يصير غالبا بحيث يهجر المعنى الأوّل بالكلّيّة حتّى لا يكون محتمل الإرادة عند الإطلاق ، والمعنى المجازيّ في المجاز الراجح لا يصير غالبا كذلك ، بل استعماله غالب على الاستعمال الحقيقي ، إلاّ أنّ المعنى الحقيقيّ يكون محتمل الإرادة عند الإطلاق بالاحتمال المرجوح.
وبالجملة ، إرادة المعنى المنقول إليه يقينيّة ، وإرادة المجاز الراجح ظنّيّة.
يعرف كلّ واحد من الحقيقة والمجاز بامور :
منها : تصريح الواضع باسمه ، أو حدّه ، أو خاصّته ، كأن يقول : إرادة هذا المعنى من هذا اللفظ غير مشروطة بالقرينة ، أو مشروطة بها (٢).
ومنها : التقدّم في الذكر والتأخّر فيه ؛ فإنّه إذا ذكر أهل اللغة معاني متعدّدة للّفظ ولم يعلم الاشتراك ـ سواء علم أنّ بعضها حقيقة وبعضها مجاز من دون التعيين ، أو وقع الشكّ في الاشتراك والحقيقة والمجاز ، وكونها جميعا مجازات ـ فإنّه يحكم حينئذ بالحقيقة والمجاز ؛ لأنّه خير من الاشتراك ، كما سيجيء (٣) ، ومن كون جميعها مجازات ؛ لبعده. ويحكم بأنّ المقدّم في الذكر حقيقة ، والمؤخّر فيه مجاز ؛ لبعد ذكر المجاز مقدّما على الحقيقة.
ومنها : التبادر وعدمه ، فالأوّل علامة الحقيقة ، والثاني علامة المجاز. والتبادر الذي من علامة الحقيقة أعمّ من أن يكون مطلقا ، أو من حيث الإرادة. فعلى الأوّل يكون جميع معاني المشترك متبادرة على الاجتماع ، وعلى الثاني يكون جميعها متبادرة على البدليّة.
وبعض الاصوليّين جعل علامة الحقيقة عدم تبادر الغير ، وعلامة المجاز تبادره (٤).
__________________
(١) في « ب » : « قاعدة ».
(٢) مثال للأخير أي « خاصّته ».
(٣) في تعارض أحوال اللفظ ، الفصل ١٦ ، ص ٧٢ ـ ٧٧.
(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٢٠ ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : ٣٢٤ ، الفائدة ٣٤.