وإذا فعلوا ذلك فقد ضلّوا وأضلّوا » (١).
ومنها : أنّ بناء شرعنا على الفرق بين المتماثلات والجمع بين المختلفات ، فلا يحكم من تشابه المحالّ بتشابه الأحكام (٢).
ومنها : أنّه لو كان حجّة ، لورد التعبّد به ؛ لأنّ الاستدلال به ممّا يعمّ ، والوقائع التي يستدرك به كثيرة ، وما يتفرّع عليه أكثر ممّا يتفرّع على سائر الأدلّة ، ويستحيل عادة أن لا يرد التعبّد بمثله من الشرع لو كان حجّة ، ولو ورد التعبّد به ، لاشتهر بين أهل الشرع ؛ لتوفّر الدواعي على ضبط مثله.
وقد اجيب عن هذه الوجوه بأجوبة (٣) لا يخفى ضعفها على من له أدنى فطانة ، ولذا أعرضنا عن إيرادها والتعرّض لردّها.
ثمّ إنّها بإطلاقها كما تدلّ على بطلان مطلق قياس مرجوح التأثير تدلّ على بطلان مطلق القياس وإن كان راجح التأثير ، إلاّ أنّ ما استثنيناه يخرج بقاطع ، كما أشرنا إليه (٤) فيبقى الباقي.
احتجّ الخصم بوجوه :
منها : أنّه ظهر عن كثير من الصحابة ـ شائعا ذائعا ـ ما يدلّ على حجّيّته ، ولم ينكرهم أحد ، فيكون إجماعا (٥).
أمّا ثبوت الملزوم فبطرق :
الاولى (٦) : أنّهم عملوا به صريحا في وقائع من غير نكير ، كما روي أنّ عمر شكّ في قتل الجماعة بالواحد ، فقال عليّ عليهالسلام : « أرأيت لو اشترك نفر في سرقة البيت تقطعهم؟ » فقال : نعم ، قال : « هكذا فيها » فرجع إلى قوله (٧).
__________________
(١) حكاه الهيثمي في مجمع الزوائد ١ : ١٧٩ ، باب في التقليد والقياس.
(٢) قاله العلاّمة في مبادئ الوصول : ٢٢٠.
(٣) راجع المحصول ٥ : ٨٧ ـ ٩٣.
(٤) في ص ٤٦١.
(٥) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٤٣.
(٦) تأنيث « الاولى » إمّا باعتبار أنّ « الطريق » يذكّر ويؤنّث ، أو يكون « الطرقة » بمعنى الطريق والطريقة وجمعها « الطرق ».
(٧) ذكره ابن الباجي في إحكام الفصول : ٥٢٢ باختلاف يسير.