أخبر بالاستبراء ، وما دل (١) على دخول الوقت المشروط بالعلم بأذان العدل العارف ، وغير ذلك ، بل ثبوت الأحكام الشرعية به أكبر شاهد على ذلك.
بل يمكن بالتأمل في الأخبار كخبر اللمعة (٢) المتقدم في غسل الجنابة ، وخبر النهي (٣) عن إعلام المصلي بكون الدم في ثوبه المتقدم في النجاسات وغيرها استفادة تنزيل خبر العدل منزلة اليقين ، والاكتفاء به على وجه الضابط والقاعدة في كل موضوع لم يثبت كونه من الشهادة المعتبر فيها التعدد ، بل لعل ثبوت أصل النجاسة به دون التنجس مع انه ليس من الشهادة في شيء متنافيان ، إذ هو أيضا فيه قاطع لقاعدة اليقين ولاعتبار العلم وغيرهما ، ومنه يعلم حينئذ تنزيله منزلتهما في المقامين.
ودعوى تسليمه في أصل النجاسة دون التنجيس تحكم من غير حاكم ، فلا جهة حينئذ للقول بكون التعارض بين ما دل على اعتبار العلم في النجاسة وبين ما دل على حجية قبول خبر العدل من وجه ، ولا مرجح ، فيبقى على أصل الطهارة ، إذ قد عرفت تحكيمه في أصل النجاسة القاضي بتنزيله منزلة العلم واليقين في التنجس أيضا ، لاتحاد مدركهما ، ولعله لذلك كله كان خيرة ظاهر موضع من التذكرة القبول ، كما انه عنه في النهاية احتماله ، ومال إليه في الحدائق ، إلا أن الانصاف بقاء المسألة في حيز الإشكال ، لإمكان التأمل والنظر في سائر ما تقدم من المقال بمنع بعضه وعدم ثبوت المطلوب بالآخر.
نعم ينبغي القطع بقبول البينة في ذلك كما صرح به في بعض الكتب السابقة ، وحكي عن آخر ، بل لا أجد فيه خلافا إلا ما يحكى عن القاضي وعن ظاهر عبارة الكاتب والشيخ ، ولا ريب في ضعفه ، لظهور تنزيلها منزلته في الشرع ، إذ هي من باب الأسباب لا مدخلية للظن في اعتبارها ، كظهور استحقاق الرد أو الفسخ والمطالبة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب الأذان والإقامة من كتاب الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ١.