وما ورد من ذمّهم على ترك العبادة ، كقوله تعالى : ( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ )(١).
وما دلّ من أنّ الله يعاقبهم على ترك العبادات ، كقوله تعالى : ( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ )(٢) الآية.
احتجّ الخصم : بأنّه لو وقع التكليف لوجب عليهم القضاء (٣).
والجواب : أنّ الأمر بالأداء ليس أمرا بالقضاء ، بل هو بأمر جديد ، فلا ملازمة بينهما.
وكيفيّة التفريع : أنّه يحرم علينا إعانة الكفّار بالمحرّم عندنا ، كالخمر ، والخنزير ، والأكل والشرب في نهار رمضان. وعلى القول بعدم تكليفهم لا تحرم. وإذا زنى ذمّيّ ، فيجب عليه الحدّ بمقتضى شرعنا ، أو شرعهم ، والحاكم مخيّر في ذلك. ويتأتّى عدم الوجوب على القول بعدم تكليفهم ، كما ذهب إليه بعض العامّة (٤).
فصل [٢٠]
قيل : كلّ مكلّف به لا بدّ أن يكون فعلا ، فالمكلّف به في النهي فعل ضدّ المنهيّ [ عنه ] ؛ فإذا قيل : لا تتحرّك ، فمعناه اسكن ، وليس المراد منه التكليف بترك الحركة ؛ لأنّه عدم ، وكلّ عدم غير مقدور عليه (٥).
والأكثر على أنّ المكلّف به في النهي الترك ، إلاّ أنّهم اختلفوا في أنّ المراد منه الكفّ وتوطين النفس عليه حتّى يكون فعلا أيضا ، أو نفي الفعل؟ ذهب إلى كلّ منهما طائفة (٦) ؛ فالمذاهب ثلاثة.
وحجّة الأوّل ما ذكر.
__________________
(١) فصّلت (٤١) : ٦ و ٧.
(٢) المدّثّر (٧٤) : ٤٢ و ٤٣.
(٣) حكاه الأسنوي في نهاية السؤل ١ : ٣٧٠.
(٤) راجع تمهيد القواعد : ٧٧ ، القاعدة ١٧.
(٥) نسبه القاضي عضد الدين إلى أكثر المتكلّمين في شرح مختصر المنتهى ١ : ٢٠٢ ، ويفهم ذلك من العلاّمة في تهذيب الوصول : ١١١.
(٦) راجع : المستصفى : ٧٢ ، والمحصول ١ : ٣٥٠ ، وتهذيب الوصول : ١١١ ، والتمهيد للإسنوي : ٢٩٤.