الجهة الثالثة : بعد الفراغ عن عدم الامتناع يتكلم عن صحة استعمال اللفظ المفرد في أكثر من معنى على وجه الحقيقة وعدمها ، فقد يقال : ان في الاستعمال المذكور إخلالا بقيد الوحدة المأخوذ في مقام الوضع وتقريب ذلك بوجهين : أحدهما : ان يدعى ان قيد الوحدة مأخوذ في المعنى الموضوع له. والآخر : أن يدعى انه دخيل في غرض الواضع ولم يؤخذ قيدا في المعنى الموضوع له لاستحالة تقييده به ، ولما كان دخيلا في الغرض امتنع إطلاق المعنى الموضوع له ، من قبيل قصد امتثال الأمر في العبادات ؛ ولزم التقيد به في مقام الاستعمال الجاري على طبق الوضع.
أما الوجه الأول ، فيرد عليه : أن الوحدة المدعى أخذها في المعنى الموضوع له إن كانت بمعنى الوحدة الذاتيّة المساوقة لشيئية الشيء في مقابل كون الشيء اثنين ، فمن الواضح انها محفوظة في موارد استعمال اللفظ في أكثر من معنى. وإن كانت بمعنى الوحدة اللحاظية الاستغراقية ، أي أن يكون ملحوظا باللحاظ الاستقلالي لا الضمني في مقام الاستعمال ، فهذا اللحاظ الاستعمالي لو تعقلنا أخذه في المعنى الموضوع له ـ على بحث تقدم في مسألة تبعية الدلالة للإرادة ـ فهو محفوظ في المقام ، لأن المفروض ملاحظة كل من المعنيين بلحاظ استقلالي في مقام الاستعمال لا ملاحظة مجموع المعنيين شيئا واحدا مركبا ، وإلا كان من استعمال اللفظ في المعنى الواحد وإن كانت بمعنى نفي ثبوت لحاظ للمعنى الآخر في مقام الاستعمال ؛ فهذا أمر لا يعقل أخذه قيدا في المعنى الموضوع له ، لأن المراد به ليس مفهوم عدم اللحاظ الآخر بل واقعة مع انك عرفت ان طرفي العلقة الوضعيّة يجب أن يكونا مفهومين وتصورين ولا يعقل أن يكون أحد الطرفين أمرا وجوديا لأن الانتقال الوضعي انتقال تصوري بحث. وهذا هو الجواب الصحيح لا ما أفاده المحقق العراقي ( قده ) وغيره من ان الوحدة اللحاظية في مقام الاستعمال من مقومات الاستعمال فلا يعقل أخذها في المعنى المستعمل فيه السابق