مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

ولو لم يقبض الموهوب فلا زكاة عليه ، ولو مات الواهب فالزكاة على الوارث.

وتقسط التركة على الدين وفطرة العبد بالحصص ، لو مات بعد الهلال ، وقيل : تسقط.

______________________________________________________

ويحتمل السقوط أيضا ، لأنّ حين الوجوب ما كان معلوما كونه ملكا لهم ، وعلى تقديره ما كان مستقلا لكونهم ممنوعين عن التصرف فيه لتعلق الوصيّة به وحصول العلم الآن بأنّه كان ملكا مستقلا لهم مع عدم جواز التّصرف في ذلك الوقت غير معلوم كونه موجبا لوجوبها ، نعم الإخراج في المحتمل أحوط.

ولعلك من هذا فهمت عدم الفرق بين كون القبول كاشفا وسببا فلا يكون السقوط عن الورثة على تقدير القبول بعد الغروب مبنيا على الأوّل كما قيل فافهم.

وقوله : (على رأى) إشارة إلى ردّ القول بالوجوب على الورثة بناء على كون القبول سببا مع القبول بعده ، وعلى تقدير الكشف على الموصى له حينئذ أو على القول به على الوارث حين الرد بعده فتأمّل.

قوله : «ولو لم يقبض الموهوب إلخ» أي لو لم يقبض الموهوب له ، المملوك الموهوب قبل الغروب ، لم يجب عليه فطرته ، كأنه مبنيّ على مذهبه من عدم صحّة الهبة إلّا مع القبض ، فالظاهر انه يكون حينئذ فطرته على الواهب للملك مع جواز التصرفات كلّها فهو مستقل أيضا فلو مات الواهب قبل الإقباض فالزكاة على الوارث ، لأن الهبة بطلت بموته وصار المال طلقا للورثة ، وان قلنا بعدم البطلان ، بل يتوقف على القبض فكذلك ، لما مرّ في الواهب.

قوله : «ويقسّط التركة إلخ» يعني لو مات المولى بعد الهلال وعليه دين ضاقت التركة عنه وعن فطرة مملوكه قسّطت التركة عليهما بالنسبة ، لأنّ كلّا منهما دين واجب في ذمته ، وبعد فوته تعلّق بالتركة فيكون الأخذ بالنسبة.

فلو كان الدين ضعف الفطرة تكون قسمة التركة بينهما كذلك وهكذا ، والمملوك أيضا من التركة.

٢٨١

ويجزى من اللبن أربعة أرطال.

______________________________________________________

واما لو مات قبل الهلال واستغرق الدين التركة فلا تجب الفطرة ، أمّا على تقدير انتقالها الى الديّان فظاهر ، وكذا على تقدير البقاء على مال الميّت لعدم وجوب شي‌ء على الميّت ، واما على تقدير الانتقال الى الوارث وعدم جواز تصرفهم حتى يقتضي الدين فالظاهر انه كذلك لعدم الاستقلال وقت الوجوب ، واما على تقدير جواز التصرف مع ضمان الدين فيحتمل الوجوب على الوارث من غير مالهم ، لا من التركة فيجب صرف مقدار التركة في الدين غير مستثنى عنه الفطرة.

ويحتمل السقوط عنهم حينئذ أيضا كما هو ظاهر المتن ، لعدم الاستقلال في الجملة لتعلق الدين بها ، ولزوم الخسارة مع عدم بقاء العبد في يدهم ، وهو بعيد من حكمة الشارع فتأمّل.

قوله : «ويجزى من اللبن أربعة أرطال» قال في المنتهى : قال الشيخ في أكثر كتبه : يجزى من اللّبن أربعة أرطال بالمدني ، ولم نقف فيه (له خ) على مستند سوى ما رواه عن القاسم بن الحسن رفعه عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سأل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة ، قال : يتصدق بأربعة أرطال من لبن (١) ، والاستدلال بهذه الرواية باطل من وجهين (الأوّل) ضعفها وإرسالها والثاني انها تضمنت السؤال عن فاقد الفطرة ونحن نقول بموجبه (انتهى).

وهذه موجودة في الفقيه أيضا عن ابى عبد الله عليه السلام (٢) بغير سند.

والحمل على التعذر غير بعيد كما هو ظاهرها ويؤيّده ان الشيخ ذكرها للجمع بين الأخبار في كتابي الأخبار (٣) مع ذكر احتمال آخر.

وبالجملة الظاهر ان الواجب الصاع منه كغيره من الأجناس مع التأمل في وجوب الصاع في الحنطة والشعير ، للأخبار الصحيحة الدّالّة على وجوب النصف

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) أورده الفقيه في باب الفطرة بصورة الفتوى لا بصورة الحديث ولعلّه لذا لم ينقله عنه في الوسائل.

(٣) وهما التهذيب والاستبصار.

٢٨٢

والأفضل التمر ، ثم الزبيب ، ثم غالب قوته.

ويجوز إخراج القيمة السوقيّة ، وتقديمها قرضا في رمضان وإخراجها بعد الهلال ، وتأخيرها الى قبل صلاة العيد أفضل.

فإن خرج وقتها وهو وقت صلاة العيد وقد عزلها أخرجها أداء وان لم يعزلها وجب قضائها على رأى ، ويضمن لو عزل وتمكّن ومنع ، ولا يضمن مع عدم المكنة.

______________________________________________________

كما مر (١) فتأمّل فذهابه هنا الى قول الشيخ بعيد مع عدم الإشارة إلى الخلاف أيضا ، ويمكن حمل ما هنا أيضا على عدم الإمكان.

قوله : «والأفضل التمر إلخ» قد مرّ تحقيقه.

قوله : «ويجوز إخراج القيمة السوقيّة إلخ» قد مر أيضا تحقيقها مفصلا ، وكذا قوله : «وتقديمها قرضا إلخ» وان ظاهر الاخبار يفيد كون جواز الإعطاء فطرة لا قرضا ، وليس ببعيد من الشارع أن يحكم بجواز إعطاء شي‌ء على انه لو بقي إلى محلّ الوجوب مع شرائط يكون ذلك مجزيا عن الفطرة الواجبة كما هو ظاهر الاخبار المعتبرة كما مرّ فيها ، فإنه لا يلزم الإشكال في النسبة ، وهي أمر قد عرفت حالها الا أنه أحوط ان ينوى بعد الوجوب وحضور الوقت أيضا.

ففيها حينئذ دلالة على جواز النيّة بعد القبض والدفع ، ولا مانع في الشرع أصلا ولا يبعد كون القرض أحوط وأسلم.

قوله : «وإخراجها إلخ» قد عرفت أيضا التأمّل في الوجوب بعد الغروب ، وعلى تقديره لا ينبغي الإخراج إلّا يوم الفطرة قبل الصّلاة كما أشار إليه بقوله : (وتأخيرها إلخ) وعلى تقديره لا ينبغي الإخراج إلّا يوم الفطر.

قوله : «فان خرج وقتها وهو وقت العيد إلخ» أي خروج وقتها خروج وقت صلاة العيد على الظاهر ، وهو زوال الشمس ، أو أنّ وقتها وقت العيد ، وهو

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٦ حديث ١٠ (الى) ١٥ وحديث ١٧ و ٢٢ من أبواب الفطرة.

٢٨٣

ولا يجوز حملها الى بلد آخر مع وجود المستحق ، فيضمن ، ويجوز مع عدمه ولا ضمان

______________________________________________________

من غروب الشمس الى الزوال.

وفيه بعد ما ، وقد عرفت (١) تحقيق المسئلة ، وان الظاهر الوجوب دائما وعدم الوقت. نعم يشترط في الوجوب ادراك الشهر مع الشرائط والبقاء الى اليوم عند البعض مع امتداد وقت الأداء الى الصلاة ، وانه لا يجوز له التأخير عنه ، وانه بعدها أيضا واجبة دائما ، وان لا أداء ولا قضاء وان كانت نيتهما أحوط قبلها وبعدها.

وقوله : (على رأى) إشارة إلى ردّ قولين آخرين ، إنه أداء دائما وهو مذهب ابن إدريس ، وانه الأظهر للأصل ، كما مرّ والآخر ، السقوط ، لعدم دليل على القضاء فتأمّل ، فإنه ليس بقضاء حقيقة كما عرفته.

وانه (٢) يجب الإخراج ، عزل أو لم يعزل ، وانه يتحقق بدون النيّة مع وجود المستحق وعدمه ، وأنه يضمن مع التفريط لا مع عدمه ، وكذا بالتأخير مع الإمكان مطلقا فإنه تفريط.

قوله : «ولا يجوز حملها الى بلد آخر مع وجود المستحق إلخ» قد عرفت الجواز كما في زكاة المال ، وأنه يضمن حينئذ وان لم يفرط في الحفظ مع الأمن وظن السلامة في النقل ، والأحوط عدمه خصوصا في الفطرة لوجود أخبار كثيرة دالة على عدم النقل ، وعدم وجود ما يدل على جواز التأخير مثل الزكاة ، وعدم جواز التأخير عن الصلاة ، قال في المنتهى : ولا يجوز تأخيرها ، فإن أخرها اثم وبه قال علمائنا اجمع (انتهى).

واحتمال (٣) اختصاص صحيحة محمد بن إسماعيل (٤) الدّالة على

__________________

(١) عند قوله قدس سره : تذنيب لا يسقط زكاة الفطرة.

(٢) الظاهر انه على قوله قده : وان الظاهر الوجوب إلخ.

(٣) عطف على قوله : لوجود أخبار كثيرة إلخ.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٨٤

ويتولى المالك إخراجها ، والأفضل الإمام (عليه السلام) أو نائبه ، أو الفقيه ولا يعطى الفقير أقلّ من صاع إلا مع الاجتماع والقصور.

ويجوز أن يعطى غناه دفعة ويستحب اختصاص القرابة بها ، ثم الجيران.

______________________________________________________

جواز النقل على ما تقدم بجواز نقله الى الامام عليه السلام فقط.

فالظاهر جواز النقل إذا لم يستلزم التأخير عن وقتها ، ويحتمل الجواز مطلقا فتأمل واحتط.

واعلم ان عدم جواز النقل انما هو بعد تعيين ما ينقل فطرة كما في الزكاة.

قوله : «ويتولّى المالك إلخ» لأنه مخاطب به وقد مرّ أن الأفضل النقل إليهم فتذكر ، ولعله ما قيل هنا بالوجوب لو طلب ، وقد يجي‌ء فيه التحقيق المتقدم في زكاة المال فتذكر.

قوله : «ولا يعطى الفقير إلخ» قد مر انه على سبيل الاستحباب مع الوسعة وعدم الحاجة والقصور كما قيّده به المصنف.

قوله : «ويجوز ان يعطى غناه دفعة» قد مرّ دليله من العمومات في زكاة الفطرة وغيرها وبالخصوص فيها أيضا ، وانه يجوز الغناء بالدفعات ، وانه لا يجوز بعده

قوله : «ويستحب إلخ» قد مرّ دليله أيضا ، ويؤيّده ، الوصيّة بالصلة كثيرا (١) ، وبالجيران كذلك (٢) حتى نقل انه صلى الله عليه وآله : لا يزال جبرئيل يوصيني بالجيران كاد ان يكون يورثهم (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٣ و ٤ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف.

(٢) راجع الوسائل باب ١٥ من أبواب فعل المعروف.

(٣) الوسائل باب ٨٦ ذيل حديث ٥ من أبواب أحكام العشرة.

٢٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

«فوائد من المنتهى»

(أ) يستحب الصدقة في جميع الأوقات ، ويدل عليه الآيات والروايات ـ منها ـ رواية ابن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن ، فإن صدقته تظلّه (١).

وقال الباقر عليه السلام : البر والصدقة ينفيان الفقر ، ويزيدان في العمر ، ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة السوء (٢).

(ب) الصدقة باليد أفضل ، فعن الصادق عليه السلام : الصدقة باليد تقي ميتة السوء ، وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء ، وتفك عن لحى سبعين شيطانا كلّهم يأمره ان لا يفعل (٣).

وعنه عليه السلام انه قال : يستحب للمريض أن يعطى السائل بيده ويأمر السائل ان يدعو له (٤).

(ج) صدقة السر أفضل من صدقة العلانية بالنص (٥) والإجماع.

(د) عن أبي عبد الله عليه السلام : إنّ صدقة الليل تطفئ غضب الرب وتمحو الذنب العظيم وتهون الحساب ، وصدقة النهار تنمو المال وتزيد في العمر (٦) (ه) الصدقة في رمضان أكثر ثوابا ، فيستحبّ الإكثار منها فيه ، وكذلك

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٧ من أبواب الصدقة.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب الصدقة.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب الصدقة من كتاب الزكاة.

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب الصدقة.

(٥) لاحظ الوسائل باب ١٣ من أبواب الصدقة.

(٦) لاحظ الوسائل باب ١٤ من أبواب الصدقة وأورد الحديث بتمامه في الكافي كتاب الزكاة باب صدقة الليل حديث ٣.

٢٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

كل وقت شريف كالجمع والأعياد (١) وبالخصوص أوقات الحاجات.

(ر) الصدقة على القرابة أفضل من غيرها بلا خلاف ، لأنها على ذي الرحم صدقة وصلة ـ قال عليه السلام : لا صدقة وذو رحم محتاج (٢) ، ولقوله عليه السلام : سئل رسول الله صلى الله عليه وآله أيّ الصدقة أفضل فقال : على ذي الرحم الكاشح (٣).

(ز) قال صلى الله عليه وآله : ملعون ملعون من القى كلّه على الناس ، ملعون ملعون من ضيّع من يعول (٤).

(ح) يجوز صرف التطوع إلى الحربي إجماعا.

(ط) إنما ينبغي الصدقة من فاضل مؤنة الرجل وعياله على الدوام لان الله تعالى نهى عن التبذير ولغيره ، مثل قوله عليه السلام : وابدء بمن تعول.

وفيه تأمل ، لما في سورة هل أتى (٥) ، وغيرها ، مثل قوله عليه السلام ـ وقد سئل عن أفضل الصدقة : جهد المقل (٦) ـ (من مقل الى فقير في السرّ) وحمله على المنفرد وحده أو من يكون له مؤنة ، وله كفايتهم أو كان ذا كسب ، فأراد الصدقة بجميع ماله وثوقا بحسن التوكيل ، والسعي في كسبه بعيد.

(ى) لو تصدق بنفقته أو نفقة من يلزم مؤنته أثم بالصدقة ، ويحتمل عدم جواز الأخذ والتصرف فيه.

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١٥ من أبواب الصدقة.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من أبواب الصدقة.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب الصدقة ـ الكاشح هو الذي يضمر لك العداوة ويقوى عليها كشحه اى باطنه من قولهم كشح له العداوة إذا اضمرها له (مجمع البحرين).

(٤) الوسائل باب ٢١ حديث ٥ من أبواب النفقات.

(٥) إشارة إلى قوله تعالى ـ فيها ـ (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ـ هل أتى ـ ٩.

(٦) أقل ، افتقر ومنه أفضل الصدقة جهد المقل (مجمع البحرين) الوسائل باب ٢٨ حديث ٧ من أبواب الصدقة.

٢٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

(يا) يستحب الإعطاء من غير مسئلة.

(يب) يستحب التصدق أوّل النهار وأول الليل لاستدفاع بلاء الوقتين.

(يج) يكره ردّ السائل مع القدرة.

(يد) يكره السؤال ، ويتأكد من غير حاجة ، فيدل على الكراهيّة معها أيضا.

(يه) المن يبطل الصدقة لما يشتمل عليه من كسر قلب المؤمن بل مطلق الإحسان مثل الخدمة ، وقضاء الحاجة للآية (١) وغيرها ، فتأمّل واجتنب ، فان الاجتناب عن جميع شقوقه صعب وخفيّ.

(يو) يستحب طلب الدعاء منهم ، فإنه ربّما كان فيهم مستجاب الدعاء ، وذكر الرواية المشهورة في تلقين الدعاء ، وهي قول الصادق عليه السلام ـ في الفقيه إذا أعطيتموهم فلقنوهم الدعاء يستجاب لهم فيكم ، ولا يستجاب لهم في أنفسهم (٢).

وقال عليه السلام : يستحب للمريض أن يعطى السائل ويأمر السائل ان يدعو له (٣).

(يز) يستحب الصدقة مطلقا وان كان السائل غير معلوم الحال ، لانه من المعروف (الى قوله) (وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً) (٤) وذكر الأدلة المتقدمة (٥).

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة ـ ٢٦٤ (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) إلخ.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب الصدقة.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب الصدقة.

(٤) البقرة ـ ٨٣.

(٥) يعنى ذكر في المنتهى حديثين في ذلك (أحدهما) رواية سدير الصيرفي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟ قال : نعم أعط من لا تعرفه بولاية ولا عداوة للحق ، ان الله عز وجل يقول (وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً) ثانيهما (رواية عبد الله بن الفضل النوفلي عن أبيه عن ابى عبد الله عليه السلام انه سئل عن السائل يسأل ولا يدرى ما هو فقال : أعط من وقعت له في قلبك الرحمة فقال : أعط دون الدرهم ، قلت :

٢٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

(يح) الصدقة على بنى هاشم أفضل من غيرهم خصوصا العلويّون لشرفهم على غيرهم (وذكر الروايات المتقدمة في ثواب صلتهم) (١).

(يط) يحرم على المعطى كفران النعمة (٢) وينبغي له الثناء على المنعم ، فان شكر المنعم واجب عقلا ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أتى عليه المعروف فليكافئ به وان عجز فليثن عليه ، وان لم يفعل فقد كفر النعمة (٣).

وفيه دلالة على استحباب عوض الهدايا.

وقال الصادق عليه السلام : لعن الله قاطع سبيل المعروف ، قيل : وما قاطع سبيل المعروف؟ قال : الرجل يصنع له المعروف فيكفره ، فيمنع صاحبه من ان يصنع ذلك الى غيره ، ولا ينبغي ذلك للصاحب (٤) ـ وهو ظاهر.

__________________

أكثر ما يعطى؟ قال : أربعة دوانيق) الوسائل باب ٢١ حديث ٣ و ٤ من أبواب الصدقة.

(١) لاحظ الوسائل باب ١٧ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف.

(٢) بالبناء للمفعول يعنى المنعم عليه.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب فعل المعروف.

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب فعل المعروف.

٢٨٩
٢٩٠

«النظر الثالث في الخمس»

______________________________________________________

«حديث في الخمس»

عبد الله بن بكير ، عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال : إنّى لآخذ من أحدكم الدرهم ، وانى لمن أكثر أهل المدينة مالا ، ما أريد بذلك الا ان تطهّروا (١).

وعن ابى بصير ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له (٢).

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٥ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٢٩١

كتاب الخمس

وهو واجب في غنائم دار الحرب ، حواها العسكر أولا إذا لم يكن مغصوبا

______________________________________________________

قوله : «وهو واجب إلخ» الظاهر أنّه واجب في سبعة أشياء (الأوّل) غنائم دار الحرب ، قال في الدروس : (الأول) ما غنم من دار الحرب على الإطلاق إلا ما غنم بغير اذن الامام عليه السلام فله أو سرق أو أخذ غيلة ـ أي خدعة ـ فلآخذه (انتهى).

ظاهره أن جميع ما يؤخذ من دار الحرب فهو غنيمة ، فإن كان بغير اذن الامام عليه السلام يكون له الّا ما سرق أو أخذ غيلة.

وهو مشكل لان الظاهر أنّ الذي أخذ بالحرب على سبيل الجهاد والتكليف بالإسلام هو الغنيمة ، فإن كان بغير اذنه يكون له ، لا ما أخذ جهرا وغصبا ، وغير ذلك ممّا وقع في أيدي المسلمين من غير سرقة وخدعة ، يكون غنيمة له بغير إذنه فتأمّل.

قال المصنف في المنتهى : (الأول) الغنائم التي تؤخذ (توجد خ) من دار الحرب ، ما يحويه العسكر وما لم يحوه ، أمكن نقله كالثياب ، والأموال ، والأناسي

٢٩٢

وفي المعادن كالذهب ، والفضة ، والرصاص ، والياقوت ، والزبرجد ، والكحل ، والعنبر ، والقير ، والنفط ، والكبريت.

______________________________________________________

والدواب ، وغير ذلك أو لا يمكن كالأرضين ، والعقارات وغير ذلك ممّا يصح تملكه بشرط أن يكون ممّا يصحّ تملكه ، وان يكون مباحا في أيديهم لا غصبا من مسلم أو معاهد قليلا كان أو كثيرا (انتهى) ، ومثله عبارة الشرائع (١).

وهي مشعرة بما قلناه ، لان الظاهر منها اعتبار أخذ العسكر.

ولعل مراد المصنف بقوله : (وان يكون مباحا في أيديهم لا غصبا من مسلم أو معاهد خ) من لا يجوز أخذ ماله قهرا ، وهو ظاهر ، فلو كان المغصوب من حربي آخر مثل صاحب اليد يجوز الأخذ كما في يد صاحبه ، فيكون غنيمة بالشرط دون ما يكون مال مسلم أو معاهد بأيديهم ، غصبا أم لا.

واما دليل وجوبه فيه ، فهو النص من الكتاب (٢) ، والسنة (٣) ، والإجماع.

(الثاني) المعادن ، قال في المنتهى : وهي جمع معدن ، واشتقاقه من عدن بالمكان يعدن إذا قام به ، ومنه سمّيت جنّة عدن لأنها دار اقامة وخلود لدوام الإقامة فيها ، وهو كل ما خرج من الأرض ممّا يخلق فيها من غيرها ممّا له قيمة (انتهى).

لعله يريد بقيد (ممّا يخلق) إخراج ما زرع فيها ، ولكن تبقى النباتات التي لها قيمة ، ولعلّه يريد غيرها وأهمل ، للظهور ، فيكون المراد من غير نباتها ، فلو قال كذلك لكان أولى لأنه يسلم عن النقض ، وعن اللّغو ، بل عن لزوم خروج مثل ما عدّ في الدروس منهما ، مثل المغرة (٤) والجصّ ، والنورة ، وطين الغسل والعلاج ، وحجارة

__________________

(١) ومراده قدس سره ، المماثلة في المعنى لا في عين الألفاظ فراجع.

(٢) وهو قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ ، فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) الآية ـ الأنفال ـ ٤١.

(٣) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) المغرة وتحرك طين أحمر (القاموس).

٢٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الرحى ، والملح والكبريت ، فالظاهر الوجوب في كل ما يصدق عليه المعدن الواقع في الدليل.

ويمكن استخراج معنى له من الروايات الآتية.

ولكن المعلوم صدق المعنى اللغوي على المذكورات ، وظاهر عدم ارادته ، والعرفي ، والشرعي غير ظاهر ففي تحقيقه اشكال فيجب الإخراج عمّا علم الصدق شرعا أو عرفا لا غير.

ودليل وجوبه فيه الإجماع ، قال في المنتهى : لا خلاف في إخراج شي‌ء من المعادن (الى ان قال) : وقد اجمع المسلمون على ذلك (انتهى) ثم قال : مسئلة والواجب عندنا في المعادن الخمس لا الزكاة ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي : ان الواجب فيه الزكاة وبه قال مالك واحمد (انتهى).

والروايات (١) مثل صحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص؟ فقال : عليها الخمس جميعا (٢) ، ولا عموم فيها.

وصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام (في حديث) وعن المعادن كم فيها؟ قال : الخمس (٣) وهي عامّة ، قال في المنتهى : ويجب الخمس في كل ما يطلق عليه اسم المعدن سواء كان منطبعا بانفراده كالرصاص والنحاس ، والحديد ، أو مع غيره ، كالزيبق أو غير منطبعة كالياقوت والفيروزج والبلخش (البلحس خ) (٤) والعقيق أو مائعة كالقار والنفط والكبريت ذهب إليه علمائنا

__________________

(١) عطف على قوله قده : الإجماع.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) البلخش كجعفر جوهر يجلب من بلخشان بلد بأرض الترك ، شفاء الغليل ـ أقرب الموارد ج ٣ ص ٤٧.

٢٩٤

بعد المؤنة وبلوغ عشرين ديناراً

______________________________________________________

اجمع (انتهى) ، واستدل بقوله تعالى (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (١) وفي الدلالة تأمّل.

ولصحيحة الحلبي قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرصاص ، والصفر والحديد ، وما كان بالمعادن كم فيه قال : يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة (٢).

وصحيحة زرارة قال : سئلت أبا جعفر عليه السلام عن المعادن ما فيها؟ فقال : كلما كان ركازا ففيه الخمس ، وقال : ما عالجته بمالك ففيه ما اخرج الله منه من حجارته مصفّى الخمس (٣).

وصحيحة محمد بن مسلم ، قال : سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الملاحة فقال : وما الملاحة؟ فقلت : أرض سبخة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا ، فقال : هذا المعدن فيه الخمس ، فقلت : والكبريت والنفط يخرج من الأرض ، قال : فقال : هذا وأشباهه فيه الخمس (٤).

قوله : «بعد المؤنة إلخ» إشارة إلى شرط وجوبه فيه ، وهو أمران (الأوّل) إبقاء شي‌ء بعد المؤنة فإنها تخرج منها.

ودليله الإجماع المفهوم من المنتهى ، والعقل ، وهذا واضح.

(والثاني) النصاب نقل عن الشيخ في الخلاف عدمه أصلا.

ودليله عموم الأدلة المذكورة والإجماع الذي نقله ابن إدريس ، ونقل عن ابن بابويه ، الدينار الواحد ، وكذا عن ابى الصلاح ، والمشهور كونه عشرين دينارا.

__________________

(١) البقرة ـ الآية ٢٦٧.

(٢) الوسائل باب ٣ ذيل حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٢٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ودليله الأصل ، وعموم ما يدلّ على اباحة ما خلقه الله.

وصحيحة البزنطي قال : سئلت أبا الحسن عليه السلام عمّا أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي‌ء؟ قال : ليس فيه شي‌ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا (١).

فيقيّد به عموم الأدلّة ، وترجّح على رواية محمد بن على بن الحسين قال : سأل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ ، والياقوت والزبرجد ، وعن معادن الذهب والفضّة ، هل فيها زكاة؟ فقال : إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس (٢).

للصّحة والشهرة ، والأصل ، والصراحة في اشتراط عشرين في المعادن كلّها ، وضدها في الأخيرة ، مع احتمال الاستحباب ، وحملها الشيخ على غير المعدن.

«فروع»

(الأول) لا يبعد اعتبار النصاب فيما اخرج دفعة أو دفعات لا يترك (٣) العمل بينهما ترك إهمال كما قاله في المنتهى.

ويحتمل اعتبار الدفعات مطلقا ، قال في الدروس : ولا فرق بين ان يكون الإخراج دفعة أو دفعات كالكنز ، وان تعددت بقاعها وأنواعها (انتهى).

لصدق (٤) بلوغ نصاب الزكاة على المخرج بالدفعات الذي هو شرط للوجوب كما هو ظاهر الرواية فيضمّ البعض الى بعض مطلقا ، وهو الأحوط.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) صفة لقوله قده : دفعات.

(٤) دليل لقوله قده : ويحتمل اعتبار الدفعات مطلقا.

٢٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(الثاني) كونه بعد المؤنة ، لما مر والظاهر اعتبار النصاب بعدها لان الظاهر من دليله بلوغ ما يقع في يد المخرج نصابا ، وكذا (١) من عموم ما يدلّ على اعتبار الخمس بعد المؤنة كما ستسمع (٢) ، وفي صحيحة زرارة المتقدمة أيضا اشارة اليه فافهم.

(الثالث) المعدن ان كان في الأرض المملوكة فهو لمالكها ، ويخرج الخمس وان كان في الأرض المباحة فهو لمن وجده وعلمه. (عمله ـ خ)

الظاهر انه يساوي المسلم والكافر ، وان الأرض سواء كانت للإمام خاصّة كالأنفال في زمان الغيبة مطلقا ، وفي زمان الحضور بشرط الاذن والاعلام ، أو كانت للمسلمين بان فتحت عنوة لعموم الأدلة ولعدم القيد ، ولهذا أطلق الأصحاب أيضا.

ويحتمل اختصاص ما في أرضه عليه السلام بشيعته كما يشعر به بعض الروايات الدالة على جواز التصرف في أرضه وملكه عليه السلام (٣) ، وما في الأرض المفتوحة عنوة بمصالح المسلمين كاصلها ونمائها لكونهما ملكا لغير الواجد فتأمل ، فإنه لا يبقى المعدن للواجد الا نادرا.

(الرابع) الظاهر تعلقه بالعين ، فلا يجوز التصرف فيه الا بعد الإخراج كالزكاة.

ويمكن جواز الإخراج من غيره كالزكاة لئلا يلزم الحرج والضيق ، ولحصول العوض (الغرض ـ خ) ، وظاهر الأدلة يقتضي الأول مع عدم التصريح بجواز الإخراج عن غيره ، والقياس على الزكاة من غير دليل غير معقول ، ولا شك انه أحوط أيضا.

قال في المنتهى : الواجب خمس المعدن لا خمس الثمن ، لان الخمس يتعلّق

__________________

(١) يعنى وكذا الظاهر من عموم ما يدل إلخ بلوغ ما يقع في يد المخرج نصابا.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) راجع الوسائل باب ٤ من أبواب الأنفال.

٢٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بعين المعدن لا بقيمته (انتهى).

(الخامس) قال في المنتهى : إذا كان المعدن للمكاتب يجب عليه الخمس ، ودليله عموم الأدلّة مع صلاحيته للتملك والكسب (١).

ثم قال : العبد إذا استخرج معدنا ملكه سيّده ، لان منافعه له ، ويجب على المولى الخمس في المعدن ، هذا إذا أخرجه على انه للسيد أو للعبد وقلنا : ان العبد لا يملك (انتهى).

وفيه تأمّل. ثم قال : إذا أخرجه لنفسه باذن المولى ، وقلنا : ان العبد لا يملك فالصحيح أيضا انه كذلك خلافا للشافعي (لنا) العموم (انتهى).

وفيه تأمّل أيضا ، لعدم تسليم العموم الشامل لصورة النزاع ، بل ظاهر العموم الدال على انه يخرج الخمس ، كون الباقي للواجد.

نعم إذا أخرجه مطلقا أو بإذن السيّد بأن يخرج له يكون للسيد ، لأنه منفعة ماله.

واما مع الإذن بالإخراج لنفسه مع القول بتملكه على ما هو المفروض فالظاهر انه له ، وحكمه حكم التمليك ، ويدل على الإبقاء له ـ المؤمنون عند شروطهم (٢) ـ وذم ترك العمل بالقول :

الا ان يقال : انه للسيّد ، وبمجرّد الإذن بإخراج ما لم يخرج ما صار ملكا ، فتأمّل ، فإن كونه للسيّد مقتضى القوانين.

(السادس) المعدن يملك بملك الأرض ، لأنه جزؤها.

(السابع) يمكن ان يكون الوصول الى احد النصابين الأولين من النقدين كافيا ، لما في صحيحة الحلبي ـ كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة ـ (٣) والظاهر

__________________

(١) هذا تلخيص عبارة المنتهى لا عينها فلاحظ المنتهى ص ٥٤٦.

(٢) راجع الوسائل باب ٢٠ من أبواب المهور من كتاب النكاح حديث ٤ ويدل على ذم ترك العمل بالقول ما ورد في الاخبار الدالة على لزوم الوفاء بالعهد.

(٣) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٢٩٨

وفي الكنوز المأخوذة في دار الحرب أو دار السلام وليس عليه أثره ، والباقي له.

______________________________________________________

اعتبار نصاب كل واحد فيه ولما في صحيحة البزنطي ، عن ابى الحسن الرضا عليه السلام قال : سئلته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز ، فقال : ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس (١).

والظاهر عدم الفرق بين المعدن والكنز وكثيرا ما يطلق عليه الكنز كما في صحيحة زرارة المتقدمة (٢) ، وما في صحيحة البزنطي المتقدمة : ـ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا (٣) ـ كأنّه للمثال.

(الثامن) ما علم صدق المعدن عليه يجب فيه الخمس مع الشرائط حتى النفط والكبريت والملح وأشباهها ، لذكرها في رواية محمد بن مسلم المتقدمة ـ في الفقيه ـ وهي صحيحة في التهذيب ـ (٤) مع الإشارة في غيرها.

واما الصدق على مثل الجصّ وطين الغسل والعلاج فغير ظاهر ، وقد مرّ التصريح في الدروس على الوجوب في الكلّ ، ولا ريب أنّه أحوط.

قوله : «وفي الكنوز المأخوذة إلخ» الثالث من الأصناف الواجب فيها الخمس هو الكنز ، ودليله الإجماع ، قال في المنتهى : الركاز هو الكنز مشتق من ركز به يركز إذا خفي ، ومنه الركز ، وهو الصوت الخفي ، والمقصود هنا منها هو المال المدفون في الأرض ، ويجب فيه الخمس بلا خلاف بين أهل العلم كافّة قال الله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ ، فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ) الآية (٥) وهو من جملة الغنائم عندنا فتشمله الآية (انتهى).

وينبغي ان يقيّد التعريف بعدم العلم بكونه مال من لا يحل التصرف في

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٥) الأنفال ـ ٤١.

٢٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ماله كما سيجي‌ء ، ولعله ترك للظهور.

وصحيحة (١) زرارة ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال : كلما كان ركازا ففيه الخمس (٢) ، الخبر.

وصحيحة الحلبي قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر وغوص اللؤلؤ ، فقال : عليه الخمس ، وسألته عن الكنز كم فيه؟ قال : الخمس ، وعن المعادن كم فيها؟ قال : الخمس ، وعن الرصاص ، والصفر ، والحديد ، وما كان من المعادن كم فيها؟ قال : يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة (٣) وصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سئلته عما يجب فيه الخمس من الكنز قال : ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس (٤).

فلا شك في وجوبه في الكنز في الجملة.

واما الوجوب فيه أينما وجد فلا ، فيحتاج الى التفصيل ، فيقال : الكنز ان وجد فيما ملك بالإرث أو البيع ونحوه من الأسباب المملكة ، فالأوّل للورثة مطلقا مع العلم بأنه للمورث ، بل مع تجويزهم كونه له أيضا فلا خمس حينئذ ، وانه تركة يقسم بينهم ، لانه تحت يد المورث ، وكلما هو تحت يده فهو تركة ما لم يعلم خلافها فتأمّل ، فإن الأحوط الترك مع القرائن ، والعمل بها.

وان علموا أو اعترفوا أنّه ليس له ، فينقل الى المالك المقدّم على المورّث وحكمه حكم الثاني.

وهو أنه يعرّف المالك الأوّل فالأوّل ، حتى ينتهي ، فإن عرفه مالك مطلقا فهو له بغير بيّنة ولا يمين لانه تحت يده مع دعواه له بغير منازع ، ولكن ينبغي له عدم

__________________

(١) عطف على قوله قده : الإجماع.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ١ وباب ٣ حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣٠٠