الفضائل الخلقيّة ، وهي العدالة في عرف العقلاء ، أي الملكة المقتضية لاستواء الأفعال واستقامتها.
وعرّفت شرعا في المشهور بأنّها ملكة في النفس تمنعها عن الكبائر ، والإصرار على الصغائر ومنافيات المروءة (١).
وقيل : كيفيّة راسخة تبعث على ملازمة التقوى والمروءة (٢).
والظاهر أنّ المراد من التقوى الاجتناب عن الكبائر ، والإصرار على الصغائر ، فلا فرق بين التعريفين. وإن كان المراد منه ما هو فوق ذلك ، فغير مسلّم ، وليس عليه دلالة شرعيّة ، ولا عرفيّة ، ولا لغويّة.
والغرض أنّ للتقوى مراتب ، واحدة منها الاجتناب المذكور. والعدالة ليست إلاّ الهيئة النفسانيّة الملازمة له ، صرّح به الأكثر (٣) ، ودلّ عليه خبر ابن أبي يعفور عن الصادق عليهالسلام ، حيث قال : « ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار » (٤) ، ولا ينافيه صدره ، وهو قوله : « أن يعرفوه بالستر والعفاف ، والكفّ عن الفرج ، والبطن واليد ، واللسان » ؛ لثبوت التلازم بين الاجتناب المذكور والعفاف ، والكفّ.
وقيل : محافظة دينيّة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ، ليس معها بدعة. وتتحقّق باجتناب الكبائر ، وترك الإصرار على الصغائر ، وبعض الصغائر (٥) ، وبعض المباح (٦).
وقوله : « دينيّة » لإخراج الكافر.
وقوله : « ليس معها بدعة » لإخراج المبتدع.
والحقّ عدم الاحتياج إليهما ؛ لخروجهما من (٧) « ملازمة التقوى ».
__________________
(١) كما في معالم الدين : ٢٠١.
(٢) قاله الفخر الرازي في المحصول ٤ : ٣٩٨ ، والعلاّمة في نهاية الوصول إلى علم الأصول ٣ : ٤٢٠ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٣٧٢.
(٣) منهم الفخر الرازي في المحصول ٤ : ٣٩٨.
(٤) تهذيب الأحكام ٦ : ٢٤١ ، ح ٥٩٦.
(٥) لم يرد في « ب » : « وبعض الصغائر ». ولكنّه موجود في المصدر.
(٦) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٧٧ ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٦٧.
(٧) أي من جهة ملازمة التقوى ، أو يكون « من » بمعنى الباء.