عناية زائدة ومئونة على خلاف طبع هذه الجمل.
٢ ـ انَّ الحمل لا يراد به اتحاد مفهومين في مصداق واحد خارجاً فحسب ليقال أن هذا مستحيل في المقام ، بل المراد صدق المحمول على الموضوع وكونه واقعاً فيه حينما ينظر إليه. ومن الواضح انَّ مفهوم « أبوه عالم » أو « اجتهد » صادق في حقّ زيد حقيقة على تقدير كونه كذلك. فالجملة الحملية موضوعة لإفادة النسبة التصادقية بمعنى أنَّه كلَّما لاحظت الموضوع وجدت المحمول صادقاً في حقّه تصوّراً ، وهذا كما يعقل في المحمول الأفرادي كذلك يتعقل في الجملة.
وبعد أن اتّضح ما هو مفاد الجملة الخبرية التامة ـ اسمية أو فعلية ـ تبقى نقطة وهي : أن هذا المفاد الّذي يتمثّل في نسبة تامة تصادقيّة هل هو مدلول نفس هيئة الجملة ، كما افترضنا من خلال الحديث وهو المشهور ، أو مدلول لجزء من الجملة ، كما قد يدّعى ذلك في الجملة الاسمية تارة وفي الجملة الفعلية أخرى؟
امَّا في الجملة الاسمية ، فقد يدّعى أن الربط فيها بين المحمول والموضوع مفاد ضمير مقدر ، وتعود جملة « زيد عالم » إلى قولنا « زيد هو عالم ».
ويرد عليه : أن ضمير ( هو ) له مفهوم اسمي استقلالي فلا يعقل أن يتحقّق به ربط بنحو من أنحاء النسبة بين الموضوع والمحمول ، ولو كان الضمير دالاً على معنى حرفي نسبي لما صحّ أن يقع موضوعاً في الجملة مع وضوح ان الضمير في سائر الموارد بمعنى واحد.
وأمَّا في الجمل الخبرية الفعلية. فهل النسبة التصادقيّة الإسنادية مدلول الهيئة القائمة بالجملة الطارئة على هيئة الفعل ، أو مدلول هيئة الفعل ولو مع قيد؟ في ذلك بحث. فإن بني على الأول لزم أن يكون لهيئة الفعل مدلول نسبي يدخل في أحد طرفي النسبة التصادقية التامة ولا بدَّ أن يكون نسبة ناقصة ، وان بني على الثاني فلا موجب لافتراض دلالة هيئة الفعل على النسبة الناقصة ، وسيأتي تحقيق ذلك عند الكلام حول الهيئات الإفرادية.