معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ١

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي

معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ١

المؤلف:

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي


المحقق: السيد منذر الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
ISBN: 964-91559-5-3
الصفحات: ٤٤٧
الجزء ١ الجزء ٢

فيه كالأوّل ، ولو تمّ الاحتجاج بالاعتبارات التي ذكروها لكانت دليلا في الجمع (١) وأمّا النصّ فخاصّ ، كما قد علم ، فتتوقّف التسوية التي ذكروها على الدليل. ولعلّه الاتّفاق مضافا إلى الاعتبار.

[ الفرع ] الثالث :

قال في المنتهى : « لو كان أحد الإنائين متيقّن الطهارة والآخر مشكوك النجاسة ، كما لو انقلب أحد المشتبهين ، ثمّ اشتبه الباقي بمتيقّن الطهارة ..

وجب الاجتناب » (٢).

وهذا الكلام لا يخلو عن إشكال فإنّ الفرض المذكور خارج عن مورد النصّ ومحلّ الوفاق المدّعى ، فلا بدّ لما ذكره فيه من دليل. وليس بذلك الواضح ولم أر من تعرّض له من الأصحاب سواه.

مسألة [٢] :

وإذا وقع الاشتباه في إصابة النجاسة للماء على وجه ينفعل بها فلا ريب في عدم تأثيره مع توهّم الإصابة أو الشكّ فيها.

وأمّا مع الظنّ فقيل : يحكم بالتنجيس مطلقا ، وقيل يبقى على حكم الأصل وهو الطهارة مطلقا. والأوّل محكيّ عن أبي الصلاح ، والثاني عن ابن البرّاج (٣).

وقال العلّامة في التذكرة : « إن استند الظنّ إلى سبب كقول العدل فهو

__________________

(١) في « أ » : لكانت دليلا في الجميع.

(٢) منتهى المطلب ١ : ١٧٨.

(٣) جامع المقاصد ١ : ١٥٣.

٣٨١

كالمتيقّن ، وإلّا فلا » (١).

وقال في المنتهى : « لو أخبره عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول ، أمّا لو شهد عدلان فالأولى القبول » (٢).

وقال في موضع آخر : « لو أخبر العدل بنجاسة إنائه فالوجه القبول. ولو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه فالأقرب القبول أيضا » (٣).

واحتجّ لقبول العدلين : « بأنّ شهادتهما معتبرة في نظر الشرع قطعا » (٤). ولهذا لو كان الماء مبيعا فادّعى المشتري فيه العيب لكونه نجسا وشهد له عدلان ، ثبت جواز الردّ.

وما فصّله في المنتهى هو المشهور بين المتأخّرين. وقد ذكر نحوه في موضع آخر من التذكرة (٥).

وجزم المحقّق في المعتبر بعدم القبول مع إخبار العدل الواحد.

وحكى عن ابن البرّاج القول بعدم القبول في العدلين أيضا.

ثمّ قال : « والأظهر القبول لثبوت الأحكام بشهادتهما عند التنازع ، كما لو اشتراه وادّعى المشتري نجاسته قبل العقد ، فلو شهد شاهدان لساغ الرد. وهو مبنيّ على ثبوت العيب » (٦) ، ولا بأس به.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٩٠.

(٢) منتهى المطلب ١ : ٥٥.

(٣) منتهى المطلب ١ : ٥٦.

(٤) منتهى المطلب ١ : ٥٥.

(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٤.

(٦) المعتبر ١ : ٥٤.

٣٨٢

ونصّ بعض الأصحاب على اشتراط القبول في العدلين بتبيين السبب المقتضي للنجاسة لوقوع الخلاف فيه إلّا أن يعلم الوفاق فيكتفى بالإطلاق. وهذا الاشتراط حسن ووجهه ظاهر.

وقيّد جماعة الحكم بقبول إخبار الواحد بنجاسة مائه بما إذا وقع الإخبار قبل الاستعمال ، فلو كان بعده لم يقبل بالنظر إلى نجاسة المستعمل له ؛ فإنّ ذلك في الحقيقة إخبار بنجاسة العين (١) فلا يكفي فيه الواحد وإن كان عدلا. ولأنّ الماء يخرج بالاستعمال عن ملكه إذ هو في معنى الإتلاف أو نفسه. وبهذا التقييد صرّح في التذكرة أيضا (٢).

ويحكى عن أبي الصلاح الاحتجاج لما ذهب إليه بأنّ الشرعيّات كلّها ظنّيّة وأنّ العمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل (٣). وعن ابن البرّاج أنّه احتجّ على عدم القبول حيث يشهد العدلان : بأنّ الطهارة معلومة بالأصل ، وشهادة الشاهدين لا تفيد إلّا الظنّ فلا يترك لأجله المعلوم (٤).

واجيب عن احتجاج أبي الصلاح بالمنع من العمل بمطلق الظنّ شرعا. وثبوته في مواضع مخصوصة لدليل خاصّ لا يقتضي التعدية إلّا بالقياس.

وعن حجّة ابن البرّاج بأنّ شهادة العدلين في معنى العلم شرعا للتقريب المذكور آنفا (٥). وبأنّ معلوميّة الطهارة بالأصل إن أراد بها تيقّن عدم عروض

__________________

(١) في « أ » و « ج » : إخبار بنجاسة الغير.

(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٤٤.

(٣) جامع المقاصد ١ : ١٥٣.

(٤) المهذب ١ : ٣٠.

(٥) في « أ » و « ب » : المذكور أيضا.

٣٨٣

منجّس فهو ممنوع ، وإن أراد حكم الشارع بالطهارة قطعا استنادا إلى الأصل فكذلك شهادة الشاهدين.

وأمّا ما ذهب إليه العلّامة في التذكرة فلم يتعرّض للاحتجاج عليه فيها ، ولكنّه في النهاية احتمل قبول إخبار العدل الواحد بنجاسة إناء معيّن إن وجد غيره ، ووجهه بأنّ الشهادة في الامور المتعلّقة بالعبادة كالرواية ، والواحد فيها مقبول فيقبل فيما يشبهها من الشهادة (١).

وربّما كان التفاته في كلام التذكرة إلى نحو هذا التوجيه. وحاله لا يخفى.

إذا تقرّر هذا ، فاعلم : أنّ تعارض البيّنتين في الماء بالطهارة والنجاسة موجب للإلحاق بما لو اشتبه الإناء الطاهر بالنجس عند جمع من الأصحاب. وله صورتان :

[ الصورة ] الاولى :

أن يقع التعارض في إناء واحد بأن تشهد إحدى البيّنتين بعروض النجاسة له في وقت معيّن وتشهد الاخرى بعدمه لادّعائها ملاحظته في ذلك الوقت.

والقطع بعدم حصول النجاسة له فيه وإلحاقه حينئذ بالمشتبه بالنجس أحد الأقوال للأصحاب. وممّن صرّح به العلّامة في التذكرة والقواعد (٢) ، وجعله فخر المحقّقين في الشرح أولى (٣) ، وقوّاه والدي في بعض فوائده (٤).

والقول الثاني : العمل ببيّنة الطهارة لاعتضادها بالأصل. حكاه فخر المحقّقين

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٢٥٢.

(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٤. وقواعد الأحكام ١ : ١٨٩ و ١٩٠.

(٣) إيضاح الفوائد ١ : ٢٤.

(٤) القواعد للشهيد الثاني ، مطبوع مع الذكرى : ٣٩.

٣٨٤

عن بعض الأصحاب (١).

والثالث : الحكم بتساقط البيّنتين والرجوع إلى أصالة طهارة الماء. ذكره الشهيد في البيان (٢). وقال : إنّه قويّ بعد أن استقرب الإلحاق بالمشتبه بالنجس. ةوعزاه فخر المحقّقين للشيخ مع القول الذي قبله.

والرابع : العمل ببيّنه النجاسة لأنّها ناقلة عن حكم الأصل. وبيّنة الطهارة مقرّرة ، والناقل أولى من المقرّر عند التعارض ، كما مرّ توجيهه في البحث عن تعارض الأدلّة ، ولموافقتها الاحتياط ، ولأنّها في معنى الإثبات ، والطهارة في معنى النفي. وهذا القول يعزى إلى ابن إدريس (٣) ، ومال إليه بعض المتأخّرين. وهو أحوط غير أنّ القول بالطهارة للتساقط أقرب.

[ الصورة ] الثانية :

أن تتعارضا في إناءين بأن تشهد إحداهما بأنّ النجس هو هذا بعينه وتشهد الاخرى بأنّه الآخر.

وقد ذهب جمع من الأصحاب منهم المحقّق في المعتبر (٤) ، والعلّامة في التحرير (٥) ، والشهيد في الذكرى (٦) ، والشيخ علي في شرح القواعد (٧) وغيره ،

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٢٤.

(٢) البيان ١ : ١٠٣ ، طبع مجمع الذخائر الإسلاميّة.

(٣) السرائر ١ : ٨٨.

(٤) المعتبر ١ : ٥٤ ، الفرع الثامن.

(٥) تحرير الأحكام ١ : ٦ ، الطبعة الحجريّة.

(٦) ذكرى الشيعة : ١٢ ، الطبعة الحجريّة.

(٧) جامع المقاصد ١ : ١٥٥.

٣٨٥

ووالدي في بعض فوائده (١) : إلى أنّه يصير بذلك كالمشتبه بالنجس.

وقال الشيخ في الخلاف : تسقط الشهادتان ويبقى الماء على أصل الطهارة (٢).

وقال العلّامة في المختلف : « لو شهد عدلان بأنّ النجس أحد الإنائين وشهد عدلان بأنّ النجس هو الآخر ، فإن أمكن العمل بشهادتهما وجب ، وإن تنافيا اطرح الجميع وحكم بأصل الطهارة » (٣). وله في آخر البحث كلام يدلّ على الميل إلى إلحاقه بالمشتبه بالنجس.

وقد نوقش في العبارة التي حكيناها عنه بأنّها تقتضي الحصر في عدم إمكان الجمع فلا يصحّ التقسيم إليه وإلى إمكانه. والأمر كذلك ، لكنّه سهل.

وحكى في المختلف عن الشيخ في المبسوط أنّه قال : « لا يجب القبول سواء أمكن الجمع أو لم يمكن والماء على أصل الطهارة أو النجاسة فأيّهما كان معلوما عمل عليه ». وأنّه قال : « وإن قلنا إذا أمكن الجمع بينهما قبل شهادتهما وحكم بنجاسة الإنائين كان قويّا لأنّ وجوب قبول شهادة الشاهدين معلوم في الشرع وليسا متنافيين » (٤).

قال العلّامة : « وأهمل الطرف الآخر » (٥) يعنى : أنّ الشيخ احتمل مع إمكان الجمع الحكم بنجاسة الإنائين. ولم يذكر الحكم على تقدير عدم إمكان الجمع الذي هو الطرف الآخر للترديد.

__________________

(١) القواعد للشهيد الثاني : ٣٩.

(٢) الخلاف ١ : ٢٠١.

(٣) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١ و ٢٥٢.

(٤) المبسوط ١ : ٨.

(٥) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١.

٣٨٦

وقد ذكر العلّامة عن الشيخ نحو هذا الكلام في المنتهى والتحرير (١).

وفيه نظر بيّن ، لأنّ كلام الشيخ ظاهر في أنّ صورة عدم إمكان الجمع باقية على الحكم الذي ذكره أوّلا أعني عدم وجوب القبول وبقاء الماء على مقتضى الأصل حيث عمّم الحكم في الصورتين أوّلا ثمّ أخرج إحداهما وهي صورة إمكان الجمع. واحتمل فيها ما ذكره ، فتبقى الصورة الاخرى بحالها وذلك واضح. والعجب من غفلة العلّامة عنه.

ثمّ إنّه حكى عن ابن إدريس التفصيل بإمكان الجمع بينهما وعدمه وأنّه حكم بنجاسة الإنائين في الأوّل واضطرب في الثاني ، فتارة : أدخله تحت عموم وجوب القرعة في كلّ مشكل. وتارة : أخرجه عنه. واستبعد استعمال القرعة في الأواني والثياب ، ولا أولويّة للعمل بإحدى الشهادتين دون الاخرى فيطرح الجميع ؛ لأنّه ماء طاهر في الأصل ، وحصل الشكّ في النجاسة فيبقى على اليقين. قال :

ثمّ أفتى بعد ذلك كلّه بنجاسة الإنائين وقبول الشهود الأربعة ؛ لأنّ ظاهر الشرع يقتضي صحّة شهادتهم ؛ لأنّ كلّ شاهدين قد شهدا بإثبات ما نفاه الشاهدان الآخران. قال : « وعليه انقطع نظره » (٢).

احتجّ الذاهبون إلى إلحاقه بما لو اشتبه الطاهر بالنجس بأنّ الاتّفاق حاصل من البيّنتين على نجاسة أحد الإنائين ، والتعارض إنّما هو في التعيين فيحكم بما لا تعارض فيه ، ويتوقّف في موضع التعارض.

واحتجّ الشيخ في الخلاف : بأنّ الماء على أصل الطهارة ، وليس على

__________________

(١) منتهى المطلب ١ : ٥٥. وتحرير الأحكام ١ : ٦ ، الطبعة الحجريّة.

(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١ ، وراجع السرائر ١ : ٨٦ ـ ٨٨.

٣٨٧

وجوب القبول من الفريقين ولا من واحد منهما دليل ، فوجب طرحهما وبقي الماء على حكم الأصل (١).

واحتجّ العلّامة في المختلف : بأنّه مع إمكان الجمع يحصل المقتضي لنجاسة الإنائين فيثبت الحكم. ومع امتناع الجمع يكون كلّ واحدة من الشهادتين منافية للأخرى. ويعلم قطعا كذب إحداهما. وليس تكذيب واحدة منهما بعينها أولى من تكذيب الاخرى فيجب طرح الجميع والرجوع إلى الأصل وهو الطهارة (٢).

وأنت إذا تأمّلت هذه الحجج الثلاث وجدت التحقيق في الاولى. ولا يذهب عليك أن سوقها صريح في الاختصاص بصورة عدم إمكان الجمع كما هو الحقّ ؛ فإنّ وجوب العمل بالبيّنتين في صورة الإمكان واضح جليّ ، وسنبيّنه أيضا ، ولذلك لم يتعرّض في هذه الحجّة له.

وقد ذكرنا أنّ المحقّق رحمه‌الله ممّن يذهب هنا إلى القول بالإلحاق بالمشتبه بالنجس ، وهو مصرّح بالحكم بنجاسة الإنائين إذا أمكن الجمع ، لكنّه لم يحتجّ على ما ذهب إليه بشي‌ء والحجّة التي حكيناها إنّما احتجّ بها غيره.

فأمّا حجّة الشيخ فيرد عليها أنّه لا مقتضي للإطراح إلّا التعارض وهو منفيّ بالنظر إلى أحد الإنائين من غير تعيين وإنّما وقع التعارض في التعيين ، والإطراح فيه لا يقتضي الإطراح مطلقا فيبقى معنى الاشتباه موجودا. هذا بالنظر إلى صورة عدم إمكان الجمع.

وأمّا بالنظر إلى الإمكان فسيعلم من الكلام على حجّة العلّامة. وينبغي

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٠١ ، طبعة جماعة المدرّسين.

(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١.

٣٨٨

أن يعلم أنّ كلام الشيخ في هذه الحجّة وإن لم يكن ظاهرا في التسوية بين حالتي إمكان الجمع وعدمه إلّا أنّ سوق عبارته في هذه المسألة يشعر بذلك حيث قال : « إذا شهد شاهدان أنّه ولغ الكلب في واحد من الإنائين وشهد آخران أنّه ولغ في الآخر سقطت شهادتهما وبقي الماء على أصل الطهارة » ثمّ حكى عن بعض العامّة ما يقتضي الفرق بين صورتي التنافي وعدمه. وأنّه حكم بنجاستهما في الثاني.

واحتجّ الشيخ بعد ذلك على ما اختاره بالحجّة التي حكيناها (١) ، ودلالة ذلك على تسويته بين الصورتين ظاهر. على أنّ كلامه في الحجّة ربّما أفهم كونه ناظرا في إسقاط الشهادتين والحكم بالطهارة إلى عدم قبول البيّنة بالنجاسة كقول ابن البرّاج ولم أقف له على ما يخالف ذلك في هذا الكتاب. والعبارة المحكيّة عن المبسوط سابقا لا تخلو عن إيذان بالتردّد في هذا الحكم أيضا ، وهو يقرّب احتمال البناء عليه هنا. غير أنّ القول بذلك لا يعرف لغير ابن البرّاج فليتأمّل.

وأمّا حجّة العلّامة فالذي يتعلّق منها بصورة إمكان الجمع حسن ؛ لأنّ فرض قبول البيّنة في كلّ من الإنائين مع الانفراد يقتضي القبول مع الاجتماع ؛ للقطع بعدم تأثيره حيث لا تنافي (٢) كما هو المقدّر. وأمّا ما ذكره في صورة عدم الإمكان فيرجع إلى كلام الشيخ في الخلاف وقد علم حاله.

والعلّامة تنبّه لورود المناقشة على ما ذكره في الصورة الثانية بما أشرنا إليه وحاول الجواب عنها فقال :

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٠١ ، والمجموع ١ : ١٧٨.

(٢) في « أ » و « ب » : حيث لا ينافي.

٣٨٩

« لا يقال : يحكم بنجاسه أحد الإنائين وصحّة إحدى الشهادتين فيكون بمنزلة الإنائين المشتبهين.

لأنّا نقول : نمنع (١) حصول العلم بنجاسة أحد الإنائين وصحّة إحدى الشهادتين لأنّ صحّة الشهادة إنّما يثبت مع انتفاء المكذّب أمّا مع وجوده فلا » (٢).

وهذا الكلام ظاهر الضعف ؛ فإنّ التكذيب إنّما وقع في التعيين لا مطلقا كما عرفت. ولمّا كان مجال المناقشة باقيا بحاله مع هذا الجواب استدرك العلّامة في آخر كلامه فقال :

« على أنّه لو قيل بذلك ـ يعني جعله كالمشتبه ـ كان وجها ، ولهذا يردّهما المشتري سواء تعدّد أو اتّحد » (٣).

وأراد بقوله : « ولهذا يردّهما » أنّه لو اشترى هذين الإنائين مشتر أو اثنان ثمّ شهد الشهود كما ذكر ثبت له أو لهما الخيار ، ولو لا قبول الشهادة بالنجاسة لما ثبت الخيار. وقد اعترض بأنّا لا نعلم ثبوت الخيار إلّا على تقدير قبول شهادة النجاسة فلو جعل دليلا على قبولها لزم الدور.

واجيب بأنّ الخيار ثبت جزما ؛ لأنّ شهادة الشهود بالعيب لا سبيل إلى ردّها لا سيّما مع اتّفاقهم على وجود العيب في أحد الإنائين في الجملة. مضافا إلى أنّ حقوق الآدميّين مبنيّة على الاحتياط التامّ فكيف يقال : يبقى الخيار استنادا إلى الأصل؟

نعم يمكن أن يقال : إنّ ثبوت الخيار لا يصلح دليلا على الاشتباه ، وإنّما

__________________

(١) في « ب » : يمنع.

(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٥٢.

(٣) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١.

٣٩٠

يدلّ على عدم التمسّك بالأصل. هذا. وقد عرفت أنّ حاصل كلام الشيخ في المبسوط يرجع إلى ما ذهب إليه العلّامة في المختلف فيعلم حاله توجيها وردّا ممّا قد بيّناه.

ويبقى الكلام على احتجاج ابن إدريس وما حكي عنه من الاضطراب ، وقد اشتمل كلامه على عدّة وجوده ، بعضها يوافق كلام الجماعة وبعضها يخالفه ، وحكم الموافق يعلم ممّا ذكرناه في نظيره.

أمّا المخالف فوجهان :

أحدهما : إيجاب القرعة وهو مستبعد ، كما اعترف به ؛ لعدم ظهور تناول دليل اعتبارها لمثله خصوصا بعد ملاحظة عدم التعرّض لاحتماله في مسألة اشتباه الإناء الطاهر بالنجس فضلا عن القول به.

والثاني : الحكم بنجاسة الإنائين معلّلا بأنّ ظاهر الشرع يقتضي صحّة شهادتهم ؛ لأنّ كلّ شاهدين قد شهدا بإثبات ما نفاه الآخران.

وتوضيح هذا الكلام : أنّ كلّ واحدة من البيّنتين تضمّنت إثباتا ونفيا. والإثبات هو الشهادة بالنجاسة ، والنفي الشهادة بالطهارة.

ومن القواعد المقرّرة تقديم شهادة الإثبات على شهادة النفي ، فتقبل هاهنا الشهادة بالنجاسة فيهما.

ويرد عليه أنّ اللازم من قبول البيّنتين الحكم بطهارة أحد الإنائين لاتّفاقهما عليه. والاختلاف في التعيين لا ينافيه.

وحديث تقديم شهادة الإثبات ليس على إطلاقه لو سلّمنا كون الشهادة بالطهارة في صورة عدم إمكان الجمع ـ التي هي محلّ البحث ـ شهادة بالنفي.

فرع :

قال الشيخ في الخلاف : « إذا كان معه إناءانة فولغ الكلب في أحدهما

٣٩١

واشتبها عليه وأخبره عدل بعين ما ولغ الكلب فيه لا يقبل منه ».

وحكى عن بعض العامّة القبول ، ثمّ قال : « دليلنا ما قدّمناه من خبر عمّار وسماعة ، وأنّه أمره بإراقة الإنائين والتيمّم ولم يقل إلّا أن يشهد عدل ». وأيضا قد علمنا أنّه لا يجوز له استعمالها بإجماع الفرقة. وإيجاب القبول من العدل يحتاج إليه دليل (١).

وما ذكره الشيخ جيّد. وروايتا عمّار وسماعة اللتان أشار إليهما هما السابقتان في الاحتجاج لوجوب اجتناب الإناء المشتبه.

وقد احتمل الشهيد في الذكرى القبول في مثله معلّلا له بأصالة صحّة إخباره (٢) ، وضعفه ظاهر.

[ فرع ] آخر :

حكى في الذكرى الخلاف في اعتبار ظنّ إصابة النجاسة للماء ورجّح في غير المستند إلى إخبار العدلين الطهارة ثمّ حكم باستحباب الاجتناب عند عروض هذا الاشتباه بشرط أن يكون الظنّ ناشيا عن سبب ظاهر ، كشهادة العدل وإدمان الخمر (٣).

وله وجه ، وأقلّه الخروج من خلاف من حكم بالنجاسة في مثله.

مسألة [٣] :

وإذا وقع الاشتباه في نجاسة الواقع في الماء القليل وطهارته بني على أصل

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٠٠.

(٢) ذكرى الشيعة : ١٢.

(٣) ذكرى الشيعة : ١٢.

٣٩٢

الطهارة بغير إشكال ولا خلاف يعرف في ذلك.

والأظهر أنّ من هذا الباب ما لو وقع فيه صيد مجروح حلال اللحم نجس الميتة وكان المحلّ الملاقي للماء منه خاليا من النجاسة فمات فيه واشتبه استناد موته إلى الجرح أو الماء فيحكم بطهارة الماء حينئذ.

وهو أحد القولين للعلّامة. اختاره في بعض كتبه (١) ، وقوّاه الفاضل الشيخ علي في شرح القواعد (٢) وحكم جمع من الأصحاب بنجاسة الماء بذلك وهو القول الثاني للعلّامة ذهب إليه في أكثر كتبه (٣) ، ووافقه ولده فخر المحقّقين في الشرح ، والشهيدان رحمهم‌الله (٤).

وتوقّف المحقّق في المعتبر (٥).

لنا : أصالة طهارة الماء السالمة عن معارضة يقين حصول الرافع لها شرعا فإنّ الشكّ في استناد الموت إلى الجرح أو الماء يقتضي الشكّ في عروض النجاسة فلا يعلم حصول الرافع.

احتجّوا بأنّ تحريم الصيد حينئذ ثابت بالإجماع ، وجملة من الأخبار.

منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أنّه سئل عن رجل رمى صيدا وهو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموت؟ فقال : « كلّ منه. وإن وقع

__________________

(١) تحرير الأحكام ١ : ٦.

(٢) جامع المقاصد ١ : ١٥٦.

(٣) قواعد الأحكام ١ : ١٩٠ ، ونهاية الإحكام ١ : ٢٥٦ ، ومنتهى المطلب ١ : ١٧٢.

(٤) إيضاح الفوائد ١ : ٢٥ ، والبيان ١ : ١٠٣.

(٥) المعتبر ١ : ١٠٣ ، الفرع السابع.

٣٩٣

في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه » (١).

والحكم بتحريم اللحم يدلّ على عدم تحقّق الذكاة ، وذلك يقتضي الحكم بموته حتف أنفه ، والنجاسة لازمة له.

والجواب : المنع من دلالة حرمة اللحم على عدم تحقّق الذكاة وإنّما يدلّ على ذلك لو كان الحكم بالتحريم موقوفا عليه ، وهو في حيّز المنع أيضا ؛ لجواز استناده إلى جهالة الحال وحصول الاشتباه ؛ فإنّ التحريم حينئذ هو مقتضى الأصل لاشتراط الحلّ بأمر وجوديّ. ولا ريب أنّ الأصل في مثله العدم فيعمل بكلّ من أصلي طهارة الماء وحرمة اللحم.

وما يقال : من أنّ العمل بالأصلين إنّما يصحّ مع إمكانه وهو منتف ؛ لأنّه كما يستحيل اجتماع الشي‌ء مع نقيضه كذلك يستحيل اجتماعه مع نقيض لازمه. وموت الحيوان يستلزم نجاسة الماء فلا يجامع الحكم بطهارته كما لا يجامع تذكيته.

فجوابه : أنّ عدم الإمكان إنّما يتحقّق إذا جعل التحريم مستندا إلى العلم بعدم التذكية الذي هو عبارة عن موته حتف أنفه لا إذا جعل مسبّبا عن عدم العلم بالتذكية. والحكم بطهارة الماء إنّما يتوقّف على عدم العلم بوجود النجاسة لا على العلم بعدمها ؛ إذ الشكّ في نجاسة الواقع لا يقتضي نجاسة الماء قطعا كما بيّناه.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٩ : ٥٢ ، الحديث ٢١٦ ، باب الصيد.

٣٩٤

البحث السابع

في

بقايا مسائل متفرّقة من أحكام المطلق

مسألة [١] :

المشهور بين الأصحاب أنّ الماء إذا أسخنته الشمس في الآنية كره استعماله في الطهارة. وقد ادّعى فيه الشيخ الإجماع في الخلاف إلّا أنّه اشترط في الحكم القصد إلى ذلك حيث قال : « المسخّن بالشمس إذا قصد به ذلك مكروه إجماعا » (١).

وأطلق في النهاية (٢) وكذا أكثر الأصحاب بل صرّح جمع منهم بعدم الفرق.

واحتجّوا : لأصل الحكم بما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على عائشة وقد وضعت قمقمتها في الشمس فقال : يا حميرا ما هذا؟ قالت : أغسل رأسي وجسدي. قال : لا تعودي فإنّه يورث البرص » (٣).

وما رواه إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول

__________________

(١) الخلاف ١ : ٥٥ ، المسألة ٤.

(٢) النهاية ونكتها ١ : ٢١١.

(٣) الاستبصار ١ : ٣٠ ، الحديث ٧٩ ، الباب ١٦.

٣٩٥

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الماء الذي تسخّنه الشمس لا توضّئوا به ، ولا تغتسلوا به ، ولا تعجنوا به ؛ فإنّه يورث البرص » (١).

وإنّما حمل النهي في الروايتين على الكراهة مع أنّه حقيقة في التحريم لوجهين.

أحدهما : مراعاة الجمع بينهما وبين ما رواه الشيخ عن محمّد بن سنان قال : حدّثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بأن يتوضّأ بالماء الذي يوضع في الشمس » (٢).

والثاني : إنّ العلّة المذكورة للنهي راجعة إلى المصلحة الدنيويّة وذلك قرينة كون النهي للإرشاد على حدّ قوله تعالى ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (٣).

واعترض : بأنّ العود إلى المصلحة الدنيويّة لا يدلّ على عدم كون النهي للتحريم ، كيف! ووجوب دفع الضرر ممّا لا ريب فيه.

واجيب : بأنّ دفع الضرر إنّما يجب مع العلم أو الظنّ وهما منتفيان ، والقدر الثابت هنا إنّما هو الإمكان.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر الخبر الأوّل يوافق ما ذكره الشيخ في الخلاف من اشتراط الحكم بالقصد (٤) ، ولكنّ الخبر الثاني عامّ وليس بينهما منافاة تدعو إلى الجمع بحمل العام على الخاص ، فيتّجه عدم الفرق لو كانت الروايات ناهضة بإثبات الحكم ؛ فإنّها بأجمعها ضعيفة السند وضميمة الإجماع المحكي إليها إنّما يفيد بالنظر إلى الخاص إذ لم ينقل الإجماع إلّا عليه ، كما

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥ ، الحديث ٥.

(٢) الاستبصار ١ : ٣٠ ، الحديث ٧٨.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٨١.

(٤) الخلاف ١ : ٥٤.

٣٩٦

قد علم ، فيقع الشكّ في التعميم. غير أنّ اعتبار العلّة يقتضي عدم الفرق.

فروع :

[ الفرع ] الأوّل :

نصّ كثير من الأصحاب على أنّه لا فرق في ثبوت الكراهة هنا بين كون الآنية منطبعة ) وغيرها ، ولا بين كون ذلك في قطر حارّ وعدمه ، محتجّين بعموم النصّ (٢).

وقال العلّامة في النهاية : « إن علّلنا كراهة الشمس بأنّه يورث البرص احتمل اشتراط أمرين : كونه في الأواني المنطبعة كالحديد والرصاص والنحاس ؛ لأنّ الشمس إذا أثّرت فيها استخرجت منها زهومة تعلو الماء ومنها يتولّد المحذور عدا الذهب والفضّة لصفاء جوهرهما. واتّفاقه في البلاد المفرطة الحرارة دون الباردة والمعتدلة لضعف تأثير الشمس فيها. ولا فرق بين أن يقع ذلك قصدا أو اتّفاقا ؛ لعدم اختلاف المحذور ، ويحتمل عموم الكراهة في الأواني المنطبعة وغيرها كالخزفيّة وفي البلاد الحارّة وغيرها لعدم توقّف الكراهة على خوف المحذور عملا بإطلاق النهي. والتعرّض للمحذور إشارة إلى حكمته فلا يشترط حصولها في كلّ صورة » (٣). هذا كلامه ، وهو جيّد.

غير أنّ ظاهر الأصحاب الإطباق على التعميم إذ لم ينقلوا القول بالاختصاص في الآنية والبلاد إلّا عن بعض العامّة.

__________________

(١) في « ب » : الآنية منطبقة.

(٢) انظر روايتي ابن عبد الحميد وابن أبي زياد المتقدّمتين في أوّل المسألة.

(٣) نهاية الإحكام ١ : ٢٢٦.

٣٩٧

[ الفرع ] الثاني :

قال في التذكرة : « لو زال التشميس احتمل بقاء الكراهة لعدم خروجه عن كونه مشمسا » (١).

وقطع الشهيد رحمه‌الله في الذكرى ببقائها (٢). وتبعه جماعة من المتأخّرين محتجّين بالاستصحاب ، وبظاهر التعليل بخوف البرص ، وبصدق الاسم بعد الزوال إذ المشتقّ لا يشترط فيه بقاء أصله كما حقّق في محلّه.

والتمسّك بمثل هذا الاستصحاب منظور فيه. وقد مرّ الكلام عليه.

وفي الاستناد إلى التعليل إشكال ، ووجهه يعلم ممّا ذكر في الفرع السابق.

وأمّا ملاحظة صدق الاسم فلا يخلو عن قرب. ومن ثمّ اقتصر عليه في تعليل احتمال البقاء في التذكرة. واستقرب في المنتهى البقاء محتجّا به (٣) ، وله وجه.

وما يقال : من أنّ عدم اشتراط بقاء المعنى في المشتقّ إنّما هو إذا لم يكن زواله بطريان وصف وجوديّ يضادّه ، كما حقّق في موضعه. ومن البيّن أنّ زوال السخونة إنّما هو بطريان البرودة وهي وصف وجوديّ يضادّها.

فجوابه : أنّ الاشتقاق من التسخين لا من السخونة فليتأمّل.

[ الفرع ] الثالث :

ذهب بعض من عاصرناه من مشايخنا إلى اشتراط الكراهة هنا بقلّة الماء.

وظاهر جماعة من متأخّري الأصحاب القول بعدم الفرق بين القليل والكثير تمسّكا بإطلاق النصّ والفتوى ، والتعليل. وللنظر في ذلك مجال.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ١٣.

(٢) ذكرى الشيعة : ٨ ، العارض الثاني.

(٣) منتهى المطلب ١ : ٢٥.

٣٩٨

وربّما كان اعتبار القلّة أقرب.

[ الفرع ] الرابع :

قال بعض الأصحاب : إنّما يحكم بالكراهة هنا إذا وجد ماء آخر للطهارة إذ مع عدم وجدان غيره تجب الطهارة به فلا يتصوّر ثبوت الكراهة.

واعترض : بأنّه لا منافاة بين الوجوب عينا والكراهة ، كما في الصلاة وغيرها من العبادات على بعض الوجوه. واللازم من ذلك عدم زوال الكراهة هنا بفقدان غيره ؛ لبقاء العلّة ، وعدم منافاة وجوب الاستعمال لها. وفيه نظر.

[ الفرع ] الخامس :

لا كراهة فيما تسخّنه الشمس في غير الآنية من حوض أو نهر أو ساقية. وقد حكى فيه العلّامة الإجماع في النهاية والتذكرة (١). وبالجملة فهو ممّا ليس فيه إشكال ولا شبهة.

[ الفرع ] السادس :

ألحق جماعة من الأصحاب باستعمال المسخّن بالشمس في الطهارة ساير وجوه الاستعمال له من تناول ، وإزالة نجاسة ، ونحوهما ، فحكموا بكراهة الجميع ؛ نظرا إلى دلالة التعليل عليها.

واقتصر الشهيد رحمه‌الله في الذكرى على استعماله في الطهارة والعجين محتجّا لذلك بالخبر (٢). وقد سبق في رواية إسماعيل بن أبي زياد (٣) الجمع بين الطهارة والعجين في النهي عن استعماله ، وهو ما عناه الشهيد بالخبر. والصدوق أفتى

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٢٢٦ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ١٣.

(٢) ذكرى الشيعة ١ : ٨ ، العارض الثاني.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٩ ، الحديث ١١٧٧.

٣٩٩

بمضمونه أيضا في من لا يحضره الفقيه ، فاقتصر على الطهارة والعجين (١).

مسألة [٢] :

والماء المسخّن بالنار لا بأس باستعماله. وهو قول أكثر الأصحاب (٢) ، لا يعرف بينهم فيه خلاف.

واستثنوا من ذلك غسل الأموات ، فحكموا بكراهة استعماله فيه ، وقد روي استعماله في غير الأموات من فعل الصادق عليه‌السلام.

فروى الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تصيبه الجنابة ، وهو في أرض باردة ولا يجد الماء وعسى أن يكون الماء جامدا؟ قال : يغتسل على ما كان. إلى أن قال : وذكر أبو عبد الله عليه‌السلام أنّه اضطرّ إليه وهو مريض فأتوه به مسخّنا فاغتسل به » (٣). الحديث.

ووردت روايات بالنهي عن استعماله في غسل الميّت ، منها :

ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال : « قال أبو جعفر : لا تسخّن الماء للميّت » (٤).

ومنها : ما رواه في الحسن عن عبد الله بن المغيرة عن رجل عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قال : « لا تقرب الميت ماء جميعا » (٥).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٧.

(٢) في « أ » و « ج » : وهو قول الأصحاب.

(٣) الاستبصار ١ : ١٦٣ ، الحديث ٥٦٤. وتهذيب الأحكام ١ : ١٩٨ ، الحديث ٥٧٦.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٣٢٢ ، الحديث ٩٣٨.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٣٢٢ ، الحديث ٩٣٩.

٤٠٠