مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

ولو بلغت حصّة عامل المزارعة والمساقاة نصابا وجبت عليه.

ويجوز الخرص بشرط السلامة

______________________________________________________

وجبت الزكاة بعد تقسيط الدين على جميع التركة فيسقط مقدار الدين من حصّة الغلّة منها ، فان كان الباقي نصابا يخرج الزكاة.

فكأنّ دليله أنّ الدين ما يتعلّق بالأموال إلّا بالحصص فما لم يتعلّق به الدين من الغلة ملكه الوارث قبل البدوّ مستقلا ، فيجب عليه فيه الزكاة ، وفيه تأمّل.

وقد مرّ ما يدلّ على عدم وجوبها على الوارث من المنتهى (١).

ويؤيّده ان المال كلّه على حكم مال الميّت حتى يقضى الدين وان لم يكن مستغرقا ، اختاره المصنف تارة ـ كما مر ـ أو انتقل اليه (٢) ولكن لا يجوز له التصرف حتى يتحقق الحال ـ كما هو مذهب له أيضا ـ فلا يكون الملك تاما.

نعم هذا متوجّه لو قيل بالانتقال اليه وجواز التصرف له مستقلا مطلقا أو فيما فضل ـ كما هو مذهبه أيضا ـ ومع ذلك تأمّل فيه.

وبالجملة هذه فرع تحقيق تلك المسئلة ، وقد ذكره المصنف هذه في القواعد في ثلاث مواضع ، واختار في كل موضع غير ما اختاره في آخر ويمكن ان يجي‌ء تحقيقه ان شاء الله في كتاب الحجر وغيره ، ولا ريب ان الإخراج أحوط.

قوله «ولو بلغت حصّة عامل المزارعة إلخ» دليل وجوبها على المزارع والمساقى بعد وجود الشرائط هو عموم الأدلّة التي مرت من غير تقييد ببعض دون بعض ، فمنع ابن زهرة كما نقله في الدروس بعيد.

قوله : «ويجوز الخرص بشرط السلامة» يعني يجوز الخرص وتخمين الغلة فيضمن المالك الزكاة فيتصرف فيها كيف يريد.

وينبغي كونه مع وكيل الحاكم مثل الساعي ، ولو لم يكن فالعدلان أو العدل. ولا يبعد جوازه من عند نفسه لو تعذر للحاجة وقبول قوله في الإعطاء والنصاب

__________________

(١) في أول بحث الغلات.

(٢) أي إلى الوارث.

١٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

والتلف ، فكأنّ الأمر مبنى على السهولة له وقد جعله الله وكيلا عليه فيمكن كفايته بنفسه مطلقا الا أنّه مع العدول (١) أحوط وأبعد من التهمة ، ومن إضلال الشيطان له وكذا يمكن جوازه للساعي فيضمن للمالك حصته ، ولا بعد في ذلك إذا رضى المالك.

ولا مانع من جهة الحاكم لأن السلامة والموافقة شرط في اللزوم ، فلا يحصل الضرر على الفقراء بوجه.

ولو كان بالتخمين لهم (٢) لا لنفسه فيضمن الحصتين.

ومعنى (بشرط السلامة) أنّه يلزم الخرص بشرط السلامة فاستقرار ضمان ما ضمن مشروط بالسلامة ، فلو تلف بآفة سماويّة ، بل ولو بظلم فلا يحصل الضمان ويؤخذ بحساب الباقي بعده.

قال في الدروس ويصدّق المالك في تلفها بظالم وغيره بيمينه.

وفي اليمين تأمّل ، لأن قوله ـ في الإخراج بعد تحقق ثبوتها عليه ، وكذا في عدم بلوغ النصاب ـ ولو كان الظاهر ذلك (٣) لاحتمال حصول آفة ، مقبول بغيرها (٤).

فكذا هنا ، فإن الأمر موكول اليه لكون الله تعالى شاهدا عليه ، تسهيلا على الناس كما مرّ في الاخبار (٥) ما يدل عليه.

وقال فيه أيضا : يجوز التجفيف للحاجة وتسقط بالحساب ، ويجوز دفع الثمرة

__________________

(١) يعنى العدلين أو العدل الواحد كما تقدم آنفا.

(٢) يعنى لأرباب الغلة قال في المنتهى ص ٥٠٠ : ويجوز الخرص على أرباب النخل والكرم ويضمنهم الخارص حصّة الفقراء وبه قال أكثر الفقهاء (وقال أبو حنيفة : لا يجوز الخرص انتهى).

(٣) يعنى عدم بلوغ النصاب.

(٤) يعنى قوله فيما ذكر من الأمرين مقبول بغير يمين.

(٥) راجع الوسائل باب ١٤ من أبواب زكاة الانعام.

١٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

على الشجرة ، والعنب الذي لا تصير زبيبا ، والرّطب الذي لا يصير تمرا بخرص على الجفاف ، وعلى الامام بعث خارص ، ويكفي الواحد العدل ، والعدلان أفضل ، والحنطة والشعير جنسان هنا (١) ، ولو اختلف الثمار والزرع في الجودة قسّط ، ولو أخذ العنب عن الزبيب أو الرطب عن التمر رجع بالنقيصة عند الجفاف ولا يكفي الخراج عن الزكاة (انتهى).

والظاهر (٢) ان البعث مع الطلب والحاجة.

واشتراط العدالة لا بأس به.

وكونهما جنسين هنا مفهوم من الاخبار ، من عدّهما اثنين كسائر الأجناس ، وسيجي‌ء كونهما واحدا في الربا ولا شك في أنّ التقسيط أحوط ، ولكن وجوبه غير ظاهر لاحتمال كفاية الإعطاء من الجنس ولو من الأدنى ، وقد مرّ مثله فتذكر.

وعدم كفاية الخراج عن الزكاة إشارة إلى ردّ قول البعض بذلك وقد مرّ تفصيله.

__________________

(١) وانما قيده بقوله : (هنا) احترازا به عن الرياء فإنهما هناك جنس واحد بالنصوص الصحيحة والصريحة.

(٢) شروع في توضيح مفردات جملات الدروس المنقولة هنا.

١٢٣

«خاتمة»

الزكاة تجب في العين لا في الذمة

______________________________________________________

قوله : «الزكاة تجب في العين لا في الذمة» هذا هو المفهوم من الاخبار حيث أوجبت بظاهرها الإخراج من العين ، وأيضا لعلّه لا خلاف فيه عند أصحابنا.

قال في المنتهى : الزكاة تجب في العين لا في الذمة ذهب إليه علمائنا اجمع سواء كان حيوانا أو غلّة أو أثمانا إلخ.

ولكن قد يخالف مقتضى وجوبها في العين مثل جواز إخراج القيمة مطلقا على ما هو المشهور وقد فرق الشيخ المفيد ، فيجوز في غير الأنعام ، وقال : ولا يجوز إخراج القيمة في زكاة الأنعام الا ان يعدم الأسنان المخصوصة في الزكاة (انتهى).

لعلّ عدم الجواز للتعلق بالعين ، ولظاهر مثل قوله عليه السلام : (يخرج بنت مخاض والشاة) فإن القيمة (١) ليست بذلك.

واما دليل الجواز ـ فيما جوزه (٢) من غير الانعام ـ فهو صحيحة أحمد بن محمد ، عن

__________________

(١) يعنى ان القيمة بدل (بنت المخاض والشاة) لا يصدق عليها انها بنت مخاض أو شاة.

(٢) يعني ما جوزه الشيخ المفيد من إخراج القيمة عند عدم الأسنان المخصوصة.

١٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

البرقي ـ كذا في التهذيب ـ وكأنّه محمد بن خالد البرقي الثقة ـ وقال في الكافي : عن محمد بن خالد البرقي ـ عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال كتبت اليه (١) :

هل يجوز ـ جعلت فداك. ان يخرج عمّا يجب في الحرث من الحنطة ، والشعير ، وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوى أم لا يجوز الا ان يخرج عن (من ـ كا) كل شي‌ء ما فيه؟ فأجاب عليه السلام : أيّما تيسر يخرج (٢).

وصحيحة على بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال :

سألته عن الرجل يعطي من زكاته عن الدراهم دنانير ، وعن الدنانير دراهم بالقيمة أيحلّ ذلك له؟ قال : لا بأس (٣).

وهاتان الصحيحتان لا تدلان على تمام مقصود الشيخ المفيد أيضا لعدم ذكر العنب والزبيب وكأنّه اكتفى ، بأنه لا قائل بالفرق.

والظاهر كون حكم الغلّات واحدا (٤). وان لا عموم في الأولى ، إذ الظاهر من قوله عليه السلام : (أيما تيسر يخرج) فيما تقدم من الجنس أو القيمة.

ويدل على عدم جواز غير الدراهم عنها ، ما رواه في الكافي مسندا ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : قلت : أيشتري الرجل من الزكاة الثياب ، والسويق ، والدقيق ، والبطّيخ ، والعنب ، فيقسمه؟ قال : لا يعطيهم الّا الدراهم كما أمر الله تبارك وتعالى (٥) الا ان السند ضعيف (٦) ، مخالف للصحيح ، ويمكن الحمل على

__________________

(١) في الكافي : (محمد بن خالد البرقي قال كتبت الى ابى جعفر الثاني عليه السلام).

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب زكاة الغلات وباب ١٤ حديث ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٤) وكأنه إشارة الى ان المذكور في خبر البرقي وان كان هو الحنطة والشعير الا ان الظاهر وحدة حكمهما مع التمر والزبيب.

(٥) وسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٦) والسند كما في الكافي هكذا : محمد بن عبد الله ، عن سهل بن زياد ، عن احمد بن محمد بن ابى نصر ،

١٢٥

فلو تمكن من إيصالها إلى المستحق ، أو الساعي ، أو الامام ولم يدفع ضمن ، ولو لم يتمكن سقطت.

ولو حال على النصاب أحوال وكان يخرج من غيره تعددت الزكاة.

ولو لم يخرج اخرج عن سنة لا غير ، ولو كان أزيد من نصاب تعددت الزكاة.

ويخرج من الزائد في كلّ سنة حتى ينقص النصاب

______________________________________________________

الاستحباب والكراهية مع انه يمكن تخصيص جواز إخراج القيمة بالدراهم لا بالامتعة ، وكذلك هو المتبادر من القيمة لا غير ، ولهذا لا يجوز للوكيل البيع الا بها وبالجملة الخروج عن ظاهر النصوص بكلام بعض الأصحاب مشكل ، فلا ينبغي التعدي عن النص الّا بمثله.

قوله : «فلو تمكن من إيصالها إلخ» وجوب الضمان على تقدير التفريط وإمكان الأداء ظاهر ، ولكن ليس بمتفرع على التعلّق بالعين ، بل في الذمة أولى (١) ، نعم ، العكس متفرع عليه وهو ظاهر.

قوله : «ولو حال على النصاب إلخ» وجوب تعدد الزكاة في النصاب الواحد إذا بقي على حاله سنين متعددة مع الإخراج عن غيره ظاهر ، وهو صدق الأدلة الا انه فرع جواز الإخراج عن غير العين.

وكذا عدم الوجوب الا لسنة واحدة لو بقي عنده سنين متعددة ، نصاب كامل فقط ، وهو فرع تعلق الزكاة بالعين ، فإنه إذا تعلّق الزكاة بالعين ، فنقص المال الذي هو للمالك عن النصاب ، فلا يجب عليه الا لعام واحد ، لعدم وجود الشرط الا فيه.

__________________

(١) وجه الأولوية انه على تقدير تعلقها بالعين يمكن دعوى كون التلف من مال الفقراء وان كان المالك عاصيا بترك الأداء مع التمكن ، بخلاف التعلق بالذمة فإنه لا ينالها يد التقصير والتفريط كما لا يخفى.

١٢٦

فلو حال على ستة وعشرين ثلاثة أحوال وجبت بنت مخاض وتسع شياه.

والبقر والجاموس جنس ، وكذا الضأن والمعز والبخاتي والعراب ، ويخرج من أيهما شاء

______________________________________________________

قوله : «فلو حال على ست وعشرين إلخ» وجوب بنت مخاض للسنة الأولى لحصول شرطه ، فإذا تعلقت هي (١) أو قيمتها بالست والعشرين ، نقص ذلك النصاب فبقي خمسا وعشرين ، فيجب فيه للسنة الثانية خمس شياه ، لوجود نصابه ، ثم إذا تعلق به مقدار خمس شياه نقص ذلك ، فما بقي للثالثة الّا النصاب الرابع ، فيجب اربع شياه ، فجمع للفقراء بنت مخاض وتسع شياه متعلقة بالعين مضمونة مع التفريط ، وعدمه (٢) مع العدم.

وفيه تأمّل ، إذ قد يكون الجمال (٣) يسوى أضعاف بنت مخاض والشياة ، فإذا تعلق قيمة بنت مخاض ـ مثلا ـ بواحدة تكون صالحة لتعلّق قيمة خمس شياه أخر في السنة الثانية ، وكذا الخمسة الأخر في الثالثة ، فيبقى خمس وعشرون سنتين فيجب عشر شياه.

وكذا قد يكون لا يسوى الكلّ الّا بنت مخاض واحدة ، فما بقي عنده في الثانية نصاب ، بل شي‌ء أصلا فلا يجب الا بنت مخاض واحدة.

فتأمّل فكأنه مبنى على الغالب من عدم التفاوت بهذا المقدار ، فلو فرض ذلك لأمكن القول بما مرّ فتأمّل.

قوله : «والبقر والجاموس» (الى قوله) ويخرج من أيّهما شاء دليل اتحاد الجنس صدق الاسم ، وظاهر الاخبار ، وقد مر دليل إخراج أيهما شاء ، وانه الحسن لا التقسيط كما اختاره البعض وان كان ذلك أحوط ، واولى منه ، الإخراج من الأعلى.

__________________

(١) يعني بنت مخاض.

(٢) اى عدم الضمان مع عدم التفريط.

(٣) جمع الجمل.

١٢٧

ويصدّق المالك في عدم الحول ونقصان الخرص المحتمل ، وابدال النصاب والإخراج من غير يمين.

ولو شهد عليه اثنان حكم عليه.

______________________________________________________

قوله : «ويصدّق المالك إلخ» لظاهر حال المسلم من عدم الكذب ، وظاهر الخبر ، مثل ما في حسنة بريد بن معاوية ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال بعث أمير المؤمنين عليه السلام مصدّقا من الكوفة إلى باديتها ، فقال له : يا عبد الله انطلق (الى قوله عليه السلام) فتسلم عليهم ، ثم قل لهم : يا عباد الله أرسلني إليكم ولي الله لآخذ منكم حقّ الله في أموالكم فهل لله في أموالكم من حق فتؤدّوه إلى وليّه؟ فان قال لك قائل : لا ، فلا تراجعه وان أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير ان تحيفه أو تعده الا خيرا ، الخبر (١).

وما في صحيحة أخرى له (٢).

وهي تدل بظاهره على عدم اليمين أيضا ، ولهذا قال المصنف : (من غير يمين) والأصل أيضا مؤيد له ، فقول الدروس (٣) باليمين غير واضح.

قوله : «ولو شهد عليه اثنان إلخ» لو فرض شهادتهما بحيث يؤل إلى إثبات ، مثل أن يقول : أديت في الوقت الفلاني إلى فلان ، وشهدا بموته قبله أو بعده في ذلك الزمان عن ذلك المكان ، أو بغيبة المالك في ذلك الزمان عن ذلك الشخص وعن ذلك المكان والزمان ، أو بإقراره زمانا لا يمكن الإعطاء ولا يجتمع مع قوله بالإعطاء ، وأمثال ذلك.

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) اى لمحمد بن مسلم ـ عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل : أيجمع الناس المصدق أم يأتيهم على مناهلهم قال : لا ، بل يأتيهم على مناهلهم فيصدقهم ـ الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) واعلم ان الدروس قد عنون المسئلة في موضعين (أحدهما) في شروط زكاة الأنعام فأفتى بعدم اليمين وقال : ويسقط باختلاف بعض الشروط فيه كالمعاوضة ولو كان بالجنس ، ويصدق المالك بغير يمين (انتهى) ثانيهما في شروط الغلات وقال : يجوز الخرص (الى ان قال) : ويصدق المالك في تلفها بظالم أو غيره بيمينه (انتهى)

١٢٨

ولو طلقها بعد حول الشهر قبل الدخول ، فالزكاة عليها أجمع.

ولا زكاة لو نقصت الأجناس وان زادته مع الانضمام.

______________________________________________________

قوله : «ولو طلقها بعد حول الشهر إلخ» المراد انه تزوج شخص امرأة وأمهرها النصاب المعين وبقي في ملكها حول الزكاة ثم طلقها قبل الدخول فرجع نصف المهر الذي هو نصف النصاب الى المالك كملا ، ويجب عليها زكاة الكل لحصول الشرائط عندها.

وهو مبنى على القول بحصول الملك التّام بمجرد العقد ، وانما الطلاق منصّف حادث ، فالجملة واضحة.

قوله : «ولا زكاة لو نقصت الأجناس إلخ» قد مر مثله ، والدليل ، الأصل ، ودليل وجوب النصاب في كل جنس وعدم وجوب ضم الأجناس والاخبار في ذلك كثيرة وقد ذكرنا البعض ، مثل صحيحة زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل كنّ عنده أربع أينق (١) ، وتسعة وثلاثون شاة ، وتسع وعشرون بقرة أيزكّيهن؟ قال : لا يزكّى شيئا منهنّ ، لانه ليس في شي‌ء منهن ، فليس يجب فيه الزكاة ، قال : قلت لأبي جعفر ولابنه (عليهما السلام) : الرجل يكون له الغلة الكثيرة من أصناف شتى أو مال ليس فيه صنف ما يجب فيه الزكاة هل يجب عليه في جميعه زكاة واحدة؟ فقال : لا ، انما يجب عليه إذا تم فكان يجب (في كل صنف منه الزكاة يجب عليه في جميعه في كل صنف منه الزكاة) فقيه فإن أخرجت أرضه شيئا قدر ما لا تجب فيه الصدقة أصنافا شتى لم تجب فيه زكاة واحدة (٢) إلخ.

وفي المتن إغلاق والمقصود واضح وليس هيهنا شي‌ء صحيح صريح يدل على

__________________

(١) قوله تعالى (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) والأصل نوقة على فعلة بالتحريك لأنّها جمعت على نوق مثل بدنة وبدن ، وقد جمعت في القلة على أنوق ، ثم استثقلوا الضمة على الواو فقدموها فقالوا : أونق ، ثم عوّضوا الواو ياء فقالوا : أينق ، ثم جمعوها على أيانق (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب زكاة الأنعام وباب ٢ حديث ١ من أبواب زكاة الغلات ، ولا يخفى ان الشارح قده جمع بين هذين الحديثين لاشتراكهما في مطلوبه لا انهما أو دعا في كتب الحديث حديثا واحدا فراجع الكافي والتهذيب والفقيه.

١٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

خلاف ذلك.

ومع ذلك يمكن الحمل على الاستحباب ، كما حمل ما ورد في نقصان النصاب عما ذكر ، على استحباب الإخراج مثل رواية أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لا تجب الصدقة إلا في وسقين ، والوسق ستون صاعا (١).

وحمله الشيخ على الاستحباب للجمع مع عدم صحّة السند (٢).

وكذا قوله عليه السلام في رواية أخرى : (لا يكون في الحبّ ، ولا في النخل ، ولا في العنب زكاة حتى يبلغ وسقين ، والوسق ستون صاعا) (٣).

وفي أخرى : (في كم تجب في الحنطة والشعير فقال : في وسق) (٤) ، وغير ذلك وكذا ما يدل على عدم الفرق في التمر والزبيب في المخرج بين ما سقى بالسيح وبغيره ، وتخصيص الفرق بالطعام.

وهي رواية عثمان بن عيسى ، عن سماعة مع وجودهما (٥) فيها ، والإضمار في أحدهما للأخبار (٦) الصحيحة الكثيرة في عدم الوجوب إلا في خمسة أوسق وعدم الفرق بين الطعام وغيره في اعتبار العشر فيما سقت سيحا ، وبالدوالي ـ مثلا ـ وانما أشرنا (٧) إلى خلاف الروايات ليعمل بها احتياطا.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب زكاة الغلات.

(٢) والسند كما في التهذيب هكذا : محمد بن على بن محبوب ، عن على بن السندي ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن ابى بصير.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب زكاة الغلات.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من أبواب زكاة الغلات.

(٥) يعنى التمر والزبيب ، والحديث سندا ومتنا هكذا كما في الكافي أبو على الأشعري عن احمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته عن الزكاة في الزبيب والتمر فقال : في كل خمسة أوسق (أوساق خ ل) وسق ، والوسق ستون صاعا ، والزكاة فيها سواء فاما الطعام فالعشر فيما سقت السماء ، واما ما يسقى بالغرب والدوالي فإنما عليه نصف العشر.

(٦) تعليل لقوله قده : يمكن الحمل على الاستحباب واما الاخبار فراجع باب ١ من أبواب زكاة الغلات وغيره.

(٧) بقوله : قده آنفا كما حمل ما ورد في نقصان النصاب عما ذكر ، على استحباب الإخراج إلخ.

١٣٠

«المطلب الرّابع فيما يستحب فيه الزكاة»

وهي أصناف (الأوّل) مال التجارة ، وهو ما ملك بعقد معاوضة ولو من الأدنى للاكتساب عند التملك

______________________________________________________

قوله : «وهو ما ملك بعقد معاوضة للاكتساب عند التملك» هذا هو التعريف لمال التجارة باعتبار الزكاة ، وحاصله ان التجارة هنا هي الاكتساب بعقد يكون طرفاه مالا قصد الاكتساب عند التّملك.

فالظاهر عدم شموله للمنفعة ، إذ الظاهر أنّ المراد بما هو المال ، والظاهر عدم صدق المال عليها فتكون زكاة العقار المتخذة للنماء قسما آخر أو من الفروع.

ويخرج بعقد المعاوضة ما يملك بمثل الهبة ولو كانت معاوضة لعدم اعتبار المعاوضة في جنسها ، وما يملك بغير العقد مثل الإرث ، ويدخل نحو الصلح.

ويخرج ب «قصد الاكتساب» (١) ما يكون الغرض هو التبديل ، والتعويض لا الاسترباح وهو المراد من الكسب وبقيد (عند التملك) يخرج ما يملك بالعقد مع عدم ذلك القصد ثم نشاء كذا قيل.

__________________

(١) المفهوم من قول المصنف (للاكتساب).

١٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر انه لم يصدق عليه قصد الاكتساب ، لانه ما يملكه بالعقد للاكتساب ـ اى الاسترباح ـ الا ان يقصد به معنى آخر.

ويدخل ما يملك للاكتساب عند التملك وحين العقد ثم نشأ ضده والحال انه لا زكاة فيه كما سيصرح به في المتن الّا انه يقصد من الحين دائما ، ويشكل بما يحصل الفاصلة فتأمل.

وبالجملة ، الظاهر عدم (لزوم) هذا القيد (١) كما قيل ، ولكن لا ينفع ، إذ ما يفهم منه يفهم من قوله : ـ للاكتساب ـ أيضا وهو ظاهر فلا ينفع حذفه كما فعله الشهيدان فافهم.

والذي يظهر من بعض الروايات كما ستسمع انه إذا قصد بما اشتراه الاسترباح يزكّى سواء كان ذلك عند المعاوضة أم لا ، بل وان تجدّد حفظه لذلك بشرط عدم زواله.

بل يظهر من بعضها أنّه إذا أمسك متاعا وان لم يكن مشترى (٢) وقصد بحفظه وبيعه الاسترباح ، يزكّى.

ثم اعلم أن الظاهر استحباب زكاة التجارة كما هو مذهب الأكثر.

للشهرة ، ولأصل عدم الوجوب ، ولما دلّ من الأخبار على عدمها مع التبديل والتغيير ، وعدم البقاء طول الحول (٣).

ولصحيحة سليمان بن خالد ، قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل كان له مال كثير فاشترى به متاعا ثم وضعه ، فقال : هذا متاع موضوع ، فإذا أحببت بعته فيرجع الى رأس مالي وأفضل منه ، هل علىّ فيه صدقة وهو متاع قال : لا حتى

__________________

(١) يعنى قول المصنف قده (عند التملك).

(٢) مبنيا للمفعول.

(٣) في هامش بعض النسخ المخطوطة هكذا : أي يؤيد عدم وجوب الزكاة في مال التجارة ، تبديله وتغييره وعدم بقاءه طول الحول ـ بحسب ماهيّة التجارة ـ فإن عدم المذكورات شرط في وجوب الزكاة.

١٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

تبيعه (١).

وصحيحة زرارة ، في مخاصمة عثمان وابى ذرّ في زكاة التجارة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال أبو ذر : لا يجب الا ان يكون كنزا (٢) ، وقال عثمان : يجب مطلقا ـ فقال صلى الله عليه وآله : القول ما قال أبو ذر الخبر (٣).

واما ما يدل على الرجحان وحمل على الاستحباب للجمع ـ فهو مثل رواية على بن الحكم ، عن إسماعيل بن عبد الخالق ، قال سأله سعيد الأعرج وانا اسمع فقال : انا نكبس الزيت والسمن نطلب به التجارة ، فربما مكث عندنا السنة والسنتين هل عليه زكاة؟ قال : فقال : ان كنت تربح فيه شيئا أو تجد رأس مالك فعليك زكاة (٤) ، وان كنت انما تربّص به لأنك لا تجد إلّا وضيعة فليس عليك زكاة حتى يصير ذهبا أو فضة ، فإذا صار ذهبا أو فضّة فزكّه للسنة التي يتجر فيها (٥) (اتجرت فيها ـ كا) كأنها صحيحة ، وانها عن الامام عليه السلام ، لان الظاهر ان على بن الحكم هو الثقة ، لنقل احمد بن محمد عنه هنا (٦) ، والظاهر عدم نقل مثلها الّا عن الامام عليه السلام.

وحسنة محمد بن مسلم ـ لإبراهيم ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن رجل اشترى متاعا فكسد عليه وقد زكّى ماله قبل ان يشترى المتاع متى

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، وتمامه : فهل يؤدى عنه ان باعه لما مضى إذا كان متاعا؟ قال : لا.

(٢) نقل بالمعنى ولفظ الحديث هكذا : قال أبو ذر : اما ما يتجر به أو دير وعمل به فليس فيه زكاة إنما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا ، فإذا حل عليه الحول ففيه الزكاة الحديث.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٤) فعليك زكاته ـ كا.

(٥) الوسائل باب ١٣ حديث ١ و ٢ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٦) وسندها كما في الكافي هكذا : عدة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد ، عن على بن الحكم ، عن إسماعيل بن عبد الخالق ، قال : سأله سعيد الأعرج.

١٣٣

وانما يستحبّ إذا بلغت قيمته بأحد النقدين نصابا ، وطلب برأس المال أو الربح طول الحول ، فلو نقص رأس ماله في الأثناء أو طلب بنقيصته ولو حبّة سقط الاستحباب ، وكذا لو نوى القنية

______________________________________________________

يزكّيه؟ فقال : ان كان أمسك متاعه يبتغى به رأس ماله ، فليس عليه زكاة ، وان كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال ، قال : وسألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها ، فقال : إذا حال عليها الحول فليزكّها (١).

هذه التي تدل على عدم الشراء فتأمّل لعلّها تدل على العمل في الجملة.!

فالظاهر اعتبار العقد على ما قالوه ، والأحوط عدمه للإشعار بأنه إذا حبس ما يريد به الربح يزكّى ، نعم لا يجب ولا يستحب الّا بعد البيع أو التخمين في القيمة كما يظهر منهما ، وقاله الأصحاب ، فتأمّل.

فإن قولهم ـ كما هو الظاهر من الأكثر ـ الاستحباب فيما ملك بالمعاوضة ولم ينقص من رأس المال في طول السنة شي‌ء بمعنى انه كلما أراد بيعه بيع به أو به والزيادة.

قوله «وانما يستحب إلخ» دليل اشتراط النصاب في زكاة التجارة هو الإجماع. قال في المنتهى ص ٥٠٧ ويشترط في ثبوت الزكاة ، بلوغ النصاب ، وهو قول علماء الإسلام ، فلو ملك دون النصاب وحال عليه الحول لم يثبت الزكاة إجماعا ، وهل يشترط وجود النصاب في جميع الحول أم لا؟ فالذي عليه علمائنا اشتراط وجود النصاب في جميع الحول (انتهى).

وكذا دليل اشتراط بقاء رأس المال بمعنى انه إذا أراد بيعه في كل من أجزاء السنة يكون ممكنا برأس المال من غير نقص ، هو الإجماع ، قال في المنتهى ص ٥٠٨ : ويشترط في وجوب الزكاة أو استحبابها على الخلاف ، وجود

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٣ من أبواب ما تجب فيه الزكاة

١٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

رأس المال طول الحول ، فلو نقص رأس ماله ولو حبّة في الحول أو بعضه سقطت الزكاة وان كان ثمنه أضعاف النصاب ، وإذا بلغ رأس المال استأنف الحول ذهب الى ذلك علمائنا اجمع (انتهى).

وفي الأخبار المتقدمة ما يدلّ على الحول مثل قوله عليه السلام : إذا حال عليه الحول فليزكّها (١) ، وعلى اعتبار بقاء رأس المال ، مثل قوله عليه السلام : (فان كنت تربح) الى آخره (٢).

ثم الظاهر ان وصول القيمة بأيّ نصاب كان من النقدين ، يكفي في الاستحباب لصدق النصاب وهو المعتبر ، ولكن الظاهر انه النصاب الأوّل منهما ، وقال في شرح الشرائع : (ثمّ الثاني) (٣) ، لأن الظاهر من اعتبار النصاب في قيمة الشي‌ء أوّلا يكون ذلك ، لانه جعلت العروض بمنزلة القيمة وهي أحد النقدين (٤).

ويحتمل الاكتفاء بالنصاب الأول ، فيزكّى ذلك وما زاد قليلا كان أو كثيرا ، وذلك هو المفهوم من أكثر العبارات حيث سكتوا عن الثاني.

قال في المنتهى (٥) : احتج الشيخ على رجحان زكاة العين على التجارة إذا

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ ذيل حديث ٣ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٢) الوسائل باب ١٣ قطعة من حديث ١ و ٢ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٣) الاولى نقل عبارة المسالك بعينها قال : المعتبر من النصاب هنا هو نصاب احد النقدين دون غيرها وان كان مال التجارة من جنس آخر ، فلو اشترى أربعين من الغنم للتجارة ، اعتبر في جريان زكاة التجارة بلوغ قيمتها النصاب الأوّل من احد النقدين ، ويعتبر في الزائد عن النصاب الأوّل بلوغ النصاب الثاني كذلك (انتهى).

(٤) يعني أحد النقدين بأحد النصابين كما هو مطلوب الشارح قده.

(٥) هذا كلام مستأنف ومسئلة مستقلة عنونها في المنتهى بما هذه عبارته : ولا يجمع زكاة العين والتجارة في مال واحد إجماعا لقوله عليه السلام : لا شي‌ء في الصدقة.

إذا ثبت هذا فلو ملك أربعين شاة سائمة للتجارة وحال الحول وقيمتها نصاب سقطت زكاة التجارة على قولنا باستحبابها ، ويثبت زكاة العين ، لان الواجب يقدّم على المستحب ، أما على قول من قال بالوجوب ، ففيه خلاف بينهم ، قال الشيخ : تجب ـ زكاة العين دون التجارة ، وبه قال مالك والشافعي في الجديد ، وقال في القديم : يزكيها زكاة التجارة ، وبه قال أبو حنيفة والثوري واحمد ، احتج الشيخ ، على رجحان إلخ ما نقله الشارح قدس سره.

١٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

اجتمعا على تقدير وجوبها بأن زكاة العين أقوى للإجماع على وجوبها ووقوع الخلاف هنا ، ولأنها تتعلّق بالعين فتكون اولى ، واحتج أبو حنيفة على عكسه بأن زكاة التجارة أحظّ للمساكين لأنها تجب فيما زاد بالحساب.

ولقائل أن يقول (على الاولى) (١) : لا نسلّم وقوع الإجماع هنا وفي غير هذه الصورة لا يفيد القوّة (وعلى الثانية) باحتمال أولويّة ما ثبت في القيمة (وعلى الثالثة) بالمنع من مراعاة الأحظ للفقراء ، فإن الزكاة مواساة وعفو المال فلا يكون سببا لإضرار المالك ، ولا موجبا للحكم في ماله (انتهى).

وهذه تدل على تسليم عدم النصاب ثانيا فتأمّل (٢).

ولو بلغ بأحدهما (٣) دون الآخر ثبت الا ان المصنف قال في المنتهى : يعتبر في التقويم بما اشتراه لا بنقد البلد (٤) واستدل عليه بان نصاب السلعة يبني على ما اشتريت وهو يقتضي ذلك ، وبرواية إسماعيل المتقدمة ، ونقل الخلاف عن أبي حنيفة فتأمّل.

ويحتمل اعتبار نصاب الذهب فيما إذا كان مال التجارة ذهبا ، وكذا في الفضّة كما قال به الشيخ علىّ ، وقولهم يقتضي الاكتفاء بالمغاير ولو لم يكن نصابا بمثله.

ويمكن اعتبار القيمة التي بيعت بها ، واعتبار ما اشترى به ، ونقد البلد ، وبأقل الأمرين مطلقا نقدا كان أو غيره كما هو ظاهر العبارات والاعتبار ، لان المعتبر هو صدق النصاب قيمة فتأمّل.

__________________

(١) اى ردا على الحجة الأولى لأبي حنيفة ، وكذا قوله : على الثانية ، وقوله : وعلى الثالثة.

(٢) يعني هذه الإيرادات الثلاثة ردا على أدلته الثلاثة تدل على عدم اعتبار النصاب الثاني.

(٣) يعني بأحد النقدين.

(٤) عبارة المنتهى هكذا : يقوم السلعة بعد الحول بالثمن الذي اشتريت به سواء كان نصابا أو أقل ولا يقوم بنقد البلد (الى ان قال) وقال أبو حنيفة واحمد : يعتبر الأحظ للفقراء (انتهى).

١٣٦

ولو اشترى بالنصاب للتجارة استأنف حولها من حين الشراء ، ولو كان رأس المال أقل من نصاب استأنف عند بلوغه.

وتتعلّق بالقيمة لا بالمتاع

______________________________________________________

ولما اعتبر قصد الاسترباح فلا زكاة بدونه ، سواء لم يكن القصد ذلك أصلا أو كان أوّلا ولكن قصد به القنية ثانيا ورفع ذلك القصد وان كان ظاهر التعريف يقتضي وجودها الا أن يحمل على الدوام على ما مر.

واما لو لم يكن القصد ذلك ثم تجدّد فظاهر البعض عدمها كما هو مقتضى التعريف والظاهر ثبوتها كما هو مقتضى الاخبار واختاره في الدروس ، قال : ولا في القنية ، ولو تجدد قصد الاكتساب كفى على الأقوى (انتهى) فكأنه ما اعتبر نقل الإجماع في المنتهى فتأمّل.

أشار المصنف إلى الأوّل (١) بقوله : (وكذا لو نوى القنية) وسكت عن الثاني (٢) لعلّه لظهور العدم من التعريف ، ولانه يفهم من المنتهى عدم الزكاة في الثاني بالإجماع ، قال : نيّة الاكتساب بها عند التملك شرط لثبوت الزكاة وجوبا أو استحبابا ، وهو قول العلماء كافّة ، فلو نوى القنية وقت الشراء لم يثبت قولا واحدا (انتهى).

قوله : «ولو اشترى بالنصاب للتجارة إلخ» يعني لو اشترى بالنصاب الزكوي شيئا للتجارة بطل حول الزكوي للتغيير والتبديل ، ويستأنف حول التجارة فيجب زكاتها مع الشرائط تمام الحول من حين الشراء لوجود المقتضى وعدم المانع واستيناف الحول عند بلوغ رأس المال نصابا ظاهرا.

قوله : «وتتعلق بالقيمة لا بالمتاع» قال في المنتهى : قال الشيخ رحمه الله زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة وتجب فيها (انتهى) ونقل الخلاف عن بعض العامّة.

__________________

(١) يعني ما ذكره في الدروس أولا بقوله ره : (ولا في القنية).

(٢) يعني ما ذكره في الدروس بقوله : ولو تجدد إلخ.

١٣٧

ولو بلغت النصاب بأحد النقدين خاصة استحبّت.

ولو ملك الزكوي للتجارة وجبت المالية.

ولو عاوض الزكوي بمثله للتجارة استأنف الحول للمالية.

______________________________________________________

وهو مشعر بعدم الخلاف عندنا ، والذي يدل عليه اعتبار نصاب النقدين ، والشريعة السهلة ، وأصل جواز التصرف بالبيع وغيره في أموال التجارة ، والتعلّق بالعين يمنع عن ذلك الّا مع التخمين والضمان كما في الزكاة.

قال في المنتهى ٥٠٨ : يجوز بيع عروض التجارة قبل أداء الزكاة ، لأنها يجب في القيمة ، بخلاف زكاة العين (انتهى).

والظاهر ان مراده على تقدير وجوب مال التجارة ، وقد نقلنا منه الإجماع على تعلّق الزكاة في غير مال التجارة بالعين ، وحينئذ ، لا يجوز الشراء بالعين التي هي قيمة مال العروض ، وعلى تقدير تعلق وجوب زكاة التجارة بالعين لا يجوز بيعها أيضا حينئذ ـ أي حين وجوب الزكاة.

والظاهر ان المخرج هو ربع العشر عينا أو قيمة وان كان الوجوب في القيمة كالعكس في الزكاة ـ إرفاقا للمالك ، وان كان ظاهر الرّوايات التعلق بالعين ، فهو مؤيّد لجواز الإخراج عنها أيضا فتأمّل.

قوله : «ولو بلغت النصاب إلخ» قد مر شرحه.

قوله : «ولو ملك الزكوي للتجارة وجبت المالية» يعني إذا ملك أربعين غنما سائمة مثلا للتجارة وحال الحول وكمل شرائطها وجبت المالية وسقطت زكاة التجارة.

وكأنه هو مجمع عليه على تقدير استحباب زكاة التجارة ، قال المصنف في المنتهى : ولا تجمع زكاة العين والتجارة في مال واحد إجماعا لقوله صلى الله عليه وآله : لا ثنى في الصدقة (إلى قوله) لان الواجب يقدم على المستحب (انتهى).

اما على قول من قال بالوجوب ففيه الخلاف بينهم كما مر.

وتظهر الفائدة في جواز التصرف قبل الإخراج والتخمين والضمان وعدمه.

قوله : «ولو عاوض الزكوي إلخ» وهو متفرع على ما سبق ، فالفاء أولى ،

١٣٨

ولو ظهر الربح في المضاربة ضم المالك الأصل إلى حصته ، واخرج عنهما ، ويخرج العامل عن نصيبه ان بلغ نصابا وان لم ينضّ

______________________________________________________

والحكم على تقدير الاستحباب واضح كما مر ، فتجب الماليّة ويسقط الغير.

وعلى تقدير وجوب زكاة التجارة أيضا ، فيه اشكال من جهة الإجماع على عدم تعدد الزكاة الماليّة.

وانما قيدناه بالمالية ، لأن المصنف قال (في المنتهى) : زكاة التجارة لا تمنع زكاة الفطرة ، فلو اشترى رقيقا للتجارة وجب على المالك زكاة الفطرة وزكاة التجارة أيضا (انتهى).

ودليله وجود محلهما ، مع عدم المنافاة ، والإجماع ، والخبر (١) في المالية ويحتمل (٢) تقديم الماليّة ، لأنها الأصل ، والثابت في الآيات ، والاخبار ، والإجماع ، وتعلّقها بالعين ، بخلاف التجارة.

ويحتمل الأخيرة (٣) لأنها قد تكون أسبق بمضي بعض الحول فتثبت قبل وجود شرائط الأولى.

وعلى هذا الفرض (٤) ينبغي عدم النزاع في تقديمها لما مر ، وامّا على تقدير التساوي فيمكن تقديم الأولى لما مر ، وتأمّل في الفائدة.

قوله : «ولو ظهر الربح» يعني إذا حصل الربح في مال المضاربة بالحساب والتخمين (ضم المالك الأصل) أي رأس ماله (الى حصته) من الربح ، فان بلغ النصاب يستحب زكاة التجارة ، ويكون الحول واحدا.

وابتداءه من حين الزيادة المتمّمة للنصاب ، وابتداء ما زاد (٥) عليها من

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٧ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٢) عطف على قوله قده : فتجب المالية.

(٣) يعني يحتمل ، ما هو مؤخر من المالية والتجارة.

(٤) يعنى على فرض احتمال تقديم الأخير لاسبقيتها بمضي بعض الحول.

(٥) اى على الزيادة المتممة للنصاب يعنى لو زاد على النصاب الأول بعد ذلك شي‌ء فابتداء حوله من حين الزيادة ـ من هامش بعض النسخ المخطوطة.

١٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

حينه لو كان.

وكذا لو كان رأس المال نصابا ، فابتداء حوله من حين التجارة ما لم يطلب بالنقصان ، وحول الربح من حين ظهوره.

وكذا العامل يخرج زكاة التجارة لو كان ما ظهر له من الربح نصابا وان لم ينقد المال ولم يبع المتاع ، بل كان عروضا.

وقوله : (ان بلغ) يحتمل ان يكون قيدا ل (يخرج) وحذف مثله ل (اخرج) وكأنه من باب التنازع.

وقيل : يحتاج إلى الإنضاض (١) ، بل لا يستحب الّا بعد قبض الحصة مع النصاب ، لان الربح وقاية لرأس المال ، إذ قد ينقص رأس المال ، ويلزم العامل الغرامة ، لعدم إمكان الاسترجاع من المستحق.

بل يمكن عدم الاستحباب على العامل أصلا ، إذ الظاهر من زكاة التجارة كون التاجر مالك رأس المال كما هو الظاهر من الاخبار على ما نفهم.

وما قيل كأنه مختار المحقق الثاني ، وليس ببعيد ، للأصل ، وعدم ظهور شمول الإجماع والاخبار له فتأمّل.

قال في المنتهى : فرع ، إذا اشترى سلعة بدراهم فحال عليها الحول وباعها بالدنانير قوّمت السلعة دراهم وأخرجت منها الزكاة ، لأن الزكاة تجب في ثمنها وقد كانت دراهم ، ولو باعها قبل الحول بدنانير وحال الحول قوّمت الدنانير دراهم ، لأنها ثمن الدراهم التي حال عليها الحول (انتهى).

وفيه تأمّل لأن الزكاة تتعلّق بالقيمة حين وجوبها ، ولا دخل للقيمة السابقة فينبغي ، (إمّا) اعتبار قيمة الوقت بالمتداول في ذلك الوقت والمكان كما هو المعيار في القيمة ، فإنها نقد البلد (أو) ما بيع به ، لأن القيمة كانت كلّيّة تعيّنت فيه ، فتأمّل.

__________________

(١) من استحباب إخراج الزكاة على العامل من حصته إذا بلغت نصابا بعد الإنضاض وقبل الحصة كذا في الهامش المذكور

١٤٠