معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ١

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي

معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي


المحقق: السيد منذر الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
ISBN: 964-91559-5-3
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

له ، وفي انصباب الأخير فيها (١) عند العلّامة. وقد شرّك بينهما في الحكم في الكتب الفقهيّة الثلاثة.

والتحقيق في ذلك ـ بناء على القول بالانفعال ـ إيجاب نزح أقلّ الأمرين من مقدّر (٢) النجاسة المقتضية للنزح ومنزوح غير المنصوص على حسب ما يترجّح فيه ؛ لنحو ما مرّ في حكم الجزء ؛ فإنّ الاكتفاء بالمقدّر لتلك النجاسة إذا كان هو الأقلّ يقتضي الاكتفاء به للمتنجّس بها بطريق أولى ؛ لأنّه أضعف حكما منها كالجزء.

وأمّا إذا كان الأقلّ منزوح غير المنصوص فلأنّ النجاسة مغايرة للمتنجّس بها قطعا فالدليل الدالّ على وجوب المقدّر لها لا يتناوله فيتوقّف إيجاب الزيادة له على الدليل.

فرعان :

[ الفرع ] الأوّل :

لو كان الواقع جميع الماء المنزوح فهو كما لو وقع الدلو الواحد.

وقد نصّ على التسوية بينهما الشهيد في البيان (٣).

وربّما يستبعد من حيث إنّ ملاقاته لماء البئر تؤثّر فيه انفعالا. والاكتفاء بنزح مقدّر النجاسة حينئذ يقتضي الاقتصار على نزح المقدار الواقع فيلزم طهر المنفعل من دون نزح شي‌ء منه.

__________________

(١) في « ب » : الأخير منها.

(٢) في « ج » : من مقدار النجاسة.

(٣) البيان : ١٠١.

٢٨١

ويندفع : بأنّ الواقع إذا شاع في أجزاء البئر صار من جملتها ، ويتناوله حكمها وإن كان (١) عين نجاسة ؛ فإنّها بالاستهلاك تدخل في مسمّى البئر. ألا ترى أنّ كثيرا من المقادير التي ينزح لوقوع أعيان النجاسات حيث يستهلك لا ينفكّ عن أجزاء منها مستهلكة في الماء ، وقد اكتفي بها في طهر الباقي ، ولم يتوقّف على كون المنزوح زائدا على القدر المعتبر بمثل (٢) مقدار النجاسة. وذلك واضح.

[ الفرع ] الثاني :

ذكر العلّامة في التحرير والشهيد في البيان : أنّه لو وقع المنزوح له ومادّة المنزوح في الطاهرة تداخل النزح (٣).

وهذا من العلّامة جيّد ؛ لأنّه يرى التداخل مع التكثّر مطلقا. وأمّا من الشهيد فمشكل ؛ لأنّه نفي التداخل مطلقا كما عرفت.

وقد وافقهما على التداخل هنا الشيخ علي في بعض فوائده (٤) مع أنّه ممّن يرى عدم التداخل عند التكثّر مطلقا. ووجّه الحكم هنا بأنّ الواقع نجاسة واحدة في الحقيقة فلا يتعدّد منزوحها.

وتوجّه المنع إليه ظاهر ؛ فإنّ أحدهما منجّس والآخر نجاسة ، وكلّ منهما يؤثّر الانفعال لو انفرد وهو معترف به أيضا فحكمه بالتداخل مصير إلى القول بالتداخل من حيث لا يعلم.

__________________

(١) في « ب » و « أ » : وتناوله حكمها حتّى وإن كان عين نجاسة.

(٢) في « ب » : لمثل مقدار النجاسة.

(٣) تحرير الأحكام ١ : ٥. البيان : ١٠١.

(٤) جامع المقاصد ١ : ٤٧.

٢٨٢

[ المسألة ] التاسعة :

تطهير البئر بغور مائها فإذا عاد بعد ذلك فهو طاهر لا يجب له نزح. قاله كثير من الأصحاب.

وعلّلوه بأنّ المقتضي للطهارة ذهاب الماء وهو يحصل بالغور ، كما يحصل بالنزح. ولا يعلم (١) كون العائد هو الغائر ، فالأصل فيه الطهارة.

وبأنّ النزح لم يتعلّق بالبئر بل بمائها المحكوم بنجاسته ولا نعلم وجوده والحال هذه فلا يجب النزح. وما قالوه متّجه.

واعلم أنّ بعض من حكم بالطهارة هنا وسقوط النزح ـ لما ذكر من التعليل ـ نفاها إذا اجريت (٢). وأوجب النزح حينئذ مع أنّ التوجيه المذكور هنا جار بعينه هناك. ويزيد عنه بحصول الجزم بأنّ الآتي غير الذاهب ، فإنّ الجريان يذهب الموجود قطعا وما يأتي بعده ماء جديد.

مضافا إلى أنّ الحكم بالنزح معلّق بالبئر (٣) ، والإجراء يخرجها عن الاسم.

فالذي ينبغي : إسقاط النزح في الصورتين ، والحكم بطهارة الماء الجديد في الحالين.

ولعلّ نافي الحكم في صورة الإجراء يريد به إجراء لا يعلم معه ذهاب الماء المحكوم بنجاسته ومع ذلك فلا أراه يسلم من المناقشة.

__________________

(١) في « ب » : ولا نعلم كون العائد.

(٢) في « ب » : إذا جريت.

(٣) في « ب » : معلّق بماء البئر.

٢٨٣

[ المسألة ] العاشرة :

يجب إخراج النجاسة قبل الشروع في النزح إذا كان لها مقدّر وكانت عينها باقية وقلنا بالانفعال بالملاقاة.

ووجهه ظاهر ؛ فإنّ الملاقاة الموجبة للنزح المقدّر تبقى ما بقيت العين ، فلا يظهر للنزح فائدة. ولا يعتبر ذلك في غير المقدّر لفقد العلّة.

فرع :

قال الشهيد رحمه‌الله في الذكرى : « لو سقط(١) الشعر في الماء نزح حتّى يظنّ خروجه إن كان شعر نجس العين. فإن استمرّ الخروج استوعب ، فإن تعذّر لم يكف التراوح ما دام الشعر ؛ لقيام النجاسة والنزح بعد خروجها أو استحالتها. وكذا لو تفتّت اللحم.

ولو كان شعر طاهر العين أمكن اللحاق ؛ لمجاورته النجس مع الرطوبة ، وعدمه ؛ لطهارته في أصله. ولم أقف في هذه المسألة على فتيا لمن سبق منّا » (٢). وما ذكره جيّد.

والظاهر رجحان اللحاق في شعر طاهر العين ، فيتوقّف التطهير على خروجه. وبه قطع في الدروس (٣).

__________________

(١) في « أ » : ولو تمعّط الشعر.

(٢) ذكرى الشيعة : ١١.

(٣) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢١.

٢٨٤

[ المسألة ] الحادية عشرة :

لا يعتبر في النزح النيّة ؛ لأنّه بمنزلة إزالة النجاسة ، ولأنّ اعتبارها على خلاف الأصل ، فيحتاج إلى دليل ، ولا دليل. وظاهر الأصحاب الاتّفاق عليه أيضا. وبالجملة فهو ممّا لا ريب فيه.

ولا يعتبر في النازح البلوغ ، ولا الإسلام ، فيجوز أن يتولّاه الصبيّ والكافر إذا لم تصل مباشرته إلى الماء ، ولا الذكوريّة ، بل ولا الإنسانيّة ، فيجزي نحو الدالية والسائية (١) ؛ لصدق الاسم. وهذا في غير التراوح كما مرّ.

وهل ينجس النازح ما يلاقيه من الماء المنزوح على القول بنجاسته؟ احتمالان. أقربهما نعم.

وصرّح الشهيد في أكثر كتبه بالعدم (٢). وعلّله في الذكرى بعدم أمر الشارع بالغسل. وفيه نظر لا يخفى.

أمّا الدلو والرشا (٣) فلا يجب غسلهما بعد الانتهاء ، وهو ممّا لا يعرف فيه خلاف بين الأصحاب.

ووجّه المحقّق في المعتبر الحكم في الدلو ـ حيث لم يتعرّض لغيره ـ بأنّه لو كان نجسا لم يسكت عنه الشرع ، وبأنّ استحباب الزيادة في النزح ثابت

__________________

(١) الدالية : شي‌ء يتّخذ من خوص وخشب يستقى به بحبال يشدّ في جذع طويل ، والسائية : من ساة القوس أي طرفها المعطوف المعقرب. راجع تاج العروس ١٠ : ١٢٩ و ١٦٨.

(٢) ذكرى الشيعة : ١٠.

(٣) الرشا : حبل الدلو.

٢٨٥

في بعض الموارد وهو يدلّ على عدم النجاسة وإلّا لتنجّس ماء البئر عند الزيادة قبل غسلها ، والمعلوم من عادة الشرع خلافه (١).

وتبعه في هذا التوجيه العلّامة في المنتهى (٢) ، والشهيد في الذكرى (٣) وهو حسن.

وأمّا جوانب البئر فأولى بعدم النجاسة بما يصيبها من ماء النزح.

واحتجّ له في المعتبر بلزوم المشقّة (٤). وتبعه في المنتهى (٥).

وقال في الذكرى : « أجمعوا على طهارة الحماة (٦) والجدران.

[ المسألة ] الثانية عشرة :

المرجع في الدلو إلى العادة ؛ إذ لم يثبت للشرع فيها حقيقة لو قلنا بالحقايق الشرعيّة ، ولا عرف لزمانه فيها عرف ليحمل عليه. والقاعدة في مثله عند انتفاء الأمرين الرجوع إلى العرف الموجود إن لم يخالف وضع اللغة الثابت ، وإلّا كان هو المقدّم. وكلّ ذلك منتف في ما نحن فيه ، فيرجع فيه إلى ما يصدق عليه الاسم في العرف الآن صغيرا كان أو كبيرا.

__________________

(١) المعتبر ١ : ٧٩.

(٢) منتهى المطلب ١ : ١٠٥.

(٣) ذكرى الشيعة : ١٠.

(٤) المعتبر ١ : ٧٩.

(٥) منتهى المطلب ١ : ١٠٥.

(٦) الحمأة : الطين الأسود المنتن. وحمئت البئر فهي حمئة إذا صارت فيها الحمأة وكثرت.

لسان العرب ٣ : ٣١٢ ، طبعة دار إحياء التراث العربي.

٢٨٦

ولو اعتيد في تلك البئر نوع فالأجود الاقتصار عليه بعد تحقّق صدق الاسم لا مطلقا ـ كما ذهب إليه بعض المتأخّرين ـ حيث اكتفى بالمعتاد عليها ، وإن كان نحو آنية الفخار إذا كان ممّا يستقي به الإنسان في البلد غالبا.

وهو ضعيف جدّا ؛ لأنّ تعليق الحكم على الدلو يقتضي الوقوف مع مسمّاه ـ كما هو واضح ـ ولا ريب في عدم صدقه على نحو الآنية المذكورة.

ولو اختلف المعتاد ولم يغلب البعض فالأصغر مجز والأكبر أفضل.

وإن غلب فهو أولى (١) على الأولى.

ويعزى إلى بعض القول : بأنّ المراد بالدلو الهجرية (٢) وأنّ وزنها ثلاثون رطلا. وإلى آخر القول : بأنّ وزنها أربعون. ولا نعرف المأخذ.

[ المسألة ] الثالثة عشرة :

لا يعتبر الدلو في النزح لإزالة التغيّر ، ولا في نزح الجميع ؛ إذ الغرض في الموضعين إخراج الماء ، وهو يصدق بأيّ وجه اتّفق. وكذا في نزح الكرّ حيث يعتبر.

والوجه في الكلّ واضح. وقد نبّه على ذلك جماعة من الأصحاب في النزح للتغيّر.

وأنت خبير بأنّ العلّة في الجميع واحدة.

أمّا ما يجب له مقدّر معدود ففي تعيّن نزحه بالدلو أو جواز إخراجه بآلة كبيرة تسع العدد خلاف بين الأصحاب.

__________________

(١) في « ج » : فهو الأولى.

(٢) في « ب » : المراد بالدلو النجرية.

٢٨٧

فذهب المحقّق في المعتبر (١) ، والعلّامة في المنتهى والتحرير (٢) ، والشهيد في الدروس والبيان إلى الأوّل (٣). ووافقهم جماعة من المتأخّرين ، منهم والدي رحمه‌الله (٤).

وقال العلّامة في أكثر كتبه (٥) ، والشهيد في الذكرى بالثاني (٦). واختاره بعض مشايخنا المعاصرين.

والأقرب الأوّل.

لنا : إنّ الأدلّة وردت بالعدد ، ولعلّ الحكمة متعلّقة به ، فيتوقّف الحكم بقيام غيره مقامه على الدليل.

احتجّوا بأنّ الأمر بالنزح وارد على الماء ، والدلاء مقدار ، فيكون القدر هو المراد وتقييده بالعدد لانضباطه وظهوره ، بخلاف غيره.

وبأنّ الغرض من النزح إخراج الماء من حدّ الواقف إلى كونه جاريا جريانا يزيل (٧) التأثير الحاصل عن النجاسة ، ويفيده التطهير ، ولذلك اختلف فيه التقدير لاختلاف النجاسات بقوّة التأثير وضعفه ، وتفاوت الآبار بسعة المجاري وضيقها. ولا يخفى أنّ هذا الغرض يحصل بإخراج المقدار المعيّن بأيّ وجه اتّفق.

__________________

(١) المعتبر ١ : ٧٧.

(٢) منتهى المطلب ١ : ١٠٤ ، وتحرير الأحكام ١ : ٥.

(٣) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢١. والبيان : ١٠٠ ، الطبعة المحققة الاولى.

(٤) مسالك الأفهام ١ : ١٩ ، الطبعة المحققة ( مؤسسة المعارف الإسلامية ).

(٥) منتهى المطلب ١ : ١٠٤.

(٦) ذكرى الشيعة : ١٠ ، الفرع الرابع من العارض الثالث.

(٧) في « ج » : مزيل التأثير.

٢٨٨

والجواب :

عن الأوّل : أنّا نسلّم كون النزح واردا على الماء وأنّ الدلاء مقدار ، ولكن نمنع كون المراد إخراج القدر مطلقا ؛ لأنّ الأوامر وردت بطريق خاص واتّباعها لازم.

وعن الثاني : أنّه وإن كان الغرض من النزح الإجراء إلّا أنّ طرقه مختلفة. والأدلّة إنّما وردت ببعض معيّن منها ، فإلحاق غيره به قياس.

مع أنّ الفارق ربّما كان موجودا من حيث إنّ تكرار النزح موجب لكثرة اضطراب الماء وتموّجه وهو مقتض لاستهلاك أجزاء النجاسة الشائعة فيه فيكون سببا لطيبه. ولعله الحكمة في الأمر به. ومن البيّن أنّ ذلك لا يحصل مع الإخراج دفعة أو ما في معناها.

[ المسألة ] الرابعة عشرة :

لا ينجس البئر بالبالوعة وإن تقاربتا ، إلّا أن يعلم وصول نجاستها إلى الماء بناء على القول بالانفعال أو بتغيّرها بها على ما اخترناه.

ولا نعرف في ذلك خلاف.

ويدلّ عليه مع الأصل رواية محمّد بن القاسم عن أبي الحسن عليه‌السلام : « في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة وأقلّ وأكثر يتوضّأ منها؟ قال : ليس يكره من قرب ولا بعد ، يتوضّأ منها ويغتسل ما لم يتغيّر الماء (١) ».

ورواية أبي بصير قال : « نزلنا في دار فيها بئر إلى جنبها بالوعة ليس بينهما إلّا نحو من ذراعين ، فامتنعوا من الوضوء منها فشقّ ذلك عليهم ، فدخلنا على

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٤١١ ، الحديث ١٢٩٤.

٢٨٩

أبي عبد الله عليه‌السلام فأخبرناه ، فقال : توضّئوا منها ، فإنّ لتلك البالوعة مجاري تصبّ في وادي ينصبّ في البحر » (١).

وقد ورد بخلاف هذا روايات رواها زرارة ومحمّد بن مسلم وأبو بصير في الحسن قالوا : « قلنا له : بئر يتوضّأ منها يجري البول قريبا منها ، أينجّسها؟ قال : فقال : إن كان البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاث أذرع أو أربع أذرع لم ينجس ذلك شي‌ء وإن كان أقلّ من ذلك نجّسها. وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمرّ (٢) الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسع أذرع لم ينجّسها. وما كان أقلّ من ذلك فلا يتوضّأ منه. قال زرارة : فقلت له : فإن كان مجرى البول يلصقها وكان لا يثبت على الأرض؟ فقال : ما لم يكن له قرار فليس به بأس ، وإن استقرّ فيه قليل فإنّه لا يثقب الأرض ولا قعر له حتّى يبلغ البئر وليس على البئر منه بأس ، فتوضّأ منه إنّما ذلك إذا استنقع كلّه » (٣).

وهذه الرواية تدلّ بظاهرها من جهات متعدّدة على حصول التنجيس بالتقارب.

ويشكل بأنّه إنّما يتمّ على القول بالانفعال بالملاقاة وقد بيّنا أنّ التحقيق خلافه.

سلّمنا ولكنّ الاتّفاق واقع من القائلين بالانفعال على عدم التنجيس بالتقارب الكثير. حكاه العلّامة في المنتهى (٤).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٣ ، الحديث ٢٤.

(٢) في « ب » : وينزّ الماء عليها.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٠ ، الحديث ١٢٩٣.

(٤) منتهى المطلب ١ : ١١٢.

٢٩٠

وقد طعن فيها بعض الأصحاب بأنّ رواتها لم يسندوها إلى إمام فيجوز أن يكون قولهم : « قلنا له » إشارة إلى بعض العلماء. قال : وهذا الاحتمال وإن كان مرجوحا إلّا أنّه غير ممتنع.

والأولى عندي أنّ نفتح للدخل فيها غير هذا الباب فنقول : إنّ الظاهر من سوقها كونها مفروضة في محلّ يكثر ورود النجاسة عليه ونظنّ فيه النفوذ ، وما هذا شأنه لا يبعد إفضاؤه مع القرب إلى تغيير الماء لا سيّما إذا طال الزمان. فلعلّ الحكم بالتنجيس حينئذ ناظر إلى شهادة القرائن بأن يكون جريان البول في مثله يفضي إلى حصول التغيّر في أوصاف الماء.

أو نقول : إنّ كثرة ورود النجاسة على المحلّ مع القرب يثمر ظنّ الوصول إلى الماء في الجملة ، بل ربّما حصل معه العلم بقرينة الحال وهو موجب للاستقذار ، ولا ريب في مرجوحيّة الاستعمال معه قبل النزح فيكون الحكم بالتنجيس والنهي عن الاستعمال محمولين على غير الحقيقة ، وهو جائز لضرورة الجمع ؛ فإنّ الأدلّة السابقة الدالّة على نفي النجاسة عن البئر بدون التغيّر معارضة له وهي أوضح دلالة وأقوى أسنادا ، فارتكاب التأويل هنا أولى.

فرع :

قال المحقّق في المعتبر : « إذا تغيّر ماء البئر تغيّرا يصلح أن يكون من البالوعة ففي نجاسته تردّد ؛ لاحتمال أن يكون منها وإن بعد ، والأحوط التطهير ؛ لأنّ سبب النجاسة قد وجد فلا يحال على غيره. لكن هذا ظاهر لا قاطع والطهارة في الأصل متيقّنة فلا تزال بالظنّ » (١).

__________________

(١) المعتبر ١ : ٨٠ ، وفيه : « والأحوط التنجيس » بدل « التطهير ».

٢٩١

وجزم العلّامة في المنتهى ببقائه على الطهارة (١) ، وقوّاه الشهيد في الذكرى (٢). قال : وهذا من باب عدم النجاسة بالظنّ.

والأمر والحكم كما قال.

[ المسألة ] الخامسة عشرة :

المشهور بين الأصحاب استحباب التباعد بين البئر والبالوعة بمقدار خمس أذرع إن كانت البئر فوق البالوعة ، أو كانت الأرض صلبة ، وإلّا فسبع.

وصرّح جماعة منهم باعتبار الفوقيّة بالجهة حيث يستوي القراران بناء على أنّ جهة الشمال أعلى فحكموا بفوقيّة ما يكون فيها منهما (٣).

وخالف ابن الجنيد في التقدير فقال في المختصر : « لا استحبّ الطهارة من بئر يكون بئر النجاسة (٤) التي يستقرّ فيها من أعلاها في مجرى الوادي إلّا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنتا عشرة ذراعا وفي الأرض الصلبة سبعة أذرع. فإن كانت تحتها والنظيفة أعلاها فلا بأس ، وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة. فإذا كان بينهما سبعة أذرع ؛ تسليما لما رواه ابن يحيى عن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام » (٥).

والذي يستفاد من هذه العبارة أنّه يرى التقدير بالاثنتي عشرة شبر طين

__________________

(١) منتهى المطلب ١ : ١١٣.

(٢) ذكرى الشيعة : ١١.

(٣) في « ب » : ما يكون فيها منها.

(٤) في « أ » و « ب » : بئر يكون بين النجاسة.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٠ ، الحديث ١٢٩٢.

٢٩٢

رخاوة الأرض وتحتيّة البئر ، ومع انتفاء الشرط الأوّل بسبع. وكذا مع استواء القرار إذا كانت المحاذاة في سمت القبلة يعني أنّ إحداهما كانت في جهة المشرق والاخرى في محاذاتها من جهة المغرب.

وهذا الاعتبار يلتفت إلى اعتبار الفوقيّة في الجهة ـ كما حكيناه عن البعض ـ فحيث تكون المحاذاة من غير جهة القبلة يكون إحداهما في جهة الشمال فيصير أعلى.

وقوله : « فإن كانت تحتها والنظيفة أعلاها فلا بأس » ظاهر في نفي التقدير حينئذ. وقد كثر في كلام المتأخّرين من الأصحاب حكاية خلافه في المسألة على غير الوجه الذي تدلّ عليه عبارته هذه فحكوا عنه التقدير بالاثنتي عشرة إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة ، وبالسبع إن كانت صلبة أو كانت البئر فوق.

وأوّل من حكى خلافه هكذا العلّامة في المختلف (١) ، وتبعه الباقون حتّى قال بعضهم : إنّه أغفل الحكم حال المساواة والرخاوة بناء على ما وجده في النقل. وقد عرفت أنّ كلامه يقتضي التقدير بالسبع حينئذ إذا كانت المساواة حاصلة باعتبار الجهة أيضا ، وأنّه لا يعتبر في صورة علوّ البئر شيئا.

وقد احتجّوا للمشهور برواية الحسن بن رباط عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن البالوعة تكون فوق البئر؟ قال : إذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع ، وإذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع من كلّ ناحية وذلك كثير » (٢).

ورواية قدامة ابن أبي زيد الجمّاز عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) مختلف الشيعة ١ : ٢٤٧.

(٢) الكافي ٣ : ٧ ، الحديث ١.

٢٩٣

قال : « سألته كم أدنى ما يكون بين البئر ـ بئر الماء ـ والبالوعة؟ فقال : إن كان سهلا فسبعة أذرع ، وإن كان جبلا فخمسة أذرع ثمّ قال : الماء يجري إلى القبلة وإلى يمين ، ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ، ويجري عن يسار القبلة إلى يمين القبلة ، ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة » (١).

وجه الاحتجاج : أنّ في كلّ من الروايتين إطلاقا وتقييدا فيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيّد ، وذلك أنّ التقدير بالسبع فيهما مطلق فتقيّد في الاولى بالرخاوة لدلالة الثانية على الاكتفاء بالخمس مع الجبليّة التي هي الصلابة. ويقيّد في الثانية بعدم فوقيّة البئر لدلالة الاولى على إجزاء الخمس مع أسفليّة البالوعة.

والظاهر أنّ المراد من قوله في الرواية الاولى : « فسبعة أذرع من كلّ ناحية » أنّه لا يكفي البعد بهذا المقدار من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البعد بالنظر إليها متفاوتا وذلك مع استدارة رأس البئر فربّما يبلغ المسافة السبع إذا قيس إلى جانب ولا يبلغه بالقياس إلى جانب آخر.

فالمعتبر حينئذ البعد بذلك المقدار فما زاده بالقياس إلى الجميع. ذكره بعض الأصحاب وهو حسن.

وحجّة ابن الجنيد الرواية التي أشار إليها وهي رواية محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البئر يكون إلى جنبها الكنيف فقال لي : إنّ مجرى العيون كلّها مع مهبّ الشمال ، فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرّها إذا كان بينهما أذرع. وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقلّ من اثنتي [ عشرة ] ذراعا. وإن كان [ تجاهها ]

__________________

(١) الكافي ٣ : ٨ ، الحديث ٣.

٢٩٤

بحذاء القبلة وهما مستويان في مهبّ الشمال فسبعة أذرع (١).

وقد تنظّر بعض الأصحاب في دلالة هذه الرواية على مدّعى ابن الجنيد بالنسبة إلى ما حكوه عنه ـ كما نبّهنا عليه ـ والأمر كذلك ؛ فإنّ اعتبار السبع في صورة علوّ البئر ليس للرواية دلالة عليه ، وقد نقلوه عنه.

ولا يخفى عليك ما بين الرواية وبين عبارته ـ التي حكيناها ـ من المناسبة إلّا في الصورة المذكورة حيث نفى البأس فيها مطلقا ، وهو في الرواية مقيّد بأن يكون بينهما أذرع.

ولعلّ السرّ في عدم تعرّضه لهذا الشرط عدم الانفكاك عنه في العادة حيث يحمل لفظ الأذرع على أقلّ الجمع ؛ إذ من المستبعد جدّا أن توضع بالوعة في جنب بئر بأقلّ من ثلاث أذرع. هذا.

وقد جمع بعض الأصحاب بين هذه الرواية وبين روايتي المشهور بحمل إطلاق الأذرع في صورة فوقيّة البئر على الخمس ، وتقييد التقدير بالسبع في صورة المحاذاة برخاوة الأرض وتحتيّة البئر ، وحمل الزائد على السبع ـ في صورة فوقيّة الكنيف ـ على المبالغة في القدر المستحبّ.

وفي الحمل الأوّل تكلّف.

وأمّا التقييد ففاسد ؛ لأنّ فرض المحاذاة ـ كما هو صريح لفظ الحديث ومقتضى المقابلة لصورتي علوّ كلّ منهما ـ كيف يجامع الحمل على تحتيّة البئر؟ نعم حمل الزيادة في الاثنتي عشرة على المبالغة ممكن.

وربّما حمل التقدير بالاثنتي عشرة على ما إذا كان علوّ الكنيف بالقرار والجهة ، وحمل السبع في الرواية السابقة على ما يكون بالقرار فقط أو بأحدهما ،

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٠ ، الحديث ١٢٩٢.

٢٩٥

وهو محتمل.

غير أنّ طرق الروايات الثلاثة ضعيفة. وكأنّ الأصحاب بنوا في العمل بها والبحث عن وجه الجمع بينها على قاعدة التساهل في أدلّة السنن.

وقد سبق في حسنة زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير الدالّة على انفعال ماء البئر بالبالوعة : التقدير بالتسع في صورة علوّ البالوعة وبالثلاث أو الأربع في عكسه (١) ، وهي أقوى ما روي في هذا الباب أسنادا. وقد ذكرها المحقّق في ذيل الاحتجاج لاستحباب التباعد بالخمس والسبع كما هو المشهور بعد أن ذكر رواية الحسن بن رباط (٢) ، ومرسلة قدامة بن أبي زيد (٣).

ثمّ قال : « فهذه الروايات لا تنفكّ من ضعف. وأجودها الأخيرة ، مع أنّهم لم يبيّنوا القائل لكن في ذلك احتياط فلا بأس به » (٤).

وأشار بعدم بيان القائل إلى ما حكيناه عن البعض من الطعن فيها بعدم إسنادها إلى إمام ، والظاهر أنّها مسندة ، فربّما كان العمل بها أقرب.

على أنّ العمل بالمشهور في مثله لا بأس به ، كما قاله المحقّق رحمه‌الله.

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ حجّتهم على اعتبار الجهة الرواية التي احتجّ بها ابن الجنيد رحمه‌الله (٥) وفي الرواية الثانية من حجّة المشهور (٦) إشعار به أيضا. وقد عرفت الحال.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٠ ، الحديث ١٢٩٣.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٠ ، الحديث ١٢٩٠.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٠ ، الحديث ١٢٩١.

(٤) المعتبر ١ : ٨٠.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٠ ، الحديث ١٢٩٢.

(٦) الكافي ٣ : ٨ ، الحديث ٣.

٢٩٦

البحث الثالث

في

الجاري والغيث

مسألة [١] :

ذهب أكثر الأصحاب إلى أنّ الماء الجاري ـ وهو النابع غير البئر ـ لا ينجس بملاقاة النجاسة وإن نقص عن الكرّ.

وخالف في ذلك العلّامة فاعتبر فيه الكرّيّة كالواقف (١). ولم يعرف له موافق ممّن تقدّمه من الأصحاب.

بل ظاهر المحقّق انعقاد إجماعهم على خلافه ؛ فإنّه قال في المعتبر : لا ينجس الجاري بالملاقاة وهو مذهب فقهائنا أجمع (٢).

والعجب أنّ العلّامة في المنتهى وافق المحقّق على نقل اتّفاق فقهائنا على عدم نجاسته بالملاقاة. وذكر قبل ذلك أنّ تغيّر الجاري بالنجاسة لا يوجب نجاسة جميعه بل القدر المتغيّر فقط. ووجّهه بأنّ غير المتغيّر لم يتحقّق فيه إلّا الملاقاة وهي لا توجب التنجيس له. ووعد بمجي‌ء دليله وعنى به

__________________

(١) منتهى المطلب ١ : ٢٨ ـ ٢٩ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ١٧.

(٢) المعتبر ١ : ٤١.

٢٩٧

ما حكيناه عنه من نقل الاتّفاق عليه على حذو ما قاله المحقّق. مضافا إلى أخبار اخرى سبقه إلى الاحتجاج بها المحقّق (١). وبالجملة فهو كثير الاقتفاء لأثره في هذا الكتاب فاستدلّ لهذا الحكم بمثل استدلاله.

ثمّ إنّه قال في تتميم مسألة التغيّر : وكذلك البحث في الواقف الزائد على الكرّ فإنّ ما عدا المتغيّر إن بلغ كرّا فهو على الأصل.

وهذا الكلام كما ترى صريح في أنّ نفيه لانفعال الجاري بالملاقاة ـ ناقلا لاتّفاق فقهائنا عليه ـ غير مختصّ بالكثير منه وإلّا لما صحّ إطلاق الحكم بعدم انفعال غير المتغيّر بمجرّد الملاقاة من دون اشتراط بلوغه الكرّ كما اشترطه في كثير الواقف هذا.

ونسخ المنتهى مختلفة في هذه المباحث كثيرا فربّما زيد في بعضها ما نقص في الآخر. وربّما عكس.

وها هنا يوجد في البعض زيادة بعد الحكمين الذين حكيناهما وهي أنّه قال في جملة فروع ذكرها : لا فرق بين الأنهار الكبار والصغار. نعم الأقرب اشتراط الكرّيّة لانفعال الناقص عنها مطلقا (٢).

وهذا عجيب بعد ما أسلفه من الفرق بينه وبين الراكد المقتضي لعدم اعتبار الكرّيّة فيه واحتجاجه في ذلك باتّفاق علمائنا عليه.

ويعزى إلى جماعة من المتأخّرين عنه الموافقة له على اشتراط الكرّيّة.

والأظهر عندي مختار الأكثر ، وعليه استقرّ رأي والدي عليه الرحمة بعد ذهابه

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤٢.

(٢) منتهى المطلب ١ : ٢٨ و ٢٩.

٢٩٨

في المسالك وغيره من مصنّفاته إلى ما اختاره العلّامة رحمه‌الله (١).

لنا : الأصل ، وما تقدّم في صحيح محمّد بن إسماعيل بن بزيع الدالّ على عدم انفعال البئر بدون التغيّر ؛ حيث علّل فيه نفي الانفعال بوجود المادّة (٢) ، وقد تقدّم أنّ العلّة المنصوصة يتعدّى بها الحكم إلى كلّ موضع يوجد فيه إذا شهدت الحال بأنّ خصوص متعلّقها الأوّل لا مدخل له فيها.

والأمر هاهنا من ذلك القبيل ، فإنّ خصوصيّة البئر لا تصلح للتعليل ، وشهادة الحال بذلك ظاهرة لمن أحاط خبرا بأحكام البئر. وحينئذ ينحصر المقتضي لنفي الانفعال في وجود المادّة وهي موجودة في مطلق النابع فيثبت له الحكم ، وهو المطلوب.

حجّة القول الآخر : عموم ما دلّ على اشتراط الكرّيّة في عدم انفعال الماء بالملاقاة فإنّه متناول لمحلّ النزاع ، وقد تقدّم.

والجواب : ـ على تقدير تسليم العموم بحيث يتناول موضع النزاع ـ أنّه مخصوص بصحيح ابن بزيع لدلالته على أنّ وجود المادّة سبب في نفي انفعال الماء بالملاقاة ، فلو كانت الكرّيّة معتبرة في ذي المادّة لكانت هي السبب في عدم الانفعال فلا يبقى للتعليل بالمادّة معنى.

فرع :

الظاهر من كلام العلّامة أعلى الله مقامه أنّه يكتفى هنا ببلوغ مجموع الماء مقدار الكرّ وإن اختلفت سطوحه (٣). وقد مرّ في بحث الواقف أنّه يشترط في بعض

__________________

(١) مسالك الأفهام ١ : ١.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٣٤ ، الحديث ٦٧٦.

(٣) منتهى المطلب ١ : ٣١.

٢٩٩

كتبه المساواة فيه على بعض الوجوه ، ولم يتعرّض لذلك هنا فكأنّه يرى للجاري خصوصيّة عن (١) الواقف في الجملة وإن شاركه في انفعال قليله بالملاقاة. ولعلّ الخصوصيّة كون الغالب فيه عدم الاستواء فلو اعتبرت المساواة على حدّ ما ذكره في الواقف للزم الحكم بتنجيس الأنهار العظيمة بملاقاة النجاسة أوائلها التي لم تبلغ مقدار الكرّ ولو بضميمة ما فوقها. وذلك معلوم الانتفاء.

[ فرع ] آخر :

إذا اتّصل الواقف القليل بالجاري لحقه حكمه فلا ينفعل بملاقاة النجاسة ويعتبر في ذلك تساوي السطحين أو علوّ الجاري.

وبهذا الاشتراط صرّح جمع من الأصحاب : منهم الشهيد رحمه‌الله في أكثر كتبه (٢). وقد سبق نقل كلامه في ذلك.

وخالف فيه والدي رحمه‌الله فاكتفى بمجرّد الاتّصال إذا صدقت معه الوحدة عرفا (٣). وصدقها حينئذ مستبعد جدّا وأطلق العلّامة الحكم في كتبه (٤). وقد مرّ تحقيق ذلك مستوفىّ.

ويعتبر أيضا كون الواقف طاهرا قبل الاتّصال ، فلو كان نجسا توقّف لحوق الحكم له على الممازجة بينهما ؛ لأنّه مع عدمها يبقى على نجاسته ، كما مرّ.

ومن اكتفى في تطهيره بمجرّد الاتّصال اكتفى به في ثبوت حكم الجاري له هنا.

__________________

(١) في « أ » و « ج » : على الواقف.

(٢) البيان : ٩٩.

(٣) الروضة البهيّة ١ : ٢٥٤.

(٤) نهاية الإحكام ١ : ٢٢٨.

٣٠٠