مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وينبغي جواز الإخراج على تقدير جواز القيمة والتعميم فيها.

(الثامن) السلت (١) والعلس (٢) ان كان حنطة أو شعيرا كما نقل عن أهل اللغة انهما نوعان منهما فينبغي جواز إخراجهما أصلا ، ولكن ذلك غير ظاهر عرفا وشرعا وان نقله أهل اللغة ، ويؤيّد العدم عطف العلس على الحنطة في روايات التهذيب وعطف السلت والعلس على القمح (٣) خصوصا في صحيحة محمد بن مسلم (٤) في الاستبصار فعلى هذا ان لم يكونا قوتين لا ينبغي الجواز ، لا أصلا ولا فرعا لما مر.

(التاسع) قال في المنتهى : الطعام الممتزج بالتراب يجوز إخراجه إذا لم يخرج بالامتزاج الى حدّ العيب لأنّ تكليف إزالته مشقة ، والزيادة على الصاع منفيّة بالأصل (انتهى).

ولا بأس ، ويؤيده صدق الحنطة مثلا مع عدم العيب وكون التراب معها في أكثر الأوقات ، بل دائما الّا ان ينقى.

نعم لو انتهى التراب في الكثرة إلى حدّ العيب وجب إزالته أو الزّيادة المقاومة قاله في المنتهى ص ٥٣٩.

ولا بدّ من كون الزيادة بحيث يتيقّن براءة الذمة ، وهذه (٥) أيضا مشعرة بجواز قصد الوجوب والإخراج زكاة مع الزيادة ، والأولى الإخراج عن غيره أو

__________________

(١) السلت بالضم فالسكون ضرب من الشعير لا قشر فيه كأنه الحنطة تكون في الحجاز ، وعن الأزهري أنه قال : هو كالحنطة في ملاسته ، وكالشعير في طبعه وبرودته (مجمع البحرين).

(٢) هو بالتحريك نوع من الحنطة يكون حبتان في قشر ، وهو طعام أهل صنعاء قاله الجوهري ، وقال غيره : هو ضرب من الحنطة يكون في القشر منه حبتان (الى ان قال) : وقيل : هو البرّ (الى ان قال) وقيل : هو العدس قاله في المصباح (مجمع البحرين).

(٣) بالفتح والسكون ، قيل : هو حنطة ردية يقال لها : النبطة والقمحة الحبّة (مجمع البحرين).

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ١٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) يعني هذه العبارة في المنتهى من قوله ره لو انتهى التراب إلخ.

٢٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

الإزالة فتأمّل.

الخامس في الوقت

وهو غروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان عند بعض الأصحاب ، وعند البعض طلوع فجر يوم العيد ، وقيل من أوّل الشهر.

وأكثر المتأخرين على الأوّل لصحيحة معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر؟ عليه فطرة قال : لا قد خرج الشهر ، وسألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال : لا (١).

وقد حمل الشيخ ما روى (٢) أنّ من ولد قبل الزوال أو أسلم كذلك أخرج الفطرة ، وبعده فلا ـ على الاستحباب مع عدم معرفة السند.

ولكن في دلالة الأولى خفاء ، لاحتمال كون عدم الوجوب لعدم ادراك الشهر الذي هو الشرط فلا يدل على الوجوب بعد دخول الشهر بلا فصل كما قد يشعر به (قد خرج).

ويؤيّده أن في الفقيه في هذه الصحيحة (وليس الفطرة الأعلى من أدرك الشهر) (٣).

الّا انه يبعد عدم الوجوب مع الوجود وخروج الشهر مع إكمال الشرائط ، وكذا الوجوب قبل خروجه ، ولذا يسقط الوجوب بإخلال شرط قبل خروجه فتأمّل.

نعم دلالتها على عدم الوجوب ـ على المعنيين والحمل في الشهر ـ ظاهرة.

ويؤيّد دلالتها على الوجوب ـ قبل طلوع الفجر ـ ما يدل على الجواز من

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ١١ قطعة من حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أوّل الشهر وتسميته الفطرة ، إذ الظاهر انها ملازمة للإفطار الذي لا صوم بعده.

ويؤيده أيضا صحيحة أبي بصير وزرارة قالا : قال أبو عبد الله عليه السلام : انّ من تمام الصوم إعطاء الزكاة يعني الفطرة كما ان الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) من تمام الصلاة الخبر (١).

وهي مذكورة في أكثر الكتب ، ومن تمام التشبيه ان يكون في آخر الصوم متصلا به كالصلاة ، كذا في المختلف (٢) ـ وفي الكل تأمّل.

والذي يدل على الثاني (٣) فهو صحيحة العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة متى هي؟ فقال : قبل الصلاة يوم الفطر ، قلت :

فإن بقي منه شي‌ء بعد الصلاة؟ فقال لا بأس ، فانا (نحن ـ ئل) نعطي عيالنا منه ثم يبقى فنقسمه (٤).

وفيها دلالة على جواز إعطائها للعيال ، ولعلّ المراد غير من عاله في الشهر ممن تجب نفقته.

ويدل عليه أيضا رواية أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى).

قال : من أخرج الفطرة ، (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى)؟ قال : يروح إلى الجبانة فيصلّي (٥) ورواية إبراهيم بن ميمون قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : الفطرة

__________________

(١) الوسائل باب ١ صدر حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة وتمامه : لانه من صام ولم يؤدّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا ، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) ان الله قد بدء بها قبل الصلاة فقال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى).

(٢) قال في المختلف : ما هذا لفظه. ولأنها مشبّهة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله مع الصلاة حيث كانت تماما فتكون مشابهة لها في التعقيب (انتهى).

(٣) وهو وجوبها بعد طلوع الفجر من يوم العيد.

(٤) الوسائل باب ١٢ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) الوسائل باب ١٢ حديث ٦ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا أعطيت قبل أن يخرج الى العيد فهي فطرة ، وان كان بعدا يخرج الى العيد فهي صدقة (١).

وإبراهيم مجهول ، وفي دلالتها خفاء.

وفي رواية (٢) الضيف أيضا دلالة ما على الثاني فافهم.

وامّا دليل الثالث (٣) ، فهو ما في صحيحة زرارة (٤) ـ المتقدمة في تعيين مقدار ما يعطى يوم الفطر ـ (فهو أفضل وهو في سعة أن يعطى في أوّل يوم يدخل شهر رمضان إلخ).

وذلك غير بعيد ، لكن الخبر بمعنى جعل ذلك وقت تعلّق الوجوب موسّعا ، لا بمعنى استقرار وجوب الدفع مضيّقا ، إذ الظاهر عدم القول باستقرار الوجوب قبل خروج الشهر ، فلو تلف شخص ـ في الشهر ، وكذا لو خرج عن العيلولة قبل الهلال ـ لم يجب الفطرة عنه والثاني (٥) غير بعيد لأنه أحوط ، ولذا يجزى فيه بالإجماع ، بخلاف الليل وما قبله ، مع عدم صراحة دليل الليل ، والتصريح بالنهار في صحيحة العيص بعد السؤال عن الوقت ، وحمل دليل الثالث على الجواز قرضا كما في زكاة المال أو على الزكاة مقدّمة كما يشعر به : (يوم الفطر أفضل) (٦) إذ يبعد كون تأخير الواجب المالي إلى شهر مع احتياج أهله إليه أفضل ، فكأنّ تجويز التقديم لمصلحة الأهل.

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) وهو أن وقته من أول شهر رمضان.

(٤) وهو احد الفضلاء الخمسة الّذين في هذه الرواية فراجع الوسائل باب ١٢ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) يعني القول الثاني وهو كون وقت الوجوب من حين طلوع الفجر يوم العيد.

(٦) إشارة إلى قوله عليه السلام في صحيح الفضلاء الخمسة : يعطي يوم الفطر قبل الصلاة فهو أفضل ـ الوسائل باب ١٢ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فما بقي للاوّل دليل قوى ، ولا للثالث.

ولا شك انه قبل الصلاة يوم العيد أفضل وأحوط ، وكذا التعجيل في ذلك.

ثم ان الظاهر ان التحديد بالصلاة يمكن كونه للافضليّة كما تدل عليه صحيحة العيص المتقدمة ، فيمكن الاجزاء آخر النهار يوم الفطر ، للأصل والاستصحاب ، وعموم الصحيحة المتقدمة ، ويحتمل كون التحديد بها كناية عن التحديد الى بقاء وقتها ، وهو الزوال كما هو رأى المصنف في المختلف ، والأوّل رأيه في المنتهى ، ولعله أولى ، والأوّل أحوط.

واما رواية الحرث (الحارث ـ ئل) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس بأن تؤخّر الفطرة إلى هلال ذي القعدة (١).

فيمكن حملها على عدم وجود المستحق ، ومع ذلك ، الظاهر أنّه لا بأس بأكثر منه أيضا ، ولكن ينبغي العزل حينئذ ، لمرسلة ابن ابى عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : في الفطرة إذا عزلتها وأنت تطلب بها الموضع أو تنتظر بها رجلا فلا بأس به (٢) ـ فإنها تدل على البأس ان لم يعزل مع عدم وجود المستحق.

ويدل على جواز انتظار شخص معين مع وجود الغير فتأمّل ، ويمكن فهم وسعة الوقت أيضا فلا يكون محدودا بالصلاة.

وما رواه (٣) إسحاق بن عمار وغيره قال : سئلته عن الفطرة فقال : إذا عزلتها فلا يضرك متى أعطيتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة (٤).

وهذه تدل على ان العزل مجوز للتأخير مطلقا مع وجود المستحق وعدمه.

__________________

(١) الوسائل باب ١٣ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) عطف على قوله قده : لمرسلة ابن ابى عمير.

(٤) الوسائل باب ١٣ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وهما يدلان على كفاية ما يسمّى عزلا ، ولا شك في صدقه مع الوزن والتعيين ، ولا يحتاج إلى النيّة ، ولا الى عدم المستحق في تحقق العزل وسقوط الضمان كما اشترط الشهيد الثاني في زكاة المال على ما مر ، ولا يضر الإضمار ووجود محمد بن عيسى عن يونس ، عن إسحاق وغيره (١) مع صحته في الفقيه إلى إسحاق (٢) فتأمل. ويؤيّد عدم اشتراط النيّة ما تقدم من ضعف دليلها وعدم المستحق ، الضرر والحرج فتأمّل.

وقريب منهما صحيحة زرارة بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أخرج فطرته فعزلها حتى يجد لها أهلا ، فقال : إذا أخرجها من ضمانه فقد برء والا فهو ضامن لها حتى يؤدّيها إلى أهلها (أربابها خ يب ئل) (٣) فظاهر ، عموم قوله عليه السلام : (إذا أخرجها إلخ) فلا يقيّد بعدم المستحق والنية فالظاهر الضمان على تقدير عدم العزل ، ومعه أيضا إذا فرط في الحفظ كما في سائر الأمانات الشرعية مع عدم المستحق ، فمعه بالطريق الاولى.

«تذنيب»

لا يسقط زكاة الفطرة بخروج وقتها للاستصحاب ، وعدم الخروج عن عهدة الأمر ، وعدم الامتثال ، وعدم كون الوقت قيدا للوجوب كما في الموقتات ـ لعدم صراحة ذلك فيها ـ وكونها حقا ثابتا كالديون وسائر الحقوق ، وانما الوقت للتعجيل

__________________

(١) وسنده كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار وغيره.

(٢) وطريق الصدوق إلى إسحاق بن عمار كما في مشيخة الفقيه هكذا : وما رويته عن إسحاق بن عمار ، فقد رويته ، عن أبي رضى الله عنه ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن على بن إسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار.

(٣) الوسائل باب ١٣ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والعقاب بالتأخير ومعرفة ابتدائه ، فالظاهر عدم كونها أداء ، بل لا أداء ولا قضاء ، نعم نيتهما أحوط ، والظاهر ان مراد ابن إدريس بأنها دائما أداء ما ذكرناه فتأمّل.

«فروع»

(الأوّل) الظاهر جواز النقل مع عدم المستحق بالإجماع المنقول ، ومع وجوده على الخلاف مع الضمان وظن السلامة في الطريق ، وعدم التفريط والتعدي لصحيحة محمد بن إسماعيل المتقدمة (١) فتأمّل ، ولما مر في زكاة المال وان دلّ بعض الاخبار ـ كما سيجي‌ء ـ على المنع ، فيحمل على الاستحباب.

ويؤيده قوله عليه السلام : في الرواية الدالة عليه : (وان لم يجد موافقا) (٢) فإنه حينئذ ليس بحرام.

ويدل على العزل أيضا رواية سليمان بن جعفر المروزي قال : سمعته يقول : ان لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة والصدقة بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلاد دراهم (٣).

وفيها أحكام أخر.

(الثاني) جواز التوكيل لرواية معتب ـ الثقة ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اذهب فأعط عن عيالنا ، الفطرة ، وعن الرقيق ، (وخ) اجمعهم ، ولا تدع منهم أحدا ، فإنك إن تركت منهم إنسانا تخوفت عليه الفوت ، قلت : وما الفوت قال :

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة وباب ٣٥ حديث ٦ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٤ ومتن الحديث هكذا. على بن بلال قال : كتبت اليه هل يجوز ان يكون الرجل في بلدة ورجل آخر من اخوانه في بلدة اخرى يحتاج أن يوجه له فطرة أم لا؟ فكتب يقسم الفطرة على من حضره ولا يوجه ذلك الى بلدة اخرى وان لم يجد موافقا.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٧ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الموت (١) ولا يضر وجود إسحاق بن عمار مع توثيق غيره (٢) للتأييد بالشهرة ، بل لعدم الخلاف على الظاهر.

(الثالث) روى في الفقيه في الصحيح ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سئلت أبا الحسن عليه السلام عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله الّا انه يتكلّف له نفقته وكسوته أتكون عليه فطرته؟ قال : لا انما تكون فطرته على عياله صدقة دونه ، وقال : العيال الولد والمملوك والزوجة وأم الولد (٣).

ويمكن حملها على عدم العيلولة في شهر رمضان وقت وجوب الفطرة ، وعلى عدم ما عنده مقدار ما يخرج عنهم ، لما مر من الأخبار الدالة على الوجوب (عن كلّ من يعول وكل من ضممت على عيالك الخبر) (٤).

ولعله لا خلاف فيه قال في المنتهى : ويجب ان يخرج الفطرة عن نفسه ومن يعوله اى يمونه ذهب إليه علمائنا اجمع (انتهى).

(الرابع) الظاهر انه مع شرط الوجوب يخرج ممّا عنده ولا يستدين لذلك.

(الخامس) لو كان من يجب عنهم كثيرين بحيث لا يفي ما عنده عنهم ، فيمكن إبقاء قوت يوم وليلة وصرف الباقي ، وصرف الكل ، وعدم الصرف إلا الزيادة عن قوت السنة إلا عن واجب النفقة والأجير.

واشتراط وجود الفاضل بعدد من يجب عنهم أصواعا عند المكتسب الذي يكتسب قوته يوما فيوما ، لقبح التكليف بالدين والسؤال ، ولانه حرج ، وعدم شمول نصّ له بخصوصه كما ذكره في المنتهى والدروس محتمل احتمالا قوّيا.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) فإن الصدوق ره رواه بإسناده عن صفوان بن يحيى عن إسحاق وصفوان من أصحاب الإجماع وسنده في الكافي هكذا : أبو على الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار عن معتّب.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ٢ و ٨ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن الجرية مشكلة مع شمول النصوص له ولغيره ممن يحلّ له الزكاة مطلقا من غير ذكر الفاضل فتأمل.

ويمكن حمل صحيحة عبد الرحمن عليه ، وذلك لا يخلو عن قوّة لبعد حكم الشارع بإعطاء ما في يده ، والأمر بالسؤال وغيره ، وان كان مثله موجودا في زكاة المال أيضا والخمس ، فتأمل ولا تخرج عن النص والاحتياط.

السادس المستحق

المشهور أن مستحقها هو مستحق زكاة المال ، واخرج المصنف في المنتهى العامل والمؤلفة ، والظاهر أنّه لو فرض الاحتياج إليهما يكون منهم ، ويؤيّده استدلاله بقوله تعالى : ـ (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ) (١) ـ ، وأن الفطرة صدقة ، والروايات الكثيرة تدل على ان محلّها الفقراء مطلقا.

مثل رواية يونس بن يعقوب ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سئلته عن الفطرة من أهلها الذين تجب لهم؟ قال : من لا يجد شيئا (٢).

ويدلّ على اشتراط الإسلام ، الإجماع ، قال في المنتهى : ولا يعطي الذمّي إجماعا (انتهى).

ورواية مالك الجهني ـ المجهول ـ قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن زكاة الفطرة قال : يعطيها المسلمين ، فان لم تجد مسلما فمستضعفا وأعط ذا قرابتك منها ان شئت (٣).

فتدل على جواز إعطائها كلّ المسلمين كالأولى ، وإعطاء المستضعف مع

__________________

(١) التوبة ـ ٦٠.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عدمهم وكونهم غير مسلم.

ويدل على جواز إعطائها غير المؤمن أيضا ما رواه محمد بن عيسى ـ في الصحيح ـ قال : كتب إليه إبراهيم بن عقبة يسئله عن الفطرة كم هي برطل بغداد عن كلّ رأس ، وهل يجوز إعطائها غير مؤمن؟ فكتب عليه السلام اليه : عليك ان تخرج عن نفسك صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وآله ، وعن عيالك أيضا لا ينبغي لك ان تعطى زكاتك إلا مؤمنا (١) ـ ولا يضرّ جهل إبراهيم بن عقبة.

وكذا حسنة إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : سئلته عن صدقة الفطرة أعطيها غير أهل ولايتي من جيراني؟ قال : نعم الجيران أحق بها لمكان الشهرة (٢) ولا يضر وجود إبراهيم بن هاشم ، ولا محمد بن عيسى ، عن يونس بل ولا إسحاق (٣) فإنه لا بأس به.

وحملها الشيخ على المستضعف الذي لم يعرف منه النصب ، واحتمل التقية أيضا لقوله عليه السلام : (لمكان الشهرة).

وكذا رواية الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان جدّي عليه السلام يعطى فطرته الضعفاء ، ومن لا يجد ، ومن لا يتولى ، قال : وقال أبو عبد الله عليه السلام : هي لأهلها الّا أن لا تجدهم ، فان لم تجدهم فلمن لا ينصب ولا تنقل من أرض إلى أرض ، وقال : الامام عليه السلام أعلم يضعها حيث يشاء ويضع فيها ما يرى (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) فإن سندها كما في الكافي ـ باب الفطرة ـ هكذا : على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عن إسحاق بن عمار ـ وليس فيها كما ترى إبراهيم بن هاشم ، ولعل النسخة التي كانت عند الشارح (قدس سره) كان فيها ذلك والله العالم نعم في يب هكذا : محمد بن يعقوب ، عن على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عن إسحاق ، فتأمل.

(٤) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه تدل على عدم النقل مع عدم المستحق.

وكذا صحيحة على بن بلال ، قال : كتبت اليه هل يجوز أن يكون الرجل في بلدة ورجل آخر من اخوانه في بلدة اخرى يحتاج أن يوجه له فطرة أم لا؟ فكتب : تقسم الفطرة على من حضر ولا يوجه ذلك الى بلدة اخرى وان لم يجد موافقا (١).

ولا يضر محمد بن عيسى (٢) ، ولا كونه مضمرا ، ولا يبعد الحمل على الاستحباب لما مرّ أو خوف الطريق ونحوه ويدل على جواز إعطاء غير المؤمن أيضا صحيحة على بن يقطين ـ في الفقيه ـ وسأل على بن يقطين أبا الحسن الأوّل عليه السلام عن زكاة الفطرة أيصلح ان يعطى الجيران والظئورة ممن لا يعرف ولا ينصب فقال : لا بأس بذلك إذا كان محتاجا (٣).

ولا يبعد حملها على عدم وجدان المؤمن لما مرّ.

ويدل على الجواز أيضا عموم ما دل على جواز التصدق وقد مرّ ، فقول الشيخ بإعطائها للمستضعف مع عدم المؤمن غير بعيد ، ويمكن كونه أولى من النقل لما مرّ.

وقال المصنف في المنتهى : ولا يجوز (لا يجزى خ) ان يعطى غير المؤمن من الفطرة ، سواء وجد المستحق أو فقده وينتظر بها ويحملها من بلده مع عدمه الى الآخر ولا يعطى المستضعف خلافا للشيخ رحمه الله (انتهى) والظاهر ان لا دليل على اشتراط الايمان في مستحقها الّا ما تقدم في زكاة المال من دعوى الإجماع على اعتبار الايمان وبعض الروايات.

مثل ما في رواية زرارة ومحمد بن مسلم عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) فإن سنده كما في التهذيب هكذا : محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن على بن بلال وأراني قد سمعته من على بن بلال قال : كتبت إليه إلخ.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٦ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

السلام انهما قالا : الزكاة لأهل الولاية قد بيّن الله لكم موضعها في كتابه (١).

وصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري قال : سئلت الرضا عليه السلام عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال : لا ، ولا زكاة الفطرة (٢).

وصحيحة عمر بن يزيد قال : سئلته عن الصدقة على النصاب والزيديّة؟

قال : لا تصدق عليهم بشي‌ء ولا تسقهم من الماء ان استطعت ، وقال : الزيديّة هم النصاب (٣).

وما في الحسنة المشهورة من عدم إعادة الشي‌ء منهم إلا الزكاة (٤).

وكأنه الى ذلك أشار في المنتهى في بحث الفطرة بقوله : وقد سلف بيان ذلك في مستحقي زكاة المال.

«فروع»

(الأوّل) يجوز صرفها الى واحد واغنائه ، لما مرّ في بحث زكاة المال ، ولصحيحة محمد بن عيسى ، عن على بن بلال ـ الثقة ـ في الفقيه ، قال : كتبت الى الطيب العسكري عليه السلام : هل يجوز ان تعطى الفطرة ، عن عيال الرجل وهم عشرة أقلّ أو أكثر رجلا محتاجا موافقا؟ فكتب عليه السلام : نعم افعل ذلك (٥).

ولا يبعد استحباب تخصيص الأقارب ، لما مرّ في زكاة المال ، ثم الجيران ، لما مرّ عن قريب أيضا ، وترجيح أهل الفضل لما مرّ أيضا.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٩ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٤) لاحظ الوسائل باب ٣ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٥) الوسائل باب ١٦ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة ، وفي بعض النسخ : نعم ذلك أفضل.

٢٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(الثاني) قال في المنتهى : يجوز للمالك أن يفرقها بنفسه ، بغير خلاف بين العلماء كافة (الى ان قال) : ويستحبّ صرفها الى الامام عليه السلام أو من نصبه لانه الحاكم وهو اعرف بمواقعها ، ولما رواه الشيخ عن ابى على بن راشد قال : سألته عن الفطرة لمن هي؟ قال : للإمام (١) ، ولو تعذر ذلك صرفت الى الفقيه المأمون ، من فقهاء الإمامية ، فإنهم أبصر بمواقعها واعرف بالمستحق ، ولان فيه تنزيها للعرض وإبراء للذمة فيكون اولى (انتهى).

فيفهم من كلامه أن حكم الفقيه حكم الامام عليه السلام ، وكذلك في زكاة المال ، فيكفي الدفع اليه ويبرئ الذمة في الحال في نفس الأمر ، وان نيته كافية فتأمّل فيه.

(الثالث) الظاهر جواز إعطائها لصاحب الدار والخادم لما مرّ.

(الرابع) قال في المنتهى : قال أكثر علمائنا : ولا يعطى الفقير أقلّ من صاع وأطبق الجمهور على خلافه ، والأقرب عندي أنّه محمول على الاستحباب لان (٢) الدفع الى الكثير يصدق عليه الدفع المأمور به فيجزي ، والأصل ، والعمومات مؤيّدة.

وكذا ما رواه إسحاق بن المبارك ـ المجهول ـ في الصحيح قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن صدقة الفطرة أهي ممّا قال الله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)؟ قال : نعم ، وقال : صدقة التمر أحب الىّ لأن أبي عبد الله عليه السلام كان يتصدق بالتمر ، قلت ، فيجعل قيمتها فضّة فيعطيها رجلا واحدا أو اثنين فقال : يفرقها أحبّ الىّ ، ولا بأس بأن يجعل قيمتها فضة ، والتمر أحبّ الىّ ، قلت : فأعطيها غير أهل الولاية من هذا الجيران؟ قال : نعم الجيران أحق بها ، قلت : فاعطى الرجل الواحد

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) في المنتهى هكذا : لنا ان بدفعها الى أكثر يكون قد صرف الصدقة إلى مستحق فيكون سائغا كما يجوز صرفها الى الواحد لأن الأمر بالإعطاء مطلق فيجزي إعطاء الجماعة كما يجزى الواحد عملا بالإطلاق (انتهى).

٢٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ثلاثة أصيع وأربعة أصيع؟ قال : نعم (١).

ففيها جواز إعطاء القيمة وأفضليّة التمر ، والجيران ، وإعطاء غير أهل الولاية وإعطاء أكثر من صاع الى واحد.

قال الشيخ : معنى هذا الحديث انه إذا كان هناك جماعة محتاجون كان التفريق عليهم أفضل من إعطائه واحدا ، فاما إذا لم يكن هناك ضرورة فالأفضل إعطاء رأس لرأس.

وذلك لا بأس به ، لما مرّ من الإشعار في الاخبار بذلك ، والشهرة العظيمة المؤيّدة برواية الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا يعط أحد أقل من رأس (٢).

وتحمل على الكراهيّة مع عدم الضرورة كما قاله الشيخ للإرسال ، ولما تقدم.

ويدلّ على جواز إعطاء أكثر من صاع لواحد ـ مع ما تقدم ـ مرسلة ابن ابى عمير ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس بان يعطى الرجل (الرجل خ) رأسين والثلاثة والأربعة يعني الفطرة (٣).

وقال في المنتهى : ويجوز ان يعطى الواحد أصواعا كثيرة بغير خلاف سواء كان من دافع واحد أو من جماعة على التعاقب ، ودفعة واحدة ما لم يحصل الغنى في صورة التعاقب.

(الخامس) قال في المنتهى : ولا تسقط صدقة الفطرة بالموت وتخرج من أصل التركة كالديون.

__________________

(١) أورده في الوسائل مقطّعا فراجع باب ١ حديث ٩ وباب ١٠ حديث ٢ وباب ١٦ حديث ١ وباب ١٥ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ١٦ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو ظاهر لانه واجب في الذمّة وتعلّق بعد الموت بالتركة كسائر الحقوق ولا مسقط له ، ويظهر من قوله فيه : ـ ولا يملك المستحق الا بالقبض من المالك أو نائبه لأن المال للمالك وفي ذمته شي‌ء للمستحق وله خيار في الإخراج فلا يملك إلّا بإعطائه أو نائبه ـ أنّه لا يجوز للمستحق الأخذ بغير اذنه فالملك بالطريق الاولى ، نعم يمكن أخذ الحاكم له كرها مع عدم الإعطاء ، ولا يبعد له أيضا ذلك مع التعذر لكلّ وجه كما في المقاصّة.

ولا فرق بين الحقوق الماليّة من الزكاة والخمس ، والفطرة ، والمنذورات وشبهها ، والديون اللازمة بالمعاملة وغيرها.

ولنرجع إلى عبارة الكتاب.

فقوله : «عند هلال شوّال» كناية عن دخوله ، المعلوم بغروب الشمس ليلة الفطر الثابت شرعا بالهلال أو مضى ثلاثين يوما.

وقوله : «اخرج صاع من القوت الغالب» يحتمل ارادة الوقت الغالب ، لعموم الناس وبلد المخرج وقوته ، وقد عرفت ان الظاهر أنّ وقت استقرار تعلّق الوجوب وهو غروب الشمس ، وأنّ الأحوط كون الإخراج في اليوم ، ويكفي قوت المخرج ، وأن هذه الأجناس كافية وان لم تكن قوته ، وان الظاهر هنا جواز الدفع الى المستضعف مع تعذر المستحق.

فقوله : «الى مستحق زكاة المال» محلّ التأمّل ، ولكنه مذهبه ، ومع ذلك ما علم عدم جواز الإعطاء إلى الهاشميين من غيرهم ، والجواز منهم ، فتأمّل فيما دلّت على ذلك في الزكاة هل يعمّ أم لا ، ولا يبعد التساوي ، ولا يعلم الخلاف في ذلك فتأمّل.

والظاهر (١) ان المراد بالتمكن من قوت السنة أعم من القوت بالكسب ونحوه والفعل.

والظاهر (٢) ان المراد بالعيال في قوله : «ولعياله» هو الذي تجب نفقته على المخرج

__________________

(١) ناظر الى قول المصنف في المتن : على كل مكلف حرّ متمكن.

(٢) ناظر الى قوله ره فيه (له ولعياله).

٢٧٥

وعن المولود كذلك ، والمتجدّد في ملكه حينئذ ، ولو كان بعد الهلال لم تجب.

ولو تحرر بعض المملوك وجب عليه بالنسبة ، ولو عاله المولى وجبت عليه.

______________________________________________________

ويحتمل المعتاد والمتعارف.

وان الاولى (المعول) (١) بدل قوله : (يعوله).

وان المراد بقوله : (عند الهلال) ثبوت صدق العيلولة في الشهر متصلا الى وقت الخروج عنه والدخول في شوّال.

وأيضا قد عرفت ان الضيف (٢) ما لم يكن داخلا فيمن عاله عند الهلال لم تجب فطرته فكأنه داخل فيما قبله ، وذكره ، للتصريح بالوجوب عنه كما قيل ، ولئلّا يتوهم عدم دخوله (٣) ، بحمل العيلولة على من كان دائما عنده ومقيما ، ولوجود الخلاف فيه ، ولتصريح ذلك في الخبر بخصوصه.

قوله : «وعن المولود كذلك والمتجدّد في ملكه حينئذ إلخ» يعني لو ولد مولود وكان ممن عاله قبل الهلال يجب إخراج الفطرة عنه ، وكذا عن مملوك ملكه حينئذ وعاله ولو كان كلّ ذلك بعد الهلال لم يجب والظاهر عدم الخلاف فيه ، وقد مرّت الإشارة إليه ، نعم يمكن اشتراط بقائهما عند الفجر ، عند من يجعل أوّل وقت الوجوب ذلك.

قوله : «ولو كان تحرّر بعض المملوك إلخ» يمكن عدم الوجوب الأعلى من عاله ، لعدم دليل وجوب التبعيض حينئذ أو وجود الدليل على جميع من يعول ، وكذا البحث في المملوك المشترك ، ويدل على العدم الأصل وعدم ظهور صدق الأدلة لانصرافه إلى الرأس المستقل.

__________________

(١) على وزن المقول.

(٢) ناظر الى قوله ره فيه : وكذا يخرج عن الضيف إذا كان عنده.

(٣) عدم دخوله في قوله ره : (له ولعياله) بحمل العيلولة على العيلولة الدائمة لا مثل الضيف.

٢٧٦

ويستحب للفقير إخراجها بأن يدير صاعا على عياله ، ثم يتصدق به.

______________________________________________________

ويؤيّده ما روى ـ في الفقيه ـ عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت : رقيق بين قوم عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال : إذا كان لكل إنسان رأس فعليه ان يؤدّى عنه فطرته (الى قوله) وان كان لكل انسان منهم أقل من رأس فلا شي‌ء عليهم (١).

ولكن في الطريق (٢) كلام ، لوجود سهل بن زياد وغيره فيه ، ولعله لا يضر ، لأنه مؤيّد.

قوله : «ويستحب للفقير إلخ» الظاهر أنّه يشترط فيه وجود الصاع عنده كما يدل عليه دليله ، وهو رواية إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل لا يكون عنده الّا ما يؤدى عن نفسه من الفطرة وحدها أيعطيه غريبا (منها خ) أو يأكل هو وعياله؟ قال : يعطى بعض عياله ثم يعطى الآخر عن نفسه يردّدونها فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة (٣).

فيدل على الإخراج إلى الغريب بالأخرة ، ويمكن جعل النيّة ، واحدة للادارة بان يقول : أدر هذا الصاع على عيالي إلخ فيديره اى يقبضهم ثم يخرج إلى الأجنبي ولا يبعد إرجاعه الى بعض من أداره عليه ويكون مكروها ، لانه ملك ما تصدق اختيارا.

ويندفع بالضرورة ويقبض الولي ومن يقوم مقامه ، عن الأطفال ، ويمكن كون تعدد النيّة أولى.

ويدل عليه أيضا ـ في الجملة ـ رواية زرارة ، قال : قلت : الفقير الذي يتصدق عليه صدقة الفطرة؟ قال : نعم يعطى ممّا يتصدق به عليه (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) طريقه كما في الفقيه في باب الفطرة هكذا : محمد بن مسعود العيّاشي ، قال : حدثنا محمد بن نصير ، قال : حدثنا سهل بن زياد ، قال : حدثني منصور بن العبّاس ، قال : حدّثني إسماعيل بن سهل ، عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٧٧

ولو بلغ قبل الهلال أو أسلم أو عقل من جنونه أو استغنى وجب إخراجها ، ولو كان بعده استحب ما لم يصلّ العيد.

______________________________________________________

وهذه مقطوعة كما ترى في الأصل ، ولكن قال المصنف في المنتهى : وزرارة عن أبي عبد الله عليه السلام ـ وهو اعرف ، ولعله استخراج منه أو رآها كذلك في غير ما رأيتها.

والظاهر انه على تقدير القبول عن الطفل يشكل الإخراج ، ولعلّه جائز للرواية المؤيّدة بالعمل والفتوى وان لم تكن صحيحة وصريحة فتأمّل.

قوله : «ولو بلغ قبل الهلال إلخ» لا شك في الوجوب حينئذ عليهم ، ولكن مع باقي الشرائط وهو ظاهر بناء على مذهبه ، ولأنه لا بد من البقاء الى يوم العيد معها عند من يذهب الى الوجوب يومه كما مر فتأمّل ، فتذكّر.

وأيضا ان المراد بالوجوب على من أسلم وجوبا ـ يصح ـ معه الإخراج ، والّا لقد كان واجبا عليه حين الكفر أيضا كما هو المقرر في الأصول من عموم التكليف لهم.

وقد مر دليل استحباب الإخراج عن المولود بعد الهلال ومن أسلم كذلك ، وهو صحيحة معاوية (١) الدالّة على نفى الوجوب حينئذ مع ما قيل : أنه قد روى من ولد قبل الزوال أو أسلم أخرج عنهما (٢) ـ حملت على الاستحباب للجمع مع عدم ظهور سنده.

وامّا التقييد بقوله : (ما لم يصلّ العيد) فكأنّه مبنىّ على جعل الوقت الى فعل الصلاة ، وهو غير جيّد لما عرفت من الدّليل بقيد الاستحباب ، الى الزوال ، ولعلّه يريد ما لم يخرج وقت الصلاة ، إذ يبعد التحديد بفعلها لأنه يختلف ، ويبعد جعل الشارع امرا واحدا منوطا على أمر غير مضبوط بالنسبة إلى الأشخاص ، بل بالنسبة إلى شخص واحد ، وقد مرّ البحث عنه أيضا.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٧٨

ويخرج عن الزوجة والمملوك وان كاتبه مشروطا إذا لم يعلهما غيره.

______________________________________________________

قوله : «ويخرج عن الزوجة إلخ» الظاهر أنّ المكاتب المطلق الذي لم يؤدّ شيئا كذلك ، إذ دليل وجوبها عن المشروط كونه مملوكا له وهو جار فيهما ، ولعلّ القيد لإخراج المطلق الذي أدّى شيئا وقد مرّ حاله.

ولكن قال في الفقيه : سئل على بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام ، عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه وتجوز شهادته؟ قال : الفطرة عليه ولا تجوز شهادته ـ قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمة الله عليه : وهذا على الإنكار لا على الاخبار ويريد بذلك كيف تجب عليه الفطرة ولا تجوز شهادته؟ ـ اى ان شهادته جائزة كما أنّ الفطرة عليه واجبة (١) (انتهى).

وهي صحيحة فيمكن أنّ المصنف حملها على المطلق ، لأنه أقرب الى العتق وانقطاع سلطنة المولى من الشروط.

ويمكن تخصيص المكاتب من عموم أدلة المملوك لهذه الصحيحة ، ويحتمل تخصيصها أيضا بمن أبقى منه شي‌ء ، وان ليس كلّه على المولى ، بل على المملوك أيضا شي‌ء.

ويمكن إرجاع ضمير (عليه) الى من كاتبه وان كان بعيدا فتأمّل.

واعلم ان الحكم بالإخراج عن الزوجة والمملوك مطلقا واضح على تقدير عيلولته إيّاهما ، وكذا العدم على تقدير العيلولة عند الغير ، واما على تقدير عدم العيلولة أصلا فظاهر بعض الأصحاب ، الإيجاب حينئذ أيضا ، وذلك هو المفهوم من المتن أيضا حيث قيد بقوله : (إذا لم يعلهما) غيره.

ولعلّ نظرهم الى مطلق الملك والزوجية سواء وجبت نفقتها أم لا فحينئذ لا فرق بين المنقطعة والدائمة ، والناشزة وغيرها كما قال به البعض ، وكذا المملوك الغائب والحاضر ، بل لا ينبغي الفرق بين عيلولة الغير إيّاهما وعدمهما فتكون واجبة على الزوج والمولى دون العائل لسبق الزوجيّة والملكيّة على العيلولة.

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٧٩

وتسقط عن الموسرة ، والضيف الغني بالإخراج عنه ، وزكاة المشترك عليهما إذا عالاه أو لم يعله أحد.

ولو قبل وصيّة الميّت بالعبد قبل الهلال وجبت عليه والا سقطت عنه وعن الورثة على رأى.

______________________________________________________

ولكن فرّقوا بين الواجبة نفقتها وغيرها ، والمعول عند الغير وغيره ، وذلك غير واضح والّذي يقتضيه ظاهر الاخبار اشتراط الوجوب بالعيلولة بالفعل ، وفسّر في بعض الاخبار بالإنفاق (١) فلا يكفى النظر الى وجوب النفقة وقرار الإعطاء من دونه فتأمّل.

قوله : «وتسقط عن الموسرة إلخ» دليل السقوط ظاهر ، وهو عدم الوجوب إلا مرة وقد أدّاها من وجبت عليه ، وقد مرّ تفصيلها وشرح قوله : وزكاة المشترك عليهما إذا عالاه ولم يعله احد ، ولو اقتصر على (إذا لم يعله احد) لكفى.

قوله : «ولو قبل وصيّة الميّت إلخ» أي لو اوصى شخص مملوكا لشخص وقبل الوصيّة قبل غروب الشمس ومات الموصى حينئذ وصحّت الوصيّة ففطرة المملوك الموصى به على الموصى له مع حصول الشرائط المتقدمة.

ووجهه عموم أدلة وجوب الفطرة على المالك عن المملوك وصدق الملك هنا وان لم يقبل قبله ، بل قبل بعده ففطرته ساقطة من الورثة لعدم الملك ، لان القبول كاشف عن ملك الموصى له ، فلم يكن قبل الغروب ملكا لهم ، ومن الموصى له أيضا لعدم دليل على الوجوب عليه لعدم ظهور الملك الذي يجوز معه التصرف.

ولو قيل : بأنه ناقل فيمكن الوجوب على الورثة لكونه ملكهم حين الوجوب.

ويحتمل قويا ، العدم لعدم دليل الوجوب لما مرّ وان ردّ الوصيّة فظاهر المتن سقوطها أيضا ، أمّا عن الموصى له فظاهر ، وأمّا عن الورثة فمحلّ التأمّل لأنّه كان ملكا لهم وقت الوجوب فيشمله الأدلّة.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٨٠