مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

كل من ضممت الى عيالك من حرّ أو مملوك ، فعليك أن تؤدّى الفطرة عنه (١).

وقال أيضا لا فرق في المنفق عليه بين المسلم والكافر ، ذهب إليه علمائنا اجمع.

ويدل عليه أيضا عموم الأدلّة ، ومرفوعة محمد بن احمد بن يحيى ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : يؤدّى الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه (٢).

ولا ريب في دخول الزّوجة مطلقا ، فقيرة أو غنيّة ، دائمة أو منقطعة ـ إلّا مع عدم العيلولة ، قال في المنتهى : يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته ذهب إليه علمائنا (انتهى).

وللعمومات (٣) مثل ما في رواية حماد ، وبريد ، ومحمد ، عن ابى جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام (في حديث) قالا : صاع من تمر أو زبيب (الى قوله عليه السلام) عن الصغير والكبير ، والذكر ، والأنثى والبالغ ومن يعول في ذلك سواء (٤).

واما الناشزة وغير الممكّنة من نفسها ان قلنا باشتراط النفقة بالتمكين والصغيرة ، وبالجملة ، التي من لم تجب نفقتها ، فقال المصنف بعدم وجوبها عنها ، ونقل عن ابن إدريس الوجوب ، وادّعائه إجماع أصحابنا في الناشزة ، وقال : انّه ضعيف ، إذ لم يفت به أحد من علمائنا ، ولا من الجمهور الّا من شذّ.

واستدلّ (٥) على عدم الوجوب ، بتقييده بالعيلولة في الاخبار ومن لم تجب نفقتها لم تكن عائلة.

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٨ وذيل حديث ١٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٥ حديث ٩ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) يعنى ان العمومات أيضا تدل على دخول الزوجة مطلقا.

(٤) الوسائل باب ٦ ذيل حديث ١٧ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) يعني المصنف في المنتهى.

٢٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنه لا ينبغي النزاع مع العيلولة ، للصدق ، وامّا لو لم يعلها ، فالظاهر عدم الوجوب ، إذ الظاهر انها منوطة بالعيلولة ، والأصل يؤيّده ، ويناسبه مؤاخذتها بما فعلت من النشوز المحرم ، وكذا غير الدائمة.

وظاهر كلامهم أنّ المطلقة الرجعيّة كغير المطلقة.

والظاهر ان قدرة الزوج على الإخراج شرط ، فلو كان معسرا لم يجب ، وكذا لو كان عبدا ويمكن (١) الإيجاب على سيّده على تقدير العيلولة ، وبدونها على تقدير وجوب نفقتها عليه ، محلّ التأمّل ، والظاهر العدم ، للأصل وعدم صدق الاخبار للتقييد بالعيلولة وهي ظاهرة في فعليّة العيلولة.

وامّا الزوجة القادرة تحت المعسر فينبغي وجوبها عليها حينئذ ، لعموم الاخبار وعدم وجوبها على غيرها لعدم الشرط.

امّا لو كانت تحت غني وأخرجت عن نفسها فهل يجزى؟ اختار في المنتهى الاجزاء ونقله عن الشيخ أيضا مع الاذن ، واستدلّ عليه بأنه مع الإذن بمنزلة الزّوج المخرج كما لو أمرها بأداء الدين ، ونقل عن الشافعي قولا بالعدم.

وفيه تأمّل لتعلّق الوجوب بذمّة الزوج مع كونها عبادة في الجملة ، فالسقوط بأداء الغير ولو كان باذنه ، محلّ التأمّل ، والدين ليس بعبادة أصلا ، ولهذا يسقط (٢) بغير الإذن أيضا ، ولو كانت مثله وكان الغرض إيصال النفع الى الفقير ، لا جزأت من غير الاذن ، ومن الأجنبي أيضا ، فمقتضى الأدلة المتقدمة عدمه.

الا ان يقال ان الوجوب أصالة عليها ، وانما وجوبها عليه بالتبعيّة وإرفاقا بحالها كالنفقة.

__________________

(١) حاصل هذا الكلام بيان صور ثلاثة الأولى وجوب فطرة زوجة العبد على سيده ان عالها السيد مطلقا (الثانية) وجوب نفقتها عليه أيضا ان قيل بوجوب إنفاقها عليه بدون العيلولة عملا (الثالثة) عدم وجوب نفقتها عليه على القول بعدم وجوب إنفاقها وعدم العيلولة.

(٢) يعنى دين المديون بأداء الأجنبي عنه بغير اذن المديون.

٢٤٢

وكذا يخرج عن الضيف إذا كان عنده قبل الهلال.

______________________________________________________

ولكنه غير ظاهر ، والاحتياط معلوم ، فالأولى إخراجه بنفسه ، فلو أرادت أن تملكه ويخرج الزوج بنفسه عنها ، جاز.

والظاهر ان فطرة خادمها على تقدير لزوم نفقتها على الزوج وعدمه ، تجب عليه على تقدير العيلولة.

وأيضا ، الظاهر أنّ الكلام في سائر المنفق عليهم كذلك مثل الإباء والأولاد ، فيجب فطرتهم على تقدير العيلولة فقط ، وسائر الأقارب بالطريق الاولى.

والظاهر أنّ الضابط هو العيلولة الّا انه نقل الإجماع في المنتهى على وجوب الفطرة عن العبد الآبق ، والمرهون ، والمغضوب ، وجميع الغيّاب مع علم الحياة فاكتفى بأصل وجوب النفقة والعيلولة من دون اشتراط الفعليّة.

فتأمّل ، فإنه يشكل الخروج عنه ، إذ هو محلّ التأمّل ، والتعدي إلى الزوجة ـ التي تجب نفقتها ، وكذا خادمها ، والإباء ، والأولاد مع عدم العيلولة بالفعل ـ مشكل ، والأصل وعدم شمول الأدلة يقتضي العدم فتأمّل واحتط.

وبالجملة لا شك في الوجوب مع العيلولة بالفعل وبإهلال الهلال مع الكون في العيلولة ، سواء كان ممن تجب نفقتها أولا ، فقيرا أم غنيا ، كافرا أم مسلما مقيما أم لا ، مثل الضيف لعموم ، الاخبار ، ولنقل الإجماع في المنتهى ، وعدم ظهور الخلاف.

ولكن اختلفوا في الضيف الذي تجب فطرته ، فاشترط البعض ضيافة الشهر كلّه وآخرون ضيافة العشر الآخر ، واختاره المصنف في المنتهى ، وآخرون آخر ليلة من الشهر بحيث يهلّ الهلال وهو في ضيافته لعموم الاخبار بالوجوب عن كلّ من يعول.

وحمل (يعول) على الحال أولى من الماضي والاستقبال ، فإنه إذا علق الحكم على وصف ، ثبت مع ثبوته ، لا قبله ، ولا بعده.

ولرواية عمر بن يزيد ، قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضيف من اخوانه ، فيحضر يوم الفطرة يؤدّى عنه الفطرة؟ فقال : نعم

٢٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الفطرة واجبة على كل من يعول ، من ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير ، حر أو مملوك (١).

وهي صحيحة في الفقيه ، وان لم تكن صحيحة في غيره.

ولا شك في صدق الضيف على المذكور ، وعدم التفصيل في الخبر ، يدل على الوجوب وعلى كونه عيالا أيضا فيدخل في سائر الاخبار.

والظاهر عدم الفرق بين الغنى والفقير ، والعبد والحر ، والصغير والكبير ، بل الكافر والمسلم ، لعموم الاخبار في إكرام الضيف وعموم ما تقدم وان قال في خبر الضيف (٢) (الرجل من اخوانه) فإنه في كلام السائل مع ظهور العموم من الجواب.

بل الظاهر أنّه لا يشترط إطلاق الضيف أيضا ، بل يكفي صدق العيلولة ، وأنها تصدق على الّذي اطعم عنده وكان وقت الوجوب في عائلته فيظهر الوجوب عن كلّ من كان عائلا وقت الوجوب.

والظاهر اشتراط القبليّة كما سيظهر في المولود والمملوك بعد الهلال ، فلو كان عائلا في الليلة الأخيرة ، بل في اليوم الآخر تجب عنه.

ثم ان الظاهر وجوب الأكل عنده ليصدق العيلولة بالفعل لما يظهر من اعتبار الليلة الأخيرة ـ اى آخر ليلة شهر رمضان ، لا ليلة العيد كما يظهر من كلام المصنف ، وكذا عن دليله المتقدم أيضا.

ولكن الظاهر انه لو حصل ذلك قبل خروج الشهر يكفى بأن يأكل في نهاره بسبب مشروع كسفر ومرض.

ويؤيّده أصل البراءة وعدم ظهور صدق الضيف العائل بدونه وظهور اعتبار الأكثر ذلك ، وفي الضيف على ما هو الظاهر من اعتبار الشهر كلّه ، والنصف الأخير والليلتين من آخر الشهر كما اختاره في المختلف ، والليلة الأخيرة كما هنا ، وعدم قول ظاهر من المتقدمين بأقل من ذلك ، وان الظاهر اعتبار العيلولة في الضيف أيضا

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) المتقدم آنفا.

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وفسر في الخبر على ما يأتي بالإنفاق فهو معتبر في الجميع ، والظاهر وجوده بالفعل لما مر.

ولا يكفي النزول عند الشخص قبل دخول شوال مع كونه عنده حتى يدخل وان لم يأكل عنده شيئا كما اعتبره الثانيان (١) ، لوجود الضيف في الرواية المتقدمة ، وهو نزيل الشخص كما هو المفهوم منه لغة وعرفا.

لعدم (٢) فهم ذلك من الرواية ، إذ الظاهر منها ان الوجوب عنده مقيّد بالعيلولة لقوله عليه السلام : (نعم الفطرة واجبة على كل من يعول) فأن الظاهر منها انه تعليل لوجوبها عن الضيف بذلك.

ويؤيده الأخبار الأخر ، والحصر فيها على العيلولة ، وما مرّ (٣).

وأنه لو نظر الى نفس المفهوم من أول الرواية (٤) مع قطع النظر عن غيره انه يفيد الوجوب عن الضيف الذي يكون من بعض الاخوان ، ويكون ضيفا حتى يحضر يوم العيد ، فيشترط كونه مسلما ، بل مؤمنا وكونه عنده الى ان يحضر اليوم مع الإشعار بعليّة كونه عنده ضيفا.

والظاهر (٥) عدم اعتبار ذلك وان أسقط بعدم القائل ، فيقال : ان القائل بما قالاه أيضا غير ظاهر ، بل استخراج من الدليل الّا ان يدّعى الإجماع على نفي ذلك (٦) دون ما ذكراه.

__________________

(١) يعنى المحقق والشهيد الثانيين.

(٢) تعليل لقوله قده : ولا يكفي النزول إلخ.

(٣) يعني يؤيده ما مرّ ـ أي أصل البراءة ـ وعدم ظهور صدق الضيف العائل على من لم يأكل.

(٤) يعنى صدر رواية الضيف المتقدمة من قول السائل : الرجل يكون عنده ضيف من اخوانه فيحضر يوم العيد يؤدّى عنه الفطرة؟

(٥) يعنى ان الظاهر عدم اعتبار القيود المفهومة المذكورة في كلام السائل وان قيل في مقام ردّ اعتبار تلك القيود بأنه لا قائل باعتبارها قيل في جوابه ان القول بما قاله الثانيان أيضا لم يثبت قائله.

(٦) يعنى يفرق فيهما بدعوى الإجماع على عدم القيود المفهومة من أول رواية الضيف بخلاف ما قالاه لعدم الإجماع على ما قالاه.

٢٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وبالجملة الإيجاب على ما ذكراه بمحض هذه الرواية مع ما تقدم وعدم الشريك ، لا يخلو عن إشكال الّا أنّه لا شك أنّه أحوط.

ثم البحث في إخراج الضيف عن نفسه ، مثل الزوجة.

الرابع في تعيين جنس ما يخرج وقدرها

واعلم ان ظاهر الأدلة وجوب الفطرة على القادر على قوت سنة له ولعياله الواجب نفقتهم ، لا ان يملك زائدا عليه مقدار الفطرة ، كما اعتبره في المنتهى واشترط في الدروس ملكية صاع في المكتسب (١) ، وذلك في الكلّ محتمل نظرا الى الاعتبار.

اما الجنس فهو ما كان قوتا غالبا كالحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والأرز ، والأقط (٢) ، واللبن ، قال في المنتهى : ذهب إليه علمائنا اجمع ونقل عن الشافعي قولا بغالب قوت البلد ، وآخر قوت المخرج ، واستدل على جواز إخراج الأقط إلزاما للشافعي بالرواية من طرقهم (٣).

ومن طرقنا ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني ، عن ابى الحسن عليه السلام قال : ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط (٤).

وبأنه مقتاة (٥).

وعلى اللبن (٦) بأنه أولى بالقوت من الأقط ، وهو قوت أهل البادية غالبا

__________________

(١) يعني في ماله المكتسب لا من المأخوذ صدقة.

(٢) الأقط مثلثة ، ويحرك ، وككتف شي‌ء يتخذ من المخيض الغنمي (ق).

(٣) راجع سنن ابن ماجه كتاب الزكاة باب ٢١ صدقة الفطرة تحت رقم ١٨٢٩ ـ ١٨٣٠.

(٤) الوسائل باب ٨ قطعة من حديث ٢ من أبواب الفطرة.

(٥) عبارة المنتهى هكذا : ولانه معتاد فجاز إخراجه كالبر (انتهى).

(٦) يعنى استدل في المنتهى على جواز اللبن.

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بخلاف الأقط فان اقتياتهم به نادر (انتهى).

وبصحيحة زرارة ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : الفطرة على كل قوم ممّا يغذون عيالاتهم (عيالهم خ) من لبن أو زبيب أو غيره (١).

ومرسلة يونس عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له :

جعلت فداك ، هل على أهل البوادي الفطرة؟ قال : فقال : الفطرة على كل من اقتات قوتا فعليه أن يؤدّى من ذلك القوت (٢).

وعلى جواز الأرز برواية إبراهيم بن محمد الهمداني عنه عليه السلام ، قال : وعلى أهل طبرستان الأرز (٣).

ثم قال في المنتهى : ولو أخرج أحد هذه الأجناس وكان غالب قوت أهل البلد غيرها جاز بلا خلاف بين علمائنا في ذلك (انتهى).

فهذه تدل على الاجزاء بهذه الأجناس إجماعا سواء كان قوتا أم لا ، وانه لو كان غالب قوت المخرج غير هذا السبع (٤) فالظاهر اجزاء القوت لما مرّ من الاخبار خصوصا صحيحة زرارة ، والأصل ، وكون إيجاب غير قوته ضيق وحرج منفي بالعقل والنقل ، وهو مختار المصنف في المختلف.

وتحمل هذه الأجناس أو الأربعة الأول على كونها غالب القوت أو الأفضليّة والاستحباب فتأمّل ، والروايات في الأربعة كثيرة ، وقد مرّ ما يدل على الثلاثة الأخر ، فالقول بالكل غير بعيد.

ثم إن الظاهر أن الأفضل في هذه الأجناس ، هو التمر لما في صحيحة هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : التمر في الفطرة أفضل من غيره ، لأنه

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ٨ قطعة من حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) وهي الحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط واللبن.

٢٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أسرع منفعة وذلك انه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه (١).

وفي رواية إسحاق بن عمار قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن صدقة الفطرة قال : التمر أفضل (٢).

وما مرّ في الصحيح : التمر أحبّ ذلك الىّ (٣).

ومثله في رواية منصور بن خارجة (حازم خ) عنه عليه السلام (٤).

ورواية زيد الشحام قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : لأن أعطي صاعا من تمر أحبّ الىّ من ان اعطى صاعا من ذهب (تبر خ ل) في الفطرة (٥).

وما في رواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) قال : التمر أحبّ الىّ ، فان لك بكل تمرة نخلة في الجنة (٦).

والظاهر ان بعده (٧) ، الزبيب لمشاركته التمر في العلّة المذكورة ، قاله في المنتهى.

ثم قال : وقال آخرون : الأفضل ما يغلب على قوت البلد ، وهو قريب ، لحديث إبراهيم بن محمد الهمداني عن العسكري عليه السلام في فطرة أهل البلاد ، قال كتب عليه السلام : ان الفطرة صاع من قوت بلدك على أهل مكّة ، واليمن ، والطائف ، وأطراف الشام ، واليمامة (٨) ، والبحرين ، والعراقين ، وفارس ،

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٨ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) الوسائل باب ١٠ حديث ٦ من أبواب زكاة الفطرة.

(٦) الوسائل باب ١٠ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

(٧) يعني بعد التمر في الفضيلة الزبيب.

(٨) اليمامة اسم جارية (الى ان قال) واليمامة بلاد سميت باسم هذه الجارية وهي على ما في القاموس دون الحديبية في وسط الشرق عن مكة على ستة عشر مرحلة من البصرة وعن الكوفة نحوها ـ وفي غيره اليمامة مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف وصاحبها مسيلمة الكذاب والنسبة يمامى (مجمع البحرين).

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والأهواز ، وكرمان ، تمر ، وعلى أوساط (أوساط خ ل) أهل الشام ، زبيب ـ وعلى أهل الجزيرة ، والموصل ، والجبال كلّها ، برّ أو شعير ـ وعلى أهل طبرستان ، والأرز ـ وعلى أهل خراسان البرّ إلا أهل مرو ، والري فعليهم الزبيب ، وعلى أهل مصر ، البرّ ـ ومن سوى ذلك فعليهم ما غلب قوتهم ـ ومن سكن البوادي من الاعراب فعليهم الأقط ، والفطرة عليك ، وعلى الناس كلّهم ومن يعول ذكرا كان أو أنثى ، صغيرا أو كبيرا ، حرا أو عبدا ، فطيما أو رضيعا تدفعه وزنا ستة أرطال برطل المدينة ، والرطل مأة وخمسة وتسعون درهما يكون الفطرة ألفا ومأة وسبعين درهما (١).

وهذا التفصيل منه عليه السلام على جهة الاستحباب.

وفيه تأمّل لعدم صحّة السند ، ومخالفته للأخبار المتقدمة ، وبعد غالبية قوت التمر لأطراف الشام ، وفارس ، والأهواز بالنسبة إلى البرّ والشعير ، وكذا الزبيب لأهل الرّي ومرو ، وكذا كون الأقط غالب قوت الإعراب ، فإن غالب قوتهم اللبن والحليب.

ويحتمل أفضليّة الأكثر قيمة كما قيل ، والنظر الى حال المستحق ، وما هو انفع له يكون أفضل كما يفهم من العلة فتأمّل.

واما القدر فالظاهر انه صاع من الكل وهو ظاهر الأكثر ، ويدل عليه صحيحة سعد بن سعد الأشعري ، عن ابى الحسن الرضا عليه السلام قال : سئلته عن الفطرة كم تدفع عن كل رأس من الحنطة والشعير والتمر والزبيب؟ قال : صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله (٢).

وصحيحة صفوان الجمال قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة فقال : على الصغير والكبير ، والحر والعبد عن كل انسان منهم ، صاع من برّ أو صاع

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٢ وباب ٧ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

من تمر أو صاع من زبيب (١).

ورواية عبد الله بن المغيرة ، عن ابى الحسن الرضا عليه السلام في الفطرة قال : يعطى من الحنطة صاع ومن الشعير ، ومن الأقط صاع (٢).

قال في المنتهى : انها صحيحة وفي الطريق جعفر بن محمد بن يحيى (٣) وهو غير ظاهر.

وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يعطى أصحاب الإبل والبقر ، والغنم في الفطرة من الأقط صاعا (٤).

وما في رواية جعفر بن معروف قال : كتبت الى ابى بكر الرازي في زكاة الفطرة وسألناه أن يكتب في ذلك الى مولانا يعنى على بن محمد عليهما السلام فكتب :

ان ذلك قد خرج لعلى بن مهزيار انه يخرج من كل شي‌ء ، والتمر والبر وغيره صاع وليس عندنا بعد جوابه عليه السلام عليّا (علينا خ ل) في ذلك اختلاف (٥).

وقد مرّ بعض الاخبار أيضا مثل صحيحة عبد الله بن ميمون (٦) واما ما يدل على انه نصف صاع في البر والشعير ، وصاع في غيرهما فكثيرة ، منها (مثل ـ خ) صحيحة زرارة وبكير ابني أعين ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام انهما قالا : على الرجل أن يعطى عن كل من يعول من حر وعبد ، وصغير وكبير يعطى يوم الفطر (قبل الصلاة ـ ئل) فهو أفضل ، وهو في سعة أن يعطيها من أوّل يوم يدخل في شهر رمضان

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) سنده كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى عن جعفر بن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن المغيرة.

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) الوسائل باب ٦ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٦) الوسائل باب ٥ حديث ١١ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الى آخره ، فان اعطى تمرا فصاع لكل رأس ، وان لم يعط تمرا فنصف صاع لكل رأس من حنطة أو شعير ، والحنطة والشعير سواء ما اجزاء عنه الحنطة فالشعير يجزى عنه (١).

وفي المتن شي‌ء ، والإعطاء في شهر رمضان محمول على القرض ، وصحيحة الحلبي المتقدمة (٢).

ورواية على بن مسكان ، عن على الحلبي ـ قال في المنتهى : انها صحيحة ، والظاهر أنها كذلك ، لانه الظاهر أنه عبد الله لنقله عن الحلبي ـ قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام ، عن صدقة الفطرة ، فقال : على كلّ من يعول الرجل ، على الحر والعبد ، والصغير والكبير ، صاع من تمر أو نصف صاع من برّ ، والصاع أربعة أمداد (٣).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام في صدقة الفطرة فقال : تصدق عن جميع من تعول من صغير أو كبير أو حرّ أو مملوك على كل انسان نصف صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من شعير ، والصاع أربعة أمداد (٤).

وفيها الفرق بين الشعير والحنطة ، مع الاتفاق في غيرها (٥).

وصحيحة محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : الصدقة لمن لا يجد الحنطة والشعير يجزى عنه القمح (٦) ، والعدس ، والسلت ،

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٤ وباب ٦ حديث ١٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ١٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) الوسائل باب ٦ نحو حديث ١٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) وكأنه إيراد على مضمون هذا الخبر الفارق بين الحنطة والشعير في المقدار.

(٦) في حديث الفطرة : صاعا من برّ أو صاعا من قمح ـ القمح بالفتح والسكون ، قيل : حنطة رديّة يقال لها : نبطية ، والقمحة الحبة ، وقال بعض الاعلام لم نر من أهل اللغة من فرّق بين الحنطة والبر والقمح ـ (مجمع البحرين) والخبر في الوسائل باب ٦ حديث ١٣ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

والذرّة ، نصف صاع من ذلك كلّه أو صاع من تمر أو زبيب.

وما نعرف القمح غير الحنطة ، مع انها مقيّدة بعدم إمكان الحنطة.

وغير ذلك من الأخبار ، وقد حملها الأصحاب على التقيّة من جهة نصف الصاع في الحنطة وكانت باقية في غيره على حالها بقرينة ، ما نقل من العامّة والخاصّة ان الواجب كان صاعا ، وانما غيّره عثمان ومعاوية الى نصف صاع في الحنطة.

مثل ما رواه سلمة بن ابى حفص ، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال : صدقة الفطرة على كل صغير وكبير ، حر أو عبد عن كلّ من يعول ـ يعنى من ينفق عليه ـ صاع من تمر أو صاع من شعير أو صاع من زبيب ، فلما كان زمن عثمان حوّله مدّين من قمح (١).

ورواية الحذاء ، عن ابى عبد الله عليه السلام ، انه ذكر صدقة الفطرة أنّها كانت على كل صغير وكبير من حر أو عبد ، ذكرا وأنثى صاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير أو صاع من ذرّة ، قال : فلما كان زمن معاوية وخصب النّاس عدّل الناس عن ذلك الى نصف صاع من حنطة (٢).

ولا يضر الجهل في السند للشهرة ، وللمطابقة لصحيحة معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : في الفطرة : جرت السنة بصاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير ، فلما كان زمن عثمان وكثرت الحنطة قومه الناس فقال : نصف صاع من برّ بصاع من شعير (٣).

وصحيحة ياسر القمي ، عن ابى الحسن الرضا عليه السلام قال : الفطرة صاع من حنطة أو صاع من شعير أو صاع من تمر أو صاع من زبيب ، وانما خفّف

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ١٠ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ٨ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الحنطة معاوية (١) الا ان ياسر غير موثق.

ورواية إبراهيم بن أبي يحيى ، عن ابى عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال : انّ أول من جعل مدّين من الزكاة عدل صاع من تمر ، عثمان (٢).

ويؤيده الشهرة العظيمة بحيث لا يعلم القائل بغيره ، واختلاف الأخبار الدالة على نصف الصاع ، وكون الزبيب ، بل التمر أيضا أعلى منهما في غالب البلدان مع وجوب الصاع فيهما.

ومع ذلك لو وجد القائل لكان القول باستحباب صاع من الحنطة والشعير جمعا بين الاخبار جيّدا.

واعلم ان القول بوجوب أربعة أرطال من اللبن والأقط ـ كما نقل عن الشيخ ـ لمرفوعة ضعيفة عن الصادق عليه السلام : عن الرجل إذا لم يمكنه الفطرة؟

قال : يتصدق بأربعة أرطال من اللبن (٣).

بعيد للرفع والضعف ، والتقييد بعدم الإمكان مع عدم ذكر الأقط ، ولما مرّ من عدم الفرق في الاخبار الصحيحة والشهرة.

واما بيان كميّة الصاع فالّذي يظهر من الأدلّة ، هو أربعة أمداد بالمدني ، وستة أمداد بالعراقي ، وستة أرطال بالمدني ، تسعة بالعراقي ـ وقد مر ما يدل عليه.

ويدل عليه أيضا رواية على بن بلال ، قال : كتبت الى الرجل عليه السلام اسئله عن الفطرة كم تدفع؟ قال : فكتب ستة أرطال من تمر بالمدني وذلك تسعة أرطال بالبغدادي (٤).

وما في رواية جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمداني وكان معنا حاجا قال :

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٥ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٧ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

كتبت الى ابى الحسن عليه السلام على يدي أبي : جعلت فداك أنّ أصحابنا اختلفوا في الصاع بعضهم يقول : الفطرة بصاع المدني ، وبعضهم يقول : بصاع العراقي ، قال :

فكتب الى : الصاع بستة أرطال بالمدنيّ وتسعة أرطال بالعراقي ، قال : وأخبرني أنّه يكون بالوزن ألفا ومأة وسبعين وزنة (١).

ويدل عليه الشهرة أيضا مع عدم ظهور دليل على خلافه.

ويؤيّده أيضا ما رواه الشيخ ـ في كتاب طهارة التهذيب في تعيين مقدار ماء الوضوء والغسل ـ في الصحيح ـ عن زرارة ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضّأ بمدّ ويغتسل بصاع ، والمدّ رطل ونصف ، والصّاع ستة أرطال.

قال الشيخ : يعني أرطال المدينة فيكون تسعة بالعراقي (٢).

فيكون أربعة أمداد بالمدني وستة بالعراقي ، وهو ظاهر.

ولكن الكلام في تعيين الرطل ، قال المصنف ـ في بحث زكاة المنتهى ـ : الرطل العراقي مأة درهم وثمانية وعشرون درهما ، وأربعة أسباع درهم ، وتسعون مثقالا ، والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم.

ثم نقل رواية سليمان بن حفص المروزي ـ التي ذكرها الشيخ في كتاب طهارة التهذيب في تعيين مقدار ماء الوضوء والغسل ـ قال : قال أبو الحسن عليه السلام : الغسل بصاع من ماء ، والوضوء بمدّ من ماء ، وصاع النبي صلى الله عليه وآله خمسة أمداد ، والمدّ وزن مأتين وثمانين درهما ، والدراهم وزن ستة دوانيق ، والدانق وزن ستة حبّات ، والحبّة وزن حبتي شعير من أوساط الحبّ ، لا من صغاره ولا من كباره (٣).

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٥٠ حديث ١ من أبواب الوضوء.

(٣) الوسائل باب ٥٠ حديث ٣ من أبواب الوضوء.

٢٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه غير صحيحة ومخالفة للمشهور ولما افتى به أيضا من حيث اشتمالها على كون الصاع خمسة أمداد ، وكون الدانق ستة حبّات إلخ ، إذ المشهور انه ثمانية حبات من أوسط حبّ الشعير ، والصاع أربعة أمداد.

وقال في المنتهى ـ في بحث الفطرة ـ والصاع أربعة أمداد ، والمدّ رطلان وربع بالعراقي وهو أيضا مأتان واثنان وتسعون درهما ونصف ، والدرهم ستة دوانيق ، والدانق ثمان حبّات من أوسط حبّات الشعير يكون مقدار الصاع تسعة أرطال بالعراقي وستة أرطال بالمدني ذهب إليه علمائنا (انتهى).

ثم نقل خلاف العامة.

واستدل بما في رواية الشيخ ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني : الصاع ستة أرطال برطل المدينة ـ والرطل مأة وخمسة وتسعون ـ يكون الفطرة ألفا ومأة وسبعين درهما (١).

وهذه مذكورة في آخر رواية إبراهيم (٢) المفصّلة المتقدمة في إخراج ما يجب على كلّ أهل كل بلد.

ثم بروايتي (٣) على بن هلال وجعفر المتقدمتين.

وقال في البيان : الرطل أحد وتسعون مثقالا ، وقد روى تسعون (٤) ، واختاره الفاضل.

وبالجملة ما عرفت كميّة الرّطل والمدّ والدرهم والمثقال ، عن الدليل مع وجود الاضطراب في كلام الأصحاب في الجملة ، والاختلافات في الروايات ، نرجو

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٤ من أبواب زكاة الفطرة.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) عطف على قوله رحمه الله : ثم نقل خلاف العامة ، والروايتين في الوسائل باب ٧ حديث ١ و ٢ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) نقله الشيخ الطريحي رحمه الله في مجمع البحرين عن المصباح للفيومي المتوفى ـ كما في الكنى والألقاب ص ٣٦ ج ٣ في نيّف وسبعين وسبعمأة ـ ولم نعثر عليه في روايات الإماميّة فتتبع.

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

من الله التّوفيق بمعرفتها وسائر المجهولات والمشتبهات.

«فروع»

(الأول) قال في المنتهى : الأصل في الإخراج الكيل وقدره العلماء بالوزن.

(الثاني) يجزيه الصاع من سائر الأجناس إذا اعتبر الكيل ، سواء كان أخفّ أو أثقل (إلى قوله) : الأحوط عندي أنّه ان اخرج من الأخفّ كالشعير تسعة أرطال فقد أجزأه ، وان أخرج من الأثقل أن يخرج ما يزيد على المقدار بالوزن ليكون بالغا قدر الصاع (انتهى).

وفيه تأمّل إذ قد يعسر ذلك ، بل لا يتمكّن ضبط الكيل ـ مثل الصاع ـ الّا بالوزن كما قاله العلماء ونقل عن الأئمة عليهم السلام بعدم بقاء الصاع بالمعهود (في زمانه صلى الله عليه وآله وصعوبة تقدير مثله من غير وزن ، مع انه قد يكون الأخفّ في الكيل يكون أقل ممّا يوزن بعد قراره حتى يعلو ، وبالعكس.

ويفهم من كلامه رحمه الله أنه لا يضرّ إعطاء الزائد مع نيّة كونه زكاة واجبة فتأمّل.

(الثالث) الظاهر عدم اجزاء صاع مركّب من جنسين الّا بحسب القيمة على تقدير جوازها كما سيجي‌ء ، وان يكونا قوتين لما مر من أجزاء القوت مطلقا ، لان المفهوم من الاخبار الصاع من كلّ واحد مثل قوله عليه السلام : (صاع من برّ أو شعير).

(الرابع) يجوز إخراج الأصواع من أجناس متعددة ، لكل رأس جنسا ، لدلالة الاخبار ونقل الإجماع في المنتهى.

(الخامس) الظاهر اجزاء غير قوته ممّا جوز إخراجه ، ويمكن أفضليّة القوت والأعلى قيمة ، والتمر على ما تقدم.

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

(السادس) الظاهر عدم جواز المعيب كالمسوس (١) للخباثة (٢).

(السابع) قال في المنتهى ص ٥٣٨ : يجوز إخراج القيمة ، وهو قول علمائنا أجمع ، ثم استدلّ بالرّواية من العامّة.

ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ ـ في الصحيح ـ عن إسحاق بن عمّار الصيرفي قال : قلت : لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ما تقول في الفطرة؟ يجوز أن أؤدّيها فضّة بقيمة هذه الأشياء التي سميتها قال : نعم ان ذلك انفع له يشترى ما يريد (٣).

وعن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس بالقيمة في الفطرة (٤).

ورواية إسحاق بن عمار مثله ، وقال : لا بأس أن تعطيه قيمتها درهما (٥).

والرواية الأولى فيها محمد بن عيسى ، عن يونس (٦) ، مع القول في إسحاق ، ومع ذلك سماها بالصحيحة.

والثانية ضعيفة ـ ، وكذا الثالثة ـ لأحمد بن هلال وغيره (٧).

__________________

(١) السوسة والسوس دود ، يقع في الصوف والطعام ، ومنه قولهم حنطة مسوسة بكسر الواو المشددة وساس الطعام من باب قال وساس يساس من باب تعب وأساس بالألف ـ إذا وقع فيه السوس كلها أفعال لازمة (مجمع البحرين).

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) ـ البقرة ـ ٢٦٧.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٦ من أبواب زكاة الفطرة.

(٤) الوسائل باب ٩ حديث ٩ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) الوسائل باب ٩ حديث ١١ من أبواب زكاة الفطرة.

(٦) سندها : هكذا كما في التهذيب : جعفر بن محمد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار الصيرفي.

(٧) سنده كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله ، عن موسى بن الحسن ، عن احمد بن هلال ، عن ابن ابى عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمّار.

٢٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وعموم الروايات يدل على العدم ، كأنه خصّص بما تقدم ، وبالإجماع ، ويمكن تخصيصه بصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع ـ أيضا ـ قال : بعثت الى ابى الحسن الرضا عليه السلام بدراهم لي ولغيري وكتبت إليه أخبره أنّها من فطرة العيال فكتب بخطّه : قبضت وقبلت (١).

وهذه تدل على جواز النقل أيضا في الجملة.

ورواية أيوب بن نوح ، قال : كتبت الى ابن الحسن عليه السلام : ان قوما سألوني عن الفطرة ويسألوني أن يحملوا قيمتها إليك ، وقد بعثت إليك هذا الرجل عام أوّل وسألني أن أسألك فأنسيت ذلك ، وقد بعثت إليك العام عن كل رأس من عياله (عيالي خ) بدرهم على قيمة تسعة أرطال ، فرأيك جعلني الله فداك في ذلك فكتب عليه السلام : الفطرة قد كثر السؤال عنها ، وأنا أكره كلّ ما أدّى الى الشهرة فاقطعوا ذكر ذلك ، واقبض ممّن دفع لها وأمسك عمن لم يدفع (٢).

ودلالتها ظاهرة فافهم ، وسندها أيضا صحيح.

ثم انّ الظاهر أن القيمة ليست بمتعينة ، بل المدار على سعر الوقت كما هو مقتضى القيمة ويدل عليه وعلى المطلوب رواية سليمان بن حفص (جعفر ـ ئل) المروزي قال : سمعته يقول : ان لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة والصدقة بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلاد دراهم (٣).

والظاهر انه عن الامام عليه السلام.

ورواية إسحاق المتقدمة لا تدلّ على تعين درهم واحد ، بل الدرهم كناية عن القيمة نقلا كما في صحيحة أيوب ، وعلى تقدير التسليم ضعيفة بأحمد بن

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب زكاة الفطرة وباب ٣٥ ذيل حديث ٦ من أبواب المستحقين للزكاة نقلا عن التهذيب والفقيه لكن مع عدم وجود لفظة (وقبلت).

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٧ من أبواب زكاة الفطرة.

٢٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

هلال الضعيف جدا وغيره (١).

ثم الظاهر الاقتصار في القيمة على النقد لظهوره وتبادره الى الفهم من القيمة ، ولهذا ينصرف اليه ما يباع ويشترى ، وفي التوكيل وغيره ، ووجود الدرهم في الروايات المجوزة لا غير ، ولوجود التعليل الدال على ذلك (٢) ، بل الاولى الاختصار على الدرهم لئلا يلزم الخروج عن النص بغير نص ، وعدم القائل بالفرق غير ظاهر ، وما اعتقده دليلا في أمثال هذه ، والاحتياط مع ابن إدريس (٣) ، وكذا ظاهر الروايات الكثيرة الصحيحة.

فعلى هذا لم يظهر جواز الخبز والدقيق والسويق من الحنطة والشعير لا على الأصل ـ وهو ظاهر إذ لا يصدق عليها الحنطة والشعير الا ان تكون قوتا للمخرج ، ولا على انها قيمة لما مر وقد جوزها بعض الأصحاب ، مثل ابن إدريس.

واختار في القواعد كون الخبز والدقيق أصلا ، لعلّه لكونهما قوتا أو لكون أصلهما منهما والبعض (٤) قيمة ، واختاره في المنتهى.

هذا على تقدير القول بانحصارها في الأجناس السبعة المذكورة التي هي غالب قوت الناس ، ولا يعتبر قوت البلد ، ولا قوت المخرج كما هو الظاهر ، وقد مر دليله أو لم يكن قوت المخرج ولا قوت البلد.

واما على ذلك التقدير فلا ، لانه لو كان هذه المذكورات بل غيرها أيضا قوت المخرج أو البلد فينبغي جواز الإخراج من غير نزاع ، لما مر.

ويؤيّده رواية حماد وبريد ، ومحمد بن مسلم ، عن ابى جعفر وابى عبد الله

__________________

(١) تقدم آنفا نقل سند الحديث والظاهر ان المراد من غير احمد بن هلال هو محمد بن أبي حمزة.

(٢) وهو قوله عليه السلام ان ذلك انفع له يشترى ما يريد.

(٣) في السرائر في باب ما يجوز إخراجه في الفطرة إلخ ما هذا ـ لفظه والأحوط الذي يقتضيه الأصول ان يخرج قيمة الصاع يوم الأداء (انتهى).

(٤) يعنى اختار بعض العلماء جواز إعطاء الخبز والدقيق بعنوان القيمة لا بعنوان الأصل.

٢٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عليهما السلام قالوا : سئلناهما عن زكاة الفطرة قالا : صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كلّه حنطة أو دقيق أو سويق أو ذرة أو سلت ، عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والبالغ ومن تعول في ذلك سواء (١) ولا يضر عدم صحّة السند (٢) ، لأنه مؤيد ولاشتمالها على نصف صاع ، لان النصفية تحمل على التقية كما مر ويبقى الباقي حجّة فتأمّل.

وقال في المنتهى (٣) : (ورواية) عمر بن يزيد ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سئلته : تعطى الفطرة دقيقا مكان الحنطة قال : لا بأس بكون أجر طحنه ما بين الحنطة والدقيق (محمولة) على القيمة.

والاولى (٤) تقدير العجز عن الأجناس بقرينة صحيحة محمد المتقدمة.

وهو غير واضح وبعيد ، ولا ضرورة إذ لا حصر ، ومعلوم جواز مطلق قوت المخرج وقد جوزه فيما سبق (٥) ، وعلّله بالاخبار ، وبلزوم الحرج المنفي.

ولعل النزاع فيما إذا لم يكن قوتا ، فينبغي حمل ما في الروايتين على تقدير كونه قوت المخرج وهو ظاهر ، وكذا الكلام في الخبز من غير فرق.

قال في المنتهى : لا يجوز إخراج الخلّ والدبس وما أشبههما لأنهما غير منصوصين ولا مشاركين في معنى الاقتيات (انتهى).

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١٧ من أبواب الفطرة.

(٢) فإن سنده كما في التهذيب هكذا : إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد ، عن إسماعيل بن سهل عن حماد وبريد ومحمد بن مسلم. وقد تقدم مرارا من الشارح قده ان إسماعيل بن سهل مجهول.

(٣) لا يخفي عدم وجود هذه العبارة في المنتهى ، نعم استدل في المنتهى بروايات على مختاره ، منها رواية عمر بن يزيد.

(٤) هذا أيضا مضمون كلام المنتهى ص ٥٣٨ فإنه أجاب عن رواية عمر بن يزيد الدالة على كفاية الدقيق بحملها على صورة العجز عن الأجناس بقرينة صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة ـ وقد مرّ من الشارح قده أيضا والصحيحة في الوسائل باب ٦ حديث ١٣ من أبواب زكاة الفطرة.

(٥) يعني المصنف في المنتهى فيما سبق في ذلك الكتاب لا هنا فلا تغفل.

٢٦٠