مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أخذه مع قرائن الخلاف وظنّه.

وان لم يعرفه مالك أو عدم المالك ولا امارة ، فهو لقطة مع كونه في دار الإسلام وأثره فيه.

قيل : المراد به سكّة الإسلام بنحو الشهادة واسم النبي صلى الله عليه وآله ، والسلطان المسلم ، بل ما يدل على ملكيّة من لماله حرمة ، ولا يجوز أخذه بدون اذنه مطلقا مع عدم العلم بزوالها (١).

وظاهرهم عدم الخلاف فيه لصدق اللقطة وان صدق عليه الكنز أيضا.

ولكنّ الظاهر ان المعتبر في الكنز الذي يتملك بعد إخراج الخمس عدم العلم بكونه ملكا لمن لا يجوز أخذ ماله.

والظاهر أنّه يكفى حينئذ الأثر الدال على ذلك مع عدم العلم بالزوال ، واما إذا لم يكن عليه العلامة ولم يعلم كونه مالا لمن لا يجوز التصرف في ماله ، فالظاهر كونه مطلقا للواجد بعد الخمس ، لعموم أدلة الخمس مع عدم العلم بملكيته لمن لماله حرمة.

وان (٢) مجرد الوجود في الملك لا يدل عليه ـ وان كان في دار الإسلام لعدم ظهور مالك يصلح لذلك ، ولاحتمال كونه ملكا لمن يجوز التصرف في ماله مستقلا أو تبعا للأرض خصوصا مع القرائن وظهور المالك الحيّ مع إنكاره له.

وقيل : انه لقطة ، لصدق تعريفها ، هذا (٣) ـ مع ظن كون المال أو الأرض لمن لماله حرمة ـ غير بعيد فتأمّل.

وان وجد في ملك الغير فله ، ومع الإنكار فينقل الى من سبقه حتى ينتهي

__________________

(١) أي زوال ملكية ذلك الشخص والدخول في ملك من يجوز أخذ ماله ولا حرمة له في الإسلام (انتهى) ما في بعض الحواشي المخطوطة.

(٢) عطف على قوله قده : انه يكفي إلخ.

(٣) يعني القول بكونه لقطة غير بعيد مع الظن المذكور.

٣٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

الى العارف أو يجهل (١) ، وقد مر الحكم فيه.

والظاهر أنّه لو كان المالك ممن لا يقبل إقراره ، كالصبي يحفظ حتى يكبر ، ويحتمل الحكم بكونه له بالفعل ، وإعطائه الى من يجوز له قبض ماله لليد الدالّة عليه ، فتأمل خصوصا مع القرائن.

وان وجد في أرض موات (٢) أو غير معهودة بالتملك لمن لا يجوز له التصرف في ملكه ولم يكن فيه تلك العلامة ، فالظاهر انه للواجد بعد الخمس ، لما مر خصوصا الأوّل ، ومع وجود القرائن وكون الأرض لمن يجوز التصرف في ماله.

وان كانت فيه تلك العلامة فالظاهر أنه لقطة مطلقا ، لما مرّ أيضا ، ولا اثر للدار أصلا على ما يفهم.

فتأمّل فيما ذكرته فإنه وان خالف بحسب الظاهر ما نجده في بعض العبارات ، ولكن الظاهر انه صحيح ، ولا يبعد كون بعض ذلك هو المراد. وقد عرفت ممّا ذكرنا انه لا بد في التعريف من القيد المذكور (٣) أو جعله شرطا.

واعلم انه يحتمل عدم حكم اللقطة في بعض ما ذكر انه لقطة ، بل يكون من قبيل مال مجهول المالك ، وسيجي‌ء حكمه وحكم اللقطة.

__________________

(١) يعني يكون بحكم المال المجهول مالكه.

(٢) في القاموس : والموات كغراب ، الموت ، وكسحاب ما لا روح فيه ، وارض لا مالك لها (انتهى) وفي مجمع البحرين : والموات بضم الميم وبالفتح يقال لما لا روح فيه ويطلق على الأرض التي لا مالك لها من الآدميين ولا ينتفع بها (انتهى).

(٣) المتقدم في صدر المبحث بقوله قده : وينبغي ان يقيد التعريف بعدم الملك بكونه مال من لا يحل التصرف في ماله.

٣٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

«فروع من المنتهى»

(الأول) لو وجد الكنز في أرض مملوكة لحربي معيّن كان ركازا ، وفيه الخمس ، وبه قال أبو يوسف وأبو ثور (انتهى) لعله لعموم أدلّة الخمس في الكنز.

ويظهر عدم الخلاف عندنا حيث ما نقل الّا خلافهم.

وكأنه يريد بالحربيّ من لا حرمة لماله ، وفيه تأمّل ، لأن الظاهر من الكنز الذي يجب فيه خمسه عدم كونه ملكا لشخص بعينه والا فهو بمنزلة أخذ ماله قهرا وخفية من بيته خصوصا إذا كان مدفونا في بيته أو ملكه مع علمه.

نعم انه يمكن على مذهب من يجعل الخمس في كل مال استفيد.

(الثاني) لو وجده في قبر من قبور الجاهليّة فالحكم كما تقدم (انتهى).

والبحث فيه كما تقدم.

(الثالث) لو استأجر أجيرا ليحفر في الأرض المباحة لطلب الكنز فوجده فهو للمستأجر لا للأجير ، لأنّه استأجره لذلك فصار بمنزلة ما لو استأجره للاحتطاب والاحتشاش ، وان استأجره لأمر غير ذلك ، فالواجد هو الأجير والكنز له (انتهى).

وفي صحّة الاستيجار لمثله تأمّل ، ولعله للجهالة بمقدار الحفر ، ولما قيل من عدم جواز الاستيجار للمباحات ، لاحتمال دخولها في الملك بغير اختياره.

والظاهر الجواز وتوقف الملك بعدم قصد ملكيّة الغير وبعدم ملكيّة منفعته لغيره على تقدير عدم احتياجه إلى النيّة كما هو الظاهر ، وسيجي‌ء تحقيقه.

(الرابع) إذا استأجر دارا فوجد فيها كنزا ، فهو للمالك ، وقال بعض الجمهور : هو للمستأجر (انتهى) وهو بعيد ، فالمالك ذو اليد ، وعلى المستأجر الإثبات لو ادعياه.

(الخامس) يجب الخمس في كل ما كان ركازا ، وهو كل مال مذخور تحت الأرض على اختلاف أنواعه من الذهب والفضة والرصاص والصفر ،

٣٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والنحاس والأواني وغير ذلك ، وبه قال مالك واحمد والشافعي في القديم ، وقال في الجديد لا يجب الخمس إلا في الذهب والفضة (انتهى).

ودليله عموم الأدلة ، والظاهر انه لا خلاف لنا فيه ، لاقتصاره بنقله عن بعض العامّة ، وانه لا بد من القيد المقدّم ذكره (١).

(السادس) لا يعتبر فيه الحول ، بل يجب فيه الخمس مع وجدانه وهو قول أهل العلم كافة (انتهى).

(السابع) يجب الخمس في الكنز على من وجده من مسلم أو ذميّ أو حربيّ أو عبد أو صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، عاقل أو مجنون الا ان العبد إذا وجد الكنز فهو لسيّده ، وهو قول أهل العلم فإنهم اتفقوا على انه يجب الخمس على الذميّ إلّا الشافعي (انتهى).

وفي الدليل تأمّل ، ولعدم دليل العموم عموم أدلّته ، ويكون المكلّف بالإخراج الولي في غير المكلّف.

ولعله يريد بالصغير والمجنون من يقدر على التملك بتمييز مّا ، ويحتمل الملك لهما بالأخذ والقبض ، أو بالولاية ، والإرث ، والبحث في العبد والمكاتب كما مر في المعدن وعمّم في الدروس أيضا.

والظاهر انه يملك بما يسمى ملكا كالأخذ لا مجرد العلم والوجدان ، ويحتمل بالوصول والاحياء كما في المعدن إذا احتاج الى العمل فتأمّل ويجي‌ء تحقيقه.

(الثامن) الظاهر عدم الخلاف في وجوب النصاب ، وانه النصاب الأول من أحد النقدين عينا أو قيمة ، قال في المنتهى ذهب إليه علمائنا اجمع.

ويدل عليه صحيحة البزنطي المتقدمة (٢) ، ويؤيّده الوجوب في المعدن ، والعجب عدم ذكره في المتن مع ذكره في المعدن فكأنه احاله على الظهور.

__________________

(١) بقوله قده : وينبغي ان يقيد التعريف بعدم الملك بكونه مال من لا يحل التصرف في ماله (انتهى).

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ وباب ٥ حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣٠٤

ولو كان عليه سكّة الإسلام فلقطة على رأى.

ولو كان في مبيع عرفه البائع ، فإن عرفه فهو له ، والا فللمشتري بعد الخمس. وكذا لو اشترى دابّة فوجد في جوفها شيئا.

______________________________________________________

والظاهر اعتبار الضم (١) في الكنوز الى النصاب للصدق ، وكذا ذلك محتمل في المعدن.

ويحتمل اعتبار الوحدة العرفيّة وعدم اليأس عن الوجدان وإتلافه ، وانه بعد المؤنة كما في المعدن.

ولعلك بما مر من التفصيل عرفت ما في المتن من الإجمال (الإهمال خ) وعدم ظهور الاحكام مثل كونه كنزا على تقدير وجوده في دار الحرب مطلقا ، وكذا الحكم بكونه كذلك في دار الإسلام مع عدم أثر الإسلام ، وانه يجب ان يقيّد بما لم يكن في ملك الغير كأنه أهمله للظهور وبقرينة ما بعده ، وكذا كونه لقطة على تقديرهما.

والرأي حينئذ إشارة إلى رأي الشيخ بكونه كنزا حينئذ أيضا ، ولعله لعموم الأدلة.

وكذا كونه للمشترى مطلقا لاحتمال أثر الإسلام وفي بلده وغير ذلك ، وقد مرّ التحقيق فتأمّل وتذكر.

قوله : «وكذا لو اشترى دابّة إلخ» يعني لو اشترى حيوانا فوجد في جوفه مالا عرّف البائع ، فآخر حتى ينتهي ، فإن عرفه فهو له مطلقا لما مر ، والّا فللمشتري بعد الخمس.

الحكم الأول (٢) واضح لما مر ، وامّا الثاني وهو وجوب الخمس على

__________________

(١) يعنى ضم ما أخرجه بالدفعات بعضها الى بعض فإذا صار المجموع نصابا يجب فيه الخمس ، قال في المنتهى : اما لو ترك العمل لا مهملا بل لاستراحة أو الإصلاح اليه أو طلب الكل وما أشبهه فالأقرب وجوب الخمس إذا بلغ الضم النصاب (انتهى).

(٢) يعنى كونه للمالك ان عرفه.

٣٠٥

ولو اشترى سمكة فوجد في جوفها شيئا فهو للواجد من غير تعريف بعد الخمس.

وفي الغوص كالجواهر والدار إذا بلغ قيمته دينارا بعد المؤنة.

______________________________________________________

المشتري فغير واضح لعدم كونه أحد الأصناف التي يجب فيها الخمس ، وجعله مثل الكنز ومع عدم صدقه عليه من غير دليل بعيد.

بل يمكن المناقشة في كونه للمشترى مطلقا أيضا لاحتمال كونه لقطة الّا ان يقيّد بعدم العلامة ومع ذلك محل التأمل أيضا لظهور كونه للمسلمين على تقدير وجوده في دار الإسلام وآثار تصرفهم.

وكذا قوله (رحمه الله) : ـ في السمكة فهو للواجد من غير تعريف بعد الخمس ـ لاحتمال وجود أثر الإسلام ، بل كونه في دار الإسلام مع ظهور آثار تصرف (التصرف خ) يدل على كونه للمسلمين فإلحاقه حينئذ باللقطة محتمل.

على انه لم يظهر لوجوب الخمس وجه الّا ان يقال : غوص ـ وهو بعيد.

على ان الظاهر ان السمكة وما معها ملك الصائد للقبض خصوصا مع عدم اعتبار النيّة في الحيازة.

الّا ان يقال : ليس أخذ الصيد حيازة لما في جوفه وهو بعيد ، أو يقال : يحتاج تملك المباحات الى نيّته ويحمل على غير المنوي ، وهو أيضا بعيد.

فالظاهر هنا كونه ملكا للصائد مع أثر الإسلام أيضا ، لأن الظاهر انه وان كان للمسلم الا انه معرض عنه لوقوعه في البحر الّا ان يظهر خلافه فيكون لقطة ، فيحتمل كون المشتري ملتقطا لعدم شعور الصائد به وكونه (١) ملتقطا ، لعدم اشتراط الشعور فتأمّل ، فإن كلام الأكثر خال عن هذه الاحتمالات ، ولا دليل واضح على ما ذكروه.

قوله : «وفي الغوص كالجواهر إلخ» هذا رابع الأصناف ، قال في المنتهى : كلما يستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر وغير ذلك ، يجب فيه

__________________

(١) اى الصائد.

٣٠٦

ولو أخذ من البحر شي‌ء بغير غوص فلا خمس.

______________________________________________________

الخمس ، وهو قول علمائنا اجمع (انتهى).

وتدل عليه أيضا صحيحة الحلبي المتقدمة (١).

وظاهرهم اعتبار النصاب المذكور (٢) ، قال في المنتهى : والنصاب في الغوص دينار واحد ، فإذا بلغ قيمته دينارا وجب فيه الخمس ، وما نقص عن ذلك ليس فيه شي‌ء ذهب إليه علمائنا (انتهى).

ويدل عليه رواية محمد بن على بن ابى عبد الله ، عن ابى الحسن عليه السلام المتقدمة (٣) في اعتبار نصاب المعدن ، مع عدم الصحة (٤) ، فلو لم يكن إجماع فالظاهر عدم اعتباره لعموم الأدلّة ، وعدم دليل القيد معه.

والظاهر بعد المؤنة كغيره.

ثم البحث في اعتبار الدفعة فقط أو مطلقا ولو كان بالدفعات المتعددة ، ووجود التراخي والترك بالكليّة لا بنيّة العود ، واعتبارها إذا لم يكن القطع للاستراحة مع قصد المعاودة كما في المعدن والكنز.

فلا يبعد المطلق لصدق وصوله نصابا على الدفعات أيضا ، مع ان الإجماع في اعتباره ما وجد الّا فيما وجده وحده ، اما إذا وجده متعددا فلا إجماع في اعتباره في كل واحد واحد ، والأصل عدم اعتباره فيه مع صدق الغوص.

والوجوب مطلقا في الكل مذهب الدروس ، والتفصيل هو مذهب المصنف.

قوله : «ولو أخذ من البحر إلخ» ينبغي تقييده بما إذا لم يكن ممّا يجب فيه الخمس بسبب آخر كما ذكر في العنبر أنّه ان أخذ من وجه الماء بغير غوص ، فمعدن

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) اى المذكور في المتن.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) لمجهولية محمد بن على بن ابى عبد الله.

٣٠٧

والعنبر ان أخذ بالغوص فله حكمه ، وان أخذ من وجه الماء فمعدن.

______________________________________________________

يجب فيه الخمس من جهة كونه معدنا.

وقد يعتبر فيه نصاب المعدن (ويجي‌ء فيه الخلاف) لانصاب الغوص ، كأنه لم يذكر للظهور ، ولما يفهم من العنبر ، فدليل عدم الوجوب حينئذ ظاهر وكذا عدم كون ما يجب في الغوص في العنبر حينئذ.

واما جعله من المعادن فمحل التأمّل ، لاحتمال اختصاص الوجوب في المعدن بإخراجه من معدنه كما هو المتبادر الّا ان يكون معدنه وجه الماء ، فلا يكون وجدان ما يصدق عليه المعدن على اىّ وجه كان موجبا للخمس ، ولهذا لم يجب فيما إذا ملك بغير الوجدان.

ويدل عليه (١) ذكر المؤنة ، والأصل ، فإذا التقط سبيكة من وجه الأرض من غير معدنه. يحتمل عدم وجوب الخمس فيه كما في الغوص والكنز ، فإنه لو وجد على وجه الأرض ما لو كان تحتها يجب فيه الخمس لم يجب فيه الخمس ، مثل الأواني والأمتعة وغيرها وظهور ـ معادن الذهب إلخ ـ الواقع في صحيحة محمد بن مسلم (٢) ، و ـ المعادن ـ في صحيحة الحلبي (٣) ، و ـ ما عالجته ـ في صحيحة زرارة (٤) ـ ، يشعر بما قلناه ، إذ لا يقال ـ لقطة من الذهب المرميّة في وجه الأرض في غير معدن مثلا ـ : معدن الذهب.

وبالجملة الأصل براءة الذمة ، والصدق بحيث تكون حجة مخرجة عنه ، غير واضح.

على انه قد يناقش في كون العنبر من جنس المعدن ، قال في المنتهى : العنبر

__________________

(١) يعنى يدل على اعتبار كون إخراجه من معدنه اعتبار المؤنة في كلمات الأصحاب وبعض الاخبار فإنها تدل على ان مفروض كلامهم فيما احتاج الى مؤنة والا فمجرد أخذ شي‌ء من وجه الماء لا يحتاج إلى مؤنة ـ كما لا يخفى.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

قال الشيخ انه نبات من البحر و (قيل) : هو من عين البحر و (قيل) : العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله شي‌ء إلّا مات (١) (انتهى).

فلا يظهر كونه معدنا ، والأصل العدم.

وقال أيضا وقال الشيخ : الحيوان المصاد من البحر لا خمس فيه ، فان أخرج بالغوص أو أخذ قفيا (٢) ففيه الخمس ، وفيه نظر (بعد خ ل) ، والأقرب إلحاقه بالأرباح والفوائد التي يعتبر فيها مؤنة السنة لا بالغوص كيف كان (انتهى).

والظاهر أنّه على تقدير صدق الغوص لا بعد في إلحاقه به ، وعلى تقدير العدم ، فان صدق عليه ما يدل على وجوبه في الفوائد والأرباح يكون منها ، والّا فلا شي‌ء عليه.

ثم قال : السمك : لا شي‌ء فيه ، وهو قول أهل العلم كافّة إلا في رواية ، عن احمد وعمر بن عبد العزيز (لنا) انه صيد فلا شي‌ء فيه كصيد البرّ (انتهى).

ويمكن إدخاله تحت الفوائد والمكاسب ، بل صيد البّر أيضا خصوصا إذا كان على وجه الكسب والاكتساب ، ويدل عليه قوله قبل هذا : ـ والأقرب إلحاقه بالأرباح والفوائد التي يعتبر فيها مؤنة السنة لا بالغوص كيف كان ـ الا ان يستثنى بالإجماع ، فتأمّل ، وسيجي‌ء دليل الاكتساب ويمكن الوجوب من جهة الغوص أيضا على تقدير أخذه به كما دلّ عليه الكلام المتقدم للشيخ الا ان يكون الإجماع أخرجه.

واعلم انه يمكن اجتماع بعض هذه الأصناف خصوصا على ما تقدم من احتمال كون المراد بالمعدن ما كان من ذلك الجنس ، سواء أخذ من معدنه أم لا ، فلو كان كنزا معدنيّا وغنيمة بل يصدق على مثل العنبر ـ بناء على ما مر أنّه لو أخذ

__________________

(١) وتمامه : ولا ينقره طائر بمنقاره الا يصل اليه فيه منقاره ، وإذا وضع رجليه عليه فصّلت أظفاره ويموت ، لأنه إذا بقي بغير منقار لم يكن للطائر شي‌ء يأكل به (انتهى).

(٢) يعنى تبعه الصائد على قفاه حتى أخذه.

٣٠٩

وفيما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات.

______________________________________________________

بالغوص المعدن والغوص ـ ففي وجوب الجميع (١) ، وترجيح ما هو مصلحة أهل الخمس ، والتخيير احتمالات.

والظاهر اعتبار الغنيمة مع الاجتماع مطلقا لصدقها ، ووجودها في الآية ، والوجوب بالإجماع ، وعدم الشك في لحوق سائر أحكام الغنيمة فيها.

وكذا الغوص إذا اجتمع مع العنبر.

والظاهر عدم اجتماع المعدن والكنز (٢) ، وعلى تقديره ينبغي اعتبار كونه معدنا ، لأنه أحوط مع اعتبار كون نصابه دينارا وعدم وصوله الى عشرين دينارا ، وقد مرّ ما يدل على عدم تعدد وجوب الخمس في بحث الزكاة من عدم وجوب حقّين في مال واحد ، فتذكر.

واما اجتماع المكاسب مع غيره فالظاهر انه ممكن بأن يعمل في أرض لأن يجد كنزا أو معدنا فالظاهر ، الوجوب في الأخيرين لما مرّ.

قوله : «وفيما يفضل عن مؤنة السنة إلخ» هذا خامس الأصناف قال في المنتهى : الصنف الخامس أرباح التجارات ، والزراعات ، والصنائع ، وجميع أنواع الاكتسابات وفواضل الأقوات من الغلّات والزراعات ، عن مؤنة السنة ، على الاقتصاد وهو قول علمائنا اجمع ، وقد خالف فيه الجمهور كافة (انتهى).

وفي العبارة مناقشة ، وهي تكرار الزراعات ، ولعله يريد ربحها في الأوّل كما ذكره في ربح الغرس كما سيجي‌ء ، وعدم الاحتياج الى (الزراعات) بعد قوله : (الغلات) ومعلوم ان المراد بالفاضل من قوت الغلّات (٣) ، التي تكون مملوكة

__________________

(١) جواب لقوله قده : فلو كان كنزا إلخ.

(٢) قوله : عدم اجتماع المعدن والكنز إلخ إلّا مع الاحتمال المذكور آنفا في قوله قده : (كنزا معدنيا) وهو ان يقال المعدن لما يخرج من معدنه ويدفن في محل آخر ـ (كذا في هامش بعض النسخ المخطوطة).

(٣) لا يخفي ان حق العبارة هكذا : ومعلوم ان المراد بفواضل الأقوات من الغلات التي تكون إلخ.

٣١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

بالزراعة ، ولعله عطف تفسيري.

وان الصنائع داخلة تحت الاكتسابات ، وكأن الظاهر الاقتصار على ما في المتن مع احتمال أولوية تبديل الصناعات بالاكتسابات بناء على زعمه.

وان الظاهر أنه لا يشترط الاقتصاد الّا ان يريد به عدم الإسراف الذي هو خارج عن الحد وحرام.

واما الدليل عليه فكأنه الإجماع المنقول في المنتهى ، مع انه ينقل الخلاف فيما بعد ذلك وسيجي‌ء واستدل عليه بالآيات ، مثل قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ) إلخ (١) والغنيمة عامّة فيما يعدّ غنيمة ونعمة ، وفائدة خرج منه ما خرج بالدليل ، بقي الباقي تحت العموم.

ولا يدل ـ كون الكلام قبله في القتال ، وذكره أيضا بعده ـ على كون المراد به غنيمة دار الحرب فقط وان كان هو محتملا غير بعيد ، مع عدم ظهور صدق الغنيمة على كل فائدة ونفع ولو كان بالكسب والجهد والطاقة مع خروج الافراد الكثيرة ، مثل الميراث ونحوه عند الأكثر فتأمّل.

ومثل قوله تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (٢).

وجه الاستدلال في الثاني انه قد اتفق أكثر المفسرين على ان ما يخرج من الأرض هو المعادن والكنوز ، وانما المنفق هو الخمس ، فكذا في المعطوف عليه وفيه تأمل أيضا.

وبالروايات مثل صحيحة عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : على كل امرء غنم أو اكتسب ، الخمس ممّا أصاب لفاطمة عليها السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس ، فذلك لهم خاصّة يضعونه حيث شاءوا وحرم عليهم الصدقة حتى الخيّاط ليخيط قميصا (ثوبا

__________________

(١) الأنفال ـ ٤١.

(٢) البقرة ـ ٢٦٧.

٣١١

.................................................................................................

______________________________________________________

خ) بخمسة دوانيق ، فلنا منه دانق الّا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة ، انه ليس من شي‌ء عند الله يوم القيامة أعظم من الزنا انه ليقوم صاحب الخمس فيقول : يا ربّ سل هؤلاء بما نكحوا (أبيحوا خ ل) (١).

وفي هذه تأمّل ، لأن الصحّة ـ كما قال في المنتهى والمختلف ـ غير ظاهر ، لوجود عبد الله بن قاسم الحضرمي في طريق الكتابين (٢) ، وما رأيتها في غيرهما.

قال في رجال بن داود : انه من أصحاب الكاظم عليه السلام ، وفي رجال الشيخ : انه واقفي ، وفي رجال النجاشي : كذّاب غال يروى عن الغلاة لا خير فيه ولا يعتد به ، ابن الغضائري : ليس بشي‌ء البتة ، وقال المصنف : مثل كلام النجاشي وفيها دلالة ما على عدم صدق الغنيمة على الكسب (٣) ، وانها لفاطمة عليها السلام ، فقط في زمانها ، وللأئمة عليهم السلام بعدها ، وعدم إخراج المؤنة في الكسب ، ومعلوم أنه ليس كذلك ، وعدم وجوبها على الشيعة ، وان عدمه موجب للزنا ، وعدم وقوع نكاح حلال ، وهو في غيرها من الاخبار أيضا (٤) ، وفيه تأمل واضح فتأمل.

واستدل أيضا (٥) برواية محمد بن الحسن الأشعري ، قال : كتب بعض أصحابنا الى ابى جعفر الثاني عليه السلام : أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل ، وكثير من جميع الضروب ، وعلى الصناع ، وكيف ذلك؟ فكتب عليه السلام بخطه : الخمس بعد المؤنة (٦) قال في المنتهى : في الصحيح عن محمد (انتهى).

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) طريق الشيخ كما في التهذيب هكذا : محمد بن على بن محبوب ، عن محمد بن الحسين (الحسن خ) ، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي ، عن عبد الله بن سنان.

(٣) فإنه عليه السلام عطف قوله عليه السلام : (اكتسب) على قوله عليه السلام : (غنم) والعطف ظاهر في المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه.

(٤) راجع الوسائل باب ٤ من أبواب الأنفال.

(٥) يعنى العلامة في المنتهى.

(٦) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي الصحّة تأمل ، لعدم ظهور محمد بن الحسن الأشعري (١) ، ويبعد كونه الصفار لوقوع نقل ابن مهزيار عنه ، وبعد نقله عنه (٢) ، مع عدم شهرته بهذا اللقب ، بل يكتفي بابن الحسن أو الصفار ، ولهذا ما قال في المختلف : (صحيحة محمد) بل قال : (رواية محمد) والدلالة أيضا غير صريحة ، وهو ظاهر.

ورواية علي بن مهزيار ، قال : قال لي : أبو على بن راشد : قلت له : أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك ، فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم : واى شي‌ء حقهم فلم أدر ما أجيبهم فقال : يجب عليهم الخمس فقلت ففي أي شي‌ء حقه؟ فقال ، في أمتعتهم وصنائعهم (ضياعهم خ ل) قلت : فالتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال : ذلك إذا أمكنهم بعد مؤنتهم (٣).

أبو على بن راشد غير مصرح بتوثيقه ، بل قيل : انه وكيل مشكور (٤) ، وكأنه لذلك ما سمّيت بالصحة ، ويمكن كونها حسنة ، فتأمل وفي قوله عليه السلام (في أمتعتهم) أيضا تأمل.

ورواية علي بن مهزيار قال كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني : أقرأني على ، كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع ، انه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤنة ، وانه ليس على من لم تقم صنعته بمؤنته نصف السدس ولا غير ذلك ، فاختلف من قبلنا في ذلك ، فقالوا يجب على الضياع ، الخمس بعد المؤنة مؤنة الضيعة

__________________

(١) يعنى وثاقة محمد بن الحسن الأشعري غير ظاهر.

(٢) يعنى ان الراوي عنه في هذا الخبر على بن مهزيار وعلى بن مهزيار يبعدان يروى عن محمد بن الحسن الصفار ، بل يروى عن محمد بن الحسن الأشعري ، وأصل السند كما في التّهذيب هكذا : سعد بن عبد الله ، عن ابى جعفر ، عن على بن مهزيار ، عن محمد بن الحسن الأشعري ، وعليه فاحتمال روايته عن الصفار مقطوع العدم للتصريح بالاشعرى.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) إشارة الى ما نقل في التحرير الطاووسى بما هذا لفظه : أبو على بن راشد ، كان أبو على بن راشد وكيلا عنه (يعنى الحسن العسكري عليه السلام) مقام الحسين بن عبد ربه مع ثناء عليه وشكر (انتهى).

٣١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وخراجها لا مؤنة الرجل وعياله ، فكتب وقرأه على بن مهزيار : عليه الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله ، وبعد خراج السلطان (١).

والطريق (٢) الى علي بن مهزيار صحيح مع توثيقه ، ولكن المكتوب اليه غير صريح و (إبراهيم) مجهول لعلّه يضر ، لان الظاهر أنّه يحكى انه كتب وقرأه علىّ وان كان صدر الرواية يدل على انه لا يضر حيث فهم أن الحاكي هو علىّ مع انه مناف لكتابة أبيه.

والمتن لا يخلو ، عن إجمال مع أنها مكاتبة.

وغيرها من الروايات ، ولكن ليس شي‌ء صحيح صريح خال عن شي‌ء مثل رواية حكيم مؤذن (بني عيسى) (ابن عيسى خ ل) عن ابى عبد الله عليه السلام قال قلت له (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ)؟ قال : هي والله الإفادة يوما بيوم (فيوما خ ل) الا ان ابى جعل شيعتنا من ذلك في حلّ ليزكوا (٣).

والسند ضعيف ، وليس بمعلوم وجود ثقة واحد فيه (٤). وأيضا الحصر في إفادة (يوما فيوما) ليس بمذهب ، وكذا العموم والذي يدل على العدم ، الأصل وكون ذلك ضيقا في الجملة مع صحيحة عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من أبواب ما يجب فيه الخمس

(٢) طريق الشيخ الى علي بن مهزيار كما في مشيخة التهذيب هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب عن على بن مهزيار ، فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله عليه الرحمة عن محمد بن على بن الحسين ، عن أبيه ومحمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد الله والحميري ومحمد بن يحيى واحمد بن إدريس كلهم ، عن احمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار.

(٣) الوسائل باب ٤ حديث ٨ من أبواب الأنفال.

(٤) والسند ليس فيه موثق الا على بن الحسن بن فضال فإنه موثق لكنه مرمى بالفطحية فلاحظ الوسائل.

(٥) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والأصل اعتداد به مع الدليل ، وقد تقدم ، وكذا الضيق.

وحمل الرواية في التهذيب على أن الخمس الواجب بالقرآن ليس إلّا في الغنائم ، وقد سلّم تخصيصها في القرآن بغنائم دار الحرب.

ولكن قال في الاستبصار بعد ذلك الوجه وجعله أوّلا : والوجه الثاني ان يكون هذه المكاسب ، الفوائد التي تحصل للإنسان هي من جملة الغنائم التي ذكرها الله تعالى في القرآن (انتهى).

ويحتمل التقيّة أيضا فتأمّل ، وسيجي‌ء له زيادة تحقيق.

قال المصنف في المنتهى : قال أبو الصلاح الحلبي من علمائنا : الميراث والهبة والهدية ، فيه الخمس ، وأنكر ابن إدريس ذلك قال : وهذا شي‌ء لم يذكره احد من أصحابنا غير أبي الصلاح ، ويمكن أن يحتج (لأبي الصلاح) (أبو الصلاح خ ل).

بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن علي بن مهزيار قال كتب إليه أبو جعفر عليه السلام وقرأت انا كتابه إليه في طريق مكة ، فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى (و) (نقل (١) آية الخمس) والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة التي يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة ، من الإنسان للإنسان ، التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن (٢) (انتهى).

وهذه مكاتبة طويلة ، وفيها أحكام كثيرة مخالفة للمذهب مع اضطراب وقصور عن دلالتها على مذهبه ، لعدم ذكر الخمس صريحا ورجوع ضمير (هي) إلى الزكاة على الظاهر ودلالة صدر الخبر (٣) على سقوط الخمس عن الشيعة ، وقصرها في الذهب والفضّة مع حول الحول ، والسقوط عن الربح وللتقييد ببعض الإرث.

__________________

(١) يعني العلامة في المنتهى.

(٢) الوسائل باب ٨ قطعة من حديث ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) تقدم صدر الخبر آنفا عند نقل الاخبار على وجوب الخمس في أرباح المكاسب فراجع.

٣١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة هذا الخبر مضطرب بحيث لا يمكن الاستدلال به على شي‌ء ، والمسئلة من المشكلات لعدم صراحة الآية.

قال في مجمع البيان : الغنيمة ما أخذ من أموال أهل الحرب من الكفار بقتال ، وهي هبة من الله تعالى للمسلمين ، والفي‌ء ما أخذ بغير قتال وهو قول عطا ومذهب الشافعي وسفيان وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام (انتهى).

وقال أيضا : وقال أصحابنا : ان الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارات ، وفي الكنوز ، والمعادن والغوص وغير ذلك ممّا هو مذكور في الكتب ، ويمكن ان يستدل على ذلك ـ اى عموم الخمس في كل فائدة تحصل للإنسان ـ بهذه الآية ، فان في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم والغنيمة (انتهى).

ولا يخفى ما فيه ، وعدم صحّة خبر دال على المطلوب ، على انها إذا أخذت بعمومها تدل على أكثر ممّا قالوه.

ونجد في الإيجاب ـ مع كونه خلاف الأصل ، وخلاف عموم بعض الآيات مثل (نسائكم) (١) وغيرها (٢) ، وكذا الاخبار وعدم دليل صحيح صريح ـ عسرا وضيقا ومثلهما منفي غالبا في الشريعة السهلة ، والإجماع المدّعى غير معلوم ، فان الظاهر أنّ ابن الجنيد مخالف كما نقل عنه في المنتهى والمختلف.

قال في المختلف : المشهور بين علمائنا إيجاب الخمس في أرباح التجارات والصناعات والزراعات ، وقال ابن الجنيد : فامّا ما استفيد من ميراث أو كد بدن أو صلة أخ أو ربح تجارة أو نحو ذلك فالأحوط إخراجه لاختلاف الرواية في ذلك ، ولو لم يخرجه الإنسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها الّا ان يوجب ذلك من

__________________

(١) إشارة إلى آية المباهلة فإن لفظة (النساء) فيها عامة مع انه أريد منها الخاص.

(٢) مثل قوله تعالى (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) ، وأريد من الناس على ما في بعض التفاسير (نعيم بن مسعود).

٣١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يسغ خلافه ممّا لا يحتمل تأويلا ولا يردّ عليه رخصة في ترك إخراجه (انتهى).

وكذا نقله عنه في المنتهى ، مع نقل الإجماع فيما تقدم.

واستدل له (١) في المختلف بالأصل ، وصحيحة عبد الله المتقدمة (٢) ، و ـ أجاب عن الأول ـ بمعارضة الأصل بالاحتياط وهو غير جيد وهو يفعل ذلك كثيرا.

وبإبطال (٣) الأصل مع قيام الموجب ـ وهو جيّد لو كان وعن الثاني (٤) بحملها على جميع ما يغنم كما قيل في الآية وبأنها مشتملة على ما نقول بوجوبه فيه مثل الغوص والمعدن والكنز والجواب عنه ظاهر وهو التخصيص بالدليل.

ومخالفة أكثر الأصحاب والشهرة العظيمة وظاهر الآية وبعض الاخبار أيضا ، مشكلة وأشدّ إشكالا (٥) ، وجوبه حتما على الشيعة خصوصا وجوب الحصّة حال الغيبة لورود عدمه في اخبار كثيرة كما ستسمع.

فحينئذ ، حمل ما يدل على الوجوب في هذا الصنف (٦) على الاستحباب مطلقا ووجوب غير الحصة واستحبابها معه مطلقا أو مع غير الحاجة ممكن ، ولكن المخالفة لا تخلو عن اشكال (٧).

ثم الظاهر عدم الخلاف في اشتراط المؤنة ، قال في المنتهى : ولا يجب في فوائد

__________________

(١) يعنى لابن الجنيد.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس. وقد تقدم نقلها من الشارح قده آنفا فراجع

(٣) عطف على قوله قده : بمعارضة الأصل.

(٤) أي الصحيحة.

(٥) يعنى ان مخالفة الأصحاب بالفتوى بعدم وجوب الخمس في الأرباح وان كان مشكلا الا ان الفتوى بالوجوب أيضا خصوصا على الشيعة وبالأخص بالنسبة إلى حصة الإمام عليه السلام في زمن الغيبة أشد إشكالا.

(٦) يعنى خامس الأصناف.

(٧) يصير حاصل نظر الشارح قده وجوب سهم السادات في زمن الغيبة والاحتياط الواجب بالنسبة إلى سهم الامام عليه السلام.

٣١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الاكتسابات والأرباح في التجارات والزراعات شي‌ء إلّا فيما يفضل عن مؤنته ومؤنة عياله سنة كاملة ذهب إليه علمائنا اجمع (انتهى) ، واستدل بخبري محمد وعلىّ المتقدمتين (١) وقد تقدمت الأخبار الدالة عليه.

والظاهر ان الاعتبار بجميع ما يخرجه من غير إسراف فلو اخرج مالا بحيث تحقق الإسراف المحّرم فعل حراما ويضمن خمسه.

ولو قتر يمكن الاستثناء فلا يخرج خمس ما قتر فيحسب له القوت المتعارف ويخرج من الفاضل لو كان ، ويحتمل عدم اعتبار ذلك والإخراج عن الكلّ بصرف المؤنة على ما يخرج وينفق ثم الظاهر ان اعتبار المؤنة من الأرباح مثلا على تقدير عدمها من غيرها ، فلو كان عنده ما يمون به من الأموال التي تصرف في المؤنة عادة ، فالظاهر عدم اعتبارها ممّا فيه الخمس ، بل يجب الخمس من الكلّ ، لأنه أحوط ولعموم أدلة الخمس وعدم وضوح صحّة دليل المؤنة ، وثبوت اعتبار المؤنة على تقدير الاحتياج بالإجماع ونفي الضرر وحمل الاخبار عليه ، ولتبادر الاحتياج من (بعد المؤنة) الواقع في الخبر (٢) ، ولأنه قد يؤل الى عدم الخمس في أموال كثيرة مع عدم الاحتياج الى صرفها أصلا مثل أرباح تجارات السلاطين وزراعاتهم والأكابر من التجار والزارع وهو مناف لحكمة شرع الخمس في الجملة.

ويحتمل التقسيط ، ولكنه غير مفهوم من الاخبار الّا أنّه أحوط بالنسبة إلى إخراجها من الأرباح بالكليّة.

وبالجملة التقسيط ليس بمفهوم من الأخبار وليس بأحوط ، بل الأحوط والأظهر اعتبارها كما قلناه وان تبادر الى الذهن في أول الأمر اعتبارها من مال الخمس فتأمّل.

وظاهر العبارات مثل الاخبار وقول المصنف ـ من أرباح التجارات ـ بيان

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ و ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣١٨

وفي أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم.

______________________________________________________

ما) (فيما يفضل) ويحتمل كونه صلة للمؤنة اى المؤنة المأخوذة من الأرباح.

قوله : «وفي أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم» هذا هو الصنف السادس ، قال في المنتهى : الذمي إذا اشترى أرضا من مسلم وجب عليه الخمس ذهب إليه علمائنا اجمع (انتهى).

ويدل عليه أيضا صحيحة ابى عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : أيما ذمّي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس (١).

قال في المختلف : انها موثقة ، ووجهه غير ظاهر ، بل الظاهر انها صحيحة.

وقد مرّ تأويل ما يدلّ على عدم الخمس إلّا في الغنائم.

ولكن جعل هذه الأرض غنيمة محلّ التأمّل ، إذ يلزم حينئذ دخول جميع الأمتعة والأموال ، وظاهر عدم الإرادة فلا يحسن التأويل بإرادة الغنيمة مطلقا ، نعم يمكن تخصيص ذلك بالإجماع والخبر المذكور آنفا.

ثم ان الظاهر من العبارات والخبر المذكور ، كون ذلك في مطلق الأرض ، قال في المنتهى : هل هذا الحكم مختصّ بأرض الزراعة أو هو عام فيها وفي المساكن؟ إطلاق الأصحاب يقتضي الثاني ، والأظهر أنّ مرادهم بالإطلاق هو الأوّل (انتهى).

ويؤيّده الأصل ، وأن المسكن لا يقال له الأرض عرفا ، بل المسكن ، نعم إذا اشترى أرضا ليجعلها مسكنا ، يجي‌ء فيه البحث ، ولا يبعد الوجوب.

وأيضا ظاهرهما عموم الأرض ولو كانت مفتوحة عنوة ، وفيها تأمّل ، لعدم الملك المطلق ، بل لآثار التصرف ، وتلك ليست بأرض ، فوجوب الخمس فيها كما قيل محلّ التأمّل ، بل ولو قيل بالملكيّة بتبعيّة الآثار أيضا فيه تأمّل ، فإن الظاهر أنّها تزول بزوالها ، ويلزم إخراج خمسها مرتين فتأمّل.

وعلى تقدير الوجوب فيؤخذ خمس الأرض بالفعل أو قيمتها على تقدير

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣١٩

وفي الحلال المختلط بالحرام ، ولا يتميّز ، ولا يعرف صاحبه ، ولا قدره ، ولو عرف المالك خاصّة صالحه ، ولو عرف القدر خاصّة تصدّق به

______________________________________________________

الجواز ، ويمكن أخذ الخمس من أجرتها كلّ سنة ، ثم يجب في ربح زراعتها على تقدير الوجوب بالشرائط كسائر الأراضي.

قوله : «وفي الحلال إذا اختلط بالحرام إلخ» قال في المنتهى : ذكره أكثر علمائنا ، ويدل عليه رواية الحسن بن زياد ، عن ابى عبد الله عليه السلام ، قال : إنّ رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين انى أصبت مالا لا اعرف حلاله من حرامه ، فقال له : اخرج الخمس من ذلك المال ، فان الله تعالى قد رضى من المال بالخمس واجتنب ما كان صاحبه يعلم (١).

وفي الدلالة خفاء مّا (٢) ، والسند ضعيف.

ورواية السكوني ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : انى كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد أردت التوبة ولا ادرى الحلال منه والحرام وقد اختلط علىّ ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : تصدق بخمس مالك ، فان الله قد رضى من الأشياء بالخمس ، وسائر المال لك حلال (٣).

ودلالتها أوضح ، والسند غير واضح مثل الأوّل.

ويمكن ان يستدلّ أيضا بصحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون معهم فيصيب غنيمة قال : يؤدى خمسا

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) قوله خفاء مّا ، لان قوله : لا اعرف حلاله من حرامه ليس نصا في المخلوط منها لاحتمال ان يكون المعنى لا يعرف أهو حلال أم غير حلال ، وأيضا قوله عليه السلام : ان الله قد رضى من المال بالخمس ليس بظاهر في إخراج الخمس من مثل هذا المال ، كذا في هامش بعض النسخ المخطوطة ، لكن نقول : في الوسائل : ان الله قد رضى من ذلك المال إلخ وعليه فالإشكال الثاني مندفع كما لا يخفى ، نعم ليس لفظة (ذلك) في موضعين من التهذيب فراجع كتاب الخمس باب تميز أهل الخمس وباب الزيادات منه.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣٢٠