مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ولعل قيد (بغير بينة) ليس للاحتراز ، إذ الظاهر عدم وجوبها معها أيضا ، بل مع إمكان الإثبات ، بل مع إقراره أيضا ما لم يصل الى يد المالك المدين لم يجب عليه لعدم التعيين ، فان المال في الذمة لم يصر مال المدين ما لم يصل الى يده أو يد وكيله أو يتعين له بوجه.

ويؤيده قوله بعد ذلك : (ولا الدين على المعسر والموسر) الا ان يراد بالمجحود العين ، فلا يبعد الوجوب مع إمكان الأخذ ، ولعله (١) المراد حتى لا يلزم التكرار وإلقاء القيد.

واعترض المحقق الثاني عليه (٢) : بان مقتضاه انه لو كان له بينة يجب عليه وهو مشكل ان كان يريد وجوب انتزاعه وأداء الزكاة ، وان أراد الوجوب بعد العود بجميع نمائه فهو متجه إذا كانت البينة بحيث تثبت بها وهناك من ينتزعه فتأمل.

ثم قال (٣) : (الثاني) تسلّط الغير عليه ، فلا يجب في المرهون وان كان في يده ، ولا الوقف (الى قوله) : (الثالث) عدم قرار الملك فلو وهب له نصابا لم يجر في الحول ، الا بعد القبول والقبض ، ولو اوصى له اعتبر الحول بعد الوفاة والقبول إلخ (٤).

وفيه تأمل ، إذ الظاهر عدم اشتراط القرار ان كان المراد منه اللزوم كما هو الظاهر ، ولهذا قال من قبل : (انه لو اشترى بخيار يكون ابتداء الحول من حين العقد لا بعد زوال الخيار) (٥).

__________________

(١) يعنى ان المراد من المجحود هو العين لوجهين (أحدهما) لزوم التكرار لو كان هو الدين بقوله : ولا الدين إلخ (ثانيهما) لزوم إلقاء قيد (بغير بينة) ان الدين لا تجب فيه الزكاة مطلقا ، ما لم يصل الى يده.

(٢) يعنى على المصنف في القواعد.

(٣) يعنى العلّامة في القواعد ـ عقيب قوله : وأسباب النقص ثلاثة ـ.

(٤) إيضاح الفوائد ج ١ ص ٦٩ ١٧١ طبع قم.

(٥) نقل بالمعنى وإلا فعين العبارة هكذا : لو اشترى نصابا جرى في الحول حين العقد على راى.

٢١

فلا يجزى الموهوب في الحول الّا بعد القبض ، ولا الموصى به الّا بعد القبول وبعد الوفاة ، والغنيمة (الأخ) بعد القسمة

______________________________________________________

(وأيضا) يفهم ثبوت الملك قبل القبول والقبض ، ولكنه غير مستقر ، وليس كذلك.

(وأيضا) يفهم القرار بعد القبض ، وليس كذلك إذ قد يكون للواهب الرجوع كما إذا كان أجنبيا ولم يثب (١) في هبته ، فتأمل.

فقول المصنف هنا : (ولا بدّ من تمامية الملك إلخ) إشارة إلى تحقق التمكن من التصرف الذي ذكره أوّلا ، وبيان التفريع عليه لبعده عنه.

فقوله (٢) : «فلا يجزى الموهوب في الحول الا بعد القبض ، ولا الموصى به الا بعد القبول وبعد الوفاة» (يدل) على حصول الملك في الهبة قبل القبض ، وكذا الوصية قبل القبول ، وفيه تأمل.

(وأيضا) يفهم اشتراط اللزوم ، وليس كذلك كما مر على ان الهبة لا تلزم بالقبض أيضا.

فقوله : «والغنيمة بعد القسمة» يمكن عطفه على (الموهوب الا بعد القبض) بتقدير استثناء (الا بعد القبض) (أو يراد) القسمة اللازمة المفيدة للملك ، وهو انما يكون بعد القبض ، ويقدر الاستثناء قبل (بعد القسمة) (٣).

وعبارة المصنف في القواعد تشعر بالثاني : (ولا تجري الغنيمة في الحول الا بعد القسمة ولا يكفي عزل الامام بغير قبض الغانم) (٤).

__________________

(١) من الثواب اى لم يجعل له عوضا.

(٢) يعنى قول المصنف هنا.

(٣) فيكون حاصل الكلام هكذا : والغنيمة إلّا بعد القبض ، فيكون وجوب الزكاة فيها مشروطا بأمرين (أحدهما) القبض (ثانيهما) القسمة هذا ولكن في بعض نسخ المتن والغنيمة إلّا بعد القسمة فعلى هذه النسخة لا حاجة الى تكلف التقدير.

(٤) إيضاح الفوائد ج ١ ص ١٧١ طبع قم.

٢٢

والقرض حين القبض ، وذو الخيار حين البيع.

ولا زكاة في المغصوب والغائب عن المالك ووكيله ، والوقف ، والضال ، والمفقود.

فان عاد بعد سنين استحب زكاة سنة.

______________________________________________________

وكذا في قوله (١) : (والقرض حين القبض ، وذو الخيار حين البيع) فيكون التقدير ، والغنيمة إلا بعد القسمة ، والقرض الا حين القبض ، وذو الخيار الا حين البيع. سواء كان الخيار للبائع فقط أو للمشتري أو لهما ، والثاني واضح ، ولكن في غيره تأمل لعدم اللزوم وتمامية الملك بذلك المعنى.

وبالجملة لزوم الملك لا يظهر شرطيته كلية ، وكذا جواز التمكن من جميع التصرفات لعدم جواز إخراج البيع في زمان خيار المبيع عن ملكه ، وكذا سائر التصرفات المنافية للخيار على ما قيل فتأمل ، فإن العبارات لا تخلو عن إجمال ، إذ المعنى من تمامية الملك وإمكان التصرف أيضا ، غير واضح.

قوله : «ولا زكاة في المغصوب إلخ» ولا شك في عدم وجوب الزكاة في الكل حتى يصل الى يد المالك أو وكيله لعدم التمكن من التصرف في المغصوب والغائب عن المالك ووكيله ، وكذا الوقف وان قلنا انه ملك للموقوف عليه ، لعدم جواز بيعه ، ولعدم استقلاله لتعلق حق البطون به.

واما نمائه ، فإن بلغ الحصة النصاب ووجد باقي الشرائط وجبت الزكاة فيها.

وكذا الحيوان الضال والمال المفقود ، كأن الأول مخصوص بالحيوان ، والثاني بغيره ، ويمكن الاختصار على الثاني وتعميمه.

(واما) استحباب الزكاة لسنة ان مضت ووجد باقي شرائط الوجوب (فلرواية) عبد الله بن بكير (عمن رواه) (عن زرارة خ ئل) عن ابى عبد الله

__________________

(١) يعنى قول المصنف ره هنا.

٢٣

ولا الدين حتى يقبضه.

وان كان تأخيره من جهة مالكه.

______________________________________________________

عليه السلام انه قال في رجل ما له عنه غائب لا يقدر على أخذه قال : فلا زكاة عليه حتى يخرج ، فإذا خرج زكاه لعام واحد ، فان (وان خ ل) كان يدعه متعمدا وهو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل ما مر به من السنين (١).

حملت على الاستحباب لما مر ولقصور السند (٢) ، مع التساهل في دليله مع انه برّ وإحسان للخيار مرغوب ، ومؤيد بالشهرة بينهم ، وبالصحيحة الآتية.

وفي الأولى دلالة على الوجوب لو خلي باختياره عند الغاصب ، وذلك غير بعيد لحصول الشرائط.

قوله : «ولا الدين حتى يقبضه إلخ» دليل عدم الوجوب قبل القبض ، والوجوب بعده ظاهر ، لحصول المقتضى وعدم المانع وعدمه (٣).

وصحيحة (٤) عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا صدقة على الدين ، ولا على المال الغائب عنك حتى يقع في يدك (٥).

وهذه تدل على الاستحباب في المال الغائب.

وقوله : «وان كان تأخيره من جهة مالكه» إشارة إلى خفاء عدم الوجوب ، وردّ على القائل بالوجوب حينئذ ، وهو ظاهر ، لأنه بالقدرة على الأخذ والترك لم يصر مالكا للعين بالفعل ، وهو شرط للوجوب ، نعم هو قادر على ان يملكه ، وذلك لم يكف.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٧ من أبواب من تجب عليه الزكاة.

(٢) فإن سنده كما في التهذيب هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن أخيه ، عن أبيهما ، عن الحسن بن الجهم ، عن عبد الله بن بكير ، عمن رواه.

(٣) الظاهر انه لف ونشر غير مرتب يعنى دليل الوجوب بعد القبض حصول المقتضى وعدم المانع ، ودليل عدم الوجوب عدم كل واحد منهما فالثاني للاول والأول للثاني.

(٤) عطف على قوله : ظاهر.

(٥) الوسائل باب ٥ حديث ٦ من أبواب من تجب عليه الزكاة.

٢٤

والقرض ان تركه المقترض بحاله حولا فالزكاة عليه والا سقطت.

______________________________________________________

ولعموم الاخبار مثل صحيحة عبد الله ابن سنان المتقدمة (١) وغيرها ، وعدم صحة ما يدل على الوجوب ان كان تأخيره من جهة المالك ، فيمكن الحمل على الاستحباب.

قوله : «والقرض ان تركه المقترض إلخ» دليل وجوبها على المقترض ان خلى النصاب الذي استقرضه بحاله ولم يخرجه عنه بالتصرف مع وجود باقي الشرائط (هو) وجود المقتضى وعدم المانع ، وحسنة زرارة (لإبراهيم) عن ابى عبد الله عليه السلام زكاته على المقترض (٢).

وصحيحة منصور بن حازم عنه عليه السلام : وان كان لا يؤدى أدى المقترض (المستقرض خ ل) (٣) وفيها إشعار باجزاء إعطاء المقرض عنه ، ويمكن حمله على وكالته واذنه أو تقديما قرضا ، فتأمل.

ودليل عدم الوجوب على تقدير عدم ذلك ، عدم المقتضى.

واعلم انه لا بد من وجود المقتضى زمان تعلق الوجوب مستمرا الى زمان إمكان الإخراج لوجوبها مستقرة ووجود المانع لعدم زمان الوجوب ، فلو استمر الغصب مع زمان البدوّ (٤) فلا يجب وان زال بعده ولم يكن قبله في الجملة.

__________________

(١) قبل أسطر وتقدم ذكر موضعها فراجع.

(٢) صدر الحديث هكذا ، قال : قلت لأبي عبد الله (ع) (لأبي جعفر (ع) يب) : رجل دفع الى رجل مالا قرضا ، على من زكاته؟ على المقرض؟ أو على المقترض؟ قال : لا ، بل زكاتها ان كانت موضوعة عنده حولا على المقترض ، قال : قلت : فليس على المقرض زكاتها؟ قال : لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد الحديث ـ الوسائل باب ٧ حديث ١) من أبواب من تجب عليه الزكاة وسند الحديث كما في الكافي هكذا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة.

(٣) الوسائل باب ٧ ح ٢ من أبواب من تجب عليه الزكاة وصدرها : في رجل استقرض مالا فحال عليه الحول وهو عنده قال : ان كان الذي أقرضه يؤدى زكاته فلا زكاة عليه وان كان إلخ.

(٤) يعني تحقق الغصب قبل بدوّ الصلاح (في مثل الغلات مثلا) واستمر الى زمان البدوّ سقط الوجوب وان فرض زوال الغصب بعد البدوّ ولم يكن الغصب متحققا قبل البدوّ في الجملة.

٢٥

وشرط الضمان ، الإسلام ، وإمكان الأداء ، فلو تلفت بعد الوجوب وإمكان الأداء ضمن المسلم ، لا الكافر.

ولو تلفت قبل الإمكان فلا ضمان ، ولو تلف البعض سقط من الواجب بالنسبة.

______________________________________________________

فلو حصل البدوّ قبل الغصب فلا يسقط ويضمن على تقدير التقصير (١).

قوله : «وشرط الضمان الإسلام إلخ» يعنى ان المالك انما يضمن ويستقر في ذمته بحيث لو تلفت الأموال الزكوية يجب عليه ضمان الزكاة وإعطاء عوضها بشرطين ، الإسلام ، وإمكان الأداء مع عدمه.

فلو كان المسلم متمكنا من الأداء بمعنى ان المستحق موجود وليس هنا شي‌ء يمنع الإعطاء شرعا فما اعطى ، استقر الضمان في ذمته ولزمه الأداء مطلقا بقي المال أو تلف.

اما لو كان صاحب المال كافرا وجبت عليه على ما هو رأي الأصحاب ، فلو أسلم لم يضمن يعنى يسقط عنه الزكاة ، كأنّه للإجماع والنص ، مثل الإسلام يجبّ ما قبله (٢).

وكذا لو تلفت مع عدم الإمكان كعدم المستحق ، ولو تلف البعض فمثل الكل كما مر.

__________________

(١) اى مع إمكان الإخراج من يد الغاصب.

(٢) (مصباح المسند المخطوط) (للثقة الشيخ قوام القمي الوشنوي الإمامي دامت بركاته) نقلا عن مسند احمد بن حنبل ج ٤ ص ٢٠٥ ، مسندا ، عن ابى شمّاسة ، قال : إن عمرو بن العاص قال : لما القى الله عز وجل في قلبي الإسلام قال : أتيت النبي صلّى الله عليه وآله ليبايعني فبسط يده الىّ فقلت : لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي قال : فقال : لي رسول الله صلّى الله عليه وآله : يا عمرو أما علمت ان الهجرة تجبّ ما قبلها من الذنوب ، يا عمرو اما علمت أن الإسلام يجبّ ما كان قبله من الذنوب وعنه ص ١٩٩ وفيه قال صلّى الله عليه وآله : فإن الإسلام يجبّ ما كان قبله وان الهجرة تجبّ ما كان قبلها.

وعن اسد الغابة ج ٥ ص ٥٤ قال : وروى محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جدّه قال : كنت جالسا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله منصرفه من الجعرانة فاطلع هبّار بن الأسود من باب رسول الله صلى الله

٢٦

ولا يجمع بين ملكي شخصين وان امتزجا.

ولا يفرق بين ملكي شخص واحد وان تباعدا.

والدين لا يمنع الزكاة ، ولا الشركة مع بلوغ النصيب نصابا.

ووقت الوجوب في الغلّات بدوّ صلاحها.

______________________________________________________

قوله : «ولا يجمع إلخ» اما الجمع فظاهر البطلان ، لان ملك شخص بضم مال شخص اليه لم يصر نصابا مملوكا له ، فلم يتحقق الشرط فلا تجب الزكاة على أحدهما.

وكذا الفرق بين ملكي شخص ، لان من ملك أربعين شاة في مواضع متعددة ، يصدق عليه انه مالك النصاب (١) فتحقق الشرائط ، ويدخله تحت عموم الأخبار الدالة على وجوب الزكاة لمالكه.

وتفرقها في أمكنة لا يخرجها عن ملكه ، وتجي‌ء أدلة وجوب الزكاة ، وهو إشارة إلى خلاف العامة ، فإنهم يجمعون ويفرقون (٢).

قوله : «والدين لا يمنع إلخ» لصدق أدلة وجوب الزكاة وعدم دليل المنع.

وكذا الكلام في الشركة مع بلوغ الحصة نصابا ، فان الدليل جار من غير مانع والامتزاج ليس بمانع للأصل وعدم ما يدل عليه.

قوله : «ووقت الوجوب في الغلات بدوّ صلاحها» اعلم انه لا نزاع في

__________________

عليه وآله (الى ان قال) فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فقد عفوت عنك ، وقد أحسن الله إليك حيث هداك الله الى الإسلام والإسلام يجبُّ ما قبله (انتهى).

(١) مضافا الى ما ورد من طرق أهل البيت عليهم السلام في المسئلتين من انه لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق فراجع الوسائل باب ١١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) حكى عن الأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأصحابه انه يجمع بين المتفرق بمعنى ان النصاب الواحد إذا كان لمالكين يجب ان يزكى ، وعن الشافعي انه قال : لا يجمع بين متفرق فلو كان لمالك واحد ثمانون شاة في موضعين يجب عليه شاتان وقال في الخلاف : واما ما روى عن النبي صلي الله عليه وآله من قوله : (لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع) فنحمله على انه لا يجمع بين متفرق في الملك ، لتؤخذ منه الزكاة زكاة ، رجل واحد ، ولا يفرق بين مجتمع في الملك لأنه إذا كان ملك للواحد وان كان في مواضع متفرقة لم يفرق وقد استعمل الخبر انتهى وان شئت فراجع مسئلة ٣٤ و ٣٥ ٣٩ و ٣٦ و ٤٠ من كتاب الزكاة من الخلاف.

٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم الوجوب قبل بدوّ الصلاح ، ولا في الوجوب بعد صيرورته حنطة وشعيرا ، وتمرا ، وزبيبا ، وانما النزاع بعد البدوّ وقبل ان يصير ذلك ، فقال الأكثر بالوجوب حينئذ ، وهو اشتداد الحب فيهما ، والاحمرار والاصفرار في النخل ، وانعقاد الحصرم في الكرم.

والدليل عليه عمومات وجوبها وخرج منها ما خرج وبقي الباقي تحتها.

ولصدق الحنطة والشعير حينئذ أيضا ، وهو ظاهر لانه يقال : هذا الزرع حنطة وشعير والأصل الحقيقة ، ولا شك في الصدق عرفا وان لم يكن لغة فلا يضره.

وقيل : أيضا : يقال على البسر : انه تمر ، لأنه نوع من التمر ، ولا قائل بالفرق ، فيجب في العنب والحصرم أيضا ، فلا يضر لو لم نسلم في البسر أيضا.

وأيضا دلت الاخبار على وجوبها في العنب ، ولا قائل بالفرق على الظاهر ، فتجب في الكل ، وهي صحيحة سعد بن سعد الأشعري قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن أقل ما تجب فيه الزكاة من البرّ ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، فقال : خمسة أوسق بوسق النبي صلّى الله عليه وآله ، فقلت : كم الوسق؟ فقال : ستون صاعا ، قلت : فهل على العنب زكاة؟ أو انما تجب عليه إذا صيّره زبيبا فقال : إذا خرصه اخرج زكاته (١).

وما في صحيحته الأخرى عنه عليه السلام ، عن الحنطة ، والشعير ، والزبيب ، والتمر متى يجب على صاحبها؟ قال : إذا صرم ، وإذا خرص (٢) فتأمل.

ورواية سليمان ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : ليس في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أوساق زبيبا (٣).

وفيها دلالة ما على الوجوب في البسر أيضا ، فافهم.

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب زكاة الغلّات.

(٢) الوسائل باب ٥٢ ذيل حديث ١ من أبواب المستحقّين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٧ من أبواب زكاة الغلّات.

٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا في رواية عن ابى بصير ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا يكون في النخل ولا في العنب زكاة حتى تبلغ وسقين (١).

وحملها الشيخ على الاستحباب للرواية الدالة على خمسة.

وكذا ما في رواية الحلبي ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سئلته في كم تجب الزكاة من الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب؟ قال : في ستين صاعا (٢).

وقال في حديث آخر : ليس في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتى يبلغ خمسة أوساق زبيبا ، والوسق ستون صاعا (٣).

فلو لم يؤل ما هو خلاف الأدلة والأصول عندهم يحذف ويعمل بالباقي من الرواية (٤) ـ فتأمل.

وبالجملة ، القول بالوجوب فيما يسمّى حنطة وشعيرا ، وزبيبا ، وتمرا ، وعنبا ، جيد ، وإذا ثبت عدم القول بالواسطة يكون القول بوجوبها في الحصرم ، والبسر ، وما احمرّ أو اصفرّ أو انعقد الحبّ وان لم يسم تمرا وحنطة ، وشعيرا جيدا ، والا اقتصر على ما يسمّى.

وإذا اشتبه فالأصل عدم الوجوب ، وعند البعض ـ مثل المحقق في الشرائع ـ لا يجب الا فيما يسمى حنطة ، أو شعيرا ، أو تمرا ، أو زبيبا ، بل بعد التصفية والتشميس.

__________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب زكاة الغلّات ـ قال والوسق ستون صاعا.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١٠ من أبواب زكاة الغلّات.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١١ من أبواب زكاة الغلّات ـ ووجه الدلالة في هذه الاخبار الثلاثة على الوجوب في البسر أيضا انه (عليه السلام) حكم بوجوبها في النخل ـ لا في التمر ـ والنخل كناية عن ثمرها الشامل للبسر أيضا ـ والله العالم.

(٤) يعنى اشتمال جملة من هذه الاخبار على الوجوب في مقدار الوسق أو الوسقين الذي خلاف سائر الأدلة وخلاف أصالة البراءة في أقل من خمسة أوسق ، اما يأوّل كما حمله الشيخ على الاستحباب أو يحكم بحذفه ويعمل بباقي الرواية ، كما هو مقرر في علم الأصول.

٢٩

وفي غيرها إذا هل الثاني عشر من حصولها في يده.

______________________________________________________

ودليله الأصل مع اخبار صحيحة كثيرة (١) في حصر الوجوب من الغلات في الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، وقد عرفت ، وجوب إلحاق العنب ، لدليله والوجوب في الكلّ.

أو (٢) الصدق بعد البدوّ وقبل الصيرورة ، حنطة ، وشعيرا ، وتمرا ، وزبيبا فتأمل.

واعلم ان ظاهر القول الثاني ، عدم الوجوب فيها بمجرد الانعقاد ، والاحمرار ، والاصفرار ، وعدم التسمية ، بل بعد التصفية والتشميس.

وانه على التقديرين لا خلاف في انه لا يجب الإخراج إلا بعد التصفية في الحنطة والشعير ، والتشميس بحيث يصيرا تمرا وزبيبا في النخل والكرم ، وذكر الإجماع في المنتهى.

ففائدة الخلاف تظهر في عدم جواز التصرف وجوازه بعد الانعقاد ، والاحمرار وقبل التسمية ، (فعلى الأول) لا يجوز الّا بعد التخمين وحفظ المقدار وإخراج حصته من الزكاة (وعلى الثاني) يجوز.

وكذا في الوجوب وعدمه إذا اشترى بعدهما ، فإنه يجب الزكاة على البائع (على الأول) ، وعلى المشتري (على الثاني) على ما يظهر من كلامهم وفي الوجوب وعدمه فيما لم يصلح تمرا وزبيبا وغير ذلك ، فتأمل.

قوله : «وفي غيرها إذا أهل الثاني عشر من حصولها في يده» لا خلاف في اشتراط الوجوب في غير الغلات بالحول ، وعليه أخبار كثيرة معتبرة ـ منها ـ حسنة حريز (لإبراهيم) (٣) عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام :

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٢) عطف على قوله : الأصل يعنى ان دليل المحقق أحد أمرين (اما) أصالة البراءة عن الوجوب قبل صيرورته أحد الثلاثة بضميمة وجوب إلحاق العنب ، (أو) الصدق عرفا بمجرد البدو قبل صيرورتها حنطة وشعيرا وتمرا وزبيبا حقيقة.

(٣) فإن سنده كما في الكافي هكذا : على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة.

٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

رجل كان عنده مأتا درهم غير درهم احد عشر شهرا ، ثم أصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر فكملت عنده مأتا درهم أعليه زكاتها؟ قال : لا حتى يحول عليه الحول وهي مأتا درهم (١).

وفيها وقال : انه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة ، ولكنه لو كان وهبا قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شي‌ء بمنزلة من خرج ثم أفطر ، انما لا يمنع ما حال عليه ، فاما ما لم يحل فله منعه ، ولا يحل له منع مال غيره فيما قد حل عليه ، قال زرارة : وقلت له : رجل كانت له مأتا درهم ، فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة فعل ذلك قبل حلّها بشهر؟ فقال : إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليها فيها الزكاة (٢).

فالمراد بالحول اثنا عشر شهرا كما هو في اللغة ، والأصل عدم النقل ، والمراد بحول الحول ، الدخول في الثاني عشر لا مضى تمامه.

والظاهر ان هذا الشهر محسوب من الأول بمعنى انه لا يحسب من الثاني ، لا بمعنى انه لو حدث فيه ما يوجب سقوط الزكاة لو كان قبله يكون مسقطا هنا أيضا فلا يكون الوجوب مستقرا ، لتعلق الوجوب وحصول الشرط ، وهو حول الحول ، وهو عبارة عن الشروع في الثاني عشر كما يفهم من الخبر وعبارات الأصحاب تكاد ان تكون إجماعا.

فقوله عليه السلام : (فقد حال) بالفاء وفعل الماضي لا يدل على عدم كونه من الأول ، بل على انه يكفي للوجوب ذلك المقدار ، وهو المراد بحول الحول.

والظاهر ان الخبر صريح في استقرار الوجوب ، وحسن ، إذ ليس فيه من فيه الا (إبراهيم بن هاشم) وقد عرفته مرارا.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٢) الوسائل باب ١٢ قطعة من حديث ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة ، وللحديث صدر وذيل فلاحظ ، ولاحظ الكافي باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبه حديث ٤ من كتاب الزكاة.

٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

فقول الشهيد الثاني) في شرح الشرائع : والحق ان الخبر السابق ان صح فلا عدول عن الأول ـ أي استقرار الوجوب ـ في الشهر الثاني عشر كما هو مقتضى الخبر والإجماع ، ولكن في الطريق كلام ، فالعمل على الثاني متعين الا ان يثبت ، وحينئذ يكون الثاني عشر جزء من الأول ، واستقرار الوجوب مشروطا بتمامه (غير واضح).

والعجب انه قال من قبل (١) : الذي اقتضاه الإجماع والخبر السالف ، الأول (٢) انتهى.

فلو سلم عدم صحة السند فما يكفي الإجماع ، ولا ينجبر ذلك بالإجماع فيلقى ذلك كله ويصير الى الثاني حتى تثبت صحة الخبر ، فالظاهر الأول كما عرفت ـ فتأمل.

وكذا (استدلال فخر المحقّقين) على عدم كونه من الأول بالخبر لوجود ألفا وفعل الماضي (٣) (غير واضح) لاحتمال ان يراد بحول الحول ذلك ، فلا يدل على إتمام الحول ، إذ قد يكون اثنى عشر شهرا كما هو في اللغة والعرف.

ومراد الفقهاء بحوله ، ذلك ـ فتأمل ـ الا أنه لا يشترط مضي تمامه والوصول الى آخره ، لتعلق الوجوب ، بل يكفي الشروع فيه لذلك.

ويدل عليه رواية خالد بن الحجاج الكرخي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزكاة ، فقال : انظر شهرا من السنة فانو أن تؤدّى زكاتك فيه ، فإذا دخل ذلك الشهر فانظر ما نضّ ـ يعنى ما حصل في يدك من مالك ـ فزكّه ، فإذا حال

__________________

(١) اى قبل هذه العبارة بأسطر.

(٢) صدر العبارة في المسالك هكذا : لا شك في حصول أصل الوجوب بتمام الحادي عشر ، ولكن هل يستقر الوجوب به أم يتوقف على تمام الثاني عشر الذي إلخ.

(٣) في إيضاح الفوائد ج ١ (ص ١٧٢) طبع قم هكذا : والأصح عندي عدم احتسابه (أي الثاني عشر) من الأول لقول الباقر عليه السلام : إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه الزكاة والفاء تقتضي التعقيب بلا فصل ، فبأوّل جزء منه يصدق انه حال عليه الحول و (حال) فعل ماض لا يصدق الّا بتمامه ـ انتهى ـ.

٣٢

ولا يجوز التأخير مع المكنة ، فإن أخر معها ضمن ، ولا التقديم.

______________________________________________________

عليه الحول من الشهر الذي زكّيت فيه فاستقبل بمثل ما صنعت ليس عليك أكثر منه (١).

فإنّ ظاهرها أن ابتداء الحول بعد ذلك الشهر ، ولأن الحول اثنى عشر ، وهو شرط في الزكاة الا انه لا يشترط مضي الكل ، بل يكفي مضي احد عشر ، والشروع في الثاني عشر ، وهو لا يستلزم خروج الثاني عشر من ذلك الحول والدخول في الحول الثاني ، وهو ظاهر.

قوله : «ولا يجوز التأخير» أكثر العبارات يدل على تحريم التأخير.

وقال في الدروس : يجب دفع الزكاة عند وجوبها ، ولا يجوز تأخيرها إلّا لعذر كانتظار المستحق وحضور المال فيضمن بالتأخير ، وكذا الوكيل ، والوصي بالتفرقة لها أو لغيرها من الحقوق الماليّة ، وهل يأثم؟ الأقرب نعم الا ان ينتظر بها الأفضل أو التعميم ، وروى جواز تأخيرها شهرا أو شهرين (٢) ، وحمل على العذر ـ انتهى.

ولا يخفى ما فيه ، من حصر الجواز على الشهر والشهرين (٣) ، والحمل على العذر ، والتردد في الإثم بعد الجزم بعدم الجواز ـ فتأمل.

وقال المصنف : ويتعيّن على الفور مع المكنة ووجود المستحق ، ولا يكفى العزل على رأى ، فيضمن لو تلفت ، ويأثم ، وكذا الوصي بالتفريق أو بالدفع الى غيره أو المستودع مع مطالبة المالك ، ولو لم يوجد مستحقّ أو حصل مانع من التعجيل جاز التربص ولا ضمان حينئذ ، ولا يجوز تقديمها ، فان فعل كان قرضا لا زكاة معجلة على رأى (٤) انتهى.

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٢) راجع الوسائل باب ٤٩ حديث ١١ من أبواب المستحقين ولم نعثر بالخصوص ، على خبر يجوّز التأخير إلى شهر بالخصوص اللهم بالفحوى فان جواز التأخير إلى شهرين يستلزم جواز التأخير إلى شهر بطريق أولى.

(٣) لورود الاخبار في جوازه إلى ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر أو ستة فلاحظ باب ٤٩ حديث ٩ و ١٣ و ١٥ من أبواب المستحقين.

(٤) إيضاح الفوائد ج ١ ص ١٩٩ طبع قم.

٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

لعلّ دليلهم كون وجوب الحقوق الماليّة بإجماع ونحوه ، ولهذا يقولون ببطلان الصلاة وسائر العبادات المنافية لها في سائر الوقت ، وصرح الشهيد بالبطلان بتأخير الزكاة وان لم يطالب لعدم الطالب المعيّن ، والاخبار الدالّة على اشتراط الحول أيضا تدل عليه.

وهي كثيرة ـ مثل حسنة عمر بن يزيد ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يكون عنده المال أيزكّيه إذا مضى نصف السنة؟ فقال : لا ، ولكن حتى يحول عليه الحول ويحلّ عليه ، انّه ليس لأحد أن يصلّى صلاة إلّا لوقتها ، وكذلك الزكاة ولا يصومنّ احد شهر رمضان إلا في شهره إلا قضاء ، وكل فريضة إنما تؤدّى إذا حلّت (١).

وحسنة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال : لا ، أيصلّي الأولى قبل الزوال (٢).

والأخبار في ذلك كثيرة جدا (٣) ، ودلالتها على جواز التقديم واضحة ، وعلى عدم جواز التأخير من حيث التشبيه بالصلاة والصوم ، ومن جهة الأمر ، مع عدم التصريح بالأخير.

واما الاخبار الدالّة على جواز التأخير والتقديم ، فكثيرة أيضا ـ مثل صحيحة معاوية بن عمار ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم؟ قال : لا بأس قال : قلت : فإنها لا تحلّ عليه الا في المحرم فيعجّلها في شهر رمضان؟ قال : لا بأس (٤).

ومرسلة الحسين بن عثمان ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

__________________

(١) الوسائل باب ٥١ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٥١ حديث ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) راجع الوسائل باب ٤٩ وباب ٥١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) الوسائل باب ٤٩ حديث ٩ من أبواب المستحقين للزكاة.

٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

سئلته عن رجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أوّل السنة فقال : ان كان محتاجا فلا بأس (١).

وصحيحة حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين (٢).

ورواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين (٣).

قال الشيخ : يمكن الجمع بينهما بأنه لا يجوز عندنا تقديم الزكاة الا على جهة القرض فيكون صاحبه ضامنا له متى جاء وقت الزكاة وقد أيسر المعطى ، وان لم يكن أيسر فقد أجزء عنه ، وإذا كان التقديم على هذا الوجه لا فرق بين أن يكون شهرا أو شهرين أو ما زاد على ذلك (٤).

والذي يدل على هذه الجملة رواية الأحول ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل عجل زكاة ماله ، ثم أيسر المعطي قبل رأس السنة فقال : يعيد المعطى الزكاة ، وروى مثل هذا الحديث محمد بن يعقوب ـ في الصحيح ـ عن الأحول (لعله مؤمن الطاق) (٥) (وحمل) ما يدل على التقديم (غير بعيد) لما مرّ.

واما حمل ما يدل على جواز التأخير ، على التقدير والانتظار (فما ذكره) (٦) وليس له وجه إلّا إذا ثبت الإجماع ، وليس بواضح.

ولا يدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام انه

__________________

(١) الوسائل باب ٤٩ حديث ١٠ في أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٤٩ حديث ١١ في أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٥٢ حديث ٤ في أبواب المستحقين للزكاة ـ ولفظ الحديث هكذا : قال أبو عبد الله عليه السلام : إذا أردت أن تعطى زكاتك قبل حلّها بشهر أو شهرين فلا بأس ، وليس لك ان تؤخرها بعد حلّها.

(٤) الى هنا كلام الشيخ ره في التهذيب.

(٥) الوسائل باب ٥٠ حديث ١ في أبواب المستحقين للزكاة.

(٦) يعني ما ذكره الشيخ ره في حمله.

٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : في الرجل يخرج زكاته فيقسّم بعضها ويبقى بعضها يلتمس لها المواضع فيكون بين اوّله وآخره ثلاثة أشهر قال : لا بأس (١).

بل تدل على جواز التأخير مع تعذر المواضع ، فلا تدل على عدمه إلا معه ، وهو ظاهر وكذا رواية يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : زكاتي تحلّ عليّ في شهر أيصح لي أن احبس منها شيئا مخالفة أن يجيئني من يسألني «تكون عندي عدة» (٢) «يب» فقال : إذا حال الحول فأخرجها من مالك ولا تخلطها (ولا تمزجها خ) بشي‌ء ثم أعطها كيف شئت ، قال : قلت : فإن أنا كتبتها وأثبتّها يستقيم لي؟ قال : نعم لا يضرك (٣).

وفي الطريق ـ في الكافي ـ (الحسين بن علي) وصرّح الشيخ بأنه ابن فضال (٤) ، وهو لا بأس به وان قيل : انه فطحي ، ولكن لا شك في انه ثقة ومعتمد.

وبالجملة السند جيّد ، ولكن لا دلالة فيها على أن جواز التأخير ، مع التعذر ، بل ظاهرها عدم ذلك.

ويدل على وجوب الإخراج من غير تأخير (٥) ، وجواز تأخير الإعطاء بعد

__________________

(١) الوسائل باب ٥٣ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) العدّة بالضم الاستعداد ، يقال : كونوا على عدّة ، والعدّة أيضا ما أعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح ـ الصحاح.

(٣) الوسائل باب ٥٢ حديث ٢ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) فإن سند الخبر كما في الكافي هكذا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن على ، عن يونس بن يعقوب ـ وفي التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله ، عن ابى جعفر ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن على بن فضال ، عن يونس بن يعقوب.

(٥) يعنى يدل خبر يونس على وجوب الإخراج فورا من غير تأخير ، واما جواز تأخير الإعطاء بعد تعلّق الوجوب كأنه مذهب المصنف أشار الى هذا المذهب المصنف بقوله في القواعد : (ولا يكفى العزل) على رأى ـ فإنه نسب عدم كفاية العزل إلى رأي فيدل بالمفهوم على ان الرأي الآخر كفايته ـ هذا ولكن في بعض النسخ المخطوطة التي عندنا هكذا : ويدل على وجوب الإخراج من غير تأخير الإعطاء بعد ذلك ـ كأنه مذهب أشار إليه في القواعد بقوله : (ولا يكفى العزل) انتهى.

٣٦

فان دفع مثلها قرضا احتسبه من الزكاة عند الحول (الحلول خ) مع بقاء الشرائط في المال والقابض.

ولو كان المدفوع تمام النصاب سقطت.

______________________________________________________

ذلك ، كأنه مذهبه أشار إليه في القواعد بقوله : (ولا يكفى العزل) على رأى (١).

وبالجملة ظاهر الاخبار جواز التأخير من غير عذر ، بل لمصالح ، بل لغيرها أيضا من غير ظهور المعارض الا كلام بعض الأصحاب كما عرفت فلا يصح لذلك ، بل لو سلم دلالة الاخبار والإجماع عموما ، يمكن التخصيص بها.

فالظاهر جواز التأخير أربعة أشهر ، بل إلى خمسة أشهر للصحيحة المتقدمة (٢) وهو ظاهر.

ولكن الاحتياط في عدم التأخير ، فإن الاعتماد الكلى على الأصحاب ، فتأويلهم الأخبار لا يكون الّا عن شي‌ء فلا ينبغي العدول عنه (٣) ، فإنه يحتمل بطلان العبادات على ما سمعت من كلام الشهيد ره (٤).

والموت أقرب ما يكون إلى الإنسان ، فتخليص الذّمة خصوصا من حقوق الناس أمر عظيم مهم ، فلا ينبغي التهاون بمجرد هذه الأخبار التي حملها الأصحاب ولم يفتوا بظاهرها على الظاهر.

واما التقديم فالظاهر انه على سبيل القرض ، ثم الاحتساب منها مع بقاء الشرائط في المعطي والمعطى.

ولو كان القرض من متمّمات النصاب سقطت الزكاة بقرضه ، لعدم بقاء النصاب بخروج بعضه من ملكه قبل الحول ، فان القرض يخرج عن ملك المقرض ويدخل في ملك المقترض.

__________________

(١) إيضاح الفوائد ج ١ ص ١٩٩ طبع قم.

(٢) راجع الوسائل باب ٤٩ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) يعني عن التأويل.

(٤) الدروس ص ٦٤.

٣٧

ويجوز أخذها وإعطائها غيره ، وللفقير حينئذ دفع عوضها مع بقائها.

ولو استغنى بعين المدفوع جاز الاحتساب (احتسابها خ).

ولو استغنى بغيره لم يجز.

______________________________________________________

ولو كان زائدا عليه يجوز أن يأخذ المدفوع وعوضها ودفع غيره اليه ، بل دفعه ودفع غيره الى غيره أيضا ، ولكن لا ينبغي ذلك مع بقاء الاستحقاق سيّما إذا قيل له ذلك (١).

ويجوز للقابض أيضا إعطاء المأخوذ وإمساكه وإعطاء العوض على ما هو المقرر في سائر القروض.

ولو استغنى القابض بعين المدفوع بحيث لو دفع لم يبق له مؤنة السنة ، جاز الاحتساب عليه من الزكاة ، بل هو الاولى خصوصا مع القول (٢).

ولو استغنى بغيره ـ ولو كان نماء القرض بحيث لو دفع العوض بقوله مؤنة السنة ولو كان بسبب ما اكتسبه ممّا استقرضته ـ لم يجز الاحتساب ، لعدم بقاء الاستحقاق فيأخذه ويعطيه أو غيره الى غيره من المستحقين وهو ظاهر.

__________________

(١) يعني إذ قيل لمعطى الزكاة أعطها المستقرض أو قال المستقرض للمعطى ذلك.

(٢) يعنى القول المذكور بقوله : آنفا سيما إذا قيل له ذلك.

٣٨

«المقصد الثاني فيما تجب فيه»

«المقصد الثاني فيما تجب فيه» وهو (هي خ) تسعة لا غير ، الإبل ، والبقر ، والغنم ، والذهب ، والفضة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب.

______________________________________________________

قوله : «وهي تسعة إلخ» القول بأن ما يجب فيه الزكاة تسعة ، هو المشهور بين الأصحاب ، وكاد أن يكون إجماعا بين المتأخرين بحيث لا يشيرون الى الخلاف ، بل المصنف ادّعى الإجماع على حصر الوجوب فيها.

قال في المنتهى : وقد اتفق علماء الإسلام على وجوب الزكاة في هذه الأصناف ، ولا يجب في غيرها ، ذهب إليه علمائنا أجمع الّا انه قال في الدروس : «وقول يونس (١) وابن الجنيد بوجوبها في جميع الحبوب شاذ» انتهى.

وقال في الاستبصار ـ بعد نقل الأخبار ـ : ـ لا يمكن حملها على ما ذهب اليه يونس بن عبد الرحمن : أنّ هذه التسعة الأشياء كانت الزكاة عليها في أوّل الإسلام ، ثم أوجب الله تعالى بعد ذلك في غيرها من الأجناس ـ لأنّ الأمر لو كان على ما ذكره ، لما قال الصادق عليه السلام : وعفى رسول الله صلى الله عليه وآله عما سوى

__________________

(١) سننقل بعد أسطر عين كلام يونس المنقول في الكافي

٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك ، لأنه إذا أوجب فيما عدا التسعة الأشياء بعد إيجابه في التسعة لم يبق شي‌ء معفو عنه ، فهذا القول واضح البطلان (١) (انتهى).

ويحتمل أن يكون مراده العفو الى زمان إيجابه ، فتأمّل ، فإن لفظ العفو يدل على أنه كان أوّلا أيضا مطلوبا إلّا انه عفو عن رسول الله صلى الله عليه وآله بالتماسه من الله تخفيفا لضعف الأمّة عن ذلك ، فجعله باختيارهم.

ويدلّ على الحصر أخبار كثيرة أصحّها سندا.

حسنة زرارة ، ومحمد بن مسلم ، وأبي بصير ، وبريد بن معاوية العجلي ، والفضيل بن يسار كلّهم ، عن أبي جعفر وابى عبد الله عليهما السلام قالا : فرض الله عز وجل الزكاة مع الصلاة في الأموال وسنّها رسول الله صلى الله عليه وآله في تسعة أشياء وعفى رسول الله عليه وآله عمّا سواهنّ ـ في الذهب ، والفضة ، والإبل ، والبقر ، والغنم ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزّبيب ـ وعفي عمّا سوى ذلك (٢).

وصحيحة علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد الى أبي الحسن عليه السلام : جعلت فداك روى عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة على تسعة أشياء (على يب) الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والذهب ، والفضة ، والغنم ، والبقر ، والإبل ـ وعفى رسول الله صلى الله عليه وآله عما سوى ذلك ، فقال له القائل : عندنا شي‌ء كثير يكون أضعاف ذلك ، فقال : وما هو؟ فقال له : الأرز ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : أقول لك : إن

__________________

(١) الإستبصار ج ٢ ص ٤ باب ما تجب فيه الزكاة ذيل حديث ٨ ، ولكن عبارة يونس كما في الكافي هكذا فإنه بعد نقل حسنة الفضلاء الخمسة ، الآتية قال : وقال يونس : معنى قوله : إنّ الزكاة في تسعة أشياء وعفا عما سوى ذلك انما كان ذلك في أول النبوة كما كانت الصلاة ركعتين ثم زاد رسول الله صلى الله عليه وآله فيها سبع ركعات وكذلك الزكاة وضعها وسنّها في أول نبوته على تسعة أشياء ثم وضعها على جميع الحبوب انتهى ـ وسيأتي نقل هذه العبارة بعينها من الشارح قده ـ أيضا.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٤ في أبواب ما تجب فيه الزكاة.

٤٠