مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فكتب : تقضى صومها ولا تقضى صلوتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك (١).

ودلالتها كما ترى ولذا توقف الشيخ في المبسوط في وجوب قضاء الصوم على المستحاضة التي تركت الأغسال على ما نقله الشارح في شرح قوله : «(ولو أخلت بالأغسال)».

بل ظاهرها عدم الإلحاق والا وجب الكفارة أيضا ، مع أنها مشتملة على عدم قضاء الصلاة ، والظاهر انه خلاف ما ذهب إليه الأصحاب وقد مرّ هذا الخبر مع تأويله فتذكر وتأمل.

وكذا رأيت خبرا غير صحيح (في باب زيادات التهذيب في الحيض والاستحاضة يدل على) وجوب قضاء الصوم لمن ترك غسل الحيض بالليل (٢) فهو أيضا يدل على عدم اللحاق ، وان أراد باللحاق وجوب الغسل فقط فغير بعيد الدلالة وأيضا ادعى اخبارا صحيحة في ان أكثر النفاس عشرة ، وما رأيت وسيجي‌ء ، ويمكن الحمل بوجه بعيد في الجملة ، وقد ادعى الشيخ أيضا وما نقله ما دل عليها إلا بالتأويل ، ونقل الشارح رحمه الله ما ذكره وليس تتبّعه مثل تتبع الناقص ، والغرض إظهار الحال والحث على التفتيش لعلك تجد فتنبّه.

ثم ان الظاهر تعقيب الصلاة بالوضوء كالغسل الا انه يمكن ان لا يضر بعض الأمور المتعلقة بالصلاة مثل الستر وتحصيل القبلة ، ولكن الوجوب لا يفهم وان كان ظاهر الأمر في الغسل بالتعجيل والتأخير يفيده في الجملة.

وأيضا ان تجويزهم تقديم الغسل للفجر عليه للتهجد لعله لدليل خاص أو مجرد صدق القول انه اغتسل للفجر ، ولكنه بعيد مع وجود الدم كثيرا ، بل وعلى قولهم مع عدمه أيضا حتى ـ يجب الا ان ينوي الوجوب مع شغل ذمته أو يكون

__________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم من كتاب الصوم.

(٢) الوسائل باب ٢١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ومتن الحديث هكذا ـ : عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السلام قال : ان طهرت بليل من حيضتها ثم توانت ان تغتسل في رمضان حتى أصبحت ، عليها قضاء ذلك اليوم.

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

مما يجب عليه التهجد ونحوه.

ومع ذلك فيه التأمل ، وهو مؤيد لما مر من الاحتمال الذي ذكرته في الوضوء والغسل قبل الوقت الّا ان يراد استحباب الغسل للمستحاضة للتهجد ، وانه كاف عن الوجوب فتأمل وينبغي الاحتياط بغسل له وللفجر بعده.

واعلم انه لو انقطع دم الاستحاضة بعد فعل ما يجب له (يحتمل) (١) وجوب الوضوء لا الغسل للصلاة ونحوها ، لان الدم حدث وقد كان من قبل معفوا للحرج والنص ، والآن لا حرج ولا نص.

وللاية (٢) ، والأصل عدم كون الدم السابق موجبا للغسل وما يثبت كونه كذلك إلا في المواضع المخصوصة.

ألا ترى ان المتوسطة لا توجب عندهم غسلا بعد صلاة الفجر ، وان الكثيرة لا توجب غسلا لكل صلاة مع الجمع.

وان الإيجاب مطلقا ليس بحرج حتى يخرج بالضرورة وهو ظاهر وليس هنا بالفرض وهو مذهب الشيخ والمصنف على ما قاله الشهيد الثاني.

(ويحتمل) وجوب ما يوجبه الدم لو لم ينقطع ، لانه كان موجبا وعدم الوجوب كان لمانع ، وقد زال ، ويفهم ضعفه ممّا سبق.

(ويحتمل) عدم كونه حدثا لعدم الدليل بأنه موجب مطلقا لشي‌ء ، بل في الأوقات المخصوصة وليست ، وكونه حدثا مطلقا ممنوع ، وكذا شمول الآية ، إذ المراد خطاب المحدث ولا يسلّم هنا ، وأيضا سقط اعتبار هذا الدم في نظر الشرع بعد فعل ما أوجب عليه من الغسل واستباح به الصلاة ، بل ارتفع الحدث أيضا والأصل بقائها.

والأول أظهر والثاني أحوط والأخير ألصق بالدليل لو لا دعوى الإجماع (فدعوى الشارح) (٣) في وضوح كون صحّة الأول مبنيا على مذهب العامة ، من

__________________

(١) وحاصل الاحتمالات ثلاثة (الأول) وجوب الوضوء فقط (الثاني) وجوب الوضوء والغسل معا (الثالث) عدم وجوب شي‌ء منهما.

(٢) وهي قوله (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) إلخ.

(٣) راجع روض الجنان عند شرح قول المصنف : (وهي مع ذلك بحكم الطاهر ص ٨٦.

١٦٢

وهي مع ذلك بحكم الطاهر ،

______________________________________________________

إيجاب الاستحاضة الوضوء فقط ، (غير واضح) اى كون ما قاله الشيخ من وجوب الوضوء فقط بانقطاع الاستحاضة مبنيا على مذهب العامة وعدم صحته على أصولنا من إيجاب الغسل مع الكثرة ناقلا عن الشهيد ثم «(قوله :)» ونظيره ما سبق من حكم المصنف بعدم اشتراط الغسل في صوم منقطعة الحيض (غير واضح).

وما أعرف أيّ دليل دل على إيجاب الغسل مطلقا بالاستحاضة الكثيرة وأي أصل اقتضاه؟ حتى يكون قول الشيخ والمصنف ينافي أصول المذهب ويكون قولهما باطلا بالكليّة؟ لأنه لا يتم الا على مذهب العامة ولا يتم على أصولنا وكون ذلك في غاية الوضوح كما ادعاه الشارح وليس في الاخبار على الظاهر الا وجوبه على المستمر دمها في الأوقات الخاصة.

وأيضا ما عرفت دليلا على وجوب الغسل على الحائض المنقطع الدم ، والنفساء كذلك للصوم وما نقله المصنف في المختلف مع نقله الخلاف في إلحاقهما بالجنب وحكم به ، وكذا في المنتهى مع اعترافه بعدم وجدانه نصا صريحا للأصحاب في ذلك.

وأيضا ما أعرف ان المصنف متى حكم فيما سبق بما ذكره ، بل فهمت الحكم على خلافه من قوله ؛ «(ولا يصح منها الصوم)» مع انه لو كان ، يكون منافيا لمذهب أصحابنا.

وأيضا كيف يكون حكم المصنف نظيرا لما قاله الشيخ فيكون باطلا لانه لا يتم على أصولنا فيكون في غاية الوضوح ، وبالجملة ، لا الأصل ظاهر ، ولا يكون قول المصنف نظيرا ، والشارح اعرف بما قال مع الشهيد ولا يضر هما عدم معرفتي ولا الشيخ والمصنف دعواهما ـ رحمة الله عليهم أجمعين.

قوله : «(وهي مع ذلك إلخ)».

لا خفاء في جواز ما يتوقف على الطهارة لها مع فعل ذلك ، انما الخفاء في تعيين ما يتوقف عليه أمّا توقف الصلاة والطواف على الجميع ، فظاهر بخلاف الصوم ، فإنه غير معلوم التوقف على الجميع ، نعم يمكن توقفه على الغسل في الجملة ، وكذا قراءة العزائم.

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

(واما) مس كتابة القرآن فهو موقوف على الغسل والوضوء عندهم.

(واما) توقف دخول المساجد على الغسل فلا يدل عليه دليل فلا يبعد الجواز الا مع التلويث أو مع القول بتحريم إدخال النجاسة مطلقا وهو قول المصنف قدس الله سرّه :

ويجوز دخول المساجد للمستحاضة الفاعلة لذلك بالإجماع على ما نقل ونحوه.

واما حال الوطي فعموم الآيات والاخبار والأصل ، والاستصحاب يقتضي عدم التوقف على شي‌ء ممّا سبق حتى غسل الفرج ، وكذا ما في بعض الاخبار بخصوصه مثل قوله عليه السلام في آخر صحيحة معاوية المتقدمة : (وهذه يأتيها بعلها إلا في أيام حيضها) (١) ، وصحيحة صفوان المتقدمة عنه عليه السلام (هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة وتجمع بين صلوتين بغسل ويأتيها زوجها ان أراد) (٢) فتأمل ، وصحيحة عبد الله بن سنان عنه عليه السلام المتقدمة إلى قوله : «فتصلي الفجر ولا بأس بأن يأتيها بعلها متى شاء الا في أيام حيضها فيعتزلها زوجها)» (٣) ـ ونقل المصنف في المنتهى مثلها عن زرارة موثقة وما رأيتها إلى الآن ، نعم رأيت مثلها رواه عبد الله بن سنان عنه عليه السلام قال : سمعته يقول ـ ونقلها بعينها الا بتغيير (حيضها) ب (قرئها).

وفيها أيضا دلالة على وجوب ثلاثة أغسال للمتوسطة ، ويدل. على توقف اباحة الوطي على الغسل ، بل على جميع ما يعتبر في صحّة الصلاة حتى تغيير الخرقة كما نقل عن الشيخ المفيد ، رواية زرارة وفضيل عن أحدهما عليه السلام ثم تغتسل كل يوم وليلة ثلاث مرّات وتحتشي لصلاة الغداة وتغتسل ، وتجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد وتجمع بين المغرب والعشاء بغسل فإذا حلّت لها الصلاة حلّ لزوجها ان يغشاها (٤) ـ وفيها أيضا دلالة على الأغسال

__________________

(١) ئل باب ١ حديث ١ من أبواب الاستحاضة.

(٢) ئل باب ١ حديث ٣ من أبواب الاستحاضة.

(٣) ئل باب ١ حديث ٤ من أبواب الاستحاضة.

(٤) ئل باب ١ حديث ١٢ من أبواب الاستحاضة وصدرها هكذا : عن أحدهما عليهما السلام قال : المستحاضة تكف عن الصلاة أيام أقرائها وتحتاط بيوم أو اثنين ثم تغتسل إلخ.

١٦٤

           

______________________________________________________

الثلاثة كما مر ورواية مالك بن أعين قال : سئلت أبا جعفر عليه السلام عن المستحاضة (إلى قوله) ولا يقربها في عدّة تلك الأيام من ذلك الشهر ويغشاها فيما سوى ذلك من الأيام ، ولا يغشاها حتى يأمرها فتغتسل ثم يغشاها ان أراد (١).

ورواية سماعة المتقدّمة إلى قوله : «(وان أراد زوجها ان يأتيها فحين تغتسل هذا ان كان دمها عبيطا ، وان كانت صفرة فعليها الوضوء)» (٢).

والجمع بين الاخبار يقتضي التحريم بدون الغسل حيث كانت الأولى عامة ، ولو كانت مطلقة لكان الأمر أسهل ، بل لا دلالة حينئذ فيها على المطلوب فهذه الثلثة خاصة ومقيدة بتحريم الوطي بدون الغسل مع المنافاة ، لا التأويل.

(فقول الشارح) : والأول مطلق ولو كان هذه الاخبار دليلا (اى ظاهر الدلالة) لوجب التأويل للجمع (غير ظاهر).

نعم يمكن ان يقال : ليست هذه الاخبار أدلة بحيث تقاوم الأصل ويقيدها جميع عمومات القرآن والاخبار ، وهذه الاخبار الصحيحة الخاصة ، لأن رواية زرارة وفضيل ليست بصحيحة السند ، بل ليس بمعلوم لنا كونها موثقة أيضا وان قاله المصنف ، لأن في الطريق على بن الحسن وهو مشترك وان كان الظاهر انه ابن فضال وهو فطحي ثقة ، وان الشيخ نقل عنه بغير واسطة ومعلوم عدم ملاقاته إياه ، وطريقه اليه غير معلوم الصحة ، ودلالتها أيضا. بمفهوم (إذا) (٣) وليس بصريح في الشرط ، وعلى تقديره وحجيته أيضا ، في كون المفهوم مخصّصا (بحث) في الأصول ، مع إمكان كونه للاستحباب ، ومع اشتمالها على ما لا يقول به عمدة الأصحاب ظاهرا.

ولبعد القول به (٤) حملها الشارح والمصنف في المنتهى على رفع المانع (اى الحيض) يعني إذا انقطع الدم حلّت وهو مثل قولهم إذا خرج من المكان

__________________

(١) ئل باب ٣ حديث ١ من أبواب الاستحاضة.

(٢) ئل باب ١ حديث ٦ من أبواب الاستحاضة.

(٣) يعني قوله عليه السلام في رواية فضيل وزرارة : إذا حلّ لها الصلاة حلّ لزوجها ان يغشاها الدال بمفهومه على عدم حلية الصلاة مع عدم حيلة الغشيان.

(٤) يعنى لما كان استفادة المفهوم من رواية فضيل وزرارة بعيدا ليدل على اعتبار الغسل في جواز الوطي حمله الشيخ على كونه كناية عن رفع المانع عن الصلاة بانقطاع دمها.

١٦٥

ولو أخلت بالأغسال لم يصح الصوم ،

______________________________________________________

المغصوب حلّ له الصلاة ، ولا يدل على حصول جميع الشرائط ورفع جميع الموانع ، بل المانع الخاص ، وهو بعيد.

نعم يمكن حملها على رفع المانع يعنى عدم الغسل فلا يدل على توقفه على أكثر من الغسل من الأمور المعتبرة في الصلاة كما نقل عن الشيخ المفيد.

ورواية ابن أعين أيضا غير معتبرة السند ، مع انها أيضا منتهية الى على بن الحسن فهي رواية واحدة في الحقيقة مع انه يحتمل غسل الحيض وليس ببعيد لأنه حينئذ يصدق : ما أتاه إلا بعد الأمر بالغسل في الجملة ، ويؤيده وجود مثله عنه في النفساء (١) والاستحباب أيضا.

واما رواية سماعة فهي مقطوعة وفي الطريق عثمان بن عيسى الواقفي الذي توقف في الخلاصة في قبوله ، ومحمد بن الحسين المشترك وان كان الظاهر انه ابن ابى الخطاب الثقة ، مع اشتمالها على الفرق بين الدم عبيطا وصفوة مع عدم الفرق عند الأصحاب بينهما في إيجاب الوضوء والغسل ، وهذا ممّا يضعف الاستدلال بها في إيجاب الغسل الواحد للمتوسطة أو القليلة أيضا ، وأيضا قوله عليه السلام : «(فحين تغتسل)» ليس بصريح في المنع قبل الغسل ، والحمل على الاستحباب غير بعيد ، والعجب من المصنف انه اختار في المنتهى التحريم الا مع الأغسال على ما يظهر من كلامه كأنه لاحظ الاحتياط وكلام أكثر الأصحاب ، والاحتياط حسن.

قوله : «(ولو أخلت بالأغسال إلخ)» ، عدم صحّة صومها بمعنى وجوب القضاء فقط لو تركت جميع الأغسال النهارية ، ليس ببعيد بناء على ما مرّ في مكاتبة على بن مهزيار مع نقل الشارح الإجماع الا انه يظهر من المبسوط التوقف في وجوب القضاء على ما نقله الشارح أيضا ، وعدم الدليل على غير ذلك كما قاله أيضا ، وقال أيضا : وكذا لا تجب الكفارة على الحائض والنفساء بالطريق الاولى للخلاف في اشتراط صومهما بالغسل بخلاف المستحاضة ، وقد نقل الخلاف فيما

__________________

(١) ئل باب ٧ حديث ١ من أبواب النفاس وقوله عنه يعنى عن مالك بن أعين.

١٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

سبق أيضا واعترف أيضا هو بعدم الإجماع في الإلحاق مطلقا ولا الاخبار فيهما فكيف يعيب المصنف على عدم إيجابه الغسل لمنقطعة الحيض قبل الفجر للصوم قائلا انه لا يتم على أصولنا ويحكم بإلحاقه في أوائل الكتاب في شرح قوله : «(ولصوم الجنب)» (١) كما مرّ ويدعى فيهما النص على الظاهر من قوله في أول الكتاب (دون ماس الميت) (لعدم النص) بعد حكمه بالحاقهما.

واعلم انه يبعد الحكم من الشارح بتوقف صوم المستحاضة في اليوم المستقبل ، على الغسل في الليل للعشائين ان تركت تقديم غسل الفجر مع عدم توقفه على الغسل قبل الفجر ان اغتسل لهما ثم اتصل الدم الى الفجر مع انه يفهم منه تقوية توقف صومها على الغسل ليلا ، بل مع تضيق الليل ، ولهذا حكم فيما سبق أيضا بإلحاق المستحاضة بالجنب وهم قائلون به للجنب.

وأيضا احتمل بل رجح وجوب تقديم غسل الفجر عليه للصوم لانه حدث مانع من الصوم فيجب تقديم غسله كالجنابة والحيض المنقطع وحينئذ لا تقع ظاهرا لغسل العشائين فتأمل.

واحتمل عدمه أيضا لأن الدم حدث خاص قد يكون حكمه مغايرا لسائر الأحداث فقال : انه غير بعيد ، ثم احتمل التضيق وعدمه على تقدير وجوب التقديم وقال : حكمهم بتقديم الغسل من غير تقييد مشعر بعدم اعتباره ، وجعله في الذكرى مع الصوم كغسل منقطعة الحيض وهو مشعر بعدم اعتبار التضيق.

ومما تقدم يظهر ان حكم الشيخ والمصنف غير بعيد وليس مبنيا على مذهب العامة ، وانّ غسل الحائض والمستحاضة والنفساء غير ملحق بالجنابة بالدليل ، وان الغسل للصوم يجوز تقديمه على الفجر مع عدم التضيق كما أشرنا إليه فيما سبق في غسل الجنابة أيضا ، فلا يتم الدليل في اعتبار التضيق فيه أيضا ، وان نية الوجوب لا يشترط ان يكون عند التضيق ولا يشترط فيها شغل الذمة في ذلك الوقت.

__________________

(١) قال الشارح ره عند قول المصنف قده : (ولصوم الجنب) : ما هذا لفظه ـ من الليل مقدار فهمله للأخبار الإجماع وخلاف ابن بابويه لا يقدح فيه ويلحق به الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما قبل الفجر دون ماسّ الميّت للأصل وعدم النص انتهى.

١٦٧

ولو أخلت بالوضوء أو الغسل لم يصح صلوتها وغسلها كالحائض ولا تجمع بين صلوتين بوضوء واحد

______________________________________________________

وأيضا يفهم (تارة) اعتبار التضيق (وتارة) عدمه في المنقطع الحيض أيضا ، وان كلام الذكرى مشعر بالعدم في الاستحاضة ، لأنه جعله مثله ، فهو يدل على ان ذلك مقرر فيها مع انه قد تقدم منه اعتباره فيه ذلك الّا ان يكون المراد باعتقاد الشهيد وعرف مذهبه فيه وقد قاله الشارح ، وما اعرف دليله وهو اعرف بما قال ، وبالجملة لا يخلو كلامه في مسئلة صومها عن إغلاق ينبغي التدبر والتأمل.

قوله : «(ولو أخلت بالوضوء إلخ)» دليله واضح ، بل الظاهر بطلان الصلاة مع ترك سائر أفعالها أيضا مثل غسل الفرج وتغيير القطنة على تقدير ثبوت عدم العفو.

واما كون غسلها كالحائض فظاهر أيضا ، بل يمكن كونه إجماعيا إلا في نيّة رفع الحدث ، ويمكن عدم الفرق فيها أيضا لعدم اعتبار الدم الموجود ، شرعا وما نريد بالرفع الا هذا فتأمل.

قوله : «(ولا تجمع بين صلوتين إلخ)» ما فهمت دليلهم ، وقد مر البحث في عدم احتياج غسل الاستحاضة إلى الوضوء ، نعم في قليلها يجب الوضوء لكل صلاة (قيل) أراد الرد على الشيخ المفيد حيث اكتفى بوضوء واحد لهما كالغسل فليس تكرارا ، للتصريح بهذا الغرض.

واعلم انه ينبغي ان تحتاط في عدم تعدى الدم إلى سائر المحالّ كما دلت عليه صحيحة معاوية المتقدمة وغيرها حيث قال : (تحتشي وتستثفر) (١) فيدل على كون الخفة في النجاسة مطلوبا ، وكذا ما يدل على حال السلس ، فينبغي ملاحظة ذلك في مثل دم القروح والجروح.

وأوجب الشارح ، ونقل عن المصنف أيضا وجوب الاشتداد (٢) دائما على الصائمة ، وهو بعيد جدا ، ولا يدل عليه بطلان صومها بترك الأغسال النهارية ، وهو

__________________

(١) ئل باب ١ حديث ١ من أبواب الاستحاضة.

(٢) اى (شدّ) مجرى الدم خوفا من التعدي بالاستثفار.

١٦٨

واما النفاس

فدم الولادة معها أو بعدها لا قبلها ، ولا حدّ لأقله ، وأكثره عشرة أيام للمبتدأة والمضطربة ، اما ذات العادة المستقرة في الحيض فأيامها.

______________________________________________________

ظاهر ، وقد استدل به (١).

قوله : «(واما النفاس فدم الولادة معها إلخ)» الظاهر ان النفاس دم خارج مع ما يسمى آدميا أو جزئه لا مثل المضغة ولو علم انه مبدأ إنشائه ، لعدم العلم بصدق الولادة والنفاس.

وكذا ما يخرج بعده (وقيل) هذا إجماع ، والأول ظاهر الاخبار وصدق اللغة ولا يتحقق بالخارج قبلها ، فدم الولادة معها أو بعدها نفاس لا قبلها لعدم الدليل.

ولا حدّ لا قلة لعدم الدليل واما أكثره فهو من مشكلات هذا العلم لاختلاف الأخبار الكثيرة الصحيحة بحيث لا يكاد يمكن الجمع الا بالحمل على التقيّة أو التخيير بين الثلثين والأربعين إلى الخمسين ، وثمانية عشر وغير ذلك.

ولا يبعد اختيار المختلف ، وهو كون الأكثر لذات العادة عادتها وان جاز لها الصبر إلى العشرة للاستظهار على ما في صحيحة يونس بن يعقوب (٢) وثمانية عشر لغيرها لما في الصحاح من الاخبار.

والتأمل (والتأويل ـ خ ل) في الكل والجمع بينه ، يفيد خلاف ذلك ، ولو لم يكن الإجماع لقيل بالتخيير سيّما بينها وبين العشرة بالاستظهار.

ويمكن القول بالعشرة للكل بالاستظهار ، وتأويل الثمانية عشر في حكاية أسماء بنت عميس المروية بطرق مختلفة (٣) بما قالوا من انه اتفق الحكم والسؤال في ذلك الوقت (٤) ، ولو كان قبل لقيل كذلك وهو موجود في

__________________

(١) يعني استدلّ على وجوب الشد دائما ببطلان صومها بترك الأغسال النهارية.

(٢) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر وتغتسل وتصلّى ـ الوسائل باب ٣ حديث ٨ من أبواب النفاس.

(٣) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٦ ، ٧ ، ١٠ ، ١٩ ، و ٢١ من أبواب النفاس.

(٤) حاصلة ان السؤال عن حكم هذا المسئلة انما وقع بعيد مضى ثمانية عشر يوما من دم نفاسها ولا يعلم منه انه لوقع قبله لكان حكمها كذلك أيضا وراجع الوسائل باب ٣ حديث ٧ من أبواب النفاس.

١٦٩

وحكمها كالحائض في كل الأحكام الا الأقل.

ولو تراخت ولادة أحد التوأمين فعدد أيّامها من الثاني ، وابتدائه من

______________________________________________________

الخبر ، ولكنه غير صحيح ولا يخلو عن بعد مّا في بعضها.

قال الشيخ في التهذيب : جاءت أخبار معتمدة في أن اقصى مدّة النفاس عشرة وعليها اعمل لوضوحها عندي انتهى ، وادعى إجماع المسلمين على ان العشرة على تقدير وجود الدم نفاس ، وما نقل الا الاخبار الدالة على الرجوع الى أيامها التي لها في الحيض ، فكأنه فهم منها أقصى مدّة أيامها بجعل الأيام المشار إليها أقصى ما يجب عليها الصبر في الحيض ، أو ضم الاستظهار إليها ، أو على المرأة التي تكون كذلك ولكن ليست بواضحة ، مع انه أوّل باقي الأخبار بالتأويلات البعيدة ، وهو بالحقيقة فتوى الكتاب ، ولا بد ان يرد الباقي (١) لعدم القائل به كما هو الظاهر ، أو النادر ، إذ لا قائل بثلثين ، ولا بأربعين إلى خمسين وغير ذلك ، أو يحمل على التقيّة من العشرين وتسعة عشر وسبع عشر ، مع ان البعض لا يخلو عن قصور إمامتنا أو سندا ، ولو لا خوف الإطالة لبسطت ولكن الاختصار على هذا أليق حتى يفرج الله.

قوله : «(وحكمها كالحائض إلخ)» وهو ظاهر بناء على انهم يقولون انه حيض والتفارق في بعض الدليل لا يضره ، نعم لا ينبغي الحكم أصلا إلا بدليل ، فلو سلم انه كان حيضا في الواقع يمكن ان يكون حكمه غير ذلك الحكم ، فكيف يصح الحكم قطعا على اتحاد الحكم الا ان يكون إجماعا على اتحاد الحكم فيهما ، والأصل متبع والاحتياط يراعى.

واستثنى من الكليّة أمور كثيرة وبعضها لا يحتاج ، مثل الأقل والأكثر ومثل كون النفاس ليس بدليل للبلوغ ، بل أكثرها لا يحتاج الى الذكر وتركت لعدم الاحتياج.

قوله : «(ولو تراخت إلخ)» دليله واضح واما البحث في كونهما نفاسين أو واحدا مع وضوح الحكم على التقديرين (غير معتد به) والظاهر انه مع تحقق

__________________

(١) لا بد ان يردّ الشيخ قده باقي الأخبار الواردة في الزائد عن العشرة.

١٧٠

الأول ولو رأت يوم العاشر فهو النفاس ، ولو رأته في الأول فالعشرة نفاس.

المقصد الرابع في غسل الأموات

وهو فرض على الكفاية ، وكذا باقي أحكامه لكل ميّت مسلم عدا الخوارج والغلاة ،

______________________________________________________

التغاير في الحكم لا يقال : نفاس واحد الا مجازا الا انه يسقط الحكم بناء على الوحدة.

وكذا دليل قوله (ولو رأت يوم العاشر) واضح لانه النفاس وليس لأقله حدّ.

وكذا قوله : «(ولو رأته إلخ)» لأن الطرفين نفاس جزما بالإجماع على ما فهم ، فكذا الوسط لعدم تحقق أقل الطهر بالإجماع ، ولكن إلزام الشيخ على تقدير قوله بعدم اشتراط التوالي في أقل الحيض بلزوم كون الوسط غير حيض ما فهمته ، وقد أشرت إليه فيما سبق أيضا فتأمل حتى يفتح الله.

المقصد الرابع في غسل الأموات

قوله : «(وهو فرض على الكفاية إلخ)» الظاهر ان وجوب غسل الميّت وكونه كفائيا مما لا نزاع فيه بين المسلمين ، ويدل على وجوب الغسل بعض الاخبار أيضا (١) ، واما كونه كفائيا فظاهر لا يحتاج الى الدليل ، ولكن قد يناقش فيه لجواز كونه عينيا مثل وجوب الأمر بالمعروف ، مع انه يسقط عن البعض بارتكاب بعض آخر فليس هو دليلا.

والظاهر انه دليل ويفيد كون الأمر بالمعروف أيضا كفائيا كظاهر الآية (٢) ، وليس دليل يقتضي خلاف ذلك.

وانما النزاع في الكيفيّة وفي سقوط التكليف المتوجه إلى المأمور بمجرد الظن أو العلم وعدمه ما لم يعلم وقوعه ، والأخير ، الأحوط ، ولا يبعد الاكتفاء بالعلم والظن أيضا إذا كان بحيث يقرب من العلم من جهة العادة وغيرها بأن أهل المحلّة من المسلمين لا يتركون ، بل قد يحصل العلم بذلك ، ولهذا يترك أكثر الناس

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١ من أبواب غسل الميّت.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) إلخ حيث اتى بمن التبعضية. سورة آل عمران الآية ١٠٤

١٧١

ويغسل المخالف غسله.

______________________________________________________

التوجه الى تجهيز الميّت اتكالا على انه لا يترك ، بل يفعلونه (يغسلونه ـ خ) ولم ينكر ذلك في عصر من العلماء والصلحاء.

ولا تفاوت بين حصول الظن ممّا يعتبر شرعا في موضع آخر مثل شهادة العدلين أولا ، إذ اعتباره في بعض المواضع لا يدل على اعتباره في آخر مع انه في الأكثر انما يعتبر مع انضمام حكم الحاكم ، وعلى تقدير اعتباره لا فرق بين أخبارهما بأنهم فعلوا أو يفعلون ، إذ الشهادة عن علم فلا تفاوت في المشهود عليه فلا يرد ما أورد عليه بأنه كيف يسقط المعلوم من الواجبات بالظن على تقدير عدم أخبارهما بالفعل فتأمل.

واما وجوب غسل كل مسلم ومن بحكمه فلعل دليله الإجماع فليس عليه دليل واضح غيره ، والظاهر انه لا نزاع فيه لأحد من المسلمين كما يفهم من المنتهى ، وكذا في عدم وجوب غسل الكافر بأصنافه ، بل في تحريمه أيضا ولو بإنكار ما علم من الدين ضرورة مع انتحاله الإسلام ، مثل الخوارج والنواصب.

ولعل عبارات بعض الأصحاب مثل الشيخ المفيد في عدم غسل المخالف مبنى على انه ليس بمسلم عنده كما يدل عليه دليله في التهذيب (١). ولكنه بعيد والظاهر انه مسلم ما لم ينكر الضروري أو لم يفعل ما يخرج به عنه مثل النصب ، وان كان مراد الأصحاب من قولهم يغسل المخالف غسل أهل الخلاف باعتبار كونه غسلا صحيحا باعتقاده فكذلك يكون صلوته وتكفينه وغير ذلك من الأحكام ، ولكن فيه تأمل.

وقالوا : يكره للمؤمن غسل المخالف ، كأنّ المراد قلة الثواب وهو بعيد ، إذ المنع عن الواجب ليس بسديد.

وقالوا أيضا : ولو لم يعرف غسل أهل الخلاف غسل غسل أهل الحق.

__________________

(١) قال الشيخ المفيد ره في المقنعة : لا يجوز لأحد من أهل الأيمان ان يغسل مخالفا للحق في الولاية إلخ ـ وقال الشيخ الطوسي ره في التهذيب (شرح المقنعة) : الوجه فيه ان المخالف لأهل الحق كافر فيجب ان يكون حكمه حكم الكفار الا ما خرج بالدليل وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب ان يكون غسل المخالف أيضا غير جائز انتهى موضع الحاجة.

١٧٢

ويحب عند الاحتضار توجيهه إلى القبلة بأن يلقى على ظهره بحيث لو جلس كان مستقبلا.

ويستحب التلقين بالشهادتين والإقرار بالأئمة عليهم السلام وكلمات الفرج ، ونقله الى مصلاه.

______________________________________________________

قوله : «(ويجب عند الاحتضار توجيهه إلخ)» دليل وجوب الاستقبال غير ظاهر ، إذ دليله السالم من جهة الدلالة والسند على ما قال في الشرح ، حسنة سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبلا بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة (١).

ولا يخفى ضعف دلالته ، إذ ظاهره في الميّت لا في المحتضر وانه يكون حين الغسل وعلى ساجة ، وانه في بيان الآداب التي هي أعم من الواجب والمستحب كما يفهم من قوله عليه السلام : «(وكذلك إذا غسل يحفر)».

والسند أيضا ليس بصحيح وان قال في المنتهى بالصّحة لوجود إبراهيم وسليمان وان قيل بتوثيقه الا ان فيه شيئا ، ولعل الصّحة باعتبار وجودها في زيادات التهذيب عن ابن ابى عمير وكون الطريق اليه صحيحا وعدم الالتفات الى ما قيل في سليمان وهو كذلك فتأمل فإن هذه الرواية مذكورة فيه أيضا قبل باب الزيادات (مسندة ـ ظ) الى ابن ابى عمير مع كون إبراهيم بن هاشم في الطريق ، وبالجملة (إثبات) الوجوب بمثله مع الأصل ووجود الخلاف من الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر (مشكل) ، والاستحباب غير بعيد وان كان الوجوب أحوط وسقوطه على تقدير الاشتباه ظاهر.

والظاهر إبقائه على تلك الحالة حتى ينقل الى المغتسل ، ويراعى هناك أيضا ذلك لا انه يكون حين خروج الروح فقط لان ظاهر الاخبار بعد الموت.

قوله : «(ويستحب التلقين إلخ)» ودليله روايات كثيرة صريحة

__________________

(١) الوسائل باب ٣٥ من أبواب الاحتضار جز ٢ وقوله : ٤ فسبّحوه ، قال في مجمع البحرين يقال : سجيت الميّت بالتثقيل إذا غطيته بثوب ونحوه وتسجية الميّت تغطيته انتهى.

١٧٣

والتغميض ، واطباق فيه ، ومدّ يديه ، وتغطيته بثوب ،

______________________________________________________

وبعضها صحيحة (١) وانه ينفع الرجل ولو كان على خلاف الحق الى ذلك الوقت ، وكذا ينبغي استتابته وتوبته (٢) فإنه يفهم القبول حينئذ من الروايات وانه يسقط به الذنوب.

وينبغي التلقين بكلمات الفرج (٣) وما رأيت فيها (وسلام على المرسلين) في التهذيب والكافي وذكره في الشرح والمنتهى ، ولا (ما تحتهن) ولا (ما فوقهن) وجعل الأخر (لا إله إلا الله) لما روى من كان آخر كلامه (لا إله إلا الله) دخل الجنة وإظهار أنه لا بد ان يكون على يقين على كل كلام وأيضا قوله : «(اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل من اليسير من طاعتك)» لقوله عليه السلام (فقولوا له هذا الكلام ليقوله) وهو في الكافي في خبر (سالم) إذا حضرتم الميّت الخبر (٤).

واما دليل استحباب نقله الى مصلاه فهو روايات (٥) ، والبعض مقيد بالتعسر ، ولا يبعد استحباب المطلق لما في بعض الروايات مع عدم المنافاة وكأن المصنف أطلق لذلك.

وفي التغميض رواية يفعله الصادق بإسماعيل ابنه (٦).

واما إطباق فيه (قيل) اتفاقي وشده عليه السلام لحى ابنه يدل عليه في الجملة (٧). وبه قيد بعض الأصحاب ، قيل : وفي المعتبر لا دليل عليه عنهم عليهم السلام.

وكأن دليل استحباب مد يديه إجماع أو خبر (٨).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٣٧ من أبواب الاحتضار وما يناسبه.

(٢) راجع الوسائل باب ٣٩ من أبواب الاحتضار.

(٣) راجع الوسائل باب ٣٨ من أبواب الاحتضار.

(٤) الوسائل باب ٣٩ حديث ١ وفي آخر قال فقال أبو عبد الله عليه السلام : إذا حضرتم ميّتا فقولوا له : هذا الكلام ليقوله ، اللهمّ إلخ.

(٥) راجع الوسائل باب ٤٠ من أبواب الاحتضار.

(٦) راجع الوسائل باب ٤٤ من أبواب الاحتضار.

(٧) راجع الوسائل باب ٤٤ من أبواب الاحتضار.

(٨) لم نعثر الى الآن على خبر فيه بالخصوص.

١٧٤

والتعجيل الّا المشتبه ، ويكره طرح الحديد على بطنه وحضور الجنب والحائض عنده.

واولى الناس بغسله أولاهم بميراثه ، والزوج أولى في كل أحكام الميت ويغسل كل من الرجل والمرأة مثله.

______________________________________________________

وفي التغطية أيضا رواية يفعله عليه السلام بإسماعيل ابنه (١).

واستحباب التعجيل (قيل) إجماعي والاخبار محمولة عليه (٢) لعدم الصحة ولعدم القول بالوجوب.

ووجوب الصبر مع الاشتباه حتى يتحقق ظاهر عقلا ونقلا (٣).

وكراهيّة طرح الحديد يقولون : اجماعيّة (٤).

واما دليل كراهيّة حضور الجنب والحائض فأخبار محمولة عليها (٥) ، لعدم القول بالوجوب ، ولعدم الصراحة والصّحة.

والظاهر عدم اختصاصها بحال الاحتضار لظاهر الدليل.

ورفعها عنهما بالتيمم لنحو (التراب احد الطهورين) (٦). ولزوال الأقوى وكذا رفعها بانقطاع الدم قبل الغسل لظهور ان الوجه هو وجود القذر مع احتمال العدم.

قوله : «(واولى الناس بغسله أوليهم إلخ)» كون الأولويّة بمعنى عدم جواز اشتغال الأبعد بأحكام الميّت إلا بإذن الأقرب ولو مع عدم صلاحيّته له (ما نرى) له دليلا قويا ، ولا تدل آية أولى الأرحام (٧). عليه أصلا ، وما نفهمه.

__________________

(١) الوسائل باب ٤٤ حديث ٣ عن ابى كهمش قال : حضر موت إسماعيل وأبو عبد الله عليه السلام جالس عنده فلما حضرة الموت شدّ لحييه وغمضه وغطى عليه الملحفة الحديث.

(٢) راجع الوسائل باب ٤٧ من أبواب الاحتضار.

(٣) راجع الوسائل باب ٤٨ من أبواب الاحتضار.

(٤) يعنى دليل هذا الحكم هو الإجماع فقط.

(٥) راجع الوسائل باب ٤٣ من أبواب الاحتضار وقوله : لعدم القول بالوجوب ، هكذا في جميع النسخ والمناسب : لعدم القول بالحرمة.

(٦) لاحظ باب ٣ وباب ٧ من أبواب التيمم من الوسائل وكذا باب ٢٣ منها.

(٧) الأنفال ـ ٧٥ والأحزاب ـ ٦.

١٧٥

ويجوز لكل من الزوجين تغسيل الآخر اختيارا ، ويغسل الخنثى

______________________________________________________

ولا يدل عليه (خبر يغسل الميّت اولى الناس به) (١) لعدم صراحته في الوجوب ، ومنع الغير منه ، مع عدم ظهور صحّة السند ، مع اختصاصه ، على انه يفهم الاستحباب من المنتهى ، وحمل خبر أمير المؤمنين عليه السلام : (يغسله اولى الناس به) عليه (٢).

وأيضا صعوبة العلم بإذن الولي مؤيّد الأصل وعدم افادة الخبر توقف غسل الغير على اذنه.

مع عموم الأمر بالغسل الشامل له ولغيره في الاخبار مثل صحيحة ابن مسكان عنه عليه السلام حين سأله عن غسل الميّت : اغسله بماء وسدر (٣).

وحسنة الحلبي عنه عليه السلام : (فاغسله) (٤).

وغيرها من العمومات خصوصا صحيحة الحلبي عنه عليه السلام قال : المرأة تغسل زوجها (٥) ، مع عدم معلوميّة كونها وان قال البعض بها بل قالوا : الرجال اولى مطلقا والولد ، وغير ذلك من الاخبار.

وأيضا (قولهم) انه واجب كفائي بالإجماع (يدل) على عدم الاختصاص ، وهم اعلم بما قالوا ، والاحتياط معلوم فلا يترك.

واما أولوية الزوج مطلقا فلرواية إسحاق (٦) وان لم تكن صحيحة ، لعمل الأصحاب عليه وعدم ظهور الخلاف على ما يقولون ، ولكن معنى الأولوية غير ظاهر بالمعنى المذكور.

قوله : «(ويجوز لكل من الزوجين تغسيل الآخر إلخ)» الذي يظهر من

__________________

(١) ئل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب غسل الميّت.

(٢) ئل باب ٢٦ حديث ٢ من أبواب غسل الميّت ومتن الحديث هكذا قال أمير المؤمنين عليه السلام : يغسل الميّت اولى الناس به أو من يأمره الولي بذلك.

(٣) ئل باب ٢ حديث ١ من أبواب غسل الميّت.

(٤) ئل باب ٢ حديث ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٥) ئل باب ٢٠ حديث ٣ وباب ٢٤ حديث ٣ من أبواب غسل الميّت ولفظ الحديث هكذا : عن ابى عبد الله عليه السلام عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله الا النساء ، قال : تغسله امرأته.

(٦) ئل باب ٢٤ حديث ٩ من أبواب غسل الميّت ، عن إسحاق بن عمار ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها.

١٧٦

المشكل محارمه من وراء الثياب ، ويغسل لأجنبي بنت ثلاث سنين مجردة ، وكذا المرأة ،

______________________________________________________

الأدلة جواز غسل كل واحد منهما صاحبه من غير اشتراط الضرورة ولا يفهم الاشتراط من كتابي الاخبار كما نقله الشارح (١) وقال : الأخبار المتقدمة حجة عليهم.

وما قدم صحيحة صريحة في ذلك ، نعم بعض الاخبار الصحيحة مقيد بها (٢). لكن في كلام السائل ، وذلك لا يوجب تخصيص العام ولا تقييد المطلق.

واما الغسل مجردا فالظاهر ان المرأة يجوز لها ذلك لعدم دليل الاشتراط ، وظاهر الأدلة عدمه ، بل صحيحة عبد الله بن سنان عنه عليه السلام : إذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته وان لم تكن امرأته معه غسلته أوليهن به وتلف على يديها خرقة (٣) كالصريحة في ذلك ، وكذا التعليل بأنها في عدته خصوصا ما في صحيحة الحلبي الآتية بعد قوله (ولا إلى شي‌ء منها) : والمرأة يغسلها زوجها لأنه إذا مات كانت في عدّة منه وإذا ماتت هي فقد انقضت عدّتها (٤) ـ حيث منع الزوج من النظر وما منعها والعلية تقتضي الجواز مجردا.

واما عدم جواز تغسيل الرجل زوجته الا من وراء الثوب فدل عليه بعض الأدلة مثل ما في صحيحة محمد بن مسلم حيث سئل عن غسل الرجل امرأته؟ قال : نعم من وراء الثوب ـ وهي تدل على عدم التقييد بالضرورة.

وأيضا تدل عليه حسنته قال : سألته عن الرجل يغسل امرأته؟ قال : نعم انما يمنعها أهلها تعصبا ـ وان كانت مضمرة ، وهذه ممّا أشار إليه الشارح من انها حجة على من يقيد بالضرورة.

__________________

(١) قال في روض الجنان ما هذا لفظه ، وشرط الشيخ في كتابي الأخبار في جواز تغسيل كل منهما صاحبه الضرورة وتبعه جماعة ، وما تقدم من الاخبار وغيرها حجة عليهم.

(٢) راجع الوسائل باب ٢٤ حديث ٣ ـ ٨ ـ ٩ ـ ١٢ و ١٣ من أبواب غسل الميّت.

(٣) أورده في التهذيب ج ١ ـ ٤٤٤ والوسائل باب ٢٠ حديث ٦ من أبواب غسل الميت

(٤) أورده والخمسة التي بعده في الوسائل باب ٢٤ حديث ١١ ـ ٢ ـ ٤ ـ ٣ ـ ١٢ وذيل حديث ١١ من أبواب غسل الميّت.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثل ما في حسنة الحلبي ، يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها.

وما في صحيحة الكناني ، غسّلها من فوق الدرع وما في صحيحة الحلبي : نعم من وراء الثوب ولا ينظر الى شعرها ولا الى شي‌ء منها.

لكن هذه الاخبار مختلفة ، ويفهم من البعض جواز الغسل مع كشف الوجه ، بل اليد والرجل حيث قيد بالدرع والقميص ، والبعض يدل على وجوب ستر الكل حتى عدم جواز النظر الى الشعر وان أمكن التطابق ، ولكن مثله لا يوجب الاعتماد ، مع انه في بعض الاخبار الصحيحة ما يدل على الجواز مجردا مع وضع الخرقة على العورة مثل غسل المماثل ، وهو في صحيحة صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته أيغسلها قال : نعم وامه وأخته ونحوهما يلقى على عورتها خرقة (١).

والظاهر انه ابن حازم الثقة للتصريح بابن حازم في مثل هذا السند الذي فيه ـ وقال في المنتهى أيضا صحيح مثل ما قلناه الا انه ما قال : ابن يحيى ووجدته في الكافي.

وأيضا تدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل أيصلح له ان ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها ان لم يكن عندها من يغسلها؟ وعن المرأة هل تنظر الى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ فقال : لا بأس بذلك انما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة ان ينظر زوجها الى شي‌ء يكرهونه (٢).

وكذا حسنة محمد المتقدمة (٣) ـ والأصل ، واستصحاب حال الزوجيّة وعموم الا وأمر بالغسل ، وإطلاق الزوجيّة مؤيد لذلك فالحمل على الاستحباب غير بعيد.

ولا يتم دليل الشيخ المفيد وهو حمل المطلق على المقيد ، لان ذلك مع

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب غسل الميّت.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من أبواب غسل الميّت.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب غسل الميّت.

١٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

تحقق المنافاة وعدم إمكان العمل بالمطلق بإطلاقه مع العمل بالمقيد ، وأنت قد عرفت عدم صراحة المنافاة نعم في بعض الاخبار ما يشعر بها ، ولا يكفى مثله في مثل هذه المسئلة لما ذكرناه من الأمور.

ويؤيد ما قلناه ورود الأخبار الصحيحة في غير المرأة والرجل أيضا في المماثل بالغسل مع القميص كما في صحيحة يعقوب بن يقطين (ولا يغسل إلا في قميص يدخل رجل يده) (١) وغير ذلك من الاخبار.

ففي حسنة الحلبي (إما قميص واما غيره) (٢) وفي صحيحة ابن مسكان ان استطعت ان يكون عليه قميص فاغسله (تغسله ـ خ ل) من تحته (٣) ـ وهي كثيرة جدا والاحتياط في الستر الا مع الضرورة كما يشعر التقييد بها في بعض الاخبار وان كان القيد في عبارة السائل لان سكوتهم عليهم السلام من غير بيان عدم التوقف كالتقرير للتقييد مع وجوده في الاخبار في كلامهم عليهم السلام أيضا وان لم تكن صحيحة.

ثم الاولى الصب من غير مباشرة ونظر إن أمكن وبعده ، الغسل فوق الثياب ، وأقل منه مع ستر العورة ولف خرقة ، وتركه (٤) بالكلية خال عنه الأخبار بالمرة فيمكن عدم الجواز

ثم ان الظاهر عدم الخلاف في جواز غسل السيد أمته مطلقا ، واما العكس فيحتمل انه كذلك إذا كانت أم ولده أو موطوئته أو ملكه بحيث يكون جائزا له وطؤها ، لعدم المنع ، ولبقاء التعلق في الجملة ، وللأصل والاستصحاب ، ولصدق الغسل على تقدير فعله ، والأمر بالغسل مطلقا من غير تحقق مانع حتى (حيث ـ خ ل) يثبت ، ولأنه كالزوجة ، ولا يمنع انتقال رقبتها الى غيرها مع احتمال المنع كما هو مذهب البعض.

واما الاستدلال على جواز غسل أم الولد سيدها ببقاء التعلق من وجوب

__________________

(١) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٧ من أبواب غسل الميّت.

(٢) الوسائل باب ٢ قطعة من حديث ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب غسل الميّت.

(٤) يعنى ترك ستر عورتها بالكليّة.

١٧٩

وتأخر الأجنبيّة مع فقد المسلم وذات الرحم الكافر بالغسل ثم يغسل المسلم غسله ، وكذا الأجنبي

______________________________________________________

الكفن والمؤنة فغير ظاهر ، نعم إيصاء على بن الحسين عليهما السلام (١) غسل أم ولده له يتم فيها.

ومما سبق علم أولوية غسل المحارم ، الخنثى المشكل من وراء الثياب.

واما جواز تغسيل النساء الأجانب لابن ثلاث سنين مجردا وكذا الرجال لبنت ثلاثة ، فقد ادعى عليهما الإجماع وان كان في الثاني شبهة وهو خلاف المعتبر على الظاهر مع وجود الاخبار وان لم تكن صحيحة (٢) ، والأصل ، وعدم تحقق المانع ، ولا يمنع من ذلك عدم جواز النظر الى عورتهما على تقدير التسليم. بجواز الغسل بدونه ، بل معه لكن فعل فعلا حراما ، والغسل يكون صحيحا وجائزا ، والاحتياط يقتضي العدم ، (والاستدلال) بجواز غسل البدن مجردا والنظر اليه ، على جوازه إلى العورة وعدم وجوب الستر (غير واضح) ، وكذا (تعليل) عدم جواز غسل الرجل البنت بعدم جواز النظر من دون العكس للاحتياج كما نقل عن المعتبر (غير واضح) ، والظاهر عدم التحريم حتى يتحقق الدليل ، والظاهر عدم شمول العمومات لمثلها ولا يبعد المنع من العورة ، والاحتياط واضح.

واما غسل الكافر المسلم أو الكافرة المسلمة فدليله غير واضح لان الخبر غير صحيح (٣) ، ولا يسمع الجبر بالشهرة حتى يكون إجماعا لأنه مخالف للأصول لوجوب النيّة وعدم تحققها عنه عندهم وعدم المباشرة ، وعدم ظهور فائدة غسل

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب غسل الميّت عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ، ان على بن الحسين عليهما السلام اوصى ان تغسله أم ولد له إذا مات فغسلته.

ولا يخفى ان هذا الحديث غير موافق لما عليه مذهبنا من وجوب كون الغاسل للمعصوم عليه السلام هو المعصوم.

وحمله في الوسائل على المساعدة على الغسل أو بيان الجواز ثم قال : وان كان المتولي له باطنا هو الباقر عليه السلام كما وقع التصريح به في الاخبار والله اعلم انتهى.

(٢) راجع الوسائل باب ٢٣ من أبواب غسل الميت.

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ١ عمار بن موسى (في الموثق) في حديث عن أبي عبد الله؟ قال : قلت : فان مات رجل مسلم وليس معه رجل مسلم ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينه وبينهن قرابة؟ قال يغتسل النصارى ثم يغسلونه فقد اضطر ، وعن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة

١٨٠