مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

ولا يشترط الفقر في الغازي ، والعامل ، والمؤلّفة (قلوبهم خ).

ويسقط في الغيبة سهم الغازي الّا ان يجب ، والعامل ، والمؤلفة

______________________________________________________

أو يحتسب بها (١).

وكذا ما يدل على جواز تقديم الزكاة قرضا على ما مرّ ، وان القرض نعم الشي‌ء وقاية للمال عن الزكاة ولو لم يؤخذ (٢) ـ فتأمّل وغير ذلك.

وقد مر في الميّت أيضا ، ويشعر به ما يدلّ على ثواب تحليل الميّت ، عن ابى عبد الله عليه السلام إنّ له بكلّ درهم عشرة دراهم إذا حلّله ، فان لم يحلله فإنما له درهم بدل درهم (٣) والظاهر أنّ القضاء عن الحيّ والميّت كذلك مطلقا باذنه وبغير اذنه ، وقد مرت الإشارة اليه.

وتدل عليه ، العمومات وما يدل على قضاء دين أخيه المؤمن (٤) ، وقد مرّ ثوابه العظيم ، وانه عام في الحيّ والميّت ، وبالزكاة وغيرها ، وبالاذن وبدونه ، وانه تفريج كربة المؤمن ، وهي أعظم كربه فيدرك ثواب ذلك أيضا ، ولا شك في شمول في سبيل الله له.

قوله : «ولا يشترط الفقر إلخ» للأصل ، ومقابلتها للفقراء ، ولأنّه معاونة للغزو والزكاة ، وصرف مال فيهما ، وأجرة للعمل ، وهو في العامل أظهر.

وقد مرّ سقوط سهم الغازي مع الاستثناء ، وكذا المؤلفة.

فأما وجه سقوط العامل فهو انه وكيل الإمام عليه السلام وأنّ معينة هو عليه السلام ، فمع غيبته عليه السلام لا يمكن.

ولكن في المؤلفة وفي العامل تأمّل ، إذ قد يحتاج إليهما فيعينهما الحاكم فينبغي الاستثناء فيهما أيضا كالأوّل ولا يخرج عن الاحتياج مهما أمكن.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٦ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة

(٢) الوسائل باب ٤٩ حديث ١٦ ـ ١٧ من أبواب المستحقين للزكاة

(٣) لاحظ الوسائل باب ٢٣ من أبواب الدين والقرض وباب ١٣ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف

(٤) لاحظ الوسائل باب ٢٥ الى ٣٢ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف

٢٠١

«المقصد الرابع في كيفيّة الإخراج»

يجوز ان يتولاه المالك بنفسه أو وكيله ،

______________________________________________________

قوله : «يجوز أن يتولاه المالك بنفسه ووكيله إلخ» جواز تولية الإخراج بنفسه ظاهر لتوجه التكليف بالإخراج اليه.

ولعلّ دليل جواز إخراج الوكيل هو الإجماع المفهوم من المنتهى حيث قال : ولو دفع المالك الزكاة إلى وكيله ليفرقه ونوى حال الدفع اليه ، ونوى الوكيل حال الدفع الى الفقير أجزأ إجماعا لوقوع العبادة على وجهها ، ولو نوى الوكيل حال الدفع ولم ينو المالك قال : الشيخ لم يجز عنه ، لان الوكيل ليس بمالك ، والفرض (الغرض خ) يتعلق بالمالك ، والاجزاء يقع عنه ، وعندي فيه توقف (انتهى).

وفي دليله تأمّل ، لأنه إذا كان الفرض (الغرض خ) متعلقا به فلا ينبغي التوكيل ، ولا يصحّ الا بدفعها بنفسه الى الفقراء ولا يؤثر نيته وقت الدفع الى الوكيل أصلا ، لأنه وكيله ويده مثل يده ، فلو صح معها ينبغي الصحة بدونها أيضا.

بل ما نجد معنى لنيّته حينئذ لعدم المقارنة المشروطة عندهم ، وان كانت للعزل فهو أمر آخر ، ولانه (١) يفهم من هذا الكلام أنه لو وكل في الإخراج فاخرج

__________________

(١) الظاهر انه عطف على قوله : لأنه إذا كان الفرض إلخ

٢٠٢

والامام.

والساعي ان اذن له الامام عليه السلام والّا فلا.

ويستحب حملها الى الامام عليه السلام.

______________________________________________________

الوكيل ونوى عند الدفع الى المستحق لا يكون صحيحا عند الشيخ ، وهو خلاف أكثر العبارات من قولهم : (ويجوز الإخراج بوكيله) الا ان يقيّد مع نيته بنفسه ، وما أجد لها معنى ظاهرا الّا ان يكون تعبدا محضا أو لا تكون المقارنة شرطا أو يكون بنيّة العزل فلا يحتاج كونها (١) عند الدفع الى الوكيل ، فتأمّل ، ولم يظهر شرطيتها لصحّة دفع الوكيل.

وبالجملة ، الظاهر عدم الاحتياج الى نيته ، وكفاية نية الوكيل عند الدفع ، ونيتهما أحوط.

والظاهر ان الغرض وصول الحق إلى أهله وهو يحصل بدون نيّة المالك كما في أداء الديون فتأمل فإنها عبادة والتوكيل خلاف الأصل ، ولا دليل ظاهرا الّا ان يكون إجماعا ، وليس بواضح حتى يعلم ان الغرض ذلك فتصح الوكالة فالأولى الإخراج ـ مع الإمكان.

وينبغي كونه على تقدير الجواز ممن يوثق بقوله وفعله حتى يحصل البراءة بقوله : (فعلت) أو بمجرد توكيله ، فتأمّل.

ومعلوم عدم النزاع في جواز إخراج الإمام عليه السلام ، فإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم خصوصا من جهة علمه بكيفيّة الإخراج والمستحقين وحصول البراءة ـ بتسليمه وثبوت صرفها اليه صلى الله عليه وآله أو الى الامام عليه السلام ، ولهذا لا نزاع في أولويّة الدفع اليه واستحبابه ، بل مجمع عليه كما يفهم من المنتهى.

وكذا الساعي لو علم اذن الامام عليه السلام له بذلك ، فالظاهر من هذا الكلام كون المراد بالإخراج إيصاله إلى المستحق.

__________________

(١) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة ولعل حق العبارة : فلا يحتاج الى كونها إلخ

٢٠٣

ولو طلبها وجب ، ولو فرّقها حينئذ أثم وأجزأه على رأى.

______________________________________________________

قوله : «ولو طلبها وجب إلخ» قال المصنف : لأن الأمر بالأخذ ، للوجوب وهو يستلزم الأمر بالإعطاء وفيه بحث (انتهى).

والظاهر ان مراده بالبحث ان أخذه صلى الله عليه وآله على تقدير إعطاء جماعة خاصّة (١) كان واجبا ، وهو لا يستلزم وجوب الإعطاء على كلّ أحد لو طلب كل امام.

ويمكن ان يقال : لو طلبها بما يفيد الوجوب مثل صيغة الأمر الدالّة على الوجوب يجب لذلك والّا فلا وهو ظاهر.

وحينئذ لا شك في الإثم لو خالف ، لان ترك الواجب موجب لذلك وهو ظاهر ، وامّا لو أعطاها حينئذ بنفسه أو بوكيله هل يجزي أم لا؟ جزم في المتن والتذكرة به ، وفي المختلف اختار عدم الاجزاء لعدم إتيانه بالمأمور به على وجهه.

وفيه تأمّل ، فتأمّل ، وقال في المنتهى : وعندي فيه توقف ، وقال المحقق الثاني والشهيدان : لا يجزى.

ولعل دليلهم كون الأمر بالشي‌ء مستلزما للنهى عنه ، وانه في العبادة مفسد وصرّح به ثاني الثاني (٢) فلا يجزى لفساده ، فيرجع مع بقاء العين ، ومع التلف فلا ، ويمكن معه أيضا مع علم الآخذ بالحال.

والعجب أنّ المصنف مع قوله : بأن الأمر مستلزم للنهى مطلقا وانه مفسد قال بالاجزاء وتوقف ، وقال الجماعة (٣) بالعدم مع عدم قولهم به في الضد الخاصّ مع شبهة ثاني الثاني بعدم الفساد أيضا كما مرّ ، ومعلوم أن هذا الإخراج ضدّ خاص لو كان بالنسبة الى الأمر بالدفع الى الامام عليه السلام ، لان الضد هو عدم الدفع ، وهو أعم من الدفع الى أحد وعدمه أصلا وهو ظاهر.

بل يمكن ان يقال : ليس الدفع الى الفقير فردا له وضدا للدفع الى الامام

__________________

(١) يعني لو اعطى جماعة زكواتهم باختيارهم ، للنبي صلى الله عليه وآله يجب عليه الأخذ حينئذ وهو لا يستلزم وجوب الإعطاء على كل أحد مع المطالبة.

(٢) يعني الشهيد الثاني عليه الرحمة.

(٣) أي المحقق والشهيدان.

٢٠٤

وحال الغيبة يستحبّ دفعها الى الفقيه ليفرقها.

______________________________________________________

عليه السلام ، لعدم المنافاة (١) بين الدفع الى الفقير ثم الدفع اليه عليه السلام ، وفيه تأمّل.

ولعل الى هذا نظر المصنف.

أو الى أنه ما علم الوجوب من طلبه عليه السلام معينا ومنعه من الإعطاء بنفسه ، لاحتمال كون غرضه من الطلب إيصال الحقّ إلى أهله كما هو الظاهر.

ولهذا قال في دليل الوجوب ـ وفيه بحث ـ وتوقف في الاجزاء لذلك الاحتمال في المنتهى وجزم في المتن به لرجحان كون الغرض ذلك وظهور صدق امتثال الأوامر المطلقة ، ولكن يلزم حينئذ عدم الإثم أيضا.

ويمكن ان يقال : لا ينافي الأجزاء ، الإثم أيضا على تقدير التفريق بنفسه ، لاحتمال كون الإثم على عدم الدفع اليه عليه السلام والعزم على ذلك ، والبقاء ، والتأخير ، لا على التفريق كما أشرنا اليه.

وبالجملة لا يتحقق الفساد بالنهي إلّا مع تحقق المنافاة بين المأمور به والعبادة التي ادّعيت تحقق النهي فيها بسبب أمر ذلك المأمور وعدم إمكان الجمع ، لان دليل الفساد كون شي‌ء واحد بشخصه مأمورا به ومنهيا عنه ، وهو باطل ، فيحتاج الى العلم بالنهي اللازم أيضا ، وقد أشرنا إليه مرارا ، فتذكر.

ويحتمل حمل كلامه هنا على عدم العلم بذلك أيضا ، والأمر واضح ، فإنه ان تحقق ما قلناه لم تجز والا يجزى.

ويؤيّد ما قلناه ما قال في المنتهى في عدم نقل الزكاة قال : ولو قلنا بتحريم النقل فنقلها أجزأته إذا وصلت الى الفقراء ذهب إليه علمائنا اجمع ، فافهم ويمكن ان يقال : المتبادر من طلب الأمر والدفع اليه ، عدم الرضا من دفعه الى غيره وعدم اجزاء ذلك ، فتأمّل.

قوله : «وحال الغيبة يستحب دفعها إلخ» دليله مثل ما مر انه اعلم

__________________

(١) والظاهر ان المراد ان الضدين اصطلاحا أمران وجوديان لا يجتمعان في محل واحد ولازم ذلك عدم إمكان وجود الآخر مع وجود أحدهما وليس هنا كذلك لإمكان الدفع الى الامام عليه السلام ، مع كونه قد دفع الى الفقير أوّلا.

٢٠٥

ويستحب بسطها على الأصناف ، ويجوز تخصيص واحد بها ، وان يعطى غناه دفعة

______________________________________________________

بمواقعة وحصول الأصناف عنده فيعرف الأصل والأولى ، وانه خليفة الإمام عليه السلام ، فكأنّ الواصل اليه واصل اليه عليه السلام ، وان الإيصال إليه أفضل كالأصل.

والظاهر أنه يريد بالفقيه ، الجامع لشرائط الفتوى ، وهو المتعارف عندهم كلما أطلق وقيّد في بعض العبارات بالمأمون ، ويراد به الموثوق بأنه لا يستعمل الحيل الشرعيّة.

قوله : «ويستحب بسطها على الأصناف إلخ» قال في المنتهى : لان لكل واحد منهم قسطا ، ولانه يخرج عن الخلاف ، كأنّه يريد بحسب ظاهر الآية لكل قسط على سبيل التخيير لا اللزوم والا يجب البسط ، ويريد الخروج عن خلاف العامّة حيث ما نقل الخلاف الا من بعضهم.

والمشهور بين الأصحاب ان اللام لبيان المصرف ، فلا يدل على وجوب البسط فلا يجب البسط عندهم.

ويدل عليه بعض الاخبار مثل رواية عبد الكريم بن عتبة الهاشمي ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسمها بينهم بالسويّة ، وانما يقسمها ، على قدر ما تحضره منهم وما يرى وليس في ذلك شي‌ء موقت موظف (١).

وأيضا قد يكون شيئا قليلا فبالبسط خصوصا على جماعة من كل صنف لم يصل الى أحد منهم ما ينتفع به ، فوجوده وعدمه سواء.

ولعلك فهمت منه عدم استحباب البسط مطلقا ، وينبغي تخصيص ما قالوه.

ويدل عليه أيضا ما سيجي‌ء أن أقلّ ما يعطى الفقير هو خمسة دراهم ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٨ ذيل حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وما يدل على الترغيب في إعطاء ما يغني ، وكذا قيل.

ويستحب إعطاء جماعة من كل صنف لظاهر الجمع المذكور في الآية وللخروج عن الخلاف.

والظاهر أيضا أنه لا تجب التسوية ، بل يمكن استحباب التفاضل بعلم ، وعقل ، وصلاح ، وقرابة ، وشدّة حاجة ، وعدم سؤال ، وقد دلّ مثل خبر إسحاق (١) في الزكاة على ان القريب أفضل.

وقد مر أيضا في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج : نعم يفضل الذي لا يسئل على الذي يسئل (٢).

وفي رواية السكوني عنه عليه السلام : أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل (٣).

ويجوز ان يعطى الفقير ما يغنيه ، قال في المنتهى : وهو قول علمائنا اجمع ، وتدل عليه أيضا العمومات ، مثل خير الصدقة ما أغنت (٤).

ومثل موثقة عمار بن موسى ، عن ابى عبد الله عليه السلام انه سئل كم يعطى الرجل من الزكاة؟ قال : قال : أبو جعفر عليه السلام : إذا أعطيته فأغنه (٥).

وما في رواية إسحاق بن عمار عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال : قلت له أعطى الرجل من الزكاة ثمانين درهما؟ قال : نعم وزده ، قلت : أعطيه مأة درهم؟ قال : نعم وأغنه إن قدرت على ان تغنيه (٦).

وفي أخرى لإسحاق بن عمار ، عن ابى عبد الله عليه السلام : قلت خمسمائة

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) المنتهى للعلامة ج ١ ص ٥٢٨ نقلا من الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله.

(٥) الوسائل باب ٢٤ حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٦) الوسائل باب ٢٤ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : نعم تغنيه (١).

ورواية زياد بن مروان ، عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال : أعطه ألف درهم (٢).

ولعلّ فيها دلالة على عدم وجوب البسط ، بل عدم استحبابه سيّما استحباب الإيصال إلى جمع من كلّ صنف فافهم ، خصوصا مع القلّة ، ومعلوم ان ليس مراده بجواز إعطاء غناه دفعة ، عدم ذلك بالدفعات ، بل مجرّد البيان ، ودفع الوهم ، والإشارة إلى جواز إعطاء ما يغنيه وما فوقه دفعة وعدم ذلك بالدفعات لعدم جوازه بعد تحقق الغنى والعبارة قاصرة عنه.

وأيضا يدل على عدم وجوب البسط ، الروايات الدالّة على الاستحباب إعطاء الفقير من زكاة النقد ما يجب في النصاب الأوّل ، وهو قيراطان في الذهب وخمسة دراهم في الفضة ، والرواية صريحة في الثاني فقط.

مثل ما رواه أبو ولاد الحناط الثقة في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول لا يعطى احد من الزكاة أقلّ من خمسة دراهم ، وهو أقل ما فرض الله عز وجلّ من الزكاة في أموال المسلمين فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقلّ من خمسة دراهم فصاعدا (٣).

ورواية معاوية بن عمار وعبد الله بن بكير جميعا ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا يجوز أن يدفع من الزكاة أقل من خمسة دراهم ، فإنها أقل الزكاة (٤).

وقيل بوجوب ذلك في أوّل نصاب النقدين مثل الشيخ في الكتابين ، لما مرّ ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ٧ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٦ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٢٣ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) الوسائل باب ٢٣ حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٠٨

ويحرم حملها عن بلدها مع وجود المستحق فيه.

______________________________________________________

ويحمل على الاستحباب لعموم الآيات ، والاخبار ، والأصل ، وما مرّ من الاخبار (١).

وصحيحة محمد بن ابى الصهبان قال : كتبت الى الصادق عليه السلام : هل يجوز لي يا سيدي ان اعطى الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة دراهم فقد اشتبه ذلك علىّ؟ فكتب : ذلك جائز (٢).

ويدلّ عليه أيضا ما يدلّ على البسط والشهرة العظيمة في ذلك وفي أصل المدعى.

قوله : «ويحرم حملها عن بلدها مع وجود المستحق فيه» الظاهر عدم الخلاف في الجواز مع عدم إمكان صرفها في البلد ، وعدم الضمان لو تلفت بغير تفريط كما لو تلفت بعد العزل كذلك.

وانما الخلاف في حملها مع وجود المستحق فيه ، فنقل في المنتهى عدم جواز النقل حينئذ عن بعض علمائنا واختار الكراهة فيه وفي المختلف أيضا بعد نقل ، الأقوال ، واختار هنا التحريم.

وظاهر الأدلّة هو الجواز مع الكراهة كما قال في المنتهى : إذا قلنا بالجواز كان مكروها ، فالأولى صرفها الى فقراء بلدها دفعا للخلاف واحتمال الفوت فيحرم عن الثواب ولزوم التأخير في الجملة المنافي للمسارعة إلى المغفرة وحمل بعض الاخبار عليها.

وأما دليل الجواز فهو الأصل ، وصحيحة هشام بن الحكم وحسنته ، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يعطى الزكاة يقسمها إله أن يخرج الشي‌ء منها من البلدة التي هو فيها الى غيرها؟ فقال : لا بأس به (٣).

وصحيحة بكير بن أعين ، قال : سئلت أبا جعفر عليه السلام ، عن الرجل يبعث بزكاته فتسرق أو تضيع قال : ليس عليه شي‌ء (٤).

__________________

(١) مثل رواية عبد الكريم بن عتبة قال : ليس في ذلك شي‌ء موقت.

(٢) الوسائل باب ٢٣ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) وسائل باب ٣٩ ح ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ونفي الشي‌ء أعم من الإثم ، ولأنه لو لم يجز لوجب الإعادة ، فدلّت على الجواز ومثله حسنة أبي بصير ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : إذا أخرج الرجل الزكاة من ماله ثم سمّاها لقوم فضاعت أو أرسل بها إليهم فضاعت فلا شي‌ء عليه (١).

ورواية درست بن أبي منصور ، عن رجل : عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال : في الزكاة يبعث بها الرجل الى بلد غير بلده؟ قال : لا بأس ان يبعث بالثلث أو الربع ـ شك أبو أحمد (٢) ـ (وهو ابن ابى عمير) (٣) وكأنه لا قائل بالفرق.

وما في رواية عمرو بن الياس ، فقلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك الرجل يبعث بزكاة ماله من أرض إلى أرض فيقطع عليه الطريق؟ فقال : قد أجزأت عنه ولو كنت أنا لأعدتها (٤) ، وفيها دلالة على استحباب الإعادة.

ورواية أحمد بن حمزة قال : سئلت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يخرج زكاته من بلد الى بلد آخر ويصرفها في إخوانه فهل يجوز ذلك؟ قال : نعم (٥) ـ أظن أنها صحيحة.

ويدل عليه أيضا الأخبار الصحيحة الدالة على جواز التأخير (٦) وقد مرت فتأمّل.

وما نرى شيئا يدل على عدم الجواز الا احتمال التلف ، فيندفع بظن

__________________

(١) وسائل باب ٣٩ ح ٦ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٣٧ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الواقع في طريق الكليني والشيخ.

(٤) الوسائل باب ٣٩ حديث ٦ من أبواب المستحقين للزكاة ـ وصدر الحديث في الكافي هكذا ـ عن وهيب بن حفص قال : كنا مع ابى بصير فأتاه عمرو بن الياس فقال له : يا أبا محمد ان أخي بحلب بعث الىّ بمال من الزكاة أقسمه بالكوفة فقطع عليه الطريق فهل عندك فيه رواية؟ فقال : نعم سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه المسئلة ولم أظن ان أحدا سئلنى عنها ابدا فقلت لأبي جعفر عليه السلام إلخ.

(٥) الوسائل باب ٣٧ حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٦) راجع الوسائل باب ٥٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

السلامة والضمان ، والا فيحرم التأخير.

ووجوب الفورية ، وليس بواضح على ما مر.

على ان العلّامة قال : والإخراج عن البلد للإعطاء ليس بتأخير ، بل شروع في الإخراج ، ومع التسليم قد يخرج هذا التأخير من ذلك بالدليل المتقدم ، مع كونه وسيلة إلى الإخراج خصوصا إذا انضم اليه غرض صحيح مثل الإعطاء إلى الأفضل ، والأصلح ، والأقرب ، ومن لا يسئل والأحوج.

نعم يدل على الضمان لو اخرج مع وجود المستحق ، حسنة محمد بن مسلم قال : قلت : لأبي عبد الله عليه السلام : رجل بعث زكاة ماله لتقسّم فضاعت ، هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال : إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها اليه فهو لها ضامن حتى يدفعها ، وان لم يجد لها من يدفعها اليه فبعث بها الى أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يدله ، وكذلك الوصي الّذي يوصى اليه يكون ضامنا لما دفع إليه إذا وجد ربّه الذي أمر بدفعه إليه ، فان لم يجد فليس عليه ضمان (١).

وأيضا حسنة زرارة ، قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسّمها فضاعت فقل : ليس على الرسول ولا على المؤدّى ضمان ، قلت : فإنه لم يجد لها أهلا ففسدت وتغيّرت أيضمنها؟ قال : لا ، ولكن إذا عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها (٢).

وهما لا يدلان على تحريم النقل ، بل على الضمان فقط مع التلف ووجود المستحق ، وهو لا يستلزم التحريم ، إذ قد يكون فعلا جائزا مستعقبا للضمان ، وهو كثير ، على ان في أوّل الثانية ما يدل على جواز النقل ، فتأمّل.

ويدل عليه أنه لو أخر في البلد أيضا مع وجود المستحق يضمن ، كما يدل عليه الخبران ، وليس بظاهر تحريمه على ما مرّ من جواز التأخير في الجملة.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٣٩ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا لو عزلها من ماله ، فيخرج عن الضمان لو تلف بغير تفريط ، وكأنه لا خلاف فيه.

ويدل عليه حسنة عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : إذا أخرجها من ماله فذهبت ولم يسمها لأحد فقد برء منها (١).

وقال في المنتهى ولو قلنا بتحريم النقل فنقلها أجزأه إذا وصلت الى الفقراء ذهب إليه علمائنا اجمع ، وهو قول أكثر أهل العلم (انتهى).

ووجهه ظاهر ، وهو وصول الحق إلى اهله وان قصّر في الإيصال في بعض الأوقات كالغاصب إذا ردّ المال الى صاحبه بعد المنع مدّة ، وكذا الديان وهو ظاهر.

ولا يفهم كونها مختصة بأهل تلك البلدة ، فإعطاؤها لغيرهم إعطاء الى غير الأهل لأنها ليست حقا لهم ، بل هم من جملة المستحقين ، نعم لحضورهم ووجودهم كانوا أحق ، وهو ظاهر.

وهذا يدل على ما قلناه سابقا من عدم تحريم إعطائها للفقراء ، وعدم كونه ضدا للأمر بإعطائه للإمام عليه السلام ، وهنا كذلك ليس الإعطاء حراما وان كان الإخراج عن البلد حراما فتأمّل.

ويفهم من الاخبار جواز الإرسال مع الغير ، ولا يبعد اختيار كونه ممن يوثق به وان كانت الروايات خالية عنه ، وكأنه موكول الى الظهور فتأمّل ، فإن الاولى عدم النقل وعدم التأخير كما مرّ انه مكروه.

وعلى تقدير النقل ينبغي اختيار الأقرب والا من ، قال في المنتهى : لو نقلها مع وجود المستحق ضمن إجماعا ، وقال أيضا : لو لم يوجد المستحقّ في بلدها جاز نقلها مع ظن السلامة ، ولا يضمن مع التلف حينئذ بلا خلاف (انتهى).

فالظاهر جواز النقل مطلقا ويلزمه الضمان مع وجود المستحق مطلقا ، فلا

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يقيّد الجواز بشرط الضمان على انه ليس له معنى محصّل ، فتأمّل.

وينبغي مراعاة ما ذكرناه من الأقرب والأمن والإرسال مع من يوثق به ، قال في المنتهى : رعاية الأقرب مستحبّة عندنا وواجبة عند القائلين بالتحريم وعدم النقل دائما من بلد الى آخر ، وهكذا بحيث يؤل الى تعطيل الإعطاء أو تأخيره كثيرا وأيضا يستحبّ اعطاءها في بلد المال لو كانت ماليّة وان كان هو غائبا عن بلده وإخراج مال كل بلد فيه ، والفطرة في بلد هو فيه وان كان ماله غائبا عنه.

والظاهر ان النقل من البيادر إلى القرية والبلد لا يسمى نقلا ، إذ المتعارف نقلها إليها وان فرض وجود المستحق هناك يمكن اجراء الخلاف فيه ، وهو غير بعيد وقال فيه أيضا : لو لم يوجد المستحق استحب له عزلها لانه مال لغيره فلا يتصرف فيه ـ انتهى.

ولان الظاهر أنّ له ولاية التعيين في ماله من اىّ قسم أراد ، واستخلاص نفسه من الاشتراك والضمان مطلقا مرغوب فينبغي العزل له ، ولانه يلزم الحرج والضيق في الجملة لو منع عن ذلك ، والظاهر عدم الخلاف في ذلك.

ويدل على الجواز والتعيين بالعزل عباراتهم : ـ انه يضمن لو فرط ـ و ـ انه لو نقل وفات ضمن ـ فإنه ظاهر في تعيينها (١) ، وكذا تحريم (٢) النقل.

نعم ، هل يتحقق بمجرد التعيين والقصد والعزل؟ ولو كان ممّا يؤكل أو يوزن يكفيان؟ أو لا بد مع ذلك ، النيّة.

والأصل وخلو العبارات والروايات عنها ، يدل على العدم ، واختار الشهيد الثاني اعتبارها وتردد مع وجود المستحق في البلد في التعيين معها أيضا ، وهو بعيد.

ويدل على العدم أيضا ان الظاهر انها عبادة واجبة فيكفيها نيّة واحدة.

ويدل عليه من الروايات حسنة عبيد بن زرارة المتقدمة (٣) ، ورواية

__________________

(١) أي تعيين الزكاة بالعزل.

(٢) يعنى ظاهر في تحريم النقل.

(٣) الوسائل باب ٣٩ حديث ٤ من أبواب المستحقين للزكاة.

٢١٣

وتأخير الدفع مع المكنة ، فيضمن لا بدونها.

______________________________________________________

يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : زكاتي تحل علىّ في شهر أيصلح لي ان احبس منها شيئا مخافة ان يجيئني من يسألني يكون عندي عدّة؟ فقال إذا حال الحول فأخرجها من مالك ولا تخلطها بشي‌ء ثم أعطها كيف شئت ، قال : قلت : فإن أنا كتبتها وأثبتها يستقيم لي؟ قال : نعم لا يضرك (١).

وليس في السند (٢) من فيه الا الحسن بن على بن فضال وهو لا بأس به ، وان قيل فيه وفي يونس ما قيل.

ثم قال في المنتهى أيضا : ويستحب الإيصاء لأنه ربما اشتبهت على الورثة لو فجئه الموت ، واما لو أدركته الوفاة ولم يوص بها وجبت عليه الوصيّة.

قوله : «وتأخير الدفع مع المكنة إلخ» أي يحرم ذلك ، وقد مر الكلام فيه ، وان الاخبار الصحيحة دلت على جواز التأخير مثل صحيحة معاوية بن عمار : لا بأس بالتأخير من شهر رمضان الى المحرم (٣).

وصحيحة حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين (٤).

قال الشهيد الثاني في شرح الشرائع : بل الأصح جواز التأخير شهرا وشهرين لا أزيد لصحيحة معاوية بن عمار.

وقد عرفت أنّها مشتملة على الجواز من شهر رمضان الى المحرم.

وان ليس فيها (شهرا وشهرين) ، بل ذلك موجود في صحيحة حماد مع عدم النفي

__________________

(١) الوسائل باب ٥٢ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) وسنده كما في الكافي : محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن الحسن بن على ، عن يونس بن يعقوب.

(٣) الوسائل باب ٤٩ حديث ٩ من أبواب المستحقين للزكاة ـ ولفظ الحديث هكذا : ـ عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له : الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم قال : لا بأس قال قلت : فإنها لا تحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال : لا بأس.

(٤) الوسائل باب ٤٩ حديث ١١ من أبواب المستحقين.

٢١٤

ويجوز النقل مع عدم المستحق ، ولا ضمان ، ولو حفظها حينئذ في البلد حتى يحضر المستحق فلا ضمان.

ويستحب صرفها في بلد المال ولو كان غير بلده.

ويجوز دفع العوض في بلده ،

______________________________________________________

عن الزيادة فقوله قده : (لا أزيد لصحيحة معاوية بن عمار) محلّ التأمّل ، ولعل في العبارة غلطا.

والظاهر أنه لو أخّر الدفع مع المكنة ضمن ، سواء قلنا بجوازه أم لا ، وانه لا ضمان بالتأخير مع عدم المكنة وعدم التفريط في الحفظ ، وعليه يحمل قوله : (فيضمن).

قوله : «ويجوز النقل مع عدم المستحق» قد مر انه إجماعيّ ، والظاهر انه يشترط ما ذكرناه من الأمن في السفر ، وهو ظن السلامة ، وأنّه لا ضمان حينئذ مع عدم التفريط وعدم صدور ما يوجب ذلك في الامكانات ، وكذا لو حفظها حينئذ في البلد مع تلك الشرائط وان كان السفر ممكنا ، بل أمن من الحفظ في البلد ، لعدم وجوب السفر لحفظ مال الناس.

قوله : «ويستحب إلخ» يعني يستحب صرف الزكاة إلى المستحقين في بلد فيه المال وان كان هذا البلد غير بلد المالك ، وانما ذكره بطريق الشرط ، لوضوحه حين اتحاد البلد.

ووجهه انها على المال ، فالإعطاء انما يكون حيث يكون ، ولأنها متعلّقة بالعين والإعطاء منها أفضل فيكون في البلد والإعطاء منها في غير البلد مستلزم للنقل ، وقد مر البحث فيه.

نعم يجوز الإعطاء من غيرها في غيره بناء على جوازه من غير العين.

واليه أشار إليه بقوله : ـ ويجوز دفع العوض في بلده.

والظاهر انه لو أخذ وكيل المستحق من بلد المال ونقلها الى ايّ مكان كان ، ليس نقلا حراما ولا مكروها ، فإنه نقل ماله لا الزكاة كنقل المستحق نفسه ذلك

٢١٥

وفي الفطرة ، الأفضل صرفها في بلدها.

ويدعو الإمام أو الساعي إذا قبضها وجوبا على رأى

______________________________________________________

وان كان بلده بعيدا عن بلد الزكاة ، وهو ظاهر ، وانه كنقل سائر أمواله.

واما أفضليّة الفطرة في بلده ، فلتعلّقها بذمته لشخصه ، فيخرجها أينما كان والظاهر ان الاعتبار بمن تجب لهم ممن يعوله لا بمن تجب عليه ، مع الاحتمال فتأمّل.

قوله : «ويدعو الإمام إلخ» دليل الوجوب قوله تعالى (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) (١) فإنه أمر ، والأصل فيه الوجوب ، والتأسي يدل على الوجوب على من يقوم مقامه صلى الله عليه وآله من الامام والساعي ، ولانه شكر وجزاء لنعمته.

ويمكن ان يقال : وجوب الدعاء عليه صلى الله عليه وآله لجماعة خاصّة ليس بموجب لغيرهم عليه صلى الله عليه وآله فكيف على غيره صلى الله عليه وآله لغيرهم وهو ظاهر.

وليس (٢) من باب التخصيص بخصوص السبب ، بل من عدم عموم اللفظ لرجوع الضمير إلى جماعة خاصّة ، وكونه شكرا لنعمتهم غير ظاهر ، بل النعمة من الله تعالى ، فالاستحباب غير بعيد ، للخروج عن الخلاف في الجملة والجزاء في الجملة واختاره في المنتهى.

ويمكن الاجتزاء بما يصدق عليه الدعاء ، وبلفظ الصلاة أولى.

وفي الآية وفعله (٣) صلى الله عليه وآله دلالة واضحة على جواز الصلاة على غيره خلافا للعامة ، وقد سلّمه في الكشاف (٤) وردّه بالاتهام بالرفض.

__________________

(١) التوبة ـ ١٠٣.

(٢) قوله : وليس من باب التخصيص إلخ إشارة إلى رد من قال كما في كنز العرفان ان خصوص السبب لا يخصص.

(٣) في سنن ابى داود ج ٢ ص ١٠٦ باب دعاء المصدق : عن عبد الله بن أبي أوفى قال كان أبى من أصحاب الشجرة وكان النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صلى على آل فلان قال فأتاه أبي بصدقته فقال : اللهم صلى على آل أبي أوفى.

(٤) الكشاف ج ٢ ص ٣٠٧.

٢١٦

وتبرء ذمّة المالك لو تلفت في يد أحدهما.

ويعطى ذو الأسباب بكلّ سبب شيئا.

وأقلّ ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأوّل استحبابا.

ولو فقد المستحق وجبت الوصيّة بها عند الوفاة.

ويستحب عزلها قبله.

______________________________________________________

قوله : «وتبرء ذمة المالك إلخ» معلوم حصول برأه ذمته إذا تلفت في يد الامام عليه السلام أو الساعي لعدم تفريطه ، ولأنّه لو كان في يده وتلف بغير تفريط لم يضمن ، وفي يدهما مع الإعطاء بحكمه عليه السلام بطريق أولى ، ولأن الإمام عليه السلام والساعي بمنزلة المستحقين ، فإنهما يأخذان لهم ، فكأنهما وكيلان لهم ، فكأنّها وصلت الى المستحقين وتلفت.

وأيضا نقل الإجماع بيقين البراءة إذا دفعت الى الامام عليه السلام أو وكيله في نفس الأمر بخلاف الإعطاء بنفسه الى الفقير فإنه قد لا يبرء لاحتمال عدم الاستحقاق فلا يبرء الّا ظاهرا وهو ظاهر.

قوله : «ويعطى ذو الأسباب بكل سبب شيئا» وذلك ظاهر لوجود المقتضى وعدم المانع فيعطى الفقير الغارم الغازي وابن السبيل والعامل من السهام الخمس.

قوله : «وأقل ما يعطى الفقير إلخ» قد مر مفصلا.

قوله : «ولو فقد المستحق إلخ» قد مر ذلك أيضا ، ولو كانت معزولة ، أشار إليها ، والا أوصى مطلقا ، ولو قدر على الإخراج يخرج ، وكذا العزل ، والّا يوصى مطلقا ، ولهذا قال : (ولو فقد إلخ).

قوله : «ويستحب عزلها قبله» اى يستحبّ للمالك عزلها بالنية عند البعض ومطلقا على ما فهمنا فظاهر عبارة المتن أيضا ذلك قبل الإخراج ، وظاهره أيضا عامّ مع وجود المستحق وعدمه إذ قد يفوت قبل الوصول اليه خصوصا مع جواز التأخير.

قال الشهيد الثاني : ولا يتحقق العزل مع وجود المستحق ، ونقل عن

٢١٧

وتجب النيّة عند الدفع المشتملة على الوجه ، وكونه عن زكاة مال أو فطرة متقربا

______________________________________________________

الدروس صحّة العزل مع وجودهم وبالجملة هو اعتبر في العزل النيّة وعدم المستحق وكلاهما غير ظاهر كما ظهر ، فتأمّل.

قوله : «وتجب النية إلخ» لعلّ دليله الإجماع ، قال : في المنتهى : ذهب العلماء كافة إلّا الأوزاعي الى أنّ النيّة شرط في أداء الزكاة ، ويدل عليه أيضا بعض المجملات الدالّة على النيّة مثل إنما الأعمال (١).

والظاهر انه يكفي فيها ، ما تقدم في نيّة العبادات ، بل هنا أولى ، لأن الزكاة ليست عبادة محضة ، بل توهم الأوزاعي أنها قضاء دين.

وقال في المنتهى النيّة إرادة تفعل بالقلب ، متعلّقة بالفعل المنوي على ما سلف بيانه ، فإذا اعتقد عند الدفع انها زكاة واعتقد التقرب الى الله كفاه ذلك (انتهى) وهذا بعينه ما أشرنا إليه في العبادات بأنه يكفي في النيّة هذا المقدار.

واما اشتراطه (٢) (رحمه الله) ما زاد عليه من قصد الوجوب أو الندب ، وزكاة المال أو الفطرة ليتميّز فهو أحوط وأولى ، وعلى تقدير عدم تعينها عنده لا بدّ من التعيين ، والمعرفة ، والعلم بذلك كاف والإعطاء بذلك الاعتقاد بحيث لا يكون غافلا بالكليّة ، ولا يحتمل عنده غير ذلك ، وهذا معنى المقارنة فتأمّل.

وقال فيه أيضا : ولا يفتقر الى تعيين المال بأن يقول : زكاة مالي الفلاني إجماعا (انتهى) ، وهذا مؤيد العدم وجوب الزوائد واشتراطها للامتياز لوجود الاشتراك هنا مع كفايته بالإجماع.

والظاهر عدم اشتراط وجوب نيّة الأداء لعدم التوقيت.

وأشار المصنف ههنا إلى المقارنة بقوله : ـ عند الدفع ـ والى الوجوب بقوله : ـ

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث من أبواب مقدمات العبادات وباب ٢ حديث ١٠ ـ ١١ من أبواب وجوب الصوم ونيته وصحيح البخاري باب كيف كان بدو الوحي حديث ١.

(٢) يعنى العلامة ره في المنتهى في عبارته المذكورة بقوله ره : المشتملة على الوجه.

٢١٨

من الدافع اماما كان أو ساعيا أو مالكا أو وكيلا ، ولو كان الدافع غير المالك جاز ان ينوي أحدهما.

______________________________________________________

على الوجه ـ ويمكن إدراج الندب أيضا فيه بأن يريد من الوجوب في قوله : ـ وتجب ـ الاشتراط كما صرّح به في المنتهى كما مر فيكون الغرض بيان نيّة الزكاة مطلقا واجبة أو مندوبة فطرية ومالية

قوله «من الدافع إلخ» يعني يشترط (١) كون النيّة عند الدفع إلخ صادرة من الدافع الذي عيّنه الشارع لذلك ، وهو المالك ، وكونه دافعا ظاهرا لكونه مكلّفا بإخراجها وإيصالها إلى المستحقين فينوي عند الدفع فيبرء ذمته منها ظاهرا بلا اشكال.

وكذا عند الدفع إلى وكلائهم بعد ثبوت التوكيل على ما اعتبر في الشرع ، مثل وقوع التوكيل بحضوره أو سماعه إقرارهم به أو البينة ، ولكن ان اعتبر حينئذ (٢) حكم الحاكم فلا يخلو عن صعوبة.

ولا يبعد جواز الإعطاء بدونه (٣) ، وتكون البراءة الظاهرية أيضا مراعاة حتى يتحقق بسماع ونحوه.

هذا مع ثبوت جريان الوكالة (٤) في أخذها ، ولا بدّ له من دليل شرعّي ، ولكن يوجد في كلامهم بحيث يفهم عدم الخلاف والشك في ذلك ، وان الظاهر ان الغرض إيصال الحقّ إلى أهله فلا يعتبر القبض والأخذ منه بعينه ، وكأنّه مثل إيصال سائر حقوق الناس إليهم أو الى وكلائهم وكذا البحث لو كان الدافع وكيل المالك الا ان الظاهر انه لا يحتاج إلى إثباته لو كان المال في تصرفه كما في بيعه ذلك

__________________

(١) اى عنوان الاشتراط المفهوم من قوله ره : (وتجب) كما تقدم من الشارح قده

(٢) حين قيام البينة

(٣) أي بدون ثبوت التوكيل بأحد الأمور الثلاثة في التوكيل أو السماع أو البينة

(٤) يعنى ان توكيل الفقير غيره في أخذ الزكاة من المالك لا بد له من دليل شرعي لكن الظاهر تحقق الإجماع عليه.

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وغيره.

واما إجزاء دفعهما (١) مع النيّة الى الإمام أو الساعي الذي هو وكيله فمحلّ التأمل ، لأنهما ليسا من المستحقين ولا وكيلا لهم ولهذا ينويان (٢) أيضا عند الدفع إليهم ، ولكن يظهر عدم الشبهة وعدم الخلاف فيهما أيضا ، بل إنّ الإبراء هنا يقع في نفس الأمر لا ظاهرا فقط بالإجماع كما مر.

وكأنّ دليله الإجماع وانه اولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فله أن يقبض عن المستحقين وينصب وكيلا له ، فكأنّه وكيلهم مطلقا منصوب من الله ، ولعل نيتهما حينئذ غير واجبة ولا شرط وانه تكفي تلك النيّة.

قال في المنتهى : ولو دفعها الى الامام عليه السلام ونوى وقت الدفع الى الامام ، أجزأه ذلك أيضا لأن الإمام عليه السلام كالوكيل للفقراء ، وكذا لو دفعها الى الساعي سواء نوى الإمام أو الساعي أو لم ينويا (انتهى).

فيعلم من هذا جريان الوكالة في القبض ، ومن (٣) كونهما دافعين ، جوازها في الدفع أيضا وقد صرّح بهما في الكتب من غير نقل خلاف.

واما إجزاء نيّتهما فقط عند الدفع إذا كانا دافعين ، فقال المصنف في المنتهى ص ٥١٦ : ولو أخذ الإمام عليه السلام أو الساعي الزكاة ولم ينو المالك ، (فإن أخذها كرها) أجزأه ذلك ، لان النيّة تعذرت منه فصار بحكم الطفل والمجنون في سقوط النيّة في حقّه ، ولأن الإمام عليه السلام له ولاية على الممتنع ، فقامت نيّته مقام نيته كولي الطفل والمجنون ، وقال بعض الجمهور : لا يجزى وان جاز أخذها لأنها عبادة كالصلاة ، فإنه لو جبر عليها لم يجزها بينه وبين الله إذا لم ينو في نفسه وهو ضعيف

__________________

(١) اى المالك أو وكيله.

(٢) يعني الإمام أو الساعي ينويان الزكاة عند الدفع الى الفقراء.

(٣) يعلم من كون الإمام أو الساعي دافعين جواز النية في الدفع أيضا.

٢٢٠