مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مؤيدا بالأخبار الأخر وان لم تكن صحيحة ، مثل رواية زرارة ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : قلت له : صدقات بنى هاشم بعضهم على بعض تحلّ لهم؟ فقال : نعم ان صدقة الرسول صلى الله عليه وآله تحلّ لجميع الناس من بنى هاشم وغيرهم ، وصدقات بعضهم على بعض تحلّ لهم ولا تحلّ لهم صدقات انسان غريب (١).

والطريق (٢) الى على بن الحسن بن فضال غير صحيح مع الكلام فيه.

وغيرها من الروايات ، (٣) ، ولكن الظاهر انها أوضحها سندا ودلالة فاقتصرنا عليها مع الإجماع.

وأيضا الظاهر اختصاص التحريم بالواجبة ، قال في المنتهى : ولا تحرم عليهم الصدقة المندوبة ذهب إليه علمائنا ، وهو قول أكثر أهل العلم.

ويدل عليه الأصل وعموم أدلّة الصّدقات ، وقد مرّ أكثرها.

واستدل في المنتهى بعموم ـ (وَتَعاوَنُوا) (٤) ـ ، وبوقف علىّ وفاطمة عليهما السلام على بنى هاشم (٥) ، والوقف صدقة ، وبأنه لا خلاف في جواز معاونتهم والعفو عنهم وغير ذلك من وجوه المعروف وقد قال عليه السلام كل معروف صدقة (٦) روى في الفقيه بغير اسناد بقوله : ـ قال عليه السلام ـ مثل المذكور.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٢ حديث ٦ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) طريق الشيخ الى على بن الحسن بن فضال كما في مشيخة التهذيب هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب ، عن على بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر سماعا واجازة عن على بن محمد بن الزبير ، عن على بن الحسن بن فضال ، وطريقه الى زرارة كما في التهذيب هكذا : على بن الحسن بن فضال ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة.

(٣) لاحظ الوسائل باب ٣٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) المائدة ـ ٢.

(٥) راجع الكافي كتاب الوصايا باب ٣٥ صدقات النبي صلى الله عليه وآله وفاطمة والأئمة عليهما السلام ووصاياهم.

(٦) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف وباب ٤١ حديث

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

ومن ذلك ما روى ـ مسندا في الكافي ـ عن ابى الحسن الأوّل عليه السلام قال : من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقراء شيعتنا ، ومن لم يستطع ان يزور قبورنا فليزر قبور صلحاء إخواننا (١).

وقال في الفقيه : سئل الصادق عليه السلام ، عن قول الله عز وجل (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (٢) ، قال : نزلت في صلة الإمام عليه السلام (٣) وقال عليه السلام : درهم يوصل به الامام عليه السلام أفضل من ألف ألف درهم في غيره في سبيل الله (٤).

وقال الصادق عليه السلام : من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شيعتنا (موالينا خ ل) يكتب له ثواب صلتنا ، ومن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا (٥).

وكذا قال في الكافي مسندا ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صنع الى أحد من أهل بيتي يدا كافيته به يوم القيمة (٦) وكذا فيه وفي التهذيب بالإسناد وفي الفقيه بغيره ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : انا شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاءوا بذنوب أهل الدنيا ، رجل نصر ذريتي ، ورجل بذل ماله لذريّتي عند الضيق ، ورجل أحبّ ذريتي باللسان والقلب ، ورجل سعى في حوائج ذريّتي إذا طردوا

__________________

من أبواب الصدقة.

(١) الوسائل باب ٩٧ حديث ٥ من أبواب المزار من كتاب الحج وباب ٥٠ حديث ١ من أبواب الصدقة.

(٢) الحديد ـ ١١.

(٣) كتاب من لا يحضره الفقيه باب ٢٠ ـ ثواب صلة الامام عليه السلام ـ حديث ١ من كتاب الزكاة.

(٤) الفقيه باب ٢٠ ـ ثواب صلة الامام عليه السلام ـ خبر ٢ من كتاب الزكاة.

(٥) الوسائل باب ٥٠ حديث ٣ من أبواب الصدقة.

(٦) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف.

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أو شرّدوا (١).

وأيضا قال في الفقيه : قال الصادق عليه السلام : إذا كان يوم القيمة نادى مناد : يا معشر الخلائق أنصتوا ، فإن محمدا صلى الله عليه وآله يكلّمكم فتنصت الخلائق فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول : يا معشر الخلائق ، من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى اكافيه ، فيقولون : بآبائنا وأمهاتنا وأىّ يد ، واىّ منة ، واى معروف لنا؟ بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق فيقول لهم : بلى ، من آوى أحدا من أهل بيتي أو برّهم أو كساهم من عرىّ أو أشبع جائعهم ، فليقم حتى أكافيه فيقوم أناس قد فعلوا ذلك ، فيأتي النداء من عند الله تعالى : يا محمد حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت ، قال : فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم (٢).

ولا يبعد دخول كل شيعة فيه ، لما مرّ في الخبر السابق أن فعل المعروف إليهم مثله الى الامام عليه السلام ، وهو أعظم أهل بيته صلوات الله عليه وعليهم.

وأيضا قال في الفقيه ـ مع ضمان الصدوق صحّة ما فيه (٣) ـ : أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وآله (٤).

ولا يضر عدم صحّة الإسناد ، لما سمعت من إجماع المسلمين والاخبار (٥) على وصول ثواب العمل المنقول وان لم يكن في الواقع كذلك لكرمه.

هذا ، ولكن قال في المنتهى : ـ في جواب احتجاج مجوز الصّدقة المندوبة له

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٢ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ٣ من أبواب فعل المعروف.

(٣) حيث قال قده في مقدمة الكتاب : ولم اقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما افتى به واحكم بصحته واعتقد فيه انه حجة فيما بينى وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته (انتهى)

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب فعل المعروف.

(٥) راجع الوسائل باب ١٨ من أبواب مقدمات العبادات.

١٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه السلام أيضا ـ بأنه كان يقترض ، ويقبل الهديّة ، وكل ذلك صدقة لقوله عليه السلام : كلّ معروف صدقة (١).

وفيه نظر ، لأنّ المراد بالصدقة المحرمة ما يدفع من المال الى المحاويج على سبيل سدّ الخلّة ، ومساعدة الضعيف طلبا للأجر ، لا ما جرت العادة بفعله على سبيل التودّد كالهدية والقرض ، ولهذا لا يقال للسلطان ـ إذا قبل هديّة بعض رعيته انه تصدق منه ، وحينئذ يضر في الاستدلال ببعض ما مرّ ، تأمّل.

ويمكن ان يقال : الخبر ـ المنقول في الفقيه المضمون ـ مع الشهرة ، يفيد العموم ويخرج ما علم كونه غير الصدقة ويبقى الباقي ، فتأمّل.

ويمكن الاستدلال أيضا ، بما تقدم في صحيحة الحلبي (٢) لأنها أعم من المندوبة والواجبة ، وفيها وفيما تقدم أن الكلام في المندوب عن غير الهاشمي ، فلا حجّة في صدقة أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا في صدقتها عليها السلام ، ولان الفعل المثبت لا عموم له كما ثبت في الأصول.

ويدل عليه أيضا من الروايات مثل رواية جعفر بن إبراهيم الهاشمي عن ابى عبد الله عليه السلام قال : قلت له : أتحلّ الصدقة لبني هاشم؟ فقال : انما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحلّ لنا ، فامّا غير ذلك فليس به بأس ، ولو كان كذلك ما استطاعوا ان يخرجوا إلى مكة هذه المياه عامتها صدقة (٣).

فان كان جعفر ، هو الواصل الى جعفر بن ابى طالب ، فالخبر صحيح ، وان كان غيره فغير مذكور.

وأيضا صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ـ الثقة ـ عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال : لو حرمت علينا الصدقة لم يحلّ لنا ان نخرج مكة ، لأن كل ماء

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب فعل المعروف وباب ٤١ حديث ١ من أبواب الصدقة.

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٣١ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٨٤

وهم أولاد أبي طالب ، والعباس ، والحارث ، وابى لهب.

______________________________________________________

بين مكة والمدينة فهو صدقة (١) ومعلوم تحريم الواجبة فتحمل على المندوبة ، ويؤيّده قوله عليه السلام : ـ لأن إلخ ـ وفيها دلالة على عموم معنى الصدقة.

وفي رواية زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سئلته عن الصدقة التي تحرم (حرمت خ ل) عليهم ، فقال : هي الصدقة (الزكاة خ ل) المفروضة ، ولم يحرم علينا صدقة بعضنا على بعض (٢) وينبغي الاجتناب خصوصا عن الزكاة المندوبة ، وما سمّى صدقة ويصدق عليه ما عرف به من كلام المصنف في المنتهى من تعريفها ، وكذا عن الواجبة بنذر ونحوه بالطريق الاولى لعموم بعض الاخبار وان لم يصدق عليها الصدقة المفروضة عرفا ، فتأمّل.

وبالجملة ، الظاهر انه لا خلاف في تحريم الزكاة الواجبة ـ بأصل الشرع ـ عليهم ، ولا في جواز الصدقة المندوبة ، قال في المنتهى : قد اجمع علماء الإسلام على تحريم الزكاة على من ولده عبد المطلب إلخ ، وقال أيضا : لا تحرم عليهم الصدقة المندوبة ، ذهب إليه علمائنا ، وهو قول أهل العلم انما الخلاف في الواجبة بالنذر ونحوه ، وسيجي‌ء تحقيقه في باب الصدقة إنشاء الله (انتهى).

وأيضا قال في المنتهى : وقد اجمع علماء الإسلام على تحريم الزكاة على من ولده عبد المطلب ، وهم الآن بنو ابى طالب من العلويين ، والجعفريين ، والعقيليين ، وبنو العباس ، وبنو الحارث ، وبنو ابى لهب ، لقوله عليه السلام : لا يحلّ لي ، ولا لكم يا بنى عبد المطلب (٣) ، وقوله عليه السلام : لا تحلّ لبني عبد المطلب (٤) ، وقول الصادق عليه السلام : ولا تحلّ لولد العبّاس ونظرائهم من بنى هاشم (٥) ، ثم قال : ولا نعرف خلافا في تحريم الزكاة على هؤلاء واستحقاقهم الخمس.

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) قد مر نقل مواضع هذه الأحاديث آنفا فراجع.

(٤) قد مر نقل مواضع هذه الأحاديث آنفا فراجع.

(٥) قد مر نقل مواضع هذه الأحاديث آنفا فراجع.

١٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد وقع الخلاف في بني المطلب ـ وهو عم عبد المطلب ـ وقال المفيد في رسالته الغرية : انهم يدخلون في حكم بنى عبد المطلب ، فلا تحلّ لهم الزكاة ، ولهم الأخذ من الخمس ، وبه قال : الشافعي وقال أكثر علمائنا : لا يدخلون ، ويجوز لبني المطلّب الأخذ من الزكاة ولا يستحقون الخمس (انتهى) ودليل الأكثر عموم الأدلّة من الآيات والاخبار الدالة على استحقاق الكل للزكاة وخرج منها بنو عبد المطلب بالإجماع والاخبار فبقي الباقي تحتها.

وأيضا تخصيص بنى عبد المطلب وبنى هاشم بالذكر في الاخبار مشعر به سيّما ما مر من قوله عليه السلام ـ لولد العباس ولنظرائهم من بنى هاشم.

والشهرة وزيادة اختصاص بنى هاشم به صلى الله عليه وآله ، وعدم الفرق (١) بين بنى المطلب وبنى عبد الشمس وغيرهم ، مؤيّد.

ودليل الشيخ المفيد كأنّه القرابة المشتركة ، ورواية زرارة عن ابى عبد الله عليه السلام (في حديث) ثم قال عليه السلام : انه لو كان العدل ما احتاج هاشمي ، ولا مطلبي إلى صدقة ، ان الله عز وجلّ جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ، ثم قال : ان الرجل إذا لم يجد شيئا حلّت له الميتة ، والصدقة لا تحلّ لأحدهم الّا ان لا يجد شيئا ويكون ممن تحلّ له الميتة (٢).

وما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله : انه قال : انا وبنو المطلب لم يفرق في الجاهليّة ، ولا الإسلام ، ونحن وهم شي‌ء واحد ، وشبك بين أصابعه (٣).

وبهما تخصيص تلك العمومات ، ولا يضر تركهم في بعض الروايات بعد وجودهم في هذه في الروايتين.

__________________

(١) يعنى لو كان بنو المطلب بحكم بنى عبد المطلب للزم عدم الفرق بين بنى المطلب وبنى عبد الشمس لاشتراك الطائفتين في القرابة مع ان بنى عبد الشمس لا يدخلون في حكم بنى عبد المطلب عند الأصحاب.

(٢) الوسائل باب ٣٣ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) كنز العمال ج ٧ ص ١٤٠ ـ الرقم ١٢٣٧.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والجواب عن القرابة ظاهر ، للمنع من استلزامها ذلك (١) ، ولو صحّ للزم ذلك في نظائرهم من بنى عبد الشمس وغيرهم ، ولزيادة الاختصاص ببني هاشم (٢).

وعن الخبر الأوّل بمنع صحّة السند ، فان الطريق الى على بن الحسن بن الفضال (٣) غير واضح مع القول فيه بأنه فطحي ، ويمكن حمله على التقيّة أيضا مع إجمال مّا في المتن.

وعن الثاني بذلك ، فان الطّريق غير معلوم ، بل الإسناد أيضا (٤) ، وبمنع الدلالة أيضا ، إذ المشابهة والاتحاد قد يكون المراد بهما في غير ذلك فتأمّل.

فبقي عمومات الكتاب والسنة مثل ـ (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) (٥) ـ لعدم صلاحية الخبرين لتخصيصها مع ما ثبت من تخصيص آية الخمس واخباره ببني عبد المطلّب ويرجّحه الأصل والشهرة ، فتأمّل فيه ، فإنه من المشكلات.

واما اشتراط كونهم منسوبا الى الهاشم بالأب لا الأم فقط ففيه نظر.

(والكثرة) (٦) ، والشهرة ، وعموم آية الزكاة واخبارها ، (ودعوى) ان النسبة بالأب حقيقة وبالأم مجاز ، (والتبادر) من ابن فلان وبنى فلان الى الفهم ، المنسوب إليهم بالأب ، (وكذا) قول الشاعر : بنونا بنوا أبنائنا ، و (كذا) قوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) (٧) ، مع ورود ما دل على منع بنى عبد المطلب وبنى هاشم من

__________________

(١) إشارة الى ان مطلق القرابة غير كاف لعدم استحقاق بني نوفل وبنى عبد الشمس مع مساواتهم لبني المطلب في القرابة كما قاله في المنتهى ـ كذا في هامش بعض النسخ المخطوطة ـ.

(٢) لعل المراد ان زيادة الاختصاص لبني هاشم بذكرهم بالخصوص قرينة عدم كفاية مطلق القرابة في حرمة الصدقة على القرابة المطلقة.

(٣) تقدم آنفا نقل طريق الشيخ الى على بن الحسن بن فضال فراجع.

(٤) يعنى كون الخبر مسندا أيضا غير معلوم لاحتمال الإرسال.

(٥) التوبة ـ ٦٠.

(٦) مبتدا وخبره قوله قده : دليل المذهب المشهور.

(٧) الأحزاب ـ الآية ٥.

١٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الزكاة واختصاصهم بالخمس وأمثاله ، (وما) في الرواية الطويلة ـ في باب ـ الخمس ، عن العبد الصالح ابى الحسن عليه السلام : ومن كان امه من بنى هاشم وأبوه من سائر قريش فإن الصدقة تحلّ له وليس له من الخمس شي‌ء لأنّ الله يقول : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) (١).

(دليل) المذهب المشهور بين الأصحاب ، ونقل ذلك في المنتهى عن الجمهور أيضا.

وفيه تأمّل لأن المشهور عنهم ان الحسنين عليهما السلام السيدان لأنهما عليهما السلام ولداه صلى الله عليه وآله.

ودليل السيّد على عدم الاشتراط أنّ النسبة بالأمّ تكفي كما في آية المباهلة (٢) : (وأبنائنا) ، قال في مجمع البيان : أجمع المفسرون على ان المراد ب (أبنائنا) ، الحسن والحسين عليهما السلام ، قال أبو بكر الرازي : هذا يدلّ على أنّ الحسن والحسين ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنّ ولد الابنة ولد حقيقة ، (وكذا) الآيات والاخبار الدالّة على أحكام الإرث والنّكاح ، بل ظاهر آية الخمس وأكثر أخباره ، (وكذا) كلامهم في أحكام الإرث والنكاح وغيره تدل على الإطلاق ، (وقوله) صلى الله عليه وآله للحسنين عليهما السلام : هذان ولداي (٣) (وقوله) صلى الله عليه وآله : ابني هذا امام (٤) وغير ذلك من الاخبار والآثار الدالة على إطلاق ولد رسول الله صلى الله عليه وآله عليهما ، وعلى بني فاطمة عليهم السلام حتى انه لا يفهم من ابن رسول الله صلى الله عليه وآله الا ذلك وهو ظاهر.

وكذا في القرآن العزيز من قوله تعالى : يا بنى آدم ، وبنى إسرائيل ، مع وجود من ليس بمنسوب (منسوبا خ) الا بالأم مثل عيسى ، وهو ظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ وباب ٣٤ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) آل عمران ـ ٦٠.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ٣٦٧ طبع المطبعة العلمية بقم وفيه بدل (ولداي) (ابناي).

(٤) لم نعثر عليه بهذا اللفظ فعليك بالتتبع.

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا في تحريم نكاح البنات ، فإنه معلوم ارادة تحريم بنت البنت ، وكذا بنت الزوجة.

وكذا تحريم حلائل الأبناء ، فإنه لا شك في تحريم حلائل الحسنين عليهما السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله ، وكذا في الغير.

وقد علّم عليه السلام الاستدلال بهذا في الرواية على منكري كونهما عليهما السلام ابني رسول الله صلى الله عليه وآله ، (والأصل الحقيقة) ، ولا يلزم الاشتراك اللفظي حتى يقال : المجاز خير من الاشتراك ، لاحتمال كون الولد والابن مثلا موضوعا لمن يحصل من ماء الشخص مطلقا ، مذكرا كان أو مؤنثا بواسطة أو بلا واسطة ، ذكرا كان أو أنثى ، من الذكر أو الأنثى كما هو الظاهر.

ولان الظاهر انه لو وقف احد على أولاده أو نذر لهم مثلا يدخلون مطلقا ، ولعدم الفرق بين ولد الابن والبنت.

وعموم أدلة الزكاة معارض بعموم أدلّة الخمس.

وكذا الأخبار مخصّصة بما مر من المخصّصات بغير بنى هاشم.

والاحتياط معارض بمثله.

والكثرة ليست بحجة.

والتبادر غير مسلم ، وان سلم فهو في الولد بلا واسطة ، وعارض لكثرة التداول والإطلاق فلا يدل على كونه حقيقة فيه فقط ، وبالجملة لا فرق بين أولاد الابن وأولاد البنت في ذلك فتأمّل.

وكذا حجيّة الشعر ، ومع التسليم محمول على الكثرة والاولى والمبالغة ، بل فيه اشعار بمقصود السيد ، فتأمّل.

والرواية غير صحيحة بل ضعيفة من وجوه (١).

__________________

(١) لعل نظره في تضعيف السند من وجوه ما هو بطريق الشيخ ره في التهذيب والّا فطريقها في الكافي ليس كذلك ، فان سندها في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا ،

١٨٩

ولو قصر الخمس عن كفايتهم أو كان العطاء من المندوبة أو كان المعطى منهم

______________________________________________________

وقد يقال في الآية (١) : الآباء أعم ومع ذلك ما تدل على المنع ، ومعلوم عدم المنع والتحريم ، بل يمكن ـ انه اولى في الذكر (٢) حتى يعلم كونه ابن من؟ أو غير ذلك مثل عدم تضييع نسبه.

ويؤيّده في الخمس عموم اليتامى والمساكين وخرج غير بني هاشم مطلقا بالإجماع وبقي الباقي تحته ووجود القرابة والنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يقتضي تنزههم عن الأوساخ فالمسئلة لا تخلو عن إشكال للرواية المشتملة على أحكام كثيرة مقبولة عندهم ، ولما مرّ ، فتأمّل والاحتياط مهما أمكن مطلوب.

ثم الظاهر اختصاص تحريمها عليهم بشرط التمكن من غيرها ، فلو لم يتمكّنوا منه فيحلّ ، مثل ما تحلّ الميتة حال الضرورة ، لما مر في رواية زرارة : (ولا يحلّ لأحدهم الّا ان لا يجد شيئا ويكون ممّن تحلّ له الميتة) (٣).

وعليه حملت رواية أبي خديجة ـ مع عدم الصحة ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (أعطوا الزكاة من أرادها من بنى هاشم) (٤) فإنّها تحل لهم ، وانما تحرم على النبي والامام الذي من بعده وعلى الأئمة (٥) ـ فذلك مخصوص بغير الامام عليه السلام كما قال في التهذيب.

__________________

عن العبد الصالح عليه السلام ، فان السند ليس فيه نقص الا كونه مرسلا وهو غير قادح لكون حماد بن عيسى من أصحاب الإجماع.

(١) يعنى قوله تعالى (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ).

(٢) يعنى ان الدعاء باسم الآباء أولى وأفضل ليعلم انه ابن من ولحفظ نسبه ووجوب الدعاء لا ينافي جواز إعطاء الخمس لمن انتسب بالأم إلى هاشم.

(٣) الوسائل باب ٣٣ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) (أعطوا من الزكاة بني هاشم ـ يب).

(٥) الوسائل باب ٢٩ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٩٠

أو اعطى مواليهم جاز.

ويشترط العدالة في العامل ، وعلمه بفقه الزكاة ، ويتخير الامام بين الجعالة والأجرة.

والقادر على تكسّب المؤنة بصنعة أو غيرها ليس بفقير ولو كان معه خمسون درهما ،

______________________________________________________

قال في الفقيه : هو ـ أي الإمام عليه السلام ـ مستغنى عن أموال الناس بكفاية الله إياه متى ناداه لبّاه ، ومتى سئله أعطاه ، ومتى ناجاه اجابه.

وقال في المنتهى : إذا منعوا من الخمس جاز لهم تناول الزكاة ، وعليه فتوى علمائنا اجمع.

قوله : «أو أعطى مواليهم جاز» قال في المنتهى : ويجوز ان يعطى مواليهم ، وعليه علمائنا الظاهر ان المراد بالموالي من أعتقوهم ، ودليل جواز الإعطاء ، الإجماع والأصل وشمول الأدلة مع عدم المانع ، وقد ورد في الاخبار أيضا.

مثل صحيحة سعيد بن عبد الله الأعرج قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أتحلّ الصدقة لموالي بني هاشم؟ قال : نعم (١).

وغيرها ، وما يدل على المنع محمول على عبيدهم غير المعتوقين لوجوب نفقتهم على ساداتهم فكان إعطائهم إعطائهم وهو ممنوع.

قوله : «ويشترط العدالة في العامل إلخ» ينبغي ذلك لكونه أمين مال الفقراء ، وكذا علمه بالفقه ممّا يحتاج اليه من مسائل الزكاة ، ومعلوم تخيير الامام بين الجعل والأجرة ، ولكن لو قصر الزكاة عن الأجرة يكمل له من المصالح وبيت مال المسلمين.

قوله : «والقادر على تكسّب المؤنة إلخ» قد مرّ ما يدل على عدم استحقاق القادر على تحصيل المؤنة للزكاة مطلقا وان لم يكن عنده شي‌ء أصلا ، ففي

__________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٩١

ولو قصر تكسبه جاز وان كان معه ثلاثمائة.

ويعطى صاحب دار السكنى وعبد الخدمة وفرس الركوب.

ويصدق في ادعاء الفقر وان كان قويا.

وفي ادعاء تلف ماله.

______________________________________________________

الوصل (١) تأمّل ، ولعله أورده لوجوده في الرواية (٢).

وقد مر أيضا التأمّل في جواز الإعطاء لصاحب ثلاثمائة أو أكثر على تقدير كفايته بها وعدم كفاية ربحها فتذكر ، ولعل المراد عدم كفاية الأصل أو مع الربح أيضا.

وقد مر أيضا جواز إعطاء صاحب الدار والخادم والفرس مع الحاجة إليها بل لا يبعد جواز إعطاء ثمنها مع الحاجة إليها وان كان عنده قوت السنة لكونها من المؤنة المحتاج إليها ، المجوزة للإعطاء وللحاجة التي لا يمكن المعيشة بدونها عادة ، ولعدم الفرق بين وجودها والأخذ بها وقد صرّح به بعض الأصحاب ، ولكن ينبغي ملاحظة الاحتياج ، واختيار الأحوج عليه (اليه ظ) مثل من ليس عنده ما يقوت به من الماء والخبز.

قوله : «ويصدّق في ادعاء الفقر إلخ» لحمل أفعال المسلمين على الصحّة ، قال في المنتهى : لأن الأصل في المسلم العدالة ، كأنه يريد المؤمن وعدم الفسق (٣) فتأمّل ، وعموم الأدلّة ، وتكليف البيّنة واليمين تكليف منفيّ بالأصل وقد يؤل الى ضرره خصوصا مع الاحتياج والتنزه (السترة خ ل) ومع اشتراط الحاكم فيهما وتعذّره.

وكذا لو كان صاحب مال وادعى تلفه ، والشهرة أيضا مؤيّد.

__________________

(١) أراد بالوصل قول المصنف ره : ولو كان معه خمسون درهما فإنه يوهم ان من ليس عنده خمسون درهما فليس بفقير.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) يعني أراد في المنتهى من لفظ (المسلم) المؤمن ، ومن لفظة (العدالة) عدم الفسق.

١٩٢

وفي ادعاء الكتابة إذا لم يكذبه المولى ، وفي ادّعاء الغرم إذا لم يكن يكذّبه الغريم.

ولا يجب إعلامه انها زكاة

______________________________________________________

وإيجاب الشيخ (ره) البيّنة حينئذ لأصل البقاء بعيد ، نعم ينبغي الاحتياط والتحقيق وتحصيل القرينة (القربة خ).

وكذا الكلام في قبول الكتابة والغرم مع التصديق ، بل مع الجهل أيضا سواء كان الغرم لمصلحة نفسه أو لمصالح المسلمين ، لما مرّ من صحّة فعل المسلم.

وكذا ابن السبيل يقبل قوله : في ذلك والفقر وان كان في يده مال ادعى تلفه لما مر ، ونقل عن الشيخ لزوم البيّنة حينئذ ، ومع تكذيب المولى والغريم لا يعطى.

واما دليل عدم وجوب الإعلام بان المعطى زكاة ، فهو الأصل مع عموم الأدلة الخالية عنه ، بل قيل يستحب التوصل إلى إعطائها ـ لمن يستحيي من أخذ الزكاة بصرفها اليه هديّة ، وصلة ، وتحفة ونحوها.

ويدل عليه إعزاز المؤمن مع رفع حاجته وصدق الإخراج المطلق ، المفهوم من الأدلة.

ويؤيّده ، رواية أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة ، فأعطيه من الزكاة ولا أسمّي له أنها من الزكاة؟ فقال : أعطه ولا تسمّ له ولا تذل المؤمن (١).

ولا يضرّ ضعف سندها في التهذيب (٢) ، مع انّها حسنة في الفقيه (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٥٨ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) سندها كما في التهذيب هكذا : محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن احمد بن محمد ، عن احمد بن محمد بن ابى نصر ، عن عاصم بن حميد ، عن ابى بصير.

(٣) وطريق الصدوق ره ـ في الفقيه ـ الى عاصم بن حميد هكذا : وما كان فيه ، عن عاصم بن حميد ، فقد

١٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده أيضا رواية عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ان صدقة الخف والظلف تدفع الى المتجملين من المسلمين ، واما صدقة الذهب والفضة ، وما كيل بالقفيز فما أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين (١) ، قال ابن سنان : قلت : وكيف صار هذا هكذا؟ فقال : لأنّ هؤلاء متجملون يستحيون من الناس فيدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس وكل صدقة (٢) ـ ولا يضر ضعف السند.

ولكن ينافيها حسنة محمد بن مسلم ، قال : قلت : لأبي جعفر عليه السلام الرجل يكون محتاجا فيبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض أفنعطيها إياه على غير ذلك الوجه وهي منا صدقة؟ فقال : لا ، إذا كانت زكاة فله ان يقبلها ، وان لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إيّاه ، وما ينبغي له ان يستحيي ممّا فرض الله عز وجل انما هي فريضة الله فلا يستحيي منها (٣).

وفي رواية عبد الله بن هلال بن خاقان والحسين بن على (٤) ، عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه السلام قال قال : تارك الزكاة وقد وجبت له مثل مانعها وقد وجبت عليه (٥).

__________________

رويته عن ابى ومحمد بن الحسن رحمه الله ، عن سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الرحمن بن ابى نجران ـ عن عاصم بن حميد.

(١) في الحديث : لا تحل الصدقة إلّا في دين موجع أو فقر مدقع ، ومثله في الدعاء : وأعوذ بك من فقر مدقع اى شديد يفضى بصاحبه الى الدقعاء وزان حمراء اعنى التراب (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) أورد صدره في الوسائل باب ٥٨ حديث ٢ وذيله باب ٥٧ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) هكذا في النسخ التي عندنا من المخطوطة والمطبوعة ، لكن السند في الكافي هكذا محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن الهيثم بن ابى مسروق ، عن الحسن بن على ، عن هارون بن مسلم ، عن عبد الله بن هلال بن خاقان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : تارك إلخ.

(٥) الوسائل باب ٥٧ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٩٤

ولو ظهر عدم الاستحقاق ارتجعت مع المكنة.

والا أجزأت ، ولا يملكها الأخذ.

______________________________________________________

ويمكن حمل الحسنة على كراهة ردّها من المستحق والمبالغة في زجره من المنع وتحريمه نفسها ممّا عيّنه الله له ، وعلى احتمال وجود ما يخرجه عن الاستحقاق ، فلا يجوز إعطائها إيّاه أو على الإظهار بأنه ليس بزكاة فلا يبعد منع مثله عن الذي لا يقبلها ، لاحتمال عدم الاستحقاق وغيره.

ويحمل الأول على الإعطاء بغير المانع الذي فيه الاحتمال المذكور وعلى وجه لا تعرف الزكاة ، لا على وجه انه يعلم انه ليست بزكاة مع المنع فتأمّل (أو) على الجواز والكراهيّة.

واما روايتا عبد الله ، والحسين (١) فلا يدلان على عدم جواز الإعطاء ، بل على المنع من الأخذ.

قوله : «ولو ظهر عدم الاستحقاق إلخ» وجه الارتجاع مع المكنة ظاهر ، وهو تحقق عدم الاستحقاق مع الإمكان.

واما الاجزاء مع عدمه فكذلك لو لم يقصّر في تحقيق الاستحقاق لكون الأمر للاجزاء ، ولعدم زيادة التكليف ، ولزوم الحرج والضيق.

ويؤيّدهما حسنة عبيد بن زرارة ـ لإبراهيم ـ قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ما من رجل يمنع درهما في حق (حقه خ ل) إلا أنفق اثنين في غير حقّه ، وما من رجل يمنع حقا من ماله الّا طوّقه الله به حيّة من نار يوم القيمة ، قال : قلت له : رجل عارف ادّى زكاته الى غير أهلها زمانا هل عليه أن يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال : نعم ، قال : قلت : فان لم يعرف لها أهلا فلم يؤدّها أو لم يعلم انها عليه فعلم بعد ذلك؟.

قال : يؤديها إلى أهلها لما مضى ، قال : قلت : فإنه لم يعلم أهلها

__________________

(١) قد عرفت ان سند ذلك الخبر واحد فقوله قده ـ رواية عبد الله والحسين ـ فليس بجيّد.

١٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فدفعها الى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال : ليس عليه أن يؤدّها مرّة أخرى (١).

قال في التهذيب : وعن زرارة مثله ، غير انه قال : ان اجتهد فقد برئ ، وان قصر في الاجتهاد والطلب فلا.

فالظاهر ان مراده ، بقوله قده : (والا أجزأت) اى وان لم يتمكن من الارتجاع وظهر عدم الاستحقاق مع التفحص والاجتهاد (أو) مع كون الدافع إماما أو نائبه ، فإنه قال في المنتهى : ولو دفع الإمام أو نائبه الى من يظنه فقيرا فبان غنيا لم يضمن الدافع ولا المالك بلا خلاف ، ثمّ قال : ولأنه مأمور بالإخراج ومسوّغ له التفرقة بنفسه والتكليف بمعرفة الباطن تكليف بما لا يطاق فكان مكلّفا بالبناء على الظاهر مع الاجتهاد ، وقد امتثل فيخرج عن العهدة ، ولانه دفعها الى من ظاهره الاستحقاق فيجزيه كالإمام عليه السلام.

ورواية حسين بن عثمان ، عمن ذكره ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : رجل يعطى زكاة ماله رجلا ، وهو يرى انه معسر فوجده ، موسرا؟ قال :لا يجزى عنه (٢) (محمولة) على عدم الاجتهاد.

ثم ان الظاهر انه لا بدّ من صدق الاجتهاد والطلب عرفا ، ففي كفاية مجرد السؤال ، عن استحقاق الزكاة ، وقوله : نعم انا فقير ، وانا مستحق ـ في سقوط الإعادة بعد ظهور الخلاف ـ تأمّل ـ وان كان كافيا للإعطاء ـ فيكون حينئذ مأمورا بالإعطاء كأنه بالإجماع ، وهو يدل على الاجزاء ، لان الأمر مفيد للإجزاء.

فوجوب الإعادة لوجود الأمر الجديد في الرواية (٣) الّا ان يصدق عليه

__________________

(١) أورد صدره في الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة وذيله في باب ٢ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) يعني الرواية المتقدمة أعني حسنة زرارة ومرسلة حسين بن عثمان وغيرهما.

١٩٦

ولو صرفها المكاتب في غير الكتابة ، والغازي في غير الغزو ، والغارم في غير الدين استعيدت الّا ان يدفع اليه من سهم الفقراء

______________________________________________________

الاجتهاد والطلب ، ولثبوت اشتغال الذمّة ، ولأنه أحوط ، ولانه قصر فيضمن ، ولانه مثل دين أعطى غير مالكه فتأمّل.

وفي كلام بعض الأصحاب يكفي السؤال (١) فتأمّل ولكن يبقى ما أعطاه ملكا للمعطى في ذمّة المعطى له ويكون عاصيا ظالما فلا يفوت على المعطى شي‌ء بالحقيقة.

والى هذا أشار المصنف ـ قدس الله سرّه ـ بقوله : ولا يملكها الآخذ اى لا يملك ما أخذه الآخذ الغير المستحق للزكاة هذا مع علمه بكونه زكاة ظاهر.

واما مع عدمه وعدم اعلام المالك إيّاه ، فمع بقاء العين فظاهر عدم الملك ووجوب الرد ، واما مع تلفها فالظاهر عدم ذلك ، والمصنف حكم بعدمه مطلقا فتأمّل لعل مراده غير ذلك.

وقال أيضا : لو كان المدفوع اليه عبده فالوجه عدم الاجزاء ، لانه في الحقيقة دفع الى المالك وفيه تأمّل لعموم الدليل وظهور منع الدفع الى المالك ، وعدم الفرق بين كونه عبده أو من وجبت نفقته ، للعموم.

قوله «ولو صرفها المكاتب إلخ» لعلّ دليل الاستعادة انه انما أعطيت على وجه يصرف في مصلحة معيّنة لكونها مصرفا لها فكأنّها أعطيت ليصرفها الى السيد والديان ، وفي مصالح الغزاة والسفر ولم يفعل فيستعاد ، لصرف مال الغير في غير محله.

والظاهر انه ان تبرّع أحد وأبرأه ، السيد والديّان أو فضل عنهما شي‌ء فكذلك.

كأنه هؤلاء (٢) لا يملكونها ، بل يأخذونها للصرف في جهة معينة ، ولهذا

__________________

(١) يعني يكفي مجرد السؤال عن استحقاق الزكاة وجواب المسؤول بقوله : نعم انا فقير.

(٢) يعنى السيد والديان والغزاة والمسافرين.

١٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

جي‌ء ب (في) في الآية.

نعم الفقراء ، والمساكين ، والعمّال ، والمؤلّفون يملكونها بالأخذ فيتصرفون مهما شاءوا بما شاءوا ، ونقل عليه الإجماع في المنتهى.

ويحتمل عدم الإعادة فيهم (١) أيضا لو أبرأه ، الديان أو تبرع به أحد ، أو فضل من مؤنة السبيل أو الغزو أو لم يصرف فيهما أو فضل من مال الكتابة شي‌ء أو لم يصرف فيها خصوصا في الغازي ، لأن الظاهر أنّ الغازي يأخذ لأجل أن يروح الى الغزو ، فلو قتر أو فضل عنده شي‌ء لا يستعاد ، بل كأنه أجرة له للغزو ، فتأمّل.

ويؤيد عدم الإعادة (٢) رواية سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله ، يصنع بها ما يشاء ، قال : وقال : ان الله عز وجل فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها ، وهي الزكاة ، فإذا هي وصلت الى الفقير فهي بمنزلة ماله يصنع بها ما يشاء ، فقلت : يتزوج بها ويحج منها؟ قال : نعم هي ماله ، قلت : فهل يوجر الفقير إذا حج من الزكاة كما يوجر الغنى صاحب المال؟ قال : نعم (٣).

وفي صحيحة أبي بصير (في حديث) : بلى فليعطه ما يأكل ، ويشرب ، ويكتسى ، ويتزوج ، ويتصدق ، ويحج (٤).

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سئل رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا جالس فقال : إنّي اعطى من الزكاة فأجمعه حتى أحج به؟ قال : نعم يأجر الله من يعطيك (٥).

__________________

(١) يعنى السيد والديان والغزاة والمسافرين كما لا يجب الإعادة في الفقراء والمساكين والمؤلفون.

(٢) يعني في الفقراء والمساكين ونحوهم.

(٣) الوسائل باب ٤١ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) الوسائل باب ٤١ ذيل حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٥) الوسائل باب ٤٢ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والتخصيص بالفقير (١) ممكن لانه المتبادر والموجود في بعضها فتأمّل.

مع عدم صراحة ما لم يصرح فيه بالفقير وهو الصحيحة الأخيرة في أيّ تصرف شاء وعدم الإعادة.

وان كان عدم الإعادة في الكل (٢) غير بعيد على تقدير حصول البراءة ممّا أعطيت له من الجهة مثل وقوع الإبراء من الديان والسيد إذا تبرع متبرع بالخلاص أو فضل شي‌ء بعد ذلك لحصول الغرض.

مع ان الظاهر تملكهم أو تسلّطهم على ذلك ، وانتزاعه يحتاج الى دليل.

وليس وجود (في) (٣) دليلا على عدم الملك ، لاحتمال كون النكتة في التغيير ، والتعيين والتملك وجوب الصرف في تلك الجهة في الجملة ، ومع الوجود وعدمها ، فلا يضر الترك حين البراءة ، ويملك الفاضل ، وكذا التملك بعد ذلك وان قلنا بعدمه قبله ، فتأمّل.

ولو كان دليلا على وجوب الصرف في تلك الجهة فالظاهر انه مقيد بالوجود وان الغرض خلاصه من ذلك ، وقد حصل.

وأيضا يلزم الحرج في الجملة ، إذ قد لا يجد المالك وقد خرج عن ملك المالك ، فالظاهر ان ليس لهما مالك غير صاحب اليد ، فتكليفه يحتاج الى دليل.

وأيضا إنّ له أن يؤدى الدين من غيرها بان يستدين أو يتعامل بوجه فيتملك ، ولظاهر الرواية.

ومذهب الشيخ عدم ارتجاع ابن السبيل ، والغازي ، وهو دليل عدم دلالة (في) فافهم.

__________________

(١) يعنى تخصيص حصول الملك بالفقر فقط دون سائر الأصناف ممكن بقرينة التبادر ووجوده في بعض الاخبار.

(٢) يعني في كل الأصناف.

(٣) يعني في قوله تعالى (وَفِي الرِّقابِ) وقوله تعالى (وَفِي سَبِيلِ اللهِ).

١٩٩

ويجوز ان يعطى الغارم ما أنفقه في المعصية ، من سهم الفقراء.

وأن يعطى من سهم الغرم من جهل حاله ويجوز مقاصة الفقير بما عليه ، وان يقضى عنه حيّا وميتا ، ولو كان واجب النفقة.

______________________________________________________

«فرع»

قالوا : يجوز إعطاء من يجب نفقته من غير جهة الوجوب للتوسعة ، وللحج ، وللزيارة ، والتزويج كما مر ، وللغرم ، وللغزو ومؤنة السفر ـ لابن السبيل ـ ، ومؤنة الزوجة ، ومكاتبة ، بل قيل : بوجوب الإعطاء لمكاتبه للآية.

قوله : «ويجوز ان يعطى الغارم ما أنفقه في المعصية» الجواز ظاهر على تقدير فقره ، وكونه غير فاسق بها ، لعدم كون ما فعل كبيرة أو للتوبة.

وكذا مع القول بعدم اشتراط العدالة واجتناب الكبيرة.

وكذا عدمه مع القول بالاشتراط وكونه فاسقا ، والاولى عدم الإعطاء إلّا بعد التوبة ، فإنه يفهم الجواز حينئذ بلا خلاف ، وصيرورته عادلا أو غير فاسق ، فتأمّل.

وقد مرّ دليل جواز الإعطاء مع جهل صرفه في الطاعة أو المعصية ، وان الإعطاء أظهر خصوصا مع ظهور صلاح ما وعدم ظهور فسق.

وقد مرّ أيضا جواز احتساب ما في ذمّة الفقير زكاة حيّا أو ميتا ، وهو المراد بالمقاصّة ، وقد دلّت عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن الأول عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه وهم مستوجبون للزكاة ، هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من الزكاة قال : نعم (١).

وكذا ، ما في رواية سماعة : (فلا بأس ان يقاصّه بما أراد ان يعطيه من الزكاة

__________________

(١) الوسائل باب ٤٦ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٠٠