مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

(الثالث) أن لا تكون عوامل ، فإنه لا زكاة في العوامل السائمة.

______________________________________________________

السوم لعدم المؤنة ولبن العلف حكم (حكمه خ ل) ذلك أيضا ويبعد صدق السوم على الأمّ وعدمه على الولد ، وكذا في العلف.

على ان الخبر في صغار الإبل فقط فتأمل (١).

فمختار البيان غير بعيد على تقدير عدم الصدق على أولاد المعلوفة والصدق على أولاد السائمة.

وكذا العلم بمضمون الحسنة (٢).

وكذا القول بالحساب من حين الاستغناء لا من حين الرعي ، بل التفصيل بما عرفت.

قوله : «الثالث ان لا تكون عوامل إلخ» قد عرفت دليله ، وان المعتبر هو الصدق ، ومعلوم انه ليس بمعتبر إلا في الإبل والبقر.

واعتبر البعض الأنوثة ، وعموم الأدلة مع الشهرة دليل العدم.

ولا يدل حذف التاء عن مثل ـ في خمس من الإبل في الروايات ـ على اشتراطها لان المراد لو كان مذكرا أيضا لقيل : خمسة.

إذ الظاهر (ان) المنظور هو مطلق ما صدق عليه من غير نظر الى تذكير وتأنيث ، وحذف التاء اختصارا ، ولعدم توهم الاختصاص بالمذكر ، وللنظر الى ان المخرج هو الأنثى غالبا.

وبالجملة المتبادر من الاخبار هو الأعم وان كان ظاهر قانون النحو المؤنث ، وذلك لا يوجب التخصيص به مع وجود العمومات.

على ان ذلك في بعض الأخبار ، في بعض الأصناف ، فإنه لا يمكن ان يقال : مثله (في مثل) (ليس فيما دون الأربعين من الغنم شي‌ء ، فإذا كانت أربعين

__________________

(١) لعله إشارة الى أنّ الخبر بالطريق الآخر الذي نقله الشيخ مشتمل على الأنعام الثلاثة كما نقلناه آنفا فراجع الوسائل باب ٩ حديث ٥ من أبواب الانعام.

(٢) يعني حسنة زرارة المشتملة على ان ابتداء حول صغار الإبل من يوم تنتج.

٦١

(الرابع) النصاب ، وهو في الإبل اثنا عشر ، خمس وفيها (١) شاة ، ثم عشرة وفيها شاتان ، ثم خمس عشر وفيها ثلاث شياه ثم عشرون وفيها اربع ثم خمس وعشرون وفيها خمس ، ثم ستّ وعشرون وفيه بنت مخاض ، ثم ست وثلاثون وفيه بنت لبون ، ثم ست وأربعون وفيه حقّة ، ثم احدى وستون وفيه جذعة ، ثم ستّ وسبعون وفيه بنتا لبون ، ثم احدى وتسعون وفيه حقّتان ، ثم مأة واحدى وعشرون ففي كل خمسين حقّة أو في كل أربعين بنت لبون وهكذا الزائد دائما.

______________________________________________________

ففيها شاة) (٢) وفي مثل (وفي عشرين اربع شياه) وغير ذلك.

قوله : «الرابع النصاب إلخ» كون النصاب على ما ذكره في المتن هو المشهور بين المتأخرين ، وتدل عليها الاخبار الكثيرة المعتبرة (٣).

ولا معارض لها من الاخبار المعتبرة إلا في الخمس وعشرين ـ في حسنة زرارة ومحمد بن مسلم وابى بصير وبريد العجلي والفضيل عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام قالا : في صدقة الإبل في كل خمس شاة الى ان تبلغ خمسا وعشرين ، فإذا بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض (٤).

قد حملها السيد على إخراجها باعتبار القيمة بخمس شاة (٥) ، والشيخ ره على ان بلغ وزاد ، وحذف (٦) لظهوره اعتمادا على فهم السامع باعتبار ما تقدم من الاخبار مثل ما في صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام : فإذا كانت خمسا

__________________

(١) في نسختين مخطوطتين : (وفيه) في جميع هذه المواضع.

(٢) الوسائل باب ٦ صدر حديث ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ٤ من أبواب زكاة الأنعام.

(٤) الوسائل باب ٢ صدر حديث ٦ من أبواب زكاة الأنعام.

(٥) ففي الانتصار ـ بعد حكمه بان في خمس وعشرين من الإبل خمس من الشياة وبعد نقل القول بلزوم بنت مخاض في ذلك عن ابى على بن الجنيد استنادا الى بعض الأخبار المروية عن أئمتنا عليهم السلام ـ قال : ومثل هذه الأخبار لا يعول عليها ويمكن ان يحمل ذكر بنت مخاض وابن لبون في خمس وعشرين على ذلك على سبيل القيمة لما هو الواجب من خمس شياه ، وعندنا ان القيمة يجوز أخذها في الصدقات انتهى قدس سره.

(٦) يعنى حذف قوله عليه السلام : (وزاد) لظهور الحذف بقرينة الأخبار الأخر.

٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وعشرين ففيها خمس من الغنم (١).

وكذا ما في صحيحة عبد الرحمن : «وفي خمس وعشرين خمس (٢)».

واخرى صحيحة وحسنة له : (وفي خمس وعشرين خمس شياه ، وقال عبد الرحمن : هذا فرق بيننا وبين الناس ، فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون بعد قوله : في ست وعشرين بنت مخاض الى خمس وثلاثين (٣).

فيمكن الحمل على التقية (٤) وغير ذلك.

وبالجملة يرجّح ذلك بالكثرة والشهرة والصحة ، بل بدعوى إجماع السيد ، ويأوّل غيره أو يطرح فتأمل.

ثم اعلم ان المراد بالحقة طروقة الفحل على ما في بعض الروايات (٥) وهي ما استحقت لذلك ، للأصل ، ولصحة القول به عرفا مع خلو أكثر الروايات وكلام الأصحاب عن ذلك فلا منافاة.

وأيضا ، الظاهر ان المراد بقوله : في كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون ، وهكذا الزائد دائما ـ التخيير بين الاولى والثانية ، كل بحسابها ويحذف المكسور والنيف كما هو المصرّح به في الروايات (٦) لعدم القائل بالجمع.

ولكن قال المحقق الشيخ علىّ : ليس المراد التخيير دائما ، بل الواجب على الآخذ اعتبار ما يكون استيعابه أكثر.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ٤ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ٤ أيضا بطريق الكليني ره.

(٤) قال السيد في الانتصار : ومما انفردت به الإمامية القول بأن الإبل إذا بلغت خمسا وعشرين ففيها خمس شياه لأن باقي الفقهاء يخالفون في ذلك ويوجبون في خمسة وعشرين ابنة مخاض انتهى.

(٥) ففي حسنة الفضلاء الخمسة عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام : فإذا بلغت خمسا وأربعين ففيها حقّة طروقة الفحل الحديث. الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٦ من أبواب زكاة الأنعام.

(٦) لاحظ الوسائل ذيل حديث ١ و ٤ و ٦ من باب ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ففي مأة واحد وعشرين يعتبر أربعين أربعين ، وفي مأة وخمسين يعتبر خمسين خمسين ، وفي مأة وأربعين يعتبر خمسين ، وأربعين ، وفي مأتين يتخير (انتهى).

وليس ذلك بواضح لعموم الخبر ، وان كان الاعتبار لنفع الفقراء فليس بحجة على انه قد لا يكون ذلك لاحتمال جبر التفاوت الحاصل بحذف البعض والكسور والعفو بالقيمة لاحتمال كون قيمة الحقة زائدة على ما يحصل من اعتبار أربعين أربعين وأخذ بنت لبون.

فتأمّل فإنه ينبغي ملاحظة المالك أكثر كما يظهر بالنظر الى الاخبار ، فكون الخيار له اولى كما اختاره في المختلف والدروس ، ونقل عن الخلاف التخيير عن الشافعي فتأمل.

ويؤيد التخيير مطلقا وجودهما في مأة واحد وعشرين في الرواية ، مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، عن الصادق عليه السلام (١).

وعن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام : الى عشرين ومأة ، فان زادت ففي كل خمسين حقة ، وفي كلّ أربعين بنت (ابنة خ ل) لبون (٢).

وفي الحسن ، عن زرارة ، ومحمد بن مسلم ، وبريد العجلي ، وأبي بصير ، والفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام : فإذا زادت واحدة على عشرين ومأة ، ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين بنت لبون (٣). ومعلوم حملها على التخيير فلو كان المراد ما ذكره رحمه الله ما كان ينبغي وجودهما في صورة لا يجوز إلا أحدهما ، وهو اعتبار أربعين أربعين ، فالمصير الى ما ذكره لا يخلو عن بعد وتكلف.

__________________

(١) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ٤ من أبواب زكاة الأنعام لكن العبارة هكذا فإذا زادت واحدة ففيها حقتان الى عشرين ومأة.

(٢) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ٣ من أبواب زكاة الأنعام هكذا : فان زادت فحقتان الى عشرين ومأة فان زادت إلخ.

(٣) الوسائل باب ٢ ذيل حديث ٦ من أبواب زكاة الأنعام.

٦٤

وفي البقر نصابان ، ثلاثون وفيه تبيع أو تبيعة ، ثم أربعون وفيه مسنة وهكذا دائما.

______________________________________________________

فيمكن التخيير للمالك مطلقا ، وينبغي له رعاية جانب الفقراء مهما أمكن أيضا.

بل يمكن ان يقال : الأولى الأخذ عن كل خمسين لوجوده في الاخبار الكثيرة الصحيحة المعلومة الا ان يوجد أربعين فقط فيؤخذ بنت لبون أيضا لبعض الاخبار ، وتعذر الخمسين ، هذا في الإبل.

واما البقر فالنصاب والمخرج مقتضى الدليل الا انه لا دلالة في الخبر على التبيعة ، بل التبيع فقط في كل ثلاثين.

وهي ما روى زرارة ، ومحمد بن مسلم ، وأبي بصير ، وبريد ، والفضيل ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا : في البقر في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي ، وليس في أقل من ذلك شي‌ء ، وفي أربعين بقرة مسنة ، وليس فيما بين الثلاثين إلى الأربعين شي‌ء حتى تبلغ أربعين ، فإذا بلغت أربعين ففيها (بقرة ـ ئل) مسنة إلخ (١).

الا انه قال في المختلف : انه أشهر بين الأصحاب ، ولأن التبيعة أفضل من التبيع فإيجابها يستلزم إيجابه دون العكس فهو أحوط ، ويؤيده إيجاب التبيعتين (٢) في ستين.

والشهرة ليست بحجة مع وجود الخلاف ، والأفضلية غير معلومة ، إذا قد يكون الأمر بالعكس في بعض الأوقات والبلاد.

على ان الكلام في كونها أصلا لا بحسب القيمة ، فمذهب ابن ابى عقيل ، وعلي بن بابويه (٣) بتعيين التبيع هو مقتضى الدليل والاحتياط.

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) ليس في الاخبار لفظة (تبيعتين بالتأنيث) بل (تبيعان) بالتذكير حيث قال عليه السلام : فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) في المختلف : قال ابن عقيل وعلى بن بابويه في ثلثين تبيع حوليّ ، ولم يذكر التبيعة انتهى.

٦٥

وفي الغنم خمسة نصب (١) ، أربعون وفيه شاة ، ثم مأة وإحدى وعشرون وفيه شاتان ، ثم مأتان وواحدة وفيه ثلاث شياه.

ثم ثلاثمائة وواحدة وفيه اربع على رأى ، ثم اربعمأة ففي كل مأة شاة ، وهكذا دائماً

______________________________________________________

قيل : النزاع لفظيّ وليس بواضح.

ويفهم منها ملاحظة الحال في كل موضع يمكن حساب ثلاثين ثلاثين بحيث لا يبقى شي‌ء فيختار ، وكذا أربعين ، وهو مؤيد لما ذكره المحقق الشيخ ـ على في الإبل.

واما الغنم فنقل في المختلف ، عن ابني بابويه عدم الوجوب حتى يبلغ واحدا وأربعين وهو خلاف المشهور ، وما نقل له دليلا ، وما رأيته أيضا مع دليل الوجوب في الأربعين كما ستسمع ، مع الشهرة والعمومات ، فما بقي هنا إلا الأصل ان كان هو الدليل.

وأيضا المشهور ان الواجب في ثلاثمائة وواحدة أربع ، وانه نصاب رابع والنصاب الخامس هو اربعمأة ، ففي كل مائة واحدة ، وقيل : الواجب في ثلاثمائة ثلاث مثل ما وجب في مأتين وواحدة ، وانه النصاب الرابع ولا نصاب بعده ، بل الواجب بعد الوصول اليه عن كل مأة شاة.

فهنا سؤال مشهور بين الفقهاء والمتفقهة ، قيل : أصله عن المتحقق مع الجواب إجمالا في كتابه الشرائع (٢) ، وتفصيلا في الدروس (٣) نقلهما الشهيد في

__________________

(١) خمسة نصب خ.

(٢) قال في الشرائع ـ عند ذكر نصب الغنم ـ : ثم ثلاثمائة وواحدة ، فإذا بلغت ذلك قيل : يؤخذ من كل مأة شاة ، وقيل : بل يجب اربع شاة حتى تبلغ اربعمأة فتؤخذ من كل مأة شاة بالغا ما بلغ وهو الأشهر وتظهر الفائدة في الوجوب والضمان انتهى فقوله : وتظهر الفائدة إشارة إجمالية إلى جواب السؤال المقدر.

(٣) في الدروس : وقيل بسقوط الاعتبار من ثلاثمائة وواحدة ، وعلى الأول (يعني الاعتبار بها) لا يتغير الفرض عن الرابع (يعنى النصاب الرابع) حتى يبلغ خمسمائة ، وعلى الثاني لا يتغير عن الثالث حتى يبلغ اربعمأة وانما التغير معنوي وتظهر فائدته في المحلّ ويتفرع عليه الضمان وقد بيّناه في شرح الإرشاد (انتهى).

٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

شرح الإرشاد ، وولد المصنف في الإيضاح (١) ، والشيخ على في حاشية الإرشاد والشرائع ، والشيخ زين الدين في شرح الشرائع (٢).

(واما (٣) السؤال) فهو انه إذا كان على القولين يجب في الاربعماة أربع فأي فائدة الخلاف؟ (أو) انه إذا كان يجب في ثلاثمائة وواحدة ما يجب في اربعمأة فأي فائدة في الزائد ، ويمكن تقرير السؤال على المأتين وواحدة والثلاثمأة وواحدة (واما الجواب) فهو انه تظهر الفائدة في الوجوب والضمان.

(اما الوجوب) فالمراد محله ، فإنه إذا كانت اربعماة فمحل الوجوب مجموعها ، ولو نقصت عن الاربعمأة ولو واحدة كان محل الوجوب الثلاثمأة وواحدة ، والزائد عفو ، فالأربع وان وجب على التقديرين الا ان محلّها مختلف.

وكذا القول في مأتين وواحدة والثلاثمأة وواحدة على القول الآخر.

(واما الضمان) فلأنه إذا تلف من اربعمأة واحدة بعد الحول بغير تفريط نقص من الواجب جزء ، من مأة جزء ، من شاة ، ولو كانت ناقصة عن الاربعمأة ولو واحدة وتلف منها شي‌ء لم يسقط من الفريضة شي‌ء ما دامت ثلاثمائة وواحدة لوجوب النصاب ، والزائد عفو.

وكذا القول في مأتين وواحدة وثلاثمائة واحدة على القول الآخر.

وتظهر فائدة الخلاف أيضا في ان الاربعمأة (٤) أو الثلاثمأة (٥) ليسا نصابا بخصوصهما ، بل النصاب أمر كلي هما من افراده بخلاف القول الآخر.

وأيضا النصاب اربع على قول ، وخمس على آخر.

ولي تأمل في السؤال ، والجواب.

__________________

(١) راجع إيضاح الفوائد ج ١ ص ١٧٨ طبع قم المطبعة العلمية.

(٢) يعني الشهيد الثاني في المسالك.

(٣) هذه العبارة إلى قوله قده : وواحدة بعينها عبارة المسالك وزاد قوله ره : بتقريب التقرير.

(٤) على القول الأول

(٥) على القول الثاني

٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

اما السؤال على التقرير الأول (١) ، فهو ان فائدة الخلاف ظاهرة في ان الواجب في ثلاثمائة وواحدة ثلاث على قول واربع على آخر (٢) ، وأيّ فائدة أعظم منها ولا يحتاج الخلاف إلى الفائدة في جميع الجزئيات بعد وجود الدليل ، بل لا خلاف بينهما في واجب اربعمأة فلا تطلب الفائدة.

(فإن قبل) بطريق الاستفسار : هل للخلاف في اربعمأة فائدة أم لا؟ فهو ممكن والعبارة غير جيدة (٣).

واما على التقرير الثاني (٤) فهو انه إذا ورد به نصّ واقتضاه دليل فأيّ فائدة تراد ، الا ان يقال : بالطريق المتقدم فتأمل.

(واما في الجواب) ففي الفائدة الأولى (٥) بالنسبة إلى التقريرين انه يرد السؤال بعينه بأنه أيّ فائدة في جعل محل الوجوب ثلاثمائة وواحدة أو اربعمأة وإذا كان الاولى كافية لمحل الوجوب فأيّ فائدة في الزائد ففي الحقيقة ليس بجواب ، بل مما يحقق السؤال ، وهو جار في الآخرين أيضا.

واما في الفائدة الثانية (٦) فليست بظاهرة واما بالنسبة إلى السؤال بالتقرير الأول فإن المسؤول عنه كان ظهور فائدة الخلاف في اربعمأة وما ظهرت بذلك وهو ظاهر ، بل ظهر الفرق بين الاربعمأة وما دونه وهو ثلاثمائة وواحدة وذلك كان واضحا.

__________________

(١) يعنى وجوب اربع شياه في الاربعماة على القولين.

(٢) يعنى على القول بأن الثلاثمائة وواحدة هو النصاب الأخير يكون الواجب الأربع وان كان النصاب الأخير هو مأتان وواحدة يكون الواجب الثلاث.

(٣) لعل المراد انه لا خلاف في ان الواجب في اربعماة اربع شياه سواء جعلناها النصاب الأخير أم لا غاية الأمر ان عبارة المتون الفقهية حينئذ غير جيدة في التعبير.

(٤) يعنى وجوب ثلاث شياه في الثلاثمأة وواحدة.

(٥) وهي الوجوب وكون محل الوجوب مجموع اربعمأة على التقرير الأول أو الثلاثمأة وواحدة على التقرير الثاني.

(٦) وهي الضمان.

٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

واما بالنسبة الى الثاني فكذلك أيضا لأنه ما ظهر عند القائل بوجوب الأربع فيهما فائدة لانه لو تلف من اربعمأة واحدة من غير تفريط لم يعلم سقوط شي‌ء من مال الفقراء لوجود البدل ونزوله الى محلّ آخر من الواجب.

والقول بأنه يسقط حينئذ ولم يسقط فيما دونه ، بعيد وموجب لإنشاء السؤال (١) ، فلو آل الى النص فينبغي ذكره أولا ، بل زاد استبعاد السائل لأنه لا معنى لعدم الفائدة في الزائد ، وقد كان يستبعد عدم الفائدة للفقراء في تعلق الوجوب بالزائد وحينئذ ظهر الضرر لهم مع وجود ما جعل محلا للأربع النافع لهم وليس بمعلوم ان القائل يقول به.

على انه لا معنى لعدم سقوط شي‌ء فيما دون الاربعمأة الزائدة على ثلاثمائة وواحدة مع تلف شي‌ء منه بغير تفريط وتضمين (٢) المالك شيئا مع عدم التقصير لأن الزكاة متعلقة بالعين فثلاثمأة وواحدة مشتركة بين المالك والمستحقين بمعنى ان أربعة أجزاء من ثلاثمائة وواحدة من الكل لهم والباقي له مع كون الاختيار للمالك.

فالحكم بان الذاهب مال المالك لا المشتري (٣) ولا ما لهم وجبره بالعفو غير واضح.

نعم الجبر بالعفو معقول في السنة الآتية لصدق النصاب في الحول ، واما بعد إكمالها فلا جبر ، بل تعلق كل مال بصاحبه ويفوت عليه.

وبالجملة ينبغي الاعراض عن هذا السؤال والجواب ، والاشتغال بدليل المسئلة ، فلو دل دليل على شي‌ء يقال به ، وان لم تظهر الفائدة عنده ، مع انك قد عرفت الفائدة في الجملة.

(ولو لا) ان عظماء الأصحاب من المتأخرين اشتغلوا به ، وانه قد يظهر بذلك

__________________

(١) بأن يسئل لم يسقط من مال الفقراء مع وجود البدل؟ فلو أجيب بالنص فينبغي ذكر النص أوّلا

(٢) عطف على قوله قده لعدم سقوط إلخ يعني لا معنى لتضمين المالك إلخ

(٣) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة ، والظاهر (المشترك) بدل (المشتري)

٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

تحقيق المسئلة ، فإنه على ما نجد ليست المسئلة على ما ظهرت من الفائدة على ما عرفت (ما كنا) نشتغل بأمثالها كما في غيرها فتأمّل.

واما الدليل ، فهو حسنة زرارة ، ومحمد بن مسلم ، وأبي بصير ، وبريد العجلي ، والفضيل ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في (الشاة) : في كل أربعين شاة شاة ، وليس فيما دون الأربعين شي‌ء ، ثم ليس فيها شي‌ء حتى تبلغ عشرين ومأة ، فإذا بلغت عشرين ومأة ففيها مثل ذلك شاة واحدة ، فإذا زادت على مأة وعشرين ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مأتين ، فإذا بلغت المأتين ففيها مثل ذلك ، فإذا زادت على المأتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه ، ثم ليس فيها شي‌ء أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها اربع شياه حتى تبلغ اربعمأة ، فإذا تمت اربعمأة كان على كل مأة شاة وسقط الأمر الأول ، وليس على ما دون المأة بعد ذلك شي‌ء ، وليس على النيّف شي‌ء ، وقالا : كل ما لا يحول (لم يحل خ ل) عليه الحول عند ربه فلا شي‌ء عليه ، فإذا حال عليه الحول وجب عليه (١).

وهذه دليل المشهور ، وهي تدل على كون النصاب الأول هو الأربعون فضعف مذهب ابني بابويه (٢).

فاستدلال مثل ابن إدريس ـ على وجوب الثلاثة في الثلاثمأة وواحدة ، ووجوب شاة في كلّ مأة فيكون النصاب أربعة ـ بالأصل (٣) ساقط.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) قال العلامة في المختلف : وقال ابنا بابويه رحمهما الله تعالى : ليس على الغنم شي‌ء حتى يبلغ أربعين ، فإذا بلغت وزادت واحدة ففيها شاة انتهى.

(٣) في المختلف : بعد نقل فتوى جميع فقهاء العامة وابى حنيفة والشافعي ومالك في المحكي عن الخلاف بوجوب اربع شياه في اربعمأة وبعدم وجوب ذلك في الثلاثمأة وواحدة ونسبته الى السيد المرتضى وابن عقيل وابن بابويه وسلار وابن حمزة : ما هذا لفظه واحتج ابن إدريس بأصالة براءة الذمة انتهى.

٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا بعموم مثل لا يسئلكم أموالكم (١).

وكذا بما رواه محمد بن قيس في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه السلام ـ مثل ما مر ـ : الى قوله فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم الى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كل مأة شاة ، ولا تؤخذ هرمة ، ولا ذات عوار الا أن يشاء المصدّق ، ولا يفرق بين مجتمع ، ولا يجمع بين متفرق ، ويعدّ صغيرها وكبيرها (٢).

ومحمد بن قيس وان كان مشتركا وضعّف الخبر به في المختلف (٣) ، لكن القرينة تعينه (٤) بأنه الثقة.

لأن (٥) الخبر وان كان صحيحا ، لكنه غير صريح ، لاحتمال ان يراد بالكثرة ، المأة ويبعد ارادة الواحد ، فيكون حكمه للمأة وواحدة إلى اربعمأة متروكا فيه أو حذف فيه شي‌ء بقرينة ما مر.

وبالجملة ان الأول أوضح ، للشهرة ، والكثرة ، والصحّة ، والصراحة ، مع اشتمال رواية ابن قيس على ما لا يقول به احد على الظاهر (المطلوب خ ل) من قوله : (الّا ان يشاء المصدّق) إذ ليس له اختيار ما ليس من الواجب الا أن يأوّل.

وهي موجودة في صحيحة أبي بصير أيضا (٦) فلا بد من التأويل بالأخذ قيمة.

__________________

(١) سورة محمد (صلى الله عليه وآله) الآية ـ ٣٦ يعني هذا الاستدلال أيضا كما بعده أيضا.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٢ وباب ١٠ حديث ٣ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) في المختلف : والحديث الذي رواه ، في طريقه محمد بن قيس وهو مشترك بين أربعة ، أحدهم ضعيف فعله إياه انتهى.

(٤) في هامش بعض النسخ الخطية : والقرينة نقل عاصم عنه فإنه تلميذه انتهى.

(٥) تعليل لسقوط استدلال ابن إدريس.

(٦) فإن فيها : ولا تؤخذ هرمة ، ولا ذات عوار الا ان يشاء المصدق الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب زكاة الانعام.

٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

ومن قوله : (ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرّق) لانه منطبق بظاهره على مذهب العامة (١) فيحتاج إلى التأويل فتأمّل.

فروع

(الأوّل) لا فرق بين أجناس الإبل ، فالبخاتى والعربي جنس واحد فتضم لصدق الإبل.

ولما في حسنتهم ، عن ابى جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال : قلت : فما في البخت السائمة؟ قال مثل ما في الإبل العربيّة (٢).

(الثاني) البقر والجاموس جنس واحد لصدق البقر (ولما قال في آخر الرواية المتقدمة (٣) (في البقر) في الكافي عن) زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : في الجواميس شي‌ء؟ قال : مثل ما في البقر (٤) أظنها حسنة.

ولما في نقل عن الثقات : ويضم الجاموس الى البقر إجماعا ، قال في المنتهى : البقر والجاموس جنس يجب في كل واحد منهما الزكاة مع الشرائط ويضمّ أحدهما إلى الآخر لو نقص عن النصاب ، وهو قول أهل العلم كافة ، لأنه نوع من أنواع البقر كما أنّ البخاتي نوع من أنواع الإبل (انتهى).

(الثالث) الضأن والمعز جنس واحد يضم ، قال المصنف في المنتهى :

__________________

(١) وقد نقلنا بعض أقوالهم عند شرح الشارح قدس سره قول المصنف : (لا يجمع بين ملكي شخصين إلخ) ونقلنا تأويل قولهم عليهم السلام : ولا يفرق بين مجتمع إلخ عن الشيخ ره في الخلاف فراجع

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام

(٣) انما سماها الشارح قده آخر الرواية لما في الكافي بعد رواية البقرة المتقدمة عن الفضلاء الخمسة عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام. قال : زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت له : إلخ

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام

٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الضأن والمعز سواء يضم أحدهما إلى الآخر كالصنف الواحد ، ولا نعلم فيه خلافا (انتهى).

(الرابع) مقتضى الدليل اجزاء الضأن عن المعز وبالعكس وكل منهما عن الإبل ، وكذا البقر والجاموس ، والبخاتي والعربي ، لصدق الاسم فيخرج عن العهدة للامتثال ، كالذي قيمته قليلة عما هي كثيرة الّا أنّ المفهوم من المنتهى أخذ كل بقسطه ان لم يتبرع بالأعلى.

قال في الدروس ـ بعد الحكم ـ : بأنهما جنس واحد : (وفي الإخراج يقسط ، وكذا في البقر والجاموس ، والمعز والضأن) (انتهى).

وفيه تأمّل واضح لان سبب الاتحاد صدق الاسم فيلزم الاجزاء لذلك كسائر أفراد النوع الواحد.

والأصل (١) ، وكون الاختيار الى المالك ، والوصيّة بملاحظته مؤيد.

(الخامس) قال في المنتهى : ولا تؤخذ المريضة من الصحاح ، والهرمة من غيرها ، ولا الهرمة الكبيرة ، ولا ذات العوار من السليمة ـ وذات العوار هي المعيبة ـ ولا نعلم فيه خلافا.

واستدل بقوله تعالى (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) (٢) ، وبرواية محمد بن قيس (المتقدمة) : (ولا تؤخذ الهرمة ، ولا ذات عوار الّا ان يشاء) (المصدق) (٣) وقد مرّ التأويل في الاستثناء ، والظاهر ان الحكم صحيح.

(السادس) وقال أيضا فيه : لا تؤخذ الرّبى (٤) (وهي الوالدة التي تربّى

__________________

(١) أصالة عدم وجوب التقسيط وان تعيين كل واحد منهما موكول الى المالك وانه لو اوصى بأحدهما يجزى كل واحد من الجنسين في مقام العمل بالوصية كلها مؤيد لصدق الاسم.

(٢) البقرة ـ ٢٦٧.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

(٤) الربى كفعلى بالضم (مجمع البحرين).

٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولدها الى خمس عشر يوما ، وقيل : الى خمسين) لما في ذلك من الإضرار بولدها ، ولا الأكولة (وهي السمينة المتخذة للأكل) لأنه إضرار بالمالك وقال عليه السلام : إياك وكرائم أموالهم (١).

ولا فحل الضراب لان فيه نفعا (نقصا خ ل) للمالك وهو من كرائم الأموال ، إذ المعد انما هو الجيّد غالبا.

ولا الحامل ، لأن النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يأخذ شافعا (٢) (اى حاملا) وقال أيضا ولو تطوع المالك (٣) جاز بلا خلاف انتهى.

وفيه تأمّل (٤) لأن الاختيار الى المالك ، وليس للساعي أخذ شي‌ء ما لم يرض به فلا وجه للمنع في هذه المخصوصات على تقدير عدم رضاه فتأمّل.

وأيضا انه روى في الكافي صحيحا ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : ليس في الأكيلة ، ولا في الرّبى والربّى التي تربى اثنين ، ولا شاة لبن ، ولا فحل الغنم صدقة (٥) ، والظاهر منه عدم الحساب في النصاب ، وفسّر الربى بغير ما ذكره فالقول بذلك غير بعيد.

كما نقل القول به في الفحل ، عن أبي الصلاح في المختلف حيث قال : قال أبو الصلاح : لا يعد في شي‌ء من الأنعام فحل الضراب ، وقال ابن إدريس يعد وهو الأقوى لنا عموم الأمر (في كل خمسين حقّة) (٦) وقوله عليه السلام : (يعد صغيرها وكبيرها) (٧) ، نعم لا يؤخذ وعدم الأخذ لا يستلزم عدمه.

__________________

(١) سنن ابى داود ج ٢ ص ١٠٥ باب زكاة السائمة رقم ١٥٨٤ ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله

(٢) سنن ابى داود ـ الباب المذكور رقم ١٥٨١ ص ١٠٣

(٣) يعنى لو تطوع في جميع هذه المذكورات التي قلنا انها لا تؤخذ جاز

(٤) ان قوله قده : وفيه تأمل راجع الى جميع ما نقله في هذا الفرع عن المنتهى

(٥) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام

(٦) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام

(٧) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب زكاة الأنعام

٧٤

وما بين النصابين لا زكاة فيه.

ويسمى في الإبل شنقا ، وفي البقر وقصا ، وفي الغنم عفواً.

______________________________________________________

وقد عرفت ممّا ذكرناه عدم بقاء العموم للتخصيص بما مرّ ، وان دليل ابى الصلاح ليس عدم الأخذ.

نعم قد ورد في حديث آخر في الكافي عدم الأخذ وهو موثقة سماعة عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا تؤخذ أكولة ، والأكولة الكبيرة من الشاة تكون في الغنم ولا والد ولا الكبش الفحل (١) وهو لا يستلزم عدم العدّ فالظاهر مذهب ابى الصلاح ولهذا اختاره المصنف في المتن.

(السابع) الظاهر عدم الخلاف في عدم الوجوب في العفو ما لم يصل الى النصاب في كلّ الانعام كما في عدمه فيما لا يحول عليه الحول ، والعوامل ، والمعلوفة كما يفهم من المنتهى ودلت عليه الاخبار الكثيرة مع اعتبار السند (٢).

وبما مضى ظهر دليل قوله قده : «وما بين النصابين لا زكاة إلخ».

واعلم ان المراد بالشنق والوقص والعفو واحد ، وهو ما لم يجب عليه زكاة كما يدل عليه اشتقاق الأخير.

قال في الدروس : ولو تلف بعد الحول لم يسقط من الفريضة شي‌ء (انتهى).

وفيه ما مر.

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) راجع الوسائل باب ٧ ـ ٨ ـ ٩ من أبواب زكاة الأنعام.

٧٥

«خاتمة»

بنت المخاض والتبيع ما دخلت في الثانية ، وبنت اللبون والمسنّة ما دخلت في الثالثة ، والحقة ، ما دخلت في الرابعة ، والجذعة ما دخلت في الخامسة

______________________________________________________

قوله : «بنت المخاض» الخامض والمخاض اى الحامل ، وهو اسم جنس لا واحد له كذا في المنتهى.

فسمى ما دخل في الثانية بذلك لأن أمها مخاض وخامض يعنى من شأنها ان تحمل ، وتحمل غالبا.

وكذا التبيع والتبيعة لأنهما في الثانية يتبعان أمهما.

ولما دخلت في الثالثة فهي المسنة وبنت لبون لأن الأم ذات لبن والمسنة بظهور السنون (١).

ولما دخل في الرابعة فهي الحقّة والحقّ لاستحقاقهما الحمل والطروق.

ولما دخل في الخامسة فهي الجذعة (وهو بفتح الذال) لأنها تجذع اى تسقط

__________________

(١) جمع السنّ لا السنة.

٧٦

والشاة المأخوذة (في الزكاة خ) أقلّها الجذع من الضأن والثني من المعز

______________________________________________________

سنها وهي أعلى أسنانها كذا في المنتهى.

وإذا دخلت في السادسة فهي ثنيّة لأنه قد القى ثنيّة وهي سن خاص.

وإذا دخلت في السابعة ألقت سنها الرباعيّة فسميّت بالرباع وما بعدها يسمى بالسديس بإلقاء ما بعد الرباعية.

قوله : «والشاة المأخوذة أقلها الجذع»

وهي (بفتح الذال) اى المأخوذة لزكاة الإبل هي الجذع من الضأن ، وهو ما كمل له سبعة أشهر ودخل في الثامن أو الثني من المعز وهو ما دخل في الثانية.

والدليل غير واضح الا أن يقال : لا تسمى شاة ولا غنما قبل ذلك وهو غير ظاهر ومقتضى الروايات اجزاء ما يصدق عليه الشاة والغنم.

ويدل على أحدهما بخصوصهما مطلقا ما نقل من طرقهم في المنتهى عن سويد بن غفلة قال أتانا مصدّق (١) رسول الله صلى الله عليه وآله قال : نهانا أن نأخذ الراضع ، وأمرنا بالجذعة والثنيّة (٢).

وفيه أيضا : شاة (٣) الجبران (٤) تجزى الجذعة والثنيّة ويجزى الذكر والأنثى في ذلك عن الإبل مطلقا ، ويجزى غنمه وغير غنمه (٥) (انتهى).

__________________

(١) هو بالصاد والدال المشددتين المفتوحتين وهو الذي يأخذ الصدقة

(٢) سنن ابى داود ج ٢ طبع مصر ص ١٠٢ باب زكاة السائمة رقم ١٥٧٩ ولفظ الحديث هكذا سويد بن غفلة قال : سرت أو قال : أخبرني من سار مع مصدّق النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ، فإذا في عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ان لا نأخذ من راضع لبن ولا تجمع بين مفترق ولا تفرق بين مجتمع ، الحديث وليس فيه لفظ الجذعة ولا الثنيّة والله العالم.

(٣) من قوله قدس سره شاة الجبران (الى قوله) يصح قيمة كله مأخوذ من المنتهى مع تغيير بعض العبارات واختصارها فلاحظ المنتهى ص ٤٨٢ ج ١ من قوله ره : فروع الى قوله : السادس.

(٤) قوله قده : شاة الجبران إشارة الى ما ذكروه في كتاب الحج من وجوب الحج بدل المبيت بمنى لو بات بغيرها فراجع

(٥) عبارة المنتهى هكذا : شاة الجبران كل يجزى أما الثني من البقر أو الجذع من الضأن.

٧٧

ولا تؤخذ المريضة من الصحاح.

ولا الهرمة ، ولا ذات العوار ، ولا الوالد.

ولا تعد الأكولة ولا فحل الضراب

______________________________________________________

والظاهر اجزائه من البلد وغيره ، والأول أحوط.

ولو أخرج الضأن وغالب غنم البلد المعز أجزأه ، إجماعا ، وكذا بالعكس.

ويجزى عن الإبل الكرام ، الشاة الكريمة ، واللئيمة ، والسمينة ، والمهزولة لتناول الاسم.

ويصحّ الصحيح عن المراض ولو لم تحسب بالقيمة ولا يجزى البعير بدلا عن الشاة مع اجزائه من ستة وعشرين (١) لظاهر الخبر (٢) ، نعم يصح قيمته.

وقال في الدروس (في بحث زكاة الغنم) : والشاة المأخوذة هنا وفي الإبل أقلّها الجذع من الضأن والثني من المعز إلخ وفيه تأمل واضح لأن الزكاة متعلقة بالعين ، ويشترط فيها كمال الحول فلا يجزى ما لم يكمل إلا قيمته فتأمل.

وقال المصنف في المنتهى أيضا : وأخذ في الزكاة الجذع من الضأن لأنه لو بلغ سبعة أشهر كان له نزو ضراب والثني من المعز لانه لا ينزو إلّا في السنة الثانية ، ولهذا أقيم الجذع من الضأن مقام الثني من المعز في الأضحية ، ذكر ذلك كله الشيخ ره.

والدليل مع المدعى غير واضح ، دليله الصدق.

قوله : «ولا تؤخذ المريضة من الصحاح إلخ» قد مر ما يمكن فهمه منه مع ظهور النقص وكذا مضى دليل عدم جواز أخذ الهرمة وذات العوار ، والوالد ـ قيل : يسمى إلى خمسة عشر يوما والدا.

وكذا عدم عدّ الأكولة ولا فحل الضراب.

__________________

(١) في المنتهى هكذا لو كانت الواجبة في ست وعشرين مثلا أقل قيمة من الشاة جاز إخراج الشاة عنها (انتهى)

(٢) قد تقدم

٧٨

ويجزى الذكر والأنثى.

والخيار في التعيين للمالك.

وتجزى المريضة عن مثلها ، ويخرج من الممتزج بالنسبة.

______________________________________________________

قوله : «ويجزى الذكر والأنثى» ولا نزاع في اجزاء الأنثى عن الذكر كلّه عندهم على ما يظهر ، وفيه تأمل.

ويمكن اجزاء ما يصدق عليه شاة خصوصا إذا كانت من النصاب ذكرا كان أو أنثى ، والنصاب أي شي‌ء كان ، للصدق ، والأولى ملاحظة الجنسيّة مع الاتحاد ، والا فالقيمة بالنسبة وما فيه نفع الفقراء أحوط.

وقيل : مراده الشاة المأخوذة في الإبل ، والا فالواجب من العين أو القيمة فتأمّل.

قوله : «والخيار إلخ» لا شك في ذلك ، وهو مفهوم من الاخبار الكثيرة والمبالغة (١) ، وعدم النزاع مع المالك ، وسماع ما قاله ، وأخذ ما اعطى وذلك مفهوم من الأصل والاخبار خصوصا ما روى ، عن أمير المؤمنين عليه السلام (٢) حيث بعث عامله إلى أخذ الصدقات وكان امره عليه السلام بالتقسيم باذن المالك ، للإرفاق والمماشاة ، وعدم (٣) إعطاء المالك شيئا لا انه يجب دائما ذلك وهو يظهر من سوق الكلام والقوانين وصدق الشاة مثلا على المعطى.

قوله : «ويجزى المريضة إلخ» ولا يبعد اعتبار اتحاد المرض الا أن يكون المعطى أولى ، والا فيخرج بالنسبة كالممتزج بأن يخرج قيمة نصف شاة صحيحة

__________________

(١) يعنى كون الخيار للمالك مفهوم من المبالغة وعدم النزاع مع المالك إلخ الواردة في بعث أمير المؤمنين عليه السلام عماله ومصدّقه لجباية الصدقات فلاحظ الوسائل باب ١٤ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) يحتمل كون الواو بمعنى مع يعنى للإرفاق والمماشاة مع عدم إعطاء المالك ، ويحتمل كون لفظة (عند) مقدرة يعني عند عدم إعطاء المالك ، ويشير الى ما ذكره رحمه الله قول أمير المؤمنين عليه السلام في حديث البعث المروي في الكافي : فإن قال لك قائل : (لا فلا تراجعه) يعنى ان قال لك المالك لا زكاة علىّ ولم يعطك شيئا فلا تراجع ثانيا بالمطالبة ـ فلاحظ الوسائل ـ باب ١٤ من أبواب زكاة الانعام.

٧٩

ويجزى ابن اللبون عن بنت المخاض وان كان أدون قيمة.

______________________________________________________

ونصف مريضة على تقدير التنصيف ، وعلى هذا القياس.

قوله : «ويجزى ابن اللبون إلخ» ظاهر العبارة كعبارة الدروس يفيد التخيير بينه وبين بنت المخاض ، فيجزي ابن اللبون على تقدير وجودها أيضا عنده ، وهو بعيد سيّما مع نقص القيمة عن بنت المخاض كما هو ظاهر المتن لوجود بنت المخاض في الروايات.

وقد يجوز في البعض ، الأخرى مع عدمها (١) ، مثل ما في رواية زرارة ، عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام : فان لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر الى خمس وثلاثين الحديث (٢). والطريق غير صحيح (٣).

وما في صحيحة أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السلام (المتقدمة) : فان لم يكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر (٤).

وما في الرواية ، عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله وسيأتي.

فمع وجودها ، وجوبها متعيّن للأخبار العامة والخاصّة ، ومع العدم يجوز بدلها ابن لبون لهذه الروايات حتى يظهر البدليّة مطلقا.

وبالجملة مختار الشرائع ـ وهو ما فصلناه ـ أولى ، واختاره المصنف في المنتهى ، وقال : لا يجزى ابن اللبون مع وجود بنت المخاض لاشتراط الفقدان في الخبر ، فلا يبعد حمل المتن عليه لاقتصاره (٥).

__________________

(١) يعنى قد جوّز في بعض الاخبار ، الأخرى يعني ابن لبون مع عدم بنت المخاض.

(٢) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٣ من أبواب زكاة الانعام.

(٣) والطريق كما في التهذيب هكذا : علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد واحمد ابني الحسن ، عن أبيهما ، عن القاسم بن عروة ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام.

(٤) الوسائل باب ٢ حديث ٢ من أبواب زكاة الأنعام.

(٥) يعني قول المصنف قده : (ويجزى ابن اللبون عن بنت المخاض) ، محمول على الترتيب وانما لم يذكره المصنف مترتبا. للاختصار ـ ولكن عبارة الشرائع هكذا : الثاني في الابدال : من وجب عليه بنت مخاض وليست عنده أجزأه ابن لبون ذكر انتهى.

٨٠