مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما صح عنه ، وقد سمى الأخبار الواقع هو فيها بالصّحة كثيرا ، ويبنى على توثيقه صحة الطرق الكثيرة من الفقيه ، المصرّحة بصحتها وذلك غير مخفي على المتتبع مع التصريح بتوثيقه فلا يعارض ما نقله الكشي عن على بن الحسن بن فضال انه كان من الناووسية ، وأيضا روايات كثيرة دالة عليها ، وعلى ان أرواثها أكثر (أكبر خ) من ذلك لكنها غير صحيحة (١).

وبالجملة الظاهر طهارة روثها لعدم صحة الدليل على النجاسة مع دليل الطهارة.

وفي البول إشكال ، لأن الأصل مندفع بالأخبار المعتبرة ، والحرج غير ظاهر فلا يخالف السهلة ، والشهرة لا تنفع معها ، والجمع بين الاخبار لا يتم لتقديم الصحيحة ووجوب تخصيص العام بوجود الخاص ، فتخصص الحسنتان (٢) على تقدير الحجيّة والعموم ، لأنهما عامتان ، وما يدل على نجاسة بولها خاص ، وخبر عبد الرحمن (٣) يدل عليه ، وفي خبر زرارة اشارة اليه ، ولفظ الكراهة في هذا الخبر (٤) غير صريح في عدم التحريم ، بل يشعر بالتحريم لأن السائل فهم ذلك حتى قال : (أليس بمأكول) ، إذا المعلوم والمشهود هو عدم نجاسة بول المأكول ، لا عدم كراهيته.

وأيضا يشعر بان المراد بالمأكول في هذا المقام ما خلقه الله للأكل ، وهذه الحيوانات ليست منه فلا يشملها دليل طهارة بول المأكول ، بل ذلك يشعر بنجاسته مع عدم صحة السند وكذا خبر المعلى وابن ابى يعفور ، وخبر أبي الأعزّ وان كان في الفقيه المضمون (٥) حسنا (لإبراهيم) الا ان حال نفسه غير ظاهر ،

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٩ من أبواب النجاسات.

(٢) يعنى حسنتي زرارة وعبد الله بن سنان المتقدمتين.

(٣) ئل باب ٩ حديث ٩ منها.

(٤) يعنى خبر زرارة حيث قال : فقلت : أليس لحومها حلالا؟ فقال : بلى ولكن ليس ممّا جعلها الله للأكل ـ لاحظ الوسائل باب ٩ حديث ٧ من أبواب النجاسات.

(٥) يعني ضمن الصدوق على ما في أول كتاب الفقيه بأن ما أورده فيه من الأخبار حجة فيما بينه وبين ربه.

٣٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

فأشبه أن يوجد فيه الضعيف كثيرا ويردّ الأصحاب ما فيه ، لذلك فلا يبقى الاعتماد على مجرد ذلك ، مع ان لفظ الدواب أيضا غير نصّ ، فهو أيضا عام يقبل التخصيص بالخاص المتقدم ، وغير صريح أيضا في الطهارة وكذا خبر ابن ابى يعفور.

واعلم ان المصنف في المنتهى ما نقل الخلاف في روثها ، بل في البول فقط وقال : أرواث البغال والحمير والدواب طاهرة لكنها مكروهة ورواية أبي الأعزّ والحلبي يدلان عليه ، وحمل ما يدل على نجاستها من روايتي أبي مريم وعبد الأعلى (١) ، على الاستحباب ، وقال : على ان سندهما لا يخلو عن قول ، ونقله في المختلف ونقل من كلام الشيخ ما هو صريح في ذلك.

ولكن الدليل عليه ضعيف ، بل الدليل يفيد عدم نجاسته لما في رواية الحلبي : لا بأس بروث الحمير (٢) ، والأصل.

فإذا ثبت عدم القول بالواسطة ثبت طهارة البول أيضا ، ولما في الروايات الكثيرة ـ ان أرواثها أكبر من ذلك (٣) (اى من البول) فيفهم طهارة البول بالطريق الأولى ، وكون النهي للكراهة وأشديتها في الروث ، لكن الاخبار غير صحيحة ، ولفظ (أكبر من ذلك) أيضا غير واضح فتأمّل واحتط مهما أمكن.

واعلم أيضا أنهم قيدوا اخبار نجاستهما بما إذا كانا من ذي النفس أي ذي الدم الذي يجتمع في العروق للإجماع وبعض الاخبار الدالة على عدم نجاستهما من غيره.

والظاهر طهارة ذرق الدجاج ، (وما) ذهب اليه الشيخ أولا في التهذيب وشيخه ، من القول بالنجاسة (دليله) فيه ضعيف وهو مكاتبة فارس (المجهول) قال : كتب اليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج يجوز الصلاة فيه؟ فكتب : لا (٤)

وحملها الشيخ أخيرا على الجلال ، لرواية وهب بن وهب ، عن جعفر ، عن

__________________

(١) ئل باب ٩ حديث ٨ ـ ١٣ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٨ و ١٣ من أبواب النجاسات ولكن لفظة (أكثر) بدل (أكبر).

(٤) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من أبواب النجاسات.

٣٠٢

والمنيّ من كلّ حيوان ذي نفس سائلة وان كان مأكولا.

والميتة من ذي النّفس السّائلة مطلقا واجزاءها سواء أبينت من حيّ

______________________________________________________

أبيه عليهما السلام انه قال : لا بأس بخرء الدجاج والحمام يصيب الثوب (١).

حيث قال : قال محمد بن الحسن : هذا الخبر لا ينافي الخبر الذي رويناه ، عن فارس ، عن صاحب العسكر عليه السلام ـ لان ذلك الخبر محمول على ذرق الدجاج الجلال فاما إذا لم يكن جلالا كان حكمه حكم سائر ما يؤكل لحمه في جواز الصلاة في ذرقه وبوله (انتهى).

ويمكن حمله على الكراهة أيضا للأصل ، ولما مرّ ، ولخصوص خبر وهب بن وهب الدال عليه وان كان ضعيفا.

ودليل نجاسة المني ، فكأنه الإجماع المنقول في المنتهى وغيره ، مع اخبار كثيرة.

مثل صحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى عبد الله عليه السلام ذكر المنى وشدده وجعله أشد من البول إلخ (٢).

وحسنة الحلبي أيضا عنه عليه السلام قال : إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه منى فليغسل (٣) وكأنّ تقييدها بذي النفس للإجماع.

قال في المنتهى : بنجاسة العلقة والمضغة والبيضة إذا صارت دما ، ودليله غير واضح فتأمل.

واما دليل نجاسة الميتة من ذي النفس مطلقا كأنه الإجماع ، قال المصنف في المنتهى : وهو مذهب علمائنا اجمع.

ويدل على التقييد بذي النفس ، الاخبار (٤) أيضا ، والأصل ، ودليل كل شي‌ء طاهر حتى تعلم انه نجس (٥).

__________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ١٦ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٣) وتمامه الذي أصابه فإن ظن أنه أصابه مني ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء وان استيقن انه قد أصابه مني ولم ير مكانه فليغسل الثوب كله فإنه أحسن ، الوسائل باب ١٦ حديث ٤ من أبواب النجاسات.

(٤) راجع الوسائل باب ٣٤ من أبواب النجاسات.

(٥) ليس في أخبارنا (كل شي‌ء طاهر حتى تعلم انه نجس ،) بل في موثقة عمار كل شي‌ء نظيف حتى تعلم انه قذر فلاحظ باب ٣٧ من أبواب النجاسات من الوسائل.

٣٠٣

أو ميّت إلّا ما لا تحلّه الحيوة كالصّوف ، والشّعر والوبر ، والعظم ، والظّفر الّا من نجس العين كالكلب والخنزير والكافر.

______________________________________________________

وكذا على استثناء طهارة الأمور العشرة المشهورة ، مع بعض الاخبار.

مثل ما رواه حريز في الصحيح قال : قال عبد الرحمن بن ابى عبد الله لزرارة ومحمد بن مسلم (كذا في التهذيب ونسخة من الكافي ، وفي الأخرى منه كأنه الصحيح) ، عن حريز قال عبد الرحمن بن ابى عبد الله : قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم : اللبن ، واللبأ ، والبيضة ، والشعر ، والصوف ، والقرن ، والناب ، والحافر ، وكل شي‌ء يفصل من الشاة والدابة فهو ذكى وان أخذته منه بعد ان يموت فاغسله وصلّ فيه (١).

والأخبار كثيرة وان لم تكن صحيحة في هذا المحلّ لكنها منحبرة بفتوى الأصحاب وهذه الصحيحة ليست من الإمام عليه السلام الا في النسخة الأخيرة من الكافي (٢) ، بل ليست بصحيحة ، لأن إبراهيم بن هاشم في الطريق في التهذيب والكافي فهو حسن لو كان المشترك ثقة ، وهو الظاهر ، مع اشتمالها على اللبن واللبأ وكل شي‌ء يفصل واشتراط المأخوذ منه ، بالغسل وفيها تأمل واضح ، والاخبار مذكورة في المنتهى وفي الكافي والتهذيب في الغسل وسيجي‌ء تحقيق ذلك إنشاء الله.

ولا استبعاد بعد ورود النص والإجماع على طهارة الإنفحة مثلا مع كونها جلدة ومخرجة عن بطن الميّت ، ويمكن عدم وجوب غسلها أيضا لظاهر الخبر وعدم افادة الغسل الطهارة فبعد ثبوت الأدلة لا كلام ، نعم لا بد من الأدلة فتأمل.

وبالجملة ، الأصل دليل قوى ، وقد قوى بانضمام الخبر بان كل شي‌ء طاهر حتى تعلم انه نجس (٣) ، وفتوى الأصحاب به وعدم الاكتفاء بالظن مع عدم دليل النجاسة إذ ليس لها سبب الا كونها ميّتة ولم يظهر صدق ذلك على المذكورات

__________________

(١) الوسائل باب ٣٣ حديث ٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة من كتاب الأطعمة والأشربة.

(٢) يعني ليس مستندا الى الامام عليه السلام في جميع نسخ الكافي.

(٣) لم نجد بهذا اللفظ خبرا ، نعم ورد في موثقة عمار كل شي‌ء نظيف حتى تعلم انه قذر ئل باب ٣٧ حديث ٤ من أبواب النجاسات

٣٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وكون كل جزء من الميّتة نجسا غير مسلم.

وبمثل هذا يستدل على طهارة القشور والجلود والأجزاء الصغيرة المنفصلة عن بدن الإنسان ، بل كل الحيوان حال حيوته خصوصا في السفر عن وجهه وشفته وانا مله والبثورات.

والحرج والضيق المنفيين بالعقل والنقل ، وبالشريعة السمحة السهلة ، وفي حسنة عبد الرحمن المتقدمة دلالة عليها (١) ، قال المصنف قدس الله روحه في (المنتهى) : السادس الأقرب طهارة ما ينفصل من بدن الإنسان من الاجزاء الصغيرة مثل البثور والثألول وغيرهما لعدم إمكان التحرز عنها فكان عفوا دفعا للمشقة.

ولعله يريد بالعفو الطهارة لقوله : (طهارة ما ينفصل) ، وأيضا دليله يدل على عفوه من كل وجه وهو المراد بالطهارة ، وبالجملة الاحتراز عن مثلها دائما بالنسبة الى كل احد متعذر.

ويمكن أيضا الاستدلال بمثل ما روى في الصحيح من الاخبار (٢) ، الصلاة في الثوب الذي أخذ عليه من الشارب والظفر من دون النفض وعدم غسل اليد ، وطهارة السكين ، لان الغالب انه يقطع من الظفر من البدن شي‌ء ولو لم يكن لازما فلا شك في انه قد يكون معه ، فترك التفصيل يدل على المطلوب.

وبما في صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : سألته عن الرجل يكون به الثالول والجراح هل يصلح له ان يقطع الثالول وهو في صلوته أو يلتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه؟ قال : ان لم يخف ان يسيل الدم فلا بأس وان تخوف ان يسيل الدم فلا يفعله (٣) فتأمل.

واعلم ان في لبن الميتة ترددا للأخبار الدالة على الطهارة والحليّة ، وقد ادعى صحّة بعضها ، والأصل معها.

ولكن (ثبوت نجاستها) وان الملاقي بالنجس مع الرطوبة ينجس

__________________

(١) قال عليه السلام : كل شي‌ء يفصل من الشاة والدابة فهو ذكى.

(٢) لا حظ الوسائل باب ١٨ من أبواب لباس المصلى من كتاب الصلاة.

(٣) الوسائل باب ٦٣ حديث ١ من أبواب النجاسات.

٣٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

إجماعا في المائع وكثرة قول الأصحاب مع عدم صحة الدال عليها ، بل عدم صراحته أيضا.

(يدل) على التحريم والنجاسة مع عموم تحريم الميتة وعدم الانتفاع بشي‌ء منها ، والتصريح في بعض الاخبار بأنه حرام (١) ، فإن الذي ادعى في المنتهى صحته هو خبر زرارة عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سألته عن الانفحة تخرج من الجدي الميّت قال : لا بأس به ، قلت : اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت قال : لا بأس به (٢).

وصحته غير ظاهر لانه نقل في التهذيب ، عن الحسن بن محبوب مقطوع الاسناد (٣) (وقيل) طريقه فيه اليه حسن الا ما أخذ من كتبه ، وهو غير واضح نعم انه ، اما حسن أو صحيح ، نعم يمكن تصريحه من الفهرست لكن الدلالة غير صريحة على التحليل والطهارة ، وفي مثل هذه المسئلة ، العمل بمثله لا يخلو عن اشكال.

وافتى الشيخ بها ، وحمل غيره من الخبر الذي قلنا انه صريح في التحريم على التقية بعد تضعيفه بوهب بن وهب (٤) وانه ضعيف.

وبالجملة لو ثبت الطهارة لا استبعاد لجواز استثناء هذا الفرد من نجاسة الملاقي بالنجس مع الرطوبة لو ثبتت الكليّة ، مثل الانفحة فإنه خارج بالإجماع على الظاهر ، والاخبار مع تلك الملاقاة مع شي‌ء زائد بأنها جلدة ، والعظم (٥) مع انه كان عليه اللحم ، ومعلوم رطوبته ، وكذا السن ، بل الظفر ، وبالجملة الأمر إلى الشارع.

__________________

(١) ئل باب ٣٣ حديث ١١ من أبواب الأطعمة المحرّمة.

(٢) الوسائل باب ٣٢ حديث ١٠ من أبواب الأطعمة المحرمة من كتاب الأطعمة والأشربة ـ وتمامه قلت : والصوف والشعر وعظام الفيل والجلد والبيض يخرج من الدجاجة فقال : كل هذا لا بأس به.

(٣) نعم لكن نقله الصدوق أيضا بإسناده عن الحسن بن محبوب وطريقه اليه صحيح كما يظهر من مشيخة الفقيه حيث قال : وما كان فيه عن الحسن بن محبوب فقد رويته ، عن محمد بن موسى بن المتوكل رض ، عن عبد الله بن الجعفر الحميري وسعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب انتهى.

وهذه الرواة كلهم من الأجلاء وانهم موثقون اماميون كما ذكر في محله ، مع ان الحسن بن محبوب من أصحاب الإجماع على ما صرح به الكشي في رجاله.

(٤) ئل باب ٣٣ حديث ١١ من أبواب الأطعمة المحرمة من كتاب الأطعمة.

(٥) عطف على قوله : مثل الانفحة فلا تغفل.

٣٠٦

والدّم من ذي النّفس السّائلة.

والكلب والخنزير وأجزائهما.

______________________________________________________

ثم ان الظاهر عدم وجوب جزّ الشعر والصوف من الميّتة ، بل يكفى النتف ، ويفهم من أكثر عبارات الأصحاب وجوب الغسل حينئذ أو قطع ما اتصل بالميّت ، وفي بعض الاخبار أيضا دلالة على الغسل (١) ولكن الأخبار التي دلّت على الاستثناء خالية عنه كما في العظم والسن والانفحة ، وليس اتصاله بالرطب من الميّت أقوى منها ، فلا يبعد عدم الوجوب أو حمل ما وقع على الاستحباب لا على ازالة ما اتصل به من اجزاء الميّت لعدم الصّحة والصراحة ، والأصل مع ما مرّ دليل قوى ، وكلام المصنف في المنتهى إشارة الى عدم الوجوب مطلقا ، بل مع الرطوبة قال : الريش كالشعر لأنه في معناه ، واما اصولهما إذا كانت رطبة ونتفت من الميتة غسل وكان طاهرا لانه ليس بميّتة قد لاقاها برطوبة ، وكان في أصله ، فيه اشعار بوجوب غسل المستثنيات بشرط الرطوبة فتأمل ، ولان مطلق الملاقاة للميّتة لا ينجس ، ثم قال أيضا : شعر الآدمي إذا انفصل في حيوته فهو طاهر على قول علمائنا انتهى.

ودليله واضح ، ولو لا دليل وجوب غسل شعر الآدمي بعد الموت لم يجب الغسل ، وانه ليس ينجس وانه لا يضر خروج ما يتوهم من اجزاء الآدمي مع أصوله لما مرّ فتأمل ، والاحتياط أمر آخر.

ودليل نجاسة الكلب والخنزير الإجماع المفهوم من المنتهى قال فيه هما نجسان عينا قاله علمائنا اجمع ، والاخبار الصحيحة عنهم عليهم السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الآدمي قال : يغسل المكان الذي اصابه (٢) وان كان رطبا فاغسله (٣) وانه رجس نجس (٤) ـ ويفهم من صحيحة الفضل الأمر

__________________

(١) ئل باب ٣٣ حديث ٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة قال عليه السلام : وان أخذته منه بعد ان يموت فاغسله وصل فيه.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٤ و ٨ من أبواب النجاسات وفيه يصيب جسد الرجل.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب النجاسات ومتنه هكذا ان أصاب ثوبك ، من الكلب رطوبة فاغسله وان اصابه جافا فأصيب عليه الماء ، قلت : ولم صار بهذه المنزلة؟ قال : لأن النبي (ص) أمر بقتلها.

(٤) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

٣٠٧

والكافر وإن أظهر الإسلام إذا جحد ما يعلم ثبوته من الدّين ضرورة. كالخوارج والغلات.

والمسكرات.

______________________________________________________

بقتله فيمكن الاستحباب كما قال المصنف في المنتهى : يستحب قتل الخنزير.

ويمكن فهم نجاسة الخنزير من الآية (فإنه رجس) (١)

وصحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى (ع) ، (ويدل أيضا على وجوب الغسل سبعا لولوغه) قال : سألته عن خنزير يشرب من إناء كيف يصنع به؟ قال : يغسل سبع مرّات (٢).

وهذه الاخبار تدل على نجاسة شعرهما لأن الملاقاة ببدن الإنسان وثوبه الواقع في الاخبار الصحيحة (هما ـ خ) يكون له أو أعم مع ترك التفصيل فيكون بعد الموت أيضا غير مستثنى ، فمذهب السيد بطهارة ما لا تحله الحيوة منهما كسائر الميتات محل التأمل.

واعلم أيضا انه يفهم من بعض الأخبار الصحيحة عدم البأس وعدم وجوب غسل الثوب والصلاة معه مع ملاقاته الميتة مثل الحمار والكلب الميّت ، وذلك يدل على عدم نجاسة الملاقي إلا مع الرطوبة ولو كان ميتة ، وفي بعضها الأمر بالنضح في الخنزير والكلب (٣) فالاستحباب غير بعيد ، ويفهم منه أيضا عدم التنجيس الا مع الرطوبة.

واما دليل نجاسة الخمر فهو نقل الإجماع في المختلف عن الشيخ ، وعن السيد الا عن شاذ لا اعتبار به ، قال في المنتهى : وهي قول أكثر أهل العلم ، وقوله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ) (الى قوله) (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٤) ـ لان الرجس هو النجس بالاتفاق على ما قاله الشيخ في التهذيب ،

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ ، فَإِنَّهُ رِجْسٌ) ـ الأنعام ـ ١٤٥.

(٢) الوسائل باب ١٣ ذيل حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٣) لاحظ الوسائل باب ١٣ من أبواب النجاسات.

(٤) المائدة ـ ٩٠.

٣٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ولوجوب الاجتناب من جميع الوجوه ، ولكون عدمه موجبا لعدم الفلاح ، والهلاك ، والاخبار الكثيرة.

(منها) مكاتبة على بن مهزيار قال : قرأت في كتاب عبد الله بن محمد الى ابى الحسن (ع) : جعلت فداك روى زرارة عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل انهما قالا : لا بأس بان يصلى فيه انما حرم شربها ، وروى غير زرارة عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال : إذا أصاب ثوبك خمرا ، ونبيذ يعنى المسكر فاغسله ان عرفت موضعه وان لم تعرف موضعه فاغسله كلّه وان صليت فيه فأعد صلوتك ، فأعلمني ما آخذ به؟ فوقع عليه السلام بخطه وقرأته : خذ بقول ابى عبد الله عليه السلام (١).

وهذا أجود الاخبار سندا حيث أظن صحته وان كان مكاتبا وهو حجة كالمشافهة ، وهو ظاهر ، وما رأيت أحدا قال بصحته ، بل قالوا بعدمها ، وقال في المنتهى : انه حسن ، وهو غير ظاهر فارجع الى مأخذه وأصله.

(ومنها) ما في الخبر الصحيح (٢) من نهيه عليه السلام عن بعض ظروف الخمر فيكون لنجاستها وحمل الشيخ الأخبار الدالة على الطهارة ، على التقيّة للجمع ، مع ردها في المنتهى بعدم الصحة ، وما ادعى احد صحتها على ما اعرف.

وفيها تأمل لعدم ثبوت الإجماع كما صرح به السيد ويدل عليه (٣) مكاتبة على بن مهزيار حيث كان الخلاف بين الأصحاب موجودا ، وقول الصدوق وابن ابى عقيل بالطهارة على ما نقل في المختلف ، ودلالة الآية غير ظاهرة لعدم كون الرجس بمعنى النجس على اصطلاح الفقهاء لا لغة وهو ظاهر ، ولا عرفا عاما وخاصا لعدم الثبوت كما هو الظاهر ، وما يفهم من كتب اللغة انه القذر أعم من ذلك المعنى لانه يصح قسمته ، الى القذر عقلا وشرعا.

ويفهم ان المراد هنا ما يحرم استعماله في الجملة لوقوعه خبرا عن الأنصاب

__________________

(١) الوسائل باب ٣٨ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٥٢ (ما يكره من أواني الخمر) من أبواب النجاسات.

(٣) يعنى يدل على عدم تحقق الإجماع ، المكاتبة حيث انه فرض المسئلة ذات قولين بين الأصحاب (ص).

٣٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والأزلام وليسا بنجس اتفاقا قال في الكشاف : بحذف المضاف أي (إنما تعاطى الخمر والأنصاب والأزلام رجس ،) ويشعر به أيضا (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ، وعموم الاجتناب بحيث يدل على النجاسة ، غير ظاهر أيضا كما في الأنصاب والأزلام وهو ظاهر ، ولان المتبادر منه الى الفهم في الخمر هو الشرب كالنكاح في الأمهات ، ومنه يعلم حال عدم الفلاح.

وليس في الاخبار ما يصلح حجة إلا المكاتبة ، ودلالتها غير صريحة لان قول ابى عبد الله عليه السلام كان مع قول ابى جعفر عليه السلام أيضا ، نعم انفراده عليه السلام يشعر بأنه قوله فقط لكن ليس بصريح ففيها إجمال مّا ولا تصلح للاحتجاج في مثل هذه المسئلة بانفرادها لما ستقف عليه وان صلحت للاحتجاج للظهور في الجملة لكنّها مكاتبة ، والمشافهة خير منها.

واما دليل طهارته ، فالأصل ، والاستصحاب ، ودليل كل شي‌ء طاهر حتى تعلم انه نجس (١) ، مع حمل العلم على اليقين لا الظن كما مر ، وفتوى أكثر الأصحاب بأن الظن لا يكفي في النجاسة الا ان يكون عن دليل شرعي قام البرهان على قبوله مثل شهادة الشاهدين ، والبعض منع منه أيضا والاخبار الكثيرة.

(منها صحيحة أبي بكر الحضرمي في النبيذ قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أصاب ثوبي نبيذ أصلي فيه؟ قال : نعم الخبر (٢) ـ النبيذ أعم من ان يكون مسكرا أم لا فيساوي الخمر.

وليس فيه الا على بن الحكم المشترك بين الثقتين وغيره ، والظاهر انه الثقة بقرينة نقل (احمد بن محمد بن عيسى) عنه لأنه الذي ينقل عنه كما ذكره الشيخ في فهرسته وغيره ولتسمية كثير من الاخبار الواقع هو فيه بالصحة كما لا يخفى على المتتبع المتأمل.

وقال في رجال ابن داود في باب (الكنى نقلا عن الكشي :) ان أبا بكر الحضرمي ثقة ، ولكن ليس كذلك فهو من أغلاط كتابه وأيضا سمي الخبر الواقع

__________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ٤ من أبواب النجاسات ، وفيه كل شي‌ء نظيف حتى تعلم انه قذر.

(٢) الوسائل باب ٣٨ حديث ٩ من أبواب النجاسات وسنده هكذا محمد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن على بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابى بكر الحضرمي.

٣١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

هو فيه بالصحّة.

وصحيحة الحسن (الحسين ـ خ يب) بن أبي سارة في الاستبصار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ان أصاب ثوبي شي‌ء من الخمر أصلي فيه قبل ان اغسله؟ قال : لا بأس ، ان الثوب لا يسكر (١).

وهذه أصح سندا وأوضح دلالة حيث انها صريحة في الخمر ، وفي قبل الغسل (٢).

وللتعليل وما صحّحت في كلامهم أيضا ، ولعل وجهه أنها مذكورة في التهذيب عن الحسين بن أبي سارة في الموضعين ، وهو غير معلوم لعدم ذكره في الكتب في تحقيق الرجال ، أظن أنه الحسن الثقة لذكره في الكتب ، وكونه كذلك في الاستبصار المقابل بما يقال ان عليه خط الشهيد رحمه الله ، وأظن توثيق غيره أيضا فيه لانه قال فيه (عنه) إشارة إلى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد البرقي ، عن محمد بن ابى عمير عن الحسن.

وفي التهذيب قال : احمد ، عن ابى عبد الله البرقي ، عن محمد بن ابى عمير عن الحسين إلخ ولعل احمد هو ابن عيسى ، وأبو عبد الله هو محمد بن خالد البرقي الثقة عند الشيخ أو يكون (ابن) بدل (عن) فيوافق الاستبصار فصح الخبر إنشاء الله والاخبار كثيرة ما نقلتها ، لعدم الصحة.

ومما يدل على الطهارة عدم نجاستها بعد الانقلاب خلّا ولو بعلاج بالاتفاق ، وما يدل على طهارة بصاق شاربها من الاخبار (٣) وعلى استعمال ظروفها من غير غسل. (٤)

والعجب من الصدوق ، انه قال في الفقيه : تجوز الصلاة مع الثوب الذي فيه

__________________

(١) الوسائل باب ٣٨ حديث ١٠ من أبواب النجاسات.

(٢) يعنى صريحة في ان السؤال كان عن الصلاة فيه قبل الغسل حيث قال : أصلي فيه قبل ان اغسله؟

(٣) الوسائل باب ٣٩ حديث ١ و ٢ من أبواب النجاسات.

(٤) لاحظ الوسائل باب ٢٥ و ٣٠ من أبواب الأشربة المحرمة.

٣١١

والعصير إذا غلا واشتدّ. والفقّاع.

______________________________________________________

الخمر ولا يجوز في البيت الذي فيه الخمر ، ولعله للرواية (١) وانه يجب نزح جميع البئر لصبّها فيه ، وكأنه للتعبد ، ولغلظة تحريمها.

(والجمع) بين الأدلة بحمل الأول على الكراهة ، واستحباب الغسل ، والاجتناب ويشعر به ما في بعض الاخبار (فيصب على ثيابي الخمر فقال : لا بأس به الا ان تشتهي أن تغسله لأثره) (٢).

(اولى) من حمل البواقي ، على التقيّة ، كما لا يخفى على تقدير التعارض الكثير.

والخبر الأول لا دلالة فيه مع عدم الصحة بالباقي كذلك وعدم ظهور دلالة قوله (ومما يدل إلخ) مع نقل الإجماع في النجاسة وصحة بعض الاخبار وظاهر الآية ، فافهم والاحتياط لا ينبغي تركه.

وكذا حال جميع المسكرات المائعة والفقاع للاتفاق على عدم الفرق والاخبار (٣).

واما العصير العنبي فالظاهر طهارته مع التحريم كما في الدروس لعدم دليل النجاسة مع دليله ودليلها ، وقلة القائل كما يظهر من الذكرى مع القول بنجاسته في الرسالة وهو قريب.

فيكون عصير التمر والزبيب طاهرا بالطريق الاولى واما اباحته ، فالأصل وحصر المحرمات في بعض الآيات مثل (إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) الآية (٤) ، مع دليل من العقل والنقل من الكتاب والسنة.

فممّا يدل على اباحته (ما خلق الله) (٥) و (أكل الطيبات من الرزق) (٦)

__________________

(١) الوسائل باب ٣٨ حديث ٧ من أبواب النجاسات ، ولفظ الحديث هكذا لا تصل في بيت فيه خمر ، ولا مسكر ، لأن الملائكة لا تدخله ، ولا تصل في ثوب قد اصابه خمر أو مسكر حتى تغسله ، ولا حظ باقي أخبار هذا الباب.

(٢) ئل باب ٣٨ حديث ١٢ من أبواب النجاسات.

(٣) راجع الوسائل باب ٣٨ من أبواب النجاسات.

(٤) الأعراف ـ ٣٣.

(٥) لعله إشارة إلى قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ـ البقرة ـ ٢٩.

(٦) لعله إشارة إلى قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلّهِ) ـ البقرة ١٧٣.

٣١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وغيره الا ما أخرجه دليل يدل عليها ، ولا دليل هنا يصلح للإخراج ، إذ قياسه على عصير العنب باطل ، وكذا تسميته عصير العنب.

نعم يدل على تحريم كل عصير حسنة عبد الله بن سنان (وهي في الكافي ، وفي التهذيب صحيحة) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : كل عصير اصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه (١).

الظاهر ان المراد بإصابته النار ، الغليان ، وفسر الغليان بالقلب في بعض الروايات كما ستعرف لعدم التحريم الا معه على ما يفهم من كلامهم ، وبعض الروايات أيضا كما سيجي‌ء فيخرج ما هو حلال بالإجماع ويبقى الباقي تحت التحريم ومنه العصير الزبيبي والتمري ، وكذا عمومات ما يدل على تحريم العصير فإنه ليس. بمقيّد بالعنبي مثل حسنة حماد بن عثمان عنه عليه السلام (فيهما) لا يحرم العصير حتى يغلى (٢).

وفي أخرى قال : سألته عن شرب العصير قال : تشرب ما لم يغل فإذا غلا فلا تشربه ، قلت : جعلت فداك أي شي‌ء الغليان (ع) قال : القلب (٣).

ويدل على خصوص تحريم عصير الزبيب مفهوم رواية على بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام (فيهما أيضا) (٤) قال : سألته عن الزبيب هل يصلح ان يطبخ حتى يخرج طعمه ثم يؤخذ الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث ، ثم يرفع فيشرب منه سنة؟ قال : لا بأس (٥) ، به وليس بحجة لوجود سهل بن زياد في الطريق وهو ضعيف ، وأيضا دلالة المفهوم من كلام السائل أضعف.

وبعد تسليم المفهوم ، يدل على البأس قبل ذهاب ثلثيه ، وفي دلالته على التحريم تأمل فليس في الخصوص دلالة ، ولا فيما نقله في الدروس من رواية عمار : وسئل الصادق عليه السلام عن النضوح كيف اصنع به حتى يحل؟ قال :

__________________

وقوله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) ـ الأعراف ـ ٣٢.

وقوله تعالى (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) ـ طه ـ ٨١.

وقوله تعالى (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ـ الجاثية ـ ١٦.

(١) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب الأشربة المحرمة من كتاب الأطعمة.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب الأشربة المحرمة.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب الأشربة.

(٤) يعني في الكافي والتهذيب.

(٥) الوسائل باب ٨ حديث ٢ من أبواب الأشربة المحرّمة.

٣١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

خذ ماء التمر فأغله حتى يذهب ثلثاه (١).

وهو ظاهر ولكن في العمومات التي تقدمت وغيرها دلالة ظاهرة الا ان يقال : لا يقال العصير لغة أو عرفا أو شرعا الا على العنبي كما قيل في قوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) (٢) ـ ولا يكاد يوجد ما هو مخصوص بالعنب فينبغي الاجتناب احتياطا عما اصابته النار لما مرّ في الرواية فتأمل واحتط.

(واما دليل) (٣) نجاسة الدم ، قال في المنتهى : قال علمائنا : (الدم) المسفوح من كل حيوان ذي نفس سائلة (أي يكون خارجا بدفع من عرق) (نجس) وهو مذهب علماء الإسلام (انتهى) (فهو) الإجماع (المفهوم منه.

ولكن يعلم منه ، ومن نهايته وهو أصرح وغيرهما ، ان النجس هو الدم المسفوح ، بل الحرام أيضا ذلك كما صرح به فيهما واستدل بقوله تعالى (دَماً مَسْفُوحاً) (٤) وقيد به ما وقع مطلقا بحمل المطلق على المقيّد.

وهو مبنيّ على القول بالمفهوم ، وانه يقيد به إطلاق المنطوق ، وفيه تأمل يعلم من الأصول.

والاولى ان يقال : لا عموم له ولا حجيّة في المطلق على جميع الافراد حتى يحتاج ـ الى التقييد.

وأيضا قال : دم السمك طاهر وهو مذهب علمائنا (إلى قوله) دم السمك ليس بمسفوح فلا يكون محرما ولا يكون نجسا.

وأيضا قال : ان الذي يبقى بعد الذبح طاهر لانه ليس بمسفوح ، مع انه أعم ممّا بقي في العرق بعد خروج ما يمكن الخروج كما صرّح به ، فالعمدة فيه الإجماع كما نقل.

وأيضا قال : دم ما لا نفس له كالبرغوث طاهر وهو مذهب علمائنا.

__________________

(١) الوسائل باب ٣٧ حديث ١ من أبواب الأشربة المحرّمة من كتاب الأطعمة.

وفي مجمع البحرين نقلا عن بعض الأفاضل : هو طيب مائع ينقعون التمر والسكر والقرنفل والتفاح والزعفران وأشباه ذلك في قارورة فيها قدر مخصوص من الماء ويشد رأسها ويصبرون أياما حتى ينش ويتخمر انتهى.

(٢) يوسف ـ ٣٦.

(٣) هكذا أخر في بيان الاستدلال في جميع النسخ مخطوطة ومطبوعة.

(٤) الانعام ـ ٤٥

٣١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا يكون غيره نجسا ولا حراما بالأصل والإجماع كما يفهم ، مع انا نجدهم يحكمون بنجاسة الدم من الحيوان الذي له نفس سواء كان هذا الدم من العرق وغيره ، ولا يمكن دعوى ان كل دم في ذي نفس فهو دم مسفوح وهو طاهر وعلم ممّا سبق أيضا فلا يحكم بنجاسة الدم ولو (١) علم انه من الإنسان أو حيوان آخر ذي النفس ، لجواز كونه غير مسفوح ويكون خارجا من بين أسنانه ولحومه.

وكذا العلقة والبيضة التي صارت دما وان (٢) علم انه من دم الحيوان وادعى الشيخ الإجماع على نجاستها (٣) فلا يحتاج الى منع انه لا يستلزم وجوده في الحيوان كونه من دمه على دليل المعتبر بأنها دم من حيوان ذي نفس فيكون نجسا كما قاله في الشرح (٤) ، مع ان الظاهر ذلك ، بل ينبغي منع الكبرى كما أشرنا اليه ،.

وبالجملة قد يوجد في كلامهم نجاسة الدم من ذي النفس مطلقا ، وفي بعضه الدم المسفوح (واستدلالهم) بالإجماع وبقوله تعالى (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (٥) وحمل مطلق الدم المحرم عليه كما مرّ مع ما فيه (يدل) على نجاسة المقيد إذا الإجماع على غيره غير ظاهر ، مع ان في دلالة الآية تأملا قد مر في بحث الخمر لاحتمال كونه راجعا الى لحم الخنزير.

ومن الأدلة ، الاخبار مثل صحيحة زرارة (في حديث طويل في زيادات التهذيب) قال : قلت له : أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شي‌ء من منى فعلّمت أثره الى ان أصيب الماء فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت ان بثوبي شيئا

__________________

(١) الواو وصليّة يعني لا يحكم حتى مع العلم بأنه من الإنسان إلخ.

(٢) الواو وصليّة يعنى ان العلقة والبيضة المنقلبة دما طاهرتان حتى مع العلم بأنه من دم الحيوان ومع دعوى الشيخ الإجماع على نجاستها.

(٣) وحيث ان العبارة مغلقة في الجملة فلا بد من نقل عبارة الروض قال عند قول المصنف (والدم ذي النفس السائلة) ما هذا لفظه : مطلقا لعموم الخبر المتقدم أو إطلاقه ومنه العلقة وان كانت في البيضة حتى ادعى الشيخ في الخلاف الإجماع على نجاستها ، واحتج عليها في المعتبر بأنها دم حيوان له نفس ـ وفي الدليل منع ، وكونها في الحيوان لا يدل على انها منه انتهى.

(٤) قال في روض الجنان : واحتج عليها (العلقة في البيضة) بأنها دم حيوان له نفس وفي الدليل منع وكونها في الحيوان لا يدل على انها منه انتهى.

(٥) الانعام ـ ١٤٥.

٣١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وصليت ثم انى ذكرت بعد ذلك قال : تعيد الصلاة وتغسله (١) ـ وان لم يكن صريحا بأنه عن الامام ولكن الظاهر انه عنه عليه السلام (٢).

وصحيحة عبد الله بن ابى يعفور (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السلام (في حديث) قال : قلت الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فنسي أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعد ما صلى أيعيد صلوته؟ قال : يغسله ولا يعيد صلوته الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة (٣).

وفي أول هذه عدم البأس بدم البراغيث وان كان كثيرا فاحشا ، وفي الطريق على بن الحكم لكنه الثقة على الظاهر لما مر.

وهما يدلان على نجاسة مطلق الدم اىّ دم كان حيث ترك التفصيل في الجواب فيقيد بالمسفوح لما مر كما قيل ، وللإجماع لو كان ، أو على ذي النفس ، بل دم الإنسان فقط كما هو الظاهر ، فيكون ترك التفصيل لذلك وغيرهما من الاخبار مثل خبر ابى بصير عنه عليه السلام (٤) (الى قوله) وان هو علم اى فعليه الإعادة ، وفي الطريق (٥) ابن سنان لعله عبد الله فيكون صحيحا.

والاخبار المعتبرة الدالة على العفو عما دون الدرهم من الدم النجس مثل ما في حسنة محمد بن مسلم قال : قلت له الدم (٦) (الى قوله) فأعد ما صليت فيه اى في الثوب الذي يكون فيه الدم أكثر من مقدار الدرهم.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٢ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٢) مضافا الى ان الصدوق ره رواه في العلل بطريقه الصحيح الى حماد عن حريز عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب النجاسات وصدره في باب ٢٣ حديث ١ منها.

(٤) قال : ان أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم فلا اعادة عليه وان هو علم قبل ان يصلى فنسي وصلى فيه فعليه الإعادة ـ الوسائل باب ٤٠ حديث ٧ من أبواب النجاسات.

(٥) سنده هكذا : الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابى بصير.

(٦) يكون في الثوب علي وانا في الصلاة قال : ان رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل وان لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلوتك ولا اعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم ، وما كان أقل من ذلك فليسن بشي‌ء رأيته قبل أو لم تره ، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه ـ الوسائل باب ٢٠ حديث ٦ من أبواب النجاسات.

٣١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحة إسماعيل الجعفي عن ابى جعفر عليه السلام قال : في الدم (١) (الى قوله) فليعد صلوته ، وهذه كلّها مثلهما في عموم الدم فالتقييد بأنه من ذي النفس ، كأنه يستفاد من الإجماع مع عدم صراحة هذه الاخبار في العموم ، واما التقييد بالمسفوح فغير مستفاد من هذه الاخبار ، بل بعضها ظاهر في عدمه فتأمل.

وطهارة دم ما لا نفس له بالإجماع وبعض الاخبار كما مرّ.

وقد فهمت ممّا مرّ دليل العفو عما دون الدرهم من الدم النجس الا دم الحيض فإنه موجود عدم العفو عن قليله وكثيره في الخبر وكأنه صحيح ابى بصير (٢) (فإن قليله وكثيره في الثوب سواء) ولعله أيضا إجماعي.

وكذا دم نجس العين وهو ظاهر.

وكذا دم النفاس والاستحاضة لثبوت نجاستهما وعدم ثبوت العفو وعدم القول به على الظاهر ، وليس في الاخبار نصّ ، بل ظاهر في عفو هما ، بل العمدة في العفو الإجماع وليس فيهما ، وأيضا ان النفاس حيض عندهم ، وظاهر صحيحة زرارة الطويلة المشتملة على أحكام كثيرة تشملهما (٣) ، وكذا الآية (٤) أيضا على ما حملوها عليه من عموم نجاسة دم ذي النفس.

واما العفو فالظاهر انه عما نقص عن الدرهم لتحقق الإجماع فيه ، ولصحيحتي ابن يعفور وإسماعيل الجعفي المتقدمتين (٥) ، وأدلة نجاسة الدم مع عدم ثبوت العفو الا فيه.

وأيضا ان المتفرق إذا وصل الى الدرهم فلا يكون عفوا وقبله يكون عفوا لما مرّ فمقدار الدرهم غير معفو أيضا.

__________________

(١) يكون في الثوب ان كان أقل من الدرهم فلا يعيد الصلاة وان كان أكثر من قدر الدرهم وكان قد رآه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلوته الخبر الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٢) عن ابى عبد الله وابى جعفر عليهما السلام قال : لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره غير دم الحيض فإن قليله وكثيره ان رآه وان لم يره سواء الوسائل باب ٢١ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٣) هذه الرواية أوردها مقطعة في الوسائل في أبواب متفرقة من أبواب النجاسات فلاحظ ـ باب ٣٧ حديث ١ وباب ٤١ حديث ١ وباب ٤٢ حديث ٢ وباب ٤٤ حديث ١.

(٤) يعنى قوله تعالى (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) ـ الأنعام ١٤٥.

(٥) تقدم ذكر محله آنفا فراجع.

٣١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

واما تعيينه فيحتمل ان يكون درهم زمانهم عليهم السلام ، وقدره غير ظاهر ، والدرهم المتعارف في أكثر البلدان أو في كل بلد ، حكم نفسه ، (واما) التقييد بالبغلي وتعيينه بمنخفض الكف ونحوه ، فما نجد له دليلا فتأمل.

وكذا يعفى عن دم القروح والجروح حتى تبرأ ، ولعل دليله الإجماع والاخبار الصحيحة كما ستأتي (١).

ولعل الشد غير واجب ، بل لا تفاوت في العفو بين ما يلاصق محلهما أولا بحيث يصل اليه منها ، لظاهر الاخبار ، والاحتياط أمر آخر ، وظاهر هذه الاخبار مع ما تقدم يدل على نجاسة دم القروح والجروح فيكون نجسا وعفوا في الصلاة ونحوها لا مطلقا.

والظاهر ان الصديد طاهر ، وان قال في الصحيح (٢) ان فيه دما لعدم صدقه عليه الآن لا شرعا ولا عرفا ، بل ولا لغة ، ويمكن حمله على المشتمل على الدم ، وتردد المصنف في المنتهى فيه ، والاحتياط يقتضي الاجتناب.

وأيضا الظاهر تنجيس الماء القليل بقليله أيضا (وصحيحة) على بن جعفر عن أخيه قال : سألته عن الرجل رعف : فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب إنائه هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال : ان لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا بأس وان كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه (٣) (محمولة) على عدم وقوعه في الماء ، بل على الإناء فقط وليس في الخبر زيادة عن وقوعه في الإناء.

وقد حملها عليه المصنف رحمه الله في المختلف لثبوت نجاسته ، ولما في آخر تلك الصحيحة ـ قال : وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فقطر (فتقطر ـ خ ل) قطرة في إنائه هل يصح الوضوء منه؟ قال : لا (٤).

__________________

(١) راجع باب ٢٢ من أبواب النجاسات.

(٢) قال في الصحاح : وصديد الجرح مائه الرقيق المختلط بالدم قبل ان يغل (المدّة يقول : اصدّ الجرح اى صار فيه المدّة انتهى ولفظه (الصحيح) وقعت في جميع النسخ مخطوطة ومطبوعة ، والظاهر (الصحاح) بدل (الصحيح).

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٤) الوسائل باب ٨ ذيل حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

٣١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وذهب الشيخ الى عدم نجاسته بملاقاة قليل من الدم كرؤس الابر لما في أول هذه الرواية ، وحمل آخرها على الكثير ، وفي الرواية إشعار به.

وكذا (عدم الغسل) من مقدار الحمّصة من الدم والغسل في أكثر منه (١) (محمول) على الدرهم ودونه.

وأيضا ورد رواية على أكل النار ما في القدر وقال به البعض مثل صحيحة سعيد الأعرج (الثقة في كتاب الأطعمة من الكافي) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قدر فيها جزور وقع فيها قدر أوقية من الدم (دم ـ خ ل) أتوكل؟ قال : نعم فان النار تأكل الدم (٢) ـ وليس بصريح في الدم النجس فلو ثبت وقوع الدم النجس فيه فيشكل جواز اكله ، لكن العلّة تدل عليه فغير بعيد ، واما غيره من النجاسة الأخرى فالظاهر العدم لعدم الدليل ، والاحتياط حسن فلا يترك ، واما دليل نجاسة الكافر فكأنه الإجماع المفهوم من كلام المصنف في المنتهى قال : الكفار أنجاس وهو مذهب علمائنا اجمع سواء كانوا أهل كتاب أو حربيين أو مرتدين ، وعلى اى صنف كانوا خلافا للجمهور كأنه يريد بعضهم (أو) انهم لا يقولون بتنجيس الكل فإنه يفهم من تفسير فخر الرازي في قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (٣) نجاسة المشركين عنده ، بل عند غير أبي حنيفة حيث اعترض عليه ان الله تعالى يقول : ليس النجس الا الكفار وهو يزعم ان لا نجس الا المسلم حيث يحكم بطهارة غسالة الكفار لعدم رفع النجاسة وهو الحدث ، ونجاسة غسالة المسلم (٤) مع انه ليس معنى الآية كما فهم بل معنى الحصر حصر الكفار في النجاسة بمعنى ان ليس لهم وصف إلا النجاسة حصرا إضافيا أو مبالغة على ما هو المقرر في حصر (انما) واستدل عليه أيضا بالآية (٥) ، وفي دلالتها تأمل ،

__________________

(١) عن ابى عبد الله (ع) قال : قلت له : انى حككت جلدي فخرج منه دم فقال : ان اجتمع قدر حمّصة فاغسله والا فلا ـ الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٤٤ حديث ٢ من أبواب الأطعمة المحرمة من كتاب الأطعمة.

(٣) التوبة ـ ٢٨.

(٤) الظاهر انه من كلام الشارح قده لا فخر الرازي فلا تغفل.

(٥) يعنى قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) ـ التوبة ـ ٢٨.

٣١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

إذ كون النجس بالمعنى المتعارف غير ظاهر ، وعلى تقدير التسليم فدلالته على الكل موقوف على إثبات كونهم جميعا مشركين وهو لا يخلو عن اشكال ، نعم يمكن جعلها دليلا على البعض حتى اليهود والنصارى لقوله تعالى : تعالى الله عما يشركون (١) ، و (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٢).

ولو ثبت عدم القول بالواسطة ثبت المطلوب مع انه قال المصنف في بحث سئور المنتهى : قال ابن إدريس. بنجاسة سؤر غير المؤمن والمستضعف ، والشيخ بنجاسة سؤر المجبرة والمجسمة ، ويمكن ان يكون مأخذهما قوله تعالى (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٣) ، والرجس النجس.

وقول ابن إدريس مشكل ، وتنجس سؤر المجبرة ضعيف ، وفي المجسمة قوة وقرّب في النجاسات نجاسة المجسمة وكفرهم ، قال : الأقرب المساواة لاعتقادهم ان الله تعالى جسم وقد ثبت ان كل جسم محدث.

وأيضا من الأدلة حسنة سعيد الأعرج (الثقة لإبراهيم) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني فقال : لا (٤).

وفي مرسلة الوشاء عمن ذكره ، عن ابى عبد الله عليه السلام انه كره سؤر ولد الزنا وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل ما (من ـ خ صا) خالف الإسلام وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب (٥).

كان المراد بالكراهة هو التحريم ، وبه استدل من قال : بنجاسة ، وفيه تأمل واضح.

وصحيحة على بن جعفر سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام قال : إذا علم انه نصراني اغتسل بغير ماء

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) (الى قوله تعالى) (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ) ـ التوبة ـ ٣١ ـ ٣٢.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلّا إِلهٌ واحِدٌ) (الى قوله تعالى) (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) ـ المائدة ـ ٧٣ و ٧٤ و ٧٥.

(٣) الأنعام ـ ١٢٥.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ١ من أبواب الأسئار.

(٥) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب الأسئار.

٣٢٠