مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٦

المقصد الثاني في الحيض

وهو في الأغلب أسود (١) حارّ يخرج بحرقة من الأيسر ، فإن اشتبه بالعذرة فإن خرجت القطنة مطوّقة فهو عذرة ، والا فحيض.

______________________________________________________

الكثيرة حتى ما بقي الأمثل رأس شعرة ، له تأثير في رفع الجنابة في الجملة ، فإذا لم يوجد بعد الحدث لم يرتفع ما يرتفع بسببه ، وبالجملة الحدث الموجب متحقق بدليل ، من الآية والاخبار الصحيحة الكثيرة الدالة على عموم ناقضيّة البول مثلا وخبر كل غسل معه الوضوء إلا الجنابة (٢) ليس استثناء عاما ليشمل ما نحن فيه ، وهو ظاهر ، وليس الدليل (٣) الا وهو مؤيد إعادة الوضوء لو وقع الحدث في أثنائه فافهم

ولى زيادة تحقيق في البحث في أدلة المذاهب والترجيح وقد اختصرت هنا والله الموفق ، والاحتياط لا يترك ، (وهو يقتضي (٤) إحداث حدث أكبر ثم الغسل ، وادنى منه إتمام الغسل ، والوضوء مع الوضوء بعد الحدث الأصغر ، ثم الأخيران ان أمكن ذلك كله ـ خ)

في الحيض

قوله : «(وهو في الأغلب أسود إلخ)» كونه كذلك مستفاد من الوجدان والنص (٥)

(واما) كونه من الأيمن أو الأيسر عند الاشتباه بغيره ويتميّز بذلك وامتيازه بذلك من

__________________

(١) قال في الروض بعد هذه العبارة : على حذف الموصوف وإبقاء الصفة وهو شائع الاستعمال اى دم اسود انتهى

(٢) راجع الوسائل باب ٣٥ من أبواب الجنابة

(٣) الظاهران المراد ان الدليل الدال على عدم لزوم الوضوء مع غسل الجنابة يؤيد لزوم اعادة الوضوء في المقام.

(٤) من قوله قده (وهو يقتضي إلى قوله ذلك كله) ليس في النسخ الخطيّة التي عندنا وانما هو موجود في المطبوعة فقط.

(٥) الوسائل باب ٢ من أبواب الحيض.

١٤١

(وما قبل) التسع ، ومن الأيمن ، وبعد اليأس ،

______________________________________________________

العذرة بالطوق فغير واضح وان ورد به النص مع اختلافه كما حكى (١) ، لكن ليس بحيث يعمل عليه ، ولا ينظر الى غيره فالمرجع حينئذ الظن بالصفات المذكورة لا بمجرد الطوق ، والا (٢) فالمرجع هو الأصل ، والاحتياط واضح وتحمل الرواية على ذلك (٣)

قوله : «(وما قبل التسع إلخ)» الذي يقتضيه النظر في التعريف والعلامات هو الحكم بكون الدم حيضا قبله أيضا ان وجد بصفاته ، ولم يكن إجماع ونص على عدمه ، ولكن الظاهر انهم قد اجمعوا عليه ، ومستنده الاخبار (٤)

ثم ان الظاهر على الحكم ببلوغها به كالإنبات وخروج المنى ، والظاهر ان بلوغها بابتداء العشرة ، وإكمال التسع فالحيض أيضا علامة للبلوغ إذا لم يعلم بغيره من العلامات فلا إشكال في الحيض كما في الباقي فإن الكل علامات البلوغ ، مع انه صرح المصنف في التذكرة على ان قبل التسع ، المنى أيضا ليس بعلامة وكذا غيره وانما يعلم البلوغ بكل واحد منهما على تقدير إمكانه وعدم العلم بغيره وحال الاشتباه

__________________

(١) فان في مرفوعة محمد بن يحيى عن أبان (المروية في الكافي) عن ابى عبد الله عليه السلام : فان خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض ، وان خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة ، وفي المروية في التهذيب : فان خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض وان خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة ـ الوسائل باب ١٦ حديث ١ و ٢ من أبواب الحيض ثم قال الوسائل : أقول : رواية الشيخ اثبت لموافقتها لما ذكره المفيد والصدوق والمحقق والعلامة وغيرهم وقال المحقق : لعل رواية الكليني سهو من الناسخ انتهى وقد نقل ان رواية الشيخ وجدت في بعض النسخ القديمة موافقة لرواية الكليني ولا يبعد صحة الروايتين وتعدد هما وتكون إحداهما تقيه أولها تأويل آخر ورواية الشيخ أشهر فهي حجة والله اعلم انتهى ما في الوسائل

(٢) يعني وان لم يكن ظن يرجع الى الأصل

(٣) يعنى على حصول الظن بالصفات وقوله ره وتحمل الرواية يعنى به رواية الطوق ففي رواية خلف بن حماد الكوفي بنقل الكافي : تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها إخراجا رقيقا فان كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة وان كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض وفي نقل التهذيب تستدخل القطنة ثم تخرجها فان خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة وان كانت مستنقعة بالدم فهو من الطمث

(٤) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب العدد من كتاب الطلاق

١٤٢

وأقل من ثلثة أيام متوالية والزائد عن أكثره وأكثر النفاس (ليس بحيض) ، وتيأس غير القرشيّة والنبطيّة ببلوغ خمسين وإحداهما بستين ، واقله ثلثة أيام متواليات وأكثره عشرة ، وهي أقل الطهر ، وما بينهما بحسب العادة ، وتستقر بشهرين متفقين عددا ووقتا.

______________________________________________________

واما الحكم بان الخارج أقل من الثلثة المتوالية ليس بحيض كما هو مذهب الأكثر فلا يخلو عن إشكال لأن الروايات (١) خالية عن التتالي وعدمه ، مع وجود خبر دال على عدم التتالي (٢) فهي ظاهرة في العدم ، كما إذا نذر صوم ثلثة أيام ، فإنه لا يجب التتالي نعم لا بد من كونه في جملة العشرة لإجماعهم فيه ، (فرد مذهب) من هو قائل بعدم اشتراط التتالي بمجرد عدم صحة خبره مع انه صحيح في باب زيادات التهذيب وفي الكافي ، وبان الصلاة في الذمة يقينا فلا يسقط الا باليقين (محل التأمل) فإن ظاهر الاخبار دليل مسقط للصلاة وعدم اشتراط التتالي ، والاحتياط لا يترك

واما كون الخارج بعد اليأس وبعد أكثر الحيض والنفاس ليس بحيض فظاهر ، والدليل عليه الإجماع ونحوه

واما كون الخارج عن الأيمن ليس بحيض فغير ظاهر وقد أشير اليه (٣)

واما ما يدل على ما يتحقق به الياس فليس إلا أخبار ثلثة على ما رأيته (٤) (أحدها) مرسل والطريق غير صحيح مضمونه ان حد الياس خمسون ، وقال في الكافي عقيب هذا الخبر : (وروى ستون) وما نقله (والأخرى) صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (الثقة) ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : حدّ التي يئست من الحيض

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١٠ من أبواب الحيض

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ عن ابى عبد الله عليه السلام قال : في حديث فإذا رأت الدم المرأة في أيام حيضها تركت الصلاة ، فإن استمر بها الدم ثلثة أيام فهي حائض ، وان انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام ، فإن رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتّى يتم لها ثلثة أيام فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض الحديث

(٣) راجع الوسائل باب ١٦ والمستدرك باب ١٤ من أبواب الحيض

(٤) لاحظ الوسائل باب ٣١ من أبواب الحيض

١٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

خمسون سنة ، وهو أوضح سندا ودلالة (والثالث) صحيحة ابن ابى عمير عن بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السلام ، (قال في الشرح صحيحة ابن ابى عمير عن ابى عبد الله عليه السلام ، وليس بجيد لعدم ذكر الإرسال) قال : إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا ان تكون امرأة من قريش

وهذا مرسل وان كان المرسل هو ابن ابى عمير وقيل بقبول مراسيله وقد عرفت ما فيه ، ودلالته أيضا ليست بصريحة في حدّ اليأس

والذي يقتضيه النظر هو عدم اليأس قبل الخمسين وتحققه في الستين مطلقا ، والظاهر انه لا خلاف فيهما (واما) حصوله بخمسين مطلقا كما هو الظاهر من الثاني من غير استثناء (فمحتمل) لما عرفت ما في المرسل ولان عدم رؤية الحمرة الذي استثنى عنه المرأة القرشية المستلزم لحصول الحمرة منها ، لا يستلزم عدم اليأس حتى تعتد به ، إذ لا منافاة بين وجود الدم الأحمر وحكم الشارع بأنه ليس بحيض كما في الحامل عند البعض وغيرها مع ان تعيين الستين لها ليس له سند واضح (١) الا ان يكون إجماعا بأنه إذا لم يكن خمسين يكون ستين وفيه تأمل

ومن هذا يعلم حال استثناء النبطيّة مع عدم تحقق مفهومها ، فهذا يقتضي القول بالخمسين مطلقا لكن التكليف بالعدة ونحوها مثلا واقع باليقين ، والاحتياط في الفروج مطلوب للشارع كما هو المشهور ، (والاخبار) الصحيحة الصريحة التي هي موجودة في ترك العبادات أيام الأقراء (٢) وفي بيان أوصاف الحيض (٣) (تقتضي) عدم الخروج عنها إلا بأقوى منها ، فليس ببعيد حمل الخمسين في الخبرين على الغالب وعدم وجدان الدم بصفات الحيض كما يشعر به قوله عليه السلام : (لم تر حمرة) فإنه نفى الوجدان ، على ان عبد الرحمن فيه قول : انه رمى بالكيسانيّة واضطراب في روايته فإنه نقل عنه الستون (٤) كما سيجي‌ء فتأمل

__________________

(١) فإن سنده هكذا : محمد بن الحسن بإسناده عن على بن الحسن ، عن محمد بن الحسين بن ابى الخطاب ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ـ فان في على بن الحسن كلاما

(٢) راجع الوسائل باب ٣٩ من أبواب الحيض

(٣) لاحظ الوسائل باب ٢ وباب ٣ من أبواب الحيض

(٤) الوسائل باب ٣١ حديث ٨ من أبواب الحيض عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله ع في حديث قال :قلت : التي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض قال : إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض

١٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد يوجد الدم في الخمسين على ما حكى في الذكرى ، وحمله على عدم حكمه ، ليس بأولى من حمله على الغالب لما سيجي‌ء ، ترجيحا للظاهر مع ما مرّ ، وبعد الستين يحكم باليأس ولو وجد لعدم القائل مع ان المصنف قال في المنتهى : لا يوجد

ولو علم الوجود بالصفات مع عدم الإجماع ، يمكن القول به خصوصا بالنسبة إلى العدّة ، ومع ذلك لو احتاطت بالنسبة إلى العبادات بعدم تركها بعد الخمسين مع عمل المستحاضة فليس ببعيد ،

وكأنّ لقوة القول بالستين ، قال المصنف في المنتهى : ولو قيل : اليأس يحصل ببلوغ ستين أمكن بناء على الوجود (الموجود ـ ظ) لان الكلام مفروض فيما إذا وجد من المرأة الدم في زمن عادتها على ما كانت تراه قبل ذلك ، فالوجود هنا دليل الحيض كما كان قبل الخمسين دليلا ، ولو قيل : ليس بحيض مع وجوده وكونه على صفة الحيض (كان) تحكما لا يقبل اما بعد الستين فالإشكال زائل للعلم بأنه ليس بحيض لعدم الوجود ، ولما علم من ان للمرأة حالا تبلغها يحصل معها اليأس لقوله تعالى (وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) انتهى

ويدل عليه أيضا الاخبار وإجماع الأمة ، ومعلوم (كأنه بالإجماع) عدم تحققه بعد الستين ولو وجد ، فكأنّ هذا مقصوده رحمه الله ، وقال الشهيد الثاني في الشرح : (حكم المصنف في المنتهى بإطلاق الأول أي برواية الستين) مطلقا ، فكأنه فهمه ممّا نقلته عنه (١) هذا وان لم يكن صريحا لقوله : (أمكن) مع تقويته بالأدلة ولقوله : (تحكما)

ويؤيّد القول بالستين مطلقا (٢) رواية عبد الرحمن بن الحجاج (في زيادات النكاح من التهذيب) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام : ثلاث يتزوجن على كل حال ، التي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، قلت : ومتى يكون كذلك قال : إذا بلغت ستين سنة ، فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ، والتي لم

__________________

(١) فكأنّ الشهيد الثاني فهم الإطلاق من عبارة المنتهى

(٢) اى سواء كانت قرشية أو غيرها

١٤٥

والصفرة ، والكدرة في أيام الحيض حيض ، كما ان الأسود الحار في أيام الطهر فساد (١)

ولو تجاوز الدم عشرة رجعت ذات العادة المستقرة إليها ، وذات التميز اليه ؛

______________________________________________________

تحض ومثلها لا تحيض ، قلت ومتى يكون كذلك قال : (متى) ما لم تبلغ تسع سنين فإنها لا تحيض ، والتي لم تدخل بها (٢) وفيها أحكام أخر الا ان في الطريق ، القطع الى على بن الحسن كأنه ابن فضال الذي قيل انه فطحي فتأمل ، والطريق اليه غير معلوم الصحّة فتأمل

واما دليل أقل الحيض والطهر وأكثره فأخبار (٣) ، بل إجماعهم أيضا.

واستقرار العادة بشهرين مأخوذ من ظاهر العادة ، وبعض الاخبار (٤) وفيه دلالة على حصول العادة بمرتين (كما ـ خ) في كل شي‌ء فتأمّل.

قوله : «(والصفرة إلخ)» هذا واضح بناء على الإجماع مع انقطاع الدم على العشرة ونحوه ممّا يدل على انه لا يمكن كونه غير حيض ،

وكذا الثاني (٥) لو علم انه ليس بحيض ، بان يكون في العشرة التي في أيام الطهر ، وكذا في كل وقت لا يمكن ان يكون حيضا ، وكلام المصنف وغيره يقتضي كون الحكم ذلك مطلقا بمجرد إمكان كونه حيضا ، وفيه تأمّل ، من جهة تعريف الحيض ،

وكذا الأشكال بعينه في الحكم برجوع صاحبة العادة إلى العادة مع التميز لترجيح العادة بمثل قوله : دعى الصلاة أيام أقرائك (٦) ، وحمل الرواية الدالة على صفة الحيض ، على غير ذات العادة أو الأغلب كما أخذوا في التعريف ، ويمكن

__________________

(١) اى ليس بحيض بل هو استحاضة.

(٢) ئل باب ٣١ حديث ٨ من أبواب الحيض وباب ٣ حديث ٥ من أبواب العدد من كتاب الطلاق.

(٣) ئل باب ١٠ وباب ١١ من أبواب الحيض.

(٤) راجع ئل باب ٧ من أبواب الحيض.

(٥) يعنى قوله قده كما ان الأسود الحار إلخ.

(٦) ئل باب ٣ حديث ٤ يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد عن ابى عبد الله (ع) انه نقل عن النبي (ص) ذلك.

١٤٦

فان فقدتا رجعت المبتدأة إلى عادة أهلها ، فإن اختلفن أو فقدن رجعت الى أقرانها ، فإن اختلفن أو فقدن تحيّضت في كل شهر بسبعة أيام أو بثلثة من شهر وعشرة من آخر ، والمضطربة بالسبعة أو الثلثة والعشرة

______________________________________________________

حمل الاولى على وجود الوصف ويظهر كونه أولى ، إذا الظاهر من التعريف المأخوذ في الرواية ، الاطراد والانعكاس ، ومن أيام الأقراء كونها معلوما انها أيام الحيض ، ولهذا حكم الشيخ على الرجوع الى التميز مطلقا سواء كانت مأخوذة من التميز أولا ، وفصّل البعض بأنها ان كانت مأخوذة من التميز فيرجع اليه والا فإلى العادة ، ومنه علم وجه الرجوع الى التميز ، ويحتمل كون المقصود في المتن ترجيح التميز كما يحتمل العكس ، ولعل التقديم يدل على الثاني

قوله : «(فان فقدتا (١) رجعت المبتدأة إلخ)» الظاهر من المبتدأة من لم تر دما ويحتمل ارادة من لم تصر لها عادة بقرينة المقابلة وجعل المقابلة من كان لها عادة في الجملة ونسيت

واما الحكم فيهما على التفصيل ، فان ثبت إجماع فهو المتبع والا فالأمر مشكل ، والأصل يقتضي الاكتفاء بالثلثة لتيقنه حيضا وجعل الاختيار إليها ، والعمل في الباقي بالاستحاضة ، والاحتياط واضح ، ويدل على المشهور بعض الروايات (٢) وان لم تكن صحيحة ولا صريحة في الترتيب بين النساء من الأقارب والأجانب ، بل ظاهرها الأقارب فقط لقوله : (نسائها) وفي بعضها (أقرانها) ، والاحتياط ينبغي مهما أمكن

واعلم ان الظاهر ان رواية السنن (٣) مقبولة ، إذ يبعد وضع مثل هذا الخبر

__________________

(١) بالبناء للمفعول أي العادة والتميز كما يظهر من الروض والذخيرة

(٢) ئل باب ٨ حديث ١ من أبواب الحيض ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه السلام قال : يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها (نها ـ خ ل يب) ثم تستظهر على ذلك بيوم ، وحديث ٢ ، عن سماعة قال : سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها ، فقال : أقرائها مثل أقراء نسائها فإن كانت نسائها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام ، واقله ثلاثة أيام

(٣) يعني بها ما ورد في حديث طويل من بيان السنن الثلاث للنساء وقد أورده متفرقا ومقطعا في الوسائل في أبواب متفرقة فلاحظ باب ٣ حديث ٤ وباب ٥ حديث ١ وباب ٨ حديث ٣ وباب ١٠ و ١١ حديث ٤ وباب ١٢ حديث ٢ من أبواب الحيض فلاحظ ـ وأورد الحديث بطوله في الكافي باب جامع في الحائض والمستحاضة من كتاب الحيض

١٤٧

ولو ذكرت أول الحيض أكملته بثلاثة أيام ولو ذكرت آخره فهو نهايتها وتعمل في باقي الزمان ما تعمله المستحاضة ، وتغتسل لانقطاع الحيض في كل وقت محتمل ، وتقضى صوم احد عشر

ولو ذكرت العدد خاصة عملت في كل وقت ما تعمله المستحاضة وتغتسل للحيض في كل وقت يحتمل الانقطاع وتقضى صوم عادتها

هذا (١) ان نقص العدد عن نصف الزمان أو ساواه ، ولو زاد ، فالزائد وضعفه حيض كالخامس والسادس لو كان العدد ستة في العشرة

______________________________________________________

الطويل المشتمل على الحكم والاحكام ، ومقبوليّة يونس ومحمد بن عيسى ، وكذا قوله عن غير واحد كأنه يدل على نقله عن كثير فلا يبعد العمل بها ، والله يعلم وعلى تقدير العمل بعادة النساء لا يبعد ترجيح الأكثر على تقدير الاختلاف وعدم الالتفات إلى الأقران لعدم صدق (نسائها) عليها ، وعلى تقديره لبعض الروايات ، فالترتيب غير موجود في الروايات

قوله : «(ولو ذكرت إلخ)» العمل في المعلوم واضح ، وفي غيره تعمل عمل الحائض والمستحاضة بناء على القول بالاحتياط ، واما البناء على الروايات ففي

__________________

(١) وحيث ان هذه العبارة من قوله : هذا ان نقص (الى قوله) في العشرة مجملة ولم يوضحها صاحب مجمع الفائدة قده فالمناسب ان ننقل عبارة روض الجنان في توضيحها متنا وشرحا قال : (هذا) وهو لزوم الاحتياط في جميع الوقت وعدم تحقق الحيض انما يتم (ان نقص العدد) الذي ذكرته (عن نصف الزمان) الذي أضلته فيه كما لو أضلّت سبعة في شهر (أو ساواه) كما لو أضلّت خمسة في العشرة الاولى من الشهر (ولو زاد) العدد عن نصف الزمان (فالزائد وضعفه حيض) من وسط الزمان (كالخامس والسادس لو كان العدد) الذي أضلته (ستة في العشرة) الاولى من الشهر مثلا لاندراجهما حتما تحت تقدير تقدم الحيض وتأخره وتوسطه ويبقى لها من العدد أربعة ، فعلى القول بالتخيير تضمها الى الخامس والسادس متصلة بهما متقدمة أو متأخرة أو بالتفريق ، وعلى الاحتياط تجمع في الأربعة الأولى بين تكليف المستحاضة وتروك الحائض وتزيد في الأربعة الأخيرة الاغتسال لكل صلاة وعبادة مشروطة بالطهارة انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه وقريب منها معنا عبارة المحقق السبزواري قده في الذخيرة في شرح العبارة

١٤٨

وكل دم يمكن ان يكون حيضا فهو حيض.

ولو رأت ثلاثة وانقطع ثم رأت العاشر خاصة فالعشرة حيض.

ويجب عليها الاستبراء عند الانقطاع لدون العشرة فإن خرجت القطنة نقيّة فطاهرة والا صبرت المعتادة يومين ثم تغتسل وتصوم ، فان انقطع على العاشر قضت ما صامت والا فلا.

والمبتدأة تصبر حتى تنقى أو تمضي عشرة ، وقد تتقدم العادة وتتأخر ، ولو رأت العادة والطرفين أو أحدهما ولم يتجاوز عن العشرة ، فالجميع حيض ، والا فالعادة.

______________________________________________________

ناسية العدد مثل ما مرّ ، وفي ناسية الوقت تصير مخيّرة في أخذ ذلك العدد والحكم بقضاء صوم احد عشر للاحتياط لاحتمال التشطير

قوله : «(وكل دم إلخ)» قد مرّ ما فيه ، واحتمال العمل بالتعريف

قوله : «(ولو رأت ثلاثة إلخ)» الحكم بكون ما بينهما حيضا مع النقاء يلزم من الحكم بكون الطرفين حيضا لعدم تحقق أقل الطهر ، (ولكن الحكم) بكون الطرف الثاني حيضا خصوصا مع كونه بغير صفة الحيض وكونه زائدا على العادة (غير ظاهر الوجه) الا ان يكون إجماعا ، وقد نقل انه على مذهب من لم يشترط التتالي يكون النقاء طهرا والحيض هو الطرفان فقط ، وذلك غير واضح

قوله : «(ويجب عليها الاستبراء إلخ)» الظاهر ان الغرض حصول العلم أو الظن الغالب بالنقاء حتى تغتسل ، ثم ان الظاهر هو جواز الاستظهار وانه رخصة مع احتمال الوجوب ، ولها الصبر إلى العشرة كما يدل عليه بعض الروايات (١) ،

واما قضاء الصوم فلعدم الصحّة ، وعدم قضاء الصلاة لعدم وجوبها

قوله : «(والمبتدأة إلخ)» يفهم منه وجوب الصبر عليها إلى العشرة وذلك لعدم الأيام لها ، وكذا المضطربة ولا يبعد لهما ذلك في المرتبة الثانية على التخيير ، والاولى الصبر الى العاشر هنا مع إمكان الاحتياط بعد الأيام التي أخذها مع ظن

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ١٣ من أبواب الحيض وباب ١ من أبواب الأغسال المسنونة

١٤٩

ويجب الغسل عند الانقطاع كغسل الجنابة ، ويحرم عليها كل مشروط بالطهارة كالصلاة والطواف ، ومس كتابة القرآن ولا يصح منها الصوم ، ولا يصح طلاقها مع الدخول وحضور الزوج أو حكمه.

______________________________________________________

النقاء وان الباقي ليس بحيض

قوله : «(ويجب الغسل عند الانقطاع إلخ)» كأن وجوب الغسل لمثل الصلاة والطواف الواجبين إجماعي ، وفي الاخبار إشارة الى ذلك في الجملة وكونه مثل غسل الجنابة (١) قد مر

واما تحريم كل ما هو مشروط بالطهارة مثلهما فالظاهر أيضا انه إجماعي ولا كلام في حال الدم ، بل بعد انقطاعه وقبل الغسل أيضا ، إنما الكلام في تعيين ما يشترط فيه الطهارة ، فكأنه ثبت عنده كونه شرطا للصوم أيضا ، ولكن ذكره مع تغيير الأسلوب ليشير الى الخلاف ، ويدل عليه رواية في التهذيب (في باب الزيادات غير صحيحة ، ولكن لا تدل الأعلى قضاء الصوم وهو خبر ابى بصير لعله موثق) عنه عليه السلام قال ان طهرت بليل من حيضتها ثم توانت ان تغتسل في رمضان حتى أصبحت ، عليها قضاء ذلك اليوم (٢)

فكأنه لا كلام فيه ، بل في الكفارة ، وقياسه بصوم الجنب يقتضيهما ، لكن لا يتم ، بل أصله أيضا فتأمل فمذهب البعض غير بعيد للأصل الا ان يثبت بالإجماع ، والاحتياط مع الجماعة

وكأنه لا خلاف في تحريم المس ونقل فيه الإجماع ، واما في إلحاق أسماء الله وأسماء الأنبياء والأئمة وفاطمة عليهم السلام فان لم يكن إجماع فالعدم اولى لعدم الدليل ، والاحتياط واضح

واما عدم صحّة الطلاق مع الشرط المذكور ، فالظاهر انه حال الدم فيمكن ان يكون إجماعا أيضا وسيجي‌ء في الطلاق ،

وكذا تحريم اللبث كأنه إجماعي وعليه الخبر (٣) ،

__________________

(١) ئل باب ٢٣ من أبواب الحيض

(٢) ئل باب ٢١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم من كتاب الصوم

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ و ١٠ ـ و ٧ من أبواب الجنابة

١٥٠

ويحرم عليها اللبث في المسجد ، وقراءة العزائم فتسجد لو تلت أو استمعت ، ويحرم على زوجها وطؤها فيعزر.

______________________________________________________

وكذا في تحريم الوضع خبران معتبران ، (١)

وكذا الجواز في المسجدين ، (٢)

وكذا تحريم قراءة العزائم (٣)

ويدل على وجوب السجدة إذا تلت أو استمعت ، الخبر كأنه صحيح وكأنّ المصنّف لم يوجبها بالسماع فقيّد بالاستماع لما في الخبر الصحيح الدال على عدم وجوب السجدة إلا مع الاستماع (٤) فليس ببعيد فليتأمل ، والاحتياط واضح.

واعلم ان استصحاب عدم صحة الصوم حال الحيض ، وصدق الحائض على المنقطع دمها الممنوعة من الصوم ، لا يدلّان على وجوب الغسل للصوم لأن الذي دلّ على المنع حال الدم وقبل الانقطاع ، هو وجود الدم ، فله دخل فيه من غير شبهة فلا يتمشى الاستصحاب.

وعلى تقدير تسليم صدق الحائض لغة ، معلوم ارادة كونها مع صفة الدم في مثل قوله : دعى الصلاة أيام أقرائك (٥) ـ وإذا حاضت لا تصلى ولا تصم فأين العام المفيد لذلك.

(ومنع) أولوية اشتراط الطهارة في صومها بالنسبة إلى المستحاضة الكثيرة المشترطة فيه الغسل بالإجماع والاخبار لو سلم.

(واضح) لان وجود الدم الكثير من اين يعلم كونه أقل حدثا ومنعا من دم الحيض المنقطع مع عدم الغسل ، ومن اين العلم المشترط في مفهوم الموافقة بالعلة المشتركة وهو واضح ، ولا يمكن إيجاب شي‌ء بأمثالها ، والأصل العدم.

وأيضا دليل تحريم الوطي قبلا هو الإجماع ، ومع الاستحلال انما يكفر

__________________

(١) الوسائل باب ١٧ من أبواب الجنابة وباب ٣٥ من أبواب الحيض

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب الجنابة

(٣) الوسائل باب ١٩ حديث ٤ و ٧ ـ و ١١ من أبواب الجنابة

(٤) لاحظ الوسائل باب ٣٦ من أبواب الحيض وباب ٤٢ من أبواب قراءة القرآن من كتاب الصلاة

(٥) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من أبواب الحيض في حديث طويل.

١٥١

ويستحب الكفارة في أوله بدينار ، وفي أوسطه بنصفه ، وفي آخره بربعه ،

ويكره بعد انقطاعه قبل الغسل ، والخضاب ، وحمل المصحف ، ولمس

______________________________________________________

مع علمه بأنه ممّا حرّمه الله لا مطلقا ، وكذا في جميع المجمع عليه ، ولعله المراد ممّا علم من الدين ضرورة.

واما التكفير فالظاهر هو الاستحباب ، والظاهر هو مطلق التكفير مثل شبع شخص (١) وعشرة كما هو في بعض الروايات (٢) ويكون المذكور (٣) مستحبا في مستحب.

واما كراهة وطي الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الغسل ، قبلا فهو الظاهر ، للأصل وعدم القائل بالتحريم مطلقا نعم في كلام الفقيه ما يشعر بالتحريم قبل الغسل من دون الشبق وليس له دليل قوى ، ولظاهر بعض الآيات ، بقراءة التخفيف (٤) ، وللجمع بين الأدلة والقرائتين مع عدم دلالة التشديد على الغسل جزما ، ولزوال علة المنع المفهومة من ظاهر الآية وغيرها (وقد حققت المسألة في رسالة على حدة مع الأدلّة وما عليها من الأبحاث مع الشارح مع إمعان ما في النظر والتأمل فليراجع) ، وفي خبر (٥) إباحة الوطي بالتيمم ، ففيه إشعار بالبدليّة مطلقا ، فتأمّل.

واما كراهية الخضاب للحائض والجنب فللأخبار (٦) ، وكذا المس الهامش بدون مس خطه ، وتعليقه (٧) ونزلت على الكراهة لقول الأصحاب بعدم

__________________

(١) ئل باب ٢٨ حديث ٥ من أبواب الحيض

(٢) ئل باب ٢٨ حديث ٢ من أبواب الحيض عن عبد الكريم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اتى جاريته وهي طامث قال : يستغفر الله ربه قال عبد الملك (عبد الكريم خ ل) فان الناس يقولون : عليه نصف دينار أو دينار فقال أبو عبد الله عليه السلام : فليتصدق على عشرة مساكين.

(٣) يعنى ما هو المذكور في المتن من الكفارة الخاصة

(٤) إشارة إلى قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ) إلخ البقرة ـ ٢٢٢

(٥) لعله إشارة الى ما رواه في ئل باب ٢٧ حديث ٢ من أبواب الحيض إسحاق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم (ع) عن رجل يكون معه أهله في السفر فلا يجد الماء يأتي أهله فقال : ما أحب ان يفعل ذلك الّا ان يكون شبقا أو يخاف على نفسه

(٦) راجع الوسائل باب ٢٢ من أبواب الجنابة.

(٧) راجع الوسائل باب ٣٧ من أبواب الحيض.

١٥٢

هامشه ، والجواز في المساجد ، وقراءة ما عدا العزائم ، والاستمتاع بما بين السّرة والرّكبة ،

______________________________________________________

التحريم.

واما كراهة الجواز في المساجد فإباحته ظاهرة وعليها الخبر (١) واما المنع فكأنه للتعظيم ولهذا الحق المشاهد بها ، وعلى هذا فالكراهة غير بعيدة ، واما التحريم فلا ، للأصل وعدم جواز القياس وما علم بطريق اولى.

واما كراهة قراءة القرآن غير العزائم فالظاهر انه للتعظيم والا ففي الخبر الصحيح (٢) ما يدل على الجواز من غير وجود المعارض فكأنه قيس في الكراهة على الجنب بالطريق الاولى حيث وجد فيه الخبر ، وقيد بما فوق السبع والسبعين (٣) وهنا من غير قيد فكأنه أغلظ ، والأصل العدم.

وكراهة الاستمتاع أيضا دليله بعض الاخبار (٤) والخروج عن الخلاف على القول بالجواز ، واما الظاهر من الآية والاخبار فهو التحريم حال الدّم الا ما فوق الإزار ولا شك انه أحوط مثل (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ) (٥) خرج ما فوق الإزار بالإجماع ونحوه وبقي الباقي تحت النهي وأيضا يدل عليه الأخبار مثل صحيحة عبيد الله الحلبي (المذكورة في التهذيب) عن ابى عبد الله عليه السّلام في الحائض ما يحل لزوجها منها؟ قال : تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرّتها ثم له ما فوق الإزار (٦) ، ومثلها موثقة أبي بصير وحجاج (٧) ، وغيرها من الاخبار ، وامّا الاخبار الدالة على الجواز مع ما فيها ، فليست ممّا تصلح للمعارضة بها ، فقول السيد غير

__________________

(١) ئل باب ١٥ حديث ٣ من أبواب الجنابة ، عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر عليه السلام (في حديث): ولا بأس ان يمرّا (الحائض والجنب) في سائر المساجد ولا يجلسان فيهما.

(٢) ئل باب ١٩ حديث ١ من أبواب الجنابة ، عن زيد الشحام (في الصحيح) عن ابى عبد الله عليه السلام قال : الحائض تقرأ القرآن ، والنفساء والجنب أيضا ، ونحوها صحيح زرارة ، وصحيح محمد بن مسلم مع استثناء السجدة ، وغيرها من الاخبار.

(٣) لاحظ الوسائل باب ١٩ من أبواب الجنابة.

(٤) لاحظ الوسائل باب ٢٥ وباب ٢٦ من أبواب الحيض.

(٥) البقرة ـ ٢٢٢.

(٦) ئل باب ٢٦ حديث ١ من أبواب الحيض.

(٧) ئل باب ٢٦ حديث ٢ و ٣ منها.

١٥٣

ويستحب ان تتوضأ عند كل صلاة وتجلس في مصلاها ذاكرة ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة

المقصد الثالث في الاستحاضة والنفاس

دم الاستحاضة في الأغلب اصفر ، بارد ، رقيق ، يخرج بفتور ، والناقص عن ثلاثة مما ليس بقرح ولا جرح ، والزائد عن العادة مع تجاوز العشرة ، وعن أيام النفاس ، ومع اليأس استحاضة

فإن كان الدم لا يغمس القطنة وجب الوضوء لكل صلاة ، وتغيير

______________________________________________________

بعيد ، (١) وبعد منع الوطي مطلقا.

واما استحباب الوضوء والجلوس فهو موجود في خبرين معتبرين (٢) بحيث يفهم الوجوب ، وقد عبّر في الفقيه بالوجوب فينبغي الاحتياط وعدم الترك بوجه.

واما دليل وجوب قضاء الصوم دون الصلاة فهو الاخبار (٣) ولعله الإجماع أيضا وتكرارها وعدم تكرره مع منع القياس في الخبر هنا ، وان أول من قاس إبليس (٤).

المقصد الثالث في الاستحاضة والنفاس

قوله : «(دم الاستحاضة إلخ)» كأنّه مأخوذ من بعض الروايات (٥) ودليل الأحكام المذكورة واضح بعد ما مضى.

قوله : «(فان كان الدم إلخ)» اعلم انه ينبغي وجوب الوضوء لكل صلاة

__________________

(١) ذهب السيد المرتضى ره في شرح الرسالة الى عدم جواز الاستمتاع بما بين السرّة والركبة مطلقا (الذخيرة للمحقق السبزواري).

(٢) ئل باب ٤٠ من أبواب الحيض.

(٣) ئل باب ٤١ منها.

(٤) ففي خبر الحسن بن راشد قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الحائض تقضى الصلاة؟ قال : لا ، قلت : تقضى الصوم؟ قال : نعم ، قلت : من اين جاء هذا؟ قال : أول من قاس إبليس ، الحديث ـ ئل باب ٤١ حديث ٣ من أبواب الحيض.

(٥) ئل باب ٣ من أبواب حيض.

١٥٤

القطنة ، وان غمسها وجب مع ذلك تغيير الخرقة والغسل لصلاة الغداة ، وان سال وجب مع ذلك غسل للظهر والعصر تجمع بينهما وغسل للمغرب والعشاء الآخرة تجمع بينهما

______________________________________________________

في القليلة مع غسل الفرج وتغيير القطنة ، اما الوضوء فلظاهر الآية ، ولما في صحيحة زرارة : تصلى كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم (١) ، ولما في صحيحة معاوية بن عمار : فان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلّت كل صلاة بوضوء ـ (٢) والأولى أظهر دلالة ، وغيرهما من الروايات.

واما عدم وجوب الغسل فللأصل ، وظاهر هذه الاخبار حيث أوجب الغسل في غير القليلة والوضوء فيها وعدم ما يقتضي خلافه.

واما وجوب غسل الفرج كل مرّة وتغيير القطنة فلأدلة وجوب الإزالة ، وكأنه إجماعي أيضا مع عدم عفو دم الاستحاضة في هذا المحلّ ولو كان فيما لا يتم فيه الصلاة ووجوب التخفيف هنا بخلاف السلس والمبطون فإنه نقل الإجماع هنا دونهما ، بل يظهر عدمه ، نعم الاحتياط وبعض الاخبار (٣) يقتضي الاجتناب في الكل مهما أمكن.

وكأن تغيير الخرقة في غيرها كذلك.

وينبغي أيضا وجوب الأغسال الثلثة في القسمين الأخيرين كما هو مذهب المصنف في المنتهى ، والمحقق في المعتبر وابن ابى عقيل ، وابن الجنيد على ما نقل عنهم ، والدليل عليه صحيحة معاوية بن عمار (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السلام : فإذا جازت أيّامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه. وتعجل هذه ، وللمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه ، وتعجل هذه وتغتسل

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٩ من أبواب الاستحاضة

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ منها

(٣) لاحظ احاديث باب ١ منها

١٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

للصبح الحديث وصحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال : سألته عن الطامث «(الى قوله)» فإذا نفذ اغتسلت وصلت (١).

واعلم ان رواية زرارة هذه في طريقها (٢) ابن بكير كأنه عبد الله وهو فطحي ثقة ، لكن قالوا : ممن أجمعت الصحابة على تصحيح ما يصح عنه وبصحة ما هو فيه من الاخبار ، وكذا فيه محمد بن خالد الأشعري وقالوا : أنه قريب الأمر ، وفيه أيضا الحسين بن الحسن بن ابان ، وهو غير مصرح التوثيق في محلّه فتأمل وان وثقه في رجال ابن داود في ذكر محمد بن أورمة وعلم توثيقه من الضابطة لكنهم قالوا بصحة الخبر الذي هو فيه ، وأيضا بعده الحسين بن سعيد قالوا الطريق اليه صحيح ، ولكن قالوا بصحة هذه الرواية فلذلك قلت : ولعلهم رأوها صحيحة في غير هذا المحل ، والذي رأيته ما أشرت.

وأيضا روايات صحيحة دالة على وجوب الأغسال على المستحاضة ، ولما أبطلنا وجوب الغسل في القليلة مع عدم القائل بوجوب الأغسال عليها بقي القسمان تحتها (منها) صحيحة ابن سنان لاظنه عبد الله الثقة لبعض القرائن مثل التصريح باسمه في مثل هذا السند بعينه ، وهي بعينها مروية في الكافي في الحسن (لإبراهيم بن هاشم) ، عن عبد الله بن سنان ، ومثلها تسمى بالصحيحة ، ولروايته عن ابى عبد الله عليه السلام.

وأيضا قد صرح في الشرح فقال : صحيحة عبد الله بن سنان ، ورواية النضر عنه ، وهو أيضا ابن سويد الثقة لما ذكر) عن ابى عبد الله عليها السلام قال : المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر وتصلى الظهر والعصر ، ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب والعشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر الخبر (٣).

وصحيحة صفوان بن يحيى (الثقة) ، عن ابى الحسن عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك إذا مكثت المرأة عشرة أيام ترى الدم ثم طهرت فمكثت

__________________

(١) الوسائل باب حديث ١ ـ ٩ من أبواب الاستحاضة.

(٢) طريقها هكذا ، محمد بن الحسن (يعنى الشيخ ره) بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن خالد الأشعري ، عن ابن بكير ، عن زرارة.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٤ من أبواب الاستحاضة.

١٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ثلثة أيام طاهرا ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك عن الصلاة؟ قال : لا هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة وتجمع بين الصلوتين بغسل ويأتيها زوجها ان أراد (١).

وهذه مذكورة في الكافي والتهذيب بسند صحيح ، والعجب ان الأصحاب ما ذكروهما ، وأمثالهما في هذه المسئلة كثيرة وما نقلتها ، للاكتفاء بالأصح.

وفي هذه الاخبار دلالة أيضا على عدم وجوب الوضوء وتداخل غسل الحيض والاستحاضة ، وفي الأخيرة دلالة مّا على جواز الاستظهار إلى العشرة ، واعتبار الدم بالقطنة وجواز الوطي في الاستحاضة.

واما ما يدل على وجوب غسل واحد عند الصبح للفجر فقط فالظاهر انه لا يوجد ، نعم الأصل ينفي غير الواحد ويبطله الأدلة السابقة ، وغاية ما ذكروا له مقطوعة (٢). سماعة (الواقفي الثقة مع وجود عثمان بن عيسى الواقفي الذي توقف في قبوله المصنف في الخلاصة ومحمد بن الحسين المشترك وان فرض على ما هو الظاهر انه ابن ابى الخطاب الثقة) قال : قال : المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف. اغتسلت لكل صلوتين ، وللفجر غسلا فان لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرّة مع (٣) ان ظاهرها وجوب غسل واحد في القليلة ، والثلثة فيهما ، ولهذا استدل بها من أوجب الغسل لها وعدم صراحتها بأنه للفجر فيمكن حملها على الاستحباب لها ويؤيّده الاحتياط للخروج عن الخلاف في الجملة.

وأيضا مقطوعة زرارة قال : قلت له : النفساء متى تصلى؟ قال : تقعد قدر حيضها وتستظهر بيومين ، فان انقطع الدم والا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت فان جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم صلت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل ، والمغرب والعشاء بغسل ، وان لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل

__________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٣ من أبواب الاستحاضة.

(٢) سندها محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى عن سماعة.

(٣) ئل باب ١ حديث ٦ من أبواب الاستحاضة.

١٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

واحد ، قلت : فالحائض؟ قال : مثل ذلك سواء الخبر (١).

والكلام (اما) في سندها فلاشتراك احمد بن محمد ، وان كان الظاهر انه ابن عيسى الثقة ، ولوجود حريز فإنه وان كان ثقة ، ولكن فيه كلام ، ولقولهم : انها مقطوعة وان قالوا : الظاهر ان مثل زرارة ما ينقل في مثل هذه ، الّا عن الامام عليه السلام.

ولكن رأيت في التهذيب بعد نقل هذه المقطوعة بورقة تخمينا في أحكام النفساء جزم بأنه عن الإمام عليه السلام حيث قال.

وقد مضى حديث زرارة فيما رواه الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة ، عن ابى جعفر عليه السلام (٢) ـ وما مضى في كتابه ما أشار اليه الا هذه المقطوعة وهذه الأمور وان كانت ممّا لا يضر ولكن في مقام المعارضة نرجح عليها غيرها الخالية عنها وهو ظاهر.

(واما) في دلالتها (فبعدم) صراحتها في المطلوب (٣) وتحتمل القليلة ، بل يمكن دعوى الظهور فيها ، إذ في المتوسطة أيضا يجوز الدم الكرسف ولكن لا يسيل ، فيكون الخبر عليهم من وجهين ، لا ، لهم ، (وبلزوم) الغسل في القليلة مع عدم قولهم به ، فيمكن الحمل عليه مع القول بالاستحباب كما مرّ.

(وباحتمال) ارادة الغسل في قوله : «(بغسل واحد)» ، الغسل الذي فعلته للانقطاع كما أشار إليه في أول الخبر حيث قال : (والا اغتسلت) ـ فيكون معنى قوله : «(صلت بغسل)» انها لم تغتسل الأغسال المتعددة التي وجبت عليها بعد الاعتبار في الأول ، (بل اكتفت ـ ظ) بالغسل الذي فعلته أوّلا ، وهو غير بعيد ، بل ظاهر بعد التأمل وبالنسبة إلى تأويلات الشيخ قريب جدّا كما هو ظاهر عند التأمل.

وعلى تقدير البعد يحمل عليه لما مرّ إذ يبعد إسقاط الأغسال التي وجبت عليها عنها ، بما مر ، بهذه الرّواية بمجرد هذا البعد ، مع ان حملها على القليلة أقرب

__________________

(١) ئل باب ١ حديث ٥ من أبواب الاستحاضة.

(٢) ئل باب ٣ حديث ٢ من أبواب النفاس.

(٣) يعنى الاجتزاء بغسل واحد في المتوسطة.

١٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

من القول به للمتوسطة.

فالقول بغسل واحد لها (١) أقرب من القول بوجوبه للمتوسطة ، ولا شك في شمولها. لها فلا بد من التأويل ليخرج ، وذلك ليس بأقرب مما قلناه فتأمل ، وعدم ، تعيين المحل للغسل مع ارادة التعيين من غير نصب دليل ، وهذا مؤيد التأويل الذي قلناه حيث لا محل لها معينا ، وبالجملة الغرض تحصيل المرجح فلا ينبغي التكلف في دفع الأمور المذكورة.

واما خبر الصحاف (٢) فمشتمل على ما لم يقل به احد من الأصحاب ، مثل وجود دم لا يكون حيضا ولا من الرحم في الحامل بعد ما يمضى عشرون يوما من عادته ، وانها تتوضأ مهما كان ، وتصلى ، وعدم وجوب غسل الفرج لكل صلاة ، وكذا تغيير القطنة والخرقة ، والاعتبار في الدم بالسيلان من خلف الكرسف ، وانه ما لم يطرح ، ما يكون عليها الا الوضوء ، وانه لا غسل عليها مع عدم السيلان أصلا بل الوضوء فقط وغير ذلك.

ومع ذلك يمكن حمل عدم وجوب الغسل مع عدم السيلان على القليلة فقط فان الوصول إلى الخرقة معتبر في المتوسطة أيضا فليس ببعيد إطلاق السيلان عليه سيما على التغليب للضرورة.

وبالجملة يمكن الجمع بين الاخبار في الجملة وانه حسن ولم يبق شي‌ء الا بعض ما في رواية حسين بن نعيم الصحاف الذي ما ذكره الأصحاب فلو ثبت صحتها تأول إن أمكن والا يطرح هذا ما فهمته ، فانا معذور.

واعلم ان الذي فهمته ممّا تقدم ، احتمال اعتبار الدم حال الصلاة ، ومطلقا أحوط ، والجمع بين الصلوتين وعدم الوضوء مع الغسل كما يقول السيد وابن ابى عقيل ، ويمكن كون الجمع للرخصة فيجوز التفريق مع تعدد الغسل كما قاله الأصحاب وان كان غير مفهوم من هذه الأخبار ، لدعوى الإجماع في المنتهى على جواز التفريق ، ولصحيح يونس بن يعقوب : الغسل في وقت كل صلاة (٣) ،

__________________

(١) يعنى للاستحاضة القليلة.

(٢) ئل باب ٣٠ حديث ٣ من أبواب الحيض وباب ١ حديث ٧ من أبواب الاستحاضة.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ١١ من أبواب الاستحاضة ، متن الحديث هكذا ، يونس بن يعقوب قال : قلت

١٥٩

______________________________________________________

في المستحاضة ـ فيحمل على عدم الجمع ، للجمع بين الاخبار ، قال في المنتهى : انها حسنة ، وليس بظاهر ، ويمكن حملها على الأوقات الثلثة لكن الأول أولى لقول الأصحاب ، والأصل ، والأقربيّة.

اما الوضوء فينبغي للاحتياط مقدما ، وادعى الشارح وجود أخبار صحيحة دالة على وجوب الوضوء مع الأغسال كما هو المشهور ، وما رأيت خبرا فكيف اخبارا صحيحة الا ان يريد ما مرّ وقد عرفت حاله.

وكذا ادعى في تحريم الوطي قبلا بعد انقطاع الحيض وقبل الغسل ، وكذا في تحليله وما رأيت اخبارا صحيحة نعم رأيت خبر الشبق صحيحا (في زيادات نكاح التهذيب) (١) وما نقل هو أيضا إلا غير الصحيح.

وكذا يظهر منه دعوى النص في إلحاق النفساء والحائض بالجنب في إيجاب الغسل للصوم مع دعوى المصنف في المنتهى عدم وجدان نصّ صريح فيه.

وكذا في إيجاب الغسل على المستحاضة للصوم ، وما رأيت إلا في بعض الاخبار أظن صحته ، وهي مكاتبة على بن مهزيار المذكورة في الكافي في باب صوم الحائض والمستحاضة ، وفي التهذيب (في باب زيادات الصوم) قال : كتبت اليه عليه السلام امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير ان تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلوتين فهل يجوز صومها وصلوتها أم لا؟

__________________

لأبي عبد الله عليه السلام. امرأة رأت الدم في حيضها حتى جاوز وقتها متى ينبغي لها ان تصلى قال : تنظر عدّتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام ، فإن رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة.

قال في روض الجنان (بعد دعوى نفى الخلاف في الأغسال) : ما هذا لفظه ، وانما الخلاف في الوضوء فذهب ابن ابى عقيل الى عدم وجوب الوضوء هنا كما سلف ، وكذلك السيد المرتضى بناء على أصله من عدم إيجاب الوضوء مع غسل من الأغسال ، وذهب المفيد إلى الاكتفاء بوضوء واحد للظهرين كالغسل ، ومثله للعشائين والاخبار الصحيحة دلت على المشهور.

(١) ئل باب ٢٧ حديث أمن أبواب الحيض ، ومتنه هكذا محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام في المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيامها ، فقال : إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها ان شاء قبل ان تغتسل.

١٦٠