ويستحب اجتناب جلد ما لا يؤكل لحمه من ذي النفس الذي تقع عليه التذكية حتى يدبغ بعد ذكاته كالسباع ، فإنها مما تذكى للإجماع المحكي عن الفاضلين والشهيد ، وموثق سماعة (١) « سألته عن جلود السباع ينتفع بها ، قال : إذا رميت وسميت فانتفع بجلده » كموثقه الآخر (٢) « سألته عن تحريم السباع وجلودها ، فقال : أما اللحوم فدعها ، وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تصلوا فيها ».
وبذلك ينقطع أصالة عدم التذكية بناء على أنها أمر شرعي كما يشهد له اختلاف أفرادها من ذكاة السمك والجراد وغيرهما ، بل ما كان تذكيته الذبح قد اعتبر الشارع فيه من التسمية والاستقبال ونحوهما ما به خرج عن إرادة المعنى اللغوي بحيث ينتفى الاسم بانتفائها ، ويندرج تحت الميتة لا المذكى النجس مثلا.
نعم قد يقال بعدم الاحتياج إلى أزيد مما ثبت من اعتباره في المأكول من ذي النفس متى ثبت كون الحيوان مما يقبل التذكية حتى يدل دليل على الزيادة ، فتأمل جيدا.
بل وكذا إن قلنا إن التذكية لغوية لكنها من الأسباب الشرعية التي رتب الشارع عليها أحكاما عديدة ، فمع الشك في سببيتها بالنسبة إلى أحد أفراد موضوعها ومحلها فالأصل عدمها أيضا ، إلا أنه قد يمنع الشك حينئذ ويدعى ترتب الأحكام على مسمى التذكية ، فيكون الأصل بالعكس ، بل يؤيده ما عن القاموس والصحاح أنها الذبح ، لكن العرف والشرع يأباه ، إذ الذبح فيهما أعم من التذكية كما لا يخفى على من لاحظ الأدلة بل واللغة أيضا ، وما عن القاموس والصحاح تفسير بالأعم كما هو دأب أهل اللغة ، أو أن المراد الذبح الشرعي المخصوص.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب لباس المصلي ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة مع اختلاف كثير.