لفظا بإزائه فيعلم منه أنّ منظوره الماهيّة من حيث هي ، ولا دخل للخارج والذهن لذلك.
وعلى أيّ تقدير ، لا كلام في أنّ الألفاظ لم توضع للأشباح المثاليّة ، كالصور المرتسمة على الجدار والماء والمرآة ، بل إطلاقها عليها على المجاز.
ويتفرّع على هذا جواز النظر إلى صور النساء الأجنبيّة المرتسمة في الماء والمرآة والجدار ، وعدم الحنث بالنظر إلى شبح زيد ـ مثلا ـ في الماء أو المرآة إذا أقسم أن لا ينظر إليه. وكذا الحكم في النذور والعهود والتعليقات.
الكلام يطلق على ما يتلفّظ به حقيقة ، وعلى النفسي مجازا. وهذا ظاهر من اللغة (١) والعرف.
وكذا الحكم في « الكلمة » و « القول » و « الذكر ».
وإذا كان الأمر هكذا ، فكلّ حكم علّق على أحد المذكورات نفيا أو إثباتا ، فتحقّقه موقوف على تحقّقه كذلك. والأمثلة ظاهرة.
لا يشترط في الكلام أن يكون صادرا من متكلّم واحد ، وهذا لا خلاف فيه ، ودليله ظاهر ، فلو توافق شخصان على أن يقول أحدهما : « زيد » والآخر : « قائم » يكون كلاما.
ويتفرّع عليها أنّه إذا وكّل رجل شخصين في إعتاق عبده ، أو بيع متاعه ، فقال أحدهما : « أعتقت » أو « بعت » ، وقال الآخر : « هذا » كان هذا العتق والبيع صحيحين.
ويلزم من هذه القاعدة أنّه لو قال رجل لآخر : « لي عليك ألف » ، فقال المدّعى عليه : « إلاّ عشرة » ، يثبت الإقرار بباقي الألف.
ورجّح في التمهيد (٢) عدم الثبوت ؛ لأنّ المدّعى عليه نفى بعض الألف ، ونفي بعض الشيء لا يستلزم ثبوت الباقي وفيه تأمّل.
__________________
(١) المعجم الوسيط : ٧٩٦ ، « ك ل م » : « الكلام في أصل اللغة : الأصوات المفيدة ».
(٢) تمهيد القواعد : ٣٣٠ ، ذيل القاعدة ١٠١.