سيلان دمها كما عن المحقق الثاني تفسيرها بما يقرب من ذلك أمكن حينئذ انطباق جملة من عبارات أصحابنا كالخلاف والغنية وغيرهما على المختار ، بل هو معقد إجماع الكتابين.
كما أنه يمكن إرادة من اعتبر الحرج في العفو كما عن الشيخ في أكثر كتبه ، والفاضل في الإرشاد تحديد الرخصة بالبرء لا دوام السيلان ، أو الحرج النوعي دون الشخصي ، أو الاحتراز به عن الجروح الصغار التي يعد انقطاع دمها برؤها عرفا أو بمنزلته. فيوافق المختار أيضا ، بل يمكن إرجاع أكثر العبارات إليه أيضا وان كان لا يخلو من تجشم في بعضها.
وكيف كان فالأقوى ما عرفت ، للحرج النوعي ، وإطلاق بعض النصوص السابقة ، وترك الاستفصال في آخر ، والتحديد بالبرء المعلوم عادة انقطاع السيلان قبله في ثالث ، ولا ينافيه وصف الجرح بالسائل في منطوق الشرط في خبر سماعة ، مع احتمال إرادته حينا فحينا.
فلا وجه حينئذ للمناقشة في دلالته ودلالة خبر أبي بصير أيضا باحتمال إرادة الانقطاع ولو لفترة من البرء لذلك ، ولعطف الانقطاع عليه فيه ، إذ هو مع سماجته مجاز بلا قرينة ، وتصرف في الأدلة المخصصة لما دل (١) على مانعية مطلق الدم للصلاة من غير معارض ، وقول ابني مسلم وعجلان في خبريهما : « فلا تزال تدمي » مع أنه ليس من كلام الامام عليهالسلام ولا صراحة فيه بإرادة دوام ظهور الدم ، لاحتمال إرادة الخروج حينا فحينا أيضا ، كقولهم : لا يزال فلان يتكلم أو يتردد إلى موضع كذا لا دلالة فيه على اختصاص العفو به دون غيره لو نزل الجواب على خصوص السؤال ، بل أقصاه حينئذ عدم الدلالة على المدعى لا الدلالة على عدمه.
مع أن الانصاف قاض بظهور سؤاله وجوابه في أولوية حكم غير السائل وان لم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب النجاسات.