التخصيص بالاستثناء من قبيل المتصل ؛ لأن مجموع الكلام ظاهر في تمام الباقي ، ولذا يفيد الحصر ، فإذا قال : «لا تكرم العلماء إلّا العدول» ، ثمّ قال : «أكرم النحويين» ، فالنسبة عموم من وجه ؛ لأن إخراج غير العادل من النحويين مخالف لظاهر الكلام الأوّل ، ومن هنا يصحّ أنّ يقال : إنّ النسبة بين قوله : (ليس في العاريّة ضمان إلّا الدينار أو الدرهم) (١) ، وبين ما دلّ (٢)
____________________________________
القرينة ، صحّ اتصاف الكلام بالظهور.
أي : ينعقد ظهوره البدوي في الباقي ، فتلاحظ النسبة بينه وبين الخاصّ الآخر. وإنّما عبّر بالظهور لا بالنصيّة.
لاحتمال إرادة خلاف ما وضع له التركيب أو لفظ القرينة. والظاهر أنّ التخصيص بالاستثناء من قبيل المتصل ؛ لأن مناط الاتصال والانفصال هو الاستقلال بإفادة المعنى وعدمه.
والاستثناء سواء كان بالحرف أو الإسم ، أو الفعل يرتبط بالمستثنى منه ولا يستقل بالإفادة ، نحو أكرم العلماء إلّا الفساق أو غير الفساق ، أو استثني الفساق ، بخلاف قوله : أكرم العلماء ولا تكرم فساقهم ، فإنّه وإن ذكر عقيب العامّ بلا فصل إلّا أنّه مستقل بالمعنى ، فيعدّ منفصلا.
وبالجملة مجموع الكلام ظاهر في تمام الباقي ، ولذا يفيد الحصر ، ففي المثال يفيد حصر وجوب الإكرام في غير الفاسق.
فإذا قال : لا تكرم العلماء إلّا العدول» ، ثمّ قال : «أكرم النحويين» ، فالنسبة عموم من وجه.
أتى المصنف قدسسره بهذا المثال ليطابق ما يريد التعرض به من مسألة العاريّة. وكيف كان ، فمقتضى الدليل الأوّل عدم وجوب إكرام غير العادل نحويّا كان أو غيره ، ومقتضى الثاني وجوب إكرام النحاة عادلا كان أو غير عادل ، فيتعارضان في النحوي غير العادل ، كما قال : لأن اخراج غير العادل من النحويين ، أي : الحكم بوجوب إكرامه ، مخالف لظاهر
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ٢. التهذيب ٧ : ١٨٣. الوسائل ١٩ : ٩٦ ، كتاب العاريّة ، ب ٣ ، ح ١ ، ح ٣.
(٢) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ٣. الفقيه ٣ : ١٩٢ / ٨٧٤. التهذيب ٧ : ١٨٣ / ٨٠٦. الوسائل ١٩ : ٩٦ ـ ٩٧ ، كتاب العاريّة ، ب ٣ ، ح ٢ ، ح ٤.