غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٤

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٤

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-560-1
الصفحات: ٤٠٠

الفقه كتاب الزكاة كتاب الخمس

المقصد الثالث

في مصرف الزكاة

هو ما وصفه الله تعالى في قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) (١) الآية.

وفيه مباحث :

الأوّل : اختلف الأصحاب كأهل اللغة في ترادف الفقير والمسكين وتغايرهما ، وكون الأوّل أسوأ حالاً من الثاني ، وبالعكس ، وغير ذلك ؛ على أقوال ، ليس لأكثرها ما يعتمد عليه.

والأظهر : كون المسكين أسوأ حالاً من الفقير ، وأنّه المحتاج الّذي يسأل ، والفقير هو المحتاج الّذي لا يسأل ، كما نصّ عليه الصادق عليه‌السلام في حسنة أبي بصير (٢) ، وأحدهما» في صحيحة محمّد بن مسلم (٣).

__________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) الكافي ٣ : ٥٠١ ح ٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ ح ٢٩٧ ، الوسائل ٦ : ١٤٤ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١ ح ٣ ، قال : الفقير الّذي لا يسأل النّاس ، والمسكين أجهد منه.

(٣) الكافي ٣ : ٥٠٢ ح ١٨ ، الوسائل ٦ : ١٤٤ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١ ح ٢ ، قال : الفقير الّذي لا يسأل ، والمسكين الّذي هو أجهد منه الّذي يسأل.

١٢١

وتظهر ثمرة النزاع فيما لو نذر أن يعطي شيئاً للفقير أو المسكين ، أو أوصى لأحدهما.

وأمّا على القول بوجوب البسط على الأصناف الثمانية أو نذر أن يبسطها عليهم فلا ثمرة ؛ إذ يكفي الإيصال إلى الصنفين المترددين بين الاسمين ، وإن لم يعرفهما متعيّناً. نعم يلزم وجود الصنفين المتردّدين.

وقال في المسالك : متى ذكر أحدهما دخل فيه الأخر بغير خلاف كما في أية الكفارة (١) ، وإنّما الخلاف فيما لو اجتمعا كاية الزكاة (٢) لا غير (٣).

والظاهر أنّ مراده من دخول أحدهما في الأخر : كفاية إعطاء كلّ منهما عن الأخر ، فإنّه لا معنى للوفاق والخلاف في حقيقتهما في المواضع ، والخلاف في أية الزكاة لعلّه إنّما هو من بعض العامّة.

الثاني : الحدّ الّذي يسوّغ أخذها للصنفين هو أن لا يملك مئونة سنة من ربح ماله ، أو حاصل ضيعته ، أو من أصل ماله الّذي هو غير مستغلّ ، ورأس ماله الّذي هو مدار معيشته ؛ كما يستفاد من ملاحظة الجمع بين الأخبار.

فلو كانت ضيعته التي يكفي حاصلها في كلّ سنة لمئونة سنته ، ولكن قيمتها تساوي مئونة أكثر من سنة له ؛ لا يجب بيعها وصرفها ، بل يحبسها ويصرف حاصلها في مئونته ، ويجوز له أخذ الزكاة مع ذلك لو قصر عنها ، وكذلك دابّة المكاري والجمل الّذي يستقي به.

وأمّا لو كان له ضيعة لا يستغلّ بها مثلاً ، وكانت قيمتها مساويةً لمئونة سنته فلا يجوز له أخذ الزكاة ، فيبيعها ويصرفها.

__________________

(١) المجادلة : ٥.

(٢) التوبة : ٦٠.

(٣) المسالك ١ : ٤٠٩.

١٢٢

وهذا هو حاصل ما يستفاد من الأخبار الكثيرة ، مثل صحيحة معاوية بن وهب (١) ، وموثّقة سماعة (٢) ، ورواية أبي بصير (٣) وغيرها من الأخبار الكثيرة (٤). والمستفاد من كلمات أصحابنا المتأخّرين ، وهو الجامع بين كلاميهم ، أحدهما : أنّ الغني من ملك من الأموال ما يكون قدر كفايته لمئونته طول سنته على الاقتصاد ، والآخر : ما ذكروه من جواز تناول الزكاة لمن كان له مال يتعيّش به أو ضيعة يستغلّها إذا كان يعجز عن استنماء الكفاية.

ويدلّ على أنّ من ملك مئونة سنته لا يجوز له أخذ الزكاة روايات ، منها حسنة أبي بصير في الكافي (٥) ، وروايتان مذكورتان في المقنعة (٦) والعلل (٧).

وقال في الخلاف : الغنيّ من ملك نصاباً تجب فيه الزكاة أو قيمته (٨) ، ومقتضاه أنّ من كان له نصاب واحد لا يكفيه في شهر ليس بفقير.

وقال في المبسوط ما حاصله : إنّ الغنى أن يكون قادراً على كفايته وكفاية من تلزمه كفايته على الدوام ولو بحرفة وصنعة تردّ عليه كفايته (٩).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٦١ ح ٦ ، الوسائل ٦ : ١٦٤ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١٢ ح ١ ، عن الرجل له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها ، أيكبّ فيأكلها ولا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة؟ قال : لا ، بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله ويأخذ البقيّة من الزّكاة ويتصرّف بهذه لا ينفقها.

(٢) الفقيه ٢ : ١٧ ح ٥٧ ، الوسائل ٦ : ١٦١ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١٩ ح ١ ، عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ فقال : نعم ، إلا أن تكون داره دار غلّة فيدخل له ما يكفيه لنفسه وعياله ، فإن لم تكن الغلّة تكفيه.

(٣) الكافي ٣ : ٥٦٠ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ١٨ ح ٥٨ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٤ ، وفيه : إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزّكاة ، وإن كان أقلّ من نصف القوت أخذ الزكاة.

(٤) انظر الوسائل ٦ : ١٦٤ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١٢.

(٥) الكافي ٣ : ٥٦٠ ح ١ ، وانظر الوسائل ٦ : ١٥٨ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ١ ، وفيها : يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إلى أن قال ولا يأخذها إلا أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفدها في أقلّ من سنة.

(٦) المقنعة : ٢٤٨ ، الوسائل ٦ : ١٥٨ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ١٠ وفيها : عن أبي عبد الله عليه‌السلام يقول : تحرم الزّكاة على من عنده قوت السنة.

(٧) علل الشرائع : ٣٧٠ ، الوسائل ٦ : ١٦٠ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٦ ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لا تحلّ الزّكاة لمن له خمسون درهماً وله حرفة يقوت بها عياله.

(٨) الخلاف ٢ : ١٤٦ مسألة ١٨٣ ، ونقله عنه العلامة في التذكرة ٥ : ٢٤٠.

(٩) المبسوط ١ : ٢٥٦.

١٢٣

ومقتضاه : أنّ من كان له من المال ما يكفيه سنين متعدّدة من غير ما يتعيّش به من رأس المال ويستغلّ به من العقار فهو فقير يجوز له أخذ الزكاة ، وهو بعيد ، ولذلك قال في المختلف : إنّ مراده بالدوام هنا مئونة السنة (١) ، وقول الخلاف أيضاً ضعيف.

وربّما يستدلّ له : بما روي عنهُ أنّه قال لمعاذ : «أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، وتردّ في فقرائهم» (٢) وهو ضعيف سنداً ودلالة (٣) ، ولعلّ إطلاق الغنيّ هنا محمول على الغالب ، أو اصطلاح جديد فيمن تجب عليه الزكاة ، فلا ينافي إطلاق الفقير عليه من جهة معناه العرفيّ واللغويّ.

ثمّ إنّ من يقدر على اكتساب ما يمون به عياله ، كسباً لائقاً بحاله ، لا يوجب ارتكابه عسراً وحرجاً ، والمحترف كذلك ؛ غنيّ وإن لم يحصل عنده بالفعل ما يكفيه على المشهور الأقوى ؛ لأنّه ليس بفقير عرفاً ، ولحسنة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ، سمعته يقول : «إنّ الصدقة لا تحلّ لمحترف ، ولا لذي مِرّة سويّ قويّ ، فتنزّهوا عنها» (٤).

وروى صاحب معاني الأخبار في الصحيح عن زرارة عنه عليه‌السلام قال : قال رسول اللهُ : «لا تحلّ الصدقة لغنيّ ، ولا لذي مرّة سويّ ، ولا لمحترف ، ولا لقويّ» ثمّ قال ، قلت : ما معنى هذا؟ قال : «لا يحلّ له أن يأخذها وهو يقدر على أن يكفّ نفسه عنها» (٥).

قال : وفي حديث آخر عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال ، قال رسول اللهُ : «لا تحلّ الصدقة

__________________

(١) المختلف ٣ : ٢١٤.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٣٠ ، الجامع لأحكام القرآن ٨ : ١٧٤.

(٣) وقال في المدارك ٥ : ١٩٦ والجواب عن الرواية بالطعن في السند ، فإنّها إنّما وردت من طريق الجمهور فتكون ساقطة ، وثانياً بمنع الدلالة ، إذ من الجائز أن يكون المراد بالأغنياء المزكّين اعتباراً بالأكثر ، أو يقال : إنّ الغنى الموجب للزكاة غير الغنى المانع من أخذها وإطلاق اللّفظ عليهما بالاشتراك اللّفظي.

(٤) الكافي ٣ : ٥٦٠ ح ٢ ، المقنعة : ٢٤١ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٢. المرّة : القوّة ، والسويّ : من اعتدلت خلقته.

(٥) معاني الأخبار : ٧٦ ، الوسائل ٦ : ١٦٠ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٨.

١٢٤

لغنيّ» ولم يقل : ولا لذي مِرّة سويّ (١). وروى مضمون الحديث الأخير في الفقيه (٢).

وروى في الكافي في الصحيح عن معاوية بن وهب قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يروون عن النبيّ أنّ الصدقة لا تحلّ لغنيّ ولا لذي مِرّة سويّ ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا تصلح لغنيّ» (٣).

ويمكن أن يكون الوجه في هذه الأخبار : أنّ «الغنيّ» يكفي عن القويّ ، وعن ذي مِرّة سويّ ، فلا حاجة إلى التكرار. وربّما يحمل نفي الأخير على التقيّة.

وقيل : يجوز إعطاؤها للمكتسب من غير اشتراط قصور كسبه ؛ لأنّه غير واجد للكفاية وغير مالك للنصاب (٤). ولا يخفى ضعفه بعد ما تقدّم.

ويجوز للمكتسب أخذها إذا وجب عليه التفقّه الغير المجامع للكسب ؛ لوجوبه مطلقاً. والظاهر أنّه كذلك أيضاً في القدر الكفائيّ من الاجتهاد وتحصيل مبانيه ، فإنّ هذا الفنّ يحتاج دائماً إلى اشتغال جماعة في تحصيله ؛ لكثرة السوانح الرادعة ، وحصول الفوت قبل البلوغ إلى المقصد لكثير ، فقد ترى في كلّ زمان جمعاً كثيراً في كلّ بلد مشتغلون في تحصيل هذا الشأن ، ومع ذلك لا يكمل منهم مقدار ما يكفي العوام.

فلا يمكن أن يقال : يسقط الواجب الكفائي بتحصيل رجل واحد واشتغاله أو اثنين أو ثلاثة ، سيّما مع عدم استعداد كلّ منهم استعداداً يغلب على الظنّ بلوغه مرتبة الاجتهاد.

ثمّ إنّ المكتسب لو قصر كسبه عن كفايته ، جاز له الأخذ إجماعاً ، بل ويجوز أخذه مقدار الغنى وأزيد منه دفعة كسائر الفقراء ، ولا يجب الاقتصار على المتمّم على

__________________

(١) معاني الأخبار : ٧٦ ، الوسائل ٦ : ١٦٠ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٩.

(٢) الفقيه ٣ : ١٠٩ ح ٤٥٨ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٥.

(٣) الكافي ٣ : ٥٦٢ ح ١٢ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٣.

(٤) حكاه عن بعض أصحابنا في الخلاف ٤ : ٢٣٠.

١٢٥

المشهور ؛ لإطلاق الأخبار الدالّة على ذلك.

ولا ينافيها مفهوم صحيحة معاوية بن وهب المتقدّمة ، مع أنّها وردت فيمن قصر نفع تجارته من مئونته ، لا في ذي الكسب القاصر.

الثالث : لا يمنع الفقير من أخذ الزكاة كونه صاحب دار أو خادم لائقين بحاله ، إذا كان شأنه أن يكون له خادم ، أو اضطرّ إليه ؛ لزمانته ورفع حاجته ، ولا يكلّف بقبول بذل الدار والخدمة من غيره ، ولا بالاستيجار وبيع داره وخادمه.

وألحق بهما في التذكرة فرس الركوب وثياب التجمّل ، قال : ولا نعلم فيه خلافاً ، لإمساس الحاجة إلى هذه الأشياء ، وعدم الخروج بها عن حدّ الفقر إلى الغني (١).

ويدلّ على خصوص الدار والعبد والأمة والجمل أخبار ، مثل موثّقة سماعة (٢) وصحيحة عمر بن أُذينة عن غير واحد (٣) ، ورواية عبد العزيز (٤).

والظاهر أنّ مثل ما ذكر الفُرش والظروف والآلات الضروريّة اللائقة بحاله ، وكتب العلم المحتاج إليها ؛ لصدق الفقر معها ، وللعلّة المنصوصة في رواية عمر بن أُذينة «أنّ الدار والخادم ليسا بمال».

ولا فرق في الدار بين الرفيع العالي القيمة والوضيع ، وكذلك العبد والأمة وغيرهما إذا لم يخرج عمّا يليق به ، ولا يؤمر ببيعها وشراء ما يرفع حاجته ؛ للأصل ،

__________________

(١) التذكرة ٥ : ٢٧٥ مسألة ١٨٨.

(٢) الكافي ٣ : ٥٦٠ ح ٤ ، الفقيه ٢ : ١٧ ح ٥٧ ، الوسائل ٦ : ١٦١ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٩ ح ١ ، وصدره في التهذيب ٤ : ١٠٧ ح ٣٠٨ ، عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ قال : نعم ..

(٣) الكافي ٣ : ٥٦١ ح ٧ ، الفقيه ٢ : ١٧ ح ٥٦ ، التهذيب ٤ : ٥١ ح ١٣٣ ، الوسائل ٦ : ١٦٢ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٩ ح ٢. عن الرجل له دار أو خادم أو عبد ، يقبل الزكاة؟ قال : نعم ، إنّ الدار والخادم ليس بمال.

(٤) الكافي ٣ : ٥٦٢ ح ١٠ ، الوسائل ٦ : ١٦٢ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٩ ح ٣ عمّن له دار تسوي أربعة آلاف درهم ، وله جارية ، وله غلام يستقي على الجمل كلّ يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل ، وله عيال ، إله أن يأخذ من الزكاة؟ قال : نعم ، قال : وله هذه العروض؟ قال : يا أبا محمّد تأمرني أن آمره ببيع داره وهي عزّه ومسقط رأسه ، أو ببيع جاريته الّتي تقيه الحرّ البرد وتصون وجهه ووجه عياله ، أو آمره ببيع غلامه أو جَمَله وهو معيشته وقوته؟! بل يأخذ الزكاة فهي له حلال ولا يبيع داره ولا غلامه ولا جَمَله.

١٢٦

وإطلاق النصوص ، ونفي العسر والحرج.

نعم ، لو كان له زيادة يمكن بيعها مستقلا وترفع حاجته حولاً من دون عسر فالأظهر الوجوب عليه.

قيل : ولو فقد المذكورات واحتاج إليها استثنيت له أثمانها ، وكذلك ما يحتاج إليه (١) في التزويج لو احتاج إليه ، وهو حسن.

الرابع : لو ادّعى أحد الفقر وجُهل حاله ؛ فالمعروف من مذهب الأصحاب بل الظاهر من الفاضلين الإجماع عليه أنّه يُصدّق من دون بيّنة ويمين ، قويّاً كان أو ضعيفاً (٢) ، لأنّ أفعال المسلمين وأقوالهم محمولة على الصحّة والصدق ، ولأنّ الدعوى موافقة للأصل ، وقبولها موافق لنفي العسر والحرج.

ونقل في المبسوط في قبول دعوى القويّ الحاجة لأجل عياله قولين ، ثانيهما عدم القبول ، إلا بالبيّنة وجعله أحوط (٣) ، وقال في المختلف : الظاهر أنّ القائل من الجمهور (٤).

وكيف كان فالمذهب هو الأوّل ، ويدلّ عليه أيضاً ما رواه في الكافي ، عن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء رجل إلى الحسن والحسين» وهما جالسان على الصفا فسألهما ، فقالا : «إنّ الصدقة لا تحلّ إلا في دَين موجع ، أو غرم مفظع ، أو فقر مدقع ، ففيك شي‌ء من هذا؟» قال : نعم ، فأعطياه (٥) الحديث.

وممّا يدلّ على القول الأخر : أنّ الله تعالى أوجب إيصال الزكاة إلى الفقير ، وهو اسم لما هو كذلك في نفس الأمر.

__________________

(١) كما في المدارك ٥ : ٢٠١.

(٢) المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٦٨ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٥٢٦ ، والتذكرة ٥ : ٢٤٥ مسألة ١٦٥.

(٣) المبسوط ١ : ٢٤٧.

(٤) المختلف ٣ : ٢٢٣.

(٥) الكافي ٤ : ٤٧ ح ٧ ، الوسائل ٦ : ١٤٥ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١ ح ٦ ، وهي ضعيفة السند بالإرسال وغيره.

١٢٧

ويدفعه : أنّ هذا الظاهر يقوم مقام العلم ، والظاهر أنّ قيامه مقام العلم لا يختصّ بصورة العجز عن العلم ، كما في سائر أفعال المسلمين وأقوالهم ، فلا يتمّ أن يقال : إنّ الأصل يقتضي تحصيل العلم ، ومع العجز عنه يرجع إلى الظنّ.

ثمّ إنّ الظاهر : أنّ الحكم لا يتفاوت إذا كان له أصل مال (١) ، وعن الشيخ : أنّه لا يقبل إلا باليمين للاستصحاب (٢).

وربّما نقل منه القول بتكليف البيّنة (٣) ، والأوّل أظهر ، سيّما إذا كان عدلاً أو ظهر صدقه من الأمارات.

الخامس : لا يجب إعلام الفقير أنّها زكاة ، فيجوز الإعطاء على سبيل الصّلة والهديّة في الظاهر ، وقال في التذكرة : إنّه لا نعرف فيه خلافاً ، ويدلّ عليه بعد الأصل (٤) وأنّ النيّة هي الداعي ، وأنّه إعزاز للمؤمن ، وترك لإذلاله خصوص رواية عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، وليس في سندها من يتأمّل فيه إلا سهل ، والأمر فيه سهل ، ورواها في المقنعة مرسلةً ، ورواها الصدوق بسنده عن عاصم بن حميد ، وقال في الخلاصة : إنّه حسن لإبراهيم بن هاشم (٥) ، قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فأُعطيه من الزكاة ولا أُسمّي له أنّها من الزكاة؟ فقال : «أعطه ، ولا تسمّ له ، ولا تذلّ المؤمن» (٦) وفي مجالس ابن الشيخ أيضاً ما يعضده (٧).

__________________

(١) يعني من له أصل مال وادّعى تلفه مثلاً.

(٢) حكاه عنه صاحب المدارك ٥ : ٢٠٢ ، وقال : القول بتوقّف قبول قوله على اليمين منقول عن الشّيخ لأصالة بقاء المال ، وانظر المعتبر ٢ : ٥٦٨.

(٣) كما في المعتبر ٢ : ٥٦٨ ، وانظر المبسوط ١ : ٢٤٧.

(٤) التذكرة ٥ : ٢٨٧ مسألة ٢٠٣.

(٥) الخلاصة : ٢٧٩ ، وانظر مشيخة الفقيه ٤ : ٧٧.

(٦) الكافي ٣ : ٥٦٣ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٨ ح ٢٥ ، الوسائل ٦ : ٢١٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٥٨ ح ١.

(٧) مجالس ابن الشيخ : ٤٤٢ الجزء الخامس عشر.

١٢٨

ولا تعارض بها حسنة محمّد بن مسلم قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : الرجل يكون محتاجاً فيبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض ، أفنعطيها إيّاه على غير ذلك الوجه وهي منّا صدقة؟ فقال : «لا ، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها ، فإن لم يقبلها على وجه الزكاة ، فلا تعطها إيّاه» (١) الحديث.

وحُملت على الكراهة (٢).

وربّما حملت على كون الامتناع لعدم الاحتياج وانتفاء الاستحقاق ، وهو بعيد.

ويؤيّد الكراهة : الأخبار الدالّة على أنّ تارك الزكاة وقد وجبت له ، مثل مانعها وقد وجبت عليه ، وظاهر أكثرها التحريم.

والفرق بين الروايتين أيضاً واضح ، فإنّ الثانية مُشتملة على الامتناع وعدم القبول ، بخلاف الاولى ؛ فيُستحبّ عدم الإعلام للمستحيي الغير المانع ، ويكره الإعطاء للمترفّع الذي يمنع ويردّ ولا يقبل.

ويمكن أن يكون المنع عن الإعطاء في الثانية إذا احتاج إلى التصريح بأنّها ليست بزكاة ، والأمر بالإعطاء في الأوّل إذا حصلت الكفاية بالسكوت عن الزكاة وغيرها ، وإن كان ظاهرها يتراءى منه أنّه غير الزكاة.

وكيف كان فالمذهب الجواز ، ولكن الأحوط عدم التصريح بأنّه هديّة مثلاً.

وأحوط منه ترك قوله : إنّه ليس بزكاة ؛ لاستلزامه الكذب المحرّم.

ويحتمل تنزيل الرواية الأخيرة على ما لو احتاج إلى ذلك كما أشرنا ، فلا مانع حينئذٍ من إبقائها على ظاهرها من الحرمة.

السادس : لو ظهر كون الفقير غنيّاً ، فإن كان عالماً بأنّه زكاة وأخذ فيحرم عليه ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٦٤ ح ٤ ، الوسائل ٦ : ٢١٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٥٨ ح ٢. الذمام : حفظ الحرمة (لسان العرب مادة ذمم ١٢ : ٢٢١).

(٢) كما في المدارك ٥ : ٢٠٤.

١٢٩

ويجوز الارتجاع بعينها أو قيمتها لو تلفت ؛ لأنّه غاصب ، بل يجب لدفع المنكر.

وإن لم يكن عالماً به ، فقال في المعتبر : لا يجوز الارتجاع ؛ لأنّ الظاهر أنّها صدقة (١).

أقول : يعني أنّ الأصل وإن كان عدم الانتقال إلى الأخذ لزوماً ، ولكن لمّا كان الظاهر كونها صدقة والصدقة عقد لازم ، فالانتقال من الأخذ ثانياً يحتاج إلى دليل ، ومجرّد دعوى المعطي لا تنهض دليلاً.

وهذا الكلام يدلّ على عدم اشتراط الفقر في صحّة الصدقة ، ويدلّ عليه ما ذكروه من أنّ الهبة أعمّ من الصدقة (٢) ؛ لأجل اشتراط القربة فيها ، ولم يذكروا غير ذلك ، بل صرّح العلامة في التذكرة في أبواب العطايا بجواز الصدقة على الأغنياء للعموم ، بل يظهر منه فيها جواز نذر الصدقة على الأغنياء أيضاً (٣). وتدلّ عليه العمومات.

وروى الشيخ في مجالسه بسنده عن النبيّ ، قال : «كلّ معروف صدقة ، إلى غنّي أو فقير ، فتصدّقوا ولو بشقّ التمرة ، واتقوا النار ولو بشقّ التمرة» (٤) الحديث.

ثمّ إنّ ما ذكره حسن إذا ظهر كونها صدقة ، وأمّا مع تساوي الاحتمالين فالأصل عدم الانتقال لزوماً ، غاية الأمر كونها إباحة فيجوز الارتجاع مع البقاء.

واستقرب في التذكرة جواز الاسترجاع ؛ لفساد الدفع ، ولأنّه أبصر بنيّته (٥).

قال في المدارك : وهو جيّد مع بقاء العين وانتفاء القرائن الدالّة على كون المدفوع صدقة (٦) ، وهو كذلك.

ثمّ إنّ ما وجّهنا به كلام المعتبر إنّما يتمّ إذا لوحظ حال المرافعة والحكم الظاهريّ ، وهو وجه من وجوه عدم التمكّن كما سيأتي ، ولكن لا ينهض دليلاً على عدم جواز

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٥٦٩.

(٢) كالشهيد الثاني في الروضة البهيّة ٣ : ١٩٣.

(٣) التذكرة (الطبعة الحجريّة) ٢ : ٤٢٢.

(٤) أمالي الطوسيّ ٢ : ٧٣ ، البحار ٧١ : ٤١٠ ح ١٦ وج ٩٣ : ١٢٢ ب ٢٩ ح ١٤.

(٥) التذكرة ٥ : ٣٤٦.

(٦) المدارك ٥ : ٢٠٥.

١٣٠

الأخذ للمالك أو الإمام أو الفقير على سبيل التقاصّ مع بقاء العين.

وإن تعذّر الارتجاع فيبقى في ذمّة الأخذ إذا كان غاصباً ، ولا شي‌ء عليه إذا لم يكن كذلك.

وأمّا المعطي ، فليس عليه ضمان إذا كان هو الإمام أو نائبه ، بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهي (١) ، ولأنّ الأمر يقتضي الإجزاء ، فإنّ التكليف لم يثبت إلا بإعطاء من ظهر فقره.

وأمّا لو كان هو المالك ، ففيه أقوال (٢) ، أظهرها أيضاً ذلك ، وقيل : تجب الإعادة (٣) ؛ لأنّه دفعها إلى غير المستحقّ كالدين ، ولرواية الحسين بن عثمان ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في رجل يعطي زكاة ماله رجلاً وهو يرى أنّه معسر فوجده موسراً ، قال : «لا يجزي عنه» (٤).

وفيه : أنّ قياسه بالدين غير مسموع عندنا ، سيّما مع وجود الفارق ، والرواية مرسلة ، ولم يعلم أنّ الإرسال من جهة ابن أبي عمير الواقع في السند ، ولا تقاوم القاعدة المسلّمة ، مع أنّها غير صريحة في المطلوب ، فلعلّ رأيه أنّه معسر ، كان من غير طريق معتبر شرعاً ، كقول المسلم وفعله ، وإن كان ترك الاستفصال يؤيّد التعميم.

وفصّل الفاضلان ، فلا تجب الإعادة إذا اجتهد وتفحّص ؛ لحسنة عبيد بن زرارة (٥) ، وهي متشابهة الدلالة ، وموضع الاستدلال فيها قال ، قلت : فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثمّ علم بعد ذلك سوء ما صنع ، قال : «ليس عليه أنّ يؤدّيها مرّة أُخرى» (٦).

__________________

(١) المنتهي ١ : ٥٢٧.

(٢) القول بعدم الضمان للشيخ في المبسوط ١ : ٢٦١.

(٣) المقنعة : ٢٥٩ ، الكافي في الفقه : ١٧٣.

(٤) التهذيب ٤ : ٥١ ح ١٣٢ ، الوسائل ٦ : ١٤٨ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٢ ح ٥.

(٥) المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٦٩ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٥٢٧.

(٦) التهذيب ٤ : ١٠٢ ح ٢٩٠ ، والوسائل ٦ : ١٤٧ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٢ ح ١ ، وصدرها : قلت : رجل عارف أدّى الزكاة إلى غير أهلها زماناً ، هل عليه أن يؤدّيها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال : نعم ، قلت : فإن لم يعرف لها

١٣١

قال الشيخ : وعن زرارة مثله غير أنّه قال : «إن اجتهد فقد برئ ، وإن قصّر في الاجتهاد والطلب فلا» (١).

ويرد على الحسنة بعد تشابه الدلالة ، وأنّ الظاهر من أوّلها أنّها أعطاها لغير أهلها عالماً ، وأنّ الاجتهاد في تحصيل الأهل الأصل ، لا في معرفة الأهل أنّ حكم الإمام إنّما وقع على ما سأله السائل ، فلا يعتبر مفهومه.

وأمّا الرواية فمجهولة الحال ، مع أنّه يمكن أن يقال : يكفي في تحقّق الاجتهاد السؤال من نفس الفقير والاكتفاء بقوله ، فلا يضرّ بما اخترناه. مع أنّ الظاهر من الحسنة أنّ المراد من غير الأهل هم المخالفون ، فدلالتها على ما نحن فيه إن سلّمت بالفحوى في جانب عدم الضمان مع الاجتهاد ، فلا نسلّم ذلك في جانب الضمان مع انتفاء الطلب والاجتهاد.

وكيف كان ، فالأظهر هو القول الأوّل ، والأحوط الاجتهاد والطلب.

وأمّا لو بان كفره ، أو فسقه على القول باشتراط العدالة ، أو كونه واجب النفقة ، أو كونه هاشميّاً والدافع غير هاشميّ ، فلا يحضرني الان كلام مخالف في الإجزاء وعدم وجوب الإعادة ، إلا عن بعض العامّة ؛ لعدم الوصول إلى المستحقّ ، فيضمن كالدين (٢).

ولازم من استدلّ بالحسنة السابقة في التفصيل المتقدّم هو التفصيل هنا إن عمّمنا غير الأهل ، أو في خصوص ظهور كونه مخالفاً ، كما هو ظاهر الرواية.

وأوجب الفاضلان الإعادة لو ظهر كونه عبداً للمالك ؛ لأنّ المال لم يخرج عن ملكه بذلك (٣).

__________________

أهلاً فلم يؤدّها أو لم يعلم أنّها عليه فعلم بعد ذلك؟ قال : يؤدّيها إلى أهلها لما مضى ..

(١) التهذيب ٤ : ١٠٣ ح ٢٩١.

(٢) كالشافعيّ في أحد قوليه وأحمد ، انظر المهذب للشيرازي ١ : ١٨٢ ، والمجموع ٦ : ٢٣١ ، والمغني ٢ : ٥٢٧ ، والمنتهي ١ : ٥٢٧ ، والتذكرة ٥ : ٣٥٠ مسألة ٢٥٧.

(٣) المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٧٠ ، والعِمة في المنتهي ١ : ٥٢٧.

١٣٢

وفيه تأمّل سيّما إذا تلفت العين.

السابع : العاملون هم الساعون في تحصيلها أخذاً وحساباً وكتابةً وقسمةً وإيصالاً.

وأجمع علماؤنا وأكثر العامّة على استحقاق هؤلاء نصيباً من الزكاة وإن كانوا أغنياء ؛ لإطلاق الآية (١) ، قاله في المدارك (٢).

وما ذكره بعض العامّة : من أنّه من باب الأُجرة لا الزكاة ؛ لأنّه لا يستحقّ إلا بالعمل ويأخذه مع الغنى ، والزكاة إنّما تُدفع استحقاقاً ، ولا تحلّ لغنيّ (٣) ؛ ففيه ضعف ، والكلّيتان ممنوعتان.

ويشترط فيه : البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، والعدالة ، والظاهر أنّه لا خلاف فيها ، وادّعي عليه الإجماع (٤).

ويدلّ على اعتبار العدالة أيضاً : أنّه استئمان على مال الغير ، ولا أمانة لغير العدل ، وحسنة بريد بن معاوية ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أنّه قال لعامله : «فإذا قبضته فلا توكّل به إلا ناصحاً شفيقاً أميناً حفيظاً» (٥).

واعتبَروا فيه الفقه أيضاً ، والظاهر أنّه تكفي معرفته بالمسائل المتعلّقة بما يتولاه ، وبقدر ما يتولاه ولو بالتقليد.

ويشترط أيضاً : أن لا يكون هاشميّاً ، وتدلّ عليه صحيحة العيص بن القاسم (٦) ،

__________________

(١) قال تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) (التوبة : ٦٠).

(٢) المدارك ٥ : ٢٠٨.

(٣) بدائع الصنائع للكاساني ٢ : ٤٤ ، والمغني لابن قدامة ٢ : ٥١٦.

(٤) كالشيخ في المبسوط ١ : ٢٥١ ، والشهيد في الدروس ١ : ٢٤٢ مسألة ٦٥.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٦ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٩٦ ح ٢٧٤ ، الوسائل ٦ : ٨٨ أبواب زكاة الأنعام ب ١٤ ح ١.

(٦) التهذيب ٤ : ٥٨ ح ١٥٤ ، الوسائل ٦ : ١٨٥ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٢٩ ح ١ ، قال : إنّ أُناساً من بني هاشم أتوا رسول اللهُ فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله عزوجل للعاملين عليها فنحن أولى به ، فقال رسول الله «ص» : يا بني عبد المطّلب إنّ الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم ، ولكن قد وُعدت الشفاعة ..

١٣٣

والمنع إنّما هو إذا أراد أخذ النصيب ، وإلا فلا مانع منه إذا تبرّع به أو أعطاه الإمام شيئاً من بيت المال ، وكذا إذا كان عمله لقبيلة.

ويتفرّع على ما اختاره بعض العامّة من كونه اجرة : جوازه ، وقد عرفت بطلانه.

والقول الذي نقله الشيخ على الجواز (١) لعلّه من العامّة كما ذكره في المختلف (٢).

وفي اشتراط الحريّة قولان ؛ نظراً إلى أنّ العبد لا يملك ومولاه لم يعمل ؛ ولأنّه نوع إجارة والعبد يصلح لذلك بإذن سيّده ، ولعلّه الأظهر.

وكيف كان فلا إشكال في المكاتب ؛ لأنّه يملك.

وتقدير النصيب في العامل موكول إلى نظر الحاكم ، وتدلّ عليه حسنة الحلبي (٣).

واختلفوا في سقوط نصيبهم في زمان غيبة الإمام ، والأظهر عدم السقوط ؛ للإطلاق ، فينوب الحاكم مقام الإمام.

الثامن : لا خلاف في كون (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) من جملة مصارف الزكاة ؛ للاية (٤) ، والأخبار (٥).

ولكنّهم اختلفوا ، فقال في المبسوط : (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) عندنا هم الكفّار الذين يُستمالون بشي‌ء من مال الصدقات إلى الإسلام ، ويتألّفون ؛ ليُستعان بهم على قتال أهل الشرك ، ولا يعرف أصحابنا مؤلّفة أهل الإسلام (٦).

وعن ابن الجنيد اختصاصه بالمنافقين (٧).

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٤٨.

(٢) المختلف ٣ : ٢١٧.

(٣) الكافي ٣ : ٥٦٣ ح ١٣ ، الوسائل ٦ : ١٧٨ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٢٣ ح ٣ قال قلت له : ما يُعطى المصدّق؟ قال : ما يرى الإمام ، ولا يقدّر له شي‌ء.

(٤) التوبة : ٦٠.

(٥) الوسائل ٦ : ١٤٣ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١.

(٦) المبسوط ١ : ٢٤٩.

(٧) نقله في المختلف ٣ : ٢٠٠.

١٣٤

والمفيد جعلهم ضربين : مشركين ، ومسلمين (١).

وفصّل الشافعيّ تفصيلاً مرجعه إلى ستّة أقسام : قسمان من المشركين والباقي من المسلمين ، وما اختاره في أقسام المسلمين يرجع أكثرها إلى العاملين أو في سبيل الله (٢).

وذكره في المعتبر وارتضاه نظراً إلى أنّه مصلحة ، ونظر المصلحة إلى الإمام (٣).

وقال في المدارك : لا ريب في جواز الدفع إلى جميع هذه الأقسام من الزكاة ، لكن مع عدم تحقّق التأليف يكون الدفع من سهم المصالح (٤).

ثمّ اختلفوا في سقوط هذا السهم بعد النبيّ ، قيل : نعم ؛ لعدم الاحتياج إلى التأليف ؛ لقوّة الإسلام (٥).

وقيل : لا ؛ لأنّه كان باقياً إلى حين الوفاة ، ولم يثبت نسخه (٦).

وقيل : يسقط بعد غيبة الإمام عليه‌السلام ؛ لسقوط الجهاد (٧).

وقيل : يبقى بعدها أيضاً ؛ لأنّ الجهاد وإن سقط من جهة الدعوة إلى الإسلام لكن لم يسقط لدفع الأذى عن الإسلام (٨) ، وقوّاه في المدارك تمسّكاً بظاهر التنزيل السالم عن المعارض (٩).

أقول : القدر الإجماعيّ منه هو الكفّار (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) للجهاد في زمانه ، والباقي مشكوك فيه ، والأصل عدمه.

ولا عموم في ظاهر التنزيل كما ادّعاه في المدارك ؛ لأنّ الظاهر منه قوم معيّنون ،

__________________

(١) نقله عنه في المعتبر ٢ : ٥٧٣.

(٢) المهذّب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ١٩٨ ، الوجيز ١ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٤.

(٣) المعتبر ٢ : ٥٧٣.

(٤) المدارك ٥ : ٢١٥.

(٥) كما في بداية المجتهد ١ : ٢٧٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٥.

(٦) كما في المعتبر ٢ : ٥٧٣.

(٧) كما في النهاية : ١٨٥.

(٨) كما في المنتهي ١ : ٥٢٠.

(٩) المدارك ٥ : ٢١٥.

١٣٥

فلا عموم فيه ، فإنّ تأليف القلب لا بدّ أن يتعلّق إلى شي‌ء ، وهو محتمل لأُمور ؛ إذ قد يتألّف القلب إلى المسلمين بأن يسلموا ويذهبوا إلى مذهبهم ، وقد يتألّف إلى نُصرتهم في الحرب مع بقائهم مصرّين على كفرهم.

والحرب قد تكون للدعاء إلى الإسلام ، وقد تكون للدفاع عنه ، وهكذا احتمال تأليف قلوب المسلمين الضعيف إسلامهم.

وإذا تعيّن فيثبت العموم في أفراد ذلك المتعيّن لا مطلقاً.

وإرادة أكثر من معنى واحد لا تجوز كما حُقّق في الأُصول ، هذا.

ولكن في الأخبار ما يدلّ على أنّ التأليف يتحقّق لأجل الإسلام والثبات عليه أيضاً ، مثل ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره : «إنّهم قوم وحّدوا الله ، وخلعوا عبادة من دون الله ، ولم تدخل المعرفة قلوبهم أنّ محمّداً رسول اللهُ ، فكان رسول اللهُ يتألّفهم ويعلّمهم ويعرّفهم كيما يعرفوا ، فجعل لهم نصيباً في الصدقات ؛ لكي يعرفوا ويرغبوا» (١).

وفي صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم في الكافي والفقيه : أنّهما قالا لأبي عبد الله عليه‌السلام : أرأيت قول الله عزوجل (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) أكُلّ هؤلاء يُعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال : «إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً ؛ لأنّهم يقرّون له بالطاعة».

قال : زرارة ، قلت : فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال : «يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم تجد لها موضعاً ، وإنّما يعطى من لم يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه ، فأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من يعرف ، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفاً فأعطه دون الناس» ، ثمّ قال : «سهم المؤلّفة وسهم الرّقاب عامّ

__________________

(١) تفسير القميّ ١ : ٢٩٨ ، وأورده في التهذيب ٤ : ٤٩ ح ١٢٩ ، والوسائل ٦ : ١٤٥ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١ ح ٧ عن العالم.

١٣٦

والباقي خاصّ» (١).

وفي الكافي في الحسن ، عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) ، قال : «هم قوم وحّدوا الله عزوجل ، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله عزوجل ، وشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، وهم في ذلك شكّاك في بعض ما جاء به محمّد ، فأمر الله عزوجل نبيّه أن يتألّفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم» إلى أن قال زرارة : فسمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «فحطّ الله نورهم ، وفرض الله للمؤلّفة قلوبهم سهماً في القرآن» (٢).

وفيه عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) لم يكونوا قطّ أكثر منهم اليوم» (٣).

وفيه عن موسى بن بكر ، عن رجل قال ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : «ما كانت (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) قطّ أكثر منهم اليوم ، وهم قوم وحّدوا الله ، وخرجوا من الشرك ، ولم تدخل معرفة محمّدُ قلوبهم وما جاء به ، فتألّفهم رسول اللهُ ، وتألّفهم المؤمنون بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لكيما يعرفوا» (٤).

وأنت خبير بأنّ هذه الأخبار شواهد على مذهب ابن الجنيد ، وعلى مذهب المفيد أيضاً على وجه. ولم نقف من الأخبار ما يدلّ على تخصيصها بالكفّار.

وأمّا دلالتها على بقاء حكم كونهم من مصارف الزكاة (٥) فتنفيه صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم ، ولا تنافيها الروايتان الأخيرتان ؛ لعدم المنافاة ، فلاحظ وتأمّل.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٩٦ ح ١ ، الفقيه ٢ : ٢ ح ٤ ، وأوردها في التهذيب ٤ : ٤٩ ح ١٢٨ ، والوسائل ٦ : ١٤٣ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١ ح ١.

(٢) الكافي ٢ : ٤١١ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٤١١ ح ٣.

(٤) الكافي ٢ : ٤١٢ ح ٥.

(٥) في «ح» زيادة : في الجملة ودلّت عليه الآية اليوم.

١٣٧

التاسع : لا خلاف في كون الرقاب من مصارف الزكاة في الجملة ، ودلّت عليه الآية (١) والأخبار (٢).

ولا خلاف بين الأصحاب في كون المكاتبين والعبيد الذين تحت الشدّة من جملة هذا المصرف ، ويُرجع في الشدّة إلى العرف ، ويظهر من كلماتهم أنّه إجماعيّ (٣).

وكذلك شراء العبد من الزكاة وعتقه ، وإن لم يكن تحت شدّة ؛ بشرط عدم المستحقّ ، ونسبه في المعتبر إلى فقهاء الأصحاب (٤) ، وكذلك في التذكرة (٥).

وجوّز العلامة في القواعد الإعتاق مطلقاً وشراء الأب منها (٦) ، ونقله ولده في الشرح عن المفيد وابن إدريس وقوّاه هو (٧) ، وتبعه بعض المتأخّرين (٨).

وقال في المسالك : اشتراط الشدّة وعدم المستحقّ إنّما هو في إعتاقه من سهم الرقاب ، ولو أُعتق من سهم سبيل الله فلا يتوقّف (٩).

وتوجيهه على مذهب الأصحاب من عدم وجوب البسط : أنّ مراده قصد هذا دون ذاك ، وينافيه إطلاق أدلّتهم كما سيجي‌ء.

وأمّا الأخبار الواردة في هذا الباب ، فأمّا في المكاتب فهو ما رواه الصدوق والعيّاشي ، والشيخ مرسلاً عن الصادق عليه‌السلام : أنّه سُئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدّى بعضها ، قال «يُؤدّى عنه من مال الصدقة ، إنّ الله عزوجل يقول في كتابه :

__________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) الوسائل ٦ : ٢٠٢ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٤٣.

(٣) المدارك ٥ : ٢١٦.

(٤) المعتبر ٢ : ٥٧٥.

(٥) التذكرة ٥ : ٢٥٥ مسألة ١٧١.

(٦) قواعد الأحكام ١ : ٣٤٩.

(٧) إيضاح الفوائد ١ : ١٩٦.

(٨) كصاحب المدارك ٥ : ٢١٧.

(٩) المسالك ١ : ٤١٤.

١٣٨

(وَفِي الرِّقابِ)» (١).

وأمّا على اشتراط الشدّة ، فهي صحيحة عمرو بن أبي نصر ، عن الصادق عليه‌السلام : في الرجل تجتمع عنده من الزكاة الخمسمائة والستمائة ، يشتري بها نسمة ويعتقها؟ فقال : «إذن يظلم قوماً آخرين حقوقهم» ، ثمّ مكث مليّاً ثمّ قال : «إلا أن يكون عبداً مسلماً في ضرورة فيشتريه ويعتقه» (٢).

ويمكن الخدشة في دلالتها على الاشتراط ؛ لأنّ الإمام عليه‌السلام إن أراد من الظلم على الآخرين أنّه يجب البسط على الأصناف الثمانية ، وصرفُ الجميع كما هو ظاهر الرواية في الرقاب منافٍ لذلك ، ففيه : أنّ إجماعنا وأخبارنا متوافقة على عدم وجوب البسط ، مع أنّ جعلها جميعاً للعبد الذي في الشدّة حينئذٍ أيضاً ظلم.

وإن قلنا : إنّ مراده عليه‌السلام : أنّ ذلك صرف في غير مصرف الزكاة رأساً ؛ لأنّ مطلق الرقبة ليس من المصرف ، فيلزم الظلم على مصارف الزكاة ، فهو ممّا لا ينساق من اللفظ وفي غاية البُعد.

فالأولى الحمل على الكراهة ، يعني : أنّ ذلك خلاف الأولى ، لا أنّه ظلم حقيقي إلا أن يكون العبد في شدّة ، فرفع هذه الشدّة يغلب رجحان البسط على الأصناف.

وأمّا على جواز العتق من الزكاة مطلقاً في حال عدم المستحقّ فهو موثّقة عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد لها موضعاً يدفع ذلك إليه ، فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريد ، فاشتراه بتلك الألف الدرهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه ، هل يجوز ذلك؟ قال : «نعم لا بأس بذلك» (٣).

وفيه : أنّ ذكر عدم المستحقّ إنّما هو في كلام الراوي ، فلا يدلّ على اشتراطه به.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٧٤ ح ٢٥٨ ، تفسير العيّاشي ٢ : ٩٣ ح ٧٦ ، التهذيب ٨ : ٢٧٥ ح ١٠٠٢ ، الوسائل ٦ : ٢٠٤ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٤٤ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٧ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٠ ح ٢٨٢ ، الوسائل ٦ : ٢٠٢ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٤٣ ح ١ ، وفيه : عمرو بن أبي بصير.

(٣) التهذيب ٤ : ١٠٠ ح ٢٨١ ، الوسائل ٦ : ٢٠٣ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٤٣ ح ٢.

١٣٩

وأمّا على جواز العتق منها مطلقاً فهو ما رواه في العلل في الموثّق ، عن أيّوب بن الحرّ أخي أديم بن الحرّ قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : مملوك يعرف هذا الأمر الذي نحن عليه ، أشتريه من الزكاة وأُعتقه؟ قال ، فقال : «اشتره وأعتقه» (١) الحديث ، مضافاً إلى إطلاق الآية.

وأمّا على شراء الأب منها ، فما رواه في الكافي عن أبي محمّد الوابشي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة زكاة ماله ، قال : «اشترى خير رقبته ، لا بأس بذلك» (٢).

ويمكن أن يقال : إنّ في الآية إجمالاً لا يمكن الاستدلال بها ، سيّما مع زيادة كلمة «في» فإنّ الظاهر منها إرادة أنّ هذا الوجه يصرف فيهم ، لا أنّه يعطى لهم كالفقير والمسكين ، والصرف فيهم مجمل ؛ لاحتمال إرادة التوسعة عليهم ، أو فكّهم من الشدّة ، أو مطلق عتقهم ، والقدر الذي يتبادر من الآية ، ووقع الاتفاق عليه ، واستفيد من الأخبار ؛ مثل المكاتب العاجز ، والذي هو تحت الشدّة ، فلا إشكال فيه.

وأمّا غيرهما ، فمع عدم المستحقّ فهو مقتضى الرواية وعمل الأصحاب ، لا ظاهر الآية ، وكذلك الأب.

والروايات الدالّة على المذكورات لا تدلّ على أنّ العتق فيها من الزكاة من جهة القصد إلى كونه من باب الرقاب الذي هو أحد المصارف بالخصوص ، بل لعلّه كان من جهة دخوله تحت عموم سبيل الله إن قلنا به كما هو الأشهر الأظهر ، فالذي قام الدليل على احتسابه من هذا المصرف بالخصوص ، إذا احتجنا إلى اعتباره وقصده مثل إرادة فعل المستحبّ من البسط على الأصناف أو وفاء النذر لو وقع النذر به ، هو القسمان الأوّلان.

ولكن الإنصاف أنّه لا يحسن إنكار ظهور الآية في عموم تخليص الرقاب ، ولا ريب

__________________

(١) علل الشرائع : ٣٧٢ ح ١ ، الوسائل ٦ : ٢٠٣ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٤٣ ح ٣.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٢ ح ١ وفيه : رقبة ، الوسائل ٦ : ١٧٣ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١٩ ح ١.

١٤٠