وعلى كل حال فلا ريب في اندراج محل البحث في القاعدة المذكورة ، فما في المعتبر ـ من عدم طهارة الأعيان النجسة بالاستحالة وعدم طهارة الخنزير إذا صار ملحا كالمنتهى وعن التحرير ونهاية الأحكام بل والقواعد ، وإن قال فيه : وفي استحالة العذرة ترابا نظر ، بل في المنتهى نسبته إلى أكثر أهل العلم مع زيادة النص في معقد ذلك على عدم طهارة العذرة الواقعة في البئر المستحيلة حمأة ، كما ان ذكر الخلاف فيه من أبي حنيفة خاصة في المعتبر يشعر بعدمه بيننا ـ ضعيف جدا لا أعرف لهما موافقا عليه سوى ما عساه يظهر من الأردبيلي من الميل ، وسوى ما عن موضع من المبسوط من النص على عدم طهارة تراب العذرة ، مع ان ما حكي عنه في موضع آخر انه لا بأس بالتيمم بتراب القبر منبوشا أو غيره يعطي الطهارة.
بل يمكن تنزيل كلامه على صيرورة العذرة كالتراب في تفرقة الأجزاء ، لا أنها استحالت ، فيرتفع التنافي ، بل قد يقال بتعيينه ، لعدم خلاف في الطهارة في الصورة المفروضة حتى من الفاضلين ، إذ قد صرحا في المعتبر والمنتهى بطهارة التراب المستحيل من الأعيان النجسة ، وإن تردد فيه أولا أولهما ، كما انه نظر فيه في القواعد ثانيهما.
وإن كان ينبغي أن يقضى العجب من فرقهما بين المسألتين ، بل والمسائل السابقة التي قد عرفت الاتفاق عليها ، خصوصا مع تعليل المنتهى للطهارة هنا بأن الحكم معلق على الاسم ، فيزول بزواله ، وفيه وفي المعتبر بما دل على طهورية التراب ، وللنجاسة هناك فيهما (١) أي في المستحيل ملحا بأنها قائمة بالأجزاء فلا تزول بتغير أوصاف محلها ، بل ينبغي تضاعف العجب من هذا التعليل الذي لا شاهد عليه ، بل الشاهد على خلافه كما عرفت.
__________________
(١) أي في المعتبر والمنتهى.