تمهيد
لا شك في انَّ تعيين مدلول كلّ كلمة ـ سواءً كانت اسماً أو فعلاً أو حرفاً أو هيئة ـ من شأن علوم اللغة والبحوث اللغوية بمعناه العام الّذي يتناول الصرف والنحو أيضا.
ووظيفة الممارسين لعلوم اللغة تحديد المدلول لكلّ كلمة أو هيئة بالقدر الّذي يتيح للمستعمل أن يميّز مدلول كلّ كلمة عن مدلول الأخرى في الحدود التي تتصل بأغراضه في مقام الاستعمال ، وامَّا البحث في كنه ذلك المدلول وحقيقته فليس من وظيفة علوم اللغة وإذا أردنا مثالاً لهذا الموقف أمكن تنظيره بقاموس يوضع لشرح مصطلحات الأدوات والمواضعات التي يباشرها أو يحتاجها العامل الممارس للكهرباء ، فانَّ القاموس وظيفته أن يشرح له معنى السالب والموجب مثلاً وليس من وظيفته أن يشرح له حقيقة السالب والموجب ، وامَّا البحث في كنه المدلول وحقيقته فهو في ذمة غير علوم اللغة من العلوم الطبيعة والفلسفية والمنطقية. والتوضيح كما يلي : حينما نطرح قضية البياض في الجسم تارة « نتساءل ما هو لون البياض كما يتساءل الغريب عن اللغة العربية ، فيقال له أنَّه هذا اللون المعهود في العاج مثلاً ، وهذا وظيفة اللغوي. وثانية : نتساءل عن المصداق الخارجي لمفهوم هذا الكلام ، أي مدلوله