وأما ثانيا فبمنع دعوى عدم القول بالفصل إن أراد القطعي منه ، بل والظني أيضا مع عدم حجيته في نفسه عندنا ، لأنه وإن كان لم يصرح أحد ممن قال بالطهارة بعدم جواز الصلاة لكن جماعة ممن نسب إليهم النجاسة لم يصرحوا بها ، بل اقتصروا على ذكر حرمة الصلاة إذا كانت الجنابة من حرام ، كالصدوقين والشيخ في الخلاف ، بل هو معقد إجماع الأخير كالنسبة إلى دين الإمامية في الأمالي ، وذلك منهم إن لم يكن ظاهرا في إرادة حرمة الصلاة خاصة ، كفضلات ما لا يؤكل لحمه فلا ريب في كونه محتملا ، سيما مع كون ما تخيل مستندا لهم من الرضوي وخبري الذكرى والبحار لا تعرض فيها لحرمة غير الصلاة ، بل قد يدعى ظهورها فيه ، لاستبعاد التعبير بالحرمة في جميعها عن النجاسة.
بل قد تشعر عبارة الصدوق في الفقيه بذلك ، قال فيه : « ومتى عرق في ثوبه وهو جنب فليتنشف فيه إذا اغتسل ، وان كانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة فيه ، وان كانت من حرام فحرام الصلاة فيه » لظهور أن موضوع الحكمين الأخيرين في كلامه الثوب الذي أمر بالتنشف فيه.
فبان لك حينئذ قوة القول بالطهارة وفاقا للمراسم والسرائر ومن تأخر عنهما ، إلا أن الاحتياط لا ينبغي تركه في سائر ما اشترط بالطهارة ، خصوصا الصلاة ، سيما بعد ما عرفت من قيام احتمال التعبد فيها خاصة وان كان طاهرا ، بل لعله لا يخلو من وجه ، للإجماعين والأخبار المتقدمة ، فتأمل جيدا.
ولا يلحق بالجنب من حرام المحتلم قطعا وإجماعا ، فما عن ابن الجنيد من الاحتياط في عرقه ضعيف جدا لا نعرف له مأخذا يعتد به ، ولقد أجاد بعض المحققين بقوله : « لا نعرف له وجها ولا موافقا ».