إلّا أنّه يشكل «الوجه الثاني» ، بأنّ التعليل المذكور في الأخبار بظاهره غير مستقيم ؛ لأن خلافهم ليس حكما واحدا حتى يكون هو الحقّ.
وكون الحقّ والرشد فيه بمعنى وجوده في محتملاته لا ينفع في الكشف عن الحقّ. نعم ، ينفع
____________________________________
أو الوجه الرابع وهو تقديم المخالف لعدم احتمال التقيّة فيه للخبر المذكور ، أي : ما سمعته منّي يشبه قول الناس ففيه التقيّة ... إلى آخره.
إلّا أنّه يشكل «الوجه الثاني» ، بأنّ التعليل المذكور في الأخبار بظاهره ، أي : مع قطع النظر عن التوجيهين الآتيين في قوله : ويمكن دفع الاشكال ... إلى آخره ، غير مستقيم ؛ لأن خلافهم ليس حكما واحدا حتى يكون هو الحقّ.
إذ قد يكون خلافهم مردّدا بين الأحكام ، كما إذا كان أحد الخبرين المتعارضين دالّا على الوجوب مثلا ومذهب العامّة هو الالتزام بالوجوب ، وكان الخبر الآخر دالّا على الحرمة مثلا ، فيكون خلاف مذهب العامّة مردّدا بين الاحتمالات الأربعة :
١ ـ الحرمة.
٢ ـ الاباحة.
٣ ـ الاستحباب.
٤ ـ الكراهة.
فما ذكر في الأخبار من كون الحقّ في خلافهم لا يستلزم كونه في الحرمة على سبيل التعيين ؛ لاحتمال كونه فيها كاحتمال أنّه في أحد الثلاثة الباقية احتمالا مساويا ، فلا يفيد الظنّ ولو نوعا بكون الحكم الواقعي هي الحرمة معيّنة ، فوجوب الأخذ بالخبر المخالف لا يجعله من المرجّح المضموني الذي مبناه على لحاظ الأقربيّة إلى الواقع.
نعم ، إنّما يتمّ ذلك فيما إذا انحصر الاحتمال بين الوجوب والحرمة. وبالجملة أنّ الدليل وهو كون الرشد في خلافهم (١) أخصّ من المدّعى وهو ترجيح الخبر المخالف ؛ لأن خلافهم قد ينحصر في الخبر المخالف ، كما إذا تردّد جهر البسملة عند الامّة بين الوجوب والحرمة ودلّ خبر على الوجوب وخبر على الحرمة ، ووافقت الحرمة للعامّة.
__________________
(١) الكافي ١ : ٨ / خطبة الكتاب ، وفيه أيضا : ٦٧ / ١٠. الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. التهذيب ٦ : ٣٠١ / ٨٤٥. الوسائل ٢٧ : ١١٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١٩.