أو ثوابا ، ولا يستحقّ تاركه ذمّا أو عقابا ، ويرادفه التطوّع ، والاستحباب ، والنفل ، والسنّة.
والكراهة ، وتعريفها ظاهر بعد العلم بأنّه (١) مقابل الندب.
والإباحة ، وهو الحكم الذي لا يقتضي شيئا من الفعل والترك ، بل هما متساويان ، أو لا يستحقّ فاعله وتاركه شيئا من المدح أو الثواب (٢) ، والذمّ أو العقاب ، ويرادفها الجائز ، والحلال.
اعلم أنّه ظهر من التقسيم انحصار أقسام الحكم (٣) في الفعل دون الترك ، وقد صرّح به القوم (٤) أيضا.
واستدلّوا عليه : بأنّ الترك أمر عدمي ، والتكليف لا يتعلّق بالمعدوم ؛ لأنّ المكلّف به لا بدّ أن يكون شيئا يمكن إحداثه وتركه ، والمعدوم لا يقدر على إيجاده ؛ لاستلزامه تحصيل الحاصل (٥).
واورد عليه بأنّ الفقهاء كثيرا ما يستعملون أقسام الحكم في الترك ، فيقولون : يستحبّ في الصلاة ترك السود وترك الثوب الرقيق ، ويكره ترك الرداء للإمام (٦).
واجيب : بأنّ المراد من الترك في كلامهم إيجاد الضدّ ، أو توطين النفس عليه ، أو جعله مستمرّا. فالمراد من استحباب ترك السود استحباب فعل يشتمل على ترك السود ، أعني لبس البيض مثلا ، أو توطين النفس على الترك المذكور والعزم عليه بعد ما كان فارغ القلب عنه ، أو الاستمرار على الترك المذكور والبقاء عليه. وحينئذ يكون متعلّق الحكم الفعل دون الترك (٧).
أقول : الحقّ أنّه لا فرق في ورود الإيراد المذكور وجوابه بين أن يكون متعلّق الحكم الفعل أو تركه ؛ لأنّه إن اخذ متعلّق الحكم الترك ، فلا بدّ في فعل الترك ـ أعني إيجاد نفس الترك ـ إلى الجواب بأحد الوجوه المذكورة ، وفي تركه لا يحتاج إليه ؛ لأنّ ترك الترك هو الفعل.
__________________
(١) كذا في النسختين. والأولى : « بأنّها ».
(٢) في « ب » : « أو الذمّ ».
(٣) والمراد أقسام متعلّقات الحكم.
(٤) فإنّهم عرّفوا الحكم الشرعي بأنّه خطاب الله تعالى ، المتعلّق بأفعال المكلّفين. راجع التمهيد : ٤٨ ، وغيره.
(٥) حكاه الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٣٥ ، القاعدة ٢.
(٦) المصدر.
(٧) راجع منتهى الوصول لابن الحاجب : ٤٣.