إرادة المعنى الحقيقي بأن تقيد العلقة الوضعيّة المجعولة بهذه الحالة ، ولازم ذلك عدم الحمل على المعنى المجازي إلا في حالة عدم إرادة المعنى الحقيقي وبذلك تثبت الطولية.
ويرد عليه : انا لو تعقلنا تقييد العلقة الوضعيّة على هذا النحو فلا يمكن أن نفسر بذلك أقوائية ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي في مرحلة المدلول التصوري على نحو لو سمعنا اللفظ من شخص غير مريد لمعنى أصلا لانسبق الذهن إلى المعنى الحقيقي بدرجة أكبر ، فان دلالة اللفظ على كل من المعنى الحقيقي والمجازي إذا كانت بسبب الوضع فلما ذا يتبادر المعنى الحقيقي في مقابل المعنى المجازي تصورا. فلا بد إذن من تفسير الدلالتين معا على أساس وضع واحد وهو وضع اللفظ للمعنى الحقيقي ، ولما كان المعنى الحقيقي أحق بهذا الوضع من المعنى المجازي كان نصيبه من الدلالة أكبر على ما شرحناه.
الوجه الخامس : أن يقال : بتصوير وضعين أحدهما للمعنى الحقيقي وهو وضع مطلق تعييني. والآخر للمعنى المجازي منوط بالجامع بين نصب القرينة وإرادة معنى على نحو الإجمال من اللفظ ، ويتعين حينئذ تقديم المعنى الحقيقي في حالة عدم القرينة ونفي الإجمال ولو بالأصل وظهور الحال.
ولا يرد على هذا التقريب : النقض بصحة الاستعمال المجازي بلا قرينة ، لأن الاستعمال كذلك مساوق للإجمال ومعه يكون الوضع للمعنى المجازي فعليا. ولا يرد عليه : لزوم فعليه كلا الوضعين في حالة إطلاق اللفظ من غير المريد ، لأن الوضع الثاني غير متحقق في هذه الحالة لعدم القرينة وعدم الإجمال فيتعين انسباق المعنى الحقيقي.
ولكن هذا انما ينسجم على تقدير التعامل مع العلقة الوضعيّة كأمر اعتباري قابل للتقيد بحال دون حال ، وهو غير صحيح على ما مر تحقيقه.
النقطة الثانية : بعد الفراغ عن تفسير دلالة اللفظ على المعنى المجازي على أساس الوضع الأول بالنحو المتقدم يقع الكلام في انه هل يصح استعمال اللفظ في المعنى المجازي ما دام أصبح صالحا للدلالة عليه أو تتوقف صحته على وضع معين أو عناية إضافية؟. ودعوى الاحتياج إلى الوضع هنا لأجل تصحيح الاستعمال وفي النقطة