مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٦

ويطهر بإلقاء كرّ طاهر عليه دفعة فكر حتّى يزول التّغيّر أو بتموجه حتّى يستهلكه الطاهر.

______________________________________________________

عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء (١).

وبالجملة ، الدليل على تنجس الزيادة (٢) مع ما تلوناه في غاية الاشكال.

ولو لا اتفاق القائلين بالكر بضرب الأشبار ، وانه لا بد من سبعة وعشرين شبرا في حدّ الكر ، لكان الحكم به أيضا مشكلا لقصور متن دليله ، بل سنده أيضا عند البعض فتأمل.

والظاهر ان الاتفاق من القائلين بالكر حصل على نجاسة ما دون الثلاث وبقي الباقي ظاهرا مع تلك الأدلة فتأمل ولا تقلد فان الشهرة لا أصل لها ، بل الإجماع المنقول لو فرض ، في مثل هذه المسئلة.

(ورجوع) المصنف رحمه الله عنها (٣) بعد الإفتاء بها في المنتهى وغيره (دليل) على ما قلناه وانه الا رجح كما اختاره القميون ، والاحتياط لا يترك لو أمكن ، فلا يكون القول بالأكثر أحوط القولين أو قريبا.

قوله : «(ويطهر بإلقاء كر طاهر عليه دفعة إلخ)» ما أجد وجه اختياره الدفعة القائل به صريحا ، ويحتمل كون المراد به الكر تاما متصلا بغير انقطاع لان المنقطع ما يطهّر لانه ينجس كل جزء منه بالملاقاة ، وكون المراد (مثلا) (٤) فان الظاهر ان اتصاله بالجاري ، وبالمطر ، وبالكر أيضا مطهر ، وسيجي‌ء تحقيق التطهير بالاتصال.

__________________

(١) ئل باب ١٠ حديث ٦ من أبواب الماء المطلق.

(٢) يعنى تنجس الزائد على سبعة وعشرين شبرا في غاية الإشكال ، بل فيه أيضا لقصور دليله متنا وسندا لوجود إسماعيل بن جابر الذي فيه كلام وقوله قده فتأمل لعله إشارة إلى ورود خبر صحيح سندا في الأخبار وهو صحح معاوية بن عمار فلاحظ الوسائل باب ٩ حديث ٦ من أبواب الماء المطلق.

(٣) يعنى رجوع المصنف عما أفتى في هذا الكتاب الى ما افتى به في المنتهى من السبعة وعشرين شبرا دليل على ما اخترناه من السبعة والعشرين.

(٤) يعنى ان المراد من قول المصنف ره (دفعه) من باب المثال لا الخصوصية.

٢٦١

وان كان أقلّ من كرّ نجس بجميع ما يلاقيه من النّجاسة وان لم يتغيّر بالنّجاسة وصفه ، ويطهر بإلقاء كرّ طاهر عليه دفعة.

______________________________________________________

قوله : «(وان كان أقل (إلى قوله) وان لم يتغير بالنجاسة وصفه)» دليل الكل ظاهر ممّا مر.

قوله : «(ويطهر بإلقاء كر طاهر إلخ)» أي القليل المتنجس ، قد مرّ المراد بالدفعة وانه على سبيل التمثيل.

بقي هنا انه هل يكفي في تطهير الماء النجس قليلا أو كثيرا اتصاله بالجاري أو الكثير أو المطر أم لا؟.

اما المطر فقد مرّ انه على تقدير الجري إليه من الميزاب ونحوه يطهر من غير اشكال ، بل مع صدق ماء المطر وكونه أكثر من النجس الذي يقع عليه المطر كما مرّ في الأخبار الصحيحة ، ويفهم من كلام الأكثر انه يكفى مجرد الصدق وليس عليه دليل الّا خبر ضعيف (١) (والعمل) به باعتبار انه منجبر بالشهرة بعد تحقق النجاسة (مشكل) ، وكذا الكلام في تطهيره الأرض والبدن والثياب والظروف وغيرها.

واما غيره فعلى تقدير الجري والتسلط والكثرة ، فلا يبعد التطهر به كما مرّ في المطر وماء الحمام ، بل لا يظهر الخلاف والنزاع فيه لأنه انما يكون مع العلو والامتزاج ولا نزاع لهم فيه على الظاهر كما يفهم من نزاعهم في مجرد الاتصال فقط.

واخبار المطر يمكن جعلها دليلا عليه لعدم الفرق ، بل بمفهوم الموافقة ولقوله عليه السلام في الصحيح : (إذا جرى (٢) وانه أكثر ممّا فيه (٣) من البول ،

__________________

(١) وهو قوله؟ في ذيل مرسلة الكاهلي كل ما يراه ماء المطر فقد طهر ـ الوسائل ٦ حديث ٥ من أبواب الماء المطلق.

(٢) على بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أيؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة؟ فقال : إذا جرى فلا بأس به ـ ئل باب ٦ حديث ٢ من أبواب الماء المطلق.

(٣) هشام بن سالم انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن السطح يبال عليه فيصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب ، فقال : لا بأس به ، ما اصابه من الماء أكثر منه ـ ئل باب ٦ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

٢٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا عموم ان الماء مطهر مثل (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (١) وما مرّ في بعض الاخبار مثل ان ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا (٢) ومعلوم عدم الخصوصيّة بالنهر وكذا ما مرّ في ماء الحمام ، فان فيه ما يدل على تطهيره مع المادة إذا جرى عليه ، وانه لا نزاع فيه مع كرية المادة ، وانما النزاع مع عدم كريتها وقد ذهب اليه المحقق فحينئذ يكون خاصا بالحمام ، بل يمكن جعله من عين ذلك الباب لأنا نفرض حوضا صغيرا يجرى عليه من الماء الكثير بميزاب أو ثقبة ونحوها وهذا هو المراد بماء الحمام على تقدير اشتراط كريّة المادة على ما صرحوا به وقد كان في بعض أدلته (أليس بجار) (٣) وهو دال على العموم وعدم الخصوصية بالحمام ومنه علم ان التطهير لا يحتاج الى الامتزاج كما يفهم من الذكرى والتذكرة ، مع ان معناه ووجهه غير ظاهر ، الا ان يقال : ان التطهير معه إجماعي ، ومع غيره غير ظاهر ، ويمكن ان يقال : المراد به ما ذكرناه من التسلط وكثرة الجري اليه.

وأيضا الظاهر مع الجري الكثير والقوة لا تفاوت بين كون المطهّر (٤) ماءا وغيره لعموم الدليل.

والظاهر ان التطهر مع التسلط والكثرة والجري ممّا لا نزاع فيه على ما يظهر من بعض العبارات.

اما بمجرد الاتصال مع التساوي ، ومع عدم الجري والتسلط فمشكل للنجاسة اليقينيّة مع عدم العلم بالمطهر (وكون) الماء مطهرا بحيث يشمل ما نحن فيه (غير) مفهوم من السنة والكتاب ، والإجماع.

(ويمكن) الاستدلال (بان) الجزء الأوّل ممتزج ومتصل بالطاهر بحيث لا امتياز فيطهر ، وكذا المتصل به الى ان ينتهي.

(وقد يمنع) حينئذ طهارة ذلك المتصل لاتصاله بالنجس مع النجاسة

__________________

(١) الفرقان ـ ٤٨.

(٢) ئل باب ٧ حديث ٧ من أبواب الماء المطلق ، وفيه ان ماء الحمام كماء النهر إلخ.

(٣) حنان قال : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله عليه السلام : انى ادخل الحمّام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فأقوم فاغتسل فينتضح علي بعد ما أفرع من مائهم قال : أليس هو جار؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس به ئل باب ٩ حديث ٨ من أبواب الماء المضاف.

(٤) مبنيا للمفعول.

٢٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الثابتة سابقا فتأمل.

(وبان) (١) المجموع حينئذ ماء واحد كر غير متغير بالنجاسة فيكون طاهرا ولا معنى لنجاسة جزء من الكر من غير تغيير.

(وفيه) أيضا تأمل للمنع من ذلك إذا كان جزء الكر نجسا قبل صيرورته جزء كر قبل الكرية.

وبالجملة الحكم بطهارة ما كان نجسا يحتاج الى دليل شرعي ، وما ثبت كون ما ذكر دليلا شرعيا.

وأضعف ممّا ذكر قياسه بما إذا كان متصلا ثم اتصل بالنجس بعده ، إذ لا فرق بينهما لان السبب هو الاتصال الموجود في الصورتين.

(وضعفه) ظاهر ، فان الاتصال الحاصل قبل النجاسة يمكن ان يكون مانعا للانفعال ، والحاصل بعد النجاسة والانفعال لا يكون له قوّة الدفع فالمسئلة مشكلة فتأمل فيها حتى يفتح الله عليك.

ثم اعلم ان الذي يظهر ، عدم اشتراط تساوى السطح في الكر بمعنى انه لو كان الماء بعضه فوقا ، وبعضه تحتا والمجموع يكون كرا يجرى عليه احكامه ، ولكن الظاهر انه لا بد ان لا يكون فاحشا خارجا عن العرف والعادة.

فالظاهر حينئذ انه لكل واحد حكم نفسه ، مع احتمال اعتبار الاتصال بالنسبة إلى الأعلى والأسفل.

وكذا إذا كان بعضه في ظرف محصور متصل بثقبة (سقية ـ خ ل) منه الى الحوض ويكون المجموع كرا.

وان الظاهر ان الانحدار الذي يصير سببا للجريان ممّا لا يضر في ذلك ، بل مع ذلك يكون المجموع ماء واحدا ، وانه في حال الصب والجري واحد ، ولهذا تريهم يحكمون بعدم نجاسة الجاري من غير نبع بوقوع النجاسة فيه إذا كان المجموع كرا ، ومع النبع إذا اشتراط الكرية.

وأيضا الظاهر ان إطلاق الاخبار والأقوال محمول عليه (٢).

__________________

(١) عطف على ما قوله : بأن الجزء الأوّل إلخ.

(٢) يحتمل ان يكون المراد ان إطلاق الاخبار والأقوال في ان الجاري لا ينجس بالملاقاة ، محمول على

٢٦٤

(الرّابع) ماء البئر ان تغيّر بالنّجاسة نجس ويطهر بالنزح حيّ يزول التّغيّر.

______________________________________________________

بل يمكن ان يقال : مثله لا يسمى ماء واحدا عرفا ، ومعلوم ان المراد هو الماء الواحد.

والظاهر ان الجاري مع الانحدار يقال له : ماء واحد ما لم ينفصل ولو بالوقوف في موضع الا ان يفرط فلا يبعد إخراجه.

(واما نجاسة) الماء الداخل في الكوز مثلا بصب جزء منه على النجاسة ولو كانت تحت المنارة (فمدفوع) بالإجماع الذي ادعى في الشرح ، وبعدم تأثير النجاسة في الا على المفرط.

وامام عدم نجاسة الماء الذي فيه بوقوع النجاسة فيه بسبب اتصال جزء مّا منه الى الكر تحت المنارة وإسناده إلى إطلاق الكلام والروايات ثم استبعاده (فمحل تأمل) فتأمل جدا.

قوله : «(الرابع ماء البئر إلخ)» الظاهر انه لا بد للبئر من النبع وعدم الجريان تحت الأرض فإنه لو لم يتحقق النبع وان سمى بئرا لا يتحقق معه أحكامها ، وكذا الجاري تحتها فإنه جار وليس فيه الّا أحكامه كما يوجد في المشهد الغروي (على ساكنه السلام) وان كان معه نبع.

ويحتمل إجراء أحكام البئر فيما يقال له : ذلك عرفا مطلقا ، ويفهم من كلام الشهيد والشارح اعتبار النبع وعدم الجري غالبا فغير النابع ليس بئرا وان قيل له : ذلك ، وان الجري أحيانا لا ينافي كونه بئرا مع القول بأنه بئر وهو محل التأمل.

والظاهر ان الاعتبار لو كان بالتسمية لكان المعتبر فيه العرف العام أو الخاص لو وجد ، لا عرف زمانهم عليهم السلام ، مع احتمال ذلك ، والمدار عليه مشكل ، إذ قد يئول الى كونه نجسا عند جماعة أو في زمان ، وعكسه عند أخرى أو آخر.

فالذي يفهم منه ، انه مجمع ماء تحت الأرض ذي نبع بحيث يصعب

__________________

خروج مقدار الكر وإذا لم يخرج بمقدار الكر لا يصدق عليه مع ما في المنبع انه ماء واحد.

٢٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الوصول اليه غالبا وعرفا وعلى حسب العادة ، وغير ذلك اما جار أو راكد فتأمل فيه.

ونجاسته بالتغير كأنه إجماعي (١) كسائر المياه.

(واما تطهيره) بالنزح حتى يزول التغير فبناء على عدم نجاسته الا به كما هو الظاهر ومذهب المصنف (ظاهر) لأنه في الحقيقة هو مثل الجاري فيكون النزح على سبيل التمثيل فيطهر بالزوال مطلقا ، ويحتمل ان يقال : انه لا بد من النزح لقوله عليه السلام في الصحيح والحسن فينزح منه حتى يذهب الريح إلخ (٢) فتأمل.

واما على القول بالتنجيس مطلقا فأظهر الأقوال ذلك للنص الصحيح الصريح كما مر ، ويقيّد ما ورد من النص بالتعيين على ما لم يتغيّر (٣) كما هو مقتضى الأصول ، ولا استبعاد في اقتضاء غير المتغير ، النزح أكثر من المتغير لو فرض بعد ورود النص ومقتضى القوانين مع انه قد يكون في المتغير اكتفى بالزوال لخروج النجس معه بخلاف غير المتغير فقد يؤمر بالأكثر لشيوعه في الماء حتى يخرج.

واما غير المنصوص فالاكتفاء بالزوال له أظهر ، إذ لا نص في الإخراج له مع وجود النص الى الزوال عموما.

ونقل الشارح رحمه الله سبعة أقوال فيه (٤).

__________________

(١) مضافا الى إطلاقات غير واحد من الاخبار فلاحظ الوسائل باب ٣ من أبواب الماء المطلق وغيره.

(٢) الوسائل باب ١٤ ذيل حديث ٦ من أبواب الماء المطلق.

(٣) هكذا في النسخ ، وحق العبارة ما ورد من النص على التعيين بما لم يتغير.

(٤) يعني في أصل مسئلة نجاسة البئر.

ونحن نذكر ملخّصها من روض الجنان ص ١٤٣ (أحدها) نزحها حتى يزول التغير اختاره المفيد وجماعة منهم المصنف (ثانيها) نزح أكثر الأمرين من المقدر ومزيل التغير وهو مختار الشهيد في الذكرى (ثالثها) أكثر الأمرين مع كون النجاسة منصوصة المقدر وعدم زوال التغير ومع زوال التغير أو كونها غير منصوصة المقدر فنزح الجميع أو التراوح وهو مختار ابن إدريس (رابعها) التفصيل كذلك مع زيادة وجوب ازالة التغير في المنصوص ثم استيفاء المقدر وهو اختيار المحقق (خامسها) وجوب نزح الجميع ومع التعذر فالتراوح اختاره الصدوق والمرتضى وسلار (سادسها) نزحها أجمع إن أمكن والى زوال التغير ان تعذر وهو المنقول عن المبسوط والنهاية (سابعها) نزحها اجمع ومع التعذر بغلبة الماء يعتبر أكثر الأمرين من زوال التغير والمقدر اختاره الشهيد في الدروس.

ثم قال : ويظهر من اعتبار الأقوال ووجوهها ان أمتنها الثالث ثم قال : وانما أطنبنا القول في تحرير الأقوال لعدم وجودها مجموعة في كتاب على هذا المنقول انتهى كلامه رفع مقامه.

٢٦٦

وان لم يتغير لم ينجس وأكثر أصحابنا حكموا بالنجاسة (بنجاستها ـ خ).

______________________________________________________

قوله : «(وان لم يتغيّر لم ينجس وأكثر أصحابنا حكموا بالنجاسة)» قد مر ص ٢٥٦ في عدم اشتراط الكريّة في الجاري ما يكفى لهذا المطلب فتذكر ، (والدخل) في بعض الاخبار بالاشتراك مثل حماد في رواية معاوية (١) بأنه ظاهر أنه الثقة لكثرة نقله عنه وتصريح الأصحاب بصحة الخبر.

وكذا بأنّ رواية محمد بن إسماعيل (٢) مكاتبة ، وغير صريح في انه عن الإمام (ع) ، إذ يحتمل كونه عن الرجل المكتوب إليه (بأن) المكاتب إذا جزم العدل بأنها عن الامام عليه السلام لا فرق بينها وبين المشافهة في الحجيّة.

مع انه هنا جزم بأنه عنه من غير الكتابة لأنه قال : قال : ـ وما قال : كتب؟ ونحوه ، ومعلوم ان فاعل قال هو عليه السلام ، إذ محمد بن إسماعيل لا ينقل مثل هذه المسئلة عن غيره ولا يكتبون الأصحاب مثل هذا الحديث في الكتب الكثيرة ويستدلون به ، وسوق الكلام ، وقرب المرجع يدل عليه مع المبالغة الكثيرة فيه من الوسعة ، والمادة (٣) والعلة ، وعدم إفساده بشي‌ء الا بالتغيير ، مع انه منقول في الاستبصار من غير كتابة ولا واسطة حيث قال فيه : احمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الرضا عليه السلام قال : ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء الا ان يتغيّر ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لأن له مادّة (٤).

__________________

(١) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة ممّا وقع في البئر الا ان ينتن فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر ـ الوسائل باب ١٤ حديث ١٠ من أبواب الماء المطلق وسندها هكذا : الحسين بن سعيد ، عن حماد عن معاوية بن عمار.

(٢) ئل باب ١٤ حديث ٧ من أبواب الماء المطلق.

(٣) بقوله (ع) : لان له مادة.

(٤) اعلم ان هذا الحديث قد نقل بطرق عديدة في الكافي والتهذيب والاستبصار.

ففي الكافي (في باب البئر وما يقع فيها من كتاب الطهارة) هكذا ـ عدّة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : كتبت الى رجل اسئله أن يسأل أبا الحسن الرضا عن البئر يكون

٢٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا ظاهر الكافي قال فيه : وبهذا الاسناد قال : ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء الا ان يتغيّر.

بل في التهذيب أيضا في الزيادات منقول (مع الجزم) عنه عليه السلام حيث قال : احمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الرضا عليه السلام قال : ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء الا ان يتغير الا انها مكاتبة (في أول باب تطهير المياه من النجاسات) ، بإسناده ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : كتبت الى رجل الى آخر ما في الاستبصار بعينه.

ولا ينبغي النزاع في طهارة البئر على تقدير الكريّة كما ذهب اليه البعض لعموم أدلة الكر ، وللجمع بين أخبار البئر بحمل ما يدل على تنجيسها على الأقل منه ، وما يدل على الطهارة على الكر.

وفي الأقل منه أيضا ، الظاهر ، الطهارة لما مرّ من عدم اشتراط الكرية في الجاري من الكتاب والسنة ، والأصل ، والاستصحاب ، ولصحة أدلتها.

بخصوصها.

وضعف أدلة النجاسة لأنها لا تخلو عن قصور.

(اما) في المتن من جهة عدم القائل به واضطراب واختلاف أو الجميع.

(اما) في السند ، مع عدم الصراحة في النجاسة واحتمال التأويل فالجمع بوجه من الوجوه التي مضت متعين.

__________________

في المنزل آخر الخبر ثم قال :

وبهذا الاسناد قال ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء الا ان يتغير.

وفي التهذيب (في باب تطهير المياه من النجاسات خبر ٧ هكذا) أخبرني الشيخ أيده الله ، عن ابى القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : كتبت الى رجل اسئله ان يسئل أبا الحسن الرضا (ع) فقال : ماء لبئر واسع الى آخر ما نقله الشارح قده من الاستبصار لكن (لا ينجسه) بدل (لا يفسده).

وفي الاستبصار (في الباب الأول من أبواب حكم الآبار حديث ٨ كما نقله الشارح قده بعينه.

وفي موضع آخر من التهذيب (باب المياه وأحكامها من الزيادات حديث ٨) كما في الاستبصار على مثل ما نقله الشارح قده هنا.

فعلى ما نقلناه من الكافي من سند ما قبل هذا الخبر يحتمل ان يكون سند الكافي أيضا على نحو المكاتبة والله العالم.

٢٦٨

وأوجبوا نزح الجميع في موت البعير ، ووقوع المنى ، ودم الحيض.

والاستحاضة ، والنفاس ، والمسكر ، والفقّاع فإن تعذر لكثرته تراوح عليه أربعة رجال يوما.

______________________________________________________

مثل (حمل) الصحيحة الصريحة في النجاسة (١) أو وجوب النزح (٢) لو كان ، (على) تقدير التغيير لوجوب حمل المطلق على المقيد حيث قيد في روايات كثيرة مثل صحيحة محمد ومعاوية (٣) الا ان يتغيّر (والا ان ينتن) (٤) وغيرهما.

(والدخل) في كل واحد بخصوصه والجواب عن الدخل عن كل واحد واحد (يطول) ولا يليق بهذا المختصر ، لان المطلوب فيه الإشارة الى بعض الأدلة في المسئلة.

قوله : «(البعير إلخ)» قيل : دليل البعير رواية الحلبي (٥) وهي صحيحة ، ومثله الثور ـ صحيحة عبد الله بن سنان (٦) ، والبقرة أيضا لأنها ممّا لا نصّ فيه وقيل ذلك هو دليل المنى والدماء الثلثة أيضا.

ودليل المسكر ما وقع في صحيحة عبد الله بن سنان من نزح الكل بصب الخمر (٧) وكأنّ كل مسكر خمر ، ومنه الفقاع.

وأيضا هذه من جملة ما لا نص فيه وهو موجب للكل عند البعض.

قوله : «(فان تعذر إلخ)» دليل التراوح كأنه إجماع مع الخبر (٨) وان لم اعرف صحته ، وكذا جعل اثنين اثنين للراحة.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ أبواب الماء المطلق.

(٢) يعني أخبار منزوحات البئر محمولة على فرض حصول التغيير جمعا بين الاخبار.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٧ من أبواب الماء المطلق.

(٤) ئل باب ١٤ حديث ١٠ من أبواب الماء المطلق.

(٥) عن ابى عبد الله عليه السلام (في حديث) قال : وان مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلتنزح ، الوسائل باب ١٥ حديث ٦ من أبواب الماء المطلق.

(٦) عن ابى عبد الله (ع) (في حديث) قال : فان مات فيها ثور أو صب فيها خمر فلينزح (نزح خ ل) الماء كله الباب حديث ١.

(٧) تقدم آنفا.

(٨) راجع الوسائل باب ٢٣ ذيل حديث ١ من أبواب الماء المطلق عن ابى عبد الله (ع) قال : فان غلب عليه الماء فلينزح يوما الى الليل يقام عليه قوم يتراوحون اثنين فينزفون يوما الى الليل وقد طهرت.

٢٦٩

ونزح كرّ في موت الحمار والبقرة وشبههما ، ونزح سبعين دلوا من دلاء العادة في موت الإنسان.

وخمسين للعذرة الذّائبة ، والدّم الكثير غير الدّماء الثّلثة كذبح (كدم ـ خ ل) الشّاة ، وأربعين في موت السنّور والكلب والخنزير والثّعلب والأرنب ، وبول الرّجل ، ووقوع نجاسة لم يرد فيها نصّ (وقيل) الجميع.

______________________________________________________

واما كون أحدهما فوق البئر والآخر تحته فما اعرف ، وذكره بعض الأصحاب.

وكذا عدم اجزاء النساء والصبيان والخناثى لعدم صدق القوم كذا قالوا.

وجوزوا اجتماعهم للصلاة جماعة بل في الا كل أيضا.

واشترطوا إدخال جزء من الليل في الطرفين ولا يبعد الاكتفاء باليوم العرفي في العمل ، ودخول زمان التأهب إذا كان قليلا وعدم ضرر الراحة في الجملة للخلاء وغيرها للعرف في العمل.

والظاهر اجزاء ما يصدق عليه اليوم مع احتمال يوم ذلك الوقت.

قوله : «(ونزح كر إلخ)» قيل دليله خبر ضعيف (١) منجبر بالشهرة ، وكذا حال البغل.

واما الكر في البقرة وشبهها من الدواب كالفرس فهو المشهور (وفيه تأمل) لأنهما ممّا لا نص فيه ، ولهذا جعلهما في الشرح منه.

(واما) دليل وجوب السبعين لموت الإنسان من غير فرق بين المسلم والكافر ـ على الظاهر والصغير والكبير والذكر والأنثى (فهو خبر (٢) قيل هو موثق منجبر بعمل الأصحاب بحيث لا يمكن ردّه والعمل بغيره.

واعلم انى أظن الاجزاء بالدلو المعتاد الشائع في العرف ، وقول الأصحاب بمعتاد البئر غير واضح الدليل وليس ذلك بمتبادر بحيث يجب الحمل عليه

__________________

(١) الوسائل باب ١٥ حديث ٥ (عمرو بن سعيد بن هلال) من أبواب الماء المطلق.

(٢) في حديث عمار عن ابى عبد الله (ع) قال : (في حديث) فأكبره الإنسان ينزح منها سبعون دلوا باب ٢١ حديث ٢ من أبواب الماء المطلق.

٢٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وحيث تعذر الشرع يحمل على العرف كما في سائره أيضا.

وأيضا الظاهر اجزاء المقدار بغير الدلو ولا يبعد اعتبار التعدد مع احتمال العدم لعدم الصراحة في التعدد لصدق سبع (دلاء) من الماء.

(ودليل) خمسين دلوا للعذرة الذائبة ، والحق به الرطبة ، للاشتراك في المعنى وهو الانتشار ، وهي فضلة الإنسان عرفا وان لم يكن لغة ، والظاهر عدم الفرق بين افرادها حتى بين عذرة الكافر والمسلم وعدم لحاق غيرها بها.

(خبر ابى بصير) فان ذابت فأربعون أو خمسون (١) وكأنهم اختاروا الأكثر لليقين وفيه تأمل واضح وهو ممّا يوجب عدم القول بالنجاسة ، بل بالوجوب أيضا كما مرّ.

والظاهر ان ذوبان البعض يكفى لهذا الحكم للصدق ، ولانه لو كان منفردا لا وجب ذلك.

(واما) إيجاب ذلك (٢) للدم الكثير (فهو) المشهور ونقل المصنف عن المختلف : ولم أقف في هذا التقدير على حديث مرويّ ، ونزح له (٣) ما بين الثلثين إلى الأربعين لحسنة على بن جعفر ، والذي رأيته في الكافي والتهذيب صحيحة على بن جعفر (٤) ، قال الشارح : وهو الوجه والعمل بالمشهور طريق اليقين فتأمل.

والظاهر خروج الدماء الثلثة عنه لما مرّ.

واما بقاء باقي الدماء حتى دم نجس العين ، فمحتمل لأن أحكام البئر لا استبعاد فيها ، ويحتمل كونه من جملة ما لا نص فيه ، ويحتمل كون الكثرة بالنسبة إلى الدم نفسه كما هو الظاهر والمفهوم من قوله (كدم الشاة) ، ونقل عن المصنف بالنسبة إلى ماء البئر باعتبار كثرة مائه وقلّته.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ ذيل حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٢) يعني إيجاب أربعين أو خمسين.

(٣) اى للدم الكثير.

(٤) ئل باب ٢١ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

٢٧١

وثلثين في وقوع ماء المطر مخالطا للبول والعذرة وخرء الكلاب وعشرة في العذرة اليابسة ، والدّم القليل غير الثّلاثة كذبح الطّير ، والرّعاف اليسير.

______________________________________________________

ودليل نزح الأربعين في موت السنور وشبهه ، الشهرة مع الرواية (١) وهي غير صحيحة ولا صريحة في الخنزير والأرنب والثعلب ، ولا في الموت ، بل أعم من ان يكون واقعا (٢) حيا أو ميتا ، ولا يبعد تعميم هذا الحكم فلا يجعل لوقوع الخنزير حيا ، فمات فيها أكثر من المقدر وما لا نص فيه مع احتمال التضاعف فتأمل.

وكذا احتمال التضاعف في الكلب إذا وقع حيّا ومات لوقوعه حيا ولموته فيها.

وكذا كونه في بول الرجل وان كان السند ضعيفا لانه منجبر بالشهرة ، وفيه روايات آخر (٣) متروكة للضعف وعدمها ، كذا قيل فتأمل.

ولا فرق بين المسلم والكافر ، ولا تدخل فيه المرأة لعدم صدق الرجل الذي في الخبر والشهرة فتبقى المرأة مطلقا فتكون مما لا نص فيه ، وكذا الخنثى.

(واما إيجاب الأربعين) لما لا نص فيه اى ما لا يدل عليه بدلالة ظاهرة معتبرة مشهورة (فغير ظاهر الوجه).

(وقيل) نزح الجميع ، ووجهه كأنه إذا ظهر النجاسة ولم يظهر المطهر فلا يكون الا برفع جميع النجس ، ولانه ليس بأكثر منه مطهرا ، والأقل منه غير معلوم كونه مطهرا فيتعين ، ويمكن العمل بمفهوم الموافقة ان علم.

(وقيل) ثلثين ووجهه أيضا غير ظاهر.

(وقيل) بالعدم وهو مع القول بالنجاسة مشكل ، نعم يمكن مع القول بالاستحباب والوجوب تعبدا فيما وقع فيه النص.

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ٣ من أبواب الماء المطلق ، لكن فيه : والسنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا ، والكلب وشبهه.

(٢) يعنى ان ما وقع أعم من كونه حيا أو ميتا.

(٣) لاحظ الوسائل باب ١٦ من أبواب الماء المطلق.

٢٧٢

وسبع في موت الطّير كالنّعامة ، والحمامة وما بينهما ، والفأرة إذا تفسخت أو انتفخت ، وبول الصّبي ، واغتسال الجنب الخالي من نجاسة عينيّة وخروج الكلب حيّا.

______________________________________________________

ودليل ثلثين (في وقوع ماء المطر إلخ) رواية كردويه (١) وهي أيضا منجبرة بالشهرة والفتوى ، والاشكال مندفع (اما) بحملها على الماء النجس بها ولا يكون فيه عينها (أو) ان أحكام البئر لا استبعاد فيه بعد ورود النص فتأمل.

ودليل نزح العشرة للعذرة اليابسة رواية أبي بصير (٢) المتقدمة المشتملة على الذائبة وفيه أيضا إشعار بإدخال الرطبة في الأول.

ودليله في الدم القليل ما ورد في الخبر من (دلاء يسيرة) (ودلاء) (٣) واستخراج العشرة منها بعيد كما ذكره الشيخ والمصنف في المنتهى والمختلف ، والظاهر كفاية الثلثة كما اختاره المحقق لو لم يكن شي‌ء آخر.

وكذا دليل السبع لموت الطير إلخ رواية على بن أبي حمزة (٤) مع الشهرة المنجبرة.

وكذا دليل السبع في الفأرة المتفسّخة أو المنتفخة ، ولكن الرواية في الاولى ، والثانية الحاقيّة بها مع الفتوى والشهرة.

وكذا دليل بول الصبي الذي (٥) قيل : المراد به من زاد على الحولين مع عدم البلوغ وفي حكمه الرضيع دون الحولين ما لم يزد لبنه عن الغذاء ، ولا يلحق به الصبيّة لعدم النص.

وكذا (دليل) اغتسال الجنب (٦) وفائدة الخلو عن النجاسة ظاهرة لان

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من أبواب الماء المطلق.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٣) الوسائل باب ٢١ حديث ١ وحديث ٣ من أبواب الماء المطلق.

(٤) عن ابى سعيد المكاري عن ابى عبد الله قال : إذا وقعت الفأرة في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلاء وفي رواية أخرى فتفسخت ـ الوسائل باب ١٩ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٥) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٦) الوسائل باب ٢٢ حديث ٢ من أبواب الماء المطلق.

٢٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

النجاسة لها حكم آخر ولها مقدرها مثل نزح جميع الماء لو كان منيا (روايات) في بعضها الدخول مع الاغتسال كرواية أبي بصير (١) ـ وفي أخرى النزول كرواية عبد الله بن سنان (٢) ـ وفي البعض الوقوع كرواية الحلبي (٣) وفي الآخر الدخول فقط كرواية محمد بن مسلم (٤).

وقال الشارح : يجب حمل المطلق على المقيد ، فقيد الكل بالاغتسال.

وأنت تعلم انه انما يكون مع المنافاة ، ولا منافاة بين وجوب السبع فقط للنزول فقط والوقوع والدخول كذلك ، ومع الاغتسال وهو ظاهر الا عند من يقول بمثل هذا المفهوم الضعيف.

وكأنّ العمدة الشهرة وعدم إيجاب شي‌ء في المشهور بمجرد النزول والوقوع كما هو ظاهر بعض الاخبار ، وظاهر حينئذ ان ليس العلّة تنجيس البئر ، إذ لا معنى للتنجيس من غير النجاسة وان كان بئرا وحكمه مختلفا ، مع انه لا نصّ في التنجيس بل بالنزح والفساد.

(فقول) الشارح : والعلة فيه نجاسة البئر بذلك وان كان بدنه خاليا من نجاسة ولا بعد فيه بعد ورود النص (الى قوله) : فقول بعضهم ان نجاسة البئر من غير منجس معلوم البطلان إذا الفرض إسلام الجنب ، وخلو بدنه من النجاسة العينيّة ، قد ظهر منعه (غير واضح) (٥).

(ومعلوميّة) اشتراط الخلو في الاخبار حيث أوجب السبع فقط مع طهارة بدن الجنب (دالة) على عدم التنجيس وهو أمر واضح ، وخلافه بعيد جدا.

ويمكن حمل الفساد على عدم جواز الاستعمال بدون النزح تعبدا أو على تنفر الطبع وغير ذلك.

ثم اعلم ان الشارح قال : (ورواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السلام

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ حديث ٤ من أبواب الماء المطلق.

(٢) قال : ان سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء الحديث الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٦ من أبواب الماء المطلق.

(٤) الوسائل باب ٢٢ حديث ٢ من أبواب الماء المطلق.

(٥) قوله : قد ظهر منعه خبر لقوله ره فقول بعضهم وقوله (غير واضح) خبر لقوله : فقول الشارح إلخ فلا تغفل.

٢٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

دالة عليه (اى على تفرع اشتراط النيّة وصحة الغسل على الحكم) حيث سأله عن الجنب يدخل البئر فيغتسل منها قال : ينزح منها سبع دلاء (١) والروايات الباقية كما لا تدل على اشتراط الاغتسال الشرعي كذلك لا تنافيه فيحمل مطلقها عليه جمعا بين الأخبار.

(فيندفع) بذلك ما أورده المحقق الشيخ على ، من (٢) خلو الاخبار عنه أو كونها أعم حتى التزم بعدم الحكم بطهره لقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن ابى يعفور : ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم (٣) فإن النهي المستفاد من الرواية يقتضي فساد الغسل لأنه عبادة فلا يطهر الجنب (ويجاب) يمنع ان النهي عن العبادة ، بل عن الوقوع في الماء وإفساده ، وهو انما يتحقق بعد الحكم بطهر الجنب لا بمجرد دخوله في البئر فلا يضرّ هذا النهي لتأخره وعدم كونه عن نفس العبادة الا ان يقال : ان الوسيلة إلى المحرم محرّمة وان كانت قبل زمانه (٤).

وأنت خبير بان الجمع انما يجب على تقدير المنافاة والمساواة ومعلوم عدمهما ، إذ لا منافاة بين إيجاب السبع لمجرد النزول والوقوع والدخول ، المذكورة في الثلاثة الصحيحة وبين إيجابه له وللغسل معا لضعيفة ابى بصير ، فلا مساواة أيضا ، مع انه لا اشتراط في السبع بالغسل في رواية أبي بصير ، بل ذكر ذلك في كلام السائل فقط (فلا ينبغي) ترك الحكم المستفاد من الاخبار الثلثة الصحيحة ، وتقييده مع تقييد النهي المستفاد في صحيحة ابن ابى يعفور وهو عبد الله الثقة المدلّل بان رب الماء ورب الصعيد واحد ، (لرواية أبي بصير) (٥) الغير الصحيحة لوجود عبد الله بن بحر (٦) الضعيف واشتراك ابن مسكان وابى بصير المشتمل على السبع للدخول مع الغسل في كلام السائل مع عدم النهي فيه.

__________________

(١) ئل باب ٢٢ حديث ٤ من أبواب الماء المطلق.

(٢) قوله : من خلو الاخبار الى قوله : الجنب ـ بيان الإيراد ، وقوله : بمنع ان النهي إلخ بيان الاندفاع.

(٣) ئل باب ١٤ حديث ٢٢ من أبواب الماء المطلق.

(٤) قوله : ورواية أبي بصير (الى قوله) : قيل زمانه من كلام الشارح قده.

(٥) يعني لا ينبغي ترك مضمون الاخبار الثلثة الصحيحة لأجل رواية أبي بصير الغير الصحيحة.

(٦) فإن سنده كما في ئل باب ٢٢ حديث ٤ ، عن المفيد عن احمد بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ومحمد بن الحسن ، عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن بحر ، عن ابن مسكان عن ابى بصير.

٢٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فظهر بطلان الغسل على تقدير التحريم وعدم القيد كما يظهر منه ، (ولا ينفع) الجواب بمنع ان النهي عن العبادة (١) ، بل عن الوقوع في الماء وإفساده (لان) الإفساد انما وقع بالغسل بل نفس الغسل هو الإفساد ، ويترتب عليه الفساد ، وعلى تقدير كون الحرام هو المقيد وهو الغسل لا مطلق الوقوع ، كيف يصح الغسل مع النهي عنه وانه العبادة ، وانه موجب للفساد كما تقرر.

(وتوهم) ان النهي هو الإفساد وهو انما يتحقق بعد الحكم بطهر الجنب (بعيد) إذ الظاهر ان المراد بالمنهي هو العمل الذي يفعله وهو الاغتسال فإجراء الماء على العضو وتحريكه على البشرة مع النية هو المنهي الموجب لرفع الحدث ، وهو العبادة فيكون فاسدا ولا يكون النهي موقوفا على رفع الحدث ، إذ لا معنى له أصلا.

نعم قد يكون موقوفا ولا يعلم الا بعد العلم بالغسل ، فيكون حينئذ كالتناقض ، لانه لا شك في كون الاغتسال الرافع حراما وانه فاسد ومفسد للماء فلا يكون صحيحا مع الفساد والإفساد ، وهو ظاهر فالظاهر ، ان المراد على تقدير ارادة الغسل مجرّد إيراده الماء على البدن ، على قصده مع النيّة ، والإفساد يترتب على محضه (٢) وهو المراد بالفساد هنا.

أو يراد بالنهي ، الكراهة بمعنى قلة الثواب والّا يلزم التزام عدم كون النهي في العبادة مفسدا ، وجواز كون الشي‌ء الواحد الشخصي حراما وواجبا (٣) وكل ذلك باطل خصوصا عند أصحابنا كما بين في محلّه فيحتمل في المسئلة القول بالكراهة بالمعنى المذكور وعدم الفساد ، لا في الماء ولا في الغسل واستحباب النزح بمجرد النزول مع الغسل وعدمه (أو) الوجوب تعبدا لا للنجاسة ، لا بخروجه عن الطهورية بالغسل ، لأدلّة عدم نجاسة البئر وان كان النهي ظاهره

__________________

(١) إشارة إلى رد الشارح صاحب روض الجنان كما تقدم كلامه آنفا نقل كلامه فلاحظ.

(٢) يعنى ان الإفساد يترتب على محض إيراد الماء على بدنه لا الإيراد المقرون بالقصد لعدم دخالته فيه.

(٣) يعنى عدم كون النهي في العبادة مفسدا ، وكون الشي‌ء الواحد حراما وواجبا باطل.

٢٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

التحريم.

ويمكن القول (١) به أيضا والتأويل ان المراد مع النجاسة المفسدة أو بئر الغير أو لخوف الضرر بالوقوع فيه وغير ذلك وعلى الأخير (٢) يصح الغسل ان غسل بعده من غير ضرر ، وبوجوب (٣) النزح تعبدا مع القول بعدم صحة الغسل إلا بتأويل فتأمل.

ويمكن استفادة عدم نجاسة ماء البئر حينئذ من هذه الاخبار التي ادعى المشهور دلالتها عليها ، من جهة وجوب النزح لانه ما (٤) أمر عليه السلام الواقع بالغسل وتطهير بدنه وثيابه فافهم واعلم ان الشارح قال : الذي اختاره المصنف في المختلف مختار لشيخه المحقق ان الحكم بالنزح لكونه مستعملا فيكون النزح لسلب الطهوريّة.

ويشكل بإطلاق النصوص ، وبحكم سلّار وابن إدريس وجماعة من المتأخرين بوجوب النزح مع طهورية المستعمل عندهم ، وباستلزامه القول بعدم وجوب النزح لانه فرعه على القول بسقوط طهوريّة المستعمل وهو لا يقول به ، فيلزم عدم القول بالنزح انتهى.

والذي اختاره في المنتهى هو التعبد كما أشرنا اليه وهو المعقول بناء على مذهبه على تقدير القول بالوجوب.

والذي فهمته من المختلف عدم الوجوب ، قال فيه : إذا كان البدن خاليا من نجاسة عينيّة فأي سبب أوجب السبع ، وبأي اعتبار يفسد ماء البئر.

والجواب ان يقال : اختلف علمائنا في المستعمل في الطهارة الكبرى هل يرتفع عنه حكم الطهوريّة لغيره أم لا؟ بعض علمائنا أفتى بالأول ، وبعضهم افتى بالثاني ، وسيأتي البحث ، فالمقتضي للنزح هو كونه مستعملا في الطهارة الكبرى ، وهذا انما يتمشى عند الشيخين رحمهما الله ، اما نحن فلا.

__________________

(١) يعنى القول بفساد الغسل بدعوى كون المراد إيراد الماء على بدنه مع النجاسة المفسدة للماء فتفسد العبادة.

(٢) يعنى على احتمال تحريم الوقوع وانه لأجل خوف الضرر لا للإفساد ولا لكونه بئر الغير والا فالغسل ح فاسد.

(٣) عطف على قوله : (به أيضا).

(٤) ما نافية وقوله : (الواقع) مفعول ما أمر وقوله : الغسل بفتح فاء الفعل.

٢٧٧

وخمس في ذرق الدّجاج.

وثلث في موت الفأرة والحيّة.

______________________________________________________

والعجب ان ابن إدريس ذهب الى ما اخترناه من بقاء حكم الطهوريّة في المستعمل ، وأوجب النزح هنا ، فالأقوى عندي بناء على قول الشيخ كون الماء طاهرا وان ارتفع عنه حكم الطهوريّة ، فإيجاب النزح ليس لزوال النجاسة ، بل لإفادة حكم الأول (انتهى).

ولا أجد فيه ما ذكره (١) ، ولا قصورا ، وإطلاق الاخبار بناء على القول به محمول على مذهبهما (٢) ، ولا يلزمه صحة مذهب غيره ، بل نفاه ، والشارح جعله للنجاسة مع الخلو من النجاسة (٣) ، وهو كما ترى ، نعم يمكن ان يقال : لا تعجب من ابن إدريس فإنه قال به لصحة الروايات كما قلتم أنتم في المنتهى.

فالظاهر ان اختياره في المختلف الاستحباب كما في المتن فكيف الوجوب ، لعدم الطهوريّة مع عدم قوله بالخروج عنها وكلامه صريح في ذلك.

ولعل الشارح يريد اختياره على تقدير الوجوب ، ولكن لا يتم ما اعترض عليه فتأمل ، والاحتياط مما لا يترك مع الإمكان فتأمل.

وكذا دليل السبع بخروج الكلب حيّا هو الخبر الصحيح (٤) مع الشهرة ولكن في هذا الخبر بعينه نزح البئر كلّها لموت الكلب وقد مرّ أربعون له فهو ممّا يدل على عدم النجاسة والوجوب فافهم.

واما الخمس لذرق الدجاج ، فما ذكر الشيخ له دليلا ، وقد قيد شيخه بالجلّال (٥) فان ذرق غيره ليس بنجس على الظاهر.

ودليل الثلاث في موت الفارة مع عدم الوصفين (٦) صحيحة معاوية بن

__________________

(١) اى لا أجد في كلام المختلف ما ذكره الشارح (الشهيد الثاني) ونسبه إليه.

(٢) يعني المحقق والعلامة قدس سرهما.

(٣) قال في روض الجنان : والعلّة فيه نجاسة البئر بذلك وان كان بدنه خاليا من نجاسة ، ولا بعد فيه بعد ورود النص انتهى.

(٤) ئل باب ١٧ ذيل حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٥) لاحظ التهذيب باب تطهير المياه.

(٦) اى الانفساخ أو الانتفاخ.

٢٧٨

ودلو في العصفور وشبهه ، وبول الرّضيع الّذي لم يتغذ بالطعام.

وكل ذلك عندي مستحب.

______________________________________________________

عمار (١) وليس فيها ذكر الوصفين وعدمهما ، لكن حملت على العدم لرواية غير صحيحة في السبع (٢) على تقدير الانفساخ وحمل عليه أيضا رواية غير صحيحة مطلقة بالسبع مع نفى البأس فيما أصاب من ذلك البئر ، الثياب ، وكذا يفهم من اخرى ، وفي أخرى كأنها صحيحة أبي أسامة ، خمس دلاء ما لم تنفسخ أو يتغير طعم الماء (٣) فحمل الزائد ، على الاستحباب غير بعيد ، وهذا كله يدل على عدم النجاسة وعدم الوجوب.

(وكذا) الترديد في مثل السنور بين عشرين وثلاثين وأربعين ، والاختلاف في الكلب وغير ذلك من الاختلاف.

(والترديد) بين ثلاثين إلى أربعين (دليل) على مذهب المطهرين للبئر فافهم ولا تنسى.

ودليل الدلو الواحد للعصفور رواية (٤) غير صحيحة مع الشهرة وكأنه شبهه (٥) أخذ بالقياس من سوق الخبر (أقل ما يقع في البئر العصفور ينزح منها دلو واحد) (٦) تأمل ، ودليل الدلو الواحد لبول الرضيع الذي لبنه غالب على غذائه من الطعام قوله في الخبر : (سألته عن بول الصبي الفطيم يقع في البئر قال : دلو واحد) وكان القيود أخذ من الفطيم ، ووجود الأكثر (مثل السبع في بول ـ خ) الصبي فتأمل.

قوله : «(وكل ذلك عندي مستحب)» كان دليله طهارة البئر عنده مع عدم تماميّة أدلة وجوب النزح لما مرّ من عدم الصحة ، والاختلاف ، والتخيير ،

__________________

(١) ئل باب ١٩ حديث ٢ من أبواب الماء المطلق.

(٢) هذه الرواية وغيرها ممّا ذكره الشارح لموت الفأرة مذكورة في باب ١٩ من أبواب الماء المطلق من الوسائل فراجعه.

(٣) ئل باب ١٧ حديث ٧ من أبواب الماء المطلق.

(٤) الوسائل باب ٢١ ذيل حديث ٢ من أبواب الماء المطلق.

(٥) أراد به ان ما في كلام المصنف من قوله : (وشبهه) أخذ بالقياس الى العضو.

(٦) الوسائل باب ٢١ حديث ٢ من أبواب الماء المطلق.

٢٧٩

تتمّة

لا يجوز استعمال الماء النّجس في الطّهارة مطلقا ، ولا في الأكل والشرب اختيارا.

______________________________________________________

ووجوب الجمع بحمل المطلق على المقيد ، فإنه وردت روايات صحيحة مثل صحيحتي محمد بن إسماعيل ومعاوية بن عمار (١) بعدم النجاسة وعدم النزح ما لم يتغير ، وما لم ينتن وصحاح أخر في عدمها مطلقا (٢) وورد (٣) فيهما أيضا روايات مطلقة فتحمل على المقيد كما قرر في الأصول.

مع ان الصحيحة الصريحة في النجاسة غير معلومة وغير ذلك من الوجوه المتقدمة وقد أشرنا إليها مرارا.

ولا يكفي في الاستحباب مجرد اختياره عدم انفعال البئر كما يفهم من الشرح ، لاحتمال وجوب النزح تعبدا ولذا اختار في المنتهى وجوبه تعبدا مع اختيار طهارته ، وعدم انفعاله.

تتمّة

قوله : «(لا يجوز إلخ)» لعل المراد بعدم الجواز عدم الاعتداد به ، وعدم ترتب الأثر المطلوب من الاستعمال عليه مجازا ، وترتب العقاب والذم كما هو المتعارف بناء على اعتقاده المشروعيّة ، وانه طهارة شرعيّة فيكون بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها الى النار وهو مذكور في الخبر الصحيح في منع الجماعة في نافلة شهر رمضان وصلاة الضحى (٤).

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١٤ من أبواب الماء المطلق وباب ٢٤ منها تجد صدق ما اختاره من عدم نجاسة البئر والله يعلم.

(٢) لاحظ باب ١٤ من أبواب الماء المطلق.

(٣) يعني في النجاسة والطهارة.

(٤) راجع الوسائل باب ١٠ (عدم جواز الجماعة في صلاة النوافل في شهر رمضان من أبواب نافلة شهر رمضان من كتاب الصلاة).

٢٨٠