مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٤

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

رسول الله صلى الله عليه وآله وضع الزكاة (الصدقة ـ يب) على تسعة أشياء وعفى عما سوى ذلك وتقول : إنّ عندنا أرزا؟ وعندنا ذرّة؟ وقد كانت الذرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ـ فوقّع عليه السلام : كذلك هو ، والزكاة في كل ما كيل بالصاع (١).

قال الشيخ : لو لا انه عليه السلام أراد بقوله : (والزكاة في كل ما كيل بالصاع) ما قدمناه من الندب والاستحباب ، لما صوّب قول السائل : «إنّ الزكاة في تسعة أشياء ، وان ما عداها معفو عنها (٢)».

ويدلّ على النفي صريحا رواية زرارة وبكير ابني أعين ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : ليس في شي‌ء أنبتت الأرض ـ من الأرز ، والذرة ، (والدخن خ ل صا) ، والحمّص ، والعدس ، وسائر الحبوب والفواكه غير هذه الأربعة الأصناف وان كثر ثمنه ـ زكاة الّا أن يصير مالا يباع بذهب أو فضة تكنزه ثم يحول عليه الحول وقد صار ذهبا أو فضّة فتؤدّى عنه من كل مأتي درهم خمسة دراهم ، ومن كل عشرين دينارا نصف دينار (٣).

وبالجملة تدلّ على عدم الوجوب في غيرها عشرة (عدة خ ل) أخبار ، فالكثرة وشهرة الفتوى وأصل البراءة مرجحة.

ويدل على الوجوب أيضا ، الأخبار ،.

وأوضحها سندا حسنة محمد بن مسلم (لإبراهيم) قال : سئلته عن الحبوب ما يزكّى منها؟ (٤) قال : البرّ ، والشعير ، والذّرة ، والدّخن ، والأرز ، و

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٦ من أبواب ما تجب فيه الزكاة

(٢) يعني صدر الحديث الذي كتبه السائل إليه (عليه السلام) وصوبه بقوله عليه السلام : (كذلك هو) قرينة على ارادة الندب من قوله (ع) والزكاة في كل ما كيل بالصاع الشامل بعمومه لغير التسعة أيضا

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٩ من أبواب ما تجب فيه الزكاة

(٤) عن الحرث ما يزكى منه وأشباهه ـ ص ـ عن الحرث (الحبّ خ ل) ما يزكّى (يجب خ) منه ـ يب

٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

السُّلت (١) ، والعدس ، والسّمسم كلّ هذا يزكّى وأشباهه ، وقال : كلما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة (٢) هذه مضمرة الّا انه قال في التهذيب والإستبصار ، ولكنه ليس بموجود في الكافي الذي هو أصلهما.

وما في صحيحة على بن مهزيار المكاتبة المتقدمة : (والزكاة على (في خ ل) كل ما كيل بالصاع) وكتب عبد الله : وروى غير هذا الرجل ، عن ابى عبد الله عليه السلام انه سئله عن الحبوب فقال : وما هي؟ فقال : السمسم ، والأرز ،

__________________

(١) السلت : الشعير أو ضرب منه لا قشر له أو الحامض منه ، وعن الأزهري أنه قال : هو كالحنطة في ملامسته وكالشعير في طبعه وبرودته في هامش الإستبصار.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٤ من أبواب ما تجب فيه الزكاة واعلم ان قوله قدس سره : ـ هذه مضمرة ـ صحيح ، ولكن قوله : ـ (الّا انه قال في التهذيب والاستبصار) ـ الظاهر عدم استقامته على ما رأيناه في نسخ الكافي والتهذيب والاستبصار ، (فإن) هذه المضمرة إلى قوله : وأشباهه بعينها موجودة في الكتب الثلاثة مع اختلاف في بعض الألفاظ كما نبهنا عليه ، (وان) كان مراده قده ان قوله عليه السلام : (كلما كيل إلخ) موجود في الكتابين دون الكافي فليس كذلك لعدم وجوده في واحد من الكتب في هذه المضمرة ، (وان) كان المراد وجوده في ذيل حديث آخر ـ لم ينقله الشارح قده أصلا ـ فهو موجود أيضا في الكتب الثلاثة والأنسب نقله ، ففي الكافي : حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عمن ذكره ، عن أبان ، عن ابى مريم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سئلته عن الحرث ما يزكى منه؟ فقال : البرّ ، والشعير ، والذرّة والأرز ، والسُّلت ، والعدس كل هذه (مما كا) يزكّى ، وقال : كل ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة ، ورواه في التهذيبين أيضا عن الكليني ، وأورده في الوسائل باب ٩ حديث ٣ من أبواب ما تجب فيه الزكاة فالذي نظن في الاعتذار عن الشارح قدس سره أن خبر ابى مريم الذي نقلناه هنا لما (كان) في التهذيب والاستبصار ، عقيب مضمرة محمد بن مسلم بلا فصل ، وكان متن المضمرة مع خبر ابى مريم واحدا (وقع) نظر الشارح قده الى ذيل خبر ابى مريم فظنه انه تتمة مضمرة محمد بن مسلم المنقولة في التهذيبين ولم يتوجه الى ان خبر ابى مريم مذكور في الكافي بعد خمس روايات فهذه غاية توجيه كلامه الشريف والله العالم وهو قده أعلم بما قال ، وراجع الكافي باب ما يزكى من الحبوب ، والتهذيبين ، باب ما تجب فيه الزكاة لعلّك تعترف بما قلناه.

٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والدخن ، وكل هذا غلّة كالحنطة والشعير ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : في الحبوب كلّها زكاة ، وروى أيضا ، عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : كل ما دخل القفيز فهو يجرى مجرى الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب قال : فأخبرني ـ جعلت فداك ـ هل على هذا الأرز وما أشبهه من الحبوب الحمص ، والعدس زكاة؟ فوقّع عليه السلام : صدقوا ، الزكاة في كل شي‌ء كيل (١) لعلّ (كتب عبد الله إلخ) ليست في المكاتبة ، ولهذا ما نقله الشيخ في الكتابين ، نعم نقل بعدها في الكافي كما نجده هنا (٢).

وصحيحة محمد بن إسماعيل قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : أنّ لنا رطبة وأرزا ، فما الّذي علينا فيها؟ فقال : أمّا الرطبة فليس عليك فيها شي‌ء ، وامّا الأرز فما سقت السماء العشر ، وما سقي بالدلو فنصف العشر من كلّ ما كلت بالصاع ، أو قال : «وكيل بالمكيال» (٣).

ويؤيّده عموم أدلّة وجوب الزكاة من الآيات ، والأخبار خصوصا مثل (فيما سقت السماء العشر) (٤).

وأنّ (٥) الحمل على الاستحباب فيه تجوّز ، وحمل اللفظ على الوجوب (والندب خ).

ولكن المجاز (٦) غير عزيز ، وحمل اللفظ على الوجوب والندب مجاز جائز ،

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٢) ونقله في الوسائل أيضا من الكافي في باب ٩ حديث ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٢ من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(٤) راجع الوسائل باب ٤ وباب ٦ من أبواب زكاة الغلّات.

(٥) عطف على قوله : عموم أدلة وجوب الزكاة إلخ يعني يؤيد عموم الوجوب في غير التسعة ان حمل ما ظاهره الوجوب على الاستحباب مجاز وهو خلاف الظاهر ، ويلزم الحمل على الوجوب والندب كليهما لو لم يرد الوجوب بالخصوص.

(٦) هذا جواب عن الأدلة الثلاثة على ترتيب اللف والنشر الغير المرتب فالأوّلان عن الأخيرين والأخير عن الأول ـ بمعنى عموم مثل قوله : فيما سقت إلخ.

٤٣

«فهنا مطالب»

الأول تجب الزكاة في الأنعام (الثلاثة خ) بجنسها بشروط أربعة.

______________________________________________________

ويمكن الحمل على التقية أيضا.

وبالجملة (الشهرة) العظيمة ، مع الاختلاف ونقل الإجماع ، والأصل ، والجمع بين الأخبار (يرجّح) الأول (١) ، وان أمكن الجمع على الثاني (٢) أيضا كما نقل ، عن يونس في الكافي.

قال يونس : معنى قوله : (ان الزكاة في تسعة أشياء ، وعفى عمّا سوى ذلك) انما كان ذلك في أول النبوة كما كانت الصلاة ركعتين ثم زاد رسول الله صلى الله عليه وآله فيها سبع ركعات ، وكذلك الزكاة وضعها وسنّها في أوّل نبوته على تسعة أشياء ثم وضعها على جميع الحبوب (٣) انتهى.

لكنه بعيد لبعد العفو عن هذا المعنى كما أشار إليه في الاستبصار (٤) على ما مر وإخبار الإمام عليه السلام بذلك مطلقا (٥) ، مع الوجوب في زمانه في أكثر ، وهو بعيد جدا ، بل يمكن عدم جواز مثله لأنه إغراء ، وتأخير عن البيان ، فتأمّل.

ولكن ينبغي الاحتياط وعدم الترك في جميع ما اشتمل عليه الأخبار ، والخلاف.

قوله : «تجب الزكاة في الأنعام إلخ»

هذا إشارة إلى بيان الشروط الخاصّة بعد بيان الشروط العامّة.

__________________

(١) يعني اختصاص الوجوب بالتسعة

(٢) عموم الوجوب لغير التسعة

(٣) الكافي باب وضع رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته ، الزكاة ـ من كتاب الزكاة

(٤) تقدم من الشارح قده نقل عبارة الإستبصار فراجع

(٥) يعنى ولبعد اخبار الامام عليه السلام نفي الوجوب عما سوى التسعة مع فرض الوجوب في زمانه عليه السلام على ما هو رأى يونس ـ بل مضافا الى البعد غير ممكن عقلا لأنه إغراء إلخ

٤٤

(الأول) الحول ، وهو احد عشر شهرا كاملا.

فلو اختل احد الشروط في أثنائه سقطت.

وكذا لو عاوضها بجنسها أو بغيره وان كان فرارا.

______________________________________________________

ففي الأنعام شروط أربعة زائدة على مرّ (١) (الأول) الحول ، وهو يحصل بالشروع في الثاني عشر وهو المراد بحول الحول ، فتجب الزكاة حينئذ وجوبا مستقرا ، ولو ترك ضمن ، لما في حسنة زرارة ، عن ابى جعفر عليه السلام المذكورة بعضها (٢) ، والآتية بتمامها بعد ذلك.

ويأثم بالتأخير مع التمكن ان لم يجوز له ، وقد مر ذلك ، وسيأتي مفصلا.

ومعلوم أيضا أنه لو اختل بعض الشرائط قبل ذلك لم تجب الزكاة ، وقد مرّ الدليل أيضا عليه ، لانه علم أنه لا بدّ من بقاء الأعيان عنده طول السنة مع الشرائط.

فلو عاوض ما به النصاب ـ ولو كان قليلا وقبل الدخول في الثاني عشر يوما ، بل لحظة بالحبس وغيره ـ تسقط الزكاة ولم تجب ، وهو ظاهر الشرط.

وان كان فرارا فالظاهر انه كذلك قضيّة للشرط الا أن فيه خلافا ، (بل (٣) نقل فيه الإجماع ـ وهو ظاهر لمن نظر في المختلف ـ على وجوبها) مع الفرار حيث قال : (قال السيد المرتضى في الانتصار خ) إن من فرّ بدراهم ودنانير يسبكها من الزكاة أو أبدله في الحول جنسا بغيره هربا من وجوب الزكاة فإن الزكاة تجب عليه إذا قصد الهرب ، وان كان له غرض سوى الفرار فلا زكاة عليه ، دليلنا إجماع الطائفة (الفرقة خ ل).

وهذا الإجماع معارض بآخر نقله في المختلف أيضا عنه قبله بأسطر حيث

__________________

(١) من قوله : انما تجب على البالغ العاقل

(٢) عند قول الماتن ره : وفي غيرها إذا أهل الثاني عشر من حصولها في يده ، فلاحظ

(٣) في بعض النسخ المخطوطة التي عندنا هكذا : بل نقل في المختلف على خلافه ، وليس بواضح ، وظاهر المتأخرين خلافه مع التنافي في نقل الإجماع ، وهو ظاهر لمن نظر في المختلف على وجوبها.

٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : وقال السيد المرتضى في المسائل المصرّية : الثالثة : السبائك من الذهب والفضة لا زكاة فيها الأعلى من فرّ بها من الزكاة للإجماع (انتهى).

فلا اعتداد بمثل هذا الإجماع ، فينبغي النظر الى غيره من الأدلّة والأصل ، والشرط وقول الأكثر يقتضي عدم الوجوب بالتغيير ولو فرارا.

ويدل عليه باقي الأخبار الكثيرة المعتبرة في كل واحد من الأنعام الثلاثة ، مثل ما في حسنة محمد بن مسلم ، وأبي بصير ، وبريد العجلي ، والفضيل بن يسار كلهم عن أبي جعفر عليه السلام وابى عبد الله عليه السلام قالا : وكل ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه فيه (١).

هذه في زكاة الغنم ، وكذا في غيره من الإبل والبقر ، وهي بعمومها تدل على المطلوب.

ويدل على عدمها في الذهب والفضة عموم الاخبار ، مثل صحيحة الحسن بن علي بن يقطين عن أخيه الحسين قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن المال الذي لا يعمل به ولا يقلّب؟ قال : تلزمه الزكاة في كلّ سنة الا ان يسبك (٢).

والاخبار الدالة على عدم الزكاة في الحلّي واشتراط السّكة وعدم الوجوب في السبائك ونحوها كثيرة معتبرة (٣).

وهي بظاهرها دالّة على عدمه مع الفرار أيضا مع انه منفي بخصوص ما في صحيحة الحسن بن علي بن يقطين ، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : ثم قال : إذا أردت ذلك (اى عدم الزكاة) فاسبكه فإنه ليس في سبائك الذهب ونقار الفضة زكاة (٤) هذا نصّ في الباب.

__________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من أبواب زكاة الذهب والفضة

(٣) لاحظ الوسائل باب ٨ و ٩ من أبواب زكاة الذهب والفضة

(٤) الوسائل باب ٨ ذيل حديث ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة

٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وحسنة هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : إن أخي يوسف ولّى لهؤلاء القوم أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة وانه جعل ذلك المال حليّا أراد ان يفرّ به من الزكاة أعليه الزكاة؟ قال : ليس على الحلي زكاة ، (وما) أدخل على نفسه من النقصان في وضعه ومنعه نفسه فضله (أكثر) ممّا يخاف من الزكاة (١).

(وحمل الشيخ) ما يدل على الوجوب إذا فر عن الزكاة ـ مثل رواية محمد بن مسلم ـ قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلّي فيه زكاة؟ قال : لا الا ما فرّ به من الزكاة (٢) ، ومثل ما في رواية معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ليس فيه زكاة ، قال : قلت : فإنه فرّ به من الزكاة؟ فقال : ان كان فرّ به من الزكاة فعليه الزكاة ، وان كان انما فعله ليتجمّل به فليس عليه زكاة (٣).

(على (٤) من فعل) ذلك بعد الحول جمعا بين الأخبار ويؤيّده ما في رواية زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ان أباك قال : من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤدّيها ، فقال : صدق ابى إنّ عليه أنّ يؤدّى ما وجب عليه وما لم يجب عليه فلا شي‌ء عليه منه (٥).

على أن الخبرين أصلهما واحد ، وهو على بن الحسن بن على بن فضال ، وهو ومن في الطريق اليه غير موثق (٦) ، فهو خبر واحد ضعيف معارض بجميع ما مرّ.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٤ في أبواب زكاة الذهب والفضة

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٧ في أبواب زكاة الذهب والفضة

(٣) صدر الحديث هكذا : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : الرجل يجعل لأهله الحليّ من مأة دينار والمأتي دينار وأراني قد قلت له : ثلاثمائة فعليه الزكاة قال : ليس إلخ الوسائل باب ٩ حديث ٦ وباب ١١ حديث ٦ من أبواب زكاة الذهب والفضّة

(٤) متعلق بقوله : (وحمل الشيخ)

(٥) الوسائل باب ١١ حديث ٥ في أبواب زكاة الذهب والفضّة

(٦) والطريق اليه كما في مشيخة التهذيب والاستبصار هكذا : قال : وما ذكرته في هذا الكتاب ، عن

٤٧

ولو ارتد عن فطرة استأنف ورثته الحول

______________________________________________________

على ان رواية زرارة أيضا عنه ، وفيها دلالة على التأويل وأيضا يدل على عدم الوجوب ما في حسنة زرارة ، عن ابى جعفر عليه السلام (على الظاهر) (١) فقلت له : فإن أحدث فيها قبل الحول؟ قال : جاز ذلك له ، قلت : انه فرّ بها من الزكاة؟ قال : ما أدخل بها على نفسه أعظم ممّا منع من زكاتها (الى قوله) قلت له : إنّ أباك قال لي : من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤديها ، قال : صدق ابى ، عليه أن يؤدّى ما وجب عليه ، وما لم يجب عليه فلا شي‌ء عليه منه ، ثم قال : أرأيت لو ان رجلا أغمي عليه يوما ثم مات فذهبت صلاته أكان عليه ـ وقد مات ـ أن يؤديها؟

قلت : لا الا ان يكون أفاق من يومه ، ثم قال : لو أن رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه أكان يصام عنه؟ قلت : لا قال : فكذلك الرجل لا يؤدّى عن ماله الا ما حال عليه الحول (٢).

فقد ثبت عدم وجوب الزكاة بالفرار في النقدين والغنم ، وكذا في غيرهما لعدم الفرق واشتراك العلّة ، ولما تقدم أيضا.

ومع ذلك ينبغي الاحتياط ، وعدم الفرار وعدم المنع عن نفسه أعظم ممّا أسقط كما في الرواية (٣) ، وللخروج عن الخلاف قولا ورواية.

بل عدّه نعمة وغنيمة فإنها ذخيرة ليوم لا ذخيرة فيه ، ولانه لو فتح هذا الباب وعمل به يؤل الى سدّ باب إعطاء الزكاة ويفوت غرض الشارع من شرعها فلا ينبغي ذلك.

قوله : «ولو ارتد عن فطرة إلخ» وجوب استيناف الورثة الحول في المرتد

__________________

على بن الحسن بن فضال فقد أخبرني به احمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر سماعا منه واجازة عن علي بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال.

(١) بل الظاهر (عن أبي عبد الله عليه السلام) فلاحظ الكافي باب المال الذي لا يحول عليه الحول من كتاب الزكاة ، بل نسبه في التهذيب صريحا عن أبي عبد الله عليه السلام فلاحظ باب زكاة الذهب والفضة منه.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ٥ من أبواب زكاة الذهب والفضة.

(٣) يعني بها حسنة زرارة المتقدمة آنفا.

٤٨

ولا ينقطع لو كان عن غيرها.

______________________________________________________

الفطري ظاهر بناء على ما تقرر عندهم من انه بمنزلة الموت فانتقل بمجرد الارتداد المال إليهم ، فملكوا مالا قبل وجوب شي‌ء في ذلك المال فيملكون كلّه ويجب عليهم الزكاة فيه مع بقائه عندهم من الحين الى حول الحول مع بقاء الشرائط.

وكذا عدم الانقطاع والاستيناف ظاهر على تقدير كونه غير فطريّ لبقاء الملك على حاله وعدم حدوث المسقط فتجب الزكاة عند تمام الحول.

فلو أسلم في الأثناء فالظاهر عدم السقوط عند الأصحاب لأن الإسلام يجبُّ ما قبله (١).

عندهم مخصوص بالكافر الأصلي فيجب عليه إخراجه (٢) ولو بقي يحتمل أن يرتكب الحاكم الإخراج وينوى هذا.

واعلم (٣) أن المتن وكذا أكثر عبارات الأصحاب كالصريح في ان المراد ـ بأن

__________________

(١) مصباح المسند (للشيخ قوام الوشنوي (دامت إفاداته) نقلا عن مسند احمد بن حنبل ج ٤ ص ٢٠٥ مسندا عن ابى شماسة قال : ان عمرو بن العاص قال لما القى الله عز وجل في قلبي الإسلام أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليبايعنى فبسط يده إلىّ فقلت : لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، قال : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا عمرو اما علمت أن الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب ، يا عمرو أما علمت أن الإسلام ما كان قبله من الذنوب.

وعن (ص ١٩٩) وفيه قال صلى الله عليه وآله وسلم بايع فإن الإسلام يجبُّ ما كان قبله وان الهجرة يجبُّ ما كان قبلها.

وعن اسد الغابة (ج ٥ ص ٥٤) قال وروى محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جدّه قال : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منصرفه من الجعرانة فاطلع هبار بن الأسود من باب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الى ان قال) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قد عفوت عنك وقد أحسن الله إليك حيث هداك الله الى الإسلام والإسلام يجبُّ ما قبله.

(٢) يعنى لو رجع عن الارتداد إلى الإسلام في أثناء الحول فالظاهر عدم السقوط لان قوله صلى الله عليه وآله : الإسلام يجب ما قبله مخصوص بالكافر الأصلي دون العارضي فلا يشمله.

(٣) تمهيد لتوضيح قول المصنف قده قبل ذلك : فلو اختل احد الشروط إلخ ، ولا يخفى ان الأنسب ذكر هذا التوضيح قبل شرح قوله قده : ولو ارتد عن فطرة إلخ.

٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

اختلال الشرائط مسقط للزكاة ـ إذا وقع في أثناء أحد عشر شهرا ، لا في الثاني عشر ، ولهذا قال المصنف : (وهو احد عشر شهرا كاملا فلو اختل) إلخ.

وقد مرّ (١) نقل الإجماع عن شرح الشرائع على ذلك ، وان الخبر دال عليه الا انه غير صحيح وقد عرفت انه معتبر (٢) ، وسمّاه في المنتهى بالحسن وهو بمنزلة الصحيح ، لان ذلك «لإبراهيم بن هاشم».

ويفهم الإجماع منه أيضا كما قال (٣) : وانه صريح في عدم السقوط بعد الدخول في الثاني عشر فلننقله بالتمام متنا وسندا.

قال محمد بن يعقوب : عنه (اى عن علي بن إبراهيم) عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجل كان عنده مأتا درهم غير درهم أحد عشر شهرا ثم أصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر فكملت عنده مأتا درهم أعليه درهم أعليه زكاتها؟ قال : لا حتى يحول عليه الحول وهي مأتا درهم ، فان كانت مأة وخمسين درهما فأصاب خمسين بعد ان يمضي شهر فلا زكاة عليه حتى يحول على المأتين الحول ، قلت : فان كانت عنده مأتا درهم غير درهم فمضى عليها أيام قبل ان ينقضي الشهر ثم أصاب درهما فأتى على الدراهم مع الدرهم حول أعليه زكاة؟ قال : نعم وان لم يمض عليها جميعا ـ الحول فلا شي‌ء عليه فيها.

قال : فقال زرارة ومحمد بن مسلم : قال أبو عبد الله عليه السلام : أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكّيه ، قلت له : فان وهبه قبل حلّه بشهر أو بيوم؟ قال : ليس عليه شي‌ء أبدا.

قال : وقال زرارة عنه عليه السلام انه قال : انما هذا بمنزلة رجل أفطر في

__________________

(١) عند شرح قول المصنف قده : (وفي غيرها إذا أهل الثاني عشر من حصولها في يده).

(٢) حيث قلنا! هناك : إذ ليس فيه من فيه الا (إبراهيم بن هاشم) وقد عرفته مرارا.

(٣) يعنى كما قال في شرح الشرائع.

٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

شهر رمضان يوما في إقامته ثم خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه.

وقال : انه حين راى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة ، ولكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شي‌ء بمنزلة من خرج ثم أفطر ، انّما لا يمنع ما حال عليه ، فاما ما لم يحل فله منعه ولا يحلّ له منع مال غيره فيما قد حلّ عليه.

قال زرارة : فقلت (وقلت خ ل) له : رجل كانت له مأتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة فعل ذلك قبل حلّها بشهر؟ فقال : إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه فيها الزكاة.

قلت له : فإن أحدث فيها قبل الحول؟ قال : جائز ذلك له ، قلت : انه فرّ بها من الزكاة؟

قال : ما ادخل على نفسه أعظم ممّا منع من زكاتها.

فقلت له : انه يقدر عليها قال : فقال : وما علمه بأنه يقدر عليها وقد خرجت من ملكه؟

قلت : فإنه دفعها اليه على شرط ، فقال : انه إذا سماها هبة جازت الهبة وسقط الشرط وضمن الزكاة.

قلت له : وكيف سقط الشرط وتمضي الهبة ويضمن الزكاة؟ فقال :

هذا شرط فاسد ، والهبة المضمونة ماضية ، والزكاة له لازمة عقوبة له.

ثم قال : انما ذلك له إذا اشترى بها دارا أو أرضا أو ضياعا (متاعا خ ل).

ثم قال زرارة : قلت له : ان أباك قال لي : من فرّ بها من الزكاة فعليه أن يؤديها قال : صدق أبي ، عليه ان يؤدى ما وجب عليه وما لم يجب عليه فلا شي‌ء عليه فيه.

ثم قال : أرأيت لو ان رجلا أغمي عليه يوما ثم مات فذهبت صلوته أكان عليه وقد مات أن يؤديها؟ قلت : لا الا ان يكون أفاق من يومه ، ثم قال : لو ان رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه أكان يصام عنه؟ قلت : لا ، قال : فكذلك

٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

الرجل لا يؤدى عن ماله الا ما حال عليه الحول (١).

فكأنك علمت اعتبار السند وانه واحد الى آخر الخبر والدلالة واضحة على استقرار الوجوب في الشهر الثاني عشر كما سلّمه أيضا (٢).

(فقوله) (٣) في شرح الشرائع : المراد به الحول بالمعنى الثاني ، فتسقط الزكاة باختلال بعض الشرائط قبل تمامه وان كان في الشهر الثاني عشر ، ولو كان قد دفع المالك الزكاة ثم تجدد السقوط رجع على القابض مع علمه بالحال أو بقاء العين ، ويحتمل ان يريد بالحول هنا الأول فلا يسقط الوجوب باختلال الشرائط في الثاني عشر ان جعلناه من الحول وهو ضعيف (انتهى).

(محل التأمل) لما مر من نقله الإجماع والخبر ، ولانه يلزم الضرر (اما) على المالك أو الآخذ.

والعلم بالحال ـ بمعنى وجوب الرد على تقدير اختلال الشرط في الثاني عشر ـ بعيد ، إذ ما يعرفه الا قليل من العلماء مع الخلاف.

وأيضا على تقدير صحته عنده لا ينبغي ان يقول انه مراد المصنف ، (٤) مع انه نقل إجماع الأصحاب في ذلك ، ولان كلام المصنف صريح في ان المراد هو الأول لأنه قال : الثالث الحول وهو معتبر (الى قوله) : وحدّه أن يمضي أحد عشر شهرا ، ثم يهلّ الثاني عشر ، فعند هلاله تجب ولو لم تكمل أيام الحول ، ولو اختلّ احد شروطها في أثناء الحول بطل الحول إلخ.

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ وباب ١٢ حديث ٢ وباب ١١ حديث ٥ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.

(٢) يعني كما سلم وضوح الدلالة في شرح الشرائع حيث قال : والحق ان الخبر السابق ان صح فلا عدول عن الأول (استقرار الوجوب) في الشهر الثاني عشر كما هو مقتضى الخبر والإجماع انتهى.

(٣) عند شرح قول صاحب الشرائع : (ولو اختل احد شروطها في أثناء الحول).

(٤) يعنى المحقق (صاحب الشرائع).

٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو ظاهر في الأول لأنه ذكر الحول وعيّنه ، وجعل ذلك شرطا للوجوب ، ثم أشار الى الاختلال فيه وسقوط الوجوب الّذي ذكره أوّلا به ، فذلك كالصريح في ان المراد هو الأوّل ، وان الوجوب الساقط هو المذكور أو المشروط بالحول المذكور المحدود.

وأيضا انه مثل باقي الشرائط فإنه لا يسقط الوجوب بعد تحققه لكون الوجوب متزلزلا ، فكذا في الحول ، ولا شك في تحقق الوجوب في الثاني عشر فلا يسقط ولا يكون متزلزلا.

وأيضا الاستصحاب يقتضي ذلك وأيضا إذا علم الوجوب لا بد من العلم بالمسقط وما نجد شيئا ، وما ذكره أيضا ما يصلح لذلك فيما تقدم ، وهنا أيضا مع اعترافه بالإجماع على ذلك الخبر فتأمّل.

ثم اعلم ان هذا الشرط غير مخصوص بالأنعام ، بل هو شرط في غير الغلات فهو من الشرائط الخاصّة في الجملة.

وأيضا (ان خ) البقاء تحت يد المالك ـ بحيث يكون قادرا على التصرف فيه مهما أراد ـ شرط ، طول الحول فلو ضل أو فقد في أثنائه بحيث خرج عن تحت قدرته بذلك.

فالظاهر استيناف الحول كما لو بيع ساعة ثم رد (فقوله) : في شرح الشرائع فيعتبر في هذا الضلال ، والفقد إطلاق الاسم فلو ضل لحظة أو يوما في الحول لم ينقطع (محل التأمل).

إذ الملك شرط ، والتمكن من التصرف أيضا شرط ، فاعتبار الاستيعاب في أحدهما دون الآخر محتاج الى دليل فتأمل ، ولهذا قيل لو زال عقله ولو لحظة استأنف الحول.

وقال في الشرائع : (فلو علّف بعضا ولو يوما استأنف) (١).

__________________

(١) عبارة الشرائع هكذا ـ فلو علفها بعضا ولو يوما استأنف الحول استيناف السوم (انتهى).

٥٣

(الثاني) السوم طول الحول ، فلو اعتلفت أو أعلفها مالكها في أثنائه وان قلّ استأنف الحول عند استيناف السوم ، وكذا لو منعها الثلج أو غيره ، ولا اعتبار باللحظة عادة.

______________________________________________________

على ان الشرط هناك السوم ، وقد يقال على من علّف يوما أو أكثر انه سائم عرفا فيتحقق الشرط بخلاف الملك التام والتمكن من التصرف فإنه ليس بعرفي ، بل هو مثل الملك فتأمل واحفظ.

قوله : «الثاني السوم طول الحول إلخ» قال في شرح الشرائع : السوم هو الرعي يقال : سامت الماشية تسوم سوما اى رعت فهي سائمة قاله الجوهري.

والدليل على اشتراط السوم ، وعلى اشتراط عدم كونه عاملا في جميع الحيوانات هو الإجماع ، قال المصنف في المنتهى : والسوم شرط في الأصناف الثلاثة من الحيوانات وعليه فتوى علمائنا اجمع وما في حسنة زرارة ، ومحمد بن مسلم ، وابى بصير ، وبريد العجلي ، والفضيل عنهما عليهما السلام (في زكاة الإبل) : وليس على العوامل شي‌ء ، انما ذلك على السائمة الراعية (١).

وكذا في صحيحتهم عنهما (عليهما السلام) : قالا ليس على العوامل من الإبل والبقر شي‌ء ، انما الصدقات على السائمة الراعية (٢).

وكذا في حسنتهم عنهما (عليهما السلام) (في زكاة البقر) : وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء ولا على العوامل شي‌ء ، وانما الصدقة (ذلك خ ل) على السائمة الرّاعية (٣).

وما رأيت في أخبارنا في الغنم شيئا بخصوصه ـ لعل العمومات (٤) المذكورة

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٥ من أبواب زكاة الأنعام.

(٣) الوسائل باب ٤ ذيل حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٤) مثل قولهم عليهم السلام : انما الصدقات على السائمة الراعية فلاحظ احاديث باب ٧ من أبواب زكاة الأنعام.

٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

تشمله ، لان الاعتبار باللفظ ولا يخصّصه خصوص السبب كما ثبت في الأصول والإجماع ، وعدم القول بالواسطة ، ورواية العامة (١) تؤيّده ، وهو ظاهر.

وانّما الكلام في تحقيق أنّ السوم الذي يمنع الزكاة أيّ شي‌ء هو؟ ونقل عن الشيخ أنه إن غلب السوم على العلف يمنع والا فلا.

وعن بعض الأصحاب أن العلف ثلاثة أيّام يقطع السوم لا أقل من ذلك.

وفي الشرائع ، ولو يوما (٢) وفي الدّروس : ولا عبرة باللحظة ، وفي اليوم في السنة ، بل في الشهر تردّد أقر به بقاء السوم للعرف.

وقال المصنف في المنتهى : والأقرب عندي اعتبار الاسم (وما ذكره) الشافعي ـ اى الانقطاع ولو بيوم لانه شرط كالملك (٣) ـ (ضعيف) فإنه يلزم ـ لو اعتلف لحظة واحدة ـ أن يخرج عن اسم السوم وليس كذلك (انتهى).

فيعلم ان أحدا لا يقول بما يصدقه لغة ، ولا تحديد في الشرع فيرجع الى العرف كما في غيره.

ولكن فيه إجمال ، ولا شك في الصدق (٤) مع التساوي ، بل مع العلف

__________________

(١) سنن ابى داود ج ٢ ص ٩٦ ـ باب زكاة السائمة : مسندا عن حماد قال : أخذت من تمامة بن عبد الله بن انس كتابا زعم ان أبا بكر كتبه لأنس وعليه خاتم رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حين بعثه مصدّقا وكتبه له فإذا فيه : هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم على المسلمين التي أمر الله بها نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ، ومن سئل فوقها فلا يعطه فيما دون خمس وعشرين من الإبل ، الغنم (الى ان قال) : وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين ففيها شاة (الى ان قال) فان لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فليس فيها شي‌ء.

(٢) ففي الشرائع : ولا بد من استمرار السوم جملة الحول فلو علفها بعضا ولو يوما استأنف الحول عند استيناف السوم انتهى.

(٣) ففي المنتهى : احتج الشافعي بأن السوم شرط كالملك والحول ينقطع بزواله ولو يوما وكذا السوم (انتهى).

(٤) يعني في صدق المعلوفة.

٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

شهرا أيضا إذا كان متصلا.

فقول الشيخ ، وتقريب الدروس (١) غير واضح إلّا ان يريد يوما في الشهر أو الشهر في السّنة بالتفريق والأصل أنه لا شك في اشتراط السوم ، ففي كل مادّة تحقق وجبت والا فلا للأصل فتأمل واحتط.

وكذا الكلام في العامل ، قال في الدروس : الا ان تكون عوامل ولو في بعض الحول. وسكت (٢) ، وكان ينبغي التفصيل ، وكأنه أحال على السوم.

ثمّ واعلم أن الأمر صار الى العرف بتسمية الحيوان سائما ، وقد عرفت أن السوم لغة هو الرعي ، وكأنّ في الاخبار المتقدمة أيضا إشارة إلى انه هو الرّعي حيث قال عليه السلام : (السائمة الراعية) (٣) كأنها صفة كاشفة.

فحينئذ لا فرق بعد الصدق بين كون العلف ملكا أولا وبين الاعتلاف بنفسها أو اعلافها سواء كان المعلّف هو المالك أو غيره وعلف المالك وغيره ، وبين أن يكون العلف لعذر مثل الثلج وغيره أولا كما صرّح بأكثرها (٤) في المنتهى والدروس.

قال فيه : من مال المالك وغيره (٥).

فقوله بعد : (ولو اشترى مرعى فالظاهر انه علف أمّا استيجار الأرض للرعي أو ما يأخذه الظالم على الكلاء فلا (محلّ التأمل) لأن الظاهر أن الرعي في المرعى سوم ولو كان ملكا على اىّ نوع كان الملك كما هو مقتضى اللغة والخبر (٦)

__________________

(١) يعنى ما قربه بقوله ره : أقربه بقاء السوم للعرف.

(٢) يعنى سكت صاحب الدروس عن بيان مقدار بعض الحول كم هو وكيف هو.

(٣) الوسائل باب ٧ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٤) يعنى أكثر هذه الأقسام التي ذكرناها.

(٥) عبارة الدروس هكذا : ولا فرق بين ان يكون العلف لعذر أولا ، ولا بين ان تعتلف بنفسها أو بالمالك أو غيره ، من دون اذن المالك أو بإذنه ، من مال المالك أو غيره ، ولو اشترى مرعى الى قوله : فلا.

(٦) الظاهر ان مراده قده العموم لا الخصوص لعدم العثور على الخبر الخاص الدال على عدم صدق الرعي

٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والعرف.

على ان اعتبار التسمية سوما وعلفا باعتبار القلّة أو الكثرة تحقق المعنى.

ولعدم ظهور الفرق بين شراء المرعى واستيجار الأرض للرعي فتأمّل.

وكذا في إشكال الشهيد الثاني في شرح الشرائع : ويشكل الحكم فيما لو علّفها الغير من مال نفسه ، نظرا الى المعنى المقصود من العلف إلخ (١) إذ لا ينبغي أمثال هذا الإشكال بعد ورود النص وعدم اعتبار العلّة فيه بوجه.

على أنه قد يكون المؤنة في السوم أكثر أو مساويا ولا يكون في العلف مؤنة أصلا ، أو لا يكون للعلف المضر بالسوم عادة مؤنة وقيمة أصلا ، مع انه موجب للسقوط وإذا كان في السوم مؤنة مع ذلك توجب لها.

وبالجملة ، الإشكال كثير ، فلا ينبغي إحداث ما ليس بإشكال أيضا فتأمل.

وكذا تأمل في قوله : (واعلم أنّ العلف يتحقّق بأكلها شيئا مملوكا كالتبن والزرع حتى لو اشترى مرعى وأرسلها فيه كان ذلك علفا ثم نقل كلام الدروس المتقدم (٢) ، ثم قال : وكأنه بناه على ان الغرامة في مقابلة الأرض دون الكلاء ، إذ مفهوم الأجرة لا يتناوله ، ولا يخلو ذلك عن اشكال (انتهى).

فإنّ كلامه يدل بظاهره على اعتبار الملك في العلف وعدمه في السوم ، وليس بواضح.

وكذا اشكاله المذكور (٣).

__________________

إذا كان المرعى ملكا فراجع وكذا قوله قده بعيد هذا : (بعد ورود النص إلخ).

(١) وتمامه : والحكمة المقتضية لسقوط الزكاة معه هي المؤنة على المالك الموجبة للتخفيف كما اقتضاه في الغلات عند سقيها بالدوالي (انتهى).

(٢) بما هذه عبارته : اما استيجار الأرض للمرعى وما يأخذه الظالم على الكلاء ففي الدروس : لا يخرج به عن السوم ، وكأنه بناء إلخ.

(٣) بقوله : قده أخيرا : (ولا يخلو ذلك من اشكال).

٥٧

ولا تعدّ السخال الا بعد استغنائها بالرعي ، ولها حول بانفرادها.

______________________________________________________

إذ لا إشكال مع صدق السوم المعتبر شرعا وعرفا مع تصريح الأصحاب كما نقلت عن الدروس (١) ـ بعدم الاعتبار بالملك وعدمه ، وهو ظاهر في نفسه وفتوى الأصحاب فلا ينبغي احداث الاشكال ، فانا نجد إشكالات كثيرة ، ثم مع ذلك إحداث أمثاله تشويش مثلنا لقلّة البضاعة ـ فكان الاولى ـ وان كان في النفس شي‌ء ـ وهو السكوت عن مثله حتى لا يضاعف الاشكال ولا يؤل الى ترك البعض وتشويش الخواطر.

فتأمل ، فإني أجد عدم الاشكال ـ خصوصا في وجوب الزكاة ـ فيما يأخذه الظالم على الكلاء ، وفي الأرض المستأجرة وان قلنا بكون الغرامة في مقابلة الكلاء.

إذ ليس المدار على الغرامة وعدم المؤنة والخرج وعدم الثمن في مقابلة الكلاء ، بل ولا على ملك العلف وغيره ، بل على صدق الاسم كما هو مدلول النص وكلام الأصحاب حتى نفسه فتأمل.

قوله : «ولا تعدّ السخال إلخ» نقل عن الصحاح : انه يقال لأولاد الغنم ساعة يضعها ، من الضأن والمعز جميعا ذكرا كان أو أنثى : سخلة.

واما دليل عدم العدّ الا بعد الاستغناء عن اللبن بالرعي ، فهو الأخبار الدالة على السوم (٢).

فحينئذ لا تدخل الا بعد زمان السوم فإنه شرط طول الحول ، ولا يدل ـ ما يدل على الوجوب بعد الحول ـ على الاكتفاء في الابتداء بزمان الوجود لثبوت شرط السوم على ما عرفت ، وهو ظاهر ومنه يظهر اعتبار حول لها غير حول الأمّ ، وهو ظاهر.

والظاهر ان المراد بالسخلة هنا ولد الأنعام الثلاثة مطلقا ولو مجازا (فتحمل)

__________________

(١) ونقلنا عبارة الدروس بعينها بقوله : ولا فرق بين أن يكون إلخ.

(٢) راجع الوسائل باب ٧ من أبواب زكاة الأنعام.

٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

حسنة زرارة ، عن ابى جعفر عليه السلام : ليس في صغار الإبل شي‌ء حتى يحول عليها الحول من يوم تنتج (١) (على منع) باقي الشرائط وترك للظهور ، فالمراد مع السوم طول السنة ومضيّها ، لاعتبار السوم في الاخبار المعتبرة على ان الخبر غير صحيح (٢).

وجمع في البيان (٣) ، بان المراد باعتبار الحول في السخال ، من حين النتاج على ما هو في هذه الحسنة ـ ان كان اللبن الذي يشربه عن سائمة ، ومن حين السوم ان كان عن معلوفة.

وقال في شرح الشرائع : ليس بواضح.

مع وضوحه فتأمل.

وقال أيضا : انها صحيحة (٤).

وهي حسنة لوجود إبراهيم (٥).

وقال أيضا : ردّ الرواية في المختلف لضعف السند مع انه ما نقلها في المختلف ، بل خبر آخر (٦) الا انه قريب منها ، وأجاب بالضعف وبان كون الحول غاية لا يدل على عدم غاية أخرى للحديث الصحيح الذي ذكرناه من طرقنا نحن

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب زكاة الأنعام.

(٢) بل هو حسن فان سنده كما في الكافي هكذا ـ على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن ابى عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة.

(٣) يعني الشهيد الأول في كتاب البيان.

(٤) عبارة الشارح في المسالك هكذا : وفي المختلف ردّ الرواية بضعف السند ، وكأنه أراد به سندها الذي ذكره الشيخ ، والّا فطريقها في الكافي صحيح فالعمل بها مع كونه المشهور متجه (انتهى).

(٥) قد نقلنا سندها قبيل هذا فلاحظ.

(٦) وهو ما رواه في التهذيب بإسناده ، عن محمد بن على بن محبوب ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال : ليس في صغار الإبل والبقر والغنم شي‌ء إلّا ما حال عليه الحول عند الرجل ، وليس في أولادها شي‌ء حتى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج الوسائل باب ٩ حديث ٥ من أبواب زكاة الأنعام.

٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

انتهى).

وهو إشارة إلى ما دل على اعتبار السوم : (انما الصدقات في السائمة الراعية) (١) ، وهو جار في حسنة زرارة (٢).

وبالجملة كلامه (٣) هنا لا يخلو عن شي‌ء أيضا فارجع الى المختلف ، وتأمل في كلام البيان ، وفيما اختاره أيضا ، وهو العمل بمضمون الحسنة ، قال (٤) : مع انها مشهورة.

والذي نفهمه أن الصغار (ان) صدق عليها ـ بعد مضى الحول من يوم ولدت ـ أنّها سائمة ، ينبغي الابتداء من حين النتاج ، لان الاعتبار بالتسمية وليس في الأخبار اعتبار طول السنة صريحا ، وقد مرّ ان المعتبر هو التسمية.

وليس ذلك هنا ببعيد ، لأنها غير معلوفة يقينا ، وان زمان الرضاع الذي لا ترعى أيضا قليل ، وأن السوم والعلف انما يعتبر في زمان يصلح لذلك فالظاهر صدق الاسم.

وان صدق انها غير سائمة فلا ينبغي القول بمضمونها (٥) ، بل الأخبار الصحيحة ، للصّحة ، والكثرة ، والصراحة ، بل الإجماع ، فلا نسلم الشهرة حينئذ ، بل القول به أيضا فلا يبعد الجمع بين الروايات والأقوال بما ذكرنا.

واعلم ان الصدق في جمع البيان أوضح حيث ان لبن السوم حكمه حكم

__________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢ في أبواب زكاة الأنعام.

(٢) يعني هذا الجواب الذي ذكره في المختلف بعينه في حسنة زرارة الدالة على ان حول السخال من يوم تنتج ـ بان يقال : كون يوم النتاج مبدء حول لا ينافي وجود مبدء آخر لحولها.

(٣) يعنى كلام الشهيد الثاني في شرح الشرائع.

(٤) يعنى شارح الشرائع : لكنه نسب الشهرة ، إلى العمل بها لا إليها حيث قال : فالعمل بها مع كونه المشهور متجه (انتهى).

(٥) يعنى بمضمون الحسنة المشتملة على كون حول السخال من يوم تنتج.

٦٠