطف على قوله قده رواية حريز بن عبد الله ، يعنى الدليل الثاني لابن بابويه أصالة البراءة عن الوجوب حتى يبلغ أربعين دينارا.

٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال المصنف (١) : والجواب عن الأوّل أن في طريقه (٢) ابن فضال وهو ضعيف وإبراهيم بن هاشم لم ينصّ أصحابنا على تعديله صريحا ، قال الشيخ : يحتمل ان يكون المراد بقوله : (وليس في أقل من أربعين مثقالا شي‌ء) نفي الدينار الواحد لأن الشي‌ء محتمل للدينار والزائد والناقص ، ممّا يحتاج الى بيان ، وقد بيّنا أن في عشرين دينارا نصف دينار فيحتمل النفي على ما ذكرنا (٣).

وقال في الاستبصار (٤) بعده : فامّا قوله عليه السلام في أول الخبر : في كل أربعين مثقالا مثقال ، ليس فيه تناقض لما قلناه لان عندنا انه يجب فيه دينار وان كان هذا ليس بأوّل نصاب ، وانما يدل بدليل الخطاب على أنه إذا كان أقل من الأربعين مثقالا لا يجب فيه شي‌ء ، وقد يترك دليل الخطاب عند من ذهب اليه لدليل ، وقد أوردنا ما يقتضي الانتقال عن دليل الخطاب فينبغي ان يكون العمل عليه (انتهى).

والأصل يعارض بالاحتياط قاله في المختلف (٥).

أقول : ابن فضال هو على بن الحسن بن فضال ، وقد مدحه في الخلاصة جدا (٦) في القسم الأول ثم قال : وقد اثنى عليه محمد بن مسعود أبو النّصر كثيرا وقال انه ثقة وكذا شهد له بالثقة الشيخ الطوسي والنجاشي فانا اعتمد على روايته وان

__________________

(١) يعنى في المنتهى.

(٢) والطريق كما في التهذيب هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم وأبي بصير وبريد والفضيل بن يسار.

(٣) الى هنا كلام المنتهى ، لكنه نقل بالمعنى بالنسبة إلى كلام الشيخ ره في التهذيب والاستبصار.

(٤) وكذا في التهذيب الى قوله : بأوّل نصاب.

(٥) حيث قال : والجواب عن الأول المعارضة بالاحتياط (انتهى).

(٦) من جملة ما قال : قال : وكان فقيها من أصحابنا بالكوفة ، ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث مسموع قوله سمع منه شي‌ء كثير ، قال النجاشي لم يعتزله على ذلك فيه ولا ما يشينه وقل ما روى عن ضعيف (انتهى موضوع الحاجة).

٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

كان مذهبه فاسدا (انتهى).

وقد اعتمد (١) على إبراهيم بن هاشم أيضا ، وقد سمّى أخبارا كثيرة ـ التي هو فيها ـ بالصحيح ويفهم توثيقه من الضابطة في صحّة طريق (طرق خ ل) الكتابين والفقيه ، لأنه سمّى بعضها بالصحيح مع وجوده فيه لا غير ، فإن أردت التوضيح فارجع الى المحلّ نعم يمكن ان يقال : نقله الشيخ عنه بلا واسطة ، ومعلوم حذف الوسائط ، وهم غير معلومين ، فالذي يعلم من أوّل كتاب زكاة الاستبصار وغيره ، ان أحمد بن عبدون ، وعلى بن محمد بن الزبير واسطتان ، وهما ليسا بموثقتين ، وان عليا (٢) وان كان معتمدا ، وكذا إبراهيم (٣) الا ان الأوّل قيل : فطحيّ والثاني غير مصرح بالتوثيق في محلّه ، فما اشتمل عليهما يكون مرجوحا بالنسبة إلى الغير الخالي عن مثلهما (٤).

وان الأصل (٥) لا ينبغي ان يعارض بالاحتياط ، وهو ظاهر.

نعم يمكن ان يقال : ما يبقى الأصل بعد ما ذكرناه من الأدلّة كما قال في المنتهى ، وان تأويل الشيخ بعيد كما قال في المنتهى ، وانه لا دلالة في الخطاب ـ اى مفهوم المخالفة ـ على ما ذكره ، بل على عدم وجوب الدرهم فيما دون أربعين ، وهو صحيح نقول به ، وقد حذف هذا الكلام في التهذيب (٦) ، وهو أحسن.

ويمكن ان يقال : قد يكون المراد بالمثقال غير المتعارف المذكور في غيره من

__________________

(١) يعنى العلامة رحمه الله

(٢) يعنى على بن الحسن بن فضال

(٣) يعني إبراهيم بن هاشم والد على بن إبراهيم ـ الذي في طريق الخبر.

(٤) يعنى عن مثل علي بن الحسن وإبراهيم بن هاشم

(٥) هذا جواب عن قول العلامة : والأصل يعارض بالاحتياط.

(٦) كما أشرنا إليه عند نقل عبارة الكتابين فلاحظ.

٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الاخبار ، بل قد يكون نصفه ليتطابق الأخبار ويجمع بينهما (١) وان أمكن الجمع بحمل الأوّل على الاستحباب الّا أنّ الكثرة والشهرة ، والصحّة ، والعمومات الدالّة على المبالغة التامّة في وجوبها من الآيات والاخبار ، التي قد سمعت بعضها ، ـ ومثل ما رواه (في الفقيه والتهذيب) عن ابى بصير ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم (٢) ، ـ وما روى عن معروف بن خرّبوذ ، عن ابى جعفر عليه السلام.

قال : ان الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة ، فقال (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، فمن اقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة (٣) ـ كأن فيها إشارة إلى بطلان الصلاة مع سعة الوقت ممن لا يزكي ، فهو مؤيّد لما قررناه مرارا من ان الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي ، وانه في العبادة مفسد ، ويؤيده أخبار أخر ، وقوله تعالى (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٤) فافهم ـ ، مع عدمها في الثانية ، والاحتياط.

(تقتضي) (٥) ترجيح الأول.

الا انه روى في التهذيب في خبرين صحيحين ـ إلى زرارة (٦) (في أوّل

__________________

(١) يعنى الطائفتين إحداهما ما دل على عدم الوجوب في الناقص عن الأربعين والأخرى ما دل على الوجوب.

(٢) الوسائل باب (٤) حديث (٣) من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٤) المائدة ـ ٢٧.

(٥) قوله قده : تقتضي ترجيح خبر لقوله قده : ان الكثرة إلخ وحاصل الكلام ان المرجح للطائفة الأولى الدالة على عدم كون النصاب الأوّل أربعين دينارا أمور :

١ ـ كثرتها ٢ ـ شهرتها بين الأصحاب ٣ ـ صحتها سندا ٤ ـ العمومات من الآيات والأخبار الدالة بالمبالغة التامة ٥ ـ عدم هذه الأمور المذكورة في الطائفة المقابلة الدالة على قول ابن بابويه ٦ ـ موافقتها للاحتياط.

(٦) سند الأول هكذا سعد بن عبد الله ، عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن المختار بن زياد ،

٩٤

ثم أربعة وفيه قيراطان ، وهكذا دائما.

وفي الفضة مأتا درهم وفيه خمسة دراهم ، ثم أربعون وفيه درهم ، وهكذا دائما ، ولا زكاة في الناقص عن النصاب (النصب خ).

______________________________________________________

باب زيادات الزكاة) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : رجل عنده مأة درهم وتسعة وتسعون درهما ، وتسعة وثلاثون دينارا أيزكّيها؟ فقال : لا ليس عليه شي‌ء من الزكاة في الدراهم ، ولا في الدنانير حتى يتم أربعون دينارا ، والدراهم مأتا درهم.

فإنهما صحيحتان صريحتان فيما قاله ابن بابويه ، والتأويلان (١) بعيدان ، وحمل الأوّل (٢) على الاستحباب محتمل ، فتأمل.

واما النصاب الثاني في الذهب ـ وهو أربعة دنانير ـ قال المصنف في المنتهى : ذهب إليه علمائنا اجمع ، وقد مرّ الاخبار أيضا ، فدليله النص والإجماع.

وكذا في نصابي الفضّة ، بل قال المصنف في المنتهى : وقد اجمع المسلمون على النصاب الأول منها ، وذهب علمائنا وكثير من العامّة أيضا الى الثاني.

وكذا يفهم أن دليل المخرج ـ وهو ربع العشر فيهما دائما ـ هو النص ، والإجماع ، والاخبار الكثيرة (٣).

ويكفى ما تقدم مع دعوى الإجماع في المنتهى ، وعدم ظهور المخالف ، ومعلوم عدم وجوب شي‌ء فيما دون النصاب ، سواء كان أوّلا أو بين النصابين ، بالأصل والنص والإجماع وقد تقدّما.

__________________

عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن زرارة ـ وسند الثاني : على بن مهزيار ، عن احمد بن محمد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة. الوسائل باب ١ حديث ١٤ من أبواب زكاة الذهب والفضة ـ ولا يخفى انه تصرف في الوسائل في كيفية نقل الخبر فراجع التهذيب.

(١) أحدهما تأويل الشيخ من ارادة الدينار الواحد من الدينار المنفي (ثانيهما) ، ما ذكره الشارح قده بقوله : ويمكن ان يقال : قد يكون المراد من المثقال غير المتعارف إلخ.

(٢) يعني الأخبار الطائفة الأولى الدالة على الوجوب في عشرين مثقالا.

(٣) راجع الوسائل باب ٣ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

٩٥

والدرهم ستة دوانيق ، والدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير تكون العشرة سبعة مثاقيل.

______________________________________________________

قوله : «والدرهم ستة دوانيق إلخ» هذا هو المشهور بين المتأخرين ، وفي بعض الروايات (في التهذيب) في كفاية صاع من الماء للغسل : الدرهم وزن ستة دوانيق ، والدانق وزن ست حبّات ، والحبّة وزن حبتي شعير من أوساط الحب ، لا من صغاره ، ولا من كباره (١).

لكن السند (٢) ضعيف ، فتأمل.

قال (في المنتهى في هذا البحث) فصار وزن كل عشرة دراهم سبع مثاقيل بمثقال الذهب ، وكل درهم نصف مثقال وخمسة ، وهو الدرهم الذي قدر به النبي صلى الله عليه وآله المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة والقطع (٣) ، ومقدار الديات والجزية وغير ذلك «انتهى».

ظاهره عدم النزاع والخلاف في ذلك حيث جزم وقطع ، ونقل بان ذلك هو ما قدره النبي صلى الله عليه وآله ، ولعل نقله كاف في مثل ذلك ، ولكن المثقال مجهول فكأنه أحال بأنه معلوم الا أنّ المحقّق الشيخ علي ، قال : ما تغير المثقال لا في الجاهلية ولا في الإسلام ، وفيه تأمل.

ويمكن فهمه ممّا قال (٤) (في بحث الفطرة ، في بيان الصاع) : والدرهم ستة دوانيق والدانق ثمان حبات من أوسط حبّات الشعير يكون مقدار الصاع تسعة

__________________

(١) الوسائل باب ٥٠ حديث ٣ من أبواب الوضوء من كتاب الطهارة.

(٢) والسند كما في التهذيب هكذا : أخبرني الشيخ رحمه الله ، عن ابى جعفر محمد بن على ، عن محمد بن الحسن ، واحمد بن محمد ، عن أبيه محمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن احمد بن يحيى ، عن على بن محمد ، عن رجل ، عن سليمان بن حفص المروزي ، قال : قال أبو الحسن عليه السلام : الغسل بصاع من ماء والوضوء بمد من ماء وصاع النبي صلى الله عليه وآله خمسة أمداد ، والمدّ مأتي وثمانين درهما والدرهم إلخ.

(٣) يعني قطع اليد للسرقة.

(٤) يعني المصنف في المنتهى وفي كتبه والشهيد في البيان منه قدس سرّه كذا في هامش بعض النسخ المخطوطة.

٩٦

ولو نقص في أثناء الحول أو عاوض بجنسها أو بغيره أو أقرضها أو بعضها ممّا يتم به النصاب أو جعلها حليّا قبل الحول وان فرّ به ـ سقطت.

ولا زكاة في الحليّ.

______________________________________________________

أرطال بالعراقي وستة أرطال بالمدني ذهب إليه علمائنا «انتهى».

حيث (١) علّم الدرهم ، وقد علم نسبته الى المثقال فيعلم المثقال.

ويمكن التعبير بأن المثقال درهم وثلاثة أسباع درهم ، وان الدرهم سبعة أعشار مثقال ، وانه مثقال إلّا ثلاثة أعشاره ، وانه مع ثلاثة أعشار المثقال مثقال ، وانه مع ثلاثة أسباعه مثقال ، وان سبع الدرهم عشره ، وغير ذلك.

وهذه عمدة في كثير من الأحكام ، وما نجد له دليلا الا انه مشهور ، ونقله الأصحاب المعتمدون (٢) ونقلهم مقبول حتى كاد أن يكون إجماعا كما فهم من المنتهى على ما عرفت ، وان كانت الرواية المذكورة في الغسل تخالفه فتأمّل حتى يفتح الله الدليل وهو خير الفاتحين.

وقد عرفت فيما سبق أيضا أنه لو نقص في أثناء الحول أو عاوض بالجنس وغيره أو أقرضها أو بعضها ممّا يكمل به النصاب أو جعلها حليّا ولو كان للفرار لم تجب الزكاة.

والاخبار الصحيحة كثيرة في عدم الوجوب في الحليّ ، ولا يبعد الاستحباب مع الفرار لبعض الاخبار ، والخلاف.

وروى (في الصحيح) ابن ابى عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : زكاة الحليّ عاريته (٣).

__________________

(١) بيان لقوله قده : ويمكن فهمه ممّا قال.

(٢) كالعلامة في المنتهى ، والمحقق والشهيد منه قدس سره.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

٩٧

ولا السبائك ، ولا في النقار ، ولا التبر.

ولو صاغها بعد الحول وجبت.

ولا تخرج المغشوشة عن الصافية.

ولا زكاة فيها حتى يبلغ الصافي نصابا

______________________________________________________

وكذا علم عدم الوجوب في سبائك الذهب ونقار الفضة (١) ولا التبر ، ويمكن ان يكون المراد به ترابهما وان كان ظاهر اللغة انه الذهب الغير المسكوك ليخرج عن التكرار.

وكذا لا شك ولا نزاع في استقرار الوجوب وعدم سقوطها لو غيّر بعد الحول اىّ تغيّر كان.

وكذا في عدم الاكتفاء بإخراج المغشوشة عن الصافية الا ان يكون فيها مقدار الصافية من الفريضة ، فلا يبعد الاكتفاء حينئذ لو رضى الساعي ، والا يجب من الصافي أو القيمة لو جازت.

قوله : «ولا زكاة فيها حتى يبلغ إلخ» هكذا أكثر العبارات ، والمراد ، لا يجب الزكاة في المغشوشة من الذهب والفضة بغير جنسها الّا ان يكون فيها منهما ما يبلغ نصابه فحينئذ تجب الزكاة.

اما عدم الوجوب فظاهر لعدم النصاب (٢) فيما تجب فيه الزكاة.

واما وجوب الزكاة فلوجوده.

وفيه تأمل ، إذ يجب فيها إذا كانتا مسكوكتين دراهم ودنانير ، ومعلوم ان المسكوك ليس بدنانير ولا دراهم ، ووجودهما في المسكوك منهما ومن غيرهما غير معلوم كونه موجبا للزكاة الا ان الظاهر انه لا قائل بعدم الوجوب.

ويدل عليه أيضا رواية زيد الصائغ (في الكافي) قال : قلت لأبي عبد الله

__________________

(١) النقرة القطعة المذابة من الذهب والفضة يعنى السبيكة ، وفي حديث الزكاة ليس في النقر زكاة يريد به ما ليس بمضروب من الذهب والفضة (مجمع البحرين).

(٢) اى نصاب واحد من الذهب والفضة ـ بخطه.

٩٨

ولو جهل البلوغ لم تجب التصفية بخلاف ما لو جهل القدر.

______________________________________________________

عليه السلام انى كنت في قرية من قرى خراسان يقال لها بخارا فرأيت فيها دراهم تعمل ، ثلث فضة وثلث مسا ، وثلث رصاصا ، وكانت تجوز عندهم ، وكنت أعملها وأنفقها؟ قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : لا بأس بذلك إذا كانت تجوز عندهم ، فقلت : أرأيت ان حال عليها الحول وهي عندي وفيها ما تجب علىّ فيها الزكاة أزكّيها؟ قال : نعم انما هو مالك ، قلت : فإن أخرجتها الى بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتى حال عليها الحول أزكيها قال : ان كنت تعرف أنّ فيها من الفضة الخالصة ما يجب عليك فيه الزكاة ، فزكّ ما كان لك فيها من الفضة الخالصة من فضة ودع ما سوى ذلك من الخبيث ، قلت : وان كنت لا اعلم ما فيها من الفضّة الخالصة إلا أني أعلم ان فيها ما يجب فيه الزكاة؟ قال : فاسبكها حتى تخلص الفضّة ويحترق الخبيث ثم تزكى ما خلص من الفضة لسنة واحدة (١).

ولا يضر عدم صحّة السند (٢) للتأيّد بالشهرة ، بل عدم الخلاف عندهم على الظاهر.

قوله : «ولو جهل البلوغ إلخ» يعني لو لم يعلم ان في المغشوشة مقدار النصاب من الفضّة أو الذهب الخالصين فلا تجب عليه التصفية ولا يجب عليه شي‌ء لأن الأصل عدم البلوغ وعدم التكليف حتى يتحقّق فلا يجب عليه ان يصفّيه حتى يعلم النصاب أو عدمه بخلاف ما لو علم ان فيه نصابا ، ولكن ما يعرف مقدار جميع ما فيه فلا يعلم مقدار الفريضة بتمامها حتى يخرجها بالتمام فكلّف بالتصفية والسبك حتى يعلم قدر الفريضة.

وامّا تعيين المخرج فهو ظاهر بما تقدم ، فان المخرج هو الخالص أو القيمة أو من المغشوش مقدار ما يعلم اشتماله على الفريضة ، والظاهر ان هذا إذا لم يتسامح

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٢) وسند الحديث كما في الكافي هكذا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن العلاء بن رزين ، عن زيد الصائغ.

٩٩

ويضم الجوهران من (الجنس خ) الواحد مع التساوي وان اختلفت الرغبة ،

______________________________________________________

بإعطاء ما لا يزيد الفريضة عليه يقينا ، فلو تبرع بذلك فالظاهر عدم التكليف بها لحصول الغرض بدونها.

واما الدليل هنا (١) ـ مع جريان أصل البراءة وعدم التكليف ـ فهو العلم باشتغال الذمة بحق الناس ، والجهل بالمقدار ولم يحصل إلّا بالتصفية ، والرواية المتقدمة حيث قال عليه السلام : (فاسبكه) فإنه يدل على الوجوب على تقدير العلم في الجملة وجهل المقدار ، وقول الأصحاب فيكلّف بها.

ومع ذلك كان القول بمقدار ما تحقق ولو كان نصابا واحدا متجها لأصل البراءة من الزائد ، وعدم الوصول الى الثاني مثل ما قيل في الأول من ان الأصل عدم الوصول إلى الأول ، فتأمّل.

قال المصنف في المنتهى : قال الشيخ : يؤمر بسبكها ، وبه قال الشافعي لاشتغال الذمة ولا يحصل يقين البراءة الا بالسبك فيجب ، وفيه اشكال من حيث انه إضرار بالمالك ، فلو قيل : يخرج ما يتعيّن (يتيقن خ ل) شغل الذمة به إما من العين أو من الخالص وترك المشكوك فيه لعدم العلم باشتغال الذمة به كان وجها (انتهى).

وهذا الكلام مشعر بعدم الإجماع وإمكان القول به ، بل الظاهر انه قال به ، ولعله ترك الرواية لعدم الصحّة أو حملها على ما علم معه وجود أكثر ممّا يعطيه المالك.

فالقول به قوىّ كما يفهم من كلام الشيخ علىّ أيضا ، ونقل عن التذكرة قول المصنف به ، ولعل دليل الشيخ والجماعة الّذين أطلقوا هو الرواية.

قوله : «ويضمّ إلخ» إذا كان عنده نوعان من جنس واحد من الذهب مثلا وكل واحد له جوهر خاصّ سواء يتساوى النوعان في العيار أو القيمة أم لا ، وسواء اختلف رغبة الناس فيهما أم لا ، بان يراد أحدهما أكثر من الآخر كما نقل في

__________________

(١) حاصل الكلام التمسك بأدلة ثلاثة : ١ ـ العلم باشتغال الذمة ٢ ـ الرواية المتقدمة ٣ ـ قول الأصحاب.

١٠٠