مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٦
٦١
٦٢

متن الإرشاد

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله المتفرد بالقدم (١) ، والدوام (٢) ، المتنزه (٣) ، عن مشابهة الأعراض والأجسام ، المتفضل بسوابغ الأنعام (٤) ، المتطّول بالفواضل الجسام ، أحمده على ما فضّلنا به من الإكرام ، وأشكره على جميع الأقسام

وصلى الله على سيدنا محمّد النّبي ، المبعوث الى الخاصّ والعامّ ، وعلى عترته الأماجد الكرام.

اما بعد فان الله تعالى كما أوجب على الولد طاعة أبويه ، كذلك أوجب عليهما الشفقة عليه بإبلاغ مراده في الطاعات وتحصيل ...

__________________

(١) فلا أول لوجوده ولا يشركه فيه شي‌ء ، وهذا الوصف يستدعي كمال قدرته وعلمه (روض الجنان للشهيد الثاني)

(٢) أي الدوام الذاتي فلا آخر لوجوده ولا يشركه فيه شي‌ء ، والتقييد بالذاتي يخرج أهل الجنة فإنهم يشاركونه فيه ، لكن دوامهم ليس ذاتيا (الروض)

(٣) من النزاهة بفتح النون وهي البعد اى المتباعد عن الاعراض والأجسام لحدوثهما والله تعالى قديم واجب الوجود كما برهن عليه في محلّه (الروض)

(٤) اى بالانعام السوابغ وأضاف الصفة إلى موصوفها مراعاة للفاصلة (الروض)

٦٣

مآربه (١) من القربات.

(ولما كثر) طلب الولد العزيز (محمد) أصلح الله تعالى أمر داريه ووفّقه للخير واعانه عليه ، ومدّ الله له في العمر السعيد والعيش الرغيد (٢) لتصنيف كتاب يحتوي (يحوي ـ خ ل) النكت البديعة في مسائل الشريعة على وجه الإيجاز والاقتصار خال عن التطويل والإكثار (أجبت) مطلوبه وصنفت هذا الكتاب الموسوم ب (إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان) مستمدا من الله تعالى حسن التوفيق ، وهداية الطريق ، والتمست منه المجازاة على ذلك بالترحم علىّ عقيب الصلوات والاستغفار لي في الخلوات ، وإصلاح ما يجده من الخلل والنقصان ، فان السهو كالطبيعة الثانية للإنسان (٣) ومثلي لا يخلو من (تقصير ـ خ ل) في الاجتهاد (٤) (اجتهاد خ) والله الموفق للسداد (٥) ، وليس المعصوم الا من عصمه الله تعالى من أنبيائه وأوصيائه عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات.

ونبدأ في الترتيب بالأهم فالأهم ..

.

__________________

(١) جمع ارب وفيه خمس لغات وهي الحاجة (الروض)

(٢) اى الطيب الواسع يقال : عيشة رغد ورغد اى طيبة واسعة (الروض)

(٣) وتوضيح ذلك ان الطبيعة الاولى للشي‌ء هي ذاته وماهيته كالحيوان الناطق بالنسبة إلى الإنسان ، وما خرج عن ماهيته من الصفات والكمالات الوجودية اللاحقة لها سمى طبيعة ثانية (روض الجنان)

(٤) لابتنائه على مقدمات متعددة وقواعد متبددة يحتاج الى استحضارها في كل مسئلة يجتهد فيها وذلك مظنة التقصير ولهذا اختلف الانظار في الفروع التي لم ينص على عينها كما هو معلوم (روض الجنان)

(٥) وهو الصواب والقصد من القول والعمل قاله في الصحاح (روض الجنان)

٦٤

كتاب الطهارة

والنظر في أقسامها ، وأسبابها ، وما تحصل به وتوابعها.

(الأول) في أقسامها ، وهي : وضوء ، وغسل ، وتيمم ـ وكل منها واجب ، وندب ،

فالوضوء يجب للصلاة والطواف الواجبين ، ومس كتابة القرآن ان وجب ،

______________________________________________________

بسم اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

الحمد لله خالق الهداية والإرشاد ، ومميّز الإنسان من بين المخلوقات بالكرامة والوداد ، والصلاة والسلام على عبده المنتجب الملقّب بأحمد والمسمى بمحمّد ، وعلى آله وأولاده حمدا كثيرا ما دام الأرض ساكنا ، والسماء متحركا.

قوله : «(فالوضوء يجب للصلاة والطواف الواجبين ، ومسّ كتابة القرآن ان وجب)» دليل الأول ، الكتاب (١) والسنة (٢) والإجماع ، ودليل الثاني الأخيران ، وهما الإجماع والاخبار الصحيحة الصريحة المذكورة في الطواف (٣) بخصوصها فلا يحتاج الى مثل قوله عليه السلام : (الطواف بالبيت صلاة) (٤) الذي هو غير صحيح ولا صريح.

وكأنّ اجزائها داخلة مثل المنسيات ، وكذا صلاة الاحتياط ، وعدم دخول

__________________

(١) وهو قول الله عز وجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) الآية المائدة ـ ٦

(٢) لاحظ الوسائل باب ١ (الى) ٤ من أبواب وجوب الوضوء

(٣) لاحظ الوسائل باب ٣٨ من أبواب الطواف من كتاب الحج

(٤) صحيح النسائي ص ١٣٦ وسنن الدارمي باب المناسك ص ٤٤ مسندا عن ابن عباس عنه صلى الله عليه (وآله) وسلم.

والظاهر ان قول الشارح قده : (فلا يحتاج الى مثل قوله إلخ) إشارة إلى الاعتراض على صاحب روض الجنان حيث استدل فيه على وجوب الوضوء للطواف بقوله ره : (واما الطواف فلقوله صلى الله عليه وآله : الطواف بالبيت صلاة فيشترط فيه ما يشترط فيها الا ما أخرجه الدليل انتهى)

٦٥

ويستحب لمندوبي الأوّلين ، ودخول المساجد ، وقراءة القرآن ، وحمل المصحف ، والنوم ، وصلاة الجنائز ، والسعي في حاجة ، وزيارة المقابر ، ونوم الجنب ، وجماع المحتلم ، وذكر الحائض ، والتجديد ، والكون على الطهارة.

______________________________________________________

سجدتي السهو معلوم كسجود التلاوة.

(وامّا) دليل وجوب الوضوء للمس الواجب بالنذر وشبهه (فغير واضح) لعدم نصّ صحيح صريح من الكتاب والسنة والإجماع فيه ، وقال بعض بالكراهة ،

وليس كون الغاية واجبا فقط ضابطا ، (بل ثبوت الشرطيّة شرعا بمعنى عدم جواز الشروع فيها بدونه (١) أو عدم صحة المشروط شرعا الا مع ذي الغاية) ، الا ان يراد بالغاية ما لا يجوز فعله أو لا يصح شرعا الا بعد ذي الغاية ، وحينئذ لا يعلم وجوب ذي الغاية بمجرد وجوب الغاية ، بل مع العلم بأنه غايته فلا بد من الدليل لذل‌ك فلا يعلم الوجوب لمس أسماء الله تعالى والأنبياء والأئمة وفاطمة عليهم السلام بطريق اولى ، ولكن الاحتياط يقتضي العدم (٢) فلا يترك.

قوله : «(ويستحب لمندوبي الأوّلين إلخ») دليل استحبابه للصّلوة والطواف المندوبين ، كأنّه الإجماع والآية والأخبار (٣) مع ضم عدم معقوليّة وجوب الموقوف عليه مع عدم وجوب الموقوف (٤) ، مع التصريح بنفي الوجوب

__________________

(١) يعنى عدم جواز الشروع في الغاية بدون الوضوء ، وحاصله ان الوجوب التكليفي للغاية (وهي المس) غير كاف في وجوب ذي الغاية (وهو الوضوء) تكليفا ، بل مقتضاه ، عدم جواز الشروع في الغاية بدون الوضوء أو شرطية الوضوء للغاية

(٢) يعني عدم المس بدون الوضوء

(٣) الظاهر ارادة الاستدلال بالوجوه الثلاثة من حيث المجموع لمجموع المدعى من حيث المجموع ، لا لكل واحد ، إذ ليس في القرآن آية تدل على اشتراط الطواف بالطهارة مطلقا.

(٤) يعنى لا يعقل وجوب الطهارة (التي هي الموقوف عليها) مع عدم وجوب الطواف (الذي هو موقوف)

٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والشرطيّة في الطواف المندوب في الخبر (١) فالوضوء للطواف المندوب شرط لكماله ، بخلاف الصلاة المندوبة والمس على ما مرّ في المتن فإنه شرط لجواز فعلهما.

والظاهر انه مندوب للمس المندوب أيضا مثلهما فلو قال (لمندوبها) لكان أخصر وأعم واولى.

واعلم انى أظن ان الوضوء مثلا يصح فعله بنيّة الوجوب المثل الصلاة المندوبة مع براءة ذمته عما يشترط فيه الوضوء (امّا) بمعنى الشرطيّة (أو) الوجوب الشرطي (أو) مطلقا ما لم يقصد به معنى لم يكن (٢) ، مثل حصول الذم والعقاب بتركه لخصوصه من غير فعل ما يشترط (فيه الوضوء ـ خ) لظاهر الآية (٣) والاخبار (٤) وعدم نقل التفصيل في الآثار وان قصد هذا المعنى (٥) فيمكن ان يقال : ليس بمعلوم التحقق فيمن شغل ذمته بالمشروط الواجب أيضا كما قال في شرح الشرح العضدي (٦) وفي الصحة أيضا حال الخلو تأمل.

ويمكن ، الصحة مطلقا (٧) ولغوية الوجوب خصوصا مع القول بعدم اعتبار الوجه كما قال به المحقق في بعض تحقيقاته (٨)

__________________

(١) ففي صحيحة عبيد بن زرارة (المروية في الفقيه) عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال : لا بأس ان يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ، ثم يتوضأ ويصلى فان طاف متعمدا على غير وضوء فليتوضأ وليصل ، ومن طاف تطوعا وصلى ركعتين على غير وضوء فليعد الركعتين ولا يعد الطواف (الوسائل) باب ٣٨ حديث ٢ من أبواب الطواف

(٢) يعنى يجوز له نية الوجوب على نحو الإطلاق لا مقيدا بإرادة حصول الذم والعقاب مع تركه فإنه لا عقاب بترك الوضوء حينئذ.

(٣) تعليل لقوله ره يصح فعله بنية الوجوب إلخ يعنى ان ظاهر الأمر في قوله تعالى (فَاغْسِلُوا) إلخ حيث كان هو الوجوب فيصح إتيانه بقصد الوجوب مطلقا ، وكذا ظواهر الأخبار.

(٤) راجع الوسائل باب ١ و ٢ من أبواب الوضوء.

(٥) يعنى ترتب الذم والعقاب بتركه.

(٦) فان ابن الحاجب صنّف مختصر الأصول ثم شرحه العضدي ، ثم شرحه المحقق الدواني كما في (الذريعة) ، ج ١٣ ص ٣٣٢

(٧) يعنى ولو مع نيّة الوجوب.

(٨) قال في المعتبر : وفي اشتراط نية الوجوب أو الندب تردد أشبهه عدم الاشتراط إذ القصد الاستباحة والتقرب انتهى.

٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والشهيد في الذكرى (١) مع قوله باعتبار الوجه وغيرهما ممن لا يرى الوجه.

وكذا القول في الغسل وغيره لما مرّ ، وللحرج هنا بالتكليف بالصبر حتى يضيق الليل بمقدار فعله للصوم ، ومنافاته للشريعة السهلة ، وبهذا ردّ العلامة في المختلف التضييق في القضاء على السيد المرتضى (٢) ، مع ان اعتقادي صحّة نيّة الوجوب بالمعنى المتعارف هنا من أول الليل ان وجب الغسل للصوم لان المفهوم من الاخبار (٣) على تقدير صحتها ودلالتها ، هو وجوب الغسل ليلا مطلقا من غير قيد ، وان قلنا ان وجوبه لغيره ، مع ان الظاهر خلافه على ما أظن كما هو مذهب المصنف ، ولان الظاهر تحقق معنى الوجوب حينئذ أي الثواب بفعله والعقاب بتركه في الجملة ، فلو وجد قائل به فلا بأس.

ومثله القول بوجوب النيّة من أول الليل مع وجوب المقارنة في النيّة في غير الصوم ، فالشبهة مشتركة مع الجواب ، مع ان مصادفة النيّة أول الفجر غير مضر مع الإمساك في جزء ما قبله بخلاف الغسل فإنه لا بد من حصوله قبله بقليل من باب المقدمة على تقدير وجوبه للصوم ليلا فتأمل في الفرق بينهما ، والظاهر عدم الإشكال في الصّحة على تقدير عدم اعتبار الوجه فتأمل.

ودليل ندبيّته لدخول المساجد خبر (فطوبى لمن تطهر في بيته ثم زارني في بيتي (٤) ـ أي جاء الى المسجد كما يفهم من صدر الخبر المذكور في الكافي (٥) ،

__________________

(١) قال في الذكرى (بعد حكاية عبارات الأصحاب في النيّة وأنهاها إلى ثمانية أقوال التي خامسها الجمع بين القربة ، والوجه ، والرفع ، والاستباحة) : ما هذا لفظه ، قلت : والذي دل عليه الكتاب والسنة هو القربة والاستباحة والباقي مستفاد من اعتبار المشخّص للفعل على إيقاعه على الوجه المأمور به شرعا ولكنه بعيد من حال الأوّلين ، ولو كان معتبرا لم يهمل ذكره ولا وضحوه يقينا ، فالوجه لا بأس به ، واحد الأمرين من الرفع والاستباحة غير كاف في غير المعذور لتلازمهما بل تساويهما فلا معنى لجمعهما انتهى.

(٢) قال في المختلف في مقام الرد على القول بالتضييق : ما هذا لفظه ، اما المعقول فمن وجوه (الأول) ان الترتيب تكليف فيكون منفيا بالأصل والمقدمتان ظاهرتان (الثاني) ان الترتيب مشقة عظيمة وحرج كثير وضرر عظيم فيكون منفيا انتهى موضع الحاجة

(٣) لاحظ الوسائل باب ١٩ ـ ٢٠ ـ ٢١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم من كتاب الصوم

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب الوضوء وباب ٣٩ حديث ١ من أبواب أحكام المساجد من كتاب الصلاة

(٥) ولعل الكافي مصحف الفقيه من النساخ والا فلم نعثر عليه في الكافي

٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ويدل عليه أيضا في الجملة رواية زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال : إذا دخلت المسجد وأنت تريد ان تجلس فلا تدخل الا وأنت طاهر (١) ـ فتأمل فيه ، وكأنه يرتفع بالشهرة (٢) ويمكن كونه إجماعيا.

ولعل في قراءة القرآن أيضا خبرا وما رأيته (٣) أو الإجماع ، وأيضا يؤل في الأكثر إلى المس والقلب ، ولان العقل يجد حسنه ، وللتعظيم كما قال في المنتهى في حمل المصحف.

وفي كل ما ذكر ، الأخبار موجودة إلا الكون والقراءة فكأنّ دليله الخبر وما اعلم ، ويمكن أخذه من قوله عليه السلام : المؤمن معقب ما دام متطهرا (٤) فتأمل ، أو الإجماع ، وتحسين العقل ، وانه عبادة غير موقتة فيستحب فعله دائما فتأمل.

والمراد باستحباب الوضوء للكون ، الاتصاف برفع الحدث فالخبر لا قصور فيه لان معناه يستحب الوضوء أي إيجاد هذه الأفعال لحصول الأثر الخاص الذي رتب عليه الشارع ، فدل على انه لا يحتاج استحبابه الى غرض آخر ، فان هذا الأثر غرض صحيح يستحق الفعل لأجله فلا يحتاج إلى غاية أخرى ، وهذا يدل على حصول رفع الحدث بالوضوء المندوب مطلقا ولو كان للنوم وليس فيه شك عند التأمل إلا ما علم عدمه مثل وضوء الحائض ونوم الجنب ، وجماع المحتلم وان كان لحصول كمال ما يتوقف كماله عليه ، وهو ظاهر سواء نوى رفع الحدث أو استباحة هذه الأمور ، إذا المقصود حصول اباحته على الوجه الذي يتوقف حصوله على الوضوء

__________________

(١) الوسائل باب ٣٩ حديث ٢ من أبواب أحكام المساجد وباب ١٠ حديث أمن أبواب الوضوء ولكن سنده هكذا :

محمد بن الحسن بإسناده ، عن محمد بن على بن محبوب ، عن محمد بن ابى الصهبان ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عمن رواه عن ابى جعفر عليه السلام.

(٢) اى تأمل في سنده ، ولكن ضعفه على تقديره يرتفع بالشهرة الفتوائية.

(٣) يمكن ان يستدل له بما رواه في قرب الاسناد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن الفضيل ، عن ابى الحسن عليه السلام قال : سألته اقرء المصحف ثم يأخذني البول فأقوم فأبول واستنجى واغسل يدي وأعود إلى المصحف فاقرأ فيه؟ قال : لا حتى تتوضأ للصلاة ئل باب ١٣ حديث ١ من أبواب قراءة القرآن من أبواب التعقيب

(٤) الوسائل باب ١٧ حديث ٢ من أبواب التعقيب ، وفيه ما دام على وضوئه.

٦٩

والغسل يجب لما وجب له الوضوء ، ولدخول المساجد ، وقراءة العزائم إن وجبا ، ولصوم الجنب ، والمستحاضة مع غمس القطنة.

______________________________________________________

وهو ظاهر ، ولا ينبغي النزاع ، فيصح به جميع العبادة الواجبة الموقوفة صحتها عليه من غير شك.

بل يمكن ان يقال : لو قصد عدم حصول الرفع وقصد مجرد دخول المساجد مثلا لم يصح وضوئه ، ولا يترتب عليه أثره الذي قصد وهو ظاهر لأنه انما يصح مع الرفع ، إذ لا يتحقق بدونه ، الكمال المطلوب به ولم يحصل لقصد عدمه الا ان يقال : انه يحصل لقصد دخول المسجد ولم يعتبر ما ينافيه ، وهو بعيد ، وفي بعض الأخبار إشارة الى ما ذكرت من عدم الاحتياج الى وضوء آخر مثل خبر (فطوبى) (١) الدال على استحبابه لدخول المسجد فإنه ظاهر في جواز الصلاة به في المسجد ولو كانت للتحية وبالجملة الأمر واضح.

واعلم ان الاخبار المعتبرة (٢) تدل على ذكر الحائض فلا ينبغي لها الترك ، وكذا على التجديد مطلقا (٣) فلا ينبغي التخصيص فيه والتردد في بعض افراده ، بل ولا في كونه رافعا ، فإني أظن عدم التخصيص والرفع به لما يظهر من الأخبار (٤) على فهمي ، اللهم لا تؤاخذني بفهمى.

قوله : «(والغسل يجب إلخ)» دليل وجوب الغسل لما وجب له الوضوء من الصلاة والطواف ، كأنه الآية (٥) ، والاخبار (٦) ، والإجماع

__________________

(١) تقدم ذكر محله آنفا

(٢) راجع الوسائل باب ٤٠ من أبواب الحيض

(٣) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب الوضوء

(٤) راجع الوسائل باب ٨ من أبواب الوضوء فان فيها عموما أو إطلاقا يشمل التجديد لكل صلاة

(٥) وهي : وانْ كُنتُم جُنُبا فَاطَّهرُوا إلخ ، قال الطبرسي في المجمع : معناه ان كنتم جنبا عند القيام إلى الصلاة فتطهروا بالاغتسال وهو ان تغسلوا جميع البدن ـ المائدة ـ ٦

(٦) راجع الوسائل باب ١٤ من أبواب غسل الجنابة

٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

واما المس الواجب فليست الآية (١) صريحة فيه وان كان دلالتها عليه اولى من دلالتها على وجوبه على المحدث ، إذ قد يقال : انه قد يراد بالمطهّرين غير المحدثين بالحدث الأكبر وليس خبر صحيح ولا حسن صريح ههنا فيه ، بل ظاهر أيضا ، والإجماع المدعى ههنا في الشرح (٢) والمنتهى غير ثابت مع نقل الكراهة عن الشيخ وغيره في الذكرى ، ولكن الاحتياط يقتضي الاجتناب ، فلا يترك بوجه ، ولعل نقل إجماع المسلمين وظاهر الآية كاف عندهم فيه مع إمكان تأويل الكراهة بالتحريم كما فعله في الذكرى فتأمل.

واما دليل وجوبه لدخول المساجد على التفصيل هو الأخبار (٣) ، وكأنه الإجماع أيضا.

ودليل الوجوب لقراءة العزائم كأنه الإجماع والخبر (٤) وان لم يكن صحيحا ولا صريحا.

والإجماع على وجوبه للصائم على التفصيل (٥) غير ثابت ، وخلاف ابن بابويه مضر ، والاخبار الصحيحة تدل على عدم شي‌ء عليه ، (٦) وعلى تركه صلى الله عليه وآله ذلك بعد الجنابة متعمدا حتى طلع الفجر (٧) ، والحمل على الفجر الأول أو التقيّة من غير موجب بعيد ، والاخبار الموجبة للقضاء ليست صريحة في وجوب الغسل قبل ذلك مع ان أكثرها ليست صريحة في وجوبه بمجرد التأخير حتى يصبح عمدا ، بل في الأكثر إشارة إلى النوم ثانيا ، فالحمل على الاستحباب كما هو مقتضى الأصل والشريعة السهلة ، غير بعيد حتى يظهر دليل الوجوب ، فقول الشارح

__________________

(١) يعنى (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ـ الواقعة ـ ٧٦ ـ ٧٩

(٢) يعنى روض الجنان للشهيد الثاني

(٣) راجع الوسائل باب ١٥ و ١٧ من أبواب غسل الجنابة

(٤) راجع الوسائل باب ١٩ من أبواب غسل الجنابة

(٥) يعني التفصيل الذي ذكره المصنف بقوله : (ولصوم الجنب والمستحاضة مع غمس القطنة)

(٦) ففي موثقة سماعة بن مهر ان قال : سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى أدركه الفجر فقال عليه السلام : عليه ان يتم صومه ويقضى يوما آخر ، فقلت إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضى رمضان قال : فليأكل يومه ذلك وليقض فإنه لا يشبه رمضان شي‌ء من الشهور ـ الوسائل باب ١٩ حديث ٣ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ولاحظ روايات باب ٢٠ ـ ٢١ منها

(٧) راجع الوسائل باب ١٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث ٥

٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

بعد قوله (ولصوم الجنب) : إذا بقي من الليل مقدار فعله للاخبار والإجماع ، وخلاف ابن بابويه لا يقدح فيه) غير واضح ، وكذا قوله : (ويلحق به الحائض والنفساء إذا انقطع (دمهما قبل الفجر) وعلى التقديرين فالاحتياط لا يترك لأن الأمر صعب ،

وأبعد من الوجوب مع القضاء إيجاب الكفارة كما هو المشهور ، وأبعد منه إلحاق الحائض والنفساء في ذلك الى الجنب مع عدم دليل مخرج عن الأصل.

والخبر غير صحيح رواه في التهذيب في باب الحيض والنفاس ، عن على بن الحسن بن فضال ، عن على بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم الأحمر عن ابى بصير عن ابى عبد الله (ع) قال : ان طهرت بليل من حيضتها ، ثم توانت ان تغتسل في رمضان حتى أصبحت ، عليها قضاء ذلك اليوم (١) ـ وقصور السند معلوم ، وليس الدلالة الا على القضاء لا على كون الحائض والنفساء مثل الجنب التارك غسله عمدا في فساد صومها ووجوب الكفارة ، وتقييد المصنف بصوم الجنب يدل على عدم الإلحاق.

و (اما) حكم المستحاضة فسيجي‌ء ،

و (اما) ماسّ الميّت فالظاهر عدم إلحاقه في هذه الأحكام كلها لعدم الدليل ، نعم يمكن الحاقه (به ـ خ) في الصّلوة والطواف ، للإجماع ونحوه ان كان فتأمل.

وبالجملة ، وجوب الغسل على الحائض والنفساء للصلاة والطواف ومس القرآن ودخول المساجد وقراءة العزائم ، غير بعيد لنقل الإجماع في المنتهى مع تأويل القول بالكراهة في الجنابة للمس ، بالتحريم في الذكرى ، ولبعض الاخبار وعدم ظهور الخلاف كالجنب مع التأمل وعدم ظهوره في المس ،.

و (اما) الصوم فقد مرّ ما يدل على قضاء الحائض فتأمل فيزيد الغسل على الوضوء بأمرين ، ولو ثبت للصوم فيكون ثلثة لا أربعة كما قاله الشهيد الثاني (٢) ،

__________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(٢) قال : ويجب أيضا (الغسل) زيادة على الوضوء لأربعة أشياء

٧٢

ويستحب للجمعة وأول ليلة من رمضان ، وليلة نصفه ، وسبع

______________________________________________________

و (اما) إيجابه على الماس فليس بظاهر الا لما وجب له الوضوء فقط ، وكأنه للإجماع ، وللأصل وعدم الدليل

واما وجوب الغسل على المستحاضة التي عليها الغسل فوجوبه عليها لما يجب الوضوء فغير بعيد وتحريم المسّ غير ظاهر

و (اما) دخول المساجد فظاهر الخبر جوازه (١) ، وكذا الظاهر جواز القراءة مطلقا و (اما) الصوم فقد ادعى الشهيد الثاني فيه الإجماع والاخبار ، وما رأيت إلا صحيحة (٢) دالة على وجوب قضاء الصوم على المستحاضة التي تركت ما يجب عليها من الأغسال لكن تدل على عدم قضائها الصلاة أيضا ، ومع ذلك لا تدل على المطلوب ، ويمكن كون سبب القضاء ترك غسل الحيض أو جميع الأغسال ، وعلى تقدير الوجوب ، الظاهر من كلام بعض الأصحاب انه يكفيها الغسل قبل الفجر لصلاة الصبح أيضا ، بل تصوم به وتصلى نوافل الليل ، وهذا أيضا يدل على عدم الإيجاب مضيقا ، وعدم الالتفات الى قصد الوجوب على تقدير شغل الذّمة وعدمه مع عدمه كما أظن ، وقد سبق الإيماء ، ويوجد مثله في كلامهم والاخبار الا ان يقال : قد أهمل للعلم به من موضع آخر فتأمل في بعده من الأخبار

قوله : «(ويستحب للجمعة إلخ)»

استحباب غسل يوم الجمعة غير بعيد وان كان دليل وجوبه لا يخلو من قوّة ، لكن الجمع (بين قول ابى الحسن عليه السلام حين سئل عن الغسل يوم الجمعة

__________________

(١) الظاهر ان المراد بالخبر قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار : المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلى فيها ولا يقربها بعلها فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت (الى ان قال) وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضّأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء الحديث ـ الوسائل باب ١ حديث ١ من أبواب المستحاضة

(٢) هي صحيحة على بن مهزيار قال : كتبت اليه عليه السلام : امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان كله ثم استحاضت فصلّت وصامت شهر رمضان من غير ان تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلوتين هل يجوز صومها وصلوتها أم لا فكتب عليه السلام : تقضى صومها ولا تقضى صلوتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك (الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم)

٧٣

عشرة ، وتسع عشرة واحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وليلة الفطر ، ويومي العيدين ، وليلة نصف رجب ، وشعبان ، ويوم المبعث ، والغدير ، والمباهلة ، وعرفة ، وغسل الإحرام ، والطواف ، وزيارة النبي صلى الله عليه وآله ، والأئمة عليهم السلام ، وقضاء الكسوف للتارك عمدا مع استيعاب الاحتراق ، والمولود ، وللسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة أيام ، وللتوبة ، وصلاة الحاجة ، والاستخارة ، ودخول الحرم ، والمسجد الحرام ، ومكة ، والكعبة ، والمدينة ، ومسجد النبي صلى الله عليه وآله.

______________________________________________________

والأضحى والفطر في الصحيح (سنة وليس بفريضة ، (١)) الدال من حيث التأكيد وأصل (٢) معنى السنة وضم غسل الأضحى والفطر مع دعوى الإجماع على استحبابهما ، على ان المراد نفى الوجوب مطلقا

وكذا قول ابى عبد الله عليه السلام في صحيحة أخرى : (سنة في السفر والحضر الا ان يخاف المسافر على نفسه الضر (٣) وفي الاستثناء إشارة إلى نفى الوجوب وهو ظاهر فيه (وبين قول الرضا (ع) في الحسن لإبراهيم : (واجب على كل ذكر أو أنثى حر أو عبد (٤)) وهذه صحيحة (٥) (في باب عمل يوم الجمعة) ، دليل الاستحباب ، والشهرة ، والأصل ، والشريعة السهلة ، وكذا عدم العلم بوضع الوجوب شرعا وان الامام عليه السلام أراد ما اصطلح الفقهاء أيضا ـ يقتضيه ، ولكن الاحتياط لا يترك لوجود لفظ (واجب) في خبر صحيح لما (كما ـ خ) سمعت ، واحتمال ارادة المعنى الأعم ، من السنة أيضا ، ونفى الوجوب الثابت بالقرآن

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٩ من أبواب الأغسال المسنونة من كتاب الطهارة

(٢) عطف على التأكيد وكذا قوله : وضم إلخ يعني هذا الخبر يدل على الاستحباب من جهات (الاولى) قوله ليس بفريضة (الثانية) قوله سنة (الثالثة) ضم ما اجمع على استحبابه اليه وهو غسل الأضحى والفطر

(٣) الوسائل باب ٦ حديث ١٠ من أبواب الأغسال المسنونة

(٤) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من أبواب الأغسال المسنونة

(٥) يعنى ان للخبر سندا آخرا رواه الشيخ في التهذيب في باب العمل يوم الجمعة بطريق صحيح

٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بقوله : (ليست بفريضة) مع قول البعض به ،

ويمكن الاكتفاء بنيّة القربة ، والوجوب بالمعنى المراد في الرواية والترديد ، والتعدد ، ولعل الأول أظهر والأخير (الآخر ـ خ ل) أحوط.

واما وقته فقال الأصحاب : انه من الفجر الثاني إلى الزوال وليس في الاخبار التحديد ، بل ظاهرها (اليوم) ، نعم في خبر غير صحيح ، القضاء في آخر النهار لمن فاته أول النهار (١) ـ وفي خبر آخر يغتسل ما بينه وبين الليل فان فاته اغتسل يوم السبب (٢) وظاهر هذا هو الأداء كل النهار مع وجود إطلاق القضاء على الأداء أيضا وليس بمعلوم ارادة اصطلاح الفقهاء ، فلو وجد القائل بالأداء في جميع النهار ، فالقول به غير بعيد وليس (٣) القول بالسكوت عن الأداء والقضاء فيه غير بعيد.

والظاهر دخول ليلة السبت أيضا كما قاله الأصحاب.

وخبر آخر (٤) يدل على تقديمه يوم الخميس لمن لم يلق غدا الماء وكذا خبر آخر (٥) ، ولكن ليس بصريح في عدم الماء ، بل ظاهره ذلك حيث قال : (كنا بالبادية) ،

وكون الغسل عند الزوال اولى وكأنه للقرب إلى الصلاة ،

واما دليل باقي الأغسال فالروايات (٦) وان لم يكن كلها صحيحة ولكن المسئلة من المندوبات ، وقول الأصحاب مؤيد ، وفي بعضها ادعى الإجماع مثل غسل

__________________

(١) ففي رواية سماعة بن مهران عن ابى عبد الله ع في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أوّل النهار قال : يقضيه أخر النهار فان لم يجد فليقضه من يوم السبت ـ الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب الأغسال المسنونة

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من أبواب الأغسال المسنونة

(٣) الظاهر زيادة لفظة ليس

(٤) راجع الوسائل باب ٩ من أبواب الأغسال المسنونة متن الحديث هكذا : عن ابى عبد الله عليه السلام قال : قال لأصحابه : إنكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة

(٥) وهو خبر الحسين بن موسى بن جعفر ، عن امه وأم أحمد ابنة موسى بن جعفر عليهما السلام قالتا : كنا مع ابى الحسن عليه السلام بالبادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس : اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فإن الماء غدا بها قليل فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة ـ ئل باب ٩ حديث ٢ من أبواب الأغسال المسنونة

(٦) راجع باب ١ من أبواب الأغسال المسنونة

٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الغدير ، ويومي العيدين ، وأول ليلة شهر رمضان ، ولكن ما رأيت رواية في نصف شهر رمضان بخصوصه (١) ، ونصف رجب ، ورؤية المصلوب (٢) ، ولا في غسل الزيارة (٣) انه مخصوص بزيارته صلى الله عليه وآله فقط والأنبياء والأئمة عليهم السلام أيضا أو أي زيارة مستحبة ، والأصحاب خصّوه بالمعصوم ع ، ولفظ غسل الزيارة ، وكذا يوم الزيارة الواقعين في الخبر (٤) يدلان على التعميم ، وأيضا في بعض هذه الأغسال قول بالوجوب ، وهو ضعيف الدليل إلا غسل الإحرام وسيجي‌ء تحقيقه في موضعه إنشاء الله

تعالى واعلم انه أيضا ظاهر خبر واحد : (إذا احترق القرص كله اغتسل (٥)) ـ فليس فيه صريحا قيد بالقضاء ـ وفي خبر آخر : (إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصل (فكسل ـ خ ل) فليغتسل من غد وليقض الصلاة وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل (٦) فظاهر الأول هو الاستحباب مطلقا مع الاستيعاب ، والثاني الغسل مع القضاء مطلقا مع الاستيقاظ ليلا وعدمه ، مع عدمه فالظاهر انهم حملوا الثّاني على الاستيعاب للاول والأول على القضاء للثاني ، والطريق ليس بواضح ، ولعله لعدم الغسل مع الأداء وعدم القضاء عندهم على الظاهر الا مع الاستيعاب ، وترك هذا التفصيل بالاستيقاظ ليلا أو نهارا لعدم القائل به عندهم ، وأيضا عمموا القرصين للاول وان لم يكن في الثاني الا القمر

وبالجملة قول الأصحاب على ما رأيت ، ما رأيت له دليلا بخصوصه والقول

__________________

(١) لعله قده أراد عدم عثوره عليها في الكتب الأربعة والا فهي موجودة في غيرها ففي الوسائل باب ١٤ حديث ١ من أبواب الأغسال المسنونة نقلا من كتاب الإقبال لابن طاوس قال : روى ابن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان بإسناده الى ابى عبد الله عليه السلام قال : يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه قال ابن طاوس : وقد ذكره جماعة من أصحابنا الماضين ونحوه خبر ١٠ منه

(٢) راجع الوسائل باب ١٩ وباب ٢٢ من أبواب الأغسال المسنونة

(٣) يعني ما رأيت في الاخبار اختصاص الغسل بزيارة النبي صلى الله عليه وآله أو بالأئمة عليهم السلام ، بل الدليل عام للمعصوم ع مطلقا بل لكل زيارة مستحبة ولو لم يكن المزور معصوما كزيارة قبور المؤمنين

(٤) الوسائل باب ١ خبر ٣ و ٤ من أبواب الأغسال المسنونة

(٥) الوسائل باب ١ حديث ١١ من أبواب الأغسال المسنونة

(٦) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب الأغسال المسنونة

٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بالخبر الأول ممكن ، لصحته على الظاهر لو وجد الرفيق وان كان ظاهره الوجوب الا انه عبر عن الاستحباب في أكثر الأغسال بمثله مع عدم القائل على الظاهر إذ المنقول القول بالوجوب في القضاء فالقول به مشكل وأشكل منه ، القول بالوجوب ، (فالاستحباب على ما هو مقتضى الدليل غير بعيد ، لكونها من المندوبات فينبغي العمل بالخبرين سيما الأول لصحته ـ خ)

واعلم أيضا أن الرواية التي رأيتها ما دلت على استحباب الغسل لصلاة الاستخارة والحاجة على الطريق المنقول في كتب الأدعية.

وأيضا يفهم من صحيحة محمد بن مسلم (على الظاهر) المشتملة على سبعة عشر غسلا الغسل لحرم المدينة أيضا حيث قال فيها : وإذا دخلت الحرمين (١) ـ اى الغسل لدخولهما ، إذا لظاهر انهما حرم مكة والمدينة وما ذكره الأصحاب على ما في ظني الآن ، كأنهم حملوها على المدينة وليس بلازم كما في مكة فإن لدخوله (لها ـ خ) غسلا غير غسل دخول حرمه (مها ـ خ) ،

وأيضا الظاهر ان هذه الأغسال متى وجد في ذلك اليوم الذي يطلب سببه تكفى ، بل لا يضر الحدث لقوله في هذه الصحيحة : (ويوم تحرم ، ويوم الزيارة) وغير ذلك ، نعم في نقض غسل الإحرام بالنوم كما يفهم من الخبر (في الرواية خ (٢)) إشارة إلى نقض الأغسال بالحدث ، وسيجي‌ء إنشاء الله تعالى.

وأيضا الظاهر من الخبر ان غسل التوبة انما هو في التوبة من الكبائر ، حيث قال سامع الغنا والعود من النساء : (فانى استغفر الله ، فقال الصادق عليه السلام : قم فاغتسل وصلّ ما بدالك فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوء حالك لو متّ على ذلك استغفر الله وسله التوبة (٣) ، والظاهر منه انه كان مرتكبا للكبيرة فكأن سماعها كبيرة مطلقا أو باعتبار إصراره وكثرة فعله ذلك ، كما دل عليه أول

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١١ من أبواب الأغسال المسنونة

(٢) راجع الوسائل باب ١٠ من أبواب الإحرام من كتاب الحج

(٣) الوسائل باب ١٨ من أبواب الأغسال المسنونة خبر ١

٧٧

ولا تتداخل.

______________________________________________________

الخبر (١) ،

وبالجملة الغسل عبادة شرعيّة تحتاج الى دليل شرعّي ، ولو استنبط منه الغسل لكل كبيرة ، كما يظهر مع عدم الخلاف ، فغير بعيد ، (واما) للصغيرة التي قيل لا تحتاج إلى التوبة ، ووجوب التوبة منها غير ظاهر والا لم يبق فرق بينهما وتئول بترك الاستغفار عمدا إلى الكبيرة وتضر بالعدالة ، (فبعيد) ، وأبعد منه الغسل استحبابا بعد توبته ، لاحتمال صدور ذنب مّا ،

ويفهم من الخبر استحباب الصلاة أيضا لذلك ، وما ذكره الأصحاب

ويشعر بعدم الاحتياج مع الغسل الى الوضوء للصلاة (٢)

قوله : «(ولا تتداخل)» لا شك في القول بالتداخل في الجملة كما صرّح به المصنف في النهاية ، بأنه لو نوى الجنب رفع الحدث أو الاستباحة يرتفع جميع الأحداث ويجزى عن جميع الأغسال الواجبة ، وكذا لو نوى الجنابة للخبر الذي سيجي‌ء

وقال : الأقوى عدم رفع الجنابة مع نية الحيض لأنه أدون ، والظاهر انه ليس بأدون ، بل العكس كما قال في الخبر : عن المرأة الجنب تغتسل؟ لا تغتسل وجاءها أعظم (٣) ـ وغير ذلك مع انه قال أيضا فيها : ويحتمل قوة الحيض لاحتياجه الى الطهارتين فالعجب قوله بعدم اجزاء غسل الحيض عن الجنابة واجزاء غسل الجنابة عن غسل الحيض وغير الحيض مع اشتراك الدليل وقوة الحيض و

كذا قال فيها : لو اجتمعت الأغسال المندوبة احتمل التداخل لقول أحدهما (ع)

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب الأغسال المسنونة ، عن مسعدة بن زيادة قال : كنت عند ابى عبد الله عليه السلام ، فقال له رجل بأبي أنت وأمي انى ادخل كنيفا ولى جيران وعندهم جوار يتغنين ويضر بن بالعود ، فربما أطلت الجلوس استماعا منى لهن الحديث ، فان قول السائل : فربما أطلت دال على الإصرار وكثرة فعله

(٢) فإنه عليه السلام قال في الخبر المشار : قم فاغتسل وصل ما بدا لك

(٣) الوسائل باب ٢٢ حديث ٢ من أبواب الحيض ، ومتن الحديث هكذا ، قلت لأبي عبد الله عليه السلام : المرأة ترى الدم وهي جنب أتغتسل عن الجنابة أو غسل الجنابة والحيض واحد؟ فقال قد أتاها ما هو أعظم من ذلك

٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا اجتمعت إلخ (١) فحينئذ يكتفي بنيّة مطلقة وقال : بتداخل الأغسال المندوبة في المنتهى (٢) فكأنّ مراده هنا نفى التداخل الكلّى يعنى رفع الإيجاب الكلّي لا السلب الكلي أو يكون مذهبه السلب الكلّى هنا

ولكن كونه قولا لأحد غير معلوم إذ ، ادعى الإجماع على اجزاء غسل الجنابة من غيره من الأغسال الواجبة الا ان يكون المراد في الأغسال المندوبة كما هو الظاهر

ثم ان الظاهر هو التداخل مطلقا كما هو رأى الشارح لان الظاهر ان الغرض من شرع اجراء الماء على البدن ، التعبد وازالة ما عليه كما في الوضوء والغسل إذا تعدد أسبابه من جنس واحد فإنه يكفي الواحد إجماعا ، ولانه يصدق عليه انه اغتسل بعد وجوب الغسل بالجنابة عليه مثلا (٣) ، فيجزي ويخرج عن العهدة كما قيل ذلك في سقوط تعدد الكفارة عن فاعل أسبابها

ويدل عليه الخبر الذي رواه زرارة (عن أحدهما عليهما السلام ـ يب) قال : إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجمعة ، وعرفة ، والنحر ، والذبح والزيارة ، فإذا اجتمعت (لله ـ خ يب) عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد ، قال : ثم قال : وكذلك المرأة ـ يجزيها غسل واحد لجنابتها وإحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها (وعيدها) (٤) وهذه الرواية وان كان في طريقها على بن السندي المجهول في التهذيب الا انه منقول في الكافي في الحسن ، وقال : المصنف في المنتهى : في الصحيح ، لأن إبراهيم بن هاشم في الطريق وهو عنده مقبول وان لم ينص على تعديله ، وكثير من الاخبار الواقع هو فيها يسمونها بذلك ، وأيضا انهم يقولون : طريق الشيخ الى فلان مثلا صحيح ، وكذا طريق ابن بابويه الى فلان صحيح ، وتجد انّه في الطريق وليس الى ذلك الفلان الا ذلك الطريق

__________________

(١) يأتي بعيد ذلك نقل الحديث بتمامه من الشارح قده

(٢) قال في المنتهى : لو اجتمعت أسباب الاستحباب فالأقرب الاكتفاء بغسل واحد انتهى

(٣) يعنى يصدق بعد اغتساله من الجنابة (ولو مع عدم نية غسل آخر) انه اغتسل فيسقط الأغسال الآخر حينئذ

(٤) الوسائل باب ٤٣ حديث ١ من أبواب غسل الجنابة

٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر انه لا يضر عدم تصريح زرارة على ما في الكافي بأنه عن الامام عليه السلام لظهور عدم نقله مثل هذا الحكم عن غيره ع ، وأيضا ما كان ينبغي للأصحاب نقله في الكتب ، وأيضا تصريحه في طريق التهذيب ، يدل على انه عن أحدهما عليهما السلام

ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة في الاستبصار (في باب الرجل يموت وهو جنب) وفي زيادات التهذيب قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام (وهو في الكافي حسنة مع الإضمار (بقوله قلت له) : ميّت مات وهو جنب كيف يغسل وما يجزيه من الماء قال : يغسل غسلا واحدا ـ يجزى ذلك للجنابة ولغسل الميّت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة (١) ـ وهذه تفيد التداخل في الجميع

وما في صحيحة عيص بن القاسم عنه عليه السلام : يغسل غسلا واحدا (٢) ـ اى الجنب الميت وغيرهما مما يدل عليه في الجملة ـ وفي بيان الاستبصار (٣) وإضمار الكافي دلالة على ان الإضمار عنه (ع) كما وقع من الشيخ في التهذيب بالإضمار ، ثم التصريح بأنه عنه عليه السلام ، ويؤيده أيضا مرسلة جميل بن درّاج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام انه قال إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم (٤) ـ والظاهران ليس المراد باللزوم ، الوجوب بل أعم

وأيضا يدل عليه الأخبار الواردة في ان غسل الجنابة وغسل الحيض واحد ، مثل رواية عبيد الله الحلبي (٥) وابى بصير ، (٦)

وصحيحة عبد الله بن سنان (٧) عن ابى عبد الله عليه السلام (صرّح بالصّحة

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ١ من أبواب غسل الميت

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٥ منها ومتن الحديث هكذا : عن ابى عبد الله ع قال : إذا مات الميّت وهو جنب غسّل غسلا واحدا ثم اغتسل بعد ذلك

(٣) يعني في تصريح الاستبصار بقوله : قلت لأبي جعفر ع وإضمار الكافي بقوله : قلت له دلالة على ان إضمار الكافي لا يضر

(٤) الوسائل باب ٤٣ حديث ٢ من أبواب غسل الجنابة

(٥) الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من أبواب الحيض

(٦) الوسائل باب ٢٣ حديث ٦ من أبواب الحيض

(٧) الوسائل باب ٤٣ حديث ٩ من أبواب غسل الجنابة

٨٠