وقد يحدث الترجيح ، كما إذا ورد : «اكرم العلماء ، ولا تكرم فساقهم ، ويستحب إكرام العدول» ، فإنّه إذا أخصّ العلماء بعدولهم يصير أخصّ مطلقا من العدول ، فيخصّص العدول بغير علمائهم ، والسر في ذلك واضح ، إذ لو لا الترتيب في العلاج لزم إلغاء النصّ أو طرح الظاهر المنافي له رأسا ، وكلاهما باطل.
____________________________________
ومثال الصورة الثالثة أكرم العلماء ولا تكرم فسّاقهم ، ويكره إكرام الشعراء الفسّاق ، فإنّ التعارض بين الأوّل والثالث بالعموم والخصوص من وجه ، وبعد تخصيص العلماء بالعدول من جهة قوله : ولا تكرم فسّاقهم يكون التعارض بينه وبينه بالتباين مع فرض عدم مرجّح في البين ، ويمكن جعل هذا مثالا للاولى أيضا إذا فرض كون العلماء بعد تخصيصه بالعدول أقلّ فردا من الشعراء الفسّاق. انتهى مع تصرّف ما.
فنرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، حيث قال في ذيل قوله : فقد تنقلب النسبة ما هذا لفظه : وحينئذ قد لا يحدث الترجيح ، كما إذا ورد أكرم العلماء ولا تكرم الشعراء ويستحب إكرام عالم غير شاعر وشاعر غير عالم ، فإنّ نسبة الأوّلين هي العموم من وجه بلا رجحان دلالي ونسبة كلّ منهما مع الثالث هي العموم المطلق ، فيخصّصان به وتنقلب نسبتهما إلى التباين ، كأنّه قال : أكرم العلماء الشعراء ولا تكرم الشعراء العلماء ولا رجحان أيضا.
وقد يحدث الترجيح ، كما إذا ورد : «أكرم العلماء ، ولا تكرم فساقهم ، ويستحب إكرام العدول» ، فإنّه يتعارض الأوّل مع الثاني بالعموم المطلق ، ومع الثالث بالعموم من وجه.
و إذا أخصّ العلماء بعدولهم تنقلب النسبة من العموم من وجه إلى العموم المطلق ، إذ يصير العلماء أخصّ مطلقا من العدول ، فيخصّص العدول بغير علمائهم.
فيحرم إكرام فساق العلماء ويجب إكرام عدولهم ويستحب إكرام سائر العدول.
والسر في ذلك ، أي : تقديم ما حقّه التقديم ثمّ ملاحظة النسبة واضح ، إذ لو لا الترتيب في العلاج على النهج المذكور لزم إلغاء النصّ أو طرح الظاهر المنافي له رأسا.
إذ لو لوحظ تعارض دليلي العلماء والعدول واتفق رجحان دليل العدول دلالة أو سندا ، أو فقد المرجّح واختير دليل العدول ، فيخرج مادّة الاجتماع ـ أعني : العالم العادل ـ عن دليل العلماء ، ويدخل في دليل العدول وينحصر أفراد العلماء في فساقهم ، فينقلب تعارض