وأمّا على وجوبه ، فبأنّ القدرة تتعلّق حقيقة بالسبب دون المسبّب ؛ لأنّ إيجاد السبب مستلزم لإيجاده ، وبدون إيجاده لا يمكن إيجاده ، فالأمر بالمسبّب أمر حقيقة بالسبب وإن تعلّق ظاهرا به (١).
والجواب عن الجزء الأوّل :
أمّا عمّا مرّ من أدلّة المنع ، فلما عرفت جوابها (٢).
وأمّا عن الأصل ، فبأنّ حجّيّته عند عدم الدليل.
وعن الجزء الثاني : فنحن نقول به. ويدلّ عليه ـ مضافا إلى ما ذكره وذكرنا قبل ذلك ـ نقل الإجماع ؛ فإنّه نقل جماعة الإجماع على وجوب السبب (٣).
واحتجّ ابن الحاجب على عدم وجوب غير الشرط الشرعي بما مرّ (٤).
وقد عرفت الحال. وعلى وجوبه : بأنّه لو لم يجب لكان الآتي بالمشروط فقط آتيا بجميع ما امر به ، فيلزم خروجه عن كونه شرطا شرعيّا (٥).
واجيب (٦) بمنع الشرطيّة (٧) ، أي ليس الآتي بالمشروط فقط آتيا بجميع ما امر به ، لأنّ الإتيان بالمشروط بدون الشرط غير صحيح. وليس هذا لكونه واجبا شرعيّا ، بل لكونه ممّا لا بدّ منه شرعا ، كما أنّ الشرط العقلي ممّا لا بدّ منه عقلا. فالفرق بينهما أنّ اللابدّيّة في العقلي عقليّة ، وفي الشرعي شرعيّة ، واللابدّيّة الشرعيّة غير الوجوب ، بناء على مغايرة الحكم الوضعي للشرعي.
وقد عرفت (٨) أنّ الحقّ عدم المغايرة بينهما ؛ فاللابدّيّة الشرعيّة مستلزمة للوجوب
__________________
(١) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٨٣ ، وتهذيب الاصول : ١١٠.
(٢) في ص ١٤٠ وما بعدها.
(٣) كابن الحاجب في منتهى الوصول : ٣٦ و ٣٧ ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ٩٠ و ٩١ ، والتفتازاني في شرح الشرح كما في سلّم الوصول المطبوع مع نهاية السؤل ١ : ٢٠٠.
(٤) راجع ص ١٣٥.
(٥) راجع : منتهى الوصول لابن الحاجب : ٣٦ ، وشرح مختصر المنتهى ١ : ٩٠ و ٩١ ، ونهاية السؤل ١ : ٢٠٦.
(٦) أجاب به الأسنوي في نهاية السؤل ١ : ٢٠٠ و ٢٠١.
(٧) والمراد بها الملازمة.
(٨) راجع ص ٩٥.