غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٤

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٤

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-560-1
الصفحات: ٤٠٠

الفقه كتاب الزكاة كتاب الخمس

كتاب الزكاة

وفيه مقدّمة وبابان :

٢١
٢٢

أمّا المقدّمة

فالزكاة في اللغة : الطهارة ، والزيادة ، والنموّ (١).

وفي الشرع : اسم لحقّ يجب في المال يعتبر في وجوبه النصاب ، هكذا في المعتبر (٢) ، والكلام في تصحيح عكسه وطرده غير مهمّ.

وهي قسمان : زكاة المال ، وزكاة الفطرة.

والمشهور أنّه ليس في المال حقّ واجب غيرهما وغير الخمس (٣).

وذهب الشيخ في الخلاف إلى وجوب ما يخرج يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث ، ويوم الجذاذ من الحفنة بعد الحفنة ، واحتجّ عليه بإجماع الفرقة وأخبارهم ، وبقوله تعالى (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (٤) و (٥).

لنا : الأصل ، وعدم الدليل على الوجوب.

وما ادّعاه من الإجماع غير معلوم ، وما يستفاد من فتاوى علمائنا ليس إلا القدر الراجح

__________________

(١) النهاية لابن الأثير ٢ : ٣٠٧ ، المصباح المنير ١ : ٢٥٤.

(٢) المعتبر ٢ : ٤٨٥.

(٣) انظر التذكرة ٥ : ١١ ، والمدارك ٥ : ١٢ ، والحدائق ١٢ : ١٥.

(٤) الأنعام : ١٤١.

(٥) الخلاف ٢ : ٥ مسألة ١.

٢٣

أو صريح الاستحباب.

وأمّا الأخبار ؛ فهي مع كثرتها لا دلالة فيها على الوجوب ، كما لا يخفى على من لاحظها (١) ، فهي محمولة على الاستحباب ، كما تدلّ عليه رواية معاوية بن شريح ، عن الصادق عليه‌السلام : «في الزرع حقّان ، حقّ تؤخذ به ، وحقّ تعطيه ، أمّا الّذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر ، وأمّا الّذي تعطيه فقول الله عزوجل (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) يعني : من حضرك الشي‌ء بعد الشي‌ء» ولا أعلمه إلا قال : «الضغث بعد الضغث حتّى تفرغ» (٢).

وحسنة زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير أيضاً ظاهرة في ذلك (٣).

وأمّا الآية ؛ فقد أُجيب عنها بأنّ المراد منها الزّكاة ، فإنّ الظّاهر من قوله (وَآتُوا حَقَّهُ) إيجاب ما علم ثبوته ، لا إيجاب شي‌ء بهذا اللّفظ.

ويخدشه (يَوْمَ حَصادِهِ) ، فيحتاج إلى تأويل الإيتاء بالعزم عليه حينئذٍ والاهتمام به ، وهو ليس بأولى من إخراج الإضافة عن ظاهرها الذي هو العهد ، سيّما مع قوله تعالى (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٤).

فإنّ الإسراف لا معنى له في المقدّر الذي هو الزكاة كما وردت الرواية بذلك ، وأشار إليه السيّد في الانتصار (٥).

وتشير إليه صحيحة البزنطي أيضاً ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا) قال : «كان أبي يقول : من الإسراف في الحصاد والجذاذ أن يصّدّق الرجل بكفّيه جميعاً ، وكان أبي إذا حضر شيئاً من هذا ، فرأى أحداً

__________________

(١) لاحظ الوسائل ٦ : ١٣٤ أبواب زكاة الغِت ب ١٣.

(٢) الكافي ٣ : ٥٦٤ ح ١ ، الوسائل ٦ : ١٣٤ أبواب زكاة الغِت ب ١٣ ح ٢ ، وفيهما : حتّى يفرغ. ومعاوية بن شريح لم يثبت توثيقه (انظر معجم رجال الحديث رقم ١٢٤٤٨).

(٣) الكافي ٣ : ٥٦٥ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٦ ح ٣٠٣ ، الوسائل ٦ : ١٣٤ أبواب زكاة الغِت ب ١٣ ح ١. في قوله تعالى (وَآتُوا حَقَّهُ ...) قال أبو جعفر عليه‌السلام : هذا من الصّدقة تعطي المسكين القبضة بعد القبضة ، ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة.

(٤) الأنعام : ١٤١.

(٥) الانتصار : ٧٦.

٢٤

من غلمانه يتصدّق بكفّيه ، صاح به : أعطِ بيد واحدة ، القبضة بعد القبضة ، والضغث بعد الضغث من السنبل» (١).

غايته لزوم الإجمال في الآية حينئذٍ ، ولا يضرّ ؛ لبيان أهل البيت عليهم‌السلام «عند الحاجة ، فحينئذٍ لا يلزم إلا خروج الأمر عن ظاهره ، وهو لا يضرّ إذا دلّت عليه الأخبار المبيّنة له ؛ إذ كما أنّ تلك الأخبار تصير بياناً للمجمل ، تصير قرينة للمجاز أيضاً ، وممّا يدلّ على الاستحباب عدم تحديده تحقيقاً.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٦٦ ح ٦ ، الوسائل ٦ : ١٣٩ أبواب زكاة الغلات ب ١٦ ح ١.

٢٥
٢٦

الباب الأوّل

في زكاة المال

٢٧
٢٨

وهي واجبة بالإجماع والكتاب والسنّة.

بل هي من ضروريّات الدين ، يرتدّ منكرها ، ويُقتل إذا كان عن فطرة ، ولا تقبل توبته ظاهراً ، إلا أن يكون في حقّه شُبهة.

والآيات والأخبار الدالّة على ثوابها وفضيلتها والعقاب على تركها والتشديد والتأكيد في أمرها من الكثرة بحيث لا يحتاج إلى الذكر والبيان.

وكفاها فضيلة اقترانها بالصلاة التي هي أفضل الأعمال ، وشرط قبول سائر الأعمال ، وعمود فسطاط الدين ، المعدود تاركها من الكفّار في الآيات المتعدّدة الدالّة على أنّها مثلها في ذلك.

وفيه مقاصد :

٢٩

المقصد الأوّل

فيمن تجب عليه الزكاة

وهو : البالغ ، العاقل ، الحرّ ، المالك ، المتمكّن من التصرّف.

وفيه مباحث :

الأوّل : لا تجب الزكاة على الطفل

أمّا في الذهب والفضّة فإجماعاً ؛ وللأصل ، وعدم شمول العمومات إيّاهم ؛ لعدم التكليف ، ولا لأوليائهم بالنسبة إلى أموالهم ؛ لتبادر أموال أنفسهم منها (١).

وللأخبار المستفيضة ، مثل صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «ليس في مال اليتيم زكاة» (٢) ومثلها صحيحة محمّد بن مسلم (٣) وغيرها (٤).

وصحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام ، قال ، قلت له : في مال اليتيم ، عليه زكاة؟

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٦ ح ٦٢ ، الوسائل ٦ : ٥٥ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ٨.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٦ ح ٦١ ، الوسائل ٦ : ٥٥ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ٧. سألته عن مال اليتيم ، فقال : ليس فيه زكاة.

(٤) الوسائل ٦ : ٥٥ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ٤ ، ٦.

٣٠

فقال : «إذا كان موضوعاً فليس عليه زكاة ؛ فإذا عملت به فأنت ضامن ، والرّبح لليتيم» (١) ، وسيجي‌ء غيرها.

نعم المشهور المدّعى عليه الإجماع من المعتبر استحباب إخراج الزكاة من ماله إذا اتّجر له الوليّ (٢) ؛ للأخبار المستفيضة ، مثل حسنة محمّد بن مسلم قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : هل على مال اليتيم زكاة؟ قال : «لا ، إلا أن يتّجر به ، أو يعمل به» (٣) ورواية سعيد السّمّان (٤) وموثّقة يونس بن يعقوب (٥) كلّها في الكافي ، ورواية محمّد بن الفضل في التهذيب (٦).

وظاهر المفيد الوجوب (٧) ، ولكن الشيخ قال : إنّ مراده الاستحباب ؛ لأنّ الزكاة في مال التجارة ليست بواجبة على البالغ ، فالصبيّ أولى (٨).

ونفى ابن إدريس الزكاة رأساً (٩) ، ومال إليه صاحب المدارك ، استضعافاً لسند الأخبار ودلالتها (١٠).

أقول : أمّا السند ، فالحسن والموثّق حجّتان كما حُقّق في محلّه ، سيّما مع ورودهما في الكافي ، وتلقّي الأصحاب لهما بالقبول.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٤ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٢٦ ح ٦٠ ، الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ١.

(٢) المعتبر ٢ : ٤٨٧.

(٣) الكافي ٣ : ٥٤١ ح ٣ ، الوسائل ٦ : ٥٧ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٢ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٥٤١ ح ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٧ ح ٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٩ ح ٨٣ ، الوسائل ٦ : ٥٧ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٥٤١ ح ٧ ، التهذيب ٤ : ٢٧ ح ٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٩ ح ٨٤ ، الوسائل ٦ : ٥٥ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ٥.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٧ ح ٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٩ ح ٨٥ ، الوسائل ٦ : ٥٥ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٢ ح ٤ ، سألت الرّضا عليه‌السلام عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم هل تجب على مالهم زكاة؟ فقال : لا تجب في مالهم زكاة حتّى يعمل به.

(٧) المقنعة : ٢٣٨.

(٨) التهذيب ٤ : ٢٧ تعليقة ح ٦٤.

(٩) السرائر ١ : ٤٤١.

(١٠) المدارك ٥ : ١٨.

٣١

وأمّا الدلالة ، فكون كلمة «على» في مفهوم الحسنة ، والأمر بالتزكية في الموثّقة ورواية محمّد بن الفضل ونحوهما ظاهر في الوجوب لا يضرّ مع اقتضاء الجمع بين الأخبار حملها على الاستحباب ، سيّما مع الشهرة والإجماع المنقول.

وتؤيّدها الأخبار الواردة في علّة مقدار الزكاة ، وملاحظة حال الفقراء ، والأغنياء ؛ والنسبة بينهم (١) ، فإنّ مقتضاها تعلّق حقّهم بأموال الأغنياء مطلقاً ، ولذلك قيل بالوجوب هنا (٢) ، وفي الغِت والمواشي أيضاً كما سيجي‌ء.

فكأنّ ثبوت الزكاة في أموال اليتامى في الجملة لا ينبغي التأمّل فيه ، خرج النقدان بالإجماع ؛ وبقي الباقي.

ومقتضى الثبوت الوجوب على الوليّ ؛ لأنّه من الأحكام الوضعيّة بالنسبة إلى اليتيم ؛ كما تتعلّق به من الجنايات. ولكن الأخبار (٣) والإجماعات المنقولة دعتنا إلى القول باستحباب الإخراج ، وأنّ ذلك حقّ في أموالهم غير محتوم.

وأمّا الغِت والمواشي فالمشهور فيهما الاستحباب (٤) ، بمعنى أنّه يستحبّ للوليّ أن يخرجها من ماله وإن أمكن تعلّق الاستحباب به أيضاً إذا كان مميّزاً ، بناءً على كون عباداته شرعيّة كما هو الأصحّ ، إلا أنّ كونه محجوراً عليه يمنع عن ذلك في العبادات الماليّة ، وتبقى البدنيّة تحت الإمكان والصحّة ، إذا كان مميّزاً عاقلاً.

وأوجبها الشيخان (٥) وأتباعهما (٦) ؛ لصحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم عن الباقر والصادق» ، أنّهما قالا : «مال اليتيم ليس عليه في العين والصامت شي‌ء ، وأمّا

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣ أبواب ما تجب فيه الزّكاة ب ١.

(٢) المقنعة : ٢٣٨.

(٣) الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١.

(٤) منهم المحقّق في الشّرائع ١ : ١٢٨ ، والعلامة في إرشاد الأذهان ١ : ٢٧٨ ، والتذكرة ٥ : ١٤ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٥٨.

(٥) الشيخ المفيد في المقنعة : ٢٣٨ ، والشيخ الطوسي في النّهاية : ١٧٥.

(٦) كأبي الصلاح في الكافي في الفقه : ١٦٥ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٦٨ ، وابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٦٧.

٣٢

الغلات فإنّ عليه الصدقة واجبة» (١) وفي بعض النسخ «الدين» بدل العين.

وهي معارضة بموثّقة أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام ، أنّه قال : سمعته يقول : «ليس في مال اليتيم زكاة ، وليس عليه صلاة ، وليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلّة زكاة» (٢) الحديث. وهي مع اعتضادها بالأصل والعمل والعمومات الصحيحة النافية للزكاة عن مال اليتيم (٣) راجحة على الصحيحة ، سيّما مع منع ثبوت الحقيقة الشرعيّة في لفظ الوجوب ، فيحمل على الاستحباب.

وحمل الشيخ الموثّقة على أنّ المراد : ليس على جميع غلاته زكاة ، بل إنّما هي على البعض ، وهي الغِت الأربع (٤) ، وهو بعيد جدّاً.

ولو لا الشهرة العظيمة في الاستحباب ، لقلنا بانتفائها رأساً ؛ للأصل ، أو قلنا بالوجوب ؛ لهذه الصحيحة ، ولأنّه هو الموافق للعلّة الواردة في الأخبار ، كما أشرنا سابقاً ، ولكنّها مع الأصل ومنع الحقيقة الشرعيّة تؤيّد الاستحباب.

والأولى اكتفاء الوليّ بنيّة مطلق التقرّب وإسقاط الوجه.

وربّما حملت الصحيحة على التقيّة (٥) ؛ لأنّ الوجوب مذهب العامّة (٦) ، وتؤيّده رواية مروان بن مسلم ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام ، قال : «كان أبي يخالف الناس في مال اليتيم ، ليس عليه زكاة» (٧) وهي أيضاً تؤيّد عدم الوجوب.

وأمّا المواشي فلم نقف فيها على دليل ، لا وجوباً ، ولا استحباباً ، ويمكن أن يستشعر من مفهوم الوصف في الصحيحة المتقدّمة ، ولكنّ الاعتماد عليه مشكل ، سيّما

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩ ح ٧٢ ، الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩ ح ٧٣ ، الاستبصار ٢ : ٣١ ح ٩١ ، الوسائل ٦ : ٥٦ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ١١.

(٣) الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١.

(٤) التهذيب ٤ : ٣٠ تعليقة ح ٧٣.

(٥) كما في الحدائق ١٢ : ١٩.

(٦) المغني لابن قدامة ٢ : ٦٠٢.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٧ ح ٦٣ ، الوسائل ٦ : ٥٦ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ٩.

٣٣

مع العمومات (١) ، وقوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) (٢).

واعلم أنّ لفظ اليتيم في كلامهم موافقاً للأخبار بناءً على الغالب ، وإلا فالحكم ثابت لمطلق المولود الغير البالغ دون الحمل ، والظاهر أنّه كذلك الحكم بعد البلوغ وقبل الرّشد.

والمتولّي لإخراج الزّكاة هو الوليّ الشرعيّ ، ومع فقده فيمكن ثبوت هذا الحكم لآحاد العدول من المؤمنين ، كما يجوز لهم التّصرّف في ماله مع المصلحة إذا تعذّر الوليّ. كما احتمله المحقّق الأردبيلي رحمه‌الله مع تأمّل فيه (٣).

فائدتان :

الأولى : إذا نقل الوليّ مال الصغير إلى ذمّته بالقرض ونحوه ، واتّجر لنفسه ، فتستحبّ له الزكاة لصيرورته من فروع زكاة مال التجارة ، وسيجي‌ء دليل الاستحباب.

واشترطوا في جواز ذلك للولي الملاءة ، أي كونه مالكاً لما ساوى مال الطفل زائداً على مستثنيات الدين وقوت يوم وليلة له ولمن تجب عليه نفقته.

والأولى تفسيرها بما يقدر به على أداء المال لو تلف بحسب حاله كما قيل (٤) ، فتكفي في ذلك القوّة والحرفة والوجه ، ولكنّ الأخبار الواردة فيه تدلّ على اشتراط وجود المال ، مثل صحيحة ربعي بن عبد الله (٥) ، ورواية أسباط بن سالم (٦) وغيرهما (٧).

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ١٨٠ أبواب ما يكتسب به ب ٧٠.

(٢) الأنعام : ١٥٢.

(٣) مجمع الفائدة ٤ : ١٢.

(٤) المدارك ٥ : ١٨.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٤١ ح ٩٥٥ ، الوسائل ١٢ : ١٩١ أبواب ما يكتسب به ب ٧٥ ح ٣ في رجل عنده مال ليتيم فقال : إن كان محتاجاً ليس له مال فلا يمسّ ماله ، وإن هو اتّجر به فالربح لليتيم وهو ضامن.

(٦) الكافي ٥ : ١٣١ ح ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٤١ ح ٩٥٤ ، الوسائل ١٢ : ١٩١ أبواب ما يكتسب به ب ٧٥ ح ٤. قلت : أخي أمرني أن أسألك عن مال يتيم في حجره يتّجر به؟ قال : إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم إن تلف أو أصابه شي‌ء غرمه ، وإلا فلا يتعرّض لمال اليتيم.

(٧) الوسائل ١٢ : ١٩٠ أبواب ما يكتسب به ب ٧٥.

٣٤

واستثنوا من ذلك الأب والجدّ ، فجوّزوا لهما الاقتراض مع العسر واليسر ، ولم يظهر له مخالف ، واستشكله في المدارك (١).

ولعلّ دليلهم : الأخبار الكثيرة الواردة في أنّ الابن وماله لأبيه (٢) ، ولكنّها مقيّدة بصورة الاضطرار والاحتياج ، كما نطق به بعضها (٣).

ويمكن دفع ذلك : بأنّ التقييد إنّما يفيد تقييد التصرّف مجّاناً وبلا عوض بصورة الاضطرار ؛ لا مطلقاً ، فيبقى عمومها في غير ذلك على حاله ، والأخبار كثيرة لا نطيل بذكرها.

ويؤيّد ما ذكرنا من الدفع ما ورد في الأخبار من أنّ الأُمّ لا يجوز لها الأخذ إلا قرضاً على نفسها ، بخلاف الأب ، مثل حسنة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل لابنه مال فيحتاج الأب ، قال : «يأكل منه ، فأمّا الأُمّ فلا تأكل منه إلا قرضاً على نفسها» (٤).

فإنّ الظاهر منها جواز الأخذ مجّاناً فوق مقدار نفقته الواجبة ؛ لأنّ الأُمّ أيضاً واجبة النفقة ، فجواز الاستقراض للأب يثبت بطريق الأولى.

الثانية : إذا اتّجر غير الوليّ أو الوليّ الغير المليّ بماله لنفسه فهو ضامن للمال لأنّه غاصب حينئذٍ.

وعليه تُحمل صحيحة الحلبيّ المتقدّمة (٥) وما في معناها (٦) ، ولكن الإشكال في

__________________

(١) المدارك ٥ : ١٩.

(٢) الوسائل ١٢ : ١٩٤ أبواب ما يكتسب به ب ٧٨.

(٣) انظر الكافي ٥ : ١٣٥ ح ٢ ، والتهذيب ٦ : ٣٤٣ و٣٤٤ ح ٩٦٢ ، ٩٦٣ ، والاستبصار ٣ : ٤٨ ح ١٥٨ ، ١٥٩ ، والوسائل ١٢ : ١٩٥ أبواب ما يكتسب به ب ٧٨ ح ٢ ، ٦.

(٤) الكافي ٥ : ١٣٥ ح ١ ، التهذيب ٦ : ٣٤٤ ح ٩٦٤ ، الاستبصار ٣ : ٤٩ ح ١٦٠ ، الوسائل ١٢ : ١٩٦ أبواب ما يكتسب به ب ٧٨ ح ٥.

(٥) الكافي ٣ : ٥٤٠ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٢٦ ح ٦٠ ، الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١ ح ١.

(٦) الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١.

٣٥

معنى قوله عليه‌السلام «والربح لليتيم» ومطابقة فتواهم لهذه العبارة ، فإنّ المعاملة إذا كانت منهيّة فاسدة ، فلا يحصل الانتقال ، بل يرجع مال كلّ من الطرفين إلى صاحبه ، ويتبعه نماؤه ، فربح المبيع بعين مال اليتيم كيف يتعلّق باليتيم.

وربّما يقيّد ذلك : بأنّ المراد إذا كان المشتري وليّاً أو أجازه الوليّ مع مصلحة الطفل.

وفيه : أنّ المحذور لم يندفع في الأوّل ، إلا أن تُعتبر الإجازة من جانب الطفل ثانياً (١).

ولعلّ إطلاق الرواية مبنيّ على أنّ البيع من العاقل واقع غالباً على جهة المصلحة ، وأنّ قلب مال الطفل أيضاً كان مصلحة للطفل ، بمعنى كونه أصلح من إبقائه على حاله ، وإن كان أخذ الوليّ إيّاه لنفسه مخالفاً للمصلحة من جهة عدم الملاءة ، فإذا وقعت معاملة في ماله كانت موافقة لصلاحه ، فيجب على الوليّ إمضاؤها له ؛ لأنّه يجب عليه ملاحظة غبطته ، ولهذا قال الإمام عليه‌السلام : «والربح لليتيم» يعني : يجب عليه إمضاؤها لليتيم ليكون الربح له ، وتبع الفقهاء الرواية نظراً إلى ذلك ، هذا.

وربّما يُستشكل في تصحيحها بإجازة الوليّ أيضاً ؛ لأنّها لم تقع للطفل ابتداء ، بل وقعت لغير من تجوز له على وجهٍ منهي عنه.

وفيه : أنّه مبنيّ على انحصار صحّة الفضوليّ فيما لو نوى الفضولي البيع لمالكه.

والظاهر أنّه يجري في الغاصب أيضاً ، نظراً إلى الدليل ، وسيجي‌ء بيانه في محلّه.

ولا زكاة هنا على المتصرّف ؛ لبطلان تجارته ، ولأعلى الطفل ، وعلّل بعدم مقارنة قصد الاكتساب للطفل حين التّملّك كما هو شرط في مال التجارة كما سيجي‌ء.

وربّما يدفع : بأنّها حاصلة على القول بكون الإجازة جزء السبب لا كاشفة.

أقول : والأقوى كونها كاشفة ، ولكنّه يمكن استفادة استحبابها من صحيحة الحلبيّ المتقدّمة بمعونة ملاحظة مفهوم أوّلها ، وهو ظاهر مختار جماعة من

__________________

(١) يعني : بعد أن أوقع الشّراء لنفسه يجيزه بقصد الطفل.

٣٦

المتأخّرين (١) ، والمسألة محلّ إشكال.

الثاني : لا تجب الزكاة في مال المجنون

للأصل ، وعدم شمول الإطلاقات له (٢) ؛ لعدم التكليف ولا خلاف في ذلك في النقدين إلا أن يتّجر به الوليّ ، فتستحبّ فيه ؛ لصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : امرأة من أهلنا مُختلطة ، عليها زكاة؟ فقال : «إن كان عمل به فعليها زكاة ، وإن لم يعمل فلا» (٣) وقريب منها رواية موسى بن بكر (٤).

ونحملهما على الاستحباب ؛ لعدم القول بالوجوب ، ولعدم الوجوب في أصل مال التجارة ، ففيه أولى.

وأوجب الشيخان الزكاة في غلاته كالطفل (٥) ، ولم نقف على مُستندهما.

ثمّ إنّ الحكم في المطبق واضح ، وأمّا ذو الأدوار فعن التذكرة اشتراط الكمال طول الحول ، فلو جُنّ في أثنائه سقط واستأنف من حين عوده (٦).

واستشكله في المدارك ، واستقرب تعلّق الوجوب في حال الإفاقة ؛ لعدم المانع من توجّه الخطاب إليه (٧).

أقول : الخطابات المشروطة إنّما تتعلّق بالمكلّفين ، فالخطاب بالزكاة بشرط حؤول الحول يتعلّق بالمكلّف ، ولا بدّ من اعتبار مبدأ الحول في حال التكليف ؛ لعدم التكليف

__________________

(١) كالشهيد الأوّل في البيان : ٢٧٧ ، والدّروس ١ : ٢٢٩ ، والشهيد الثاني في الروضة البهيّة ٢ : ١٢ ، وصاحب المدارك ٥ : ٢٠.

(٢) الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ١.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٠ ح ٧٥ ، الوسائل ٦ : ٥٩ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٣ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٥٤٢ ح ٣ ، التهذيب ٤ : ٣٠ ح ٧٦ ، الوسائل ٦ : ٥٩ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٣ ح ٢. سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن امرأة مصابة ولها مال في يد أخيها هل عليه زكاة؟ فقال : إن كان أخوها يتّجر به فعليه زكاة.

(٥) الشيخ المفيد في المقنعة : ٢٣٨ ، والشيخ الطوسيّ في النهاية : ١٧٤ ، والمبسوط ١ : ١٩٠ ، ٢٣٤ ، والخلاف ٢ : ٤٠ مسألة ٤٢.

(٦) التذكرة ٥ : ١٦.

(٧) المدارك ٥ : ١٦.

٣٧

قبله ، لا بمراعاة الشرط ولا المشروط ، والجنون قاطع للحول ، فلا بدّ من إعادته.

وأمّا السهو والغفلة والنوم فلا تقطع الحول ؛ لعدم انفكاكها عن المكلّف غالباً.

وأمّا الإغماء فجعله في التذكرة قاطعاً للحول (١) ، ولعلّه ناظر إلى قدرته ، وإلا فالمغمى عليه كالنّائم والنّاسي ليس بأهل للتكليف.

نعم ، يمكن القول بعدم التكليف الابتدائي في النائم والناسي أيضاً ، وتظهر الثمرة فيما لو انتقل إليه المال في حال النوم أو الغفلة ، فيعتبر تمام الحول من حين يقظته واستشعاره ، لأمن حين الانتقال إليه ؛ كما في البالغ ، فإنّه يستأنف الحول من حين البلوغ كما هو ظاهر المتأخّرين (٢).

الثالث : ليس على المملوك زكاة

أمّا على القول بأنّه لا يملك فلا إشكال ؛ لاشتراط الملك كما سيأتي إجماعاً.

وأمّا على القول بالتملّك مطلقاً أو على بعض الوجوه فالأظهر أيضاً العدم ؛ لصحيحة عبد الله بن سنان (٣) ، وحسنته (٤).

وقيل بالوجوب عليه حينئذٍ (٥) ؛ لصدق الملك ، والعمومات (٦). وهو مدفوع بأنّها مخصّصة بالروايتين.

وأمّا مسألة تملّك العبد فالمشهور فيها على ما في التذكرة العدم (٧) ، ونسب في

__________________

(١) التذكرة ٥ : ١٦ ، قال : لأنّه تكليف ، وليس من أهله.

(٢) الحدائق ١٢ : ٢٠ ، الرّياض ٥ : ٤٢.

(٣) الفقيه ٢ : ١٩ ح ٦٢ ، الوسائل ٦ : ٦٠ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٤ ح ٣ عن مال المملوك أعليه زكاة؟ فقال : لا ، ولو كان له ألف ألف درهم.

(٤) الكافي ٣ : ٥٤٢ ح ١ ، الوسائل ٦ : ٥٩ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٤ ح ١. قال : ليس في مال المملوك شي‌ء ولو كان له ألف ألف ، ولو احتاج لم يُعط من الزّكاة شيئاً.

(٥) المعتبر ٢ : ٤٨٩ ، المنتهي ١ : ٤٧٢.

(٦) الوسائل ٦ : ٥٤ أبواب ما تجب فيه الزّكاة ب ١.

(٧) التّذكرة ٥ : ١٦.

٣٨

المسالك القول بالملك في الجملة إلى الأكثر (١) ، وهو الأظهر ، لا لما ورد من أنّ مال العبد داخل في البيع على تقدير علم البائع به ، وعدمه على تقدير العدم (٢) ، وكذلك ما ورد في ذلك إذا أعتقه (٣) كما يتوهّم ؛ إذ العلم والجهل لا مدخليّة لهما في التصرّف في مال الغير.

وكونه محجوراً عليه بيد المولى لا يوجب جواز بيع ماله ورفع اليد عنه في صورة العتق ، بل الظاهر منها أنّ ما معه لمالكه ، وعلمه به يدلّ على رضاه بذلك ، بخلاف صورة الجهل.

بل لعمومات ما دلّ على تملّك سائر الناس لأموالهم (٤).

ولخصوص صحيحة عمر بن يزيد في أنّه يملك فاضل الضريبة (٥) ، وموثّقة إسحاق بن عمّار في أنّه يملك ما أعطاه مولاه بإزاء أن يحلّله من ضربه إيّاه. وكلّ ما صدر منه من إيذاء أو تخويف أو ترهيب (٦) ، وصحيحة الفضيل بن يسار (٧) وحسنة أبي جرير (٨).

وقيل : إنّه يملك فاضل الضريبة وأرش الجناية (٩) ؛ ويدلّ على أوّلهما صحيحة

__________________

(١) المسالك ٣ : ٣٨٢.

(٢) الوسائل ١٣ : ٣٢ أبواب بيع الحيوان ب ٧.

(٣) الوسائل ١٦ : ٢٨ كتاب العتق ب ٢٤.

(٤) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٢ ح ٩٩ ، وص ٤٥٧ ح ١٩٨ ، وج ٢ : ١٣٨ ح ٣٨٣ ، وج ٣ : ٢٠٨ ح ٤٩.

(٥) الكافي ٦ : ١٩٠ ح ١ ، الوسائل ١٣ : ٣٤ أبواب بيع الحيوان ب ٩ ح ١. قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا أدّى إلى سيّده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك.

(٦) الفقيه ٣ : ١٤٦ ح ٦٤٤ ، الوسائل ١٣ : ٣٥ أبواب بيع الحيوان ب ٩ ح ٣.

(٧) التهذيب ٨ : ٢٤٦ ح ٨٨٧ ، الوسائل ١٦ : ٥٥ كتاب العتق ب ٥١ ح ١. قال السندي لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي قلت لمولاي : بعني بسبعمائة درهم وأنا أعطيك ثلاثمائة درهم ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : إن كان يوم شرطت لك مال فعليك أن تعطيه.

(٨) الكافي ٦ : ١٩١ ح ٥ ، التهذيب ٨ : ٢٢٤ ح ٨٠٦ ، الوسائل ١٦ : ٢٩ كتاب العتق ب ٢٤ ح ٥ ، عن رجل قال لمملوكه : أنت حرّ ولي مالك ، قال : لا يبدأ بالحريّة قبل المال ، يقول : لي مالك وأنت حرّ ، برضا المملوك ، فإنّ ذلك أحبّ إليّ.

(٩) حكاه في المبسوط ١ : ٢٠٦ ، والمنتهى ١ : ٤٧٢ ، واختاره في الأوّل في المختصر ١ : ١٣٢ ، ونهاية المرام ٢ : ٢٦٨.

٣٩

عمر بن يزيد.

وأمّا الدليل على حجره فلعلّه الإجماع ، ولا وجه لتأمّل بعض المتأخّرين فيه (١) ، سيّما مع ملاحظة حسنة عبد الله بن سنان المتقدّمة عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «ليس في مال المملوك شي‌ء ولو كان له ألف ألف ، ولو احتاج لم يعطَ من الزكاة شي‌ء» (٢).

وصحيحته عنه عليه‌السلام ، قال : سأله رجل وأنا حاضر عن مال المملوك ، أعليه زكاة؟ قال : «لا ، ولو كان ألف ألف درهم» (٣) وهما أيضاً تدلّان على التملّك ؛ لظاهر الإضافة.

وأمّا دليل القول بالعدم مطلقاً : فهو قوله تعالى (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ) (٤) و (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) (٥).

ودلالتهما على خلاف المقصود أظهر ، فإنّ الظاهر من الوصف التقييد لا التوضيح ، ومفهومه التملّك.

سلّمنا ، لكنّ المراد لعلّه كونه محجوراً عليه في نفسه وماله ، ولا نزاع فيه.

وكذلك الآية الثانية ، فإنّ عدم شراكتهم في مال المولى لا يدلّ على عدم تملّكهم ، بل المفهوم يُشعر بالتملّك.

وهذا الحكم يشمل المكاتب المشروط عليه والمطلق الّذي لم يتحرّر منه شي‌ء ؛ لعموم الروايتين ، وخصوص رواية أبي البختري (٦) المنجبر ضعفها (٧) بعمل الأصحاب ، مؤيّداً بعدم تماميّة الملك ؛ لكونه ممنوعاً عن التصرّف ، وسيجي‌ء بيان اشتراطه.

__________________

(١) مجمع الفائدة ٤ : ١٧.

(٢) الكافي ٣ : ٥٤٢ ح ١ ، الوسائل ٦ : ٥٩ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٤ ح ١

(٣) الفقيه ٢ : ١٩ ح ٦٢ ، الوسائل ، ٦ : ٦٠ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٤ ح ٣.

(٤) النحل : ٧٥.

(٥) الروم : ٢٨.

(٦) الكافي ٣ : ٥٤٢ ح ٤ ، الوسائل ٦ : ٦٠ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٤ ح ٥ ، ليس في مال المكاتب زكاة.

(٧) فإنّ الراوي أبا البختري هو وهب بن وهب ، وهو عاميّ ضعيف (انظر معجم رجال الحديث رقم ١٣٩٤٣).

٤٠