فصل [٣]
أجمع المسلمون على وجوب العمل بالقرآن الموجود الآن واتّباعه. وقد وقع الخلاف بين أصحابنا في تغييره ، وتحريفه. فمعظم الأخباريّين على أنّه وقع فيه التحريف ، والزيادة ، والنقصان (١). والصدوق (٢) والسيّد (٣) والطبرسي وأكثر المجتهدين على أنّه لم يقع فيه ذلك (٤) ، بل القرآن الذي نزل به جبرئيل هو ما بين دفّتي المصحف من غير زيادة ونقصان.
احتجّ الأوّلون بوجوه :
منها : استفاضة الأخبار بالسقوط في بعض المواضع المعيّنة من القرآن ، والتحريف في بعضها ، كآية الغدير (٥) ، وآية ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى )(٦) ، وآية ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ )(٧) ، وغيرها (٨).
ومنها : الأخبار (٩) الدالّة على وقوع تحريف وزيادة في القرآن من غير تعيين موضعهما (١٠).
ومنها : أنّ كتّاب الوحي كانوا أربعة عشر رجلا ، والقرآن نزل منجّما بحسب المصالح ، وكانوا في الأغلب لا يكتبون إلاّ آيات الأحكام وما ينزل في المجامع ، ولم يكونوا متمكّنين من كتابة ما ينزل في خلوات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل كتابة الجميع كان منحصرا بعليّ عليهالسلام ، فكان
__________________
(١) راجع الوافية : ١٤٧.
(٢) تصحيح الاعتقاد ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد / ج ٥ ) : ١٢٣.
(٣) جوابات المسائل الرازية ( ضمن رسائل الشريف المرتضى / ج ١ ) : ١٠٢ ـ ١٠٥ ، ونقله الطبرسي في مجمع البيان ١ : ٤٢ ، الفنّ الخامس.
(٤) مجمع البيان ١ : ٤٢ ، الفنّ الخامس.
(٥) وهي قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) ، المائدة (٥) : ٦٧.
(٦) النساء (٤) : ٢.
(٧) آل عمران (٣) : ١١٠.
(٨) نقل القمّي الأخبار عن منبع الحياة للسيّد نعمة الله الجزائري في قوانين الاصول ١ : ٤٠٣.
(٩) راجع الكافي ٢ : ٦٣٤ ، باب النوادر ، ح ٢٨.
(١٠) في « ب » : « موضعها ».