عالم » ففي الفرض الأول الّذي يكون الشك فيه بحسب الحقيقة في متعلّق الحكم لا موضوعه ـ فيما إذا لم يفرض انحصار العالم في المنقضي عنه المبدأ ـ يكون الدوران بين التعيين والتخيير الّذي هو مجرى أصالة البراءة عن التعيين عندنا مطلقاً ، فيجوز الاكتفاء في مقام الامتثال بإكرام من كان عالماً سابقاً.
وفي الفرض الثاني : فصل صاحب الكفاية ( قده ) بين ما إذا تنجز الحكم بعد انقضاء المبدأ وما إذا كان متنجّزاً من حين التلبس فشك في ارتفاعه بانقضاء التلبس ، فحكم باستصحاب عدم الحكم في الأول واستصحاب بقاء الحكم في الثاني (١).
وفي كلا الشقّين من هذا التفصيل كلام.
امَّا الشقّ الأول ، فلان مقتضى التحقيق المطابق مع مسالكه قدسسره أيضا التفصيل بين حالتين :
الأولى : ما إذا تأخّر جعل الحكم عن زمان التلبس ، فتجري أصالة البراءة عن التكليف أو استصحاب عدمه لكونه من الشك في حدوث التكليف.
الثانية : ما إذا كان الجعل ثابتاً في زمان التلبس أيضا ولكنَّه كان معلّقاً على شرط ـ كنزول المطر مثلاً ـ يتحقق بعد انقضاء التلبس ، وفي مثله يجري استصحاب الحكم بنحو القضية التعليقية ، حيث يقال انَّ المطر لو كان قد نزل قبل الانقضاء كان الحكم فعلياً ويشك في فعليّته بعده لاحتمال دخل فعلية التلبس فيه كاحتمال دخل العنبية في حرمة العصير المغلي فيجري الاستصحاب التعليقي عند القائلين به.
وامَّا الشق الثاني : فقد أورد عليه السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ :
أولا : بأنَّه شبهة حكمية ولا يجري فيها الاستصحاب.
وثانياً : انَّه شبهة مفهومية ولا يصحّ إجراؤه فيها أيضا (٢).
والاعتراض الأول اعتراض مبنائي. وقد ذكرنا في موضعه من بحوث الاستصحاب أن الصحيح جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية والموضوعية جميعاً.
__________________
(١) كفاية الأصول ج ١ ص ٢١ ( ط ـ مشكيني )
(٢) محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ٢٧٠ ( مطبعة الآداب في النجف )