كيف؟! مع أنّ أخبار جواز تأخير الدفع أكثر ، وكثير منها صحاح ، والشهرة المتأخّرة (١) معها ، والإجماع المنقول في السرائر يعضدها (٢) ، ومحض ترجيح الشهرة المتقدّمة ـ لو سلّمت ـ على المتأخّرة لا يوجب منع التكافؤ ، سيّما مع ما عرفت في أخبار المنع من فقد الدلالة.
والجواز وإن كان مذهب أبي حنيفة ، ولكن عدمه أيضا مذهب الشافعي وأحمد كما في المنتهى والتذكرة (٣) ، ومجرّد أشهريّة مذهب أبي حنيفة في بعض الأعصار لا يصلح قرينة لحمل أخبار الجواز على التقيّة.
وأمّا تضمّن الموثّقة وبعض أخبار التأخير لما ذكر فلا يوجب وهنا في سائر أجزاء الخبر ، كما هو القاعدة المسلّمة ، مع أنّ الموثّقة ليست دالّة على جواز الاكتفاء عن العزل بالكتابة والثبت ؛ لاحتمال أن يكون المراد كتابة المعزول وتثبيته بعد عزله ، وتقديم الزكاة في بعض الأخبار لو لم يجز محمول على سبيل القرض كما يأتي.
استدلّ الثاني : بالأصل.
وبموثّقة يونس المتقدمة (٤) ، وصحيحة ابن سنان : في الرجل يخرج زكاته فيقسّم بعضها ويبقي بعض يلتمس لها المواضع ، فيكون بين أوّله وآخره ثلاثة أشهر ، قال : « لا بأس » (٥).
وصحيحة حمّاد : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين » (٦).
__________________
(١) انظر رقم ٥ من ص : ٣٦٢.
(٢) السرائر ١ : ٤٥٤.
(٣) المنتهى ١ : ٥١٠ ، التذكرة ١ : ٢٣٧.
(٤) في ص : ٣٦١.
(٥) الكافي ٣ : ٥٢٣ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ٤٥ ـ ١١٨ ، الوسائل ٩ : ٣٠٨ أبواب المستحقين للزكاة ب ٥٣ ح ١.
(٦) التهذيب ٤ : ٤٤ ـ ١١٤ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ ـ ٩٦ ، الوسائل ٩ : ٣٠٢ أبواب المستحقين للزكاة ب ٤٩ ح ١١.