مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٦

أصابت الكفن بعد وضعه في القبر قرضت.

ويجب ان يطرح معه في الكفن ما يسقط من شعره وجسمه والشهيد يصلى عليه من غير غسل ولا كفن ، بل يدفن بثيابه.

______________________________________________________

إزالة النجاسة عن بدنه ، ولكن وجوب القرض مفهوم من بعض الاخبار من غير تفصيل بين كونه قبل الدفن وبعده ، وإمكان الغسل وعدمه ، مثل صحيحة الكاهلي (١) ، ولهذا نقل الإطلاق عن الشيخ ، فكأنّ الأصحاب استخرجوا من فهم العلّة مع حفظ الكفن والمال فإذا كانت الإزالة ممكنة من غير قرض فلا يجوّزون ذلك ، فتأمل.

واما وجوب طرح ما يسقط منه في الكفن معه ، فقيل للإجماع المذكور في التذكرة (٢).

واما وجوب غسله الذي كان ذلك على أصله الذي سقط منه فكأنه للاستصحاب وفيه تأمل ، ولا شك انه أحوط.

قوله : «(والشهيد إلخ)» المشهور ان المراد به هنا من قتل في المعركة بين يدي النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام أو النائب الخاص ، وبالجملة المقتول في المعركة المأذونة بالخصوص ، فلو هجم الكفار على المسلمين فقتلوا لم يكونوا شهداء بالمعنى المذكور الموجب لسقوط الاحكام ، وكذا غيرهم ممن قتل دون ماله.

ومن مات بالطاعون والنفاس والمبطون وغيرهم ممن سمى شهيدا في الاخبار ، لعموم أدلة وجوب الأحكام من الإجماع والأخبار وخرج ما خرج بالإجماع وبقي الباقي والاخبار التي ذكر فيها انهم شهداء ليست بدالّة على سقوطها عنهم.

وقد ينازع في عمومها ، ونقل عن الشهيد والمحقق في المعتبر ، السقوط عن الأول أيضا مستدلين بإطلاق بعض الأخبار وعموم البعض ، والإطلاق غير

__________________

(١) عن ابى عبد الله عليه السلام قال إذا خرج من منخر الميّت الدم أو الشي‌ء بعد ما يغسل فأصاب العمامة أو الكفن قرض عنه ـ الوسائل باب ٢٤ حديث ٣ من أبواب التكفين.

(٢) مضافا الى وجود خبر ابن ابى عمير عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا يمس عن الميّت شعر ولا ظفر وان سقط منه شي‌ء فاجعله في كفنه ـ الوسائل باب ١١ حديث ١ من أبواب غسل الميّت.

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

جيّد ، والعموم سنذكره.

والاخبار التي تعتمد عليها دلالة وسندا في الجملة خبر ابان بن تغلب قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام يقول : عن الذي يقتل في سبيل الله أيغسل ويكفن ويحنط؟ قال : يدفن كما هو في ثيابه الا ان يكون به رمق ثم مات ، (فان كان به رمق ثم مات خ) فإنه يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه ، ان (لان ـ خ ل) رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على حمزة وكفّنه (حنطه ـ خ) لانه كان جرد (١).

وسماه في المنتهى بالصحيحة مع اشتراك ابن مسكان وعلى بن الحكم (٢) لعله يعرف انهما الثقتان وحسنة زرارة ـ (لإبراهيم) ـ ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : قلت له : كيف ـ رأيت الشهيد يدفن بدمائه؟ قال : نعم في ثيابه بدمائه ، ولا يحنط ولا يغسل ويدفن كما هو ثم قال : دفن رسول الله صلى الله عليه وآله عمه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها وردّاه النبي صلى الله عليه وآله برداء يقصر عن رجليه فدعا له بإذخر (٣) فطرحه عليه وصلى عليه سبعين صلاة وكبّر عليه سبعين تكبيرة (٤).

وحسنة أبان بن تغلب ـ (لإبراهيم) ـ قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ـ الذي يقتل في سبيل الله يدفن بثيابه ولا يغسل الا ان يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد ، فإنه يغسل ويكفن ويحنط ، ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلى عليه (٥).

وفي سند الأولى منهما حماد المشترك ، وفي الثانية ابن محبوب عن

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ (أحكام الشهيد) إلخ حديث ٧ من أبواب غسل الميّت.

(٢) سنده هكذا ، محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن على بن الحكم ، عن الحسين بن مسكان ، عن ابن مسكان ، عن ابان بن تغلب إلخ.

(٣) بكر الهمزة والخاء نبات معروف ، عريض الأوراق طيّب الرائحة ، يسقف به البيوت ، ويحرقه الحداد بدل الحطب والفحم ، الواحدة اذخرة والهمزة زائدة (مجمع البحرين).

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ٨ من أبواب غسل الميّت.

(٥) الوسائل باب ١٤ حديث ٩ من أبواب غسل الميّت.

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ابن سنان ولعله لا يضر ، وفي بعض الاخبار (المقتول بين الصفين لا يغسل) (١) وكذا الشهيد (٢) في الخبر الآخر ، والثانية لا عموم لها ، والإطلاق ، ما ينفع ، مع اشتمالها على طرح الإذخر وسبعين صلاة وتكبيرة ولا يقول بهما الأصحاب فيحتاج إلى التأويل ، وان سلم عموم الاولى والثانية وسندهما ، فتخصيصهما بما قاله الشهيد والمحقق غير واضح فينبغي العمل بعمومهما ، الّا ان يقال : ان غيره مجمع عليه ، وذلك غير معلوم.

وبالجملة الظاهر ان وجوب الأحكام وشمول الأدلة لما اخرجاه ممّا لا نزاع فيه فإخراجه بالأخبار المذكورة لا يخلو عن شي‌ء ، مع ان الظاهر ان الأكثر على خلافه والاحتياط اولى ان أمكن.

واما قيد الأصحاب بالموت في المعركة ، فكأنه إجماعيّ مأخوذ من قولهم عليهم السلام (الا ان يكون به رمق) (٣) ـ (والا يدركه المسلمون وبه رمق) (٤) وليس بصريح في المطلوب ، فكأنهم فهموا بقرائن أخر.

وأيضا قولهم : ـ الموت في المعركة ـ شامل لمن مات فيها ولو كان بعد أيام وكون ذلك مسقطا ، غير ظاهر الا ان يكون المراد حين بقاء المعركة وبالجملة وهو (٥) لا يخلو عن إجمال.

وظاهر الاخبار انه إذا أدركه المسلمون وبه رمق يغسل سواء مات في المعركة وغيرها ، وتخصيصه بمن مات فيها كما يظهر من كلامهم محل التأمل.

ثم ان المصنف في المنتهى نقل الإجماع على سقوط الاحكام عن الشهيد ونزع السلاح والحديد.

وكذا يفهم عدم النزاع في نزع ما هو ثوب في المعتاد.

__________________

(١) نقل بالمعنى ولفظ الحديث هكذا عن ابى خالد قال : اغسل كل الموتى ، الغريق وأكيل السبع وكلّ شي‌ء الا ما قتل بين الصفين ، فان كان به رمق غسل والا فلا الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب غسل الميّت.

(٢) ئل باب ١٤ حديث ١ ، عن ابى مريم الأنصاري عن الصادق عليه السلام قال : الشهيد ، إذا كان به رمق غسل.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ١ و ٣ و ٩ من أبواب غسل الميّت.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ١١ من أبواب غسل الميّت.

(٥) هكذا في النسخ الخطية والمطبوعة ، والظاهر زيادة الواو.

٢٠٣

وصدر الميت كالميّت في جميع احكامه ، وذات العظم والسقط لأربعة أشهر كذلك إلا في الصّلوة ، والخالية تلفّ في خرقة وتدفن.

وكذا السقط لأقل من أربعة.

______________________________________________________

واما الجلود والفرو فنقل عن الشيخ عدم النزع الا الخفين ، وعن المفيد نزع السراويل والفرو والقلنسوة أيضا إلا مع اصابة الدم.

ويظهر عدم النزع مع عدم اصابتها الدم ببعض (١) الاخبار الغير الصحيحة الصريحة وعموم الأخبار الماضية يفيد عدم النزع مطلقا ، والظاهر منها هنا شمول الثوب للأمور المذكورة وعدم صدق الثوب عرفا لو سلم لا يدل على عدمه ، والاحتياط مشكل ، والظاهر ان الأكثر على الترك خصوصا مع وصول الدم ، بل لا يظهر المخالف وهو مؤيد به وان (٢) ما عليه ، ثوب وان كان فروا.

قوله : «(وصدر الميّت كالميّت إلخ)» ليس الصدر موجودا في الذي رأيته من الاخبار (٣) بل النصف الذي فيه القلب والعظام ، فإنهما موجودان في صحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن رجل يأكله السبع أو الطير وتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال : يغسل ويكفّن ويصلّى عليه ويدفن فإذا كان الميّت نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب (قلبه ـ خ ل) (٤).

والموجود في حسنة محمد بن مسلم ـ لإبراهيم ـ عدم الصلاة على اللحم بلا عظم والصلاة على العظم بلا لحم (٥).

والموجود في مرسلة عبد الله بن الحسين صلى على النصف الذي فيه

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١٤ حديث ١٠ من أبواب غسل الميّت.

(٢) يعنى كل ما عليه حتى الفرو يطلق عليه الثوب.

(٣) بل هو موجود في خبر الفضل بن عثمان الأعور ، عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة ، ووسطه ، وصدره ، ويداه والصلاة عليه ـ ئل باب ٣٨ حديث ٤ من أبواب الصلاة على الميّت.

(٤) ئل باب ٣٨ حديث ٥ من أبواب الصلاة على الميّت.

(٥) عن ابى جعفر عليه السلام قال : إذا قتل قتيل فلم يوجد الا لحم بلا عظم لم يصل عليه فان وجد عظم بلا لحم صلى عليه ـ الوسائل باب ٣٨ حديث ٨ من أبواب الصلاة على الميّت.

٢٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

القلب (١).

وفي خبر إسحاق بن عمار ان أمير المؤمنين عليه السلام وجد قطعا من ميّت فجمعه ثم صلى عليها ، ثم دفنت (٢).

وفي مرسلة أخرى الصلاة على العضو التام وعدمها على غيره (٣) وما رأيت غيرها.

فالذي يستفاد من الأول الذي هو معتبر ، وجوب الغسل والكفن والصلاة والدفن في جميع عظام الميّت وان لم يكن معها لحم ووجوب الصلاة على النصف الذي فيه القلب ، فالحنوط غير مذكور ، فيحتمل عدم وجوبه مع وجود المحل (٤). أيضا واما مع عدمه فينبغي الجزم بعدم وجوبه.

ثم انه يحتمل الاكتفاء لمسمى الغسل والكفن والدفن ، للأصل ، والصدق ، وارادة ما هو المقرّر في الميّت للعرف الشرعي.

ويمكن استفادة وجوب الغسل والكفن والدفن من الصلاة على ذي القلب ، ولكن من دون وجوب التحنيط ، والأكفان الثلاثة ، والأصل عدم وجوب شي‌ء.

والعمل بمثل هذه الاستفادة في إيجاب شي‌ء لا يخلو عن إشكال الا ان يؤيد بغيره مثل فتوى الأصحاب وغيره.

وكأن اللحم في حسنة محمد عندهم محمول على غير ذي القلب والقلب معا ، والعظم على جميع العظام أو الصدر ، إذ ما نعرف قائلا بوجوب الصلاة على اى عظم أو عظم (عضو ـ خ ل) خاصّ غير ما مرّ ، ولا اعتبار بغير الصحيحة والحسنة (٥) من الاخبار المتقدمة ، لضعفه في غيرهما).

(واما) جعل حكم الصدر حكم الميّت في جميع احكامه كما

__________________

(١) ئل باب ٣٨ حديث ١١ من أبواب الصلاة على الميّت.

(٢) ئل باب ٣٨ حديث ٢ منها.

(٣) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : إذا وجد الرجل قتيلا فان وجد له عضو تام صلى عليه ودفن وان لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن ـ الوسائل باب ٣٨ حديث ٩ من أبواب الصلاة على الميّت.

(٤) يعنى مع وجود محالّ الحنوط وهي مواضع السجود.

(٥) الوسائل باب ٣٨ حديث ١٢ من أبواب الصلاة على الميّت ، لكن فيه ، المقتول إذا قطع إلخ (بدل) الميّت

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

هو الموجود في كلام الأصحاب (فما نعرف) مأخذه ، وقال في الشرح : والموجود في النصوص انما هو وجوب الصلاة والأغسال والتكفين ، بل في مرفوعة البزنطي في الميّت إذا قطع أعضائه يصلى على العضو الذي فيه القلب (١).

وما رأيت شيئا من ذلك ، بل الذي رأيته في الاخبار هو الذي أشرت اليه ولعلهم أخذوا من (النصف الذي فيه القلب) ، الذي وقع في الاخبار من جهة كونه قريبا من محلّ القلب أو الإجماع ، أو خبر ما نعرفه (٢).

وكلامهم : (والقلب كالصدر) يدل على ان الصدر امره مقرر.

ثم ان الظاهر ان مرادهم بقولهم : ان الصدر كالميّت ، وان القلب كالصدر بالنسبة إلى أصل الصلاة والغسل والكفن والدفن في الجملة لا بجميع خصوصياته ، إذ معلوم ان إيجاب جميع الأشياء للصدر والقلب غير معقول.

ثم ان الظاهر ان ليس هذا الحكم ثابتا بغيرهما حتى للرأس لعدم الدليل ، بل لدليل الأصل ، ولما في الكافي بعد حسنة محمد : (وروى انه لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد) (٣).

(ودليل) لا يسقط الميسور بالمعسور (٤) ، وكونه جزء حين الاتصال يجب فيه الأحكام فكذا بعده (غير تام) ولكن يلزم ذلك على من استدل بوجوب القراح بدلا عن السدر والكافور عند تعذرهما ، فافهم.

ومن أوجب غسل القطعة ذات العظم (فهذا) الخبر والفتوى على عدم غسل الرأس وعدم دليل واضح ، والأصل (حجة) عليه.

قالوا : «(وكذا العظم فقط وكذا وجوب كفنها)» غير واضح (ونقل الإجماع) لو ثبت (فذاك)» ويؤيده عدم وجود الخلاف ، ووجوده في بعض

__________________

(١) يعني صحيحة على بن جعفر وحسنة محمد بن مسلم المتقدمتين.

(٢) قد عرفت اشتمال خبر الفضل بن عثمان الأعور على لفظة (الصدر) أيضا فلاحظ الوسائل باب ٣٨ حديث ٤ من أبواب الصلاة على الميّت.

(٣) الوسائل باب ٣٨ حديث ١٠ من أبواب الصلاة على الميّت ولكن في ثلاث نسخ مطبوعة من الوسائل فيما رأيناه (يصلى) بدون لفظة (لا) ولكن في نسخة الكافي (لا يصلى) كما هنا وهو الصحيح

(٤) أواخر البراءة من رسائل الشيخ المحقق الأنصاري ره نقلا من غوالي اللآلي.

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

العبارات ، ولا دلالة في رواية على بن جعفر المتقدمة ، عليهما (١) لان الظاهر منها بقاء جميع عظام الميّت أو أكثرها وزوال اللحم ، لا عظم واحد مع انه ليس فيها قيد اللحم ، الا ان يقال بالطريق الاولى ، وعدم وجوب الصلاة يدل على عدمهما أيضا ، نعم حسنة (٢) محمد المتقدمة ، لها دلالة على وجوب الصلاة على العظم الخالي عن اللحم ، فمعه بالطريق الأولى.

فإذا قيل به يمكن استفادة وجوب الغسل والكفن أيضا ولكن الظاهر انه لا يقول به أحد فهي مأوّلة كما أشرنا إليه.

ثم انه ينبغي الاختصار على ما علم فيه الإجماع من حكم القطعة ذات العظم ، والإجماع في الجزء المبان من الحي غير واضح فيترك ، وكذا الإجماع في وجوب غسلها بالأغسال المعهودة ـ غير معلوم ، ولو علم تعيّن ، وكذا الأكفان سيّما إذا كانت محل واحد منها أو اثنين ، والاحتياط ان أمكن جيد فأولوية الثلثة غير ظاهرة.

ومنه يعلم (علم ـ خ ل) حكم التحنيط.

واما وجوبهما في السقط لأربعة أشهر فرواية زرارة (٣) تدل على وجوب الغسل ولا يحتاج إلى مقطوعة أحمد بن محمد عمن ذكره إلخ (٤) حتى يجاب بعدم ضرر القطع ، ورواية زرعة عن سماعة (٥) تدل على وجوب الغسل واللحد والكفن إذا استوى خلقة.

ولا شك في عدم صحة سندهما (٦) ، لوجود (عدة عن سهل بن زياد) ،

__________________

(١) يعنى لا دلالة لرواية على بن جعفر على وجوب الغسل والكفن ، ئل باب ٣٨ حديث ٦ من أبواب الصلاة على الميّت.

(٢) ئل باب ٣٨

(٣) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل ـ ئل باب ١٢ حديث ٤ من أبواب غسل الميّت.

(٤) قال : إذا تم السقط أربعة أشهر غسل ، فقال : إذا تم له ستة أشهر فهو تام وذلك ان الحسين بن على عليهما السلام ولد وهو ابن ستة أشهر ـ ئل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب غسل الميّت.

(٥) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سألته عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن؟

قال : نعم كل ذلك يجب عليه إذا استوى ـ ئل باب ١٢ حديث ١ من أبواب غسل الميّت.

(٦) فان سند الاولى هكذا ـ محمد بن يعقوب عن عدّه من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى عن زرارة ـ وسند الثانية على ما في

الكافي هكذا ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد ، عن على بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة.

٢٠٧

ويؤمر من وجب قتله بالاغتسال أوّلا ثم لا يغسل.

ومن مس ميّتا من الناس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل أو مس قطعة ذات عظم أبينت منه أو من حيّ وجب عليه الغسل ، ولو خلت من عظم أو كان الميّت من غير الناس غسل يده خاصّة

______________________________________________________

واشتراك البعض في الاولى ، وكون (١) زرعة ، وسماعة ، وعثمان بن عيسى ، ومجهولية البعض في الثانية ـ وعدم دلالة الأولى الا على الغسل ، ودلالة الثانية على وجوب اللحد والكفن ولا يقول به احد على ما نعلم ، فلو لا دليل غيرهما كان الاستحباب حسنا للجمع بينهما وبين مكاتبة محمد بن الفضيل (٢) (الى قوله) فكتب الىّ : السقط يدفن بدمه في موضعه.

وان كان سند هذه أيضا غير صحيح ، وانها تدل على عدم اللف أيضا وفي كلام الأصحاب (يلف ويدفن) ، وبالجملة ، لعل الدليل غير هذه الاخبار التي رأيناها والا لم يثبت المطلوب ، فلعله عندهم دليل غيرهما من إجماع ونحوه.

والظاهر ان لا خلاف في عدم وجوب الصلاة على السقط والقطعة ذات العظم.

وكذا في لفّ الخالية من العظم والسقط لأقل من أربعة أشهر ودفنها ، والرواية خالية عن اللف ، بل مجرد الدفن مع عدم الصحة ، فلو كان هناك إجماع ونحوه ، والا فالأصل واضح.

قوله : «(ويؤمر إلخ)» كأن دليله الإجماع والّا فليس له مستند واضح عام (وقيل) الآمر هو الإمام عليه السلام أو نائبه ، وكذا سقوط الغسل عنه بعد الاغتسال والقتل بسببه (بسبب ـ خ ل) الذي اغتسل له.

قوله : «(ومن مسّ ميّتا من الناس إلخ)» دليل وجوب الغسل بعد البرد

__________________

(١) ولوجود هؤلاء في الثانية.

(٢) قال : كتبت الى ابى جعفر عليه السلام ـ اسئله عن السقط كيف يصنع به؟ فكتب إلخ ـ الوسائل باب ١٢ حديث ٥ من أبواب غسل الميّت.

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقبل الغسل روايات صحيحة (١) فلا ينبغي نفيه ، وكأن السيد (٢) لما نظر الى ان الخبر الواحد عنده ليس بحجة وما وصل الى حدّ التواتر ولا إجماع ، فقال به.

وكذا دليل سقوطه بعد الغسل وعدم وجوبه قبل البرد ، بل عدم نجاسة شي‌ء بمسّه أيضا.

اما بعد الغسل فظاهر واما قبله وقبل البرد ، فللأصل ، وعدم تحقق الموجب لان الظاهر ان الميّت انما ينجس بعد البرد والا لما كان وجوب الغسل على الماسّ موقوفا عليه ، إذ لا معنى للفرق بين الحالين بالنجاسة ووجوب الغسل في إحداهما والنجاسة فقط في الأخرى ، ولانه مع الحرارة قريب إلى الحيوة ، بل غالبا لا يتحقق الموت حينئذ فكأنّ ذلك مراد الشهيد رحمه الله بقوله (انما يقطع بالموت بعد البرد).

ويدل عليه ما روى في الصحيحة ، عن إسماعيل بن ابى زياد (الثقة) ، عن ابى عبد الله (ع) تقبيله صلى الله عليه وآله عثمان بن مظعون قبل الغسل (٣) ـ وحمله الشيخ على انه قبل البرد (٤).

وصحيحة إسماعيل بن جابر (٥) صريحة في ان تقبيله عليه السلام كان قبل البرد والغسل حيث قال عليه السلام : (اما بحرارته فلا بأس إنما ذاك إذا برد).

ومكاتبة محمد بن الحسن الصحيحة : هل يجب غسل اليد فوقع (ع) : إذا أصاب يدك جسد الميّت قبل ان يغسل فقد يجب عليك الغسل (٦) ـ تدل على

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١ وباب ٣ من أبواب غسل المسّ.

(٢) يعنى السيد المرتضى رحمه الله النافي لوجوب غسل المسّ على ما نسبه إليه في موضع من الخلاف حيث قال : الغسل من غسل الميّت واجب عند أكثر أصحابنا ، وعند بعضهم انه مستحب وهو اختيار المرتضى قدس روحه انتهى.

(٣) قال : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قبل عثمان بن مطعون بعد موته ـ الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب غسل المسّ.

(٤) أو بعد الغسل كما في الوسائل ناسبا الى الشيخ.

(٥) قال : دخلت على ابى عبد الله (ع) حين مات ابنه إسماعيل الابر فجعل يقبله وهو ميّت فقلت جعلت فداك أليس لا ينبغي ان يمس الميّت بعد ما يموت ومن مسّه فعليه الغسل؟ فقال : اما بحرارته فلا بأس ، إنما ذاك إذ أبرد ـ الوسائل باب ١ حديث ٢ من أبواب غسل المس.

(٦) متن الحديث هكذا ـ كتبت اليه : رجل أصاب يده (يه خ ل) أو بدنه ثوب الميّت الذي يلي جلده قبل

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

عدم وجوب غسل اليد من دون وجوب الغسل فافهم.

فلا يرد ما أورده الشارح (١) على الشهيد فتأمل.

ولا يدل على التنجيس ووجوب غسل الملاقي ما رواه الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام (في حديث) قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميّت قال : يغسل ما أصاب ثوبك منه (٢).

لعدم صريح الأمر ، والبرودة ، وأيضا يمكن انه عليه السلام علم المقصود وهو البرد أو بيّن له في غير هذا الموضع.

وترك التفصيل هنا لذلك ، فترك التفصيل لا يدل على عموم الحكم ، على ان السند (٣) غير صحيح لوجود إبراهيم بن هاشم واشتراك حماد عن الحلبي ، مع ان الخطاب (٤) غير مناسب وان كان أمثالها لا يضر في غير هذا الموضع ، وكذا رواية إبراهيم بن ميمون (وفي الشرح (ميمون بن إبراهيم) (٥) والظاهر العكس ، كما في التهذيب لوجوده في الخبر). (عن ابى عبد الله) في الرجل يقع طرف ثوبه على جسد الميّت قال : ان كان غسل الميّت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه وان كان لم يغسل فاغسل ما أصاب ثوبك منه (٦).

__________________

ان يغسل هل يجب عليه غسل يديه أو بدنه فوقع إلخ الوسائل ـ باب ١ حديث ٥ من أبواب غسل المس.

(١) فإنه بعد نقل دعوى الذكرى بانا نقطع بالموت بعد البرد قال : ما هذا لفظه : وفيه نظر لمنع عدم القطع قبله ، والا لما جاز دفنه قبل البرد ولم يقل به احد خصوصا صاحب الطاعون ، وقد أطلقوا القول باستحباب التعجيل مع ظهور علامات الموت وهي لا تتوقف على البرد مع ان الموت لو توقف القطع به على البرد لما كان لقيد البرد فائدة بعد ذكر الموت ويمنع التلازم بين نجاسته ووجوب الغسل ، لأن النجاسة علقها الشارع على الموت ، والغسل على البرد ، وكل حديث دل على التفصيل بالبرد وعدمه دل على صدق الموت قبل البرد (روض الجنان ص ١١٣).

(٢) الوسائل باب ٣٤ حديث ٢ من أبواب النجاسات وفيه يغسل ما أصاب الثوب.

(٣) سندها في الكافي هكذا : على بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن ابى عمير ، عن حماد ، عن الحلبي.

(٤) هذا الإيراد بناء على كون لفظ الحديث (ما أصاب ثوب ربك منه) ، واما بناء على كونه (ما أصاب الثوب منه) فلا يرد هذا الإيراد.

(٥) في النسخة التي عندنا من الشرح (روض الجنان) إبراهيم بن ميمون كما في التهذيب.

(٦) ئل باب ٣٤ حديث ١ من أبواب النجاسات وفيه بعد قوله : (منه) يعي إذا برد كما في الكافي نعم في التهذيب ليس فيه هذا التفسير.

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

فان سندها ضعيف ، لعدة ، عن سهل بن زياد (١) وعدم معلوميّة إبراهيم في الكافي ، وفي التهذيب صحيح إلى (إبراهيم بن ميمون) وهو مجهول ، وبالجملة (الاستدلال) بامثالهما في إثبات النجاسة وإيجاب غسل الملاقي مع اليبوسة والحرارة مع وقوع كل شي‌ء طاهر حتى يعلم انه قذر ، والأصل (لا يخلو) عن اشكال فيمكن حملهما على الاستحباب بل بعد البرد أو مطلقا مع اليبوسة ، والاحتياط لا يترك.

كما يحمل بعض ما يدل على الغسل بعد الغسل أيضا على استحباب ذلك كما حمل عليه الشيخ في التهذيب ، مثل مفهوم ما في حسنة حريز عن ابى عبد الله عليه السلام (٢) (الى قوله) : قلت فمن ادخله القبر؟ قال : لا غسل عليه انما يمسّ الثوب (الثياب ـ خ ل).

ومثله رواية عبد الله بن سنان (٣).

ومنطوق رواية عمار الساباطي عن ابى عبد الله عليه السلام قال : يغتسل الذي غسل الميّت وكل من مسّ ميتا فعليه الغسل وان كان الميّت قد غسل (٤).

ثم انه لا شك في عدم اندراج من غسّل بغير الخليطين مع التعذر فيمن لم يغسل فليس ماسّة ماسّا قبل الغسل لانه غسّل غسلا شرعيا واجبا وقد سبق ، نعم المتيمم يندرج فيه ، فما لم يثبت للتيمم جميع أحكام الغسل لا يخرج وقد مرّ أيضا.

ثم الظاهر ان مس العضو التام الغسل لا يوجب الغسل للأصل وعدم شمول أدلة الوجوب له ، لظهور العلّة وإمكان إخراجه من قبل الغسل فان الممسوس قد تم غسله فتأمل.

__________________

(١) نعم ، لكن له سند آخر في الكافي أورده في (باب الكلب يصب الثوب والجسد وغيره) هكذا ، محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن ابى محبوب ، عن ابن رئاب ، عن إبراهيم بن ميمون.

(٢) قال : من غسل ميتا فليغتسل ، وان مسه ما دام حارا فلا غسل عليه ، وإذا برد ثم مسّه فليغتسل قلت إلخ الوسائل باب ١ حديث ١٤ من أبواب غسل المس.

(٣) راجع الوسائل باب ٤ حديث ٤ منها.

(٤) الوسائل باب ٣ حديث ٣ من أبواب غسل المسّ.

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

واما وجوب الغسل بمسّ القطعة إلخ فما وجدت عليه دليلا الا ما رواه الشيخ في التهذيب (١) ، عن أيوب بن نوح ، عن بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : إذا قطع من الرجل قطعة فهو ميتة فإذا مسّه انسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسّه (مسه ـ خ لكا) الغسل فان لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه (٢).

وهي مرسلة كما ترى ، والعمدة فيه الإجماع.

وقد نقل في الشرح عن الشيخ ذلك فيما إذا أبينت من ميّت ، وظاهر الرواية أعم ، وما ادعى الإجماع في غيره فلا يتم الحكم في الحيّ ، للأصل وعدم الدليل.

والظاهر ان هذه القطعة لا تسمى ميتا حتى تدخل تحت أدلة وجوب الغسل على من مس ميتا أو غسّله وان أمكن صدقه عليها لغة وهو ظاهر.

ولما لم يكن على العظم المجرد رواية ظاهرة ولا ادعى عليه الإجماع ، فلا يتم الحكم فيه أيضا.

والظاهر ان مس العظم المجرد المتصل الميّت موجب للغسل لظهور صدق مسّ الميّت بمس جزء منه وهو ظاهر.

وأيضا ليس شعره كذلك ، وظفره محل التأمل ، والظاهر انه موجب له مع عدم الطول المفرط ، ومعه تأمّل.

وكذا في مس سنه حال الاتصال ، واما حال الانفصال ، فالظاهر انه لا حكم له مثل الشعر ، والأصل يقتضي العدم حتى يتحقق الناقل ، فتأمل فيه.

والظاهر ان المعتبر في وجوب الغسل على اللامس أيضا ، الصدق فلا يجب لو مسه بشعره ، وفي السن والظفر تأمل ، والأصل ظاهر ، وكذا الاحتياط.

ثم اعلم انه على تقدير تعميم الحكم بوجوب الغسل ، والغسل بمس القطعة المبانة من الحيّ والميّت مع الرطوبة واليبوسة وارادة الأعم من الرواية

__________________

(١) ورواه الكليني أيضا في باب ١ كيل السبع والطير إلخ حديث ٤ من كتاب الجنائز.

(٢) الوسائل باب ٢ حديث ١ من أبواب غسل المس.

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(لا يكون) المراد الا قطعة ظاهرة معتمدة (١) لا مثل سن عليه لحم مّا ، ولا لحم مع عظم مّا ، إذ المتبادر من الرواية غير ذلك ، والأصل يقتضي العدم.

ثم على تقدير العموم ينبغي استثناء ما ينفصل من جلد الإنسان من مثل شفته وظهر أنملة رجليه ويديه ، للزوم الحرج والضيق إذا حكم بنجاسته كما يلوح من بعض العبارات ، وبالجملة الأصل دليل قوى خصوصا في الطهارة ، ومع الحرج وعدم الدليل أيضا فإنه لا دليل صريحا في نجاسة الميّت من الآدمي ، فكيف في مثل هذه الأشياء ، بل انما الدليل على وجوب غسله وغسل الماس له ، فقد يكون ذلك تعبدا ونجاسته حكميّة لا تتعدى الى غيره ، فالظاهر أن أمثال هذه طاهرة أو معفو عنها بحيث لا فرق بينه وبينها كما قال في المنتهى (٢) بالعفو من مثل جلود البثور.

وممّا يدل على الطهارة ، الأصل مع عدم ما يصلح للإخراج عنه وعدم انفكاك الناس عنه غالبا سيما في السفر ، وظاهر بالنسبة إلى مثل النهار ، عدم إمكان الاحتراز عما ينفصل عن بدن الإنسان من جلده وقشره.

وأيضا قد علم من قبل حال القطعة الخالية من العظم من جهة عدم إيجاب الغسل ، وهو اتفاق على الظاهر.

واما وجوب غسل اليد منه فالأصل ينفيه ، والأدلة قد مضت ، والاستحباب غير بعيد ، وكذا في غير الآدمي أيضا مع النفس السائلة.

ويدل عليه (٣) أيضا خبر على بن جعفر (كأنه صحيح) عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميّت هل يصلح له الصلاة فيه قبل ان يغسله؟ قال : ليس عليه غسل وليصل فيه ولا بأس (٤).

وأيضا مقطوعة عبد الرحمن ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال سألته هل

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها والظاهر (معتدة).

(٢) قال في المنتهى ص ١٦٦ : الأقرب طهارة ما ينفصل من بدن الإنسان من الاجزاء الصغيرة مثل البثور والثالول وغيرهما لعدم إمكان التحرز عنها فكان عفوا للمشقة انتهى.

(٣) من قوله ره : ويدل عليه (الى قوله : على الاستحباب للجمع) ليس في النسخة المطبوعة وانما هو موجود في النسخ المخطوطة وهي أربع نسخ.

(٤) ئل باب ٢٦ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

٢١٣

النظر الرابع في أسباب التيمم وكيفيّته

يجب التيمم لما يجب له الطهارتان ، وانما يجب عند فقد الماء أو تعذر استعماله للمرض أو البرد أو الشين ، أو خوف العطش ، أو اللص ، أو السبع ، أو ضياع المال ، أو عدم الآلة ، أو عدم الثمن ولو وجده وخاف الضرر بدفعه جاز التيمم ، ولو وجده بثمن لا يضره في الحال ، وجب الشراء وان زاد عن ثمن المثل على اشكال ، وكذا الآلة ، ولو فقده وجب الطلب غلوة سهم في الخزنة من كل جانب وسهمين في السهلة ،

______________________________________________________

يجوز (يحل ـ خ ل) ان تمس الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا؟ قال : لا يضره ، ولكن يغسل يده (١) بحمل (يغسل) على الاستحباب للجمع.

هذا كلّه مع عدم الرطوبة ومعها ينبغي الوجوب في الكل لانه ميّت وهو نجس على الظاهر ، والظاهر عدم الخلاف في الحيوان مع النفس السائلة ، بل في الإنسان أيضا فتأمل.

وأيضا في رواية القطعة ، دلالة مّا على عدم وجوب الغسل مطلقا كما في عدم إيجاب غسل الثياب التي على الميّت دلالة عليه حيث ما بيّن في الروايات وكلامهم.

النظر الرابع في أسباب التيمم وكيفيته

قوله : «(ويجب التيمم لما يجب له الطهارتان)» ظاهر هذه العبارة وجوب التيمم لدخول المسجدين أيضا وذلك غير بعيد كالغسل كما مرّ ، وقد خص الوجوب فيما تقدم بالصّلوة والطواف.

قوله : «(وانما يجب إلخ)» لا شك في وجوب التيمم عند تعذر استعماله الماء لفقده أو للمرض الذي يضر استعماله ضررا بينا حيث يقال عرفا انه

__________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ٣ من أبواب النجاسات ، لكن سنده هكذا محمد بن يعقوب ، عن على بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله عليه السلام قال سألته إلخ.

٢١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ضرر للاية (١) والاخبار والإجماع والحرج والمرض الواقع في الآية وان لم يكن مقيّدا ، لكن أصحابنا قيّدوه به كما في الإفطار لأن الظاهر انه المراد ، إذ مع عدم الضرر لا فرق بينه وبين عدمه ، وفي الأخبار أيضا اشارة اليه (٢).

ولا يبعد إلحاق المرض المتوقع الحصول به ، للمعنى ، وعدم الفرق بين مرض كل البدن أو بعضه لذلك وقروحه وجروحه للأخبار الصحيحة فيها وعدم الجبيرة إلا مع حصول موجبها وقد مر البحث ، والظاهر عدم دخول الوجع اليسير كوجع الضرس والرأس ، بل الكثير أيضا وشدة المشقة للبرد والحرّ ، لغسله عليه السلام في الليلة الباردة مع شدة الوجع (٣) ، ولعدم صدق المرض ، ولدلالة أخبار كثيرة صحيحة عليه ، بل على أعظم منه ، مثل صحيحة سليمان بن خالد وغيره (٤) (فتخوف ان هو اغتسل ان يصيبه عنت من الغسل كيف ، يصنع؟ قال : يغتسل وان اصابه ما اصابه ـ وأمثالها كثيرة صحيحة.

ولا فرق بين تعمد احداث (اصابة ـ خ ل) السبب أولا على الظاهر ، وتحمل الأخبار الواردة في العمد وان اصابه ما أصاب (٥) على حصول الضرر وشدة الألم الحاصل بالفعل لا المرض المعقب ، للجمع بينهما وبين معنى الآية (٦) ـ وسائر الاخبار ونفى الحرج والضيق بالعقد والنقل ووجوب حفظ النفس وصحتها على ما يفهم ، ولتجويزهم التيمم للعطش المتوقع للحيوان ، ولحفظ المال ، بل مال الغير.

واما الشين فهو أيضا ان وصل الى ان يسمى مرضا ويحصل به الضرر الغير المتحمل كما قد يقع في بعض البلدان بالنسبة الى بعض الأبدان ، فهو ملحق بالمرض ومشترك معه في دليله والا فيشكل الحكم به وبأنه مرض مطلقا كما قاله

__________________

(١) المائدة ٥

(٢) لعل المراد هي الأخبار التي عبرت بالخوف على نفسه من استعمال الماء فراجع الوسائل باب ٥ من أبواب التيمم.

(٣) راجع ئل باب ١٧ من أبواب التيمم.

(٤) يعنى بالغير أبا بصير ، وعبد الله بن سليمان جميعا ، عن ابى عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل كان في أرض باردة فتخوف ان هو اغتسل إلخ الوسائل باب ١٧ من أبواب التيمم حديث ٣.

(٥) لاحظ الوسائل باب ١٧ من أبواب التيمم.

(٦) يعنى قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) الآية ـ المائدة ـ ٥.

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

في الشرح.

ولهذا قيده المصنف في المنتهى حيث قال : لا فرق في الخوف بين خوف التلف أو زيادة المرض أو بطؤه أو الشين الفاحش أو إلا لم الذي لا يحتمله ، وهو على الإطلاق مذهب أكثر علمائنا وقال الشيخ رحمه الله : ان كان الخائف قد تعمد الجنابة وجب عليه الغسل وان لحقه برد الا ان يبلغ حدا يخاف على نفسه التلف (انتهى).

والظاهر ان خروج الوقت باستعمال الماء موجب للتيمم لأنه أحد الطهورين والصلاة في الوقت مطلوب شرعا ولو لا ذلك للزم وجوب السعي بالوصول الى الماء وان علم خروج الوقت به ، فتأمل.

والظاهر أيضا انه لو تمكن من ازالة الضرر بالاسخان ونحوه أو تحصيل الماء بوجه ولو باتهاب ثمنه وكسبه ، يجب ولا يجوز التيمم لصدق الوجدان مع عدم الضرر ، وهو مذهب المصنف في المنتهى.

واما خوف اللص والسبع فان كان على النفس فهو موجب ولا يبعد كونه كذلك إذا كان على بضع ، واما إذا كان على مال لا يضر فوته كثيرا وفاحشا ولو بحيوان فمشكل لعدم الدليل والروايتان ليستا (١) ظاهرتين فيهما ، بل ظاهرتان في النفس فقط.

ومنه يعلم حال ضياع المال ، ووجوب الشراء بأضعاف الثمن مشعر بعدم كونه موجبا فتأمل ، نعم لو كان لهم دليل غيرهما (٢) ، مثل إجماع كما يشعر به كلامه في المنتهى فهو متبع والا فلا.

واما العطش له ، أو لرفيقه المحترم الموجب للهلاك ، فظاهر انه موجب

__________________

(١) إحداهما رواية داود الرقى قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معى ماء ويقال : ان الماء قريب منا ، فاطلب الماء وانا في وقت يمينا وشمالا؟ قال : لا تطلب الماء ولكن تيمم فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل فيأكلك السبع.

و (الأخرى) رواية يعقوب بن سالم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك قال : لا آمره ان يغرّر بنفسه فيعرض له لصّ أو سبع ـ الوسائل باب ٢ حديث ١ و ٢ من أبواب التيمم.

(٢) يعنى غير الروايتين المذكورتين.

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

للتيمم ، ولا يبعد في الحيوان كذلك على ما قالوا ، وفيه تأمّل ، وكذا خوفه المتوقع أيضا.

ووجهه في النفس ظاهر وعليها أخبار أيضا مثل صحيحة ابن سنان عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال : في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه الا ماء قليل ويخاف ان هو اغتسل ان يعطش؟ قال : ان خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة ، وليتيمم بالصعيد : ان الصعيد أحبّ الىّ (١).

وقال في المنتهى : وحرمة البهائم كحرمة ماله ـ ولو كان مجرد هذا فقد عرفت حال المال ، ويمكن ان يقال : ان فوت نفس محترمة ، مثل الآدمي ، فيقدم على الطهارة ، وفيه تأمل.

واما عدم الآلة فمعلوم عدم الفرق بينه وبين فقد الماء ، بل هو فقد الماء والظاهر عدم الفرق في وجوب التحصيل بين الإله و (بين الماء) وقد مر ، وكذا بيع الماء لحفظ النفس بثمنه للأكل والركوب وغيرهما.

وبالجملة (لو أمكن) تحصيل الماء بوجه مّا ما لم يصل الى ارتكاب محرم أو إجحاف يكون شنيعا عرفا وعقلا وشرعا ، أو مستلزما لضرر لا يتحمل مثله وبالحقيقة هذه قد ترجع الى المحرم بنوع من الاعتبار ، (ينبغي) إيجابه ، والا فلا.

واما وجوب الطلب على الوجه المشهور فليس عليه دليل والأصل يقتضي العدم ، والإجماع غير ظاهر ، وما نقل فيه من الخبر ليس بصحيح ولا صريح.

وهو خبر النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن على عليهم السلام انه قال : يطلب الماء في السفر ان كانت الحزونة فغلوة ، وان كانت سهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك (٢).

ويعارض (٣) بما في رواية على بن سالم عن ابى عبد الله عليه السلام قال : في حديث لا تطلب الماء يمينا ولا شمالا (٤) وهذه أوضح دلالة وسندا وان كان

__________________

(١) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من أبواب التيمم.

(٢) ئل باب ١ حديث ٢ من أبواب التيمم.

(٣) عطف على قوله قده : ليس بصحيح ولا صريح يعنى انه مضافا الى عدم الصحة والصراحة معارض بخير على بن سالم.

(٤) ئل باب ٢ حديث ٣ من أبواب التيمم ، وذيله : ولا في بئر إن وجدته على الطريق فتوضأ منه وان لم تجده

٢١٧

ولو وجد ماء لا يكفيه للطهارة تيمم ، ولو وجد ماء يكفيه لإزالة النجاسة خاصة أزالها وتيمم.

______________________________________________________

على بن سالم مجهولا ، الاستحباب طريق الجمع ، نعم الاحتياط يقتضي الطلب.

(واما) وجوب التيمم مع وجود ماء لا يكفي للطهارة (فظاهر) ولعله أشار الى خلاف العامة.

وكذا تقديم إزالة النجاسة التي هي شرط لصحة العبادة على استعمال الماء في الطهارتين.

ثم اعلم انه في جميع هذه الصور التي وجب التيمم ولم تجز الطهارة المائية ، لو خالف وتطهر بالماء اثم ولم تصح طهارته ، بل تبطل لأن النهي في البعض موجود صريحا (١) وفي الباقي ضمنا ، لأن الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضده الخاص وهو المحقق في الأصول كما حققها المصنف قدس الله روحه ، ولا معنى لاستلزامه لضده العام من دون استلزامه للخاص وهو ظاهر ، وكثيرا مّا يعترف به المنكر وسيجي‌ء تحقيقه في الجملة وقد أشرت في تعليقات القواعد.

والعجب من المتأخرين ، مثل (٢) الشيخ على والشيخ زين الدين رحمهما الله ، مع تحقيقهم ، يعترضون على العلامة ويردّون مذهبه في المسائل المبنيّة عليه ، ويقولون بمثله كما يظهر لك بالتتبع ـ مثل بطلان الصلاة بترك ردّ السلام مع الاشتغال بالقراءة وغير ذلك.

ونشير هنا الى وجه الاستلزام مجملا ـ انه إذا نهى الآمر عن كلى فيكون جميع افراده منهيا ضمنا ، فإنه لا يمكن النهي عنه بحيث يخرج المنهي عن العهدة مع تجويز جميع الأفراد له ، فان تركه حينئذ صار واجبا ، ولا يمكن الا بترك الجميع ، وقد صرح وسلم هؤلاء : ان ما يتوقف عليه الواجب واجب ، ومصرّح أيضا ان نهى المهيّة مستلزم لنهى جميع الافراد ، الا ترى ان وجود الماهيّة يستلزم وجود

__________________

فامض.

(١) راجع الوسائل باب ٥ من أبواب التيمم.

(٢) الظاهر ارادة الشيخ على بن عبد العالي الكركي صاحب جامع المقاصد والشهيد الثاني قدس روحهما.

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فرد مّا لا أقل ضمنا لما مر.

وبالجملة عندي ان هذه المسئلة في غاية الوضوح وحقيقتها في الأصول أيضا مستفادة من كلامه رحمه الله وان نازع فيه بعض الأصوليين ممن لا تحقيق له.

واما كلام الشارح (١) على هذا التحقيق فلا يحتاج. بعد هذا الى ما فيه.

(واما قوله) بعد ردّ كون الطهارة المائية منهية وباطلة : وعلى كل حال ، فالوجه عدم الاجزاء لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه فلم يتحقق الاجزاء كما تحقق في الأصول.

(ففيه تأمل واضح) لانه وان لم يوجد المأمور به فقد وجد أقوى منه جائزا بل صحيحا لأنه طهارة مائيّة غير محرمة ، بل ما بقي التيمم مأمورا به فإنه صار منهيا عنه بعد ذلك لكونه مشروطا بعدم إمكان استعمال الماء شرعا وقد استعمل ، وهو أمر ظاهر ، ولعله يقول بعدم جواز الطهارة المائية لدليل آخر غير الأمر بالتيمم ولكن يتم حينئذ المدعى ، ولا يحتاج الى ما ذكره من الدليل وهو قوله : (لعدم الإتيان بالمأمور به إلخ) فتأمل.

على ان لفظة (وجهه) غير مناسب وانه لا يحتاج الى التحقيق في الأصول فإنه ما فعل المأمور به ، فبقي في العهدة (بل ما حقق فيه ، إذ المحقق فيه ان الأمر للاجزاء لا ان لا أجزاء إلا به) ، بل ما ينبغي الاجزاء فتأمل ، نعم (استقراب) المصنف رحمه الله الذي نقل عنه في التذكرة (ليس) ببعيد حيث قال : واستقرب المصنف في التذكرة الاجزاء ان جوز وجود المزيل في الوقت والا فلا

__________________

(١) قال في الروض ص ١١٩ : ولو خالف وتطهر أساء ، وفي صحتها نظره من الطهارة بماء مملوك مباح فيصح ، ومن النهي عن الطهارة اللازم من الأمر باستعمال الماء في إزالة النجاسة ، إذا لأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضده ، والنهي في العبارة يدل على الفساد ، وفي توجيهه من الجانبين نظر ، اما الأول فلمنع كليّة الكبرى المطوية لأنها محل النزاع ولانتقاضها بمن تطهر بما ذكر مع يقين الضرر لمرض ونحوه ، واما الثاني فلما تحقق في الأصول من ان الأمر بالشي‌ء انما يستلزم النهي عن ضده العام وهو مطلق الترك لا الأضداد الخاصة فلا يتم الدليل.

٢١٩

ولا يصح الا بالأرض كالتراب ، وارض النورة ، والجصّ ، وتراب القبر ، والمستعمل ، ولا يصح بالمعادن والرماد والأشنان ، والدقيق والمغصوب

______________________________________________________

قوله : «(ولا يصح إلخ)» عدم جواز التيمم إلا بالأرض اختيارا ممّا لا نزاع فيه عندنا لأنه أمر شرعي موقوف على الشرع ، وما ورد الا بالصعيد ، وهو وجه الأرض مطلقا عند أكثر الأصحاب (وقيل) : التراب ومرجعه اللغة وكأنّ كلاهما موجودين فيها ، ولعل الأعم اولى ، للجمع بين قولهم : (وللأخبار الصحيحة) في بيان التيمم (١) حيث انها خالية عن بيان التراب ، بل المذكور فيها الأرض فقط ، ولو كان المراد بالصعيد الذي هو المتيمم به ، التراب الخاص والناعم فقط ـ لما حسن الاكتفاء بالأرض فيها ، ولوقوعه في أرض المدينة مع ان الغالب فيها ، الرمل والحجارة.

ولما في صحيحة ابن سنان عنه عليه السلام : فليمسح من الأرض وليصل (٢) نعم التراب أحوط ان وجد.

فحينئذ لا ينبغي النزاع في جوازه بأرض النورة والجصّ قبل الإحراق ، وكذا الحجر والمدر ، والرمل.

(واما بعد الإحراق) فإن خرج عن اسم الأرض فلا يجوز ، والّا جاز بعده أيضا مع ان الاستصحاب يقتضي بقاء الجواز وان خرج عن اسم الأرض ، على انه قد جوز التيمم بها ، وما علم ان للتسمية دخلا في الجواز فما دام الحقيقة باقية فالحكم باق ، وتبديل الحقيقة غير ظاهر ، والأصل بقائها.

فكأنّ الى هذا نظر السيد حيث جوّز بعده أيضا على ما نقل عنه ، والعدم اولى.

وكذا في تراب القبر لعدم المانع حتى يتحقق من نجاسة وغيرها.

وكذا المستعمل.

واما عدم الجواز بالمعادن فكأنه لعدم صدق الأرض عليها وعدم ثبوت حقيقتها فيها.

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١١ من أبواب التيمم.

(٢) ئل باب ١٤ حديث ٧ من أبواب التيمم.

٢٢٠