و قال في الثاني : « آمر الجارية فتغسل ثوبي من المني فلا تبالغ في غسله فأصلي فيه فإذا هو يابس ، قال : أعد صلاتك ، أما انك لو كنت غسلته أنت لم يكن عليك شيء » ـ يدفعه قصور الشاهد سندا في البعض ، ودلالة في الآخر عن قابلية ذلك ، خصوصا بعد ما عرفت من دعوى ظهور الإجماع على عدم الفرق ، وبعد إمكان دعوى ظهور أخبار عدم الإعادة في غير المتفحص عن طهارة ثوبه وبدنه ، لأنه المتعارف من أحوال الناس ، كإمكان دعوى قصور دلالة الصحيح الأول بخروج الشرط فيه مخرج الغالب القاضي بعدم اعتبار مفهومه ، بل الجميع عن تمام الدعوى من تعميم الحكم لسائر النجاسات ، كتعميمه لما قام معه شاهد يورث الظن أو الشك بحصول النجاسة وما لم يقم ، مع أنه لا دلالة فيها على غير المني أو هو مع البول ، إلا أن يتمم بظهور عدم الفرق ، كما انها لا دلالة فيها على إعادة من لم يقم له شاهد بالنجاسة ففرط في النظر.
لكن الانصاف كون الأحوط مع ذلك كله الإعادة ، خصوصا مع قيام الشاهد ففرط في النظر والبحث ، بل لعل القول به فيه لا يخلو من قوة ، ولا ينافيه ظهور الأدلة في جواز تعويله على أصالة الطهارة واستصحابها.
بل هو صريح صحيح زرارة (١) « فهل علي إن شككت في أنه أصابه شيء أن أنظر فيه؟ قال : لا ، ولكنك انما تريد أن تذهب عنك الشك الذي في نفسك » الحديث.
ضرورة عدم ملازمة جواز التعويل لعدم وجوب الإعادة لو تبين الخلاف بعد ذلك.
وإن كان ربما يومي اليه التعليل في صحيح زرارة (٢) « قلت : فان ظننت أنه أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا ثم صليت فرأيت ، قال : تغسله ولا تعيد ، قلت : لم ذاك؟ قال : لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا » الحديث. إلا أنه يمكن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ١.