مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ويطيب له (١).

ودلالتها على إباحة الغنيمة للغانم إذا لم يكن بإذن الإمام عليه السلام أوضح.

فما ثبت وجوب الخمس في هذا الصنف ، قال في المختلف : أوجب الشيخ الخمس في أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ، سواء كانت ممّا تجب فيه الخمس كالمأخوذة عنوة أو لا كالتي أسلم أربابها عليها واختاره ابن إدريس ، ولم يذكر ذلك ابن الجنيد ، ولا ابن عقيل ، ولا المفيد ، ولا سلار ، ولا أبو الصلاح والأول أقرب (انتهى). والأصل دليل قوى ، ولكن لا يبعد على تقدير اليأس من العلم بمالكه ، التصدق به والضمان مقدار ما يغلب على ظنه أنه مال الغير ، لنفى الحرج والضيق وحصول العوض في الجملة ، وكونه كاللقطة ، فتأمّل.

وعلى تقدير وجوب الخمس فقد ذكروا له شرائط (الأوّل) عدم معرفة مقدار الحرام ، فلو عرفه تصدق ذلك المقدار خاصّة قلّ أو كثر وان كان ظاهر الأدلّة عاما ، ويمكن الاكتفاء به.

(الثاني) عدم التمييز ، فلو عرفه بعينه تصدق به ، ولا يبعد الضمان حينئذ مع ظهور صاحبه أو الوصيّة به ، ويحتمل الحفظ مع رجاء المالك ، وقالوا : مصرفه (مخرجه خ ل) مصرف الزكاة لا الخمس.

(الثالث) عدم معرفة صاحب الحق ، ومعه يدفع ما يستحقّه اليه مطلقا ويرضيه بصلح ونحوه ، ولو مات صاحبه ولم يكن له وارث ، فهو للإمام عليه السلام يفعل به ما يفعل بسائر أمواله من ارث من لا وارث له.

والظاهر عدم الفرق في الحكم بين ما ورث وغيره مع وجود الشرائط وانه إذا كان يعلم كونه أقل من الخمس ولا يعرف قدره بعينه فالظاهر إخراج ما يتيقن.

وكذا إذا كان يعلم كونه زائدا على الخمس في الجملة وهنا يحتمل الاكتفاء

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

بالخمس بظاهر الأدلة.

ثم ان الظاهر عدم كون الزائد والأقل من أرباب الخمس لعدم الدليل ، بل الخمس أيضا ، لأن الظاهر من قوله ودليلهم اختصاص الحكم فيما يخرج عنه الخمس فقط الّا ان يعمل بالأدلة مطلقا.

ثم الظاهر أيضا جواز إعطاء أرباب الخمس منه مطلقا لعدم المنع ، وظاهر أدلة المنع في الزكاة الواجبة ، ولا شك أنّ العدم أحوط إلا مع الضرورة فقوله : (ولو عرف المالك خاصة صالحه) يعني لو عرف المالك ولم يعرف القدر مع عدم التميز ، يصالح المالك.

والظاهر أنّ الصلح ، مثلا (١) ، ويصحّ غيره ، والغرض تحصيل رضاه ، والخروج من حقّه ، وهذا يصح مع معرفة القدر أيضا والتمييز أيضا فلو لم يكن (خاصّة) (٢) لكان أشمل وأخصر الّا ان الاحتياج الى الصلح مع عدمهما (٣) واضح.

اما لو عرف القدر ولم يعرفه مع عدم التمييز يتصدق بذلك القدر الى المستحقين كائنا ما كان ، ولعله أشار بقوله ره : (تصدق) الى أنّ مصرفه مصرف مطلقا التصديق لا الخمس والزكاة فقط.

واما إذا كان معينا ممتازا مع جهل المالك ، فيمكن التصدق به مطلقا أيضا والحفظ أيضا مع رجاء وجود المالك والتصدق مع عدمه كما مر والكل واضح ، والمصنف ترك التصريح على التمييز مع ان حكمه غير ظاهر ، وحكم بالتصدق مطلقا مع معرفته بعينه (واما) الدليل ، فعلى الخمس قد ذكر في موضعه ، (وأما) دليل الصلح ونحوه فظاهر (واما) دليل التصدق فهو ان منع التصرف في ماله حرج وضيق منفي.

__________________

(١) يعنى ان قوله ره : (صالحه) من باب المثال لا لخصوصيّة في الصلح.

(٢) يعني في قوله ره : ولو عرف القدر خاصّة.

(٣) أي عدم المعرفة وعدم التميز.

٣٢٢

ويجب على واجد الكنز والمعدن والغوص صغيرا كان أو كبيرا حرّا كان أو عبداً.

ولا يعتبر الحول في الخمس ، بل متى حصل وجب.

وتؤخر الأرباح حولا احتياطا له.

______________________________________________________

وفي صورة العلم مع القصد تأمّل ، وكل مال الغير أيضا من غير رضاء صاحبه منهي عنه ، والتصدق الى المستحقين نوع إيصال إلى المالك لحصول العوض ، وهو الثواب مع عدم القدرة على غيره.

ويؤيّده حكم اللقطة والاخبار الدالة على الخمس ، ومع الضمان أوضح ، فينبغي ان يكون ضامنا خصوصا الغاصب (الغائب خ ل) وهذا لا يجري في المعيّن فيمكن الحفظ مع الرجاء ، لإمكان الإيصال الى صاحبه مثل سائر الأمانات ، ومع اليأس بالكلية ، التصدّق غير بعيد الفائدة في الحفظ ، مع انه تكليف شاق ، ومع الضمان هنا أيضا أوضح فتأمّل.

قوله : «ويجب على واجد الكنز إلخ» قد مرّ البحث عنه ، ووجه العموم عموم الأدلة ، وفي قوله : (صغيرا أو عبدا) تسامح لانه يجب على الولي والمولى لأنهما المكلف والمأخوذ له وكأنّ في تخصيص التعميم بهذه الثلاثة (١) إشارة إلى عدمه في البواقي كالارباح وهو محل التأمّل ، إذ قد يقال : لوجوب الخمس في أرباح تجارات الصغير وصناعاته مثلا ، لعموم الدليل فتأمّل.

قوله : «ولا يعتبر الحول إلخ» عدم اعتبار الحول في مطلق الخمس ظاهر ، كأنه إجماعي كعدم النصاب في الأرباح ، وفي غنائم دار الحرب ، والمال المختلط ، والأرض المبتاعة ، للأصل وعموم الأدلّة المتقدمة ، وكذا عدم اعتبار نصاب آخر غير ما ذكر في المعدن ، والكنز والغوص.

وكذا كونه هنا بعد مؤنة العمل.

وكذا عدم الوجوب فيما لم يفضل عن مؤنة سنته كاملة من أرباح

__________________

(١) يعنى الكنز ، والمعدن ، والغوص.

٣٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

التجارات ، والزراعات ، والمكاسب ، قال في المنتهى : ذهب إليه علمائنا (انتهى). وقد مرّ دليل اعتبار المؤنة مع تحقيقها.

وقال أيضا : ولا يجب في الفوائد المذكورة من الأرباح والمكاسب على الفور ، بل يترخص الى تمام السنة ويخرج عن الفاضل خمسه ، لعدم الدليل الدال على الفوريّة مع أصالة براءة الذمة ، ولأنّ الإيجاب على الفور ضرر عظيم ، إذ المؤنة غير معلومة المقدار الّا بعد تقضّى المدّة لجواز أن يولد له أو يتزوج النساء أو يشترى الإماء والمنازل أو يخرب عقاره فيحتاج الى عمارته ـ لي غير ذلك من الأمور المتجددة.

مع ان الخمس لا يجب الّا بعد ذلك كله ، فكان من عناية الله تعالى بالمكلّف تأخير الوجوب الى تمام الحول.

نعم لو تبرع بتعجيله بان يحتسب من أوّل السنة ما يكفيه على الاقتصار وأخرج خمس الباقي كان أفضل ، لأن فيه تعجيلا بالطاعة ، وإرفاقا بالمحتاج ، وسرعة إلى المغفرة (١) ، ودفعا لاحتمال عدم الوصول لمانع من الموت أو النفس والشيطان.

وبصلة الذرية الطيبة (٢) التي قد مر ما فيه من الثواب العظيم والأجر الجزيل ولا يراعى الحول في شي‌ء ممّا يجب فيه الخمس غيرها (٣).

ويمكن فهم اعتبار مؤنة السنة له ولعياله من الاخبار حيث دلت على كونه بعد المؤنة (٤) ، والمتبادر منها مؤنة السنة وان لم تكن السنة موجودة في الروايات ، ولكن صرح بمؤنة الرجل ومؤنة عياله ، وبعد خراج السلطان (٥).

والظاهر انه لم يسقط (٦) عن خراج الظالم مثل العشور في التجارات ، بل

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب فعل المعروف من كتاب الأمر بالمعروف.

(٢) راجع الوسائل باب ١٧ من أبواب فعل المعروف.

(٣) يعنى غير الأرباح والمكاسب.

(٤) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٥) راجع الوسائل باب ٢٠ من أبواب المستحقين للزكاة وباب ١٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٦) يعنى ان خمس ما أخذه. الظالم من المالك لا يسقط بمجرد أخذ الظالم ، بل هو باق على ما هو عليه من

٣٢٤

والقول قول مالك الدار في ملكيّة الكنز ، وقول المستأجر في قدره

______________________________________________________

هو مال مشترك بين المالك وصاحب الخمس فلآخذ مطالب به من جهتهما فكل ما حصل منه يكون فيه الخمس ، فمعنى كونه بعد خراج السلطان إمّا خراج العادل الحق أو عدم وجوب خمس ما أخذ من المالك عليه ، لا انه لا خمس فيه بالكليّة.

ومثل الأخير (١) يعني ما يدل على اجزاء الزكاة والخمس إذا أخذه الظالم ان عملنا به وقد مرّ ومثله (٢) ما قال في الفقيه : سئل أبو عبد الله (أبو الحسن خ ل) عليه السلام عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله أو خمس غنيمته أو خمس ما يخرج له من المعادن أيحسب ذلك له من زكاته وخمسه؟ فقال : نعم (٣).

قوله : «والقول قول مالك الدار إلخ» يعني لو تداعى مالك الدار ومستأجرها في كنز وجود فيه ، فالأكثر على ان القول قول المالك فالمستأجر خارج (٤) وعليه البيّنة ، وعلى المالك اليمين ، لان الملك له فهو واضح اليد عليه ، فكذا جميع ما فيه ، فهو تحت يده.

ونقل عن الشيخ ان القول قول المستأجر ، لأنه واضع اليد على الملك بحسب الظاهر والمنفعة له فيكون واضعا يده شرعا على ما فيه.

وهو بعيد ، لانه ما وضع الّا بما أباح له المالك ، وهو منفعة البيت التي الكنز خارج عنها جزما وقد مر أيضا.

اما كون القول قول المستأجر في القدر فظاهر للأصل.

__________________

الخمس ، بل هو على ما في ذمة الآخر.

(١) يعني المعنى الأخير ، وهو قوله قده : أو عدم وجوب خمس ما أخذ المالك عليه.

(٢) عطف على قوله قده : ومثل الأخير.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٧ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) يعني غير ذي اليد.

٣٢٥

«تقسيم الخمس»

ويقسّم الخمس ستة أقسام ثلاثة للإمام عليه السلام ، وثلاثة لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من الهاشميين المؤمنين

______________________________________________________

قوله : «ويقسّم الخمس ستة أقسام إلخ» كونه مقسوما بستة أقسام ـ نصفه للرسول صلى الله عليه وآله ، وبعده للإمام عليه السلام القائم مقامه ، والنصف الآخر لباقي المذكورين ـ هو المشهور بين الأصحاب وعليه دلّت الآية ، (١) والاخبار الكثيرة (٢) وقال بعض الأصحاب بأنه مقسوم خمسة أقسام ، سهم له صلى الله عليه وآله ، وللإمام عليه السلام بعده صلى الله عليه وآله ، والأربعة لغيره.

واستدل عليه بما في خبر صحيح من فعله صلوات الله عليه ذلك (٣).

__________________

(١) وهي قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ) إلخ الأنفال ـ ٤١.

(٢) راجع الوسائل باب ١ من أبواب قسمة الخمس.

(٣) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ثم يقسم ما بقي خمسة أقسام ، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ، ثم يقسم الخمس الذي أخذه خمسة أقسام ، يأخذ خمس الله لنفسه ثم يقسم الأربعة أخماس الحديث ـ الوسائل باب ١ حديث ٣ من أبواب الخمس.

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والجواب ان فعله صلى الله عليه وآله قد يكون تبرعا منه ، أو مع الإعواز ، وهو حينئذ متفق عليه.

وكذا في مرسلة حماد ـ الطويلة ـ التي سيجي‌ء (١).

وبالجملة ، الأمر إليه صلى الله عليه وآله كلما فعله فهو الحسن ، وكذا الامام عليه السلام ، وانما الكلام في الغير ، فلا ينبغي الخروج عن ظاهر الأدلة مع الشهرة.

فالثلاثة له صلوات الله عليه وآله ، سهم الله لانه وكيله ، وسهم الرسول وسهم ذي القربى فان سهم ذي القربى مع وجوده له صلى الله عليه وآله وبعده للإمام عليه السلام القائم مقامه ، فكأنه يأخذ بالنبوة والولاية.

أو انه عنى به ، إذ هو (٢) صاحب القرابة ، ويكون التعبير للتفنن فتأمّل ، وبعده له عليه السلام وعنى به حينئذ.

ويدل على ذلك ، الإجماع المنقول عن الشيخ في المنتهى ، والاخبار الدالة على التنصيف ، مثل قوله عليه السلام : سهم ذي القربى لقرابة الرسول ، الامام عليه السلام (٣).

وقوله عليه السلام : وسهم مقسوم له من الله وله نصف الخمس (٤).

مثل قوله عليه السلام : وخمس ذوي القربى لقرابة الرسول وهو الامام (٥).

والاخبار في ذلك كثيرة ، وسيجي‌ء البعض.

واما اشتراط كونهم من بنى هاشم ، واشتراط الايمان في الأصناف

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١ حديث ٨ من أبواب قسمة الخمس.

(٢) يعنى ان النبي صلى الله عليه وآله هو بنفسه الشريفة ذو القربى فيكون المعطوف والمعطوف عليه متحدين واختلاف التعبير للتفنن في العبارة.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب قسمة الخمس وفيه (خمس ذي القربى إلخ).

(٤) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٨ من أبواب قسمة الخمس.

(٥) كأنه تكرار للحديث الأول ، ويشهد له عدم ذكر الواو العاطفة في قوله قده : مثل قوله عليه السلام إلخ.

٣٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الثلاثة ، فهو المشهور عندنا ، قال في المنتهى : ذهب إليه أكثر علمائنا ـ أي إلى الأول ـ ونقل عن ابن الجنيد اشتراك بنى المطلب ، واشتراك أيتام المسلمين ومساكينهم وابن سبيلهم كلهم في النصف الآخر ، وكونهم داخلين في الثلاثة الأصناف.

واشتراك الأول (١) الأول لا دليل عليه وقد مر البحث عنه في باب الزكاة.

والثاني (٢) هو ظاهر الآية ، ولكن الاخبار خصّصتها مثل رواية مالك الجهني ، عن أبي عبد الله عليه السلام : واليتامى يتامى أهل بيته (٣).

وما في رواية عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهما السلام قال : خمس الله للإمام عليه السلام ، وخمس الرسول للإمام عليه السلام ، وخمس ذي القربى لقرابة الرسول ، الامام عليه السلام ، واليتامى يتامى آل الرسول ، والمساكين منهم وأبناء السبيل منهم فلا يخرج الى غيرهم (٤).

ولما في رواية سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : سمعته يقول كلاما كثيرا ، ثم قال : أعظم من ذلك كلّه سهم ذي القربى الّذين قال : الله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) ، نحن والله عنى بذي القربى والذين قرنهم الله بنفسه وبنبيّه ، فقال ، (فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.) منا خاصّة ولم يجعل لنا في سهم ذي الصدقة نصيبا أكرم الله نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ـ (ما في خ) أيدي الناس (٥).

__________________

(١) يعنى اشتراك بنى المطلب مع بنى هاشم في الاستحقاق.

(٢) يعنى اشتراك أيتام المسلمين مع أيتام آل الرسول.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب قسمة الخمس ، ولكن الراوي زكريا بن مالك الجعفي.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب قسمة الخمس.

(٥) التهذيب كتاب الخمس باب تميز أهل الخمس ومستحقيه ، لكن نقله في الوسائل نقلا من الكافي

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وما في خبر احمد بن محمد قال : حدثنا بعض أصحابنا ، رفع الحديث ، قال : والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلى الله عليه وآله (١).

وغيرها من الاخبار الكثيرة جدا.

واختصاصهم بتحريم الزكاة يدلّ على تخصيص شي‌ء بهم وليس غير الخمس ، وقد مرّ الاختصاص بهم في خبر عبد الله بن سنان (٢) ، وقد ادّعى صحته.

ودليل ابن الجنيد ، العموم ، ويمكن ان يقال : لا يبعد كونه معهودا (٣) بين الله وبين النبي صلى الله عليه وآله ، وعلى تقدير عدمه يخصّص بما مرّ من الاخبار الكثيرة ، وبما سيجي‌ء جمعا بين الأدلة وان لم تكن صحيحة ، ولكن كثرتها وشهرتها تدل على الوقوع مع الاحتياط فان البراءة باليقين تحصل بإعطاء هؤلاء من بن هاشم بخلاف الغير ، مع الاتفاق على عدم ترك الواجب وان قيل بوجوب الإعطاء لكل جماعة من كلّ صنف.

وقد مرّ البحث في عدم جواز إعطاء بني المطلب وإعطاء من انتسب الى هاشم بالأمّ ولا شك في إرادة أولاد الأم في أحكام النكاح والإرث وغيرها من الآيات والاخبار وكلام أصحاب ، والأصل الحقيقة ، والاحتياط معلوم ان أمكن.

واما اعتبار الايمان فما نجد له بخصوصه شيئا ، نعم ما يدل على اشتراطه في

__________________

في باب ١ حديث ٤ من أبواب قسمة الخمس مع اختلاف في ألفاظ الحديث ، وما نقله الشارح قده منقول من التهذيب فتفطن.

(١) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٢ من أبواب قسمة الخمس.

(٢) ان كان مراده قده من الاختصاص اختصاص شي‌ء بهم فخبر عبد الله بن سنان المشار اليه هو ما تقدم من قوله عليه السلام على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصة الوسائل باب ٨ حديث ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس

(٣) يعنى كون اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من ذي القربى كان معهودا بين الله وبين رسوله فلا حاجة الى التقييد بهم.

٣٢٩

ويجوز تخصيص الواحد به على كراهيّة

______________________________________________________

الزكاة من الإجماع والاخبار قد يشعر بذلك مع كونه عوضا ، وما نجد مخالفا بخصوصه ، ولكن الأصل وظاهر الأدلّة يقتضيه.

والظاهر عدم اشتراط العدالة.

ويمكن أيضا جواز النقل لعدم ظهور الدليل ، ولما مرّ في الزكاة مع كونه عوضا.

ولا نزاع في الجواز مع عدم المستحق وعدم الضمان ان لم يفرط ، وينبغي الضمان معه وان لم يفرط لما مرّ في الزكاة ، والاحتياط يقتضي العدم ، وهو ظاهر ، بل لا يبعد عدم الجواز مع احتياج أهله في البلد والمطالبة بعد استكمال الشرائط ، لأنه منع المستحق عن حقّه والظاهر كونه ضيّقا ، ولا دليل على الجواز بخصوصه.

والظاهر عدم وجوب الإعطاء لجميع المستحقين ، بل لجميع من في البلد لظهور كونهم مصرفا والّا يلزم الاشتراك ولا قائل به وانه ضيق وحرج ، نعم ينبغي إعطاء جماعة من كل صنف ، والتعميم مهما أمكن مع الوسعة ، والإعطاء على قدر الحاجة ـ اى مؤنة السنة ـ وما يحتاج فيها.

وأكثر هذه الاحكام مستغنى عن الذكر لانه عليه السلام يفعل ما يريد كالنبي صلى الله عليه وآله وذلك مصرّح به في الخبر (١) أيضا.

وكذا صرف الزائد على النصف على تقدير الإعواز وأخذ الفاضل على تقدير الزيادة.

نعم البحث فيه ينفع حال الغيبة ، فينبغي التأمّل فيها حينئذ واستعمال ما هو الأحوط مع الإمكان.

قوله : «ويجوز تخصيص الواحد إلخ» لما مرّ في الزكاة ، ولكن هناك كان الدليل موجودا ، ولا دليل هنا سوى احتمال بيان المصرف لعله أظهر ولكن ينبغي الاحتياط.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ و ٢ وبعض اخبار باب ١ من أبواب قسمة الخمس.

٣٣٠

ويقسم (الخمس خ) بقدر الكفاية فالفاضل للإمام عليه السلام والمعوز عليه.

ويعتبر في اليتيم الفقر

______________________________________________________

ويدل على الجواز في الجملة ما روى عن ابى الحسن الرضا عليه السلام (في حديث) : فقيل له عليه السلام أفرأيت ان كان صنف من الأصناف أكثر ، وصنف أقلّ ما يصنع به؟ قال عليه السلام : ذاك الى الامام عليه السلام أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يصنع أليس انما كان يعطى على ما يرى كذلك الامام عليه السلام (١).

وسيجي‌ء ما يدل على الإعطاء بقدر الكفاية سنة.

قوله : «ويقسم بقدر الكفاية (إلى قوله) والمعوز عليه» كأنّه اسم فاعل من أعوز في الشي‌ء إذا احتجت اليه فلم تقدر عليه ، وقد مرّ انه على تقدير حضوره عليه السلام يفعل ما يريد.

ويدل عليه ما مرّ عن قريب ، وعلى التفصيل المذكور قوله عليه السلام : والنصف له ـ يعنى نصف الخمس للإمام عليه السلام ـ خاصّة ، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد صلوات الله عليه وعلى آله الذين لا تحلّ لهم الصدقة ، ولا الزكاة ، عوّضهم الله مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم ، فان فضل شي‌ء فهو له ، وان نقص عنهم ولم يكفهم أتمّه لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان (٢) والسند غير صحيح ، وفيه بعض الاحكام ، ويدل على العلّة التي ذكرناها ، فيدل على اشتراط الهاشمية في الأقسام كلّها مع ما مر ، والاخبار في ذلك كثيرة جدا ، وينبغي أيضا مراعاة الاحتياط حال الغيبة وسيجي‌ء.

واما اعتبار الفقر في المساكين (المسكين خ ل) فظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ١ من أبواب قسمة الخمس.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب قسمة الخمس.

٣٣١

وفي ابن السبيل الحاجة عندنا لا في بلده.

ولا يحلّ نقله مع المستحق فيضمن ويجوز مع عدمه (ولا ضمان خ)

______________________________________________________

واما في غيره فهو مقتضى الاعتبار والعلل ، الا أنّ اعتباره في ابن السبيل عندنا لا في بلده ويدل عليه أيضا كونه عوضا عن الزكاة ، ومن الاخبار ما يدل على الاقتصار على قدر الكفاية ، وكون الفاضل له كما قيل ، وهو الظاهر مع الشهرة العظيمة وان قيل بخلافه في اليتيم وان كان لفظة الآية عامّة ، كأنه ترك التقييد للظهور.

ولا يتداخل بحمل المساكين على غير اليتيم كما هو الظاهر ويقتضيه المقابلة ، ويستبعد تعيين شي‌ء بمجرد اليتم (اليتيم خ ل) مع وجود المحتاجين من أصنافه واضرابه ، ولا شك انه أحوط واولى.

وعلى تقدير الإعطاء فالظاهر انه مثل إعطاء اليتيم الذي مر في باب الزكاة.

وقد مرّ البحث في قوله قده (ولا يحل نقله إلخ) فإن الأحوط العدم ، والجواز غير بعيد مع المصلحة كما مرّ في الزكاة ، وانه لا شك ولا نزاع في النقل اليه عليه السلام ، بل إلى نائبه أيضا حال الغيبة ، لأنه القاسم ، وغيره ضامن على ما قيل.

والظاهر ان المراد باليتيم هنا مطلق الطفل لا الذي لا أب له فقط كما قيل.

٣٣٢

«في الأنفال»

الأنفال تختصّ بالإمام عليه السلام ، وهي كل ارض موات ، سواء ماتت بعد الملك أو لا.

وكل ارض ملكت من غير قتال ، سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعا.

______________________________________________________

قوله : «والأنفال تختصّ بالإمام عليه السلام إلخ» لما كان المتصرف في الخمس هو الامام عليه السلام ، وكون نصفه له خاصة فناسب أن يذكر ما له خاصة ، بعد ، وهو المراد بالانفال أيضا.

قال في المنتهى : الأنفال جمع النفل بسكون الفاء وفتحها وهو (هي خ ل) الزيادة ومنه سمّيت النافلة لزيادتها على المطلوب طلبا مانعا من النقيض ـ يعنى الواجب والمراد هنا كل ما يخصّ الامام عليه السلام (انتهى) كما يفهم من المتن أيضا وهو أقسام (منها) ما لا ينقل ، وهو كل أرض موات لا مالك لها سواء كانت لم تعمر ولم تملك أصلا أو ملكت ثم ماتت وباد أهلها وبقيت بغير مالك (فقوله) : (سواء ماتت بعد الملك أو لا) يحتاج الى قيد (ما لم يكن لها مالك) كما قيل ، وكأنّه ترك للظهور.

وكذا كل أرض أخذت من غير قتال بأن خلاها (جلاها خ) أهلها

٣٣٣

ورؤس الجبال وبطون الأودية ، والآجام ، وصفايا الملوك ، وقطائعهم غير المغصوبة.

ويصطفي من الغنيمة ما شاء

______________________________________________________

الحربيّون ، أو سلّموها طوعا فيصير بذلك ملكا له عليه السلام ، وهذه ممّا لا يوجف عليها بخيل ولا ركاب.

والظاهر ان بطون الأودية ، ورؤس الجبال والآجام داخلة في الموات ، فكان الاقتصار عليه ممكنا الا أنّه ذكره للتوضيح ، واحتمال صرف الموات الى غيرها مما يصلح للعمارة.

(ومنها) ما ينقل ، وهو صفايا الملوك ، قيل : هي الجارية والفرس ، والغلمان.

والظاهر انها أعم (١) لأنّها اشتقّت من الصفو ، وهو اختيار ما يريد من الأمور الحسنة الا أنّ المراد هنا غير القرى بمقابلتها بالقطائع ، وهي القرى والبساتين والباغات المخصوصة بالملوك.

قال في المنتهى : مسئلة ومن الأنفال صفايا الملوك وقطائعهم ممّا كان في أيديهم من غير جهة الغصب ، بمعنى أن كل ارض فتحت من أهل الحرب ، فما كان يختصّ بملكهم (٢) فهو للإمام عليه السلام إذا لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد ، لان ذلك قد كان للنبي صلى الله عليه وآله وقد ثبت أن جميع ما كان للنبي صلى الله عليه وآله فهو للإمام بعده (الى قوله) : مسئلة ومن الأنفال ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب ، مثل الفرس الجواد ، والثوب المرتفع ، والجارية الحسناء ، والسيف القاطع (الفاخر خ) وما أشبه ذلك ممّا لم يجحف بالغانمين ذهب إليه علمائنا اجمع (انتهى).

وبالجملة له عليه السلام ما يريد ويختار كما عمّم المصنف بقوله قده : (ويصطفي من الغنيمة ما شاء) وهذا تعميم بعد تخصيص ، ولا ينبغي لنا تعيين

__________________

(١) يعني أعم ممّا مرّ نقله بقوله قده : قيل هي إلخ.

(٢) على وزن خشن اى سلطانهم.

٣٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الأحكام المتعلّقة به عليه السلام لانه العالم والحاكم على الإطلاق.

واما دليل جميع ما ذكر فهو اخبار كثيرة جدّا مع اتفاق الأصحاب على ما يظهر.

مثل رواية محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سمعته يقول : ان الأنفال ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية ، فهذا كلّه من الفي‌ء ، والأنفال لله وللرسول ، فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحبّ (١).

وقال في المنتهى : انها حسنة ، وفي المختلف موثقة ، وهي منقولة ، عن على بن الحسن بن فضال (٢) ، وهو وان كان مقبولا لا بأس به ، لكن الطريق اليه غير ظاهر (٣).

وفي رواية أخرى ، عن محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : ألفي والأنفال ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة الدماء ، وقوم صولحوا ، وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كلّه من الفي‌ء ، فهذا لله ولرسوله ، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء ، وهو للإمام عليه السلام بعد الرسول ، واما قوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) (٤) قال : ألا ترى هو هذا ، واما قوله : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١٠ من أبواب الأنفال.

(٢) سنده كما في التهذيب هكذا : على بن الحسن بن فضال ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن حماد بن عيسى ، عن محمد بن مسلم.

(٣) طريق الشيخ الى على بن الحسن كما في مشيخة التهذيب هكذا : وما ذكرته في هذا الكتاب ، عن على بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر سماعا منه واجازة ، عن على بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال (انتهى).

(٤) الحشر ـ الآية ٧.

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

مِنْ أَهْلِ الْقُرى) (١) فهو (فهذا خ) بمنزلة المغنم كان أبى يقول : ذلك ، وليس لنا فيه غير سهمين ، سهم الرسول ، وسهم القربى ، ثم نحن شركاء الناس فيما بقي (٢).

وهذه تدل على قسمة الغنيمة التي هي في القرآن ، المذكورة أخماسا فتأمّل.

وما في رواية الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سئلته عن الأنفال فقال : ما كان من الأرضين باد أهلها (٣).

وما في رواية حماد بن عيسى ، قال : رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح ابى الحسن الأوّل عليه السلام قال : والأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها ، وكل ارض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ولكن (صالحوا صلحا) (٤) وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رؤس الجبال ، وبطون الأودية والآجام ، وكل أرض ميتة لا ربّ لها (٥) وهذه رواية طويلة فيها أحكام كثيرة.

مثل ما فيه الخمس ، وتقسيمه ستة أقسام ، وكون النصف له صلى الله عليه وآله ، وبعده للإمام القائم مقامه ، واختصاص النصف الآخر بأيتامهم ومساكينهم ، وأبناء السبيل من أهل بيتهم.

وقال عليه السلام : وله نصف الخمس كملا ، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته ، فسهم ليتاماهم (٦) ، وسهم لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكفاف والسعة (٧) ما يستغنون به في سنتهم فان فضل عنهم شي‌ء فهو

__________________

(١) الحشر ـ الآية ٨.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١٢ من أبواب الأنفال.

(٣) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ١١ من أبواب الأنفال.

(٤) صولحوا عليها ـ يب.

(٥) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ٤ من أبواب الأنفال.

(٦) لأيتامهم ـ يب.

(٧) على الكتاب والسنة ـ كذا عن بعض نسخ الكافي ج ١ ص ٥٣٨ ـ باب الفي‌ء والأنفال إلخ حديث ٤.

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

للوالي ، وان عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به ، وانما صار عليه ان يمونهم لأنّ له ما فضل عنهم.

وانما جعل الله هذا الخمس خاصّة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس ، تنزيها من الله لهم لقرابتهم برسول الله صلى الله عليه وآله ، وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس ، فجعل لهم خاصّة من عنده ما يغنيهم به عن ان يصيرهم في موضع الذل والمسكنة ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض.

وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه وآله الذين ذكرهم الله عز وجل فقال (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (١) ، وهم بنو عبد المطلب أنفسهم ، الذكر منهم والأنثى ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ، ولا من العرب أحد ، ولا فيهم ، ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم ، وقد تحلّ صدقات الناس لمواليهم ، وهم والناس سواء.

ومن كانت أمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش ، فان (الصدقات) (٢) تحل له ، وليس له من الخمس شي‌ء ، لأنّ الله تعالى يقول (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) (٣).

وللإمام صفو المال ، أن يأخذ من هذه الأموال صفوها ، الجارية الفارهة ، والدابة الفارهة ، والثوب والمتاع بما (٤) يحبّ أو يشتهي ، وذلك له قبل القسمة ، وقبل إخراج الخمس ، وله ان يسدّ بذلك المال جميع ما ينو به من (مثل) (٥) إعطاء المؤلفة قلوبهم ، وغير ذلك (مما ينوبه) (٦) ، فإن بقي بعد ذلك شي‌ء اخرج الخمس منه

__________________

(١) الشعراء ـ الآية ٢١٤.

(٢) الصدقة ـ يب.

(٣) الأحزاب ـ الآية ٥.

(٤) من قبل ـ يب.

(٥) من صنوف ما ينوبه ـ يب.

(٦) ـ مما ـ يب.

٣٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فقسّمه في اهله ، وقسم الباقي على من ولّى ذلك ، وان لم يبق بعد سدّ النوائب شي‌ء فلا شي‌ء لهم.

وليس لمن قاتل شي‌ء من الأرضين ، ولا ما غلبوا عليه الّا ما احتوى عليه العسكر ، وليس للأعراب من القسمة شي‌ء وان قاتلوا مع الوالي ، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله صالح الاعراب ان يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا ، على انه ان دهم رسول الله صلى الله عليه وآله من عدوّه ، دهم أن (يستفزهم) (١) فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب وسنّة جارية فيهم وفي غيرهم (والأرضون) (٢) التي أخذت عنوة بخيل (ورجال) (٣) فهي موقوفة متروكة في يد من يعمّرها ، ويحييها ، ويقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم (من الحق) (٤) النصف أو الثلث (أو الثلثين) (٥) وعلى قدر ما يكون لهم صلاحا (ولا يضرهم (٦).

(ثم بيّن عليه السلام الزكاة بالتفصيل ، العشر ونصفه في موضعهما ، وبين مصرفه).

ثم قال عليه السلام : وله بعد الخمس ، الأنفال ، والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها ، وكل ارض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ولكن صالحوا صلحا وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رؤس الجبال وبطون الأودية والآجام ، وكل أرض ميّتة لا ربّ لها.

وله صوافي الملوك مما كان في أيديهم من غير وجه الغصب ، لان (الغصب) (٧)

__________________

(١) ان يستفز ـ يب خ كا ـ والاستفزاز الإزعاج والاستخفاف.

(٢) والأرض ـ يب.

(٣) وركاب ـ يب.

(٤) من الخراج ـ يب.

(٥) أو الثلثان ـ يب.

(٦) ولا يضربهم ـ يب.

(٧) المغصوب ـ يب.

٣٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

كلّه مردود وهو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له (الى ان قال) : والأنفال إلى الوالي ، وكل أرض فتحت في أيّام النبي صلى الله عليه وآله الى آخر الأبد وما كان افتتاحا بدعوة أهل الجور وأهل العدل ، لأن ذمة رسول الله صلى الله عليه وآله في الأوّلين والآخرين ذمّة واحدة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : المسلمون اخوة تتكافأ دمائهم ويسعى بذمتهم (١) أدناهم (آخرهم خ).

ورواية أبي الصباح ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الأنفال ، ولنا صفو المال ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الّذين قال الله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٢) ورواية زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قلت له : ما يقول الله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ)؟ (٣) قال : هي كلّ ارض جلا أهلها من غير ان يحمل عليها بخيل ، ولا رجال ، ولا ركاب فهي نفل لله وللرسول (٤).

وما في رواية عبد الله بن سنان عنه عليه السلام : فأما الفي‌ء والأنفال فهو خالص لرسول الله صلى الله عليه وآله (٥).

وما في رواية الحلبي ـ المتقدمة ـ قال : ألفي ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل ، والأنفال مثل ذلك هو بمنزلته (٦).

__________________

(١) قد تكرر في الحديث ذكر الذمة والذمام ، وهما بمعنى العهد والأمان والذمام والحرمة والحق وسمى أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم ، ومنه الحديث يسعى بذمتهم أدناهم ـ أي إذا اعطى أحد الجيش العدوّ أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين ، وليس لهم ان يخفروه ، ولا ان ينقضوا عليه عهدة ـ النهاية لابن الأثير في مادة ذمّ.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب الأنفال.

(٣) الأنفال ـ الآية ١.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٩ من أبواب الأنفال.

(٥) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٣ من أبواب الأنفال.

(٦) الوسائل باب ١ قطعة من حديث ١١ من أبواب الأنفال.

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية سماعة بن مهران قال : سألته عن الأنفال ، فقال : كل أرض خربة أو شي‌ء يكون للملوك فهو خالص للإمام عليه السلام ، وليس للناس فيها سهم قال : ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب (١).

وهذه تدل على كون جميع ما كان للملوك ، له عليه السلام فالتقييد بالصفايا والقطائع غير جيّد ، الّا أن يريد ما ينقل وما لا ينقل مطلقا.

قال في شرح الشرائع : الضابط أنّ كلّما كان لسلطان الكفر من مال غير مغصوب من محترم المال ، فهو لسلطان الإسلام (انتهى) وهو الامام عليه السلام.

وان (٢) البحرين ليس بمفتوح عنوة.

ورواية أبان بن تغلب ، عن ابى عبد الله عليه السلام في الرجل يموت ولا وارث له ولا مولى قال : هو من أهل هذه الآية (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) (٣) وهذه تدل على كونه عليه السلام وارثا لمن لا وارث له كما هو مذهب الأصحاب خاصّة مع ما تقدم في المرسلة الطويلة عن حماد.

ولا يضر كون القاسم بن محمد الجوهري ، الواقع في الطريق (٤) مع انه قال في رجال ابن داود : ثقة غير الذي واقفي ، وكذا عدم صحّة المرسلة الطويلة وغير ذلك من الاخبار.

واعلم ان الأنفال كان له صلى الله عليه وآله ، وبعده صلى الله عليه وآله صار للولي (المولى خ ل) القائم مقامه فتعريفه المتقدم (٥) ، للمراد الآن وبعده

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٨ من أبواب الأنفال.

(٢) عطف على قوله قده : كون جميع ما كان إلخ.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١٤ من أبواب الأنفال.

(٤) سند الحديث كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن رفاعة بن موسى ، عن ابان بن تغلب.

(٥) يعنى تعريف المصنف ره للانفال بقوله ره : والأنفال تختص بالإمام عليه السلام وهي كل أرض إلخ انما يراد ـ في اختصاصها بالإمام عليه السلام ولم يذكر اسم النبي صلى الله عليه وآله ـ من هي له الآن وبعد

٣٤٠