وبعبارة أخرى العدم الثابت قبل البلوغ عدم محمولي وغير منتسب إلى الشارع والعدم بعد البلوغ عدم نعتي منتسب إلى الشارع وإثبات العدم النعتي باستصحاب العدم المحمولي مبني على القول بالأصل المثبت ولا نقول به.
ويمكن أن يقال إنّ عدم التكليف في الصبي غير المميز وإن كان كما ذكره إلّا أنه ليس كذلك في المميز بل هو عدم التكليف في مورد قابل له وإنما رفعه الشارع عنه امتنانا.
هذا مضافا إلى أنّ العدم المتيقن وإن كان أزليا غير منتسب إلى الشارع (١) إلّا أنه يثبت انتسابه إليه بنفس الاستصحاب فإن الانتساب من الآثار المترتبة على نفس الاستصحاب لا من آثار المستصحب ليكون إثباته بالاستصحاب مبنيا على القول بالأصل المثبت وسنذكر في بحث الاستصحاب إنّ اللوازم التي لا تثبت بالاستصحاب إنما هي اللوازم العقلية أو العادية للمستصحب وأمّا اللوازم العقلية لنفس الاستصحاب فهي تترتب عليه إذ الاستصحاب بعد جريانه محرز بالوجدان فتترتب آثاره ولوازمه عليه عقلية كانت أو شرعية.
وثالثا : بأنه يعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة ليصدق نقض اليقين بالشك عند عدم ترتيب الأثر حين الشك فإنه مع عدمه كان إثبات حكم المتيقن للمشكوك من اسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر وذلك داخل في القياس لا في الاستصحاب.
وفي المقام لا اتحاد للقضية المتيقنة والمشكوكة من حيث الموضوع إذ الترخيص المتيقن ثابت لعنوان الصبي على ما هو ظاهر قوله عليهالسلام رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وهو مرتفع بارتفاع موضوعه والمشكوك فيه هو الترخيص لموضوع آخر وهو البالغ فلا مجال لجريان الاستصحاب.
__________________
(١) ولا يخفى أنّ عدم التكليف قبل البلوغ ليس عدما أزليا بل هو العدم المنتسب إلى الشارع ، فيستصحب وعليه فلا مجال للإشكال المذكور.