مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الحمام الا ان يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثم يغتسل ، وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة؟ ـ قال : لا الا ان يضطر اليه (١).

(ومنها) أيضا ما في رواية أبي بصير عنه عليه السلام في مصافحة المسلم اليهودي ، والنصراني من وراء الثياب : فان صافحك بيده فاغسل يدك (٢) ـ وسنده ضعيف (ومنها) صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (أبي جعفر ـ خ كا) عليهما السلام قال : سألته عن رجل صافح رجلا مجوسيا قال : يغسل يده ولا يتوضأ (٣).

وأيضا صحيحة على بن جعفر عن أخيه قال : سألته عن فراش اليهودي والنصراني أينام عليه؟ قال : لا بأس ولا يصلى في ثيابهما ، وقال : لا يأكل المسلم مع المجوس في قصعة واحدة ولا يقعده على فراشه ولا مسجده ولا يصافحه قال : وسألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس لا يدرى لمن كان هل تصلح الصلاة فيه؟ قال : ان أشتريه من مسلم فليصل فيه وان اشتراه من نصراني فلا يصلى فيه حتى يغسله (٤).

وبعض هذه الأخبار للتأييد ، والظاهر انه مع عدم القول بوجوب الاجتناب أو الغسل تعبدا وان لم يكن نجسا ، وعدم القول بالواسطة ، يحصّل المطلوب ولكن ما في صحيحة على (الا ان يضطر اليه) (٥) يدل على الطهارة فللإجماع ، وغيره من الاخبار المتقدمة ، تحمل تلك الزيادة على التقيّة أو على الاستثناء المنقطع أو جواز الشرب على الضرورة.

وامّا آية (طعامهم حل لكم) (٦) فلا يدل على طهارتهم وهو ظاهر ، لان الظاهر ان المراد بالطعام من حيث انه طعامهم ليس بحرام بل حلال كسائر

__________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٩ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٣ من أبواب النجاسات.

(٤) الوسائل باب ١٤ حديث ١٠ من أبواب النجاسات.

(٥) الوسائل باب ١٤ حديث ٩ من أبواب النجاسات.

(٦) إشارة إلى قوله تعالى (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) ـ المائدة ـ ٥.

٣٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

الأطعمة ، فلا ينافي تحريمه بسبب عارض ، مثل ملاقاة سائر النجاسات مع انه نقل عن أهل اللغة ان المراد به هو البر فقط فلا يدخل فيه ما هو مظنة ملاقاتهم من المطبوخات ، والمصنف رحمه الله قال في المنتهى : قد وقع الاتفاق بين العلماء كافة على طهارة المسلم ـ فيفهم ان غير المؤمن عند ابن إدريس ، والمجبرة عند الشيخ كافر.

واعلم أيضا انه ما بقي الشك في نجاسة ما هو المذكور إلا في الخمر وتوابعه ، وفي بعض الدماء ، وفي بعض أقسام الكفار مثل المجسّمة والمرتد ، وعلم من نقل المصنف كما مرّ عدم تحقق الإجماع في جميعهم بانواعهم الا ان يكون الاحتمال عدم كفرهم وهو بعيد.

وبالجملة لو لم يتحقق الإجماع ، فالحكم بنجاسة جميع الكتابيين والمرتدين والخوارج والغلاة والنواصب ، لا يخلو من اشكال.

وفي (١) طهارة ما هو المشهور إلا في أبوال الحمار والبغال والخيل ، لما قد عرفت.

وعرق الجلال للخبر الحسن ، عن حفص البختري ، عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لا تشرب من ألبان الإبل الجلالة وان أصابك شي‌ء من عرقها فاغسله (٢).

والصحيح ، عن هشام بن سالم ، عن ابى عبد الله عليه السلام ، قال : تأكل لحوم الجلالات وان أصابك من عرقها فاغسله (٣) ـ المنقولين في الكافي والتهذيب الدالين على وجوب غسله فلا يبعد القول بالنجاسة لعدم المعارض ، ودليل المشهور ، الأصل فتأمل.

والفأرة ، إذ في الاخبار الصحيحة ما يدل على نجاستها ، والظاهر الطهارة للأصل والاخبار الصحيحة المتقدمة في بحث سؤر الفارة وللجمع بين الأدلة

__________________

(١) الظاهر كونه عطفا على قوله ره : في الخمر وتوابعه ، يعني بقي الشك في طهارة ما هو المشهور من طهارة أبوال الحيوانات المأكولة اللحم غير الحيوانات الثلاثة فإن فيها خلافا وطهارة عرق الجلال وطهارة الفار إلخ.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ١٥ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

٣٢٢

ويجب ازالة النجاسات عن الثّوب والبدن للصّلوة والطّواف ودخول المساجد ، وعن الآنية للاستعمال.

______________________________________________________

يحمل دليل النجاسة على الاستحباب ، مع ما يفهم من الإجماع على طهارتها في بحث سؤر السنور في المنتهى قال :

وأيضا الإجماع قد وقع على طهارة سؤر الطيور وعلى طهارة سؤر الهر وما دونها في الخلقة كالفأرة وابن عرس وغيرهما من حشرات الأرض انتهى.

ومع ذلك ، الاحتياط لا يترك.

قوله : «(تجب ازالة النجاسات إلخ)» الظاهر انه لا خلاف في ذلك للصلاة والطواف مع والاختيار ، ويدل عليه الاخبار أيضا كما سبق وسيجي‌ء أيضا.

وتجب الإزالة بحيث لا تبقى عين النجاسة ، بل ولا اللون لظهوره في بقاء العين.

ولو شق الزوال ، لا يبعد العدم لظن رفع العين مع المشقة فيكون اللون في المحلّ يوجد بمجاورة النجاسة الملوّنة كما هو مذهب بعض الحكماء وعلى تقدير وجوب اللون مع محلّه الأول ، كما هو مذهب بعض آخر يكون محكوما بطهارته بحكم الشارع للحرج المنفي ، وليس في عبارة المنتهى التقييد بالمشقة ، وفي بعض الاخبار أيضا إشارة إلى عفو اللون وصبغ المتنجس بلون النجس (١).

وكذا العفو عن الرائحة (٢) فلعل وجودها لما مرّ في اللون ، والظاهر عدم الفرق بين القليل من النجاسة وكثيرها إلا في الدم وقد مرّ.

اما الوجوب لدخول المسجد فعند البعض مقيد بالتلويث ، والأدلّة ظاهرة في المطلق كما هو رأى المصنف ان تمّت وهو قوله صلى الله عليه وآله جنبوا مساجد كم النجاسة (٣) ، وقوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا) (٤)

__________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٢٥ من أبواب النجاسات.

(٢) لاحظ الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من أبواب أحكام المساجد من كتاب الصلاة ـ قال : روى جماعة من أصحابنا في كتب الاستدلال عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : جنّبوا مساجدكم النجاسة.

(٤) التوبة ـ ٢٨.

٣٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والإجماع على منعهم ، والظاهر ان العلّة هي النجاسة ، وكذا قوله تعالى (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ) (١). مع عدم القول بالنسخ والفرق ، وللتعظيم لوجوب تعظيم شعائر الله ، (وتجويز) دخول الجنب والحائض بالتفصيل المشهور إجماعا على ما نقل ، وكذا المستحاضة على ما في الاخبار مع عدم خلوها (خلوهما ـ خ ل) عن النجاسة غالبا (لا ينافي) ذلك ، لخروجهم بالدليل.

وفيها تأمل لعدم صحة الخبر ، بل ما نعرفه مسندا ، والشهرة لا تكفى ، وقد يكون العلّة الشرك مع النجاسة لمظنة الإفساد والعناد.

هذا على تقدير تسليم ان النجس هو النجس المتعارف ، وقد يكون مختصا بالمسجد الحرام ، ولعل المراد بالتطهير رفع الأصنام وإخراجها لا وجوب إزالة النجاسة عندنا.

وأيضا هو في شرع من قبلنا ولا يتعدى إلينا كما هو المختار في الأصول ، ولا يعلم من التعظيم ذلك وهو ظاهر.

ويمكن أن يقال : الوجوب مع التعدي ثابت بالإجماع ، وبدونه يبقى على أصل الجواز وتحمل الأدلة المتقدمة على التعدي وهو جيد على تقدير الإجماع والاحتياط لا يترك.

وقد الحق بالمساجد ، الضرائح المشرفة ومواضع قبورهم عليهم السلام ، بل داخل القبة المبنية عليها ، والدليل غير واضح الا ان يكون إجماعا ، والاحتياط معلوم ، وإذا ثبت وجوب الإزالة للدخول فيجب الإزالة عن اجزاء المسجد ، وقالوا عن فرشه وآلاته أيضا وذلك غير ظاهر على القول بجواز إدخال النجاسة مع عدم التعدي ، إذ ما نجد فرقا بين بدن الإنسان وثوبه المرمى منه وغيره الا ان يكون الإجماع ونحوه ، ومجرد كون ذلك لازما وفرشا له ليس بدليل على ما أظن فتأمل.

واما خارج الحائط فالظاهر عدم كون حكمه حكمه ، وكذا السقف الّا أن يكون الهواء أيضا مسجدا ، وحينئذ يكون داخلا في المسجد ثم ان الظاهر على

__________________

(١) (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) ـ البقرة ١٢٥.

٣٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

تقدير وجوب الإزالة والخروج من (عن ـ خ ل) المسجد فورا ولو في وقت الصلاة الموسع أو عبادة أخرى منافية للخروج والإزالة تبطل لو اشتغل بها حين التكليف سواء اشتغل بها في المسجد أو غيره ، المنجّس وغيره ، فيه سواء.

قد سلم الشارح (١) هنا عدم إمكان حصول الضد العام الّا بالخاص فيلزم النهي عنه لان ما لا يتحقق الحرام إلا في ضمنه حرام ، ولأن النهي عن الكلى لا يمكن الخروج عنه الّا بترك جميع الخصوصيات ، بل المقصود منه نهى الخصوصيات ، ولهذا قيل : النهي عن الكلى عام ، (فقوله ره) : فإن الذي يقتضي الأمر بالإزالة النهي عنه هو الكف عن الشي‌ء والكف عن الأمر العام غير متوقف على الأمور الخاصة حتى يكون شي‌ء منها متعلق النهي وان كان الضد العام لا يتقوم إلا بالأضداد الخاصة لإمكان الكف عن الأمر الكلي من حيث هو هو (غير جيد) لانه على تقدير الإمكان ليس ذلك بمطلوب ، بل المطلوب الاجتناب عن الخصوصيات كما في سائر المنهيات كالزنا ، ومعلوم عدم التحقق إلا في ضمن الخواص وهو ظاهر ومفروض ومسلم فهي منهيّة ولو لم يكن من جهة الأمر صريحا فتبطل العبادات الواقعة هو فيها (٢) (على ان دليله لا يدل على مطلوبه ـ خ).

وأيضا سلم (٣) وجوب الإزالة والخروج عنه فوريا حين وجوب الموسعة

__________________

(١) قال الشارح في روض الجنان ص ١٦٥ : وهل ينافي إزالتها الصلاة مع سعة الوقت وإمكان الإزالة؟ وجه ، أخذ من ان الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضده ، وان النهي في العبادة يقتضي الفساد ـ وفي المقدمة الأولى منع ظاهر فإن الذي يقتضي الأمر بالإزالة النهي عنه هو الضد العام الذي هو النقيض لا الخاص كالصلاة ، فإن المطلوب في النهي هو الكف عن الشي‌ء ، والكف عن الأمر العام غير متوقف على الأمور الخاصة حتى يكون شي‌ء منها متعلق النهي وان كان الضد العام لا يتقوم إلّا بالأضداد الخاصة لإمكان الكف عن الكلّى من حيث هو انتهى موضع الحاجة.

ومحل استشهاد الشارح قده هنا هو قول الشهيد : وان كان الضد العام إلخ.

(٢) من هنا الى قوله مطلوبه غير موجود في النسخ الخطيّة وهي أربع نسخ.

(٣) قال في روض الجنان ص ١٦٥ عقيب العبارة التقدمة بعد سطرين : لا يقال : وجوب الإزالة على الفور ينافي وجوب الصلاة مع سعة الوقت ، لان الوجوبين ان اجتمعا في وقت واحد مع بقاء الفورية في وجوب الإزالة لزم تكليف ما لا يطاق والّا خرج الواجب الفوري عن كونه واجبا فوريا (لأنا نقول) : لا منافاة بين وجوب تقديم بعض الواجبات على بعض وكونه غير شرط في الصحّة انتهى موضع الحاجة.

ومن هذه العبارة تعرف ان الشارح قده هنا نقله بالمعنى وان مراده (عن كونه كذلك) عن كونه فوريا لا عن كونه واجبا فلا تغفل.

٣٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا ، ومعلوم حينئذ عدم صحّة الموسعة لأنها انما تصح مع اتصافها بالوجوب فإنه المجزي والمبرئ للذمة ، والمسقط للقضاء (ووجوبه) في ذلك الوقت الذي وجب فيه الآخر الفوري المنافي له (اما) يستلزم التكليف بما لا يطاق (أو) خروج الواجب عن كونه كذلك لانه وقت فعله هل هو مكلف بالاخر أيضا معه في ذلك الوقت أولا ، والأول مستلزم للاول ، والثاني للثاني.

(ودليلهم) على ان ما يتوقف عليه الواجب واجب (أضعف) من هذا مع أنهم قائلون به وهو بعينه موجود هنا كما سلم أيضا ، وقال (١) : ان المحققين من الأصوليين على ان الأمر بالكلّي ليس أمرا بشي‌ء من جزئياته وان توقف عليها من باب المقدمة ، ووجوبه في هذا الباب ليس من نفس الأمر (انتهى).

ومعلوم ان ليس هنا غرض متعلق بأنه من نفس الأمر فقط من دون انضمام شي‌ء آخر.

وبالجملة ما يمكن القول به الا بارتكاب عدم الفوريّة حين فعل الواجب (أو) بارتكاب التكليف بما لا يطاق (أو) جمع الواجب والحرام في شي‌ء واحد شخصي باعتبارين ونحو ذلك ممّا لا يقول الأصحاب بها.

واما النقض (٢) بمناسك يوم النحر وعدم المحذور في قول الشارع (: أوجبت عليك الأمرين مع ضيق أحدهما ووسعة الآخر ، وانك ان قدمت المضيق امتثلت بغير اثم ، وبالعكس امتثلت معه) (فالجواب) بعد التسليم انه محمول على عدم تحريم الموسع في وقت فعله (أو) بعدم المنافاة كما بين الحلق والذبح (أو) لإمكان توكيله في غيره.

وبالجملة لا نسلم ان أحدا ذهب الى ضديّة هذه المناسك وترك

__________________

(١) ذكر هذه الجملة عقيب قوله : (من حيث هو هو) كما نقلناه في التعليقة السابقة آنفا.

(٢) قال عقيب قوله : (غير شرط في الصحة) كما نقلناه في الحاشية السابقة : كما في مناسك منى يوم النحر فان الترتيب واجب فيها بالأصالة ولو خالف اجزء ولا امتناع في ان يقول الشارع أوجبت عليك كلا من الأمرين مع تضيّق أحدهما وتوسعة الآخر وانك ان قدّمت المضيق امتثلت وسلمت من الإثم وان قدّمت الموسّع امتثلت وأثمت في المخالفة في التقديم فلزوم تكليف ما لا يطاق على هذا التقدير ممنوع ومثله القول في المعارضة بين الصلاة في الوقت الموسع ووفاء الدين ونحو ذلك انتهى كلامه رفع مقامه.

٣٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الواجب وتحقق النهي بفعل المؤخر مع وجوبه حينئذ ، بل الإثم إنما يترتب على ترك ذلك مقدما ، ولو فرض ذلك فلا نسلم انهم يقولون بالصحّة حينئذ الا ان يقال : ليس بعبادة محضة فالنهي لا يضر ، وحينئذ فلا يرد نقضا لو تم فتأمل.

سلمنا صحة ذلك بعد تنصيصه به (١) ولا يلزم منه الصحة على تقدير عدم التنصيص وإمكان الخلاص من المحذور ، وحمل الأمر على وقت لا يجمع مع النهي ، لظهوره.

وأيضا يلزم بمثل ما ذكر صحة كون الشي‌ء مأمورا ومنهيا مثل ان يقول : أوجبت عليك الصلاة وحرّمتها عليك في الدار المغصوبة ، ولكن ان فعلتها فيها امتثلت مع الإثم وان فعلتها في غيرها امتثلت بدونه.

وبالجملة انما الكلام في البطلان مع ثبوت النهي عن تلك العبادة حين فعلها ، ومع ذلك لا شك في البطلان ، لكن النهي هنا غير لازم فتأمل.

وأيضا لا شك في استلزام الأمر للنهى عن الضد الخاص ولو في الضمن كما قاله المصنف قدس الله روحه وبيّن في الأصول وسلمه الشارح.

ثم ان الظاهر ان المراد بالوجوب هنا هو الشرطيّة لجواز الدخول ، أو الوجوب الشرطي فيكون وجوب إزالة النجاسة للثلاثة (٢) أعم من الوجوب الحقيقي وغيره أو يكون بمعناه الحقيقي ويقيّد بالوجوب ، والأول أولى (واما القول) بوجوب إزالتها عن الأواني للاستعمال المشروط بالطهارة كالأكل والشرب اختيارا ، والغسل ، والوضوء وغير ذلك (فدليله) الإجماع على الظاهر والاخبار (٣).

وكذا دليل وجوب الإزالة عن محلّ السجود مطلقا ، وعن غيره من مكان المصلى مع التعدي لعله الإجماع والنص (٤) كما نقل.

__________________

(١) يعنى بعد تنصيص الشارع في مناسك منى بالصحة فلا يسرى منه الى ما نحن فيه فان المفروض عدم ورود النص راجع الوسائل باب ٣٩ من أبواب الذبح من كتاب الحج.

(٢) يعني الثلاثة المذكورة في عبارة المصنف أعني الصلاة والطواف ودخول المساجد.

(٣) راجع الوسائل باب ٧٢ و ٧٣ من أبواب النجاسات.

(٤) لعل النص ما ورد في حكم السجود على الجص المطبوخ بالعذرة وعظام الموتى كما أشار إليه في الإشارات والدلائل فيما تقدم ويأتي من الوسائل للشيخ عبد الصاحب) ، واما وجوب الإزالة عن غيره من مكان المصلى فيمكن استشعاره من ما ورد من الرش على الموضع المتوهم للنجاسة فلا حظ الوسائل باب ١٣ و ١٤ وباب ٢٢ من أبواب مكان المصلى.

٣٢٧

وعفي في الثّوب والبدن عن دم القروح والجروح اللازمة ، وعمّا دون

______________________________________________________

واما وجوبها عما أمر الشارع بتعظيمه مثل المصاحف المطهرة والضرائح المقدسة وآلتهما فأن دليلهم وجوب التعظيم ، ومنه وآلتهما فكأنّ دليلهم وجوب التعظيم ، ومنه الإزالة كذا قال في الشرح ، وليس بواضح ، نعم لا يبعد عن الخطا (١) ، ولعل في (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٢) اشعار به.

واما دليل عفو ما دون الدرهم فقد مرّ مع استثناء الدماء الثلاثة على ما قيل ، ودم نجس العين ، ولعل دليل الاستثناء الإجماع ، وما نقله في المنتهى بل نقل دم الحيض عن كثير ، والنفاس والاستحاضة عن الشيخ واتباعه.

واما كون الدرهم بغليّا وبيان مقداره فهو مشهور بينهم ، ونقل عن ابن إدريس (٣) انه رآه وقدّره بما انخفض من الراحة (قيل) وشهادته في مثله مقبولة ، وقدّر بعقد الإبهام والوسطى أيضا.

ويحتمل حمله على الدرهم المتعارف في زمانهم عليهم السلام والظاهر ان قدره أيضا غير معلوم الآن.

وعلى المتعارف في كل زمان ، وعلى ما يصدق ، والاحتياط يقتضي الاجتناب عما يمكن كونه كذلك.

ويحتمل اعتباره في كل ثوب وثوب ، والبدن على حده ، وعفو المتفرق إذا لم يصل اليه على تقدير الاجتماع لعموم الأدلة ، ولظهور خبر ابن ابى يعفور (٤).

وكذا العفو عن المتنجس به بالطريق الأولى ، وينبغي عدم النزاع فيه إذا كان أقلّ من الدرهم.

(واما) دليل العفو عن دم القروح والجروح مع عدم تقييده بالمشقة وعدم الفترة وعدم التخصيص بمحلّ القروح كما هو مذهب البعض وظاهر بعض عبارات

__________________

(١) يعنى وجوب الإزالة عن خطّا المصحف الشريف بمقتضى دليل التعظيم.

(٢) الواقعة ـ ٧٩.

(٣) قال في السرائر : وبعضهم يقولون دون الدرهم البغلي وهو منسوب إلى مدينة قديمة يقال لها : بغل قريبة من بابل بينها وبينها قريب من فرسخ متصلة ببلدة الجامعين تجد فيها الحفرة والغسالون دراهم واسعة شاهدت درهما من تلك الدراهم ، وهذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة السلام المعتاد ، يقرب سعته عن سعة أخمص الراحة انتهى.

(٤) ئل باب ٢٠ حديث ١ من أبواب النجاسات.

٣٢٨

سعة الدّرهم البغلي من الدّم المسفوح مجتمعا ، وفي المتفرق خلاف غير الثلاثة ودم نجس العين ، وعن نجاسة ما لا يتم الصّلوة فيه منفردا كا التكة والجورب وشبههما في محالّها وان نجست بغير الدّم.

______________________________________________________

المصنف (فعموم) الاخبار مثل صحيحة إسماعيل الجعفي (الثقة) قال : رأيت أبا جعفر عليه السلام يصلى والدم يسيل من ساقه (١) ـ المحمولة على القروح والجروح.

وصحيحة محمد بن مسلم (الثقة) عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن الرجل تخرج به القروح فلا تزال تدمى كيف يصلى؟ فقال : يصلى وان كانت الدماء تسيل (٢).

وخبر ليث المرادي (الثقة) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل تكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوة دما وقيحا وثيابه بمنزلة جلده فقال : يصلى في ثيابه ولا يغسلها ولا شي‌ء عليه (٣).

وفي الطريق احمد بن محمد كأنه ابن عيسى ، عن أبيه (٤) ، والأب وان لم يكن مصرّحا بتوثيقه الّا انه مذكور في الموثقين (وقيل) في الخلاصة ورجال ابن داود عن الكشي انه شيخ القميين ووجه الأشاعرة (٥) ومتقدمهم عند السلطان.

وصحيحة عبد الرحمن بن ابى عبد الله (الثقة) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الجرح يكون في مكان لا نقدر على ربطه فيسيل منه الدم والقيح فيصيب ثوبي فقال : دعه فلا يضرك ان لا تغسله (٦).

وفي الطريق ابان بن عثمان لكنه ممن أجمعت.

وفي مرسلة سماعة بن مهران عن ابى عبد الله عليه السلام (الى قوله) فلا

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ حديث ٣ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٢٢ حديث ٤ من أبواب النجاسات.

(٣) الوسائل باب ٢٢ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

(٤) سند الحديث هكذا كما في التهذيب ، احمد بن محمد ، عن أبيه ومحمد بن خالد البرقي والعباس جميعا عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن مسكان عن ليث المرادي.

(٥) يعني وجه الطائفة الأشعريين الذين كانوا قاطنين ببلدة قم.

(٦) الوسائل باب ٢٢ حديث ٦ من أبواب النجاسات.

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

تغسله حتى يبرء أو ينقطع الدم (١).

وفي صحيحة أبي بصير عن ابى جعفر عليه السلام (الى قوله) ان بي دماميل ولست اغسل ثوبي حتى تبرأ كما قاله (٢) في المنتهى ، ولكن أبا بصير مشترك كأحمد بن محمد ، والظاهر انه الثقة واما أبو بصير فيحتمل ان يكون مكفوفا لانه قال في أوّل الخبر قال أبو بصير : دخلت على ابى جعفر عليه السلام وهو يصلى فقال لي قائدي ان في ثوبه دما فلما انصرف قلت له : ان قائدي أخبرني أن بثوبك دما فقال : ان بي الخبر) (٣).

فلو (٤) كان هو يحيى بن القاسم ، فقال في الخلاصة : والذي ، أراه العمل بروايته وان كان مذهبه فاسدا ، وان كان هو المشهور فهو الثقة.

(وما) ورد عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل به القرح أو الجرح فلا يستطيع ان يربطه ولا يغسل دمه قال : يصلى ولا يغسل ثوبه كل يوم إلا مرّة فإنه لا يستطيع ان يغسل ثوبه كل ساعة (٥) (مع ضعفه) كما ترى ـ محمول على الاستحباب ، ذكره في الاستبصار والمنتهى أيضا مع عدم ظهور القائل.

فالظاهر من المجموع عموم العفو ، مع عدم ما يدل على نجاسة مطلق الدم ، فالأصل والاستصحاب أيضا مؤيد.

واعلم ان في مفهوم هذه الاخبار دلالة على وجوب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن للصلاة ونجاسة الدم في الجملة فافهم.

(واما دليل) العفو عن مطلق النجاسة مما لا يتم فيه صلاة الرجل مطلقا اى ما يستر القبل والدبر (فأخبار) غير معتبرة السند لكنها مؤيّدة بقول الأصحاب ، بل بإجماعهم ، فإن صحّة الصلاة في مثله في الجملة ممّا لا خلاف فيه بينهم على

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ حديث ٧ من أبواب النجاسات.

(٢) يعنى التعبير بالصحيحة في المنتهى.

(٣) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٤) يعنى لو كان المراد بابى بصير هو يحيى بن القاسم ففيه قولان ولو كان المراد من هو المشهور اعنى ليث المرادي فهو ثقة فقوله ره فقال في الخلاصة جواب شرط.

(٥) الوسائل باب ٢٢ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الظاهر.

وأحسن مستندهم واعمه رواية عبد الله بن سنان عمن أخبره عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال : كلما كان على الإنسان أو معه ممّا لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس ان يصلى فيه وان كان فيه قذر مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك (١).

وبعض الأصحاب اقتصر على ما سمى في الرواية غير الكمرة (٢) وهو أبو الصلاح ، وزاد الصدوقان العمامة ـ ووجههما غير ظاهر للفظ (مثل) و (ما أشبه) وكون العمامة ممّا تستر ، الا ان تحمل على ما لا يستر.

والمصنف شرط في المنتهى كون ما لا يتم ممّا كان من جنس اللباس وفي محلّه فلا تصح الصلاة في مثل الدراهم النجسة ولا في التكة إذا كانت في غير محلها بان يكون في العاتق وكأنه مذهب المصنف وهنا أيضا ولهذا قيد بقوله (في محالّها).

ولعل دليله ثبوت العفو حينئذ بالإجماع وعدم ثبوت مستند غيره لعدم صحة هذا الخبر ، وهو الذي يدل على الأعم ، ولقوله (عمن أخبره) (٣) ، ولوجود (على بن الحسن) كأنه ابن الفضال الفطحي لقوله : (عن العباس بن معروف أو غيره).

وفيه تأمّل لأنّ البعض اختصر على بعض ما في الرواية والمصنف يعمّم ويشترط المحل واللبس ، فما اختاره ليس بإجماع الا ان يقول بعدم اعتباره وانعقاد الإجماع دونه ، فهو مشكل.

وأيضا استدل على مذهبه بالرواية المتقدمة فقط وهي خالية عن

__________________

(١) الوسائل باب ٣١ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

(٢) الكمرة هي الحفاظ ـ وفي كلام بعض اللغويين الكمرة كيس يأخذها صاحب السلس (مجمع البحرين).

(٣) وسنده هكذا ـ المفيد ره عن محمد بن ، احمد بن داود ، عن أبيه ، عن على بن الحسين (الحسن خ ل) ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن احمد بن يحيى ، العباس بن معروف أو غيره ، عن عبد الرحمن بن ابى نجران عن عبد الله بن سنان وعن أخبره إلخ.

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

القيدين (١) وان أشعرت باللباس لكنها كالصريحة في عدم اشتراط المحل لقوله (أو معه).

ويمكن ان يقال : عدم ذكر ابى الصلاح مثل غير ما في الرواية إلا الكمرة لا يدل على عدم قوله بعفو غيره ، فيحتمل قوله بالعموم فيحتمل الإجماع ، وبعض عمّم كما هو ظاهر الرواية ، ولو كانت صحيحة لتعين ذلك ، وكذا لو كان مستند الإجماع تلك الرواية ، ولكن وقوع الخلاف يدل على العدم الا ان الخلاف غير ظاهر لان عدم ذكر البعض لا يدل عليه كما مرّ وما اختاره المصنف أقرب الى الاحتياط لعدم ثبوت الرواية وكونها مستندة للإجماع مع ثبوت وجوب الإزالة ولكن تعميمه في جميع ما لا يتم ممّا ليس عليه دليل واضح لعدم ثبوت الإجماع عليه وعدم عمله على إطلاقها فتأمل فكأنها (فإنها ـ خ ل) مشكلة ،

وما ثبت وجوب الإزالة عن كل شي‌ء إلّا بالإجماع ولا إجماع في أمثال ما نحن فيه ، فلا يبعد القول بالعموم ، لثبوت العفو في اللباس في المحلّ من غير خلاف ظاهر على ما يظهر ، وعدم ثبوت وجوب الإزالة عن غيره مثل الدراهم والسلاح مع عموم هذه الرواية المعمولة المقبولة في الجملة.

(ورواية) حماد بن عثمان عمن رواه ، عن ابى عبد الله عليه السلام في الرجل يصلى في الخف الذي قد اصابه القذر فقال : إذا كان ممّا لا يتم فيه الصلاة فلا بأس (٢) (فيها) اشعار بالعموم والعلّة.

وهذه غير صحيحة كما ترى ، وان قال في بحث لباس المنتهى صحيحة صفوان (٣) وليس بصحيح (٤) كما يظهر من التهذيب والمختلف (وبحث العفو)

__________________

(١) وهما المحل واللبس.

(٢) الوسائل باب ٣١ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٣) فإن للرواية طريقين يصلان الى حماد بن عثمان عمن رواه (أحدهما) بطريق صفوان (وثانيهما) بطريق محمد بن يحيى الصيرفي.

(٤) يعنى ان التعبير بالصحيحة ليس بصحيح كما يظهر عدم وصفها بالصحة من تهذيب الشيخ والمختلف والمنتهى للمصنف رحمه الله في مسئلة العفو عن نجاسة ما لا تتم وسندها كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ـ وعن محمد بن يحيى الصيرفي ، عن حماد بن عثمان ، عمن رواه ، عن ابى عبد الله عليه السلام إلخ.

٣٣٢

ولا بد من العصر إلّا في بول الرّضيع ، وتكتفي المربيّة للصبي بغسل ثوبها الواحد في اليوم مرّة.

______________________________________________________

من المنتهى أيضا. ورواية زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال : كل ما كان لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بأن يكون عليه الشي‌ء مثل القلنسوة والتكة والجورب (١).

وقال في المنتهى : صحيحة ، وفي صحتها وصراحتها تأمّل ـ لوجود على بن أسباط (٢) وان كان مقبولا في الخلاصة ، ولعدم التصريح بوجود النجاسة. وقال في المنتهى : وفي الصحيح ، عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال : كلما كان لا يجوز فيه الصّلاة وحده فلا بأس.

هذه مثلها ، بل ما رأيتها في موضع ، غير بحث لباس المنتهى وهو أعرف فتأمل وتألّم حتى يفرّج الله.

(واما) دليل وجوب العصر في غير بول الرضيع إذا غسل بالقليل فيما يمكن ذلك فيه مثل الثياب مع عدم العسر والمشقة كالثخين من المحشو والجلود (فهو) ان الماء الملاقي للنجاسة المحكوم بنجاسته لا يخرج الا بالعصر فيجب لتطهير المحل.

و (فيه) انه لا يتم الا على القول بنجاسة المستعمل فيها قبل الانفصال فلا يتم على مذهب من لم يكن عنده نجسا ، وانه ينجس بعد الانفصال كالمصنف.

ورواية (٣) الحسين بن ابى العلاء في الكافي والتهذيب ، عن ابى عبد الله عليه السلام (الى قوله) : وسألته عن الصبي يبول على الثوب قال : تصب عليه الماء قليلا ثم تعصره (٤).

__________________

(١) ئل باب ٣١ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٢) فان سند الحديث كما في التهذيب هكذا : محمد بن على بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن على بن أسباط ، عن على بن عقبة ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام إلخ.

(٣) عطف على قوله : فهو ان الماء إلخ.

(٤) ئل باب ٣ حديث ١ من أبواب النجاسات.

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قال في المنتهى انه حسن ، وما أعرف وجهه لأن في الطريق (١) على بن الحكم ، وعلى تقدير كونه هو الثقة كما هو الظاهر ، فالحسين غير معلوم التوثيق ، وعلى تقدير توثيقه أيضا كما يعلم من رجال ابن داود فالخبر صحيح لا حسن.

وفي الدلالة أيضا تأمل ، لأن بول الصبي مطلقا لا يجب عندهم عصره ، ويشعر قوله عليه السلام : (تصب عليه الماء قليلا) إلى انه هو الرضيع ، والا فلا ينبغي (قليلا) ، ومع ذلك فيحتاج الى التقييد ، ويؤيده الحسنة الآتية.

وأيضا قد استدل بالأخبار الواردة بالغسل سيما حسنة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبي قال : تصب عليه الماء فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلا (٢).

وفي صحيحة البقباق (٣) ـ فاغسله ـ اى مع الرطوبة ـ (وان مسحه جافا فاصبب عليه الماء) قال في المنتهى : الغسل في الثوب انما يفهم منه صبّ الماء مع العصر (انتهى).

وذلك غير واضح ، (ولهذا) يقال : (غسلته ولكن ما عصرته) (ولعدم) وجوبه في الماء الجاري مع صدق الغسل فيمكن انه لم يجب العصر لخلو الأخبار الواردة في التطهير عنه مع بيان العدد ، وفي تركه مع الوجوب محذور الإغراء وتأخير البيان ، (ولصدق) امتثال الأمر بالتطهير والغسل بالآية والأخبار على تقدير الغسل بدونه (ولعدم) وجوب الدلك في البدن في الغسل والوضوء وهو بمنزلة العصر للثياب (ولعدم) وجوبه بالاتفاق في الجلود والثقيل من الحشايا مع بقاء الماء النجس.

ولا معنى للحكم بالطهارة بمجرد العسر ، بل ينبغي إيجابه مهما أمكن أو العفو.

__________________

(١) فان سند الحديث كما في الكافي هكذا : محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ، عن على بن الحكم ، عن الحسين بن ابى العلاء.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب النجاسات قال : والغلام والجارية في ذلك شرع سواء.

(٣) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ان أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وان مسّه جافّا فاصبب عليه الماء ، قلت : ولم صار بهذه المنزلة؟ قال : لأن النبي (ص) أمر بقتلها ـ الوسائل باب ١٢ حديث ١ من أبواب النجاسات.

٣٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا معلوم عدم خروج جميع ما فيه بالعصر العرفي فإنه إذا عصره من ليس له قوّة كثيرة ثم عصره أقوى منه يخرج ماء كثير.

والاكتفاء بما يصدق عليه العصر في الجملة ، والحكم بالطهارة ثم بالنجاسة مشكل (ولعدم) انفكاك بدن الإنسان وغيره عن بقيّة الماء المستعمل مثل الخشب ممّا لا يشترط فيه العصر لعدم دخول الماء فيه ، فإنه على تقدير وجوب العصر في غيرها ينبغي وجوب ازالة الماء منها أيضا.

وبالجملة وجوب العصر ، ما نجد له دليلا الا الحكم بنجاسة الماء الموجود فيه مع إمكان إخراجه ، ولا يمكن الا بالعصر ، ولكن لا يتم ، لمنع عدم إمكان إخراجه إلا بالعصر والقول بها أيضا مشكل لما فهم من المحذورات (١) سيّما الحكم بطهارة البدن بعد الغسل بالماء القليل وعدم اشتراط التيبيس ، وكذا الظروف وغيرها ، والأصل ودليل الحرج والسمحة السهلة ، مؤيّد عظيم فيمكن تأويل أدلة نجاسة القليل بتخصيصها بغير حال التطهير ، للجمع.

فحينئذ لا بد من اشتراط وروده على النجاسة والا فلا معنى للفرق بمجرد القصد كما اعتبره الشافعي في أحد قوليه ، وردّه المصنف في المنتهى واعتبر الورود كما هو في قوله الآخر وقول السيد.

(وفيه) أيضا بعد ، للزوم طهارة الماء مع وروده على النجاسة لغير التطهير ، ولعدم الدليل الصالح مع صدق أدلة التطهير مع العدم وتركه في الأدلة قرينة تامة على العدم.

وكذا عدم ظهور الورود على كل اجزاء المغسول ، بل انما يكون ذلك في بعض الاجزاء من المتنجس أول وروده سيما في الظروف وبهذا ردّه في الذكرى.

والحاصل ان مسئلة المستعمل والعصر من مشكلات الفن يفتح الله على حلّه.

__________________

(١) يعنى المحذورات الثمانية المذكورة آنفا بقوله قده : ولهذا يقال (الى قوله) : ولعدم انفكاك بدن الإنسان إلخ.

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم انه لا شك لنا في طهارة الثوب بعد العصر وان بقي فيه شي‌ء كالبدن وجميع ما لا يجب عصره فلا يبعد تعيينه لحصول يقين الطهارة ، إذ لا يحصل بدونه ، وان بقي بعض الاستبعادات فلا يضر لأن أمثالها كثيرة ومجابة بالتعبد المحض في باب الطهارة والنجاسة (أو) ارتكاب مذهب المصنف (أو) الطهارة مع التخصيص المتقدم (١) (أو) القول بنجاسة المستعمل والتزام اشتراط خروجه لطهارة المحلّ على اى وجه كان فتأمل.

ثم ان الظاهر انه لا يجب الدلك بل يستحب ، ويفهم من المنتهى الوجوب أوّلا ثم اختيار الاستحباب ، ولا يبعد كون العصر كذلك للجمع.

والظاهر عدم وجوبه في الثخين لعدم القول به ، ولما مرّ ولكن على تقدير النجاسة مشكل.

وان المتنجس (٢) يطهر ولو بغسل بعضه في القليل ، لما يفهم من قول المنتهى إجماع الأصحاب حيث نقل الخلاف عن بعض العامّة قال : لو غسل بعض الثوب النجس طهر المغسول دون غيره وهو قول أكثر أهل العلم وقال بعض الشافعيّة لا يطهر (الى قوله) : والجواب ان هذا خيال ضعيف ، وكذا قال في الذكرى.

ويمكن جعل صحيحة إبراهيم بن ابى محمود (في الكافي والتهذيب) دليلا عليه ـ قال : قلت للرضا عليه السلام : الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع (بهما (في الكافي) وبه (في التهذيب) فهو ثخين كثير الحشو؟ قال : يغسل ما ظهر منه في وجهه (٣).

وهذا دليل على عدم عصر الثقيل أيضا ، وأيضا يدل على الطهارة صدق الغسل المأمور به ، ودليل السريان خيال ضعيف كما قال فيهما ، ويلزم نجاسة العالم بنجاسة جزء مّا حال الرطوبة.

وقد فهم منها عدم وجوب الدق بدل العصر كما قاله في المنتهى ـ ،

__________________

(١) بقوله : آنفا فيمكن تأويل أدلة نجاسة القليل بتخصيصها بغير حال التطهير.

(٢) عطف على قوله انه لا يجب الدلك يعنى الظاهر ان المتنجس إلخ.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب النجاسات.

٣٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا قال فيه ان هذه الرواية حسنة ورأيتهما صحيحة فيهما.

واما بول الصبي ففيه روايتان (إحداهما) رواية حسين ابى العلاء المتقدمة (١) ، والظاهر منها وجوب العصر مطلقا كما عرفت (والثانية) حسنة الحلبي قال : سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبي قال : تصبّ عليه الماء وان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلا ، والغلام والجارية في ذلك شرع سواء (٢).

وقيد الصبي الذي لم يأكل بعدم تجاوز الحولين ، وعدم زيادة أكله على لبنه.

والظاهر من الرواية من (ان) و (قد ـ خ ل) (٣) انه يكفى صدق الأكل عرفا لوجوب الغسل لعدم المعنى الشرعي (شرعا ـ خ ل) وصدق الصبي على الكل.

وهذه تدل على الاكتفاء بمجرد صب الماء في بول الصبي الذي لم يأكل ويحتاج الى الغسل في الذي أكل وفي الصبية ، فيحتمل ان يكون المراد بالصب رش الماء واستيعابه محلّ البول من غير جريان ، و (بالغسل) الاستيعاب مع الجريان أو مع الدلك أو التقليب وحملوه على العصر وهو كما ترى.

واستدلّوا بها على وجوب العصر مطلقا حتى في بول الجارية لغلظ نجاسته حتى قيل بنجاسة اللبن الذي يشربها لرواية ضعيفة مشتملة على وجوب الغسل عن بولها دون بوله ونجاسة لبنها (٤).

وحمل عدم الغسل عن بوله على عدم العصر ، ويحتمل ما مرّ (٥) ، والردّ للضعف ، ولاشتمالها على ما يبعد في الشرع من نجاسة لبنها لعسر الاحتراز على الام ، وأمر الشارع بأكل النجس دائما ، ويحتمل الاستحباب أيضا.

ثم انه يحتمل عدم الفرق بينهما كما هو الظاهر من الرواية الا ان يكون

__________________

(١) ئل باب ٣ حديث ١ من أبواب النجاسات.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من أبواب النجاسات.

(٣) فإنه عليه السلام قال : فان كان قد أكل إلخ حيث اتى بلفظة (ان) و (قد).

(٤) عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال : لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل ان يطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها ، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ، ولا من بوله قبل ان يطعم ، لان لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين ـ ئل باب ٣ حديث ٤ من أبواب النجاسات.

(٥) من قوله فيحتمل ان يكون المراد إلخ.

٣٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

إجماعا ، وما نعرفه.

والعجب فرقهم مع هذه الرواية والعمل بالضعيف مع التأويل وحذف بعضها ، ولعلهم حملوا قوله عليه السلام في الرواية : (شرع سواء) على الغسل في الصبي مع الأكل ومطلق الجارية ، وهو لا يخلو عن بعد.

ثم انه على تقدير عدم وجوب العصر يلزم طهارة كل ما يصل اليه الماء القليل مثل القرطاس والطين والحجر ذي المسامّ والفواكه المكسورة ، وهذا (١) أحد أدلته لأنه يلزم الحرج والضرر المنفي عقلا وشرعا ومناف للشريعة السمحة ويلزم تضييع المال ، لأن في أكثر الأوقات لا يوجد الجاري والكثير سيما في الحجاز في أوائل الإسلام ، وفي البراري عند أهل الجمل والغنم والجلود التي تقبل الماء كثيرا بل قد تقبل أكثر من بعض الفواكه المكسورة وغيرها ممّا حكم بعدم تطهيرها بالقليل ، بل لا يبعد ذلك مع الوجوب أيضا لما قالوا في الثخين لما مرّ (٢)

وبالجملة الشريعة السهلة السمحة تقتضي طهارة كل شي‌ء بالماء مطلقا مع أدلة مطهريّة الماء الّا ما تيقن عدم تطهيره به (مع ندرة تنجسه مثل الماء القليل) بنصّ أو إجماع ونحوه ، فان المقدار الباقي من الماء المستعمل في هذه الأشياء (٣) ليس بأكثر ممّا يبقى في الثياب بعد العصر المعتدل والبدن والجلود الناعمة ، والحذاء مع حكمهم بالطهارة به.

وليس ذلك بأبعد من اللّحم والشحم النجس مع قولهم بالطهارة بالقليل ، ويعلم من المنتهى جواز تطهير اللحم المطبوخ الذي مرقه نجس بالقليل ، لكن بعد ثلاث غسلات مع تيبيسه بعد كل غسلة ـ وكأنّ التيبيس بقوله : (بالعصر) وكذا الحبوب مثل السمسم والحنطة والخشب إذا تنجس.

ولا يخلو اشتراط التيبيس من بعد ، فان الظاهر نجاسة باطنها ولا ينفع

__________________

(١) يعنى لزوم طهارة المذكورات أحد أدلة عدم لزوم العصر في المتنجسات.

(٢) من قوله قده في أول هذه المسئلة : فهو ان الماء الملاقي إلخ.

(٣) يعني القرطاس والطين إلخ.

٣٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

التيبيس ولو قيل بطهارته بوصول الماء القليل فلا يحتاج الى التيبيس فيكون كالرطوبة الباقية في الثوب بعد العصر ، نقل ذلك عن بعض العامة ثم قال : وهو الأقوى عندي لأنه قد ثبت ذلك في اللحم مع سريان النجاسة فيه ، فكذا ما ذكرناه.

ولعله (١) إشارة إلى رواية زكريا بن آدم قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير قال : يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب ، واللحم اغسله وكله (٢).

وهي لا تدل على اشتراط ثلاث غسلات مع التيبيس ، فيحتمل ان يكون ذلك عند العامّة لا عنده الا ان الرواية ليست بصريحة في القليل ، ولكن يقتضيه إطلاقها مع قلة الكثير (٣) ويؤيّده ما مر فتأمل.

فحينئذ يمكن القول بطهارة كل شي‌ء بالقليل الا النادر ، ولكن منع من طهارة العجين بالماء النجس ، وكذا الصابون والحبوب المنقع في الماء النجس ولا يبعد طهارة ظاهرها بالقليل والكثير وعدم طهارة باطنها بهما الا ان يعلم الوصول الى الباطن فتأمل.

(واما) دليل اكتفاء المرأة المربيّة للصبي بالمرة الواحدة في اليوم والليلة في غسل ثوبها فهو الرواية الضعيفة المنجبرة بالشهرة والعمل ، والعسر والحرج ولو تحقق الإجماع فيثبت المطلوب ، والا فالعمل بها مشكل.

وعلى التقدير لا ينبغي التعدي عن محل ورودها والرواية (عن ابى عبد الله عليه السلام قال : سئل عن امرأة ليس لها الا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال : تغسل القميص في اليوم مرّة (٤).

كأنه يريد بالمولود مطلق المولود ذكرا كان أو أنثى ، وبالقميص مالها ضرورة إليها ، وباليوم أوقات جميع الصلوات الخمس ـ الله يعلم ـ ولا ينبغي

__________________

(١) يعني قوله : قد ثبت ذلك ، في اللحم اشارة إلخ.

(٢) الوسائل باب ٣٨ صدر حديث ٨ من أبواب النجاسات.

(٣) يعنى مع كون وجود الماء الكثير قليل الوجود غالبا في ذلك الزمان.

(٤) الوسائل باب ٤ حديث ١ من أبواب النجاسات.

٣٣٩

وإذا علم موضع النّجاسة غسل ، وان اشتبه غسل جميع ما يحصل فيه الاشتباه ولو نجس احد الثّوبين واشتبه غسلا ومع التّعذر تصلّي الواحدة فيهما مرّتين.

وكلّ ما لاقى النجاسة برطوبة نجس ، ولا ينجس لو كانا يابسين.

______________________________________________________

التعدي إلى المربّي ، ولا إلى الغائط ولا سائر النجاسات ولا البدن.

واما دليل قوله : وإذا علم إلخ فظاهر وعليه الرواية (١) أيضا.

واما دليل وجوب غسل الثوبين إذا نجس أحدهما واشتبه ، وكذا دليل الصلاة الواحدة في المتعدد من الثياب مع الاشتباه (فكأنه) عدم تيقن برأيه الذمّة إلا بذلك.

ونظيره اهراق الإنائين المشتبهين والتيمم ، ولعله إجماعي كما ادعى (٢) في النظير ، والا فمحلّ التأمل ، وعدم الجزم بالنيّة (مدفوع) بما مرّ.

واما نجاسة الملاقي مع الرطوبة ، فمع كثرتها أو طول زمان الملاقاة بحيث يكتسب من النجاسة غالبا ، فظاهر.

وكذا عدم تعدى النجاسة مع اليبوسة ، وبه الرواية الصحيحة حتى في بدن الحمار الميّت (٣) وقد مر ، نعم قد ورد في بعض الروايات ، النضح مع اليبوسة في مثل الكلب (٤) فالظاهر ان المراد هو الاستحباب ، وكذا مع الشك في وصول النجاسة إليه أم لا وينبغي عدم ترك ما ورد في الرواية الصحيحة وترك ما يتخيل.

(واما) ذكره (٥) غسل الثوبين المشتبهين بعد تسليم سبق ما يمكن

__________________

(١) بل روايات عديدة فلا حظ الوسائل باب ٧ من أبواب النجاسات.

(٢) مضافا الى موثقة عمار عن ابى عبد الله (ع) قال : سأله عن رجل معه إناء ان وقع في إحداهما قذر لا يدرى أيهما هو وليس يقدر على ماء غيرهما قال : يهريقهما جميعا ويتيمم ومثله حديث سماعة ـ الوسائل باب ٤ من أبواب التيمم وباب ٨ حديث ١٤ وباب ١٢ حديث ١ من أبواب الماء المطلق.

(٣) صحيح على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميّت هل يصلح له الصلاة فيه قبل ان يغسل؟ قال : ليس عليه غسله ويصلى (وليصل خ ل) فيه ـ ولا بأس ـ الوسائل باب ٢٦ حديث ٥ من أبواب النجاسات.

(٤) صحيح على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : سألته عن الرجل وقع ثوبه على كلب ميّت قال : ينضحه بالماء ويصلى فيه ولا بأس (الباب المذكور حديث ٧).

(٥) يعنى ذكر المصنف رحمه الله بقوله : ولو نجس احد الثوبين واشتبه غسلا جميعا بعد ما ذكر أوّلا

٣٤٠