الادوات اللفظية ونوع لطف في الذهن يحيط به القوة الذاهنة على الواقعة المحكية باطرافها ولوازمها ومتعلقاتها.
فهيهنا جهات ثلث يمكن أن تجتمع في الوجود أو تفترق فربما أحاط إنسان بلغة من اللغات فلا يشذ عن علمه لفظ لكنه لا يقدر على التهجي والتكلم ، وربما تمهر الانسان في البيان وسرد الكلام لكن لا علم له بالمعارف والمطالب فيعجز عن التكلم فيها بكلام حافظ لجهات المعنى حاك لجمال صورته التي هو عليها في نفسه ، وربما تبحر الانسان في سلسلة من المعارف والمعلومات ولطفت قريحته ورقت فطرته لكن لا يقدر على الافصاح عن ما في ضميره ، وعى عن حكاية ما يشاهده من جمال المعنى ومنظره البهيج.
فهذه امور ثلاثة : أولها راجع إلى وضع الانسان بقريحته الاجتماعية ، والثانى والثالث راجعان إلى نوع من لطف القوة المدركة ، ومن البين أن إدراك القوى المدركة منا محدودة مقدرة لا نقدر على الاحاطه بتفاصيل الحوادث الخارجية والامور الواقعية بجميع روابطها ، فلسنا على أمن من الخطأ قط في وقت من الاوقات ، ومع ذلك فالاستكمال التدريجي الذي في وجودنا أيضا يوجب الاختلاف التدريجي في معلوماتنا أخذا من النقص إلى الكمال ، فأي خطيب اشدق واي شاعر مفلق فرضته لم يكن ما يأتيه في أول أمره موازنا لما تسمح به قريحته في أواخر أمره ؟ فلو فرضنا كلاما إنسانيا أي كلام فرضناه لم يكن في مأمن من الخطأ لفرض عدم إطلاع متكلمه بجميع أجزاء الواقع وشرائطه ( أولا ) ولم يكن على حد كلامه السابق ولا على زنة كلامه اللاحق بل ولا أوله يساوي آخره وإن لم نشعر بذلك لدقة الامر ، لكن حكم التحول والتكامل عام ( ثانيا ) ، وعلي هذا فلو عثرنا على كلام فصل لا هزل فيه ( وجد الهزل هو القول بغير علم محيط ) ولا إختلاف يعتريه لم يكن كلاما بشريا ، وهو الذي يفيده القرآن بقوله : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا الآية ) النساء ـ ٨٢ ، وقوله تعالى : ( والسماء ذات الرجع والارض ذات الصدع إنه لقول فصل وما هو بالهزل ) الطارق ـ ١٤. انظر إلى موضع القسم بالسماء والارض المتغيرتين والمعنى المقسم به في عدم تغيره واتكائه على حقيقة ثابتة هي تأويله ( وسيأتي ما يراد في القرآن من لفظ التأويل ) ، وقوله تعالى : ( بل هو قرآن مجيد في لوح