مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي الطريق (١) إبراهيم بن هاشم ، وابن فضال ، وابن بكير ـ كأنهما الحسن بن على وعبد الله ، وانهما ثقتان ، ولا بأس بهما وان قيل ان مذهبهما فاسد مع انهما مقبولا الأصحاب.

ولا يوجد المخالف الّا على طريق الاحتمال من كون الزكاة حينئذ تسلّم الى الامام عليه السلام.

ثم الظاهر كون الإرث للمستحقين مطلقا ، وتكون الفقراء كناية عنهم أو مثلا.

ثم اعلم ان الإعطاء للمكاتب جائز ، ولا يحتاج إلى اذن السيد ، ثم يدفعه هو الى السيد في مال الكتابة ، ولا يشترط اذن المكاتب كما في المديون والديان ، وقال في المنتهى : باذن المكاتب ، والوجه غير ظاهر ، لعدم اشتراط ذلك في الديان ، فتأمّل.

واما الاشتراء ، فان ارتكبه الحاكم بنفسه أو وكيله فهو أولى كغيره من أقسامها ، وامّا على تقدير إخراج المالك بنفسه فالظاهر انه يشتريه بنفسه بعين مال الزكاة بقصد العتق بعده ، فيمكن العتق بمجرده.

وظاهر الرواية وعبارة الأصحاب (يعتقه) و (أعتقه) يدل على الاحتياج الى العتق بعده فيأتي بصيغته بعد الشراء ، وينوى بالعتق إخراج الزكاة مقارنة للعتق.

لعلّه بتقديم النيّة على الصيغة مقارنة لها ، ويحتمل العكس (مثل أنت حرّ من زكاة مالي لله) وهو أحوط.

ويمكن فعل ذلك لوكيله أيضا ، ولا يشكل بقوله عليه السلام : (ولا عتق إلا في ملك) (٢) إذ قد يقال : صار ملكا لأهل الزكاة وقد جعله الشارع وكيلهم ، فان

__________________

(١) طريقه كما في الكافي ـ هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن مروان بن مسلم ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١ من كتاب العتق وفيه : لا عتق قبل ملك وحديث ٢ وفيه لا عتق الا بعد ملك وحديث ٣ فيه لا عتاق ولا طلاق الا بعد ما يملك الرجل وحديث ٥ وفيه لا عتق لمن لا يملك وحديث ٦ وفيه

١٦١

والغارمون ، وهم الذين عليهم (غلبتهم خ ل) الديون في غير معصية.

______________________________________________________

له الولاية واولى بهم من أنفسهم.

وبالجملة لا اشكال بعد وجود النص ، غاية الأمر يلزم تخصيص تلك القاعدة أو التأويل فتأمّل.

ـ السادس ـ الغارمون ، وهم المدينون ، فان كان الدين في غير معصية فإجماع المسلمين على جواز الإعطاء من الزكاة وان كان في معصية فإجماع أصحابنا على عدمه على ما نقله في المنتهى.

ويدل عليه الرواية عن الرضا عليه السلام (في حديث) قال : فيقضى عنه ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عز وجل ، فان كان أنفقه في معصية الله فلا شي‌ء له على الامام (١).

ونقل في التهذيب ، عن تفسير على بن إبراهيم ، عن العالم عليه السلام قال : والغارمون قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله من غير إسراف فيجب على الامام عليه السلام ـ ان يقضى عنهم ويفكّهم ـ من مال الصدقات (٢).

وهو ظاهر ، وانما الخلاف في المجهول الذي لم يعلم انه صرف في المعصية أو الطاعة فنقل عن الشيخ عدم الجواز لأن الطاعة شرط لمفهوم الرواية السابقة (٣) ، ولما رواه الشيخ ، عن محمد بن سليمان ، عن ابى محمد رجل من الجزيرة عن الرضا عليه السلام ، قلت : فما لهذا الرجل الذي ائتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه؟ في طاعة الله أو معصيته؟ قال : يسعى له في ماله فيرده عليه وهو صاغر (٤).

والمفهوم (٥) معارض بمثله ، والرواية ضعيفة ، ومخالفة لظاهر القرآن وبناء

__________________

ولا عتق الّا من بعد ملك ـ وليس في واحد منها ما نقله الشارح قده.

(١) الوسائل باب ٩ قطعة حديث ٣ من أبواب الدين.

(٢) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٧ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) يعني بها ـ الرواية عن الرضا عليه السلام.

(٤) الوسائل باب ٩ قطعة من حديث ٣ من أبواب الدين.

(٥) شروع في الجواب عن استدلالات الشيخ قده.

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أفعال المسلمين على الجواز ، والصحة تدل على جواز الإخراج مع الجهل ، فتأمّل.

ثم الظاهر انه يجوز القضاء عن الحيّ باذنه وبغير اذنه وان كان ممن يجب نفقته لعموم لفظ الدليل وعدم المانع.

بل الظاهر جواز إعطائه للتزويج ونحوه لأنه جائز له ، ولا يجب عليه ذلك.

ويدل على الجواز ما في صحيحة أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السلام :

بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسى ويتزوج ، ويتصدق ويحج (١).

وقد مر فيما تقدم في صحيحة أخرى : ولو لم يتوسّع ، الأب ، والعم ، والأخ عليهم فيأخذون عن الغير للتوسعة (٢).

فكأنه إشارة إلى مثله.

وكذا يجوز المقاصة أيضا.

ويجوز ذلك في الميّت والقضاء عنه ، والظاهر عدم الخلاف في ذلك ، لان الغرض خلوص الذمة من الدين لا تمليك المديون فبالحقيقة ذلك هو المصرف وقد وصلت اليه.

ويؤيده صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفّى وترك دينا قد ابتلى به لم يكن بمفسد ، ولا بمسرف ، ولا معروف بالمسئلة ، هل يقضى عنه من الزكاة الألف والألفان؟ قال : نعم (٣) ـ ونقل في المنتهى خلاف المخالف وأجاب عنه.

ثم اعلم انه هل يشترط في الغارم عدم قدرته ، عن أداء الدين أم لا يمكن اشتراط عجز الغارم بمعنى عدم إمكان الوفاء وعدم شي‌ء عنده الّا مستثنيات الدين أو عدم ما يوفى دينه فاضلا عن قوت السنة ، والأخير أقرب الى عموم لفظ الغارمين

__________________

(١) الوسائل باب ٤١ ذيل حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة ـ وقد نقله الشارح قده بالمعنى فلاحظ.

(٣) الوسائل باب ٤٦ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٦٣

وفي سبيل الله ، وهو الجهاد وكلّ مصلحة يتقرب بها الى الله تعالى كبناء القناطر وعمارة المساجد وغيرهما.

______________________________________________________

والأول إلى الاعتبار لبعد إعطاء القادر المكلّف شرعا على الأداء مع وجود المحتاجين ، ولان سوق الآية والاخبار يدل على ان الغرض دفع الحاجة والضرر ورفاهيّة حال المسلمين ، فتأمل.

هذا ان كان الدين لمصلحته لا لمصالح المسلمين ، مثل إصلاح ذات البين ، فإنه (١) حينئذ لا يشترط ، إذ في الحقيقة انه في سبيل الله.

ويدل على قضاء الدين مع العجز باحتساب الزكاة على الغارم صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سئلت أبا الحسن الأول عليه السلام عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه ، وهم مستوجبون للزكاة ، هل لي ان أدعه فأحتسب به عليهم من الزكاة قال : نعم (٢).

والظاهر اشتراط عدم وفاء التركة للدين في الميّت فيجوز إعطاء تمام دينه ان لم يكن له مال أصلا ، والا فالفاصل من تركته لما يفهم من سوق الآية والاخبار (فالقول) بعدم الاشتراط لان المال ينتقل إلى الورثة فهو عاجز دائما (بعيد) لأن الإرث بعد الدين ، والدين متعلق بالتركة ، فتأمل.

ـ السابع ـ وفي سبيل الله ، المتبادر منه لغة وعرفا هو مطلق سبيل الخير ، ويؤيّده قول الأكثر ، وما ورد في تفسير على بن إبراهيم رواه عن العالم عليه السلام قال : وفي سبيل الله قوم يخرجون في الجهاد ، وليس عندهم ما يتقوون به أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل (سبيل خ ل يب) الخير ، فعلى الامام عليه السلام ان يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا على الحج والجهاد (٣) ويؤيده الصحيح من الاخبار الدالة على جواز إرسال الناس الى الحج من

__________________

(١) اى عجز الغارم بالاحتمالات المذكورة.

(٢) الوسائل باب ٤٦ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٧ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٦٤

وابن السبيل ، وهو المنقطع به وان كان غنيّا في بلده ، والضيف بشرط اباحة سفرهما

______________________________________________________

الزكاة ، وهو في صحيحة على بن يقطين ـ في الفقيه ـ قال على بن يقطين لأبي الحسن الأول عليهما السلام تكون عندي المال من الزكاة فأحجّ به مواليّ وأقاربي؟ قال : نعم : لا بأس (١).

ومعلوم عدم دخوله في صنف إلا في سبيل الله ، فتأمّل.

ـ الثامن ـ ابن السبيل ، وهو المنقطع بالسفر ، اى عاجز عن السفر لعدم الزاد والراحلة ، ونقل في المنتهى عن الشيخ : انه المجتاز لغير بلده وان كان غنيا في بلده خاصّة ، ويدخل فيه الضيف.

ويدل على التفسير (٢) ما نقل عن تفسير على بن إبراهيم ، عن العالم عليه السلام قال : ابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة الله فيقطع (فينقطع خ ل يب) عليهم ويذهب مالهم فعلى الامام عليه السلام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال الصدقات (٣).

والظاهر انه يكفي كون سفره في عدم معصية ، وما ذكره في التفسير (٤) تمثيل أو يراد بالطاعة غير المعصية وانه يعطي مقدار ما يوصله الى مقصده وأهله. ثم الظاهر انه يملك الفاضل ولا يردّه لظاهر الدليل مع احتمال الرد نظرا إلى العلّة. ويحتمل كون منشئ السفر منه ، والظاهر انه خارج عنه وداخل في سبيل الله ، ويشترط على التقديرين اباحة سفره.

ثم اعلم انه يظهر لأكثر هذه الخلافات أثر على القول بالبسط والتسوية وإعطاء جميع الأصناف فتأمّل ، والظاهر عدمه (٥) فتأمّل.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٢ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) اى التفسير الذي ذكره الشيخ رحمه الله.

(٣) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٧ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) من التقييد بقوله عليه السلام : في طاعة الله.

(٥) اى عدم وجوب البسط والتسوية.

١٦٥

ويشترط في المستحقين ، الايمان الّا المؤلّفة ،

______________________________________________________

وأن تفسير المصنف هنا لابن السبيل لا بأس به وان الضمير في ـ المنقطع به ـ راجع الى السبيل ، وهو كناية عن السفر و (الضيف) عطف على المنقطع.

والظاهر اشتراط فقرة أيضا لأنه الأحوط ، ولما مر في المسافر ، ولدخوله في ابن السبيل أو سبيل الله أو الفقراء.

والظاهر عدم دخول المنشئ للسفر كما صرح به في المنتهى وذلك غير بعيد.

قوله : «ويشترط في المستحقين الايمان الّا المؤلّفة لا العدالة على رأى» اما اشتراط الإيمان يعنى اعتقاد الاثني عشرية ، فهو إجماع الأصحاب ، قال في المنتهى :ذهب إليه علمائنا اجمع (لنا) أن الإمامة من أركان الدين وأصوله ، وقد علم ثبوتها من النبي صلّى الله عليه وآله ضرورة فالجاحد لها لا يكون مصدّقا للرسول صلّى الله عليه وآله في جميع ما جاء به فيكون كافرا فلا يستحقّ الزكاة.

وفيه تأمل ، لأنه يدل على كفر غيرهم (١) ، والظاهر انه لا يقول به في غير هذا الموضع ، والمنع ـ من كونه معلوما من الدين عندهم ـ قد يتوجّه ، ولو أخذ كلّيته فالكبرى ممنوعة.

وقال أيضا ولأنّ غير المؤمن محادّ لله ورسوله ، وإعطاء الزكاة مودّة له وذلك ـ غير جائز ـ لقوله تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ) (٢).

والمنع قد يتوجه هنا على صدق المحادّة والمودة (٣).

ويدل على المطلوب بعد الإجماع أخبار معتبرة كثيرة ، منها حسنة زرارة ،

__________________

(١) يعني لازم هذا الاستدلال الحكم بكفر غير الاثنى عشر من أي فرقة كانوا والعلامة لا يقول بذلك (انتهى).

(٢) المجادلة ـ ٢٢.

(٣) يعنى ان المحادة غير صادقة على من آمن بالله واليوم الأخر وأنكر الولاية ، وان مجرد إعطاء الزكاة لا يصدق عليه انه مودة.

١٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وبكير والفضيل ، ومحمد بن مسلم ، وبريد العجلي ، عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام انهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء ، الحرورية ، (١) والمرجئة (٢) ، والعثمانية (٣) ، والقدرية (٤) ثم يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رايه أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم صامه أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شي‌ء من ذلك قال : ليس عليه إعادة شي‌ء من ذلك ، غير الزكاة ، ولا بد أن يؤدّيها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها ، وانما موضعها أهل الولاية (٥). والظاهر منها صحّة عباداتهم ، وقد مر تحقيقها ومعناها ، وانهم لو أعطوا الزكاة حين كونهم مخالفين لأهل الولاية لا يعيدونها ، وانه يجوز لهم أخذها منهم.

ورواية عبد الله بن ابى يعفور قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ما تقول في الزكاة لمن هي؟ قال : هي لأصحابك ، قال قلت : فان فضل عنهم؟ فقال : فأعد عليهم ، قال : قلت : فان فضل عنهم؟ قال : فأعد عليهم ، قال : قلت : فان فضل عنهم؟ قال : فأعد عليهم ، قال : فقلت : فان فضل عنهم قال : فأعد عليهم ، قلت : فنعطي السّؤال (السائل خ) منها شيئا؟ قال : فقال لا والله الا التراب الّا ان ترحمه ، فان رحمته فأعطه كسرة ، فاومى بيده فوضع إبهامه على أصول

__________________

(١) حروري يقصر ويمدّ اسم قرية بقرب الكوفة نسب إليها الحرورية بفتح الحاء وضمها ، وهم الخوارج كان أول مجتمعهم فيها تعمقوا في الدين حتى مرقوا فهم المارقون (مجمع البحرين).

(٢) لقبوا به لأنهم يرجئون العمل عن النيّة يعني يؤخرونه في الرتبة عنها وعن الاعتقاد من ارجأه إذا أخره (بهجة الأمالي في شرح زبدة المقال) للعلامة الرجالي الحاج ملا على العليارى التبريزي ره ج ١ ص ١١٠.

(٣) وجه النسبة واضح ولعل التسمية في مقابل السليمانية وهم على ما في مقياس الهداية : القائلون بإمامة الشيخين وكفر عثمان منسوبون الى سليمان بن جرير.

(٤) وهم على ما في المجمع وغيره المنسوبون الى القدر ويزعمون ان كل عبد خالق فعله ولا يرون المعاصي والكفر بتقدير الله ومشيّته فنسبوا الى القدر لانه بدعتهم وضلالتهم وفي شرح المواقف قيل : القدرية هم المعتزلة لإسناد أفعالهم الى قدرتهم : (مقياس الهداية للمامقانى صاحب الرجال ص ٨٦).

(٥) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أصابعه (١).

وفي الطريق (٢) ، محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، وفيهما كلام.

ولعل النهي عن الزكاة فقط أو مخصوص بالنواصب لثبوت أخبار كثيرة (٣) معتبرة في جواز إعطاء كل من وقع في قلبك الرحمة ، وكذا سقى الماء.

بل يفهم من الاخبار جواز الإعطاء للكفار ، وكون دعائهم مستجابا في حقنا وان لم يستجب في حقهم.

يدل عليه صحيحة الحسن بن الجهم (الثقة) في الكافي ، عن ابى الحسن عليه السلام قال : لا تحقروا دعوة أحد ، فإنه يستجاب لليهوديّ والنصراني فيكم ، ولا يستجاب لهم في أنفسهم (٤).

ورواية عمر بن يزيد قال : سألته عن الصدقة على النصاب ، وعلى الزيدية؟ فقال : لا تصدق عليهم بشي‌ء ولا تسقهم من الماء ان استطعت ، وقال : الزيديّة هم النّصاب (٥).

وفي الطريق (٦) ، محمد بن عمر ، المشترك ، مع الإضمار ، ولعلّ المراد به النصاب من الزيديّة لا الكل أو أريد به معنى آخر.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٦ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) طريقه ـ كما في التهذيب ـ هكذا : محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عبد الله بن ابى يعفور.

(٣) كما تأتي جملة منها من الشارح قده عن قريب وكثير منها في الوسائل باب ٢١ من أبواب الصدقة فلاحظ.

(٤) الوسائل باب ٥٢ حديث ٤ من أبواب الدعاء من كتاب الصلاة.

(٥) الوسائل باب ٥ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٦) طريقه ـ كما في التهذيب ـ محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن عمر ، عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد.

١٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري (الثقة) عن الرضا عليه السلام قال : سئلته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف قال : لا ولا زكاة الفطرة (١).

وما في حسنة الوليد بن صبيح (الثقة) قال : قال لي شهاب بن عبد ربه إقرء أبا عبد الله عليه السلام عنى السلام وأعلمه إنه يصيبني فزع في منامي قال : فقلت له : ان شهابا يقرئك السلام ويقول لك : انه يصيبني فزع في منامي ، قال قل له : فليزك ماله ، قال : فأبلغت شهابا ذلك ، فقال لي : فتبلغه؟ عنى فقلت نعم ، فقال : قل له ان الصبيان فضلا عن الرجال ليعلمون أني أزكي مالي قال : فأبلغته ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : قل له : انك تخرجها ولا تضعها في مواضعها (٢).

وكأنّ فيها إشارة الى عدم توثيق ـ شهاب ـ لكن المصنف وثقة في ذكر إسماعيل بن عبد الخالق.

ويدل على الجواز بقيّة ما في رواية أبي بصير : فتعطيه ما لم تعرفه بالنصب فإذا عرفته بالنصب فلا تعطه الا ان تخاف لسانه فتشتري دينك وعرضك منه (٣) وما في رواية أبي نصر قال : سئلت الرضا عليه السلام عن الرجل له قرابة وموالي واتباع يحبّون أمير المؤمنين عليه السلام ، وليس يعرفون صاحب هذا الأمر أيعطون من الزكاة قال : لا (٤).

ورواية أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يكون عليه (له خ) الزكاة وله قرابة محتاجون غير عارفين أيعطيهم من الزكاة؟ فقال : لا ولا كرامة ، لا يجعل الزكاة وقاية لماله يعطيهم من غير الزكاة ان أراد (٥)

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ١٦ ذيل حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٥) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه أيضا تدل على جواز إعطائهم من غير الزكاة ، فمنع البعض ـ من إعطاء غير المؤمن مطلقا ـ بعيد ، ويمكن الحمل على الاعطائين من تلك الجهة.

وأيضا حسنة سدير الصيرفي (الذي فيه تأمّل) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟ فقال : نعم أعط من لا تعرفه بولاية ، ولا عداوة للحق ان الله عز وجلّ يقول (وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً) (١) ، ولا تطعم من نصب لشي‌ء من الحق أو دعا الى شي‌ء من الباطل (٢).

تحمل (٣) على العالم بذلك أو على تلك الجهة أو مخصوص بالرؤساء الذين يتقوون بالإعطاء فيكثرون.

ويدل على العموم ما روى ، عن ابى عبد الله عليه السلام انه سئل عن السائل يسئل ولا يدرى ما هو؟ فقال : أعط من وقعت له الرحمة في قلبك ، وقال : أعط دون الدرهم ، قلت : أكثر ما يعطى؟ قال : أربعة دوانيق (٤) وتدل على جواز إعطاء الكتابي رواية عمر وبن ابى نصر ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أهل السواد (البوادي ـ ئل) يقتحمون علينا وفيهم اليهود والنصارى ، والمجوس فنتصدق عليهم قال : نعم (٥).

ويدل عليه عموم كراهيّة ردّ السائل ، وفيه اخبار كثيرة ، مثل (فلو لا ان المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم) (٦).

وصحيحة محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر عليه السلام : أعط السائل ولو

__________________

(١) البقرة ـ ٨٣.

(٢) الوسائل باب ٢١ حديث ٣ من أبواب الصدقة من كتاب الزكاة.

(٣) يعني يحمل قوله عليه السلام : ولا تطعم من نصب لشي‌ء من الحق إلخ على احد هذه المحامل الثلاثة.

(٤) الوسائل باب ٢١ حديث ٤ من أبواب الصدقة.

(٥) الوسائل باب ٢١ حديث ٧ من أبواب الصدقة.

(٦) الوسائل باب ٢٢ ذيل حديث ٣ من أبواب الصدقة ، وصدره عن ابى عبد الله عليه السلام قال قال : رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تقطعوا على السائل مسئلة فلو لا إلخ.

١٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

كان على ظهر فرس (١). وفي رواية أخرى : يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل وفي أخرى قول على بن الحسين أعطوا السائل ولا تردوا سائلا (٢).

وفي أخرى : ما منع رسول الله صلى الله عليه وآله سائلا قط ان كان عنده اعطى والا قال : يأتي الله به (٣).

وأيضا يدل عليه عموم إطعام الطعام ، مثل ـ من موجبات مغفرة الرب إطعام الطعام ـ (٤).

وحسنة حماد بن عثمان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : من الايمان حسن الخلق وإطعام الطعام فتأمّل (٥).

وعنه صلى الله عليه وآله : خيركم من اطعم الطعام وأفشى السلام وصلى والناس نيام (٦).

وفي خبر آخر منع صلى الله عليه وآله من قتل أسير كافر لا طعامه الطعام (٧).

وفي آخر قال صلى الله عليه وآله الرزق أسرع الى من يطعم الطعام من السّكين في السنام (٨).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ و ٢ من أبواب الصدقة.

(٢) الوسائل باب ٢٢ حديث ٧ و ٩ من أبواب الصدقة وصدر الأول عن ابى جعفر عليه السلام قال : فيما ناجى الله عز وجل موسى عليه السلام قال : يا موسى أكرم إلخ.

(٣) الوسائل باب ٢٢ حديث ٤ من أبواب الصدقة.

(٤) الوسائل باب ٢٦ حديث ١٦ من أبواب آداب المائدة من كتاب الأطعمة والأشربة وباب ١٦ ـ حديث ١ ـ ٩ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف.

(٥) الوسائل باب ٢٦ حديث ٢ من أبواب آداب المائدة.

(٦) الوسائل باب ٢٦ حديث ٦ من أبواب آداب المائدة وباب ٢٩ حديث ٧ منها.

(٧) الوسائل باب ٤٧ حديث ٤ من أبواب الصدقة والحديث طويل فراجع.

(٨) الوسائل باب ٤٧ حديث ٥ من أبواب الصدقة وباب ١٦ حديث ٨ من أبواب فعل المعروف.

١٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

نعم لا شك أنه إلى المؤمن أفضل ، ويدل عليه مثل صحيحة هشام بن الحكم (الثقة) ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : من أحبّ الأعمال الى الله عز وجل إشباع جوعة المؤمن أو تنفيس كربته أو قضاء دينه (١).

وكذا ما يدل على ثواب سقى الماء ، مثل صحيحة معاوية بن عمار ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة ، ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان كمن أحيى نفسا ، ومن أحيى نفسا فكأنّما أحيى الناس جميعا (٢) وعن أمير المؤمنين عليه السلام : أول ما يبدء به في الآخرة صدقة الماء يعني في الأجر (٣).

ورواية أخرى ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ان الله تبارك وتعالى يحبّ إيراد الكبد الحرى ، ومن سقى كبدا حرى من بهيمة أو غيرها اظله الله يوم لا ظل الّا ظله (٤).

وكذا ما يدل على حسن الجود والسخاء وقبح ضدهما ، مثل ما في الفقيه : قال الصادق خياركم سمحائكم ، وشراركم بخلائكم (٥).

وقال عليه السلام شابّ سخّي مرهق في الذنوب أحبّ الى الله عز وجلّ من شيخ عابد بخيل (٦).

وروى : ان الله تعالى أوحى الى موسى عليه السلام أن لا تقتل السامري فإنه سخّي (٧) وقال النبي صلى الله عليه وآله : من ادى ما افترض الله عليه فهو

__________________

(١) الوسائل باب ٤٧ حديث ٣ من أبواب الصدقة.

(٢) الوسائل باب ٤٩ حديث ٣ من أبواب الصدقة.

(٣) الوسائل باب ٤٩ حديث ١ من أبواب الصدقة.

(٤) الوسائل باب ٤٩ حديث ٥ من أبواب الصدقة.

(٥) الوسائل باب ٥٠ حديث ٢ من أبواب الصدقة.

(٦) الوسائل باب ٢ حديث ٥ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٧) الوسائل باب ٢ حديث ٦ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

١٧٢

لا العدالة على رأى.

______________________________________________________

أسخى الناس (١).

وكذا عموم ما يدل عليه الصدقة.

وبالجملة ، الأخبار الدالة على ذلك كثيرة.

واما عدم اشتراط الايمان بل الإسلام في المؤلّفة ، فقد مرّ انهم الكفار.

واما عدم اشتراط العدالة فللأصل وعموم الآية والاخبار المتقدمة واختاره المصنف في المنتهى قال : وقد اختلف علمائنا في اشتراطها فاشترط الشيخ والسيد المرتضى إلا في المؤلفة واقتصر المفيد وابنا بابويه وسلار رحمهم الله على الايمان ، ولم يشترطوا العدالة ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ومالك واحمد وهو الأقرب ، واعتبر آخرون من علمائنا مجانبة الكبائر ، احتج السيد المرتضى رحمه الله بالإجماع والاحتياط ، وما ورد في القرآن والاخبار من المنع من معاونة الفاسق ، ولما (٢) رواه داود الصرمي قال :سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا؟ فقال : لا (٣) ولا قائل بالفرق ، وهذه حجّة على من عوّل على اشتراط مجانبة الكبائر ، والجواب أنّ الإجماع لا يتحقق مع وجود الخلاف ـ من عظماء العلماء ـ والاحتياط لا يعمل به خصوصا إذا عارض عمومات القرآن ، والاخبار والمنع من معاونة الفاسق محمول على معاونته على فسقه (٤).

ويحتمل الحمل على حيثيّة الفسق كما هو مقتضى اعتبار الحيثيات والحكم

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٧ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٢) ظاهره ان السيد ره احتج بهذا الحديث ، وليس كذلك فان كلام السيد كما في الانتصار هكذا : مسئلة ، ومما انفردت به الإماميّة القول بأن الزكاة لا تخرج الى الفساق وان كانوا معتقدين الحق ، وأجاز باقي الفقهاء ان تخرج الى الفساق وأصحاب الكبائر (دليلنا) على صحّة مذهبنا الإجماع المتردّد وطريقة الاحتياط واليقين ببراءة الذمة أيضا لأن إخراجها الى من ليس بفاسق مجز بلا خلاف وإذا أخرجها إلى الفاسق فلا يقين ببراءة الذمة منها ، ويمكن ان يستدل على ذلك بكل ظاهر من قرآن أو سنة مقطوع بها يقتضي النهي عن معونة الفساق والعصاة وتقويتهم ، وذلك كثير (انتهى كلامه رفع مقامه.

(٣) وسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) إلى هنا كلام المصنف في المنتهى مع اختلاف يسير جدا.

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

على المشتقات فتأمّل.

وحديث (١) داود ضعيف لعدم صحّة السند اليه ، وطريقه الى محمد بن عيسى غير ظاهر (٢) مع ان فيه شيئا ، وداود غير موثق أيضا ، نعم الطريق اليه صحيح ـ في الكافي (٣) ـ ولا يضر محمد بن عيسى كما عرفت الا ان داود غير موثق.

وانها ما تدلّ على مذهب السيد ، بل الآخرون القائلون بالفرق الا ان يريد بالعدالة هنا اجتناب الكبائر فقط ، كما نقل عن الشهيد انها هيئة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى بحيث لا يقع منه كبيرة ولا يصرّ على صغيرة ، ولم يعتبر فيها المروّة كما اعتبروها في غير هذا المحلّ ويؤيده ان دليله لا يدل على أكثر من ذلك بل لا يدل الا على عدم إعطاء فاعل الكبيرة بل لا تدل الرواية الّا على مذهب مانع شارب الخمر القائل بالفرق فقط ، وبضم الآيات والاخبار التي أشار إليها السيد (٤) ، والقياس ، يدل على منع فاعل الكبيرة.

ومع ذلك لا تدل على اشتراط الملكة والهيئة الراسخة التي اعتبروها في العدالة إلا بدعوى عدم القائل بالفرق ، فتأمّل.

نعم لا شك ان إعطاء العدل اولى ، قال في المنتهى : نعم ما قاله السيد المرتضى اولى للتخلّص من الخلاف ، ولان غير الفاسق أشرف منه وأولى بالمعاونة

__________________

(١) يعنى الحديث الذي استدلّ به المصنف في المنتهى من طرف السيد المرتضى رحمه الله كما هو دأبه كثيرا على ما صرّح هو رحمه الله به في أول المختلف ـ ضعيف فلا تغفل وقد صرّح هو ره بهذا التضعيف في المنتهى حيث قال وحديث داود ضعيف لعدم السند اليه (انتهى).

(٢) ولكن في آخر رجال المامقاني ره نقلا من رجال الحاج محمد الأردبيلي رحمه الله أن طريق الشيخ ره الى محمد بن عيسى الطلحي مجهول في الفهرست والى محمد بن عيسى اليقطيني صحيح في الفهرست (انتهى) والظاهر هنا هو الثاني والله العالم.

(٣) طريقه في الكافي هكذا : على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن داود الصرمي.

(٤) قد نقلنا آنفا عين كلام السيد رحمه الله فلاحظ.

١٧٤

ويعطى أطفال المؤمنين دون غيرهم.

______________________________________________________

(انتهى).

ولعلّ دليل جواز إعطاء أطفال المؤمنين ، الإجماع والعمومات ، وظهور دفع الحاجات فلا شك في دخولهم في السبيل (١).

وحسنة أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يموت ويترك العيال أيعطون من الزكاة؟ قال : نعم حتى ينشأوا ويبلغوا ويسئلوا من اين كانوا يعيشون إذا قطع (٢) ذلك عنهم ، فقلت : انهم لا يعرفون ، قال : يحفظ فيهم ميّتهم ويحبّب إليهم دين أبيهم (٣) فلا يلبثون أن يهتمّوا بدين آبائهم ، فإذا بلغوا وعدلوا الى غيركم فلا تعطوهم (٤).

ورواية ابى خديجة ، عن ابى عبد الله عليه السلام ، قال : ذريّة الرجل المسلم إذا مات يعطون من الزكاة والفطرة كما كان يعطى أبوهم حتى يبلغوا ، فإذا ، بلغوا وعرفوا ما كان أبوهم يعرف أعطوا ، وان نصبوا لم يعطوا (لا يعطوا خ ل) (٥).

وفيها دلالة على جواز الفطرة أيضا وعدم الإعطاء الى غير المؤمن.

وانه يريد المسلم المؤمن ، وبالناصب المخالف ، قال في المنتهى : يجوز ان يعطى أطفال المؤمنين وان كان آبائهم فساقا ، اختاره السيد المرتضى في الطبريات والشيخ أبو جعفر الطوسي في التبيان ، وهو حسن.

وقال فيه : ولا يشترط عدالة الأب (انتهى).

__________________

(١) يعني (في سبيل الله) بناء على كون المراد مطلق سبيل الخير كما اختاره الشارح قده.

(٢) متعلق بالسؤال ، فإن ذلك يوجب محبة منهم للشيعة ولمذهبهم لما كان تعيشهم من مالهم ثم يحبب إليهم ويعرض عليهم دين أبيهم اعنى التشيع ، فان كانوا اختاروا ، والا يقطع عنهم فتأمّل ـ محمد باقر (المجلسي) ـ هكذا في حاشية التهذيب المطبوع.

(٣) أي يعطي الأطفال حفظا لشأن أبيهم المؤمن ، فإن حفظ حرمة الميّت كحفظ حرمة الحي وقوله عليه السلام : فلا يلبثوا ان يهتموا ـ اى لا يتوقوا في الاهتمام بدين أبيهم ، بل يتلقون بالقبول إذا انشأوا فيه (حبل المتين) كذا في حاشية الكافي المطبوع.

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٥) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٧٥

ويعيد المخالف لو اعطى مثله.

وان لا يكونوا واجبي النفقة ـ كالأبوين وان علوا ، والأولاد وان نزلوا ، والزوجة ، والمملوك ـ من سهم الفقراء ، ويجوز من سهم غيرهم.

______________________________________________________

الظاهر عدم اشتراطها أيضا للعموم ، فتأمّل.

وقال أيضا : يدفع الى وليّ الطفل لأنه المتولي لأمره سواء كان رضيعا أو لا أكل الطعام أو لا ، لان الرضيع أيضا محتاج إلى الكسوة وحق الرضاع والحضانة.

قال : ويجوز ان يدفع اليه وان كان مراهقا (انتهى).

وليس ببعيد مع رشده وعدم الوليّ ، ومع عدم الوليّ ينبغي القبض لهم لآحاد العدول ، ومن يوثق به خصوصا من يعبأ به مع الوثوق ، فيكون النيّة عند قبضهم وعند الإخراج أيضا ، وكأنهم وكيلهم ووليّهم في ذلك باذن الحاكم لما اذن بالقبض ، ومع وجود الحاكم تعيّن الولي ، ومع التعذر يفعل ما مر (١).

وظاهر الأصحاب عدم إعطاء أطفال المخالفين كآبائهم ، وكذا الروايات.

ولعلّه ، لان حكمهم حكم الآباء كما في المؤمن والمشرك ، ولا يبعد الإعطاء ـ على تقدير تعذر الغير ـ من سهم سبيل الله.

والظاهر انه لو أطعمهم (٢) من الزكاة لا يحتاج الى القابض والولي كما في الكفارة ، بل يحسب ما أكلوه من الزكاة ، ويمكن كون النيّة عند الوضع عندهم ، أو الوضع في الفم ، وعند الأخذ ، وعند المضغ ، وعند البلع ، والظاهر ان قصد الزكاة عند ذلك يكفي فتأمّل.

قوله : «ويعيد المخالف إلخ» قد مرّ دليله وهو ظاهر.

قوله : «وان لا يكونوا واجبي النفقة إلخ» قد مر دليله ، وهو إجماعي أيضا ، قال في المنتهى : وهو قول كل من يحفظ عنه العلم (انتهى) وان الذين يجب

__________________

(١) يعني إذا فرض وجود الحاكم يكون الحاكم وليا لهم ومع عدم الوصول اليه يكون لآحاد العدول إلخ.

(٢) يعني لو أطعم أطفال المؤمنين.

١٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

نفقتهم ، هم المملوك ، والزوجة ، والأولاد ، وان نزلوا ، والآباء وان علوا.

ولرواية (١) زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : في الزكاة يعطى منها الأخ ، والأخت ، والعم ، والعمة ، والخال ، والخالة ، ولا يعطى الجدّ ولا الجدّة (٢) ، وليس (٣) له سبب الا وجوب النفقة ويدل عليه ما في صحيحة عبد الرحمن المتقدمة (٤) ـ في التهذيب ـ الدالة على عدم إعطاء الولد وغيره ، وذلك لأنهم عياله ، لازمون له.

ويدل عليه أيضا رواية إسحاق بن عمار ، عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال : قلت له : لي قرابة أنفق على بعضهم وأفضّل بعضهم على بعض فيأتيني إبّان (٥) الزكاة (إلى قوله) فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا احتسب الزكاة عليه؟ قال : أبوك وأمك قلت : ابى وأمي؟ قال : الوالدان والولد (٦).

ومعلوم ان المراد هو من سهم الفقراء كما قاله في المتن ، فقوله : من سهم الفقراء قيد للكلّ ، ويحتاج الى التقدير ، أي إذا كان المعطى من سهم الفقراء ونحوه.

ويفهم منه جواز الإعطاء لسائر الأقارب وعدم وجوب نفقتهم في الجملة.

ويجوز ـ إعطائهم لو لم يجب عليه ـ ما يكفيهم لقلّة ماله ، واشتراط الغنى.

ويمكن ان يحمل عليه رواية عمران بن إسماعيل بن عمران القمي ، قال :

كتبت الى ابى الحسن الثالث عليه السلام : إنّ لي ولدا رجالا ونساء أفيجوز لي أن

__________________

(١) عطف على قوله ره : إجماعي.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) يعني ليس نفي جواز الإعطاء للجد والجدة إلا كونهما واجبي النفقة في الجملة.

(٤) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٥) ابان الشي‌ء بالكسر والتشديد ، وقته يقال : كل الفواكه في ابّانها ، ومنه فيأتيني إبان الزكاة (مجمع البحرين).

(٦) أورد صدره في الوسائل باب ١٥ حديث ٢ وذيله باب ١٣ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أعطيهم من الزكاة شيئا؟ فكتب عليه السلام : ان ذلك جائز لك (١).

قال المصنف : انه مخالف للإجماع ، فلا بدّ من التأويل ، وحملها عليه ـ تارة ـ وعلى المندوبة ـ أخرى ـ وعلى غير الولد الحقيقي بل الأقارب ـ أخرى.

ويؤيد الأول (٢) رواية ابى خديجة ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا تعط من الزكاة أحدا ممن يعول ، وقال : إذا كان لرجل خمسمائة درهم ، وكان عياله كثيرا ، قال : ليس عليه زكاة ينفقها على عياله يزيدها في نفقتهم ، وفي كسوتهم ، وفي طعام لم يكونوا يطعمونه ، وان لم يكن له عيال وكان وحده فليقسمها في قوم ليس بهم بأس ، اعفّاء عن المسألة لا يسئلون أحدا شيئا ، وقال : لا تعطين قرابتك الزكاة كلها ، ولكن أعطهم بعضها واقسم بعضها في السائر المسلمين وقال : الزكاة تحلّ لصاحب الدار والخادم ، ومن كان له خمسمائة درهم بعد ان يكون له عيال وتجعل زكاة الخمسمائة زيادة في نفقة عياله يوسع عليهم (٣).

وبعض الاحكام فيها محمول على الاستحباب.

وأيضا معلوم انه يجوز إعطائهم من غير سهم الفقراء ، واليه أشار بقوله قده : (ويجوز من سهم غيرهم) اى من سهم غير الفقراء.

وانه لا يجوز لغير من وجب نفقتهم عليه أيضا إعطائهم من سهم الفقراء مع كون المنفق غنيّا باذلا ، إذ ليس ذلك بأقلّ من الكاسب القادر على القوت ، نعم يمكن الإعطاء من غير حصّة الفقراء كالمنفق ، وكذا ان كان المنفق فقيرا.

ولو كان المنفق مالكا أو زوجا مع عجزها ، ولا يكلف بالطلاق والبيع ، لو أمكن الزكاة من حصّة الفقراء أو من المصالح.

وكذا لو كان غنيّا غير باذل مع عدم إمكان التحصيل منه للضرورة ، إذ

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب المستحقين.

(٢) يعنى الحمل الأول.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٦ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٧٨

وان لا يكون (لا يكونون خ) هاشميّا إذا لم يكن المعطى منهم.

______________________________________________________

لا يمكن إضرار جماعة لوجوب نفقتهم على غيرهم ومؤاخذتهم بذنب من يجب عليه ، وهو ظاهر نعم لو تمكن الحاكم يأخذ منه قهرا أو يبيع مملوكه أو يأمر بالبيع أو الطلاق أو الإنفاق.

وعلى تقدير عدم فعله ، فالظاهر أنّه يأخذ من ماله ، فان لم يمكن فيبيع ، ويمكن الطلاق أيضا ، وفيه تأمل ، فتأمّل.

ولا شك في جواز الإعطاء لغير من تجب نفقته عليه من الأقارب للخبر (١) وإجماعنا ، بل أفضل من غيره ، قال في المنتهى : انه قول أكثر أهل العلم ، ونقل عن أحمد في إحدى روايتيه.

وكذا كل من كان في عائلته ممّن لا تجب نفقته ، يجوز إعطائه له كيتيم أجنبيّ أو قريب ، ونقل هنا الخلاف أيضا عن أحمد في إحدى الروايتين عنه.

قوله : «وان لا يكون هاشميا إلخ» الظاهر أنّ هذا الشرط عام الّا انه قد جوّز البعض كون العامل منهم ، لأنّ ما أخذه أجر العمل لا الزكاة أو الصدقة وأوساخ الناس.

وفيه أن العمل لا يخرج المأخوذ عن كونه تلك ، والعامّ الدالّ على عدم الإعطاء يدل على الجميع ، وليس أخذهم لها من المستحقين تبرعا أو عوضا عن مال أو عمل لهم كذلك لأنها غير مأخوذة على وجه الزكاة ، وليسوا حينئذ داخلين في مستحقيها وأصنافها ، إذ المراد منعها من حيث هي زكاة وهو ظاهر ، بخلاف الأوّل ، ومع ذلك لا يبعد أولويّة الاجتناب حينئذ.

واما الدليل عليه فالظاهر أنه الإجماع من المسلمين في الجملة ، قال في المنتهى : وقد اجمع علماء الإسلام على ان الصدقة المفروضة من غير الهاشمي محرمة على الهاشمي ، ثم استدلّ بالروايات من طرقهم ومن طرقنا مثل صحيحة عيص بن القاسم ، عن ابى عبد الله عليه السلام ، قال : ان أناسا من بنى هاشم أتوا رسول الله

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

صلى الله عليه وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله عز وجل للعاملين عليها ، فنحن أولى به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا بنى عبد المطلب (هاشم خ ل ئل) إنّ الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم ولكني قد وعدت الشفاعة ، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : (والله خ) أشهد (اشهدوا خ ل) لقد وعدها ، فما ظنكم يا بنى عبد المطلب؟ إذا أخذت بحلقة باب الجنة أتروني مؤثرا عليكم غيركم (١).

وحسنة محمد بن مسلم وابى بصير وزرارة ، عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام قالا : قال : رسول الله صلى الله عليه وآله : ان الصّدقة أوساخ أيدي الناس ، وان الله قد حرّم عليّ منها ومن غيرها ما قد حرمه ، وان الصدقة لا تحلّ لبني عبد المطلب ، ثم قال : اما والله لو قد قمت على باب الجنة ، ثم أخذت بحلقته لقد علمتم أنّى لا أوثر عليكم فارضوا لأنفسكم بما رضى الله ورسوله لكم ، قالوا : رضينا (٢).

وصحيحة ابن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا تحلّ الصدقة لولد (لبني خ ل يب) العباس ، ولا لنظرائهم من بنى هاشم (٣).

والظاهر عدم تحريم الزكاة الواجبة لبعضهم على بعض ، قال في المنتهى : ولا تحرم صدقة بعضهم على بعض ، وعليه فتوى علمائنا خلافا للجمهور (انتهى).

والظاهر ان دليله إجماعنا مع عموم آية الزكاة واخبارها ، وتخصيص اخبار المنع بزكاة غيرهم كما يشعر به لفظة (أوساخ أيدي الناس) بالإجماع.

ولصحيحة الحلبي ـ في الفقيه عنه ـ : أي ابى عبد الله عليه السلام ـ إنّ فاطمة جعلت صدقتها لبني هاشم وبنى عبد المطّلب فتأمّل (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٢٩ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) الوسائل باب ٣٢ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٨٠