معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ١

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي

معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي


المحقق: السيد منذر الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
ISBN: 964-91559-5-3
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

قيمة الكتاب العلمية

إنّ مقدّمة كتاب المعالم التي مثلث دورة اصولية استدلالية كاملة في عصر المؤلّف هي التي أدّت إلى اشتهار المؤلّف وخلود ذكره ؛ لما اتّسم القسم الاصوليّ من كتابه بالمنهجية ، ووضوح التعبير ، وإحكام البيان ، والإحاطة بالآراء وأدلّتها حتّى عصر المؤلّف ، وقوّة النقد ، والاهتمام بالمناقشات ، التي تستحقّ الاهتمام ؛ لغرض الكشف عن الحقيقة وتربية الذهنية الاصولية عند الفقيه.

إنّ هذه السمات بالرغم من انسحابها على القسم الفقهي من الكتاب ولكنّه لم يشتهر كاشتهار القسم الاصولي منه ، ولعلّ ذلك يعود إلى وجود كتب فقهية ممتازة بكونها تمثّل دورة فقهية كاملة بينما لم يوفّق المؤلّف حتّى إلى إتمام مباحث كتاب الطهارة ، بالاضافة إلى أنّ الحوزات العلمية كانت تميل إلى اختيار الكتب التي تتمتّع بنوع من التعقيد في العبارة والإيجاز في البحث كتبا دراسية ليضطرّ الطالب إلى التأمّل والتدقيق لحلّ الألغاز والعبائر المشكلة ترويضا للذهن وإعدادا للطالب لممارسة عملية الاجتهاد الفكري في حقلي الفقه والاصول ، بينما نجد المعالم سلس البيان واضح العبارة خاليا من التعقيد ، ينال المطالع منه بغيته بسرعة فائقة ولا يحتاج إلى التأمّل الكثير لفهم مقاصد المؤلّف ومناقشاته للآراء المخالفة لرأيه.

ومع هذا كلّه فإنّا نجد عند من تأخّر عن صاحب المعالم الاهتمام بآرائه التي جاءت في فقه المعالم كالعلّامة المجلسي في كتاب الطهارة من حقل الفقه لبحار الأنوار ، وكالشيخ مرتضى الأنصاري (١٢٨١) في كتاب الطهارة من موسوعته الفقهية .. وهذا ممّا يشير إلى أهمية المؤلّف وأهمية آرائه التي سجّلها في معالمه.

٤١

منهجية كتاب المعالم

يتّضح لمن يطالع فقه المعالم أنّ المؤلّف قد اتّبع منهجا فريدا في بحوثه حيث اهتمّ بموارد الخلاف عند الإمامية ولم يتوقّف عند المسائل الواضحة والمتّفق عليها بين الفقهاء الإمامية.

كما إنّه يستشهد بآيات القرآن الكريم ويستدلّ بها في كلّ مورد تدلّ عليه محكمات الكتاب متجنّبا المناقشات التي لا طائل تحتها.

وإن كان هناك إجماع يعتمد عليه أشار إليه ، وإلّا عطف عنان القلم إلى النصوص الروائية التي يصحّ الاحتجاج بها عنده. ويلتفت في كلّ نصّ يستدلّ هو به أو يكون الآخرون قد استدلّوا به إلى السند والدلالة معا فيقوّمهما معا ثمّ يلاحظ تعارض النصوص ويحاول تقديم رأيه في الجمع بينها أو تقديم بعضها على بعض.

كما إنّه يبدأ الموضوع في كلّ مسألة ويردفه ببيان الحكم إن كان متّفقا عليه ، وإلّا فيذكر المشهور أو الأشهر ثمّ يذكر الآراء الاخرى وقد يبدأ بأدلّة الخصم ثمّ يناقشها ثمّ ينتهي إلى الرأي المختار ، وقد يعكس الأمر في موارد اخرى فيبدأ بذكر رأيه وأدلّته ثمّ يذكر الآراء الاخرى وأدلّتها ثمّ يناقشها. ويختلف المنهج من مسألة إلى اخرى من هذه الجهة باعتبار أنّه قد يكون الأصل هو ما ذهب إليه من الرأي ويكون خلافه بحاجة إلى الدليل فيركّز جهده على ذكر أدلّة الخصم ومناقشتها ليسير بالقارئ ممّا عليه الآخرون إلى ما ينبغي الاعتقاد به.

ولا ننسى اهتمام المؤلّف بآرائه ومبانيه في علم الاصول في بحثه الفقهي

٤٢

هذا وإليها يرجع القارئ عند الحاجة. ومن هنا فقد رأينا أن نذكر آراءه الاصولية في مقدّمة الكتاب مجرّدة عن الاستدلال ليستغني الباحث عن الرجوع إلى معالم الاصول المطبوع مستقلا عن فقه المعالم حتّى يومنا هذا.

٤٣

النسخ المعتمدة لكتاب « معالم الدين »

اعتمدنا على ثلاث نسخ لكتاب « معالم الدين وملاذ المجتهدين » في الفقه ، وهي كما يلي :

أ ـ النسخة الخطية المرقّمة بـ ٤٥٨٥ في المكتبة العامة لآية الله العظمى النجفي المرعشي قدس‌سره بقم. وقد أعطيناها رمز « أ » وهي أقل النسخ الثلاثة أخطاء.

وعليها تأريخ الفراغ من تأليف هذا الجزء من الكتاب بقلم المؤلف ( حسن ابن زين الدين بن علي الشامي العاملي : سحر ليلة الأحد الثانية من ربيع الثاني سنة أربع وتسعين وتسعمائة ) وتأريخ الفراغ من استنساخها بيد حسن ابن أحمد بن محمد بن علي بن سنبغ العاملي : ضحى يوم الإثنين الثامن والعشرون من شهر رمضان المبارك سنة ألف وواحد من الهجرة النبوية.

وفي هامش الصفحة الأخيرة تأريخ انتهاء المعارضة ( المقابلة ) لهذه النسخة بأصل خطّ المصنّف ( أدام الله أيّامه ) : أوّل نهار الخميس تاسع شوّال عام واحد وألف من الهجرة النبوية ، بتوقيع ( علي المشتهر بنجيب الدين بن محمد ابن مكي بن عيسى بن حسن بن عيسى العاملي الجبيلي ).

وعليها تملّك محمود بن حسام الدين المشرقي الجزائري بتأريخ ذي الحجة ١٠٣٠ ومحمد شريف بن فلاح الكاظميني.

وتقع في ١٩٩ صفحة ٢٣ سطرا.

ب ـ النسخة الخطية المرقمة بـ ٧١٧٩ في المكتبة العامة لآية الله العظمى النجفي المرعشي قدس‌سره أيضا ، ورمزنا لها بـ « ب ». وتأريخ نسخها سنة ١٢٤٥ بيد موسى بن قاسم الأصفر الكاظمي ، وعليها تملّك حسين بن محمد

٤٤

الطباطبائي سنة الاستكتاب ١٢٤٤ ه‍ ، وتقع في ١٨٥ ٢٥ سطرا.

ج ـ النسخة المطبوعة بالطبعة الحجرية والموجودة نسخة منها في مكتبة آية ـ الله المرعشي النجفي أيضا.

٤٥

٤٦

٤٧

٤٨

٤٩

٥٠

٥١

أسلوبنا في التحقيق

بعد الاستنساخ وإتمام المقابلة بين النسخ الثلاث حذفنا ما قطعنا بخطئه فلم نشر إلى أخطاء النسخ بل اقتصرنا على ذكر ما يحتمل صحّته ممّا جاء في النسخ الثلاث ورجّحنا الأنسب إلى اسلوب المؤلف وأدبه وبلاغته فجعلناه في المتن وأشرنا إلى غيره في الهامش.

كما صحّحنا ما جاء منقولا عن القرآن الكريم وكتب الحديث أو كتب الفقه أو غيرها على أساس المصدر المنقول منه إن كانت له نسخة محقّقة ، وإن لم تكن له نسخة محقّقة وكان المنقول خطأ بيّنا اتّبعنا الصحيح الذي جاء في المصدر. وإن احتملنا صحّة ما جاء في متن الكتاب باعتبار عدم صحّة ما جاء في المصدر أو احتملنا وجود نسخة اخرى عند المؤلف من المصدر أثبتنا ما جاء في المصدر والكتاب في المتن والهامش لاحتمال وجود فائدة للمراجع إذا اطّلع على مثل هذا الاختلاف.

وحاولنا تخريج الأقوال والأحاديث على أساس النسخ المحقّقة إن كانت صادرة حين التحقيق ، وإلّا فقد اكتفينا بالإشارة إلى النسخ الحجرية الموجودة ، وعلى المراجع أن يلاحظ الفهرس الألفبائي لمصادر التحقيق ليقف على الطبعة التي رجعنا إليها.

وختاما نقدّم شكرنا الجزيل لكلّ الإخوة الأفاضل الذين شاركونا في الاستنساخ والمقابلة والاستخراج والإخراج الفنيّ للكتاب بعد انتهائنا من تحقيقه ( عبر تقطيع النصّ وضبطه وترجيح الصحيح أو الأصحّ والأنسب عند اختلاف النسخ أو إجمالها ).

٥٢

وكلّ ما أضفناه على نسخة المؤلف قد جعلناه بين معقوفتين [ ] ليكون مرشدا للمراجع إلى أنّ ما قد أضفناه ـ توضيحا أو حفظا للتناسق ـ إنّما هو تسهيل للقارئ وإعانة له كي يصل إلى الغرض بأيسر طريق إن شاء الله تعالى ، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

السيّد منذر الحكيم

١٢ ذو الحجّة الحرام ١٤١٦ ه‍ ق

٥٣
٥٤

الفهرس الإجمالي

مقدّمة المؤلف.................................................................. ٥٧

سبب ومنهج التأليف........................................................ ٥٩

علم الفقه ومرتبته وموضوعه ومسائله.......................................... ٨٤

مهمّات المباحث الاُصولية.................................................... ٩٥

القسم الأوّل : العبادات....................................................... ١١٥

الكتاب الأوّل : الصلاة..................................................... ١١٥

الباب الأوّل : مقدّمات الصلاة........................................... ١١٥

المقصد الأوّل : الطهارة وفيه ثلاث مطالب:............................. ١١٥

المطلب الأوّل : في المياه ، وفيه مقامان :......................................... ١١٧

المقام الأوّل : الماء المطلق.................................................... ١١٩

المقام الثاني : المضاف....................................................... ٤١١

المطلب الثاني : الطهارة من النجاسات........................................... ٤٣٥

الفصل الأوّل : أصناف النجاسات........................................... ٤٣٧

الفصل الثاني : أحكام النجاسات............................................ ٥٦٩

الفصل الثلاث : أحكام الخلوة وآداب الحمّام والاستطابة....................... ٨١٩

مصادر الكتاب ومراجع التحقيق............................................... ٩٣١

الفهرس التفصيلي..................................................... ٤٣٥ / ٩٣٩

٥٥

٥٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله المتعالي في عزّ جلاله عن مطارح الأفهام فلا يحيط بكنهه العارفون ، المتقدّس بكمال ذاته عن مشابهة الأنام فلا يبلغ صفته الواصفون ، المتفضّل بسوابغ الإنعام فلا يحصي نعمه العادّون ، المتطوّل بالمنن الجسام فلا يقوم بواجب شكره الحامدون ، القديم الأبدي فلا أزلي سواه ، الدائم السرمدي فكل شي‌ء مضمحلّ عداه.

أحمده سبحانه حمدا يقرّبني إلى رضاه ، وأشكره شكرا أستوجب به المزيد من مواهبه وعطاياه ، وأستقيله من خطاياي استقالة عبد معترف بما جناه ، نادم على ما فرّط في جنب مولاه وأسأله العصمة من الخطأ والخطل ، والسداد في القول والعمل.

وأشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، الكريم الذي لا تخيب لديه الآمال ، القدير فهو لما يشاء فعّال.

وأشهد أن محمّدا عبده ، ورسوله ، المبعوث لتمهيد قواعد الدين ، وتهذيب مسالك اليقين ، الناسخ بشريعته المطهّرة شرايع الأولين. والمرسل بالإرشاد والهداية رحمة للعالمين ، صلى‌الله‌عليه‌وآله الهداة المهديّين ، وعترته الكرام الطيّبين ، صلاة ترضيهم وتزيد على منتهى رضاهم ، وتبلغهم غاية مرادهم

٥٧

ونهاية مناهم وتكون لنا عدّة وذخيرة يوم نلقى الله سبحانه ونلقاهم ، وسلّم تسليما.

وبعد :

فإنّ أولى ما أنفقت في تحصيله كنوز الأعمار ، وأطالت التردّد بين العين والأثر في معالمه الأفكار ، هو العلم بالأحكام الشرعية والمسائل الفقهية.

ولعمري ، إنّه المطلب الذي يظفر بالنجاح طالبه ، والمغنم الذي يبشّر بالأرباح كاسبه ، والعلم الذي يعرج بحامله إلى الذروة العليا ، وتنال به السعادة في الدار الاخرى.

ولقد بذل علماؤنا السابقون ، وسلفنا الصالحون ، رضوان الله عليهم أجمعين ، في تحقيق مباحثه جهدهم ، وأكثروا في تنقيح مسائله كدّهم.

فكم فتحوا فيه مقفلا ببنان أفكارهم!! وكم شرحوا منه مجملا ببيان آثارهم!! وكم صنفوا فيه من كتاب يهدي في ظلم الجهالة إلى سنن الصواب!!

فمن مختصر كاف في تبليغ الغاية ، ومبسوط شاف يتجاوزه النهاية ، وإيضاح يحمل من قواعده المشكل ، وبيان يكشف من سرائره المعضل ، وتهذيب يوصل من لا يحضره الفقيه بمصباح الاستبصار إلى مدينة العلم ، ويجلو بإثارة مسالكه عن الشرائع ظلمات الشكّ والوهم ، وذكرى دروس مقنعة في تلخيص الخلاف والوفاق ، وتحرير تذكرة هي منتهى المطلب في الآفاق ، ومهذّب جمل يسعف في مختلف الأحكام بكامل الانتصار ، ومعتبر مدارك تحسم مواد النزاع من صحيح الآثار ، ولمعة روض يرتاح لتمهيد اصوله الجنان ، وروضة بحث تدهش بإرشاد فروعها الأذهان!!! فشكر الله تعالى سعيهم ، وأجزل من جوده مثوبتهم وبرّهم.

وحيث كان من فضل الله علينا ، أن أهّلنا لاقتفاء آثارهم أحببنا الاسوة

٥٨

بهم في أفعالهم. فشرعنا بتوفيق الله تعالى في تأليف هذا الكتاب ، الموسوم بـ « معالم الدين وملاذ المجتهدين ». وجدّدنا به معاهد المسائل الشرعية ، وأحيينا به مدارس المباحث الفقهية ، وشفعنا فيه تحرير الفروع بتهذيب الاصول ، وجمعنا بين تحقيق الدليل والمدلول ، بعبارات قريبة إلى الطباع ، وتقريرات مقبولة عند الاسماع ، من غير إيجاز موجب للإخلال ، ولا إطناب معقّب للملال.

وأنا أبتهل إلى الله سبحانه ، أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأتضرّع إليه أن يهديني حين تضلّ الأفهام إلى المنهج القويم ، ويثبتني حيث تزلّ الأقدام على صراطه المستقيم.

وقد رتّبنا كتابنا هذا ، على مقدمه وأقسام أربعة.

والغرض من المقدمة منحصر في مقصدين :

٥٩
٦٠